فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 08:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-20-2017, 08:01 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان (Re: adil amin)

    منقول للفائدة
    أميرة وأهرامات ومصريين:
    التاريخ عندما يكون حلبة صراع
    ________

    تابعت خلال اليومين المنصرمين الضجة الإعلامية في بعض وسائل الإعلام المصري التي سببها زيارة الشيخة موزة القطرية الي أهرامات البجراوية في السودان وقد صاحب هذه الضجة هاشتاقات مصرية إتصفت بخشونة لفظية عالية وصلت حداً من الإسفاف بوصف السودانيين بالقرود! وقد تفاجأنا كلنا بهذا الكم من العويل علي هذه الزيارة وتبع ذلك ردود أفعال كلامية سيطرت علي حال وسائل التواصل الإجتماعي خصوصاً فيسبوك وتويتر.

    بغض النظر عن أسباب هذه الزيارة فإن الأمر ليس بغريب وفقاً للتشنج الدائم في العلاقات المصرية / السودانية منذ أزمان بعيدة فالعلاقة بين الدولتين مشتبكة يغلب علي فتراتها النزاع المادي والمعنوي ويعود ذلك الي أسباب تاريخية بحتة بحيث أن رد فعل الإعلام ووسائل التواصل المصرييين علي هكذا زيارة متوقع ولمعرفة الأسباب التاريخية لهذه العلاقة المتشابكة نسرد هنا جزءاً أساسياً من تاريخ الدولتين المخفي حتي ينكشف السبب الحقيقي لمن ليس لهم خلفية تاريخية.

    الدراسات العلمية الموثوقة في مجال جيولوجيا الأنهار ونخص بالذكر هنا دراسة عالم الجيولوجيا المصري الشهير رشدي سعيد قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك حقيقتين جيولوجيتين إنبني عليهما تاريخ وادي النيل الذي يشمل الرقعة التي تحوي كلٌ من مصر والسودان:-

    • نهر النيل لم يكن يصل الي أبعد من الهضبة النوبية في أسوان قبل 10.000 سنة قبل الميلاد حيث كانت هذه المنطقة من أسوان عبارة عن حوض ضخم من المياه المالحة متصل بالبحر الأبيض المتوسط بل كان من المفترض جيولوجياً وفقاً لتكوين نهر النيل أن لا يصب أبعد من منطقة وادي حلفا السودانية ولكن وكما وصف مؤلف الكتاب الأمر بالمعجزة الجيولوجية الفريدة حدث ذلك وإنسال النهر الي ما بعد وادي حلفا وهنا تحضرنا مقولة المؤرخ اليوناني الشهير هيرودوت الهاليكارناسي (مصر هبة النيل) أي لولا النيل لما كانت مصر.

    • حوالي التقريب الزمني المذكور في الفقرة أعلاه إنحسرت مياه البحر المتوسط لقلة الإمداد المائي الذي يأتيه من المحيط الأطلسي عن طريق مضيق جبل طارق نظراً لإرتفاع المضيق بسبب تحرك الصفائح التكتونية في باطن الأرض فنجح النيل في إختراق الهضبة النوبية ما بعد أسوان مندفعاً بجبروته المائي ليغمر المنطقة الي البحر المتوسط ويردمها بالطمي الذي كان حجمه أكثر بعشرة أضعافه حالياً لتظهر مصر الي الوجود.

    هذه الحقيقة العلمية المثبتة بخلاف أنها توضح أن مصر لم تكن سوي بحر مالح في بداية العالم كما وصفها مستعمروها الأثيوبيون وهم السودانيون بالمسمي التاريخي القديم لهم كما سنوضحه في محله فإنها من الناحية الجيولوجية مجرد تكوين أرضي حديث بالنسبة لمنطقة وادي النيل الأصلية التي تحدد حالياً من الخرطوم جنوباً الي الدلتا شمالاً.

    إذا ربطنا هذه المعلومة العلمية الموثوقة بمعلومة تاريخية موثوقة أخري سيتضح لنا السبب الأساسي للشد والجذب التاريخي بين مصر والسودان وهذه المعلومة التاريخية مستقاة من بردية تورين الموجودة في متحف مدينة تورين الإيطالية وتفصيلها علي النحو التالي:-

    البردية فيها القوائم الزمنية لفترة حكم ملوك وادي النيل التي تقدر بحوالي 36.620 سنة قبل عهد الأسرات الذي يؤرخ له بالعام 3.200 قبل الميلاد! لاحظوا معي جملة (قبل عهد الأسرات) هذه فهي مربط الفرس فهذه البردية التي يأخذ بها علم المصريات كأحد أهم مصادر تاريخ مصر الفرعونية الي جوار مصادر أخري كحجر رشيد وحجر باليرمو وقوائم الكرنك وأبيدوس وسقارة ونصوص المؤرخين اليونان والرومان تتحدث عن ست وثلاثون ألف وستمائة وعشرين سنة فترة للحكم قبل عهد الأسرات المؤرخ له بثلاثة آلاف ومائتي سنة قبل الميلاد.

    هنا ترد ملاحظة جبارة يلحظها كل ذي عقل يتبعها سؤال مصيري فالملاحظة هي أن توريخ القوائم الزمنية لفترة الحكام هؤلاء أكثر من توريخ فترة صلاحية أرض مصر جيولوجياً للمعيشة والمقدرة علمياً بقرابة 10.000 سنة قبل الميلاد.

    السؤال هو : إذا كان المصريون يدعون أن هؤلاء الحكام حكموا مصر فمن أين حكموها في الفترة التي تمثل الفرق بين 36.620 سنة وبين 10.000 سنة والتي مقدارها 26.620 سنة إذا كانت أصلاً مصر ما بعد أسوان لم تصبح بعد أرضاً صالحة للعيش مع الأخذ في الإعتبار أن مركز حضارة وادي النيل المتطور يقع ما بين الدلتا الي أسوان فهل حكم هؤلاء الحكام من الماء مثلاً؟.

    الجواب ببساطة أن هؤلاء الحكام والشعب الذي حكموه عاشوا ومارسوا الحكم في المنطقة جنوب أسوان لأنه لم تكن المنطقة شمال أسوان صالحة للعيش حيث كانت بحراً مالحاً.

    المعلومة الأخري التي تضفي علي الحقيقة العلمية التاريخية هذه مفهوم تاريخي يجهله الكثيرون هي الفرمان العثماني لسنة 1841م الذي أصدره الباب العالي في تركيا لواليه في مصر محمد علي باشا الذي إحتل السودان سنة 1821م عن طريق إبنه إسماعيل باشا الذي أحرقه المقاومين السودانيين لغزوه في مدينة شندي مركز البجراوية التي زارت إهراماتها الشيخة موزة سبب كل هذه الضجة الإعلامية / الإسفيرية.

    هذا الفرمان ونصفه هنا بوعد من لا يملك لمن لا يستحق فالأتراك ليس لهم حق في السودان ومحمد علي باشا مجرد مرتزقة ألباني خدم الأتراك يمنح محمد علي باشا أحقية ضم النوبة وكردفان ودارفور وسنار وسواكن الي ولاية مصر وحكمها كوراثة ويهمنا هنا النوبة حيث أن حدودها كانت ذلك الزمان من أسوان وحتي الخرطوم.

    هذه المعلومة التاريخية التي وثقناها من قبل في أحد منشوراتنا تفيد قطعاً بأن مصر الي القرن قبل الماضي كانت حدودها الجنوبية أسوان وأن جنوب أسوان كان تابعاً الي السودان وهذا يعود بنا الي ما ذكرناه أعلاه أن جيولوجيا نهر النيل وبردية تورين تفيدان أن ملوك وادي النيل المعروفين حالياً بناءاً علي تواريخ مزيفة بأنهم الفراعنة المصريين قد بدأوا حكمهم من جنوب أسوان ثم تمددوا مع إنحسار مياه البحر المتوسط وإستصلاح أراضي شمال أسوان حتي الدلتا ومع قولنا بأن من جنوب أسوان كان تابعاً الي السودان فإن الحقيقة التي لا يعلمها الكثيرين ليس من المصريين فحسب بل حتي السودانيين (المساكين!) أن فراعنة مصر كما يروج لهم الإعلامين العالمي / المصري في حقيقتهم حكموا من حدود السودان القديمة بل كانوا من أصول عرقية سودانية كما سنوضحه في محله.

    هذا من جانب من جانبٍ آخر نضيف معلومة أساسية أخري هي شهادات المؤرخين القدامي اليونان والرومان الذين ذكرنا أنهم أحد مصادر التاريخ المصري القديم وقد أورد هذه الشهادات بمجملها واحد من أشهر علماء المصريات الفرنسي (جاستون ماسبيرو) الذي أُطلِق إسمه علي مبني الإذاعة والتلفزيون المصريين نظير خدماته الجليلة لآثار مصر حيث تفيد هذه الشهادات بالمعلومتين التاريخيتين:-

    • مصر لم تكن في البداية سوي بحر مالح ثم خصّبها النيل بطميه الذي ردمها وهي شهادة يثبتها علم الجيولوجيا كما سقناه أعلاه وهذا ضروري لأن هناك بعض اللحوحين يغالطون في صحة ورود نصوص هذه الشهادات عن طريق المؤرخين اليونان والرومان وهنا الدراسة العلمية أثبتت صحة هذه النصوص بما يعني أن هؤلاء المؤرخون صادقون فيما نقلوه.

    • الأثيوبيون وهو إسم السودانيين القديم لدي الأوربيين وليس أثيوبيا الحالية التي إختطفت الإسم بمكيدة تاريخية دبرها عالم المصريات الفرنسي (جان لكلانت) مع آخرين قد إستعمروا الأرض الجديدة التي كونها النيل وعرفت فيما بعد بمصر عن طريق جماعت بشرية نزحت منذ زمن أشهر الشخصيات في تاريخ وادي النيل التي يعود إليها تأسيس حضارة وادي النيل مثل أوزيريس وحورس وتحوت (هرمس مثلث العظمة).

    هذه المعلومة التاريخية أيضاً توضح أن كل تاريخ وادي النيل في مصر الحالية وأسلاف المصريين كانوا سودانيين جوهراً ومظهراً حكموا مصر إنطلاقاً من جنوب أسوان التي كانت جزءاً لا يتجزأ من السودان الحالي وعلي ذلك يلح سؤال لطرح نفسه هو:-

    إذا كان أسلاف المصريين من أصول سودانية فمن أين أتي مصريي اليوم؟.

    الإجابة ستؤدي بنا الي نصوص تاريخية طويلة أشرنا إليها من قبل في معرض تعليقات لنا في مجموعات التاريخ ولن نسوقها هنا بتفاصيلها ولكن نشير إليها إجمالاً وهي أن مصريي اليوم عبارة عن هجين عرقي من كل شعوب بحر إيجية القوقازيين البيض الذين نجحوا في فترة إضمحلال حضارة وادي النيل في إقتحام دلتا مصر الحالية في سنة 525 ق.م.

    مصاحبين للغزو الفارسي لوادي النيل بقيادة الملك قمبيز بعد أن كانوا ممنوعين من دخول وادي النيل بسبب فوضويتهم وهمجيتهم ثم ترسخت أقدامهم بإعادة إحتلال الدلتا عن طريق الإسكندر المقدوني سنة 323 ق.م الذي نهب مكتبة الإسكندرية عن طريق الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو (الذي هو لوحده حكاية في سرقة فلسفة وادي النيل ونسبتها لليونانيين ليس محلها هنا) ثم ترسخت أقدامهم بقدوم الرومان سنة 70 ق.م الذين بسطوا سيطرتهم حتي أسوان.

    تتالي بعدهم كافة الغزاة القوقازيين ونعني بالقوقازيين الجنس الأبيض كما عند علماء السلالات البشرية وموطنه الأصلي جبال القفقاز في المنطقة المشتركة بين آسيا وأوربا فجري إحتلال المنطقة من الدلتا الي أسوان وحدث إختلاط كبير بينهم كشعوب بيضاء اللون شقراء الشعر زرقاء وخضراء العيون وبين شعب وادي النيل ذو الأصل السوداني الأسمر اللون المتوسط نعومة الشعر العسلي العيون المعروف عن طريق علماء التاريخ بالعرق الحامي وهو عرق متوسط ما بين العرق المنغولي الأصفر والزنجي الأسود ووصفه مؤرخي أوربا القدماء اليونان والرومان بالأثيوبيين.

    هل علمتم الآن ولو علي شكل خطوط عامة دون الخوض في التفاصيل التي أوردناها منذ أربعة سنوات في هذه المنبر لماذا يوجد لدي مصريي اليوم في الدلتا علي وجه الخصوص حساسية مفرطة تجاه السودانيين في كل ما يتعلق بحضارة وادي النيل؟.

    نلخص لكم ذلك في نقطتين سهلتين:-

    • المصريون الذين يجهلون تاريخ وادي النيل الحقيقي وهم الغالبية من المصريين يظنون أن الفراعنة مصريين من عرق أبيض قوقازي مثلهم كما هم اليوم ويعتقدون أن السودان كان مستعمرة لهم وأن السودانيين أفارقة سمر لا يشبهون أسلاف وادي النيل فيغضبهم حديث أي سوداني عن تاريخ مصر ظانين أنه ملكهم والغريب في الأمر أنهم ينظرون كل يوم الي صور أسلاف وادي النيل في جداريات وادي النيل بلونها الأسمر الداكن كلون سودانيي اليوم كما تعرض في الإعلام ووسائل التواصل ومع ذلك يظنون أن الفراعنة بيض قوقازيين!.

    • المصريون الذين يعرفون التاريخ جيداً وهم أقلية متخصصة أكاديمية أو طبقة مثقفة والتي تعرف أن أسلاف وادي النيل الذين طوروا هذه الحضارة في مصر أصولهم من السودان يحملون شبه سودانيي اليوم الذين هم أحفادهم المباشرين وأنهم هم المصريين ذوي اللون المُصْفرّ جراء التهجين ليسوا سوي محتلين ومهاجرين ونازحين أتوا الي مصر بعد تراجع إمبراطورية وادي النيل إثر الغزوات العالمية القديمة عليها لذا يصابون بالهستريا عند ذكر أي شئ متعلق بتاريخ وادي النيل خصوصاً في مصر عن طريق السودانيين.

    هذا من ناحية الحقائق التاريخية البحتة فدعونا نربطه بأسلوب تعامل المصريين في كافة المجالات معنا كسودانيين فمن منطلق تزييف هذا التاريخ عن طريق علم المصريات الذي تعريفه أنه المدرسة التاريخية التي أنشأها الأوربيين لدراسة تاريخ مصر في القرون الثلاثة الأخيرة عند سيطرتهم بالقوة الإستعمارية علي منطقة الشرق الأوسط والذي عندما أتي مؤسسيه وقد ذكرنا بعضاً منهم في الفقرات أعلاه كشامبليون وماسبيرو وإطلعوا علي آثار مصر ذهلوا من ناحية عظمتها وأصيبوا بصدمة عندما إكتشفوا أن مؤسسيها سودانيين فطفقوا بشتي السبل يحاولون الطعن في أصل مؤسسيها هذا عن طريق نظريات ما أنزل الله بها من سلطان من قبيل إدعائهم أن مؤسسيها أوربيين بيض صنعوها لنا ثم تراجعوا الي أوربا! وإدعائهم أن ملوك وادي النيل من عرق أوربي والشعب من عرق أفريقي!. وإدعائهم أن هناك زنوج بلون أبيض!

    هذه المدرسة كتبت لمصريي اليوم تاريخهم وكتبت للسودانيين تاريخهم عن طريق رايزنر ومكمايكل ... الخ فأوحت للمصريين أنهم أحفاد الفراعنة ذوي الأصل القوقازي الأبيض وأن حضارتهم متركزة فقط في المنطقة بين الدلتا - أسوان وأن حضارة السودان نسخة مشوهة من حضارتهم الفرعونية وأن الفراعنة إحتلوا السودان وبنوا للسودانيين (المساكين!) حضارتهم وما الي ذلك من الأكاذيب المختلطة بمعلومات مقتطعة من سياقها لتأخذ حجة قوية لدي الدهماء من الناس.

    أفلحت هذه المدرسة في تشويه التاريخ الحقيقي لوادي النيل وركب المصريين الموجة المزيفة بعتوٍ فأضحوا بعد هزيمة مدرسة علم المصريات التاريخية علي يد مدرسة الأصل الأفريقي للحضارة التي تصدت لمفهوم الأوربيين التاريخي المتحيز وإنسحابها من المعمة التاريخية التي جرت في منتصف القرن الماضي وخُتِمت في سبعينياته بإعادة كتابة تاريخ أفريقيا العام عن طريق المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) التابعة للأمم المتحدة أضحوا حملة شعلة علم المصريات بأشهر علمائهم الذين بعضهم لا علاقة له بالعلم كزاهي حواس.

    ثم أسسوا مفهوماً عظيماً لهم مبنياً علي أمجاد ماضي تليد بنوا عليه كل أحلامهم وطموحاتهم وواقعهم المعاش فما تسأل مصري إلا وقال لك (مصر أم الدنيا!) وأنهم أصحاب أول وأعظم حضارة في العالم وعاشوا وما زالوا يعيشون علي هذا الوهم التاريخي خصوصاً في مجال السياحة وتقديم أنفسهم كشعب عريق في الحضارات معاملين جيرانهم السودانيين بإستعلاء وهمي.

    لكن إذا بهم يفاجأون وكما ذكرنا في الفقرة أعلاه بدراسات مدرسة الأصل الأفريقي للحضارة الأكاديمية الموثقة التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك عن طريق عشرات البحوث الآثارية واللغوية والأنثروبولجية الأصل السوداني للحضارة وخصوصاً السودان المروي وهو المنطقة التي زارتها الشيخة موزة في مدينة شندي شمال وسط السودان.

    الإثباتات هذه التي إنهزم بسببها علم المصريات الذي أسسه الأوربيون وغضوا النظر عن مفاهيمهم المزيفة عن أصل حضارة وادي النيل لم يستجب لها علماء المصريات المصريين لسبب رئيسي يتمثل في أنه إذا كان علماء المصريات الأوربيين يستطيعون الإنسحاب من معركة التاريخ عند الخسارة بحسبان أنها لا تخص بلادهم بمفهوم أنهم عندما كذبوا كذبتهم هاتيك بإدعاء أصل أوربي لحضارة وادي النيل كان مقصودهم ترسيخ ما عرف في القرون الثلاثة الماضية بالمركزية الأوربية وهي مدرسة شاملة ترتكز علي التاريخ تفيد بأن أصل الحضارات أوربي بناءاً علي إعلاء شأن حضارة اليونان القديمة وكان لابد أن يثبتوا أن حضارة وادي النيل صُنّاعها أوربيين حتي لا يضرب هذا في مقتل حضارة اليونان لأن حضارة وادي النيل أسبق فهم ليسوا مصريين فلن يؤثر إنسحابهم تأثيراً كبيراً علي تاريخ أوطانهم.

    لكن المصريين لا يستطيعون ذلك لأن إعترافهم بهذه الحقائق يترتب عليها أشياء كثيرة أولها سقوط إدعائهم بأنهم ورثة أسلاف وادي النيل وتبيان أنهم مجرد مهاجرين رغم أنه من ناحية عملية لا أحد سيطالبهم بالرحيل عن مصر فقد أضحوا مواطنين تشربوا ثقافة وحضارة وادي النيل ولكن ليسوا هم من أسسوا هذه الحضارة بنفس الطريقة التي لا يمكن أن يدعي بها الأمريكان من أصول أوربية الذين أبادوا الهنود الحمر في أمريكا الشمالية وإختلطوا بجزء منهم في أمريكا الجنوبية أنهم من صنع حضارات الأميركتين القديمة كحضارات الأزتيك والأنكا والمايا لأنهم مهاجرين والسكان الأصليين هم الهنود الحمر الذين تم إبادة جزء كبير منهم.

    كل هذا إنسحب علي تعاملهم مع السودان فمن بنائهم علي معلومات تاريخية مزيفة واقعٍ مزيف مثل أنهم سلف مباشر لشعب وادي النيل القديم وأن بلدهم مصر إستعمرت السودان وأن السودانيين كانوا عبيداً لدي الفراعنة! وصولاً الي مسألة تبيان الحقائق التي ذكرنا جزءاً منها في المقال أضحوا لا يطيقون أي ذكر لتاريخهم علي ألسنة السودانيين مخافة إنكشاف بنائهم التاريخي الهش أو علي الأقل تضعضعه وما سيتبع ذلك من سقوط معنوي مدوِّي لهم أقله في أنفسهم حين يعلمون أنهم لم يسهموا في بناء الحضارة الأصلية بشئ يذكر كما كانوا يظنون.

    بل الكارثة إذا أمددناهم بمعلومات موثقة وقد فعلنا من قبل تفيد أن جزءاً مقدراً من أصولهم تكوّنت عن طريق ما يعرف بالرِّق الأبيض حيث أسر أسلاف وادي النيل السودانيي الأصل الآلاف المؤلفة من أسلافهم من ذوي الأصل القوقازي في حروبهم الدفاعية ضدههم وأكرر حروب أسلافنا الدفاعية فأسلافنا قط لم يكونوا محتلين غزاة بل كانوا دوماً يدافعون ليس عن أنفسهم فقط بل حتي عن الضعفاء كما فعل تهراقا منقذاً اليهود وقت ضعفهم من براثن إمبراطورية الآشوريين العسكرية وقد جعل أسلافنا هؤلاء الأسري طبقة شغيلة في المزارع تابعة للمعابد تشبه نظام (الأقنان) الذي وصفه كارل ماركس أب الأيدلوجيا الشيوعية ولكن هذا محله ليس هنا لنخوض فيه.

