|
Re: ملامح من زمن الزمن زين (Re: ادريس خليفة علم الهدي)
|
مصيدة التشرد خالد ومصطفى طفلين بريئين نشأا في مدينة صغيرة على ضفاف النيل الازرق في اسرة فقيرة ومعدومة . خالد الاكبر وعمره تسع سنوات ومصطفى عمره سبع سنوات . هما من المفترض في اول السلم التعليمي. امهما امتهنت بيع الشاي في محطة القطار لتوفر لهما ثمن اللقمة الرخيصة التي تسد الرمق وتغنى عن الجوع فقط . أما الاب فهو سكير وعربيد اعتاد ان ياتي كل يوم الى البيت مساءا ويحيله الى جحيم على ما فيه من تعاسة وفقر . لا الام تسلم من يديه ولا الولدين البريئين . وجه الام دوما تزينه الكدمات واللكمات دون سائر النساء . الام يضربها لياخذ منها حصاد يومها ثمنا لشربه وعربدته اما الولدين فيضربهما لسببين متناقضين تماما عندما يكون واعى يضربهما لعدم ذهابهما للمدرسة . وعندما يذهبا للمدرسة ثاني يوم يعيد ضربهما لذهابهما للمدرسة ويسمع الجيران هذا الحوار مع الطفلين ( تمشوا المدرسة وأمكم دي اليساعدها منو اليجمع ليها الكبابي منو . وبعدين نحن عندنا ليكم مصاريف اقعدوا اشتغلوا بلا قراية بلا كلام فارغ ). هذا الجحيم الذي يعيشه الطفلان جعلهما يجران ساقيهما جرا عند العوده الى البيت في كل مره ويتمنون ان المسافه بينهما وبين البيت لاتنتهي ابدا . وفي مره من المرات وهما عائدين من المدرسة وصلا محطة القطار للذهاب لمساعدة امهما . مرا بجوار القطار وضجيج المحطة الذي اعتادا عليه وخليط اصوات الباعه مع المودعين والمسافرين . فجأه سمعا صوت الكمساري يصرخ فيهما اركبوا يااولاد القطر ما يفوتكم . كانما صرخته هذه كأنها وحي نزل من السماء ودونما تفكير اخذ خالد يد اخيه الصغير وجره راكبا في القطار . والصغير يصرخ يا خالد نحن ماشين وين يا خالد ابوي حا يضربنا . القمه خالد بعباره واحده اصلا هو حايضربنا حايضربنا . ولحظات كان الاثنان ضمن ركاب الدرجة الرابعه المزدحمة والتي تختلط فيها الأسر مع بعضها البعض . وفعلا بدأ القطار يتحرك ببطأ كعادته ويطوى الارض ببطأ بل كأنه يدخل بهما دنيا جديده .وتدريجيا بدا القطار يزيد في السرعة وجلس الصغيران على الارض وبدءا يعتادا على هزة القطار . رقد الصغير مصطفى على فخذ اخيه وبدا ينام بعد ان ألف المكان واطمأن له وخاصة بعد مرور اكثر من ساعة لم ينهره احد او يضربه كالمعتاد . .
نام الولدان كما لم يناما من قبل وتحس بان تعب سنين بدأ يتبخر من هذين الجسمين النحيلين .وفجأه بدأ القطار يهدس من سرعته وصوت صرير العجلات ايقظ الطفلين وهبا من نومهما فزعين وبدأ ضجيج المحطة. في الأول افتكر الطفلان ان القطار رجع بهما لذلك قاما مفزوعين وهما يتوقعان دخول أبوهما وهو يحمل سوطه المعتاد وركزا نظرهما على باب العربه لكن هدأ بالهما عندما سمعا ان احد الركاب يتحدث عن وصولهما محطة الدندر . (خالد حننزل هنا ؟...لا يا مصطفى دي محطة قريبة يمكن ابوي يجينا فيها ) دار هذا الحوار بين الطفلين وبدأ ضجيج الباعة مخلوطا برائحة الطعام ( طعمية وبيض طعمية وبيض طعمية وبيض .... سمك سمك سمك ) رغيف رغيف رغيف الرغيف الحار الرغيف الحار ) هذا المزيج الفريد من الاصوات والروائح خلق تناغم نادر بين الصوت والرائحة . حرك شوق أمعائهما الخاوية جاع الولدان واصوات الباعة مع روائح الطعام اصبحت كالسياط تلهب اجسادهم المنهكة اصلا وبدات تتقاطر الدمعات من عينيهما . امرأه طيبه كبيره في السن انتبهت لهذا المشهد وقارنتهما بباقي الاطفال الذين هم في جدال مع الباعه ومع ذويهم يشترون في انواع الماكولات وهذان الطفلان البريئان محرومان. وقامت المرأه بدس مبلغا من المال في يد خالد ،وبسرعه هب خالد الى صاحب الطعمية والبيض وكذلك طلب بائع الرغيف الحار وبدأوا ياكلون وبدات اسارير الصغير واضحة . هو واخوه يستمتعون باكله نادرا ما يحصلون عليها رغما ان معظم وقتهم كانوا يقضونه في محطة القطار . وشعرت المرأه بنظرا ت الامتنان والقبطة في عيني الصغيرين . وحاولت ان تدخل معهما في حوار ( ياولد امكم ما معاكم ؟؟؟ واكتفى خالد بهز راسه نافيا.. طيب هي وين؟؟؟ سكت لم يجاوب ... طيب ابوكم ...؟؟ ايضا سكت ... حقيقة خالد كان حريصا الا يدخل في حوار طويل مع احد حتى لايطلع من الأقارب ويعيدهما الى الجحيم مره أخرى. واستمر الحال كذلك في كل مره يدخل القطار محطة ويطلب مصطفى من خالد النزول ويرفض خالد بحجة انها قريبة من أبوه ... واستمر الحال كذلك حتى دخل القطار الخرطوم بحري المحطة الأخيرة حيث لابد من النزول وحيث بدأت رحلة المجهول والضياع .. نزل الولدان لايحملان اي متاع .. لا زالا يرتديان لبس المدرسه وجدا انفسهما في غابه ضخمه من العمارات الاسمنتيه لم يعتادوا مشاهدتها من قبل حاولا الرجوع واكتشفوا ان القطار ليس كالمواصلات بل شعاره الرسمي ( ماراجعين) . الى اين يذهبون ومن اين يبدأون . كل علامات الاستفهام تركت كل شئ في الدنيا وجاءت تدور حول هذين البريئين . ليجدوا خطواتهم بعد ذلك تقودهم في اتجاه شلة من اندادهم الذين لا مرافقين لهم . وبإبتسامه مشجعه من هؤلاء جذبتهما لينضما الى عالم المشردين حيث المجهول لا رقيب ولا قريب يحيل نهارهما لليل مظلم . . درديري كباشي الرياض يونيو 2006
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 09:32 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 10:33 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | ادريس خليفة علم الهدي | 07-25-16, 10:56 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 02:13 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | علي دفع الله | 07-25-16, 02:56 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 03:34 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | عبدالحفيظ ابوسن | 07-25-16, 03:41 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 05:24 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-25-16, 05:25 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-26-16, 05:47 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-26-16, 10:06 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | ياسر منصور عثمان | 07-26-16, 11:52 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-26-16, 05:16 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | ادريس خليفة علم الهدي | 07-27-16, 08:39 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-27-16, 09:17 AM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-27-16, 05:32 PM |
Re: ملامح من زمن الزمن زين | درديري كباشي | 07-31-16, 05:06 PM |
|
|
|