١) كتب الباحث محمد جمال الدين: (الحقيبة إبداع باهر)..
٢) "وأشار الباحث جمال الدين إلى أن "هناك أبياتاً شعرية كثيرة وربما قصائد كاملة متطابقة في الكلمات والمعاني والأوزان، والعجيب أن الأخيلة هي ذاتها لا شيء جديد.. وهذا أخطر شيء.. أهم شيء .. الأخيلة أي الصور الشعرية هي ذاتها. إذن ما الجديد!.. ماهي دواعي فخرنا بالحقيبة إن ثبتت كل أو بعض هذه المزاعم؟" صحيفة التحرير..
أتفهم أن هذا البحث عن الحقيبة هو جزء من مشروع أكبر، وحسب قولك التالي: {"أن البحث في الحقيبة لم يكن معنياً في حد ذاته بل هو جزءً من بحث أشمل حول "زمان وكيفية سيادة اللغة العربية في الوسط النيلي". ووجدنا بغتة متشابهات لافتة للنظر من العامية الأندلسية مع العامية السودانية عبر القراءة في الأزجال الأندلسية وهي مكتوبة في الأساس بالعامية الأندلسية القديمة (ولذلك علاقة عضوية بمحاولة الاجابة على سؤال زمن ومرجعية وكيفية سيادة اللغة العربية في الوسط النيلي"..} ولكن هذا القول يثير القلق بخصوص انحيازات مسبقة في أحكامك عن (الحقيبة) بناء على نتائج مبحث آخر لم تثبت فرضياته بعد.. وكأنك في قولك (الزجل أصله في الأندلس) إنما تعني ذلك حرفيا وليس فقط المعنى المتوقع من التقليد الأدبي والشعري والدرس والتأثر.. وكنت قد لمحت مبحثك الذي فيه أن الأندلس مصدر من مصادر العربية السودانية مع أن الواحد ممكن أن يلاحظ أن العاميات الجزائرية والمغربية الأقرب للأندلس ليست بالضرورة قريبة للسوربية السودانية بل هي أبعد من عاميات العراق والشام البعيدة وبالتأكيد المصرية القريبة..
وطبعا فالعاميات كلها متصلة بالفصحى ولا محيص عن الشبه بينها، ولهذا قلنا أن عامية عصر المماليك في مصر قريبة من عامية السودان المعاصرة، رغم أن المتوقع هو أن خصائها الاشتقاقية والتصريفية والنحوية والتصويتية قد اختلفت على مر الدهور.. ولكن، لو أن العامية الأندلسية قد ساحت إلى السودان منذ سقوط الأندلس مثلا، ثم تركت أثرا كبيرا وصل إلى الشعر لظهرت فيما قبله ولاستمرت حتى الحقيبة، ولكان منطقيا أن تتشابه عاميتنا مع المغربية والتونسية بعد استبعاد الإثر الفرنسي!! هل فعلا يمكن البرهنة على مثل هذه الفرضية؟
هل لهذه الفرضية أثر في اصرارك على الحاق قض الحقيبة وقضيضها بالزجلية الأندلسية، رغم أن الواضح جدا من أمثلة الزجل المغاربي وهو الوريث الشرعي للطريقة الأندلسية، الواضح جدا أنه مختلف من حيث اللغة ومن حيث التزامه بالبنية التقليدية للزجل الأندلسي.. لقد أتيت هنا بمثال من أمثلة الزجل المغربي نموذج الساقي بأعلاه وبنموذج قديم للشستري، صحيح أن القديم أقرب لعاميتنا الراهنة الحديثة ومفهوم لنا ولكنه تصريفا واشتقاقا فليس من معتادنا، ولكنهما الأثنين قديم وجدبد في غاية الألتزام بخطة وبنية الزجل الأندلسية الأصلية بينما رأينا زجل الحقيبة يحاكي ويتصرف في تلك الخطة بطريقته السودانية، وأن لغته، تصريفا واشتقاقا، تراوح بين طرائق السوربية والفصحى ولا تحيد..
لو كان الأمر كذلك أو كما قد يوحي قولك عن تشابه العاميتان السودانية والأندلسية بإصرارك على إلحاق كل الحقيبة بالأندلس؛ فما كان للحقيبة إذن أن تنشأ من فراغ كما يوحي مبحثك هذا عنها، بل الأقرب للمنطقية هو أن تنشأ من إرث مباشر لعامية الأندلس المفترضة، وعن متصل شعري لها في السوربية، وهذا بالضبط ما تنسفه افتراضات أخرى للمبحث بأن الحقيبة نشأت من لا شيء شعري وفني..
اللهم إني ابرأ اليك من اتهام الحقيبة وشعرائها بالسرقة ومن الاصطناع الاستعماري ومن طي الأرض والزمان طيا من إشبيلية إلى حي الركابية، وآخر دعواي، مستفيدا ومتعلما من الاختلاف والاتفاق، ومن توثيقك المتين لعلاقات الحقيبة (اللغوية والمخيالية) بالزجل (الماضوي) على اختلافنا حول اسبابه وكيفياته.. ومما لاحظته أنا، بفضل من تحفيز المبحث، من تغييرات فنية قد لحقت ببنية بعض من أنضج نماذج قصيدة الحقيبة مستفيدة من معيار قديم لبنية الزجل الذي كان قد استفاده من بنية الموشح؛ أقول:-
الحقيبة زجل سوداني مديني متعلم ومثقف نشأ طبيعيا من تربة وجذر الشعرية الوسطسودانية.. ولكن، في شرطه التاريخي ذاك الذي أصاب كل طلائع الحقبة من مثقفين وشعراء ومضى بكل الجيل متماهيا مع الماضي الأدبي كله، فقد اتصلت شعرية الحقيبة بذلك الأصل الأدبي ومع أخيلته ولغته في سيرورة كلية من الاستعادة الاستشفائية بالرجعى لأمجاد الماضي الحضارية ومن ضمنها تقاليده الأدبية بما فيها التقليد الزجلي في أفضل صوره النموذحية المملوكية الأندلسية كما وثقتها الكتب بعامية قريبة من العامية السوربية.. وبذلك؛ فقد جددوا من روح شعر العامية، ومن بنياته وفي لغة وموسقة القصيدة المغناة، مع الاحتفاظ بالأوزان التقليدية أو تعديلها سودانيا، وبالمحافظة على والخصيصة اللغوية السوربية، وكل هذا فقد ناسب واقعا مدينيا ناشئا وناسب نزوعاته التاريخية ولبي حاجته الوجدانية والنفسية.. ++++++ فضلا راجع فبديو لــ(السر قدور عن العبادي ومحمد ود الفكي ورواب الغناء المحدث، مثل "الله الله يا ناس الله"!! ولأن هذا ارث متصل في المنطقة، فهل كان محمد ود الفكي يغني شعرا قريبا من هذا؟ بنية من فتوار،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة