|
Re: هوس ديني من طراز فريد (Re: وليد زمبركس)
|
لقد أدهشني هوس بعض المسلمين بالدين و بالتالي فإنهم يتصرّفون علي ضوء هوسهم ذلك تصرفات لا تنسجم و الدين نفسه ، و قد شهدت ذلك ابان فترة الانتخابات الامريكية الأخيرة ٨ نوفمبر ٢٠١٦ و رغم أنّي يحق لي التصويت في الانتخابات الامريكية منذ العام ٢٠١٢ الا أنّي لم اشارك في أيّ واحدة من تلك الانتخابات و ذلك لأمر يعنيني بصورة خاصة جدًا ، اذ احس من اعماق نفسي بأنّ المرشحين للرئاسة الامريكية لن يستطيعوا حل مشاكلي بالمجتمع الامريكي ما لم احلها أنا بنفسي ، و لذلك فلا الحزب الديمقراطي و لا الجمهوري يمكنه أن يسهم في حل مشاكلي بأي حال ، هذا سبب غير مباشر لعدم مشاركتي في الانتخابات و السبب النفسي المباشر هو احساسي العميق بأني لا اريد أن افقد ( عذريتي الانتخابية ) في انتخابات امريكية و انا انتظر بها انتخابات الديمقراطية الرابعة بالسودان . و رغم أنّ ذلك الرأي قد يبدو طوباويًا الا أنّي أجد نفسي اتأثر به بقوّة ليس لها مثيل . اذ لم تتح لي فرصة المشاركة في الانتخابات التي أجريت بوطني بالعام ١٩٨٦ و السبب أنّي لم اكن قد بلغت سن الثامنة عشر حينها و لذلك لم اتمكن من المشاركة في الانتخابات ، ثم بعد ذلك بقليل جاء الانقاذيون فحرمونا حقنا في الوطن الجميل و لذا لم اشارك في اي واحدة من انتخاباتهم المكذوبة لقناعتي بأنّه لا انتخابات حرّة يمكن أن ترتكز علي حكومة انقلبت علي نظام ديمقراطي لتسطو علي مؤسسات الدولة و الشعب . ما أود أن أقوله هنا بخصوص قضية الهوس الديني موضوع البوست ، هو أنّ مجموعة من الاصدقاء و زملاء العمل المسلمون قد هاجموني لعدم مشاركتي في الانتخابات و هم يرون أنّي و امثالي قد أضعنا حقوق المسلمين بعدم المشاركة في الانتخابات ، و حين سألتهم عن السبب أدهشوني بحقيقة لم تخطر لي ببال من اناس احسبهم معتدلون في مواقفهم من قضايا الصراع التي يتوهّمها بعض المسلمون و بالتالي يرون انفسهم ضحايا يعيشون علي هامش الحياة الامريكية و قد فرضت عليهم ظروف هذه الحياة الهامشية ، كراهية الامريكان للمسلمين ( كما يتوهّمون ) و كأنه لم يفرضها عليهم موقف حكوماتنا التي دفعت بالملايين لمغادرة ارض الوطن بحثًا للعيش الكريم في الدول الغربية مهاجرون غير زائرون او حالمون بالعودة لارض الوطن، و يأتي ذلك في ظروف احساس عميق بتربص الدول الغربية بهم و بالتالي فهم يسقطون كل مشكلاتهم الاجتماعية علي الدول الغربية و لا يثنيهم عن ذلك القدر الكبير من الحرية الذي يتمتّعون به علي اراضيها و الذي يفتقدونه في بلادهم الام ، هذا غير تسهيلات الضمان الاجتماعي و السكن و العلاج المجاني لاعداد كبيرة من المسلمين و بمبالغ طائلة لا يمكن ان تقدّمها لهم حكومات بلادهم الام بأي حال و هي التي اضطهدتهم و اضطرّت الكثيرين منهم للخروج من ارض الوطن مجبورين غير مختارين . بعد استماعي لاتهام اصدقائي الذي واجهوني به ( أنّي و امثالي قد أضعنا حقوق المسلمين ) ، وجدت نفسي أواجههم باسئلة يبدو انهم لم يتوقّعوها او لم يسألوها لانفسهم كمسلمين يودّون نصر الدين الاسلامي في مجتمع غربي من خلال التصويت لمرشحة الحزب الديمقراطي الخاسرة في الانتخابات السيدة هيلاري كلنتون. و قد كان اوّل اسئلتي لهم ما إن كانوا يعرفون أنّ الحزب الديمقراطي لا يرفض المثلية الجنسية و بالتالي فإنه يوافق علي أن الرجل يتزوج رجل و تتزوج المرأة امرأة مثلها او تقيم معها علاقة جنسية كما يحلو للمثليين أن يقيموا من علاقات ؟ و قد كانت دهشتي كبري حين أجابوني بأنهم يعلمون ذلك ( و دهشتي جاءت بسبب وقوفي علي تناقض واضح في موقفهم و ما يدعو اليه الدين ) ، ثم سألتهم ان كانوا يعلمون أنّ الحزب الديمقراطي لا يرفض الاجهاض ؟ و قد أجابوني ايضًا بأنّهم يعرفون ذلك ، ثم سألتهم إن كانوا يرون أنّ تلك الممارسات تنسجم مع الدين الاسلامي ؟ فأجابوا بالنفي. ثم سألتهم مرّة أخري عن موقف الدين الاسلامي في ولاية المرأة ، فقالوا انه لا يجوز أن تتولّي امرأة شأن الرجال ، ثم سألتهم عن ولاية غير المسلمين علي المسلم ، فتحجّجوا لي بأنّهم أقليّة في مجتمع مسيحي و لا مجال لهم لتقديم مسلم للرئاسة ، ثم واجهتهم بالسؤال الكبير و هو ما الذي يلزمكم للبقاء بدولة كل شئونها تتضارب مع الدين الذي تعتنقون ؟ و حينها فقط قال لي احدهم : (و الله انك اعقل منّا إذ لم تصوّت في الانتخابات ) و لو فازت هيلاري فاشعلت الحروب في بلاد المسلمين حينها سنكون مشاركون معها في الذنب و تكون انت برئ ، ثم قال احدهم سوف لن اشارك مرّة اخري في الانتخابات الامريكية و الحمد لله أنّ مرشحتي لم يكتب لها الله الفوز . لهذه الدرجة وصل الهوس بالدين و الذي يدفع اصحابه للدفاع عن الدين و نصرته من خلال دعم قضايا يرفضها الدين رفض قطعي لا يقبل الحوار. و لكن بالنسبة لهم طالما أنّ القصد هو نصرة دين الله فتلك القضايا المخالفة للدين لا تهمهم كثيرًا فالاعمال تؤخذ بالنيّات ، و هم لم يبتغوا سوي الخير فيما فعلوا و يفعلون .
بالطبع لا اعتراض لي علي ما يراه الآخرون و لكن ما ازعجني هو هذا الجدل الطويل الذي اضطررت اليه لاوصل فكرة بسيطة تعد من الأبجديات مضمونها أنّ كل شخص مسئول عن تصرّفاته و ليس بأي حال مسئولًا عن سلوك الآخرين ، و لكن يبدو أنّ الشخص الذي يطلب أن يعيش حياته كما يريد يجد نفسه مضطرًا للدخول في جدل و حوارات و اجابة علي اسئلة و طرح اسئلة اخري سواء أكان يريد ام لا يريد. هكذا هي حياتنا و هذا هو مجتمعنا الذي نحمله معنا اينما سارت بنا الحياة ، فهل من شخص يقدّم لي اقتراح يعين علي الخروج من هذا النفق العميق ؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|