|
Re: اسقاط نظريات فرويد على الشأن السياسي السوداني (Re: sadig mirghani)
|
عمان - يرى الباحثان د.موفق محادين ود.حنان هلسة أن شخصية الطاغية المتشبث بالسلطة تجمع ما بين ثلاثة أمراض هي: النرجسية والميكافيللية والسيكوباثية.
ويؤكد الباحثان أنّ الناس من فرط كسلهم وخوفهم، ظلوا يفوضون أمورهم إلى وكيل ما في كل مرة أو إلى سلطة إكراه تتبادل مع ضحاياها عدم الاكتراث بالكرامة.
وتقول هلسة إن الدراسات أظهرت أن القادة الذين تسببوا بحدوث الحروب والمآسي لشعوبهم أو ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية ضد شعوب بلدانهم أو شعوب البلدان الأخرى، كانوا يعانون من خلل واضطرابات في شخصيتهم.
وتؤكد هلسة أنّ تلك الدراسات بيّنت وجود أنماط شخصية معيّنة لدى هؤلاء القادة الذين يميلون إلى السلوك الاستبدادي.
وتستشهد هلسة وفي هذا السياق بما عاينه كوالسكي حين أكد على وجود ثلاثة أنواع من الشخصيات التي جلبت انتباه الباحثين لإخضاعها للتجربة وهي: النرجسية والميكافيللية والسيكوباثية.
وتبيّن أنه ورغم الاختلاف في منشأ تلك الأنواع التي يطلق عليها الثالوث المظلم، فإنّ شخصياتها تتصف بخاصية الحقد الاجتماعي مع نزعات سلوكية نحو الارتقاء بالذات، والبرود العاطفي، الازدواجية، والعدوانية.
وتقول هلسة التطورات الأخيرة برهنت للمقاييس "غير الإكلينيكية" على وجود علاقة مترابطة بين الميكافيللية والسيكوباثية، والنرجسية بالسيكوباثية، والميكافيللية بالنرجسية.
وتعرض هلسة لأنماط الشخصية الثلاثة، مشيرة الى أن صاحب الشخصية النرجسية هو من يكون لديه شعور مفرط بحب الذات والإعجاب الشديد بنفسه وبمواهبه وقدراته، ويتصور بأنه هو الأفضل في كل شيء وهو المبدع والمبتكر والفنان ويتوقع من الناس تقديره وكَيل الثناء والمدح له وإبداء الإعجاب بشخصيته وفق ما يتصوره هو عن نفسه.
وتضيف أن صاحب الشخصية الميكافيللية هو ذلك الشخص الذي له مواصفات تلك الشخصية التي حدد سماتها الإيطالي نيكولا ميكافيللي في كتاب "الأمير"، مبينة أنها الشخص الفرد الميكافيللي يحاول تحقيق أهدافه بكل الوسائل وشعاره هو "الغاية تبرر الوسيلة" أي أن الشخص الميكافيللي يهمه الوصول الى الغاية أو الهدف الذي يريده مهما بلغ الثمن.
وتبين هلسة أن الشخصية السيكوباثية وهي شخصية الفرد الذي لا يراعي النظام والقوانين، ولا تهمه المصلحة العامة ويتمتع في الخروج على كل العادات والتقاليد والقوانين المرعية. ومثل هذا الشخص لا يهمه إلاّ نفسه وإشباع أهوائه ورغباته.
وتعد هلسة أن القادة الدكتاتوريين في العالم الثالث، يتميزون بوجود صفات تلك الشخصيات رغم اختلاف الثقافات والبيئة الاجتماعية لبلدانهم لافتة إلى عدم اكتفاء هذه الشخصيات بالسيطرة على مواقع السلطة المدنية والعسكرية والحزبية ومسك زمام كل الأمور والشؤون والقضايا، مشيرة إلى سعيهم إلى التحكم في سن القوانين والتشريعات التي غالباً ما كانت تأتي وفقا لأهوائهم ونزواتهم.
وتتوقف هلسة عند رومل مشيرة إلى أنه يرى بأنه ليست مصادفة أن نرى عمليات الإبادة الجماعية والحروب في القرن العشرين، قد حدثت في الدول غير الديمقراطية. وإن أحد أهم مميزات الدول التي ارتكبت فيها الإبادة الجماعية هي وجود قادة لأنظمة وحكومات دكتاتورية.
وتؤكد هلسة أن هناك ثقافة بحسب ستاوب غالباً ما يكون لها تاريخ من الخضوع للدولة والحكام الدكتاتوريين فضلاً عن ضعف روح التسامح مع التنوع الثقافي مبينة أن القادة الدكتاتوريين لعبوا دورا كبيرا في تحريكها نحو العنف الجماعي وغالبا ما يتم ذلك بهدف تقوية السلطة وتمركزها وإنهاء المعارضة وتمتين الاقتصاد لمصالح ذاتية وخلق بنية تحتية وأيديولوجية هدّامة.
ومن جهته يستذكر الباحث موفق محادين التصريح المقتضب لصاحب أغرب وجه في التاريخ، ونستون تشرشل قال وهو يتمعن في صورة الثلاثة الكبار على ضفاف يالطا أيا كانت جرائمنا يقصد الإنجليز – فلن يقود أحدنا إنجليزيا واحدا من قبره. وسأكون محظوظا إذا ما تذكرني أحد بسبب سيجاري الطويل.
ويضيف محادين كان على صاحب الرأس المستدير، تشرشل، أن يقول شيئا عن طريق الحرير والأفاعي والسحرة، وخلق الله الذين حكمهم على امتداد الطريق من بومباي الى حيفا، وأعد لهم نشيدهم الوطني وياقات جنرالاتهم وهوياتهم القاتلة، التي لا تكف عن الضجيج والعراك من أجل ما تبقى لهم تحت النوافذ، ولا تريد أن تصدق أن رجلا واحدا خلف البحار جبلهم على هذا النحو المزري على ظهر السفينة فكتوريا.
ويلفت محادين إلى أن المهم هو تحويل البشر الى كائنات خائفة مخصية مهانة دوما لا تحتمل أكثر من ديك واحد، مؤكدا أنّ كلّ من يحتج عليه يصبح مارقا ولا يتورع عن استخدام أحط الأساليب لإدامة سطوته.
ويقول إنّ رحيله عن السلطة هو موته، وليس بلا معنى أنْ يحفل الأدب والتراث بروايات وموروثات تقدم الطاغية كدراكولا، مصاص دماء حقيقي يعيش على ضحاياه المعارضين.
ويضيف محادين أنه وبالرغم من استمرار السطوة المذلة لبطركية العصور الطبقية حتى عصرنا الرأسمالي الراهن إلا أن الإنسان ظل يكافح من أجل خلاصه وإطلاق الروح المتمردة فيه، تارة بالقتال اليائس حتى الموت، وطورا بالهروب إلى التصعيد أو الحيلة أو السخرية من أرستو فانس إلى رابلييه إلى هايني وموليير في طرطوف (ضد الجزويت وضد الأصل نفسه).
|
|
|
|
|
|
|
|
|