عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عبدالله.......

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 11:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-28-2015, 01:45 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    نوافذ مفتوحة
    ==============
    يحيى فضل الله
    ==============
    عادل القصَّاص و الحِصَّة قِصَّة (3)
    ==============================


    ريثما ننتهي من تَسَكُّعَاتِنا تلك المثمرة حيناً و الـ( غير كذلك ) أحياناً كثيرة ، ريثما نفرغ من قيودِ الوظيفة ، تهرع خطواتُنا مُتَلَهِّفَةً إلى المقرن حيث دار اتِّحَاد الكُتَّاب السودانيين ، يأتيها كلٌّ مِنَّا من بيدائه الخاصَّة ، من متاهته التي تخصُّه ؛ فهاهو الفنان التشكيلي علي الأمين وراء المكاتب يحاول أن يضعَ اللمساتِ الأخيرة لتمثال الشاعر محمد عبد الحي، بينما كنَّا أنا والصديق الممثل الرَّشيد أحمد عيسى نستعدُّ بالبروفاتِ الكثيفة للعرضِ المسرحي "الزَّنزانة" للكاتب هارولد كِمِل ومن إخراج الصديق عادل السَّعيد ؛ كان عادل السَّعيد قد هاجر إلى اليمن وكنَّا ننفِّذ العرض عبر كُرَّاسَةِ الإخراج ؛ الأستاذ عبد الواحد كمبال ، الصَّحفي الكبير ، يجالس ضجرَه هناك على أحدِ الكراسي ، منتظراً قدومَ أصدقائه الكثر حتي يبدأ بالحديث عن فترة الستينات ؛ الصَّادق الرَّضي وحافظ محمد خير يدخلان الدَّار وعلى عينيهما بقيَّةٌ من تَغَزُّلٍ كثيفٍ تباهت به الظَّهيرة في كافتيريا الكليات التَّكنولوجية ؛ حتماً ستأتي الشَّاعرة والفنانة التَّشكيلية نجاة عثمان لتمنح من يُجالِسُها بعضاً من تأملاتها الثَّقافية ، وكثيراً ما كانت تضنُّ بأشعارها ؛ محمد خلف الله عبد الله يأتيكَ مُتَمَهِّلاً ومُتخلِّصَاً بعضَ الشَّيءِ من ضجَّةِ الشَّاعر عادل عبد الرَّحمن تلك الثَّمِلَة ؛ عبد المنعم رحمة الله يلوي على شيءٍ من الفرح ، لا يغامرُ مطلقاً في أن يتَسَرَّبَ ضجرُه إلى مساءِ الأصدقاء ، بينما يتَذَوَّق المكانُ غيابَ الشَّاعر محمد محمود الشِّيخ ( محمد مدني ) ، وذلك من خلال حكايا متناثرةٍ عنه هنا وهناك ؛ علي المك يأتي بِرَنَّةِ مفاتيحِه وينغمسُ في الحكي كي تتَسَرَّبَ ضحكتُه الرَّخيمة في أرجاءِ المكان ، بعد أن يكون قد شرِبَ قهوتَه المسائية التي يعتني بها مايكل عاملُ البوفيه ؛ عبد الله عبد الوهاب ( كارلوس ) متأكِّداً تماماً من عشاءِ اللَّيلة ، فدواجنُ "عثمان أوماك" ترقدُ مُتَجَمِّدَةً داخل ثلاجاتِ بوفيه الدَّار ؛ الأستاذ كمال الجزولي يدخلُ بوجهٍ صارم ، لكنه بعد قليلٍ سيتخلَّى عن ذلك القناع حين ينسى مهنتَه القانونية الصَّارمة وينتمي إلى سربِه الخاص ؛ بشرى الفاضل وبخيالاتٍ مُجَنَّحَةٍ يُجَمِّلُ ونساتِ المساء ؛ القاصُّ محمد عثمان عبد النَّبي القادمُ إلى الدَّارِ من أحراشِ ذاتِه تلك المتشابكة ويمنحُ نكهتَه الخاصَّة للجميع ؛ الأستاذ عبد القادر محمد إبراهيم يراقبُ طفلَه الصَّغير وهو يلاعبُ مهيار محمد نجيب محمد علي الذي يرافقُ دائماً والدتَه الكاتبة القصصية عوضية يوسف ؛ عادل سالم حمادة ، فنَّانُ العرائسِ سابقاً والرَّائدُ في أمنِ الدَّولة حالياً ، يحاولُ التَّخَفِّي بادِّعاءاتِه الثَّقافية والفنية ، بينما هو مكشوفٌ للجميع ، ما عدا عبد الواحد كمبال ؛ مريم محمد الطَّيِّب تتَخَلَّصُ من رهقِ النَّهارِ وتشهرُ ابتسامتَها الحميمة ؛ البشير سهل جمعة بعمامتِه الكبيرة يأتي ومعه مخطوطةٌ قيدَ التَّصحيحِ من منشوراتِ "نادي المسرح السُّوداني" ؛ سلمى الشِّيخ سلامة تنثرُ سَرْبَعَتَها على الجميعِ ، لائِذَةً بروحِ النُّكتةِ العالية ، بينما تدينُ الشَّاعرة رُقية وَرَّاق العقلية الذُّكورية ؛ ويأتي عادل القصَّاص عادةً من نهاراتِ الجامعة والأنديةِ و البوفيهاتِ التي حولها أو من مقيلةٍ اضطرارية بداخلياتِ البركس ، أو من ظهيرةٍ محتشدةٍ بالبناتِ الجميلات ، أو من حيثُ لا يمكن أن تتوقَّع - فالأوقاتُ ، خاصَّةً الظَّهيرة ، مُتَسَرِّبَةٌ و مُنْسَرِبَةٌ في تفاصيلِ تَسَكُّعِهِ ذلك المتداعي - يأتي عادل القصَّاص راجلاً إلى دارِ اتِّحَادِ الكُتَّاب ، قد يكونُ وحيداً أو برفقةِ صديقٍ أو صديقة ؛ لا أستطيع أن أُحَدِّدَ أين ومتى التقيتُ بعادل القصَّاص أوَّلَ مرَّةٍ ، لكنه - اللقاءَ - كان كأمرٍ حتميٍّ أو قلْ تلقائي ؛ كنتُ قد قرأتُ له قصَّةً بعنوان "صورٌ زنكوغرافية" ، أذكُرُ أنها أصابتني بطَرَبٍ خاص ؛ كنتُ أسمعُ عنه من صديقنا المشترك القاصِّ والزَّميلِ بالمعهدِ العالي للموسيقى والمسرح أحمد المصطفى شريف ؛ ومن الطَّريف أن علاقتنا تَوثَّقَت بعد لقاءاتٍ مُتَكَرِّرَة عبر "الأوتوستوب" على شارعِ النِّيلِ أو شارعِ الجامعة أو في تقاطعاتِ شوارعَ أخرى ، و جاور اسمي اسمَه في مجلة "الثَّقافة السُّودانية" وجمعت بين اسمينا كتاباتٌ نقدية عن الحساسيةِ الجديدة في كتابةِ القِصَّة القصيرة في السُّودان .
    يقول عادل القصَّاص :

    ( خلال يَفَاعَةِ اطِّلاعاتي التي تجاوزت أدبَ المغامرات و القصصَ البوليسية إلى ما بعدِها بقليل ، لم تَكُنِ القِصَّةُ القصيرة تحتلُ مكاناً مرموقاً على قائمة قراءاتي واهتماماتي . الشِّعرُ والرِّواية كانا في الصَّدارة ، ثم السِّينما ، الرَّاديو ( التَّمثيلياتُ ، المسلسلاتُ ، الأغنيات ) ، التِّلفزيونُ (المُسلسلاتُ والأفلام ) والرسمُ الذي بدأتُ أتخَلَّى عنه بالتدريج . أتذَكَّرُ أنني قرأتُ مُبَكِّرَاً ، من بين ما قرأتُ من كتبٍ تخُصُّ شقيقيَّ الأكبر ، بعضَ المسرحيات - منها "زواج فيجارو" و "عدو البشر" . بيد أنني لا أتذَكَّرُ أنني قرأتُ محموعةً قصصية في تلك الفترة . قرأتُ ، مُبَكِّرَاً أيضاً "موسمَ الهجرة إلى الشِّمال" و"عُرْسَ الزَّين" ، وأعرضتُ عن "دومة ود حامد" . استهواني أدبُ السِّيرةِ والرِّحلات والتَّغطيةُ الصَّحفيةُ للأفلامِ السِّينمائية - ( روؤف توفيق ، مهرجان كان ) ، مجلة "صباح الخير" ، فيما ظلَّتِ القِصَّةُ القصيرة غيرَ مُتَمَتِّعَةٍ بنفسِ القدرِ من جاذبيةِ الأجناسِ الأخرى ... تُرَى ، هل دَلَّلَتْنِي الرِّوايةُ أكثر مما يجب ؟
    على أن القِصَّة القصيرة ما لبثت أن أخذت تَتَسَرَّبُ إليَّ ببطءٍ ، بصبرٍ ، و على نحوٍ متفرق من بعضِ المجلات والصُّحفِ العربية التي كان شقيقي الأكبر يحرصُ على اقتنائها - مثل "العربي" ، "آخر ساعة" ، "المُصَوَّر" ، "المختار" ، "الدَّوحة" ، "الأخبار" ، "الأهرام" ، بالإضافةِ إلى الصُّحفِ والمجلاتِ المحلية . و مع تَقَدُّمِ العمر وفضولِ الاكتشاف وتزايدِ الاطِّلاع وانتقالِ علاقاتي الاجتماعية ، نوعياً ، إلى خريطةٍ أخرى ، حيث أفَدْتُ ، فائدةً جَمَّة ، من نقاشاتٍ ، اقتراحاتٍ ، مقتنياتٍ ، كتاباتِ أساتذةٍ وأصدقاءَ حميمين تقدَّموني إلى مروجِ الأدب والثَّقافة ، أذكُرُ منهم ، على سبيلِ المثال ، إلى جانبِ مَنْ ذكرتُ سابقاً ، عبد الله محمد إبراهيم ، محمد عثمان عبد النَّبي ، محمد سعيد بازرعة وأحمد شريف ) .

    كيف تَكتُبُ قِصَّتَكَ ؟

    ( أحياناً من مَوْقِفٍ أو مَشْهَدٍ أو صورة ؛ فأصبرُ على الموقفِ حتى تكتملَ عناصرُه ، وعلى المشهدِ حتى أتَبَيَّنَ تلافيفَه ، وعلى الصُّورةِ حتى يَتَبَدَّى لي تحريضُ تَفَتُّقِهَا ؛ وأحياناً تبدأُ من فكرةٍ أُراقبُ تضاعيفَها ، أرنو إلى تفتُّحِها - إلى أن تغدو عطراً وهيكلاً نضيداً ؛ وربما تتواشجُ كلُّ أو بعضُ تلك العوامل بنسبٍ متفاوتة . و في كلِّ الأحوال ، فإنني غالباً ما أنتظرُ مرحلةَ الفَوَحَان والهيكلة النَّضيدة حتى أشرعَ في الكتابة ؛ على أنني ، أثناء ممارسةِ الكتابة ، أتركُ العملَ ينمو بمنطقِه العضوي ، بشرائطِه الدَّاخلية ؛ و يحدثُ أحياناً أن أحذفَ من عملٍ ما عنصراً يُحَقِّقُ لي غبطةً داخلية ونشوةً ذاتيةً كبيرة ، غير أن القوانينَ الدَّاخلية ، العضوية ، البنائية ، للعملِ لا تقترحُه ، فأستبعده حتى ولو سَبَّبَ لي ذلك تعاسةً وقتية . إن الإصرار على أمورٍ ، تدخُّلاتٍ ، كهذه ، يجعلُ الكاتبَ مُلَوَّثَاً بالإسقاطِ وموصوماً بـِ "دكتاتورية المؤلِّف" ) .

    و لا تزالُ النوافذُ مفتوحةً


    عادل القصاص

                  

07-28-2015, 01:47 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)

    Quote: يحدثُ أحياناً أن أحذفَ من عملٍ ما عنصراً يُحَقِّقُ لي غبطةً داخلية ونشوةً ذاتيةً كبيرة ،
    غير أن القوانينَ الدَّاخلية ، العضوية ، البنائية ، للعملِ لا تقترحُه]





    mohamed Abdelgaleel
                  

07-28-2015, 02:24 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    ما أروع الصُدَفْ حينما تكشف وجهاً للثقافة وصناعها بهى الطلعة، فارع
    القوام ، فاره الحضور وتصنع الأجواء كما هى، ترى البسمة وتسمع الهمسة
    وتٌصصغى للنكتة وترى ملامح الصرامة فى كمال الجزولى
    أولا ، ثم خلع ثيابها والإندياح، تسمع ضحكة المك على المك وصوته
    الجهورى الرنان المٌطرِبْ، تستنشق عطر الفل الفواح، عطر النساء
    والرجال الضماخ وتسمع رنة مفاتيح على المك ورنة أكواب الشاى
    وتشتم رائحة البن بأنف طه حسين فى دهاليز الأيام. مريم محمد الطيب،
    سلمى سلامه، رقيه وراق وناديه الرشيد وحنان وإيمان المك ولا يغيب
    خلف، عادل القصاص، عبداللطيف الفكى ،محمد النعمان، السر السيد
    أسامه الخواض وموسى مرّوِحْ. صدف ثمينة غاليه إجترت كل ذلك
    بسخاءٍ ووفاءٍ وإحقاق للإستحقاق لتضع لبنة راسخةً لتاريخ الثقافة
    ومبدعيها فى الأربعة عقود الماضيه لا بتفصيلية الباحث ولكن
    بإجمال معيارية الفكر لتكون مادة ينزع ويضيف منها الباحث
    فى ذلك كيفما شاء شكراً ليحى فضل الله وللقصاص ولخلف ولكل الذين
    أسهموا ومازالوا يفعلون، حقاً أحسب هذا فتحاَ كبيراَ ومتناَ لشرحٍ جبار.


    منصور

                  

07-28-2015, 02:27 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    عزيزنا خلف الذى خلّف للكتابة الكى ألف سلام عليك والأسره وأكرمكم الله جميعاً والأهلين أين ما طابت لهم الإقامه وما أرْخَتْ عليهم بحملها القمامه
    إستلافاَ من (رعى الرحمن أهلك ما أقاموا
    وما رحلوا وحياك القمامُ)
    والحمد لله أن جعل الله فينا القدره لنقدح زناد مشكاة بحثك الفتاشه للمعارف المبذولة والخبيئة العصية وعلى الوصول لها بجدٍ وجهدٍ وأجتهاد فيا عزيزنا خلف وأنت
    أعرف الناس بان للصلاة معناً فى الشرع والفقه ومعناً فى اللغة كما أسلفنا وأسترسلنا فى ما سبق وعلى ذات النهج تكون الموسوعيه
    ففى الفقه الفلسفى تعنى ما ذهبت إليه ولكنها فى عرف اللغه تعنى الإلمام
    كإلمام عبدالله وموسوعيته والطيب السراج وموسوعيته وعبدالله على إبراهيم وموسوعيته وكذا الطيب صالح ونسأل الله سعة فى العلم والمعرفه وأنا وأنت أعرف بفروق
    المعارف التنزيليه والمعارف العقليه وبصدق الأولى المطلق وصدق الثانيه المحدود بالظرف والزمان كما المنطق الأرسطى والمنطق الحديث فكلاهما علمى وكلاهما
    خدم عصره وزمانه كما ينبغى إلا أن الحديث ينسخ القديم وكذا فى نظرية الماده لا تفنى ولا تخلق من عدم ومضادها فى (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)
    وفى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) بمعنى آخر
    إن المادة تفنى وتخلق من عدم - نسأل الله أن يلهمنا يقين الإيمان والتسليم ويمكننا من وهج العقل وأنواره ويرتقى بنا برضائه لسبل الهداية والقبول والشكر الجزيل لك على
    ذلك الإتحاف وإشراكنا فى الكشوفات
    ولك السلام.

    منصور
                  

07-28-2015, 02:29 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    عزيزي منصور

    أنتَ تُدرِكُ أكثر منِّي أنه ما من كلمةٍ في المعجم، إلا ولها معانٍ متعدِّدة ومحتملة، فيأتي السياقُ فيُلزِمها بمعنًّى واحد؛ وكان السياقُ في قولِك لي: "إن من المدهش فى تناولِكَ للمواضيع ظهور خاصِّية سمة الموسوعية للعيان"، يُشيرُ بقوة، وبنبرةٍ لا لبسَ فيها، إلى معنى الإلمام الشامل الذي أشرتَ أنتَ إليه؛ وهذا بالتحديد ما أرَدْتُ أن أتحاشاه، أو أُخفيه، أو أصرفَ الانتباهَ عنه، كآليةٍ من آلياتِ التعامل مع التقريظ الموجَّه إلى شخصي؛ وكنت أرى بين أصدقائي مَنْ يتَّبع أساليبَ أخرى، لا ينكرُ أحدٌ نجاحَها في مهمَّة الدفاع عن النفس، إلا أنها لا تساعد على استئنافِ النقاش، ومنها الإشاحةُ بالوجه، والانزواءُ خجلاً، والفرارُ من ساحةِ الحوار؛ وقد عمدت ضمن الآلية التي تبنَّيتُها أن أُضعِفَ السياقَ الذي أتيتَ أنتَ به، عن طريقِ اختصارِه، وانتزاعِه عما جاء بعدَه، وهو: "ظهورُ لحاء الفلاسفه الذى تتغلَّف به أشجارُ معارفهم؛ فمن منهم ليس برياضيٍّ، عالمِ فلكٍ، طبيبٍ، فزيائيٍّ، أو عالمِ أحياء"، وذلك تمهيداً لاستبداله بسياقٍ آخرَ، لا يكتفي بآلية الدفاع عن النفس في وجهِ مخاطرِ التقريظ، وإنما يتجاوزها إلى خدمة القضية المركزية التي جاءت في صُلبِ رسالتي للصديقِ القاصِّ عادل القصَّاص، وهي "تجاوز" أنظمة الحقيقة، وليس استبعادها، تمهيداً إلى وصلِها بالحقِّ؛ وهي تلك الأنظمة التي ظلَّ يروِّج لها أنصارُ العلمانية الصرفة، ومن ضمنهم في السابقِ موسوعيو فرنسا، في تغافلٍ كاملٍ عن الحقِّ، الذي لا تنشأ حقيقةٌ من دونِه.
    فيا عزيزي منصور، نَصَرَكَ اللهُ، وأغدقَ عليكَ من واسعِ علمِه ونعمتِه؛ أرَدْتَ أنتَ سياقاً للموسوعية، وهو أوضحُ السياقات، إذ إنه يشير إلى الإلمام؛ فاختَرْتُ أنا آخرَ، لأمرٍ في نفسِ يعقوب. وبمناسبة الإلمام، سبق أن طلبت منك، احترازاً من سوءِ الفهم أو حصرِ الدلالة، أن تُدرجَ عبارة "على سبيل المثال" في ثنايا جملةٍ طويلة، لتُقرأ على النحو التالي: فمن الإلمام الكافي بالنظرية النسبية العامَّة، على سبيل المثال، يتمكَّن المرءُ من التكهُّن الدقيق، ليس بحركة الكواكب فقط، وإنما أيضاً بأثر الجاذبية، بما يفوق ما تكهَّنتْ به من قبلُ نظرية نيوتن.
    فأرجو أن تفعلَ حتى لا يظنُّ ظانٌّ بأن النظرية النسبية العامَّة وحدها، بما لها من عمومية، تنطوي على معرفةِ كلِّ شيء، وهي العبارة التي جاء ذكرُها في بداية الفقرة؛ أو يخلطها قارئٌ مستعجلٌ بـِ"نظرية كلِّ شيء"، وهي ليست فقط ذلك الفيلم الذي يحكي سيرة حياة عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ، وإنما هي أيضاً تلك النظرية التي ترى في دمجِ النسبية العامة مع ميكانيكا الكم انفتاحاً لأفقٍ جديد يمهِّدُ لمعرفة كلِّ شيء، ومن هنا جاء اسمُها ذو العبارة المركَّبة من ثلاثِ كلمات.

    محمد خلف
                  

07-28-2015, 02:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    عزيزنا خلف لم يبخل علينا الأخ الدكتور أبوبكر عندما سألته عن الهوليقا فجمعها الهواليق وقال هو الهمبول وهو عود طويل يكون كالصليب فى أعلاه ويلبس
    عراقى قديم يحسبه الطير بشرا ومن لا يخاف من بأس الإنسان من خلق الله ، ومن ثم أتم ذات الشرح لها كما أتيتَ أنت به من تعليق الخيوط وربط الكشاكيش
    وهزها من الحاحاية تلك الشكر لعزيزنا دكتور أبوبكر عالم الباثولجى وضامر تراث أهله أهل كريمه.

    منصور

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 07-28-2015, 02:33 AM)

                  

07-28-2015, 02:35 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    ستأتي مشاركتي هذه المرَّة، إنْ شاءَ اللهُ، من ثلاثةِ أجزاء، وهي عبارة عن تلخيصٍ وتعليقٍ على محاضرة "السَّرد والبرهان الرِّياضي" التي ألقاها عالمُ الرِّياضيات بجامعة أوكسفورد، ماركوس دو سوتوي، في افتتاح برنامج العلوم الإنسانية وعلم الطَّبيعة الذي دشَّنه مركز أوكسفورد للأبحاث في العلوم الإنسانية في يوم 20 يناير 2015:
    (1) تلخيص كلمة عالم الرِّياضيات ماركوس دو سوتوي
    (2) تلخيص مشاركتَي الشَّاعر والرِّوائي النِّيجيري بِنْ أوكري وعالم الفيرياء الرِّياضي الإنجليزي روجر بينروز
    (3) تعليقٌ من شأنِه، بإذنِ الله، إضاءة العلاقة بين الحقِّ والحقيقة

    السَّرد والبرهان الرِّياضي: وجهان لنفسِ المعادلة
    (1) تلخيص كلمة عالم الرِّياضيات ماركوس دو سوتوي
    عندما فرِغَ الصَّديق عادل القصَّاص من إعداد الجزء السَّادس والأخير من ردِّه على رسالتي إليه، أرسل إليَّ -قبل نشرِه- نسخةً تُعينني على الاستعداد للرَّدِّ عليه إنْ أرَدْت، وطلب منِّي بحيائه المعهود إنْ كنتُ أريد منه أن يجري أيَّ تعديلٍ على ما كتب؛ فقلت له إن ما كتبه مناسبٌ جداً، فمن حقِّه أن يدافعَ عن طرحه بالطَّريقة التي يراها مناسبة، فأنا من جانبي لا أرغبُ في جدلٍ بيني وبينه، وإنما أسعى إلى فتحِ فضاءٍ يُعينُ الآخرين على تطوير الحوار، خصوصاً وأن الرِّسالة، وإنْ اهتمت بأمرِ السَّرد على وجه التَّحديد، إلا أنها تلامسُ الحقلَ الثَّقافيَّ بمجمله.
    إلا أن عرضاً جاء بصحيفة "الجارديان" يوم الجمعة الماضية (23 يناير 2015) لكلمةٍ ألقاها ماركوس دو سوتوي، أستاذ الرِّياضيات بجامعة أوكسفورد، في افتتاحِ برنامج العلوم الإنسانية وعلم الطَّبيعة، التي جاءت تحت عنوان: "السَّرد والبرهان الرِّياضي: وجهان لنفسِ المعادلة"، قد نبَّهني إلى شيءٍ لا يقودُ إلى إحياءِ جدلٍ بيني وبين الصَّديق عادل، بالرغم من أنه سأل في ثنايا ردِّه عليَّ: "ما هو السَّردي في المعادلات الرِّياضية (لاحظ، أيها العزيز خلف، أنك لم تَتعَرَّض للرِّياضيات بالحديث)، المعادلات الفيزيائية والمعادلات الكيميائية؟"، وإنما يمسُّ شأناً يضيءُ العلاقة بين الحقِّ والحقيقة، وهو الأمرُ الجوهريُّ الذي استدعى، من جانبي، التَّطرُّقَ إلى موضوعِ السَّردِ في المقامِ الأول، مثلما تنبَّه إلى ذلك كثيرٌ من المشاركين في الحوار، من ضمنهم مسعود محمد علي، والصَّادق إسماعيل، والسِّر السَّيِّد، الذي سيُشعلُ الحوارَ مجدَّداً بمساهمته التي أسمعني طرفاً منها عبر الهاتف يوم الثلاثاء 27 يناير.
    يبدأ عالمُ الرِّياضيات، وأستاذُ كرسي سيميوني لنشرِ الفهم العام للعلوم الطَّبيعية منذ عام 2008، بالقول بأن علماء الرِّياضيات هم تماماً مثل رواةِ القصص؛ وشخصياتهم هي الأرقامُ والأشكالُ الهندسية؛ وسردياتهم هي البراهينُ التي يقيمونها بشأنِ تلك الشَّخصيات (أي الأرقام والأشكال). ويضيف قائلاً بأن العديد من النَّاس يعتقدون أن الرِّياضيات تنطوي في الأساس على توثيقِ البيانات الصَّحيحة المتعلِّقة بالأرقام والأشكال الهندسية، إلا أنها -بحسب الفيلسوف وعالم الرِّياضيات الفرنسي الشَّهير أونري بوانكاريه (1854-1912)- أمرٌ مختلف؛ فهي إبداعٌ، والإبداعُ "لا ينطوي على إنشاءِ مجموعاتٍ رياضية لا طائلَ من ورائها، وإنما ينطوي على حسنِ التمييزِ والاختيار"؛ فالرِّياضياتُ شأنُها في ذلك شأنُ الأدب، تقومُ على تبنِّي الخيارات"؛ ثم يمضي إلى حَدْسِه الأساسي الذي يضعه في شكلِ معادلةٍ رياضية، تزعمُ بأن البرهان الرِّياضي=السَّرد.
    وحسب دو سوتوي، فإن البرهان الرِّياضي مثل كتابِ رحلاتٍ يَبْلُغُ فيه عالمُ الرِّياضياتِ قمَّةً، يتعيَّن على علماءِ الرِّياضياتِ من بعده أن يحدِّدوا طُرُقاً تقودهم من مناطقَ يعرفون ملامحها وتضاريسها إلى أراضٍ أجنبيةٍ جديدة؛ وهم في ذلك مثل قصَّة مغامرات "فودرو" في رواية "سيِّد الخواتم" الشَّهيرة، فالبرهانُ الرِّياضي هو عبارة عن وصفٍ للرِّحلة من المقاطعة المعروفة إلى أرضِ "موردور" الخيالية التي يسيطر عليها "سورون" ملك الظُّلُمات. ففي داخل المقاطعة المعروفة، توجد المسلَّمات الرِّياضية، والحقائق البديهية حول الأرقام، إلى جانب المسائل والفرضيات التي تمَّ إثباتُها، إذ إن ما هو معروفٌ يصبح بمثابةٍ إعدادٍ لبدايةِ الرِّحلة؛ أما الرِّحلة من هذا المكان المعروف، فهي مقيَّدةٌ بقواعد الاستدلال الرِّياضي؛ في حين أنَّ البرهانَ، في المقابل، هو قصَّةُ الرِّحلة، ورسمُ إحداثياتها، وسجلُّها الرِّياضي؛ فالبرهانُ الرِّياضيُّ النَّاجح هو مثلُ معالمَ في الطَّريق، تسمح لعلماءِ الرِّياضياتِ اللَّاحقين بتتبُّعِ نفسِ مسارِ الرِّحلة؛ وسيعيشُ الذين يطَّلعون على البرهان ذاتَ التَّجربةِ المثيرة التي عاشها المؤلِّفُ عبر نفسِ المسار الذي قاده إلى الذَّروة. ويخلُص دو سوتوي إلى أن متعة قراءة الرِّياضيات وتأليفها تتجلَّى في لحظة "الآهة" المثيرة التي نعيشها، عندما تتجمَّع وتترابط كلُّ الخيوط لحلِّ اللُّغز الرِّياضي، تماماً مثل لحظة الانسجام التَّوافقي في عملٍ موسيقي، أو انكشافِ الحلِّ للُّغزِ جريمةِ قتلٍ في روايةٍ بوليسية.



    محمد خلف
                  

07-28-2015, 02:37 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    حول رسالة محمد خلف الله عبدالله الى عادل القصاص
    عادل القصاص وحصة التاريخ
    هذا هو عنوان الرسالة الطويلة بعض الشئ التى كتبها الاستاذ محمد خلف الله للقاص المعروف عادل القصاص ونشرت فى بعض المواقع الاسفيرية..على المستوى الشخصى ربطتنى علاقة صداقة عميقة وممتدة مع عادل القصاص وعلاقة تلمذة غير معلنة بالاستاذ محمد خلف الله فقد صحبت كليهما ردحا من الزمن وقاسمتهما الخبز ونصف السرير والكتب المستعارة لذلك فرضت على هذه الرسالة بحسبانى قارئا موقعا خاصا تمثل على الاقل فى اننى اقرأ فى بعض ما جاء فيها, حكاية عن اناس واحداث وامكنة ومشاعر عشت طرفا منها كما كشفت لى اى هذه الرسالة من جانب اخر وانا اقرأها للمرة السابعة, كم سيصبح اليومى والمألوف مبهرا عندما نعيد كتابته وكم سيصبح المهمل الذى لا نعبأ به رغم ضرورته محرضا لنا على البحث والرغبة فى اعادة اكتشافه لذلك وجدتنى وبالكثير من البهجة والكثير من القلق ودونما معاناة فى البحث افر الى مكتبتى واقرأ كتبا قبعت فى مكتبتى شهورا او سنوات,بعضها ربما لم اكن لاقرأه الان لاسباب تتعلق فى المقام الاول ربما بالميول وفى المقام الثانى بالاولويات او بما يمكن ان اسميه بأستراتيجية القراءة عندى فأنا وربما كثيرون غيرى لا احمل اهتماما يذكر بالقراءة التى تنشغل بما يقع فى دائرة ما يمكن تسميته "بالعلم" او فلسفة العلم حتى اننى لا اذكر اننى قرأت كتابا فى الفيزياء او الاحياء او الكيمياء وبمعنى اوضح كنت مشغولا بشكل عام بالقراءة حول كل ما يتصل بالتاريخ وبالانسان-حسب اعتقادى- كالفنون والاداب واللغويات والاجتماع والاديان والاقتصاد وغيرها..كنت مشغولا بكل ما يمكننى من معرفة العالم ومن ثم العمل على تغييره...بعد هذه الرسالة عدت الى مكتبتى وصرت كتلميذ يستعد لامتحان الشهادة السودانية..كنت كما يقولون "مكرها اخاك لا بطل" وانا وبشئ من العنت والرهبة والخوف اقرأ كتاب "بنية الثورات العلمية" لتوماس كون وكتاب "تاريخ العلم-1543-2001 " لجون غريبين وكتاب "الفكر العلمى الجديد" لغاستون باشلار...اشير هنا الى ان الرسالة الموجهة الى عادل وتحديدا فى الجزء الذى تقارب فيه فرضية "القصاص" الخاصة بأعتقاده ان ( مواد الرياضيات والكيمياء وقواعد اللغتين الانجليزية والعربية لا تنطوى على محتوى سردى او حسب ظنه تحديدا بأنها تفتقر الى بنية سرد خاصة بها)..اشير الى اننى احسست اى الرسالة انها تمسنى شخصيا ولكن فى غير ما ذهب اليه "القصاص" فيما يتصل بالسرد وبنية السرد وانما فى زعم اخر لا يصل الى الاعتقاد يخصنى مفاده اننى كنت استشعر قبل هذه الرسالة ان القراءة فى مجالات الفيزياء والرياضيات والاحياء والكيمياء تقع فى باب المستحبات بينما القراءة فى مجالات الفنون والادب والسياسة والاجتماع والخطاب بمفهومه الاشمل وتجلياته المختلفة تقع فى باب الوجوب اذا استعرنا مصطلحات الفقه الاسلامى لذلك لم اكن اجد حرجا ولا استشعر نقصا وانا لا اعرف غير الافكار العامة حول (الجاذبية ونيوتن وحول نظرية التطور ودارون وحول النسبية وانشتين وحول الانفجار العظيم) بينما كنت احس بالقصور بل وبالاحتياج الملح الى ضرورة بل ووجوب التعرف العميق على الماركسية وعلى البنيوية وعلى الحداثة وما بعدها وعلى كل ما يقع ضمن دائرة الفكر السياسى والاجتماعى بل كنت شغوفا بالتعرف على ميشيل فوكو وبارت وادوارد سعيد وهومى بابا والمرنيسى وعلى شريعتى وسمير امين وغيرهم...كنت شغوفا بكل هذا لاعتقاد عندى ان هذه المعارف هى ما تمنح المعرفة بالعالم ومن ثم المقدرة على محاولة تغييره الى ان قرأت هذه الرسالة ثم ما دفعتنى وحضتنى عليه من ضرورة قراءة الكتب التى ذكرتها وحيث هنا اقول: اذا كان الذى دفع القصاص فى ان تمضى علاقته بمواد الرياضيات والكيمياء وتتدهور من (اهتمام فاتر الى كراهية تامة) هو عدم انطوائها على محتوى سردى وافتقارها لبنية سردية وهو ما قد يرتبط فى بعض جوانبه بالمدرسة وموقع هذه المواد وطرائق تدريسها كما اشار القصاص ولو بشكل غير مباشر فأن الذى جعلنى لا اولى كبير اهتمام للقراءة فى الحقل الذى تقع فيه هذه المواد والذى هو "العلم وفلسفة العلم" قد يكون والله اعلم ما يمكن ان نطلق عليه الحركة الثقافية السودانية التى تخلقت فيها وتعلمت منها وفيها والتى هى بتقاليدها وتاريخها وخبرتها يمكن وصفها بالمؤسسة او المدرسة والتى حسب ظنى تشكل وان كانت غير مرئية تماثلا مع "مدرسة القصاص" وتفعل ما تفعله "مدرسته" ولكن عبر اليات تحكمها, بعضها خفى وبعضها معلن فاذا كانت "مدرسة القصاص" استطاعت ان تزرع فيه شعورا يرى بموجبه ان مواد الرياضيات والكيمياء لا تنطوى على محتوى سردى مما ادى فى الاخير ان يهملها بل ويكرهها فان الحركة الثقافية السودانية "المدرسة غير المرئية"-حسب زعمى- قد زرعت فى شعورا وربما فى غيرى وفى القصاص نفسه بعدم ضرورة الاهتمام بالقراءة فى المجالات العلمية ويمكننى هنا وحتى لا اكون شاطحا ان احدد التاريخ الذى اعنى به الحركة الثقافية وليكن منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضى وحتى الان, مرورا بهجرة القصاص ومحمد خلف وهو تاريخ كما يرى القارئ يحتل حيزا مقدرا فى الرسالة نفسها, فقد لاحظت وطيلة هذه الفترة ان الحركة الثقافية لم تقارب موضوعا ذو طابع "علمى" كالاحياء والفيزياء والرياضيات لا فى ما تطرح من موضوعات فى المنتديات والمحاضرات ولا فيما تكتب ولا فيما تنتخب وتروج وتتبادل من كتب فكان من نتيجة هذا ان استقر فى لا شعور بعضنا ان لم يكن معظمنا ان المعرفة ذات "الطبيعة العلمية" مكانها المعامل والغرف المغلقة لذلك لم نجد حافزا وضرورة فى امتلاك معرفة معقولة بعلم الجنيات او المادة والاشعاع او الفلسفة الهندسية بل ان ما استقر فى لا شعورنا ايضا وخاصة ان معظمنا كان يرى فى الثقافة مشروعا تنويريا لاينفصل عن السياسة وان كان يتمتع باستقلال نسبى خلاق عنها..استقر فى لا شعورنا ان هذه المعارف لا علاقة بالسياسة والتغيير وبشكل ادق كانت تبدو لنا محايدة ,ثم قرأت رسالة محمد خلف والتى بقدر ما قاربت فرضية القصاص قاربت مزاعمى وربما مزاعم اخرين ايضا لانها حاولت ان تجعل من العلم حكاية مشوقة...غمرنى شعور غريب فيه من الرعشة ما فيه وفيه من التفكر ما فيه وانا اقرأ هذه الرسالة البديعة فعلى ما فيها من رؤى وافكار معقدة الى انها كانت تعبر الى ضفتى على قارب من المحبة ,دفته السكينة وشراعه الرحمة..بين فكرة وفكرة كنت احس المتعة والمس التأمل...الرسالة التى سأتمل تفاصيلها لاحقا والتى يبدو ان محمد خلف استعاد فيها "شكل المسبحة" الذى عبر من خلاله عن نصه الاول باللغة الانجليزية والذى يمكن ترجمته بما يلى:"تحليق انسيابى فوق حرم الجامعة"...استطاعت ان تقول او فى الحقيقة ان تحكى عن اتساق وتساوق انماط المعرفة الانسانية وان تحكى عن اتساق وتساوق عالم الاشياء والاحياء ...استطاعت ان تقول ان الارض كوكب موجود مع كواكب اخرى وان اللغة علم موجود مع علوم اخرى وان المشترك بين كل هذا هو "السرد" مع فارق طفيف فى الحكى, بين من يكتفى بالشجرة المتاحة وبين من يستظل بالغابة المترامية فيما وراء الافق.
    ونواصل
    السرالسيد
                  

07-28-2015, 02:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    السر السيد ينفعل ثانية بفتوحات خلف العميقة فى ناسوت ولاهوت السرد

    رسالة محمد خلف الله للقصاص
    غير المرئي فى سيرة الحراك الثقافى
    قلت فى مداخلتى الاولى ان الرسالة قد كشفت من بعض ما كشفت عنه كم سيصبح اليومى والمألوف مبهرا عندما نعيد كتابته وكم سيصبح المهمل الذى لا نعبأ به رغم ضرورته محرضