منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 09:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2018, 04:34 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48696

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد

    04:34 PM May, 04 2018

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    منعطف استحكام الأزمة
    د. النور حمد

    اغتصب نظام الحكم الحالي السلطة الشرعية في البلاد، عام 1989، وجاء وهو يحمل بين جنباته حمول أزمةٍ بالغةِ الضخامة. وقد كانت حمول تلك الأزمة، أشبه ما تكون بقنبلةٍ موقوتةٍ، مهيأةٍ لأن تُحدث، عبر الزمن، تفجيراتٍ متتالية. وسبب أزمة النظام، في الأساس، هي أفكار الدكتور الترابي، وإيمانه بإمكان إحداث ثورة إسلامية عابرة للأقطار، يكون السودان هو منطلقها، ورأس رمحها. هذا المدخل المأزوم بطبيعته اللاواقعية، المُهَوِّمَة، سلب نظام الحكم الحالي، منذ البداية، الانشغال بمشاكل السودان الداخلية. بل جعله يوغل في تأزيمها، بتحويله حرب الجنوب، إلى حرب دينية، وهي ليست سوى حربٍ سياسيةٍ، جهوية. فنهج تصدير الثورة الذي تبناه الترابي، هو ما جعل كل دول الإقليم، ومن ورائها قوى المجتمع الدولي، تقف متحفزة في مواجهة هذا النظام السوداني، الإسلامي، الراديكالي، الجديد، ذي النزعةِ التمددية.

    أفسد مشروع الترابي غير الواقعي، السياسة الخارجية السودانية، إفسادًا تامًا. وأفقد البلاد اتزانها، وربطها بالمحاور الدولية الضعيفة، وأدخلها في نفق العزلة الدولية والمقاطعة، الذي لم تخرج منه إلى اليوم. وحتى بعد أن حدثت المفاصلة، لم تتغير نظرة العالم إلى النظام السوداني، لأنه لم يغير شيئًا في طبيعته المأزومة التي جاء بها. فالمفاصلة لم تكن انقساما بين رؤيتين، متباينتين، حتى يحدث اختراقٌ، أو انفلاتٌ من قيد الوضع القديم المأزوم. وإنما كانت انقساما بين رؤيةٍ بان عطبُها، ولا عمليتها؛ هي رؤية الدكتور حسن الترابي، وبين مجموعة مصالح خلقتها الحكومة بسياسات ما يسمى “التمكين”. استبطنت مجموعة المصالح هذه اعتناق رؤية الترابي، التي جرت ازاحتها، غير أنها، أخفت إيمانها بها. لأنها اختارت أن تنحاز إلى مركز السلطة، لتحتفظ بالمصالح الشخصية التي حققتها. ولذلك، كانت العشرية الأولى، للإنقاذ، هي عشرية الرؤية المأزومة. وكتطورٍ طبيعي، أصبحت العشرية الثانية، وما تلاها، هي عشرية التخبط، وانفلات مارد الفساد، والتخريب المستمر لحكم القانون، والاستباحة الكاملة للمال العام.

    بعد مماطلاتٍ ومماحكاتٍ استمرت لثلاثة عقود، أوصل حكم الانقاذ، بمرحلتيه، البلاد، إلى نقطة الشلل الكامل، التي نراها الآن. وهي نقطةٌ كان الوصول إليها محتَّمًا، بسبب بؤس الرؤية، والغرور، والأنانية، التي اتسم بها من أمسكوا بدفة الحكم. أظهرت مسيرة الإسلاميين المتعثرة، المتقهقرة استهتارهم، ولامبالاتهم، بقواعد اللعبة السياسية؛ الإقليمية، والعالمية، وبالديناميات التي تتحكم في مسارات السياسة الدولية. وأهم من كل ما تقدم، أظهرت ترديًا أخلاقيًا، وانهزامًا أمام إغراءات المال، وفسادًا إداريًا، لم يعرفه السودانيون في حكامهم من قبل. وأعطى بذلك الإسلاميون السودانيون، العالم بأجمعه، أبشع صورةٍ للداعية الديني.

