إستوقفت سيارة أجرة عند منتصف شارع محمد السادس فى مراكش وطلبت منه أن يُقلنى إلي مسجد الكُتُبية فى وسط المدينة أقدم مساجد المغرب والذى بناه يوسف بن تاشفين قبل حوالي تسعمائة عاما تقريبا.
ورغم أن المسافة إلى المسجد لم تكن تبعد أكثر من بضعة كيلومترات إلى أننى كنت أود اللحاق بصلاة المغرب وخطف لحظات لأخذ صور عند الغروب حيث درجة الضوء هى الأمثل للتصوير.
كنت على علم أن سعر الطاكسي (كما يكتبها المغاربة) لا يتعدى عشرة دراهم لهذه المسافة القصيرة. ومن تجاربي السابقة مع الطكاسة المغاربة عادة ما اتفق أولا على السعر أو أطالب بإستخدام العداد. لكن أحيانا أحاول إختبار مدى مصداقية السائق حول معقولية السعر.
السائق الذي إستوقفته وضح لى بما لا يدع مجالا للشك أنه (كوز) مغربي - مافى واحد يسألنى عرفتو كيف أم إذا كان المغاربة عندهم كيزان كمان أم لا. سألته كم تأخد فى هذا المشوار إلى مسجد الكُتبية فأجابنى خمسون درهم ولكن عشان خاطرى ثلاثين. إحتجيت على السعر وسألته لماذا؟ فأجابنى أن هذا طاكسي كبير. قلت له ولماذا ترغمنى على دفع قيمة طاكسي كبير وانا (زول) لوحدى. ضحك وقال لى انت سودانى؟ فأجبته بنعم. كالعادة حدثنى ان السودانيين أطيب شعب. فسألته كيف عرفت ذلك؟ فاجابنى أنه عاشرهم. سألته هل عاشرتهم فى السعودية؟ جاءت إجابته مخالفة لتوقعاتى فقد عاشرهم فى فِلادليفيا فهو على معرفة بمجموعة من الجزارين السودانيين كان يشتري منهم اللحمة هناك..
سألته عن أحوال المغرب فأجابنى ممتعضا أن الدولة المغربية فى طريقها للعلمانية تحت غِطاء الدين. تاكد لى تماما كوزنة سائق التاكسي. لم نكمل حديثنا فقد وصلت مسجد الكُتبية. من الجهة الشرقية والجنوبية والغربية تحيط بالمسجد حدائق جميلة مفتوحة للعامة خاصة للمُحِبين الذين يتسامرون ويتهامسون. إستوقفنى أحد المحبين فى الجهة الغربية طالبا منى أن ألتقط صورة له وهو يحتضن محبوبته وهما جالسان على سور مسجد الكتبية. إستخدمت معرفتى البسيطة بالتصوير والتقطت لهما بعض الصور لتنال إعجابهما. بعد صلاة المغرب إمتلأت الحدائق بالمحبين وهم على كنبٍ متقابلين يتبادولن القبلات وصور السيلفى والاستماع لأغانى الحب فى حدائق مسجد الكُتبية.
عبرت الشارع إلى ساحة جامع الفنا تاركا ساحة جامع الكتبية ومحبيها خلفى..
الجميل فى ساحة جامع الفنا أنها بقعة تجمع السائحين الأجانب مع مجموعات من المغاربة المسرحيين والدجالين والمشعوذين والباعة والراقصين والنشالين وغيرهم. كذلك مجوعات مخلتلفة من الحيوانات كثعابين الكوبرا والأصلة والديوك والحمام والقرود والصقور وغيرها. كل يحاول عرض مهاراته أو تجارته للحصول على دراهم معدوات..توقفت فى إحدى الحلقات أستمع لشابة مغربية جميلة وهى ترتدى بنطلون جينز (تايت)، جزمة سوداء بلوز وطرحة جالست على كرسي عال والجيتار بيمينها. كانت لها صديقة مُحجبة تقف بجانبى تتبادل معها الإبتسمات من بعيد بينما الأخت المحجبة تتمايل طربا على أغانى صديقتها ذات الجيتار والبنطلون الأزرق. ما أن إنتهت من الإغنية تركت الجيتار يستند على الكرسي وتوجهت لصديقتها التى تقف بجانبي وتبادلت بسمات وكلمات معها فهمت منها أنها ترتعش من البرد بسبب رياح خفيفة باردة. تركن الحلقة بسرعة وأختفن وسط الزحام دون ضجيج أو معاكسة. فى إحدى زويا الساحة يوجد مسرح تتبادل فيها فرقتان شعبيتان تقديم عروض غنائية..الأولي تعرض الدقّة المراكشية مع الإغانى الشعبية والثانية مدائح صوفية الفرقتان تستخدمان آلة الرق الضخمة والنُقارة والطبلة والصفقة فى الأداء.
للتحقق من حالة الحب أو بالأصح (الخِلط) فى حيطان المساجد زرت العديد منها فى عدة مدن من بينها مسجد الحسن الثانى فى الدار البيضاء..وهو مسجد بنى فى موقع رومانسي على شاطئ المحيط حيث يفعل همبريب البحر ما يفعل بالمحبين المغاربة.هذا المسجد يعتبر قبلة للمحبين.الحبُ يُبارك فى ساحات المساجد المغربية.
11-14-2017, 06:27 PM
سيف اليزل سعد عمر
سيف اليزل سعد عمر
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 9476
بديع اااية وجميل رسمك ... روعة في التصوير والسرد والتوضيح اخي سيف ,,, فعلا بلد جميلة حد الجمال ويا له من جمال اخاذ ... ياخي زيدنا من صورك شوية وكتر الللقطات عليا ... واصل يا حبيب ..
تحياتي : ياسر العيلفون .....
11-19-2017, 09:03 AM
سيف اليزل سعد عمر
سيف اليزل سعد عمر
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 9476
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة