تأملات جمال عنقرة غندور شكري.. وحكاية السباك حكاياتي اللطيفة مع صديقي البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني عديدة، وأحرص دائما علي وتوثيقها. فعندما كان رئيسا للإتحاد العام لنقابات عمال السودان زار مصر في مهمة عمل رسمية وكان يسكن في فندق شبرد، فطلب من مسؤول العلاقات العامة باتحاد العمال المصريين الذي يرافقه أن يحضر له (قفل) لإغلاق الشنطة، ولأن أهل السودان يقولون للقفل (طبلة) طلب غندور من الرجل طبلة، فأحضر له (طبل) إيقاع فكتبت مقالا أسميته (غندور والطبل). ولما حضرت دعوة الغداء التي أقامها البروف غندور علي شرف وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري في النادي الدبلوماسي بالخرطوم قبيل المؤتمر الصحفي الذي عقداه عقب اجتماعات اللجنة السياسية المشتركة، فلما حضرت قال غندور للوزير شكري مداعبا، (طبعا جمال ده عميل مصري) فرد عليه شكري ضاحكا، (يا عم كلنا عملاء). والحكاية التي استحضرتها لحظة اعتلائهما منصة المؤتمر الصحفي وبداية الحديث، وقعت أحداثها قبل نحو ثلاثين عاما في مصر، وتحديدا في مصر الجديدة حيث كنت أسكن في شارع الأندلس خلف الميرلاند، حيث تسكن ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وكان يسكن هناك أيضا جمال نجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. فحدث عطل سباكة في الشقة، فاتصلت بشركة صيانة لترسل لي سباكا، فلما وصل وجد العطل طفيفا جدا لم يستغرق إصلاحه ثلاث دقائق، فلما سألته عن قيمة الإصلاح طلبا مبلغا كبيرا، فاستكثرته وقلت له هذا العطل لا يستحق ذلك، فرد علي، (انا معك لا يستحق ذلك، وفي قصة طويلة بتاعة الطابور سيبك منها، لكن يرضيك واحد زي بطول بعرض ياخد المشوار ده كله، طالع نازل، ويأخذ أقل من كده؟) فاقتنعت بمنطقه وأعطيته ما يطلب. فلما بدأ الوزيران شكري وغندور حديثهما أدركت أنهما لن يقولا 10% مما تطرقا إليه وتبادلا الرائ حوله، ولقد أفصحا عن ذلك فيما بعد وهما يجيبان علي أسئلة الصحفيين، ولكن لا يمكن لزيارة مهمة كهذه، واجتماعات أهم بين وزيرين عظيمين، يتابعها الناس في كل مكان، تنتهي دون أن يعقدا مؤتمرا صحفيا، فوجدت لهما العذر، وقبلت منهما ما أفصحا عنه من مخرجات اللقاءات، ولذات السبب وجهت لهما سؤالين لأنه لا يمكن أن أكون حاضرا لشان يخص العلاقات السودانية المصرية، ولا أسأل، فسألت، ووجدت اجابتهما كافية شافية. المهم في زيارة السيد سامح شكري للخرطوم، ومقابلته مع السيد الرئيس عمر البشير، والمباحثات التي أجراها مع نظيره السوداني البروفيسور غندور، هي كما قال عنها غندور وضعت العربة في الطريق، وأقول وضعت الحصان أمام العربة. فأن يكون الوزيران رأس الرمح في إدارة ملف العلاقات السودانية المصرية، فذلك مكسب كبير، ويبشر بخير، ليس لأنهما المسؤولان عن هذا الملف فحسب، ولكن لأنهما الأقدر علي إدارته، والأحرص علي العبور به كل المطبات والحفر، وخلفهما الرئيسان البشير والسيسي، ومن قبلهما، ومن بعدهما الله تعالي، وهو أقوي الناصرين. وأكثر ما أسعدني فيما أفصحا عنه أن الأجهزة المتناظرة في البلدين ستجلس مع بعضها وتتحاور حول قضاياها، وتحسمها، وفي ذلك يجلس مجلسا الصحافة في البلدين ويتوصلا معا إلي ميثاق شرف صحفي يلتزم به أهل المهنة في البلدين، وأرجو أن يستعجل الذين بيدهم الأمر ذلك، ويستوعبوا مع المجلسين نقابة الصحفيين هنا وهناك، والمهتمين بملف العلاقات السودانية المصرية من الصحفيين والإعلاميين، وبعض المخضرمين المهمين في هذا الشأن. ثم أن وضع حلايب بيد الرئيسيين المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير، هو الوضع الطبيعي، وأرجو أن يأتي بحثها بعد حسم بعد القضايا الملحة التي تقود إلي التوتر، وتفتح ملف حلايب بسخونة، ومن ذلك ما أشار إليه الوزيران من تطابق لوجهات نظرهما في كل القضايا الإقليمية والدولية، وأساس ذلك أنه مع تنسيق المواقف يكون لكل دولة الحق في بناء علاقاتها الخارجية، دون أن يكون ذلك علي حساب الأخري، وبدون أن يشكل ذلك حساسية. ومثلما يجوز لمصر أن تتعامل مع دولة جنوب السودان المستقلة ذات السيادة كما تشاء، يجوز للسودان أن يتواصل مع قطر وتركيا وغيرهما. وليت القيادة في البلدين توفق في تنسيق العلاقات الخارجية، لأن في ذلك مصلحة للبلدين والشعبين معا.
العنوان
الكاتب
Date
غندور شكري.. وحكاية السباك.. تأملات ... جمال عنقرة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة