وما أسعدنا بهاشم الأول بن آدم.. ويا ريت العنوان "يحاحي" كل هواشم المنبر إلى هكذا فضاءات الارتحال بين (المدن البهية).. وإلى مراوحات الروح الحاصلة، والتي ستحصل، بين البقاء والرحيل، وبين الموافقة والمخالفة، بين التماثل والتعارض، وبين الوجد والفقد.. ما أكثر الهواشم في المنبر! هاشم نوريت/هاشم كاروري/هاشم أحمد الحسن/ هاشم محمد الحسن/وهاشم كسلا (وتصدق يا هاشم، أكيد بسبب من أبي هاشم، فــ"هاشم كسلا" ليس هو أنت بن آدم، ولا هو أنا ودالحسن)! ولذا فـقولك {عفوا يا ول ابا} مقبول يا كبر.. لازم تستعفيني والهواشم من جم.. وما أثقل ما رميتنا بمفارقات الهتيروتوبيا!! وبتلك الحيرة السودانية التي تنوء بها النفوس، ولو كانت من أولي البأس في التطنيش: "بقت حياتي مقسمة نص في الأرض ونص في السما"!! وبرضو تقولي لي الكاشف ما أخوك يا عشّة؟ الله يكشف حال الحنين واللي كان السبب!!
وهكذا الانتروبيا... ما بين اليقين واللايقين وبين السترة والفضيحة!! ومابين:{"نجمة الغفران في الألفية الثالثة كانت تضحك وتقول لي: هل تذكر لمن كنت تتفنقل مع شاي المغربية وتقول: يا الله كندا؟..اهو وقعت في عبها..!!"} وبين:{"وسُئل أبو يزيد البسطامي عن سبب قطعه الحج والعودة إلى بسطام؟ فقال: بأنه التقى برجل حبشي في طريقه للحج، فقال له: "لماذا تركت الله ببسطام؟"}!! أو قيل: إنه قد نودي:{"يا أبا يزيد إن إلهك الذي خرجت تبحث عنه، قد تركته وراءك في بسطام.."} فعاد إلى التي ترك .. وهل من عودة هل؟ بل هل من محل هل؟
والهيتيروتوبيا... القاموس قال: تَوَضُّعٌ مُغايِر.. والويكيبيدبا تقول: انتباذ فضائي.. ربما بجامع من كوننا الـ Aliens والحياة، رأسها والسيف، قالت: إني قد "انبتذت به مكانا قصيا"!!! وأتساءل حيرانا: هل يمكن أن نسميها: اليوتوبيا المضادة؟ جنة للمأوى وللفوضى وللتضاد؟
وكل هذا هين وسيهون لو قارنته بأثر قراءتي هنا على ذاكرة النوستالجيا المريبة جدا، خاصتي؛ قرأت، ومن حيث لا أدري، تذكرت صديقنا العتيق "إبراهيم زريبة" في تلك زمانات القلق البريء في محرقة الاتجار بالشريعة، تذكرته وهو يحدثني في مساء ندي تحت لبخة، كانت ورغم كل شيء، مطمئنة في أرضها وإليها.. ويحكي: عن كيف اكتسبت الطيور حقها الأزلي في الطيران البعيد، والأهم منه، حقها في "التقاء المناقير الشرعي".. هكذا نجرها؛ من بين دم حرمانات الجيل وفرث مزايدات الخطاب السائد.. قالها وهو يترنم بالموسيقى وينقر بأصابعه الطويلة على حاجة فيها تحرقه.. وكانت الأيام، رغم الحاصل، أيام صبى وصبا وصبوات حرّاقة.. فإلى ذكرى "زريبة" الذي انقطعت أخباره عنّا منذ إطلاق سراحه من معتقل (العدل والمساواة!) وإلى ذكرى عصفورته، أرجو أنها بعدما ركت "فوق الزنكي واتصنتت القضية"، ففي عش أبتنياه جيرة القماري، أو شقيش ما نادى الحادي "بالحاجة فيك" يا الرحيل!! "حاجه فيك تقطع نفس خيل القصائد تشده أجراس المعابد توهتني .. تعبتني .. جننتني جننت حرف الكلام وبرضو أدتني السلام حاجه في شرف المداين وفي غرف كل السفاين جوه في عمق المناجم والعيون حاجه زي ما تكون محلِّق في العواصف فجأة تهبط في السكون حاجة زي نقر الاصابع لما ترتاح للموسيقي حاجه زي أخبار تناغم من جريدة حاجه زي وتر الموانئ لما يصدح لي سفينة حاجه فيـك لا بتبتـــدئ لا بتنتــــهي خلتني أرجع للقلم واتحدي بالحرف الألم وأضحك مع الزمن العريض وأنسف متاريس الطريق وأعرف متين أبقي المطر وأفهم متين أصبــــح حـريق"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة