ورشة النقد السوداني: قضايا اولية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-07-2018, 05:49 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ورشة النقد السوداني: قضايا اولية

    04:49 AM January, 06 2018

    سودانيز اون لاين
    Kabar-كـــندا
    مكتبتى
    رابط مختصر


    تاريخ الملف: يناير 2018

    مدير الملف: اسامة الخواض

    محاور الملف:

    ماهو مفهوم المراجعة (ريفيو) لعمل ابداعي (مكتوب ، دراما ، ظاهرة ثقافية..الخ)؟
    ما هو مفهوم النقد؟

    ماهو الفرق بين المراجعة والمراجعة النقدية والنقد المتكامل؟

    كيف تعمل مراجعة لعمل ما؟..كيف تعمل مراجعة نقدية؟ كيف تقدم نقد متكامل؟

    ماهي اهمية المراجعة ، المراجعة النقدية ، النقد للأعمال الأبداعية؟

    هل يحتاج المشهد الثقافي السوداني لورشة النقد السوداني؟

    المشاركون (ترتيب ابجدي):
    1/ اسامة الخواض
    2/ امير الأمين حسن
    3/عاصم فقيري
    4/عبد المطلب صديق
    5/علي عثمان عبد الوهاب
    6/ محمد الأمين موسى
    7/ محمد النور كبر
    8/محمد سيد احمد
    9/محمد عبد الله الحسين




















                  

01-07-2018, 05:50 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورشة النقد السوداني: قضايا اولية (Re: Kabar)


    الكتابة في ظل الموت والحزن الخانق:


    ياترى ماذا تعني الكتابة عن النقد في ظل ظروف خاصة تتميز بالحزن ، وظروف عامة تتميز بالحزن ، أيضا؟..هل تعني مقاومة واعلان عن البقاء والصراع من اجل البقاء؟..ام هي مجرد هروب من وقائع قاهرة وجبارة يواجهها الإنسان؟
    المظاهرات تخرج في بعض المدن السودانية احتجاجا على اوضاع سياسية واقتصادية طاحنة ، السودان يستدعي سفيره لدي القاهرة في وجهة تصعيد ومواجهة مع مصر ، والي كسلا يعلن غلق الحدود مع ارتريا.. الحكومة تعلن تمديد وقف اطلاق النار لتؤكد ان الحرب موجودة رغم التطمينات بانقضاءها واعلان نهايتها اكثر من مرة دون جدوى ..مصر تكرر تصميمها على فرض واقعة ان حلايب وشلاتين اراضي سودانية..قائمة المحاميين التى ندعمها من على البعد في انتخابات نقابة المحاميين تفشل في كسب الجولة..بعض المنظمات الدولية تواصل تصميمها في خلق عزلة السودان بان تحدثنا عن عدم احترام السودان للحريات الدينية..لا يبشر الأفق بتوافق سياسي سوداني يبشر بغد مستقر يساعد في بناء مستقبل السودان..تصعيد وتصعيد وتصعيد..فما معنى الكتابة عن النقد في ظل هذا الظرف؟
    اليوم ، كنت بصدد كتابة خاطرة صغيرة عن رحيل امي وشكر واجب لصديقات واصدقاء واقارب كثر كتبوا واتصلوا بغرض العزاء والمواساة في هذا الفقد الكبير، وقسمت الخاطرة الى اجزاء ، ادير فيها منولوجا ذاتيا استرجاعيا ،و حينما دخلت المنبر ، وبينما انا اكتب الجزء الأول واحاول ضبط تحريره بغية نشره ، اذ رن جرس الهاتف من النرويج..توجست من جهة الإتصال وتوقيت الإتصال ، فهي الجهة الأولى التي اتصلت بي لتخبرني برحيل امي قبل ايام قليلة مضت ، رفعت التلفون وانا احاول جاهدا ان اطرد الهواجس والخوف ،ان اطرد التشاؤم..!
    لقد صدق حدسي وتخوفي ، اذ نعي لي الناعي رحيل عمي وصديقي ابراهيم احمد معلا ، وهو رجل له افضال كثيرة على مسيرة حياتي ، هو الذي قرأ لي اول محاولة في كتابة الرواية (اول واخر قريبي لي يقرأ محاولاتي الروائية) ، واعجبته لدرجة انه كان يأخذها كأجزاء ويطبعها بماكينة الطباعة في مكان عملها في تسعينات القرن الماضي ، وهو الرجل الذي كان يشاركني قراءة مجلة الدستور في اواخر عهد نظام جعفر نميري..ومنشورات وكراسات وكتيبات صغيرة..كان يوجهني لكيفية التعامل مع الحياة والأشياء ، واشاركه مطاردات اهل الأمن له والمغامرات العجيبة المدهشة ..فلقد كان عمي ابراهيم ايقونة اثرت بصورة ايجابية في رؤيتي للحياة والإطلاع والتثاقف..!
    اول رد فعلي ، ان الغيت فكرة نشر الخاطرة عن رحيل امي..وانتابني احساس يائس ومظلم ، فما معنى الكتابة في ظل هذا الظرف؟
    فياترى ماذا تعني الكتابة في ظل مثل هذه الظروف العامة والخاصة؟..
    صحيح الجوع والقهر السياسي والإبادة العرقية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وقهر النساء وسيطرة الحزب الواحد على مفاصل دولة بحالها ، صحيح هي كلها مشاغل اساسية..ولكن..!
    لا يذكر العالم ديكتاتوريات السودان (عبود ، نميري ، البشير) ولكنه يذكر فكرة بناء الإهرامات في السودان ، يذكر انسان السودان النبيل ، يذكر روائي اسمه الطيب صالح..!..فياترى لماذا يتذكر العالم مظاهر عظمة انسان السودان ولا يتذكر الديكتاتوريات وقمعها لإنسان السودان؟..
    وهل الإنقياد للمزاج العام الذي يمتلئ بالضيق والحنق يعني اننا سنكون امة ووطن؟..
    قد تعني الكتابة ، في مثل هذه الظروف نوع من المقاومة ، قد تعني اننا ليس بالضرورة ان نكون كلنا سياسي او عاطفي ، وانما الضرورة تقتضي ان نؤمن بمبدأ تقسيم العمل الذي قال به السيوسيولوجي الفرنسي اميل دوركايم..!
    فالموت حق ، ولكن القهر ليس حق وانما عارض يحتاج المقاومة..ومن هنا تجئ فكرتنا للمواصلة في مشروعنا الصغير (ورشة النقد السوداني)..فصورة الطفلة الصغيرة في فيديو يتم تداوله في الواتساب وغيره من الوسائط ، الطفلة التي تساءل عمر البشير (رئيس السودان) عن اسباب زيادة سعر الرغيفة وانقاص وزنها ، لتنتهي بان ليس لنا غير الصبر..فهذا نقد..وواجبنا ان نقول لتلك الطفلة وغيرها من طفلات واطفال ان الصبر لا يغير حال الإنسان ، وانما النقد البناء والبحث عن خطوات المعالجة العملية..واول الخطوة محاولة خلق ذهنية ناقدة تفهم الظواهر بعمق وتقدم الإجابة بنفس القدر الذي تساءل فيه الظواهر وتقييمها وتوضيحها..فالنقد الثقافي يمثل انسب اداة للمقاومة..ليس مقاومة السياسي فقط ، وانما مقاومة الخنوع والإستسلام والعاطفية..!
    من هنا يجئ هذا الملف الأول من ملفات ورشة النقد السوداني ، نأمل من الأصدقاء المشاركات والمساهمات المتنوعة والمتعددة بغرض خلق ثقافة ناقدة.


    ودمتم..

    كبر
                  

01-07-2018, 05:52 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورشة النقد السوداني: قضايا اولية (Re: Kabar)


    عرض الكتب



    اسامة الخواض


    يقوم عرض الكتب بوصف وتقييم الكتاب، من خلال وصف الغرض من تأليفه وبنيته وأسلوب السرد، محاولا وضع الكتاب في سياق أكبر بمقارنته بالكتب الأخرى في نوعه https://twp.duke.edu/sites/twp.duke.edu/files/file-attachments/book-review.original.pdf
    ومن نافل القول التذكير بأن عروض الكتب تساهم مساهمة أساسية في الترويج للكتب وبالتالي تسويقها بشكل جيد. يمكن لعرض الكتاب ان يستهدف الجمهور غير المتخصص كما يمكنه من خلال المنشورات الاكاديمية مخاطبة الأكاديميين والباحثين. هنالك عروض يقوم بها متخصصون وأخرى يقوم بها القراء كما نلاحظ ذلك في مواقع بيع الكتب في الانترنت مثل موقع امازون.

    في الثقافات التي تزدهر فيها صناعة الكتاب وبالتالي وجود جماهير واسعة من القراء، يحتل عرض الكتاب موقعا متميزا في صناعة الكتاب والتي تخصص الجوائز لمكافأة الكتّاب وتشجيعهم.
    أما في اللغة التي نكتب بها، أي اللغة العربية، فيمكننا القول بأنه إلى الآن لم يظهر "الكاتب" بوصفه وظيفة يمكنه أي الكاتب أن يكسب عيشه من إنتاجه وأن تتمتع تلك "الوظيفة" بالاحترام والتقدير الذي يجده الكتّاب في ثقافات أخرى.
    ولغرض المقارنة بين وضع الكتابة والقراءة في الثقافة العربية سأحيل القرّاء إلى مقاطع من تقرير صدر حول حركة الترجمة إلى اللغة العربية:
    "في دراسة صادمة أنجزتها اليونسكو حول الحصيلة الكلية للترجمة العربية، تفيد بأن ما ترجم إلى اللغة العربية، منذ عصر المأمون سنة 813 إلى اليوم، لم يتجاوز العشرة آلاف كتاب، وهو عدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة فقط. وما تترجمه الدول العربية مجتمعة في السنة الواحدة لا يعادل خمس ما تترجمه اليونان وحدها في العام".
    ثم يتحدث التقرير عن متوسط الكتب المترجمة:
    "ويبلغ متوسط ما يترجمه العالم العربي على مدى خمس سنوات هو 4,4 كتاب مترجم لكل مليون مواطن عربي، بينما متوسط الترجمة في هنغاريا يصل إلى 519 كتاب مترجم لكل مليون مواطن هنغاري في نفس الفترة".
    ويستدل التقرير بدراسة إحصائية أخرى:
    "تؤكد هذه الوضعية التي تعيشها الترجمة العربية دراسة إحصائية أخرى أعدها فريق من الباحثين، بتكليف من «اتحاد المترجمين العرب»، حول الكتب المترجمة في دور النشر ومراكز الترجمة العاملة في بيروت، خلال الفترة ما بين 2000 و 2009، والتي توصلت إلى أن مجموع الكتب المترجمة إلى اللغة العربية لم يتعد الثلاثة آلاف طوال عشر سنوات، في حين تترجم إسبانيا عشرة آلاف كتاب في السنة الواحدة، وهو العدد المترجم للعربية منذ بداية تاريخها".
    ويقارن التقرير عدد الكتب المترجمة العربية بالكتب الصادرة في أمريكا:
    "وبطريقة أخرى، إذا ما أردنا معرفة حجم الخصاص الهائل الذي تعاني منه الخزانة العربية، فإن مجمل الكتب العربية المترجمة خلال عشر سنوات لا يعادل نسبة %1 من الكتب الصادرة سنويا في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وللقارئ أن يتصور حجم المعارف والكتب الغائبة عن إدراك القارئ العربي".

    سأختتم هذا العرض بمقتطفات من التقرير لها علاقة بمسألة مهمة ولا غنى عنها لازدهار الكتب، وهي وجود قاعدة عريضة من القرّاء.
    يتحدث تقرير اليونسكو عن قلة جمهور القرّاء":
    "وبالرغم من الكمية المحدودة من الكتب المترجمة إلى اللغة العربية، فإنها لا تجد لها جمهورًا واسعًا من القراء، باعتبار أن هناك شبه غياب لثقافة القراءة بالعالم العربي، ناهيك عن أن نصف مواطنيه أميين، مما ينعكس في النهاية على الإنتاج الثقافي بصفة عامة، والترجمة العربية بشكل خاص".
    ثم يتحدث التقرير عن ضعف الوعي الثقافي وثقافة القراء:
    "وبما أن عملية الترجمة هي جزء من الإنتاج الثقافي، فبالتأكيد، يتعلق الأمر كذلك بضعف الوعي الثقافي لدى البلدان العربية، وما يعني من ضعف في ثقافة القراءة ورداء في أنظمة التعليم، وتشوهات نفسية وفكرية ناتجة عن التربية، الشيء الذي يقود في النهاية إلى تشكيل بيئة كارهة للفكر الجديد، وغير مشجعة على الإبداع والإنتاج والاستهلاك الثقافي".
    ------------------------------------------------------------
    يمكن الإطلاع على عرض لتقرير "اليونسكو" من خلال الرابط التالي:
    https://www.sasapost.com/translation-in-the-arab-world/https://www.sasapost.com/translation-in-the-arab-world/https://www.sasapost.com/translation-in-the-arab-world/https://www.sasapost.com/translation-in-the-arab-world/
                  

01-07-2018, 05:58 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورشة النقد السوداني: قضايا اولية (Re: Kabar)




    ورشة النقد السوداني: مفهوم النقد في ثقافة غير ناقدة


    محمد النور كبر

    ثمة حقيقة تدور في اذهان مثقفي السودان بان النقد في السودان يعاني من ازمة عصية ، وان حركة النقد في السودان تعاني من كساح دائم وشح في الدراسات النقدية التي لا تواكب حركة الإنتاج الإبداعي. ولقد اجتهد الكثيرون في تشخيص الأزمة وتبيان مواطن الخلل أو ما يسمى بازمة النقد في السودان. الناقد عبد القدوس الخاتم ذكراسباب عديدة يراها بانها هي سبب ازمة النقد في السودان منها :ازمة التلقي النقدي ، طبيعة الشخصية السودانية النافرة من النقد ، شح الخطاب النظري النقدي ، فقر الدراسات المقارنة [1]. واضاف علي هذه المبررات ، الناقد دكتور مصطفى الصاوي ، الذي يرى ان من بين اسباب ازمة النقد في السودان: غياب الحوار النقدي الخلاق، خفوت صوت النقد الأكاديمي ، ضعف الصلة بين المراحل النقدية ، سيادة النقد الصحفي السريع ، الصراعات النقدية التي تتجاوز الإبداعي الى الأيدولوجي[2]. وغيرهم كثر من اهل الثقافة والنقد في السودان يثيرون نفس السؤال ويتحدثون عن نفس الأزمة ، ويشخصون نفس التشخيص بنفس الأدوات التي تكاد تكون متطابقة الى حد بعيد للغاية..!!
    مثل تلك الأراء وغيرها من اراء عديدة في المشهد الثقافي السوداني، لم تسبر غور الإشكالية النقدية في السودان ، وبالتالي تسعى لسيادة ذهنية نقد الإنطباع الذي يمارس رطينه الخاص المتعالي مما يخلق قطيعة بين الأعمال والناقد والمتلقي. فمثل تلك الأراء ، وهي تمارس النقد في بيئة غير ناقدة وغير قارئة ، لم تهتم ببديهيات مثل تحديد حقل الثقافة التي يعمل فيها الناقد السوداني ، ولم تحدد لنا قضايا مثل مفهوم النقد ، عماذا يبحث الناقد في عملية النقد ، ادوات الناقد ، ومصداقية الناقد.


    النقد وسط حقل ثقافات غير ناقدة:


    من يتصدى للنقد في السودان ، يخوض مهمة شاقة للغاية ، فمثل ذلك الناقد يعمل في ظل ثقافات سودانية متنوعة تتميز بالإفتقار للعقل الناقد وفي نفس الوقت يعمل وفق بيئة عالمية متسارعة تسودها فكرة المعرفة المفتوحة.فيكون منشطر بين امرين: امر توطين مفاهيم النقد في مثل تلك البيئة غير الناقدة وبالتالي تطبيقها على عمليات نقدية ، وبين امر خلق بيئة تنشغل بالعمل النقدي وتواكب تسارع المشهد المعرفي المفتوح.
    الثقافات السودانية ، كحواضن لبناء العقل السوداني، تتميز بغياب العقل الناقد وسيادة العقل المجتر الذي يحبس ذاته في الغيبيات و الماضي ، سواءا كان قريب أو بعيد. ومثل هذا العقل يقوم على التراتبية البطرياركية ، بان ما قال به الأباء والأجداد ، هو مسلمات لا تقبل النقاش ، فهي ايقونة الماضي الجميل الذي نعيده ونعيده حتى بات باهت الملامح. فحينما ننظر للدين في السودان ، كظاهرة سيوسيولوجيا ، كان نظام التدين في السودان تغلب عليه الصوفية ، والصوفية كحركة دينية وفلسفية في السودان ، تقوم على نظام التراتبية ذات الطابع البطرياركي ، الذي يقوم على نظام احترام الأبوة.
    نواتج طبيعة هذا العقل السوداني (الغير نقدي) ، انتجت مجتمع استسلامي منقاد ، وفي لحظات تجليه مجتمع ملئ بالحروب والعنف والفساد بكل انواعه (اداري وثقافي وسياسي واقتصادي واخلاقي وجمالي ..الخ) ، اضافة لذلك ، انتجت مؤسسات تعليم تمارس التلقين والإجترار اكثر من كونها توفر بنيات نقدية ومناهج نقدية لها القدرة على اثارة السؤال والتجاوز في تقديم اجابات تكون اساس متين لبناء مستقبل.فمن البدهي ان نرى عقل عنيف منشطر تتنازعه صراعات هوية مفتعلة ومحاولة حسم الهوية (عنفا) وفق الثنائيات المعهودة: هوية عربية اسلامية ، هوية افريقية اسلامية ، هوية افريقية علمانية ، هوية عربية علمانية ، هوية صوفية ، هوية هجين (سودانوية)..الخ.
    مثل هذه الأوضاع تخلق تحدي عظيم يجابه الناقد.
    هذا التحدي يتجلي في ان من يتصدى للنقد عليه بتبسيط المفاهيم النقدية العديدة ، او ما تيسر منها ، حتى تكون الصلة بين العملية النقدية ومن يتلقى رسالته كقارئ ومتفاعل صلة سهلة بعيدة عن التناقض والغموض والرطين غير المبرر.وفوق كل ذلك ان يخوض عملية تعليمية شاقة لتوطين النقد كفكر وكممارسة.
    بيد أن عملية النقد ، كممارسة ، تتميز بالسهولة والصعوبة في نفس الوقت. فالسهولة تتمثل في توفر المعينات والأدوات التي تساعد من يتصدى للنقد في خلق عملية نقدية. والصعوبة تتمثل في تعدد الأدوات التي تحتاج كثيرا من التمحيص والتدقيق وبالتالي اختيار افضلها وانسبها ، حتى لا يصير النقد مجرد تعقيد وتغريب للقارئ.
    كل ذلك سيكون ممكن ان تركز الجهد في تحديد مفهوم للنقد والأصول النظرية لهذا المفهوم. فأعمال مثل (نظرية الأدب) و(النظرية الثقافية) هي من اكثر الأدوات التي يحتاجها من يتصدى لعملية النقد ، لأن مثل هذه الأعمال هي الإطار الذي يدرس ويحلل كل التيارات والمناهج في النقد.


    مفهوم النقد:


    المفهوم المبسط للنقد هو عملية التقييم للأعمال سواءا كانت ادبية او ثقافية او فنية او فلسفية..الخ.هذه العملية لا تقصر ذاتها فقط في الإمتاع والتفسير والتأويل ، قد تكون فن قائم بذاته يحتاج الأدوات المنضبطة التي تساعد في هذه العملية.فالنقد هو موقف تجاه العمل المعين.وبالتالي كل فرد يمتلك قدرة تحديد الموقف من الأشياء والأعمال.وفوق ذلك كل عملية نقدية هي ذات اهداف ثقافية كبرى.
    يذكر ادوارد سعيد ، ان ممارسة النقد ألأدبي (اليوم) تتمظهر في اربعة صور: اولا النقد العملي الذي يتجلي في عملية مراجعة الكتب والمقالات الصحفية ، ثانيا: النقد الأكاديمي كما يتجلي في ممارسة المؤسسات الأكاديمية المتعلقة بدراسة الكلاسيكيات واللغويات والتأريخ الثقافي ، ثالثا: نقد الإستحسان (التقدير) وهو نقد مدرسي لا يخضع للصرامة المهنية والأكاديمية ، ويتجلي في ممارسة المدرسين في المدارس من يدرسون النشء كيفية قراءة الأعمال الأدبية وتفسيرها وتأويلها. رابعا: نظرية الأدب [3]
    فالأعمال التي يتعرض لها من يتصدي للنقد هي عبارة عن ظواهر اجتماعية وثقافية وتاريخية ، فالنص ، وفي ظل تطور تكنولوجيا التواصل اصبحت له عدة صور: كتاب (تقليدي ورقمي)، فيديو ، عمل موسيقي ، عمل فني ، الخ. وتعدد هذه الصور انتج تعدد في عملية المعاينة والتفسير لتلك الظواهر.
    بيد ان النقد لا يتوقف فقط في المعاينة التي تقوم على تحديد السلبيات والإيجابيات ، وانما يذهب اعمق الى التحليل وتبيان الجماليات والقيم الثقافية والإجتماعية في كل نص. صحيح ان التحليل والتفسير قد يذهب الى مناحي مختلفة في استيلاد المعاني والقيم في كل نص ، ولكن هذه المناحي يجب ان تكون منضبطة ولها ما يبررها من النص نفسه.


    عماذا يبحث الناقد في عملية النقد؟


    من يتصدى للنقد ، لا يأتي من فراغ ، فهو الأخر له اجندته الخاصة من تكوين فكري وخلفية ثقافية وهذا ما يظهر في عمليات القراءة للنص (كظاهرة) التي تتحول من فن الى صراع يسعى فيه الناقد على فرض تصورات منهجية بعينها.والضرورة تحتم توخي الموضوعية ، فأي مزعم تجاه أي نص كان لابد ان يكون هناك ما يعضدده من داخل ذلك النص.
    في تحليل النص (كظاهرة) يسعى الناقد لخلق عملية قراءة فاعلة.فالنص ، أي نص تكون له بؤرتان: بؤرة فنية (مضمنة في النص نفسه قصدها صاحب النص) وبؤرة جمالية (تتجلي في فعل القراءة والتفاعل مع النص ) [4].فمهمة الناقد تكون في خلق حياة للنص وجعله فاعلا في الحياة. الرواية مثلا ، تكون مغلقة وميتة ومقصية وبعيدة في ركن مظلم ، والنقد يمنحها الحياة والوجود ، وكذا الأمر مع انواع النصوص الأخرى.


    ادوات الناقد: تعدد المناهج


    في عصر المعرفة المفتوحة ، من السهولة الإطلاع على مناهج نقدية عديدة وبالتالي قد يخلق ذلك ربكة في ذهن الناقد وحيرة في اتباع أي منهج. هل يتبع المناهج الموجودة وتطبيقها على النص؟..هل يبتدع منهج خاص به؟..
    ان تطور تكنلوجيا المعلومات قد ساهم كثيرا في خلق اتجاه ما بعد الحداثة الذي يذهب لأنسنة تكنولوجيا المعلومات والإستفادة منها في دراسة النص وتحليله وتفسيره وتوفيره بصورة متاحة. فاتجاهات مثل الإنسانوية الرقمية
    Digital Humanities
    تذهب لدراسة علاقة الإنسان مع تكنولوجيا المعلومات واثر مثل هذه التكنولوجيا في كيفية الدراسة والتفسير والتأويل والبحث. فالناقد اليوم ليس كمثل ناقد الأمس والعصور الماضية ، فالمذاهب والتيارات النقدية والفلسفية مبذولة ومتيسرة للحصول عليها واستخدامها لإجراء عملية النقد سواءا كان نقد أدبي او ثقافي او غيره.
    اليوم خيارات الناقد متعددة ، والمناهج النقدية متعددة منها مناهج تعامل النص كوحدة مستقلة بذاتها مثل اتجاهات نظرية الفن من اجل الفن التي تذهب لموت الكاتب مثل مناهج البنيوية والتركيبية والسيموطيقا والأسلوبية ونظرية السرد وغيرها من مناهج تقصر طرائقها على النص ، وهناك ايضا المناهج التي تعتبر ان النص تفسير لحال ثقافي واجتماعي وتأريخي وان أي نص مرتبط بصورة وثيقة بالظروف الثقافية التي انتجت النص والتي انتج النص فيها مثل مناهج التاريخيانية الجديدة ، المناهج الماركسية ، المناهج المرتبطة بنظرية ما بعد الكولوينالية ، والمناهج المرتبطة بالدراسات الإثنية.. وغيرها من مناهج.
    فالحقيقة التي يجب ان يستوعبها من يتصدى للنقد بان أي نص يمكن ان يستوعب كل المناهج النقدية المعروفة ، فيمكن تحليل وتفسير النص باعتماد النص نفسه دون الوضع في الإعتبار العناصر المحيطة بالنص وظروف انتاجه ، ويمكن ان يحدث العكس بالتعامل مع النص والظروف المحيطة به.فالخيار يرجع لمن يتصدى لعملية النقد ، ولكن بالضرورة الإجابة على سؤال مركزي: ما هو الغرض من النقد؟..هل هو من اجل متعة خاصة؟ هل هو من اجل اقامة مقصلة للنص؟ ام هو عملية تسعى لخلق اهداف وغايات ثقافية؟..


    مصداقية الناقد:


    ان مصداقية الناقد في احداث عملية نقدية لا تعتمد على البلطجة واعمال المشارط واحداث حالة الإستعراض بالمعارف والمصطلحات الغامضة والمعقدة.
    تنبع مصداقية الناقد من عملية مشروعية النقد في ذات نفسه.فالمناهج النقدية المتعددة ، بعضها قد يخلق نص موازي للنص الأصلي ، وقد يتبع ذلك عملية تغريب للنص والناقد والقارئ مما يخلق التشويش. ولكن تظل عملية النقد ذات مصداقية عالية ان اعتبرت نفسها فن يتميز بالموضوعية والبرهنة على أي مزعم من داخل النص نفسه. فاذا اختار ناقد مثلا أن يركز فقط في النص دون وضع لإعتبار الظروف المحيطة بالنص ، فعليه الأ يشتط ويخلق عملية تغريب تضر بالنص وبالعملية النقدية نفسها ، فأي نص ملئ بعناصر عديدة تصلح للتشريح والتفسير وتبرير كل ذلك بصورة تتوخى الموضوعية.
    المصداقية تتطلب أن يتجرد الناقد ، بقدر الإمكان ، من الذاتية التي تبحث عن انتصاراتها الخاصة. وان يتوخى الموضوعية بغرض انجاز عملية تعليمية وثقافية.




    ____________


    المصادر:


    [1] دكتور هاشم ميرغني: نقد ادبي: الإحتفاء بعبد القدوس الخاتم ، نشر بصحيفة الصحافة ، واعيد نشره في صحيفة البعيد الإلكترونية ، 25 ابريل 2015
    [2] نفسه ،
    [3]
    The World, the text , and the critic
    Edward Said
    [4]
    The Reading Process : A Phenomenological Approach
    Wolfgang Iser


                  

01-08-2018, 07:46 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20422

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورشة النقد السوداني: قضايا اولية (Re: Kabar)

    أرقام مرعبة ومخيفة عن "القراءة" في العالم العربي :

                  

01-15-2018, 06:59 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ورشة النقد السوداني: قضايا اولية (Re: osama elkhawad)


    ازمة القراءة تخلق (القطيع المتحير)


    كتر خيرك يا صديقي ،
    جيد انك تطرقت لفكرة القراءة في مجتمعاتنا ، ولا اعتقد حتى القليل الموجود هو قراءة بمعناها المتعارف عليه ، وانما هو نوع من الإطلاع من اجل المتعة الذاتية العابرة ، فالقراءة كعملية (نقدية) تثير اسئلتها وتصوراتها ما بعد القاء الأسئلة هي عملية غائبة..!
    المخيال الإجتماعي غير القارئ
    The social imagination that none reader
    تظهر ابشع تجلياته في شعارات مثل (الشعب يريد اسقاط النظام) ، واليوم اصدقاءنا التوانسة اختصروا الشعار (الشعب يريد اسقاط الميزانية).. فعدم القراءة كعملية فاعلة يخلق عقلية سلبية تدميرية (يريد اسقاط) ولا تخلق عملية ايجابية حتى في صياغة شعار مرحلي ، فياترى ماذا سيكون نفس الشعار في مجتمعات اخرى؟ مجتمعات قارئة مثلا؟!!..اظنه سيكون (الشعب يريد بناء النظام) او (الشعب يريد تغيير النظام)..وحتى مفهوم مصطلح النظام فهو ملتبس..في مخيال الشعوب القارئة يكون المعني هو السيستم ..بكل كلياته: ادارة ، سياسة عامة ، اخلاق ، قيم وطنية ، اقتصاد..جمال..الخ..بينما عندنا في مجتمعاتنا يكون النظام هو الحاكم فقط..لذلك حتى لو تغير الحاكم ، تجد أن الوضع لا يتغير كثيرا..!

    ولكن كيف نعيد زمن القراءة لواقعنا؟..دعنا نختصر الجهد في مجتمعنا السوداني..!
    غياب المكتبة العامة له اثر كبير ، واظنك تذكر يا صديقي ، حينما كنا طلاب بالمرحلة الثانوية نجد ما يسمى بالمكتبة المدرسية..كل مدرسة ، او معظم المدارس بها مكتبات تحوى مقتنيات متنوعة وتسمح للتلميذ بخيارات ، صحيح قليلة ، ولكنها موجودة..قبلها في بعض المدارس الإبتدائية كانت هناك حصة اسبوعية اسمها (قراءة/مكتبة) توزع الكتب على التلاميذ لتقرأ ، وفي مراحل اخرى كانت القراءة لا تعني مجرد الإطلاع ، وانما يستتبع ذلك تلخيص للكتاب واهم الأفكار التي يحتويها..وهي عملية تدريبية وتربوية ذات اهمية كبيرة..!
    بالرغم من شظف المعيشة وقلة النقود ، الشباب كان يتبدع طريقة ذكية للقراءة: تكون مجموعة وكل منها يحاول اقتناء كتاب..فان كانوا سبعة مثلا (من الجنسين) ستجد انك بثمن كتاب تيسر لك قراءة سبع كتب..وهكذا..!

    روح الإستهلاك ، وسيطرة وسائل الإتصال وادواتها (مثل التلفونات الذكية) ، لها اثرها في غياب القراءة ، لأنها سريعة وتعود الإنسان الملل..وروح الإستهلاك تظهر في ان المستهلك يدخل في موازنة قاسية: هل يصرف الرصيد في تنزيل كتب ام يصرفه في المواقع الخفيفة مثل الواتساب وغيرها؟..
    حال القراءة عندنا تذكرني بمفهوم تشومسكي الذكي (القطيع المتحير)..وذلك في كتابه* السيطرة على الميديا..وصناعة البروبوقاندا التي تصل في اعلا تجلياتها في خلق الإجماع الوطني المزعوم ، وبالتالي افراغ الديموقراطية من اسمى معانيها (المشاركة في صناعة القرار العام ، الحق في المعلومات..الخ)..بيد ان الحال عندنا لا يذهب الى حد ذلك الذكاء المقنن والمؤسس ، وانما الحكومات تعمل بنظام (امسك لي واقطع ليك) :لا نريد شعوب قارئة ، لا نريد شعوب فاهمة ، نريد شعوب داجنة..فلذلك القراءة فضيلة غائبة ومغيبة في كثير من الأحيان..!

    ياترى ماذا يضيرنا ان كانت لكل جامعة من الجامعات التي نفخر بتكاثرها دار للنشر ، النشر الحر الذي لا يساءل ويقمع نوع الكتابة وانما يتحداها بكتابة تناقش المرفوض وتضحده بالحجة؟..ماذا يضيرنا ان كانت لكل جامعة مجلة فصلية محكمة فيها بحوث ودراسات تهتم بتشريح الواقع وصياغة المستقبل؟..
    كنت اتصور ، حينما انتباتنا حمى التسجيل في منابر النقاش السودانية العديدة في بداية هذه الألفية ، ان يكون هناك ركن يسمى ركن القراءة: زاوية ثابتة ، بالشهر ، بالفصل ، كل من قرأ كتاب ياتي بتلخيص له او تقديم اهم المعلومات فيه ، حتى يتاح للأخرين قراءته متى ما تيسر لهم..ولكن..!
    سادت روح المرحلة واللحظة الراهنة..وكانت الأولويات تحدد بطريقة عشوائية..واليوم بعد عشرات السنين :لم ننجز الأولويات المزعومة ولم ننجز القراءة كخطة بديلة من شأنها ان تخلق وعي خاص ومتميز..!

    كبر
    ـــــــــــــــــــــــ

    * Media Control The Spectacular Achievements of Propaganda Noam Chomsky
    Copyright © 1991, 1997 by Noam Chomsky
    A Seven Stories Press First Edition, published in association with Open Media
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de