    يكفي فقط كمثال للذكر حصيلة معركة الملك مرنبتاح المذكورة وهي 90.000 أسير بتعداد ذلك الزمان ناهيك عن جوانب أخري مثل عمل الكثيرين من أسلافهم كمرتزقة في جيش وادي النيل منذ أيام الملوكك الليبيين الذين إستولوا علي الحكم في وادي النيل في الفترة المتأخرة وهزمهم بعانخي جد تهراقا ومن العجب أن هؤلاء المرتزقة خانوا تهراقا حين إشتعلت معاركه الرهيبة في سهول فلسطين ضد الآشوريين التي وصفه فيها المؤرخ ديودورس بأنه أعظم مناور تكتيكي حربي في التاريخ وكانت خيانتهم هذه سبباً مباشراً لبداية النهاية لفقدان أسلافنا السيطرة النهائية حتي الآن علي شمال الوادي أرض أجدادهم التي أعمروها كما ذكرناه في بداية المقال.

    كل هذا وذاك يفسر موجة الزعيق التاريخي التي تنتابهم بين الفينة والأخري علي نحو يثير الدهشة من جانب من لا يعرف منهم ومن السودانيين الحقائق التاريخية ولكن لابد لنا من إستدراك مهم نوضح به مفهوم لدينا نعمل به ألا وهو أننا لا نميل لما يعرف بالدعاية النازية التي أسسها جوزيف جوبلز وزير إعلام الزعيم النازي أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م ووصفت بأنها دعاية لا عقلانية تهدف لإثارة المشاعر والعواطف لدي الأفراد بتغليب الصورة علي التبرير والحس الإندفاعي علي المنطق بل نميل الي تغليب الطابع العقلاني.

    علي ذلك فقد كنا نري أن يكون الرد علي مثل هكذا إستهزاءات عجيبة بمعلومات موثوقة تسكت لسان المتفوِّه بالسخافات ولكن هذا لا يدرك فليس كل الناس سواء في الرأي فحتي نحن الذين نوصي بهذا في غمرات النقاش مع بعض مناقشيهم كنا نفقد أعصابنا وننجرف الي التلاطم بالتشاتم ولكن إرتأينا أن يكون تعليقنا علي هذا الموضوع من قبيل توضيح تاريخي تناولناه مجزءاً من قبل في هذا المنبر مرات عديدة منبهين الي أننا نحبذ أن تكون ردود السودانيين ضمن هذا الإطار العقلاني.

    لماذا؟

    لشيئين ؛ الأول : لنبرز تحضرنا الذي ورثناه منذ آلاف السنين فالحضارة ليست جلاميد صخر كالأهرامات بل ثقافة إجتماعية في المقام الأول تنعكس علي أسلوب الشخص.

    الثاني : لأننا موعودين بجهد ينبغي أن يبذل لكشف الغطاء عن الحقائق المخفية عن تاريخنا لمن لا يعرف فبدلاً من الإنجراف خلف أساليب فجّة وتضييع الوقت في المهاترات ينبغي أن نجتهد في تقديم التاريخ الحقيقي لنا فوحدها الحقيقة تبقي.
    _________

    عماد حرزاوي
    الخرطوم
    17/3/2107م
                  

العنوان الكاتب Date
فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-18-17, 06:53 AM
  Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-18-17, 07:05 AM
    Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-18-17, 07:30 AM
      Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 03:21 AM
        Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 03:35 AM
          Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 03:40 AM
            Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان Elsanosi Badr03-20-17, 03:54 AM
            Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 03:54 AM
              Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 08:00 AM
                Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-20-17, 08:01 AM
                  Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-21-17, 05:08 PM
                    Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان عباس محمد عبد العزيز03-21-17, 05:21 PM
                      Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-22-17, 04:02 AM
                        Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-22-17, 08:28 AM
                          Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان أبوبكر عباس03-23-17, 07:11 AM
                            Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-23-17, 09:34 AM
                              Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان أبوبكر عباس03-23-17, 01:37 PM
                                Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-23-17, 02:29 PM
                                  Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-24-17, 11:39 AM
                                    Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-24-17, 11:42 AM
                                      Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-24-17, 11:44 AM
                                        Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-24-17, 11:45 AM
                                          Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-24-17, 11:48 AM
                                            Re: فضائية ناشونال جغرافيك وحضارة السودان adil amin03-26-17, 03:52 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de