    لقد أحدث حكم الانقاذ اختراقًا مدهشًا باستخراجه البترول، رغم المقاطعة والحصار. وقد أحدث اختراقًا آخر بالالتفات إلى مورد الذهب، الذي لم تلتفت إليه، الحكومات السابقة. لكن علة الإنقاذيين أنهم تصرّفوا وكأن هذه ريع هذه الاختراقات ملكٌ خاصٌ بهم. ولذلك، لا غرابة أبدًا، أن ضاع ذلك الريع هباء. أهدر نظام الانقاذ ريع فترة فقاعة النفط، في ملء جيوب أهل الولاء، وفي شراء الذمم، وتعميق وتوسيع بنية الدولة الزبائنية؛ مهملاً التنمية الحقيقية. أما الذهب، فلم يعرف عنه السودانيون سوى أن تهريبه يجري عبر مطارات البلاد، وربما بالطائرات الخاصة التي تدخل وتغادر، بلا حسيبٍ أو رقيب، إضافة إلى ما يتردد عن سيطرة ولاةً إقليميين، وقوى مسلحة على بعض مواقعه!

    استعاض النظام عن الإنماء الحقيقي، بدعاياتٍ إعلاميةٍ، فجةٍ، ساذجةٍ، لمشاريع سيئة الاعداد، سيئة التنفيذ، أغلبها مشاريع خدمية، بلا دراسات جدوى حقيقية، انتفع منها، فقط، المقاولون الجدد، الذين نبتوا من بنية النظام. والمؤسف حقًا، أن هذه المشاريع الفاشلة، تحولت إلى ديونٍ باهظة، وقيد يكبل خطى البلاد، لعقودٍ طويلةٍ قادمة. ولابد من القول هنا، إن قضية الديون، هذه، أخطر مما يتصوره الكثيرون. خاصةً، وقد رشح الآن، أن بعض الدائنين بدأوا يتقاضون ديونهم بمساحاتٍ مقتطعة من أرض السودان. وللتذكير بعبر التاريخ، علينا أن نتذكر ما فعلته ديون بريطانيا في مصر، إبان حقبة حكم الخديوي إسماعيل.

    نهاية لعبة شراء الوقت
    ظلت الانقاذ تمارس لعبة شراء الوقت لثلاثة عقود، محدِّثةً نفسها بأنها تملك من كل مأزقٍ مخرجًا، حتى ظنت بأنها كلمة الرب الأخيرة في أسلوب حكم السودان؛ وأنها سوف تسلم مقاليد حكم البلاد، لعيسى المسيح المنتظر. لكن، انتهت الآن كل المناورات والألاعيب، وبلغت الأمور حالةِ العجزِ التامِّ التي تجسّدت الآن، حيث تقول الدلائل، جميعها: لم يبق وقتٌ للمكابرة. والحكمة، كل الحكمة، تكمن في فسح المجال لشراكةٍ حقيقةٍ في حكم البلاد، مع سائر طيف القوى السياسية السودانية المنظمة، وكذلك القوى العريضة غير المنظمة. ويعني هذا، تحديدًا، إطلاق الحريات، وفك القيود على أنشطة الأحزاب، وإلغاء الرقابة القبلية على الصحافة، وفك القبضة الأمنية على أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة. وإيقاف الاعتقالات السياسية. وكذلك، فسح مجالات العمل لمنظمات المجتمع المدني، والسماح لها بتلقي الإعانات الدولية، وفق الضوابط القانونية، الدستورية، مثلما يحدث لدى كل الشعوب الحرة. لابد أن يُترك الشعب يتحرك بحرية، ويدير النقاشات المفتوحة حول شؤون بلده، وتنظيم قواه، واستخدام موارده الذاتية. ونحن الآن، أمام خيارين”: إما اختراقٌ سلميٌّ، على هذا النحو المقترح، يفتح باباً عريضًا لتعديل المسار، وللتداول السلمي للسلطة، وإما انهيارٌ كاملٌ لا قيامة بعده، في المدى المنظور. ويحتاج هذا الاختراق وعيًا عميقًا بحجم الأزمة، وأبعادها، وتعقيداتها، إضافة إلى شجاعةٍ استثنائيةٍ، ينبغي أن يتحلى بها الحاكمون، قبل المحكومين.

    الإسلاميون جزءٌ من الحل
    خرج الترابي، بعد سنواتٍ من إقصائه، على الناس، كما هي طريقته في تجديد جلده، بنظرية “المنظومة الخالفة”، الغامضة، التي لم يمهله الأجل ليرى لها أثرًا في الواقع العملي. فقد انفجرت مثل فقاعة الصابون، ولم تترك وراءها شيئًا، حتى صدى الصوت. برحيل الترابي فقد المؤتمر الشعبي نصف وزنه، وضعف حراكه؛ ومن ثم، بدأ جسده في التشقق. وقبل ذلك، قفز من مركب المؤتمر الوطني، حزب الإصلاح الآن. وبقي هذان الكيانان عالقان بالسلطة بما يشبه شعرة معاوية. أما مجموعة “سائحون” فإنها تغرد لوحدها، متمسكة بأهداب طهارةٍ لا وجود لها، وأمجاد “جهادٍ” متوهَّمةٍ غربت شمسها، ونعاها عرابها الترابي، بنفسه، واصفًا ضحاياه بـ “الفطايس”. وكما شهدنا مؤخرًا، انقسم، المؤتمر الوطني تجاه تعديل الدستور، وظهرت، من ثم، مقاومةٌ خجولةٌ، لترشح الرئيس البشير في انتخابات 2020، سرعان ما جرى قمعها. وفوق هذا وذاك، أدى ما حدث، قبل فترةٍ، من إقصاءٍ لعدد من قادة المؤتمر الوطني، من مواقعهم القيادية المؤثرة، إلى حدوث احتقانٍ، وشرخٍ كبيرٍ في بنية المؤتمر الوطني. بل، قاد ذلك العزل المتوالي إلى نشوء نزعةٍ تستهدف إرباك مركز الحكم، بواسطة هؤلاء المعزولين. وقد طفحت مؤخرًا، اتهاماتٌ، لهؤلاء، بخلق العثرات، وافتعال الأزمات، لإرباك مركز الحكم. وعمومًا، فإن المؤتمر الوطني، الآن، في أضعف أحواله. بل، هو لم يعد أكثر من بقايا ديكورٍ حزبيٍّ، كان النظام يشرعن به وجوده. فمن الواضح، جدًا الآن، أن الرئيس لم يعد يعبأ، لا بالمؤتمر الوطني، ولا بالحركة الإسلامية.

    لن يكون حرمان الإسلاميين من حق التنظيم، في أي تحولاتٍ محتملةٍ مقبلة، عملا دستوريًا، أو ديمقراطيا. يضاف إلى ذلك، أن الإسلاميين، مع كل ما أصابهم من تفكك، يظلون الكتلة الكبرى، التي تمسك بمفاصل الاقتصاد. بل، أصبحوا هم أركان الدولة الزبائنية العميقة، المنتشرة في كل مكان، كما وصفها مرتضى الغالي. هذه الدولة العميقة التي تشكلت ورسخت على مدى ثلاثة عقود، تستطيع أن تخلق عثراتٍ قاتلةٍ أمام أي نظامٍ جديد. خاصةً، إن كان نظامًا هشًا، من جنس ما تأتي به الفورات الثورية الارتجالية. فالتفكير الواقعي المتعقل، والإلمام بديناميات صراع القوى في عالم السياسة، خاصةً في الدول الهشة، يقول إن إقصاء الإسلاميين من حراك التحول المنتظر، غير ممكن. ولو كان ممكنًا، فإنه غير مطلوبٍ، وغير حكيمٍ، بالمرة. لأنه سيقود الأوضاع إلى متسلسلةٍ جديدة من الأزمات، ستكون أعمق وأخطر مما نمر به الآن.

    تحتاج القوى المعارضة، في تقديري، إلى إدارة حوارٍ مع الإسلاميين. وأعني، أولئك الذين أيقنوا، منهم، بفشل تجربتهم، وتأكدوا من انعدام أي فرصةٍ لديها للاستمرار. على أن يكون هدف الحوار خلق ما يمكن أن أسميه “كتلة الاختراق”. فالإسلاميون الذين أيقنوا من موت النظام، يطاردهم شبح ما جرى في ميدان رابعة العدوية في مصر. لذلك، هم يتمسكون ببقايا النظام، رغم علمهم أنه فقد كل مبررات بقائه. فهم يشترون الزمن بالتمسك بنظام يعرفون أنه يتهاوى، لكنهم يقولون: “علًّ وعسى”، أن يُحدِثَ، مرورُ الزمن، شيئًا ما، يخرجهم من المأزق. فلديهم، أن البديل للتمسك بالوضع القائم، والتخلي عن محاولة شراء الزمن، ربما تُعرِّض الرقاب للمقاصل، أو ما يشبه ذلك. فلكي تستطيع قوى المعارضة جر من صحا من الإسلاميين إلى جانبها، يتعين عليها أن ترسل نحوهم، إشارات تطمين صادقة. فبديل هذا النظام لن يرى الاستقرار، والإسلاميون ليسوا مكوِّنًا من مكونات تغييره. هذا ما تقوله حقائق الواقع العملي. ومع ذلك، تبقى هناك ضرورة لمناقشة ما يسمى “العدالة الانتقالية”، لإبراء الجراح، ورد الحقوق.




















                  

05-04-2018, 07:21 PM

Omer Abdalla Omer
<aOmer Abdalla Omer
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 4070

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد (Re: Yasir Elsharif)

    دكتور ياسر، بعد السلام و التحية.
    النور حيرنا والله في كتاباته التي تدعو للاستسلام للنظام قبل أسبوع فقط و الدخول في انتخاباته و الأن يجد له الأعذار بل و يطلب من الجميع العمل معه لأن المستحيل العمل من غيره! أهذا انهزاما ام ماذا هذا؟ أهذا في إطار فشل النخب؟ بالله هل بيننا و بين الكيزان في مثل هذا التفكير إلا اختلاف مقدار صغير لا يذكر!
    حيل التاريخ كفيلة بحل هذا الأمر جذريا... أنظر للنور لم يذكر و لا كلمة واحدة في معاقبة المجرمين الذين ارتكبوا كل أنواع الإبادة و الاغتصابات! ماذا عن المال المنهوب؟ لأشيء.. لا شيء البتة من هذا القبيل! النور لم يتضرر من هذا النظام! لم يتضرر اهله كذلك! يده في الماء و عمرها لم تكن في النار.. النور يخاف من خطر ماحق يتهدد السودان لان السودان عند النور هو الخرطوم و مدني و شندي! و لم يدر أن هذا الخطر الماحق قد الم بالسودان منذ مجئ الإنقاذ في الغرب في دار فور و الجنوب و الجبال و النيل الأزرق.. النور معذور.. كل ذاك النور و مع ذلك فكره معتم! إني أمنت بالله!
    النور، أقعد مكانك و اترك للتاريخ حيله..
                  

05-04-2018, 07:47 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48696

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد (Re: Omer Abdalla Omer)

    تسلم يا أخي دكتور عمر

    مشتاقين

    مع أني قادر أشوف الزاوية التي ينطلق منها النور في رؤيته لكني لا أوافقه في اتجاهه. كل الدلائل تشير إلى أن تنظيم الأخوان المسلمين والأخواسلفيين يتعرض لمحاصرة دولية وإقليمية. شرط قبول أي واحد منهم أن يكون طرفه خالي من الدماء ومن مال الشعب. وشرط المشاركة في العمل السياسي هو تفكيك الدولة الدينية وقوانينها.
    هل قرأت مقالات الباقر العفيف (خمسة مقالات حتى الآن)
    ياسر
                  

05-06-2018, 12:52 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48696

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد (Re: Yasir Elsharif)

    حول طرح السر سيد أحمد (7 - الأخيرة)



    05-06-2018 08:28 AM
    د. النور حمد

    تحوُّل البلاد إلى فريسة
    عقدت الدهشة حواجب كثيرٍ من السودانيين، طيلة الأسابيع القليلة الماضية. فتساءلوا: ما الذي منع كلاً من السعودية والإمارات، تقديمَ يدَ العون للرئيس البشير، وهم يرون أزمة الوقود المستفحلة، غير المسبوقة تحدث شللاً كاملاً، غير مسبوقٍ في كل أرجاء البلاد؟ فالجميع يعلمون أن في وسع السعودية والإمارات فك ضائقة الوقود الخانقة، في السودان، من بنزين، وجازولين، وغاز، في لحظاتٍ، دون أن تتأثرا بذلك. لكنهما، رغم ذلك، آثرتا الفرجة والانتظار، فماذا يعني ذلك؟ كل الشواهد تقول: إن وراء الأكمة، ما وراءها.

    وجد نظام الإنقاذ نفسه، عقب إخراج قطر من مجموعة عاصفة الحزم، مضطرًا لأن يلعب على حبلين. فمن جهةٍ، أبقى جنوده في اليمن، ومن جهةٍ أخرى، حاول الاحتفاظ بشعرة معاوية مع معسكر قطر وتركيا. وهكذا فقد نظام الانقاذ، تعاطف المعسكرين، وأصبح عرضةً لتكتيكات الضغط منهما معا. والغالب، في تقديري، هو أن يضطر نظام الانقاذ إلى إعلان انحيازه إلى واحدٍ من هذين المعسكرين، انحيازًا كاملاً، لا رجعة فيه، ليجد عونًا إسعافيًا يمكنه من الصمود لفترة ما. ولربما يختار نظام الانقاذ التضحية بالإسلاميين السودانيين، فيقدمهم قربانًا بين يدي الإمارات والسعودية، ليجد بذلك التزكية السعودية الإماراتية المصرية، ومن ثم الرضا الأمريكي الكامل، ورفع الاسم من قائمة الدول الراعية للإرهاب. أما خياره المنقذ الآخر، فهو أن يسحب قواته من اليمن، ويعيد رأب الصدع في علاقته بقطر، التي فترت كثيرًا، فيصبح هدفًا للحلف الآخر، الذي لن يتردد في أن يرسم له صورةً سيئةً، أمام الولايات المتحدة الأمريكية. غير أن خيار الانحياز الكامل لمعسكر قطر وتركيا، وإن أمدَّ في عمر النظام، فإنه ربما قوّى كفة الحركة الاسلامية والحرس القديم الذي أُزيح. ومن ثم جعل الرئيس البشير عرضةً للإزاحة، ومواجهة الجنائية، وهو ما يخشاه الرئيس البشير، وما ظلَّ يحكم تحركاته لسنواتٍ طويلة. عمومًا، أصبح الرئيس البشير عبئًا ثقيلاً على منظومة الإسلام السياسي الدولية، وواجهةً قبيحةً لمشروعهم.

    أصبح نظام الانقاذ، بناءً على ما آل إليه الحال، مؤخرًا، من استفحال أزمات المال، والوقود، والاقتصاد، معرضًا للسقوط في أي لحظة. وعلينا أن نقرأ، إلى جانب فشله المدوِّي، داخليًا، حيرته، تجاه ازدياد العسكرة في البحر الأحمر، وتضارب الأهداف الإماراتية السعودية في حرب اليمن، ووقوفه هو، بالسلاح والجنود، ضد الخطط الإيرانية في اليمن. يُضاف إلى ذلك، قلق إثيوبيا تجاه كل ما يجري في اليمن، وجنوب البحر الأحمر، وخليج عدن، وإرتيريا. هذا الوضع بالغ التعقيد يعكس، بجلاء، وحسة النظام الجيواستراتيجية. لقد فقد نظام الانقاذ، ومنذ مدةٍ طويلة، البوصلة الهادية، نهائيًا، حتى أصبح يفعل، في الآونة الأخيرة، الشيء وضده، في وقتٍ واحد. ومن ذلك، على سبيل المثال، ما جرى في زيارة الرئيس البشير لروسيا. ففي الوقت الذي كان فيه السودان ينتظر اكتمال رفع العقوبات الأمريكية، ورفع اسم السودان، نهائيًا، من الدول الراعية للإرهاب، قدم الرئيس البشير طلبًا، أمام كاميرات الإعلام، للرئيس بوتن، لكي يحمي نظامه من الاستهداف الأمريكي. بل، ودعاه لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر! وهكذا، أصبح التخبط الشديد، السمة الرئيسة لسياسات السودان الخارجية.

    من الغفلةِ بمكانٍ، أن نظن أن القوى الإقليمية، التي أصبحت ترى الدولة السودانية، واقفةً على حافة الإفلاس والانهيار، سوف تقف على الحياد. ولن تفكر، من ثم، في نصيبها من هذه الدولة الغنية بالموارد الاقتصادية، والموبوءة، في ذات الوقت، بالصراعات الداخلية، وبالسياسيين الفاشلين. يقف السودان اليوم فوق نقطة أن يكون، أو لا يكون. فنظام الحكم الحالي، ومن ورائه أفكار الدكتور الترابي، وسياسات التمكين، التي أجهزت على المؤسسية، وفتحت للفساد الباب على مصراعيه، وقضت على كل ممسكات الدولة، من أجل أن يبقى النظام، وصلت الآن إلى نهايتها المنطقية. فهناك، الآن، فشلٌ وشللٌ كامل للدولة. وهناك تعذُّرٌ، شبه كاملٍ، أن تتحسن أوضاعها، في المدى المنظور.

    في الجانب الآخر، من الصورة، يملك النظام أجهزةٌ أمنية، ومليشياتٍ مسلحةٍ، مستعدة أن تسفك أي قدرٍ من الدماء لتطيل من عمر هذه الحالة من الفشل، التي بلغت مرحلة الشلل الكامل. وهناك أيضًا سلاحٌ كثير في أيدي جماعات، مختلفة الأجندة والتوجهات، بعضها معروفٌ للجميع، وبعضها الآخر غير معروف. لم تعد المعادلة كما كانت في أكتوبر 1964، وأبريل 1985؛ صراعٌ بين شعبٍ غاضبٍ من جهة، وحكومةٍ فاشلة، من الجهة الأخرى. وإنما أصبحت المعادلة بالغة التعقيد، متضاربة الأجندة. وصلت البلاد، الآن، إلى نقطة الشلل الذي يسبق الانهيار الشامل. لكن، لهذا الشلل ميزة خفية. فهو دلالةٌ واضحةٌ، على أن توازن الضعف قد بلغ أقصى مدىً له، فحيَّد الجميع. وهكذا تهيأ الوضع، ولأول مرة، لكي تحدث مساومةٌ تاريخيةٌ تُبقي على تماسك الدولة، من جهة، وتفتح المنافذ المغلقة، لمخرجٍ آمن، من الجهة الأخرى، وكذلك، لرسم تصور جديد للدولة السودانية.

    الحجر الذي أباه البناؤون
    لا يملك الكاتب والمحلل السياسي سوى أن ينصح. ولربما يُؤخذ بنصيحته، وربما تتبخر نصيحته، تلك، في الهواء. وكما جاء في القرآن الكريم: " إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ". فقبل حوالي الخمس سنوات، كتب الدكتور الواثق كمير، مقالةً اتسمت بالرصانة وبالحكمة، وبالشجاعة، والمسؤولية، ناصحًا الرئيس البشير بأن يقود بنفسه مساومةً تاريخية تفتح الطريق للتحول الديمقراطي، وتخرج السودان من أزمته المزمنة، قبل أـن تقوده إلى التفكك، والانهيار. غير أن تلك النصيحة المبكرة، المبصرة، تبخرت في الهواء. لم يسمعها الرئيس البشير، وفي نفس الوقت، تناوشها المتعجلون، المُبرمَجون، قصيرو النظر، بالتهريج المعهود. وسارت الأمور، لتصل الأزمة عبر هذه السنوات الخمس، إلى حالة الشلل الكامل الراهنة، ووقوف الدولة على حافة الانهيار. والآن، يصدق على رؤية الواثق كمير، ما ورد عن السيد المسيح، حيث قال: "الحجر الذي أباه البناؤون، أصبح حجر الزاوية". مرةً أخرى، يعود مقترح المساومة التاريخية إلى الحلبة من جديد، في صورةٍ جديدة، وظروفٍ جديدة، تجعل اجتراح هذه المساومة التاريخية مسألة حياةٍ أو موت.

    البرادايم الجديد والخروج من الاستتباع
    تكمن واحدةٌ من أهم مشاكل السودان العويصة، لفترة ما بعد الاستقلال، في استلاب النخب بواسطة القوى الخارجية، وقابلية هذه النخب المستمرة للإلحاق، والاستتباع. وقد تقاسمت "العروبية"، و"الإسلاموية"، موقع المركز الخارجي الذي استتبع النخب السودانية. فالانجرار لهذين المركزين وللإيديولوجيتين اللتين تقفان وراءهما، هو ما عطل استقلالية القرار السوداني عبر كل عهود الحكم الوطني، وخرَّب وحدته الوطنية، وابتلاه بالأنظمة العسكرية، وفصل جنوبه، وعطَّل نهضته. هذه التبعية المزمنة، هي التي قادت السودان إلى حالة الانهيار الراهنة. لقد حوَّل الانجرار، السوداني، المزمن، وراء الجيواستراتيجيات العربية، المرتجلة، إلى طاقةٍ خاملةٍ، قابلةٍ للتجيير المستمر، لخدمة أجندة وأهداف دول الإقليم. والآن، بهذا الفشل، والسقوط المدوِّي لنظام الإسلاميين في السودان، نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا البرادايم العقيم، الذي كان الاستلاب للخارج، هو الماكينة المحركة له، على الدوام. فنحن نعيش، في اللحظة الراهنة، التجسيد الأعلى لحالة إدارة السودان من الخارج. بعبارةٍ أخرى، نظام الحكم القائم، الواقف الآن على حافة الانهيار، هو التجسيد الأكمل لفشل البرادايم القديم. فقد باع الإسلاميون الشعار الإسلامي للقوى التقليدية السودانية، فاشترته منهم. لكن، سرعان ما سلبوه منها، وواصلوا به، حتى أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه الآن.

    لن تكون النقلة إلى البرادايم الجديد، في تقديري، ممكنةً، إلا عبر فترةٍ انتقاليةٍ، يبقى فيها نظام الرئيس البشير في مكانه. فإن هو لم يبق في مكانه، فإن ما سيخلفه، إما الفوضى الشاملة، أو عودة مجموعة الحرس القديم، الذين يحاولون إعادة انتاج تجربتهم، بدعمٍ من منظومة الإسلام السياسي الدولية. ولسوف لن يتمكن نظام الرئيس البشير من البقاء في مكانه، ما لم يتلقَّ عونًا إسعافيًا من واحدٍ من المعسكرين الخليجيين. بذلك فقط، يمكنه أن يبقى حيًّا، لبعض الوقت، في غرفة الانعاش، التي دخل فيها. وهو، إما أن يتلقى ذلك العون من المعسكر السعودي الإماراتي، أو المعسكر القطري التركي وللخيارين مخاطرهما. فترك نظام البشير يستمر، وفق خطة مدروسة، من قبل القوى المعارضة، التي ينبغي أن تتسع مظلتها، هو الفرصة الوحيدة لمنع الدولة السودانية من الانهيار. فالشارع السوداني، والمعارضة؛ الحزبية والمسلحة، بلا حيلةٍ الآن. فجميعهم يقفون على السياج، متفرجين، منتظرين ما يمكن أن يتمخض عنه صراع الإسلاميين مع بعضهم. فمصير السودان، ومستقبله، فيما يبدو، يجري تقريرهما، الآن، من الخارج. وفي تقديري الشخصي، أن أسوأ سيناريو يمكن أن يتحقق، هو أن تولد الحالة السودانية الجديدة، على يد واحدٍ من المعسكرين الخليجيين.

    ينحصر التحدي الحاسم، الذي يواجهنا الآن، في امتلاكنا القدرة على إخراج السودان من حالة السيطرة الخارجية، على مقاديره، التي ظل يرزح فيها منذ استقلاله. لكن، لا يملك نظام الرئيس البشير، في حالته الراهنة، سوى الانبطاح الكامل لواحدٍ من المعسكرين. والراجح عندي، وقد أكون مخطئًا، أن الرئيس البشير سوف يختار المعسكر السعودي، الإماراتي، المصري. فلو حدث ذلك، فإن طيف المعارضة لنظامه سيتسع كثيرًا، إذ سيصبح قطاعٌ كبيرٌ من الاسلاميين جزءًا منها. هذا الوضع، إن حدث، سوف يوفر طاقةً ومواردَ كبيرةً لتفكيك نظامه، سلميًا، عن طريق منازلته انتخابيًا. وفي نفس الوقت سوف يمنح المعارضة وقتًا لتعيد تنظيم نفسها، ولتتحاور، أكثر، مع بعضها، ولتعمل على رفع وعي الشارع، وحشد طاقاته، وضبط إيقاع حركته، وتوجيهها نحو تغيير حقيقي، يطرد، ولا ينتكس. بقاء نظام الرئيس البشير، بكل علاته، سوف يحفظ جسد الدولة من التفكك الذي يتهدده الآن. كما يتيح لقوى المعارضة الموحدة، مد جسورٍ جديدة للمجتمع الدولي، وللعمل على تخليق البرادايمٍ الجديدٍ، الذي أن يكون أساسه الابتعاد عن المحاور العربية، مرةً، وإلى الأبد. ولنا في جارتنا؛ إثيوبيا، أسوةٌ حسنةٌ في استقلالية القرار، وفي الحفاظ على الكرامة الوطنية، وفي امتلاك القوة، والشوكة، والاعتماد في النمو والتقدم، على الموارد الذاتية.

    ما وراء الأفق
    لا بد هنا، من لفت النظر إلى حقيقة جيواستراتيجية مهمة، لا يمكن التخطيط السليم للمستقبل السوداني، دون أخذها في الاعتبار، وهي أن المحاور العربية الخليجية هذه، قد عبرت سن الفتوة، وأصبحت تنزلق على صفحة المنحدر المفضي إلى الشيخوخة. فحقبة فقاعة النفط أخذت تقذ السير، نحو غروب وشيك. ولسوف تستنزف الصراعات، وسباق التسلح من أجل استرضاء أمريكا، موارد دول هذين المحورين، فترتد كل واحدةٍ منها لتنشغل بنفسها، لا أكثر. يضاف إلى ما تقدم، فإن دول الخليج العربية، دولٌ هشةٌ، بطبيعتها، ومصيرها، إلى حدٍّ كبير، في أيدي غيرها. ومع ذلك، انتدبت نفسها لأدوارٍ أكبر منها، بكثير. ولذلك، سوف تنفد طاقة دفعها قريبًا، وتعود إلى حجمها الطبيعي في الإقليم. هذا، إن أسعدتها الظروف وبقيت متماسكة.

    جبهة للخلاص الوطني
    المخرج الآمن، والمتاح الآن، هو خلق جبهةٍ وطنيةٍ عريضة، لا تستثني أحدًا. فكل من أدرك أبعاد المأزق الراهن، وخطورته، وأبدى الرغبة في الانضمام إلى قوى الخلاص الوطني المرتقبة هذه، ينبغي أن تكون له مكانة في هذه الجبهة العريضة. فالبلاد أمام تحدٍّ للبقاء، لا يمكن مواجهته سوى بما يشبه الاجماع. ودور هذه الجبهة هو أن تعمل في مسارٍ يهدف إلى التفكيك السلمي التدريجي، لنظام الإنقاذ، عبر صناديق الاقتراع. والتواصل مع المجتمع الدولي، للضغط عليه، وكذلك الضغط عليه من الداخل، لإجباره على إطلاق الحريات العامة، والقبول بالنزال الانتخابي النزيه. مهمة هذه الجبهة العريضة هي تخليص البلاد سالمةً من قبضة ما تبقى من نظام الانقاذ. فالنظام إما أن يرضى بالإشراف النزيه، على مسار التحول الديمقراطي، فيغير من طبيعته، ويصبح جزءًا من البرادايم الجديد، فيذوب تدريجيًا في التيارات الصاعدة، وإما أن يواجه المحو ديمقراطيًا، وتتبخر كل تجربته الماضية في الهواء. ولسوف يكون موقف الحرس القديم، من الإسلاميين، واعلائهم الأجندة الوطنية على تلك العابرة للأقطار، عاملاً حاسمًا في أن تكون ولادة السودان من جديد، يسيرةً، أو عسيرةً جدا.

    ختامًا، ما من شك، أن تكوين هذه الجبهة الوطنية العريضة للخلاص، يقتضي أن يخرج الجميع من التخندق في تواريخهم الحزبية، وأن ينعتقوا من أسر خطاباتهم التي دبجوها عبر عقودٍ طويلة، فأضحت أصنامًا تُعبد. كما تستلزم أن تبرأ صدورهم من مراراتهم القديمة. ويستلزم كل ذلك، إدراكًا حقيقيًا للمأزق الراهن وخطورته. كما يستلزم، ذلك، حسًّا وطنيًا عميقًا، وتقديمًا لخلاص البلاد، والحؤول بينها وبين الانهيار، على أي حساباتٍ، وأي اعتباراتٍ أخرى. فالذي على المحك الآن، ليس نظامًا سياسيًا فاشلاً، ينبغي تغييره، وحسب، وإنما الذي أصبح على المحك هو الدولة نفسها: تكون أو لا تكون.
    (انتهى)
    [email protected]
                  

05-06-2018, 02:09 PM

عمر التاج
<aعمر التاج
تاريخ التسجيل: 02-08-2008
مجموع المشاركات: 3422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: منعطف استحكام الأزمة.. د. النور حمد (Re: Yasir Elsharif)

    كتابات باتعة في الصميم وتشخيص دسم
    تحية لدكتور النور
    ومثلها لك يا دكتور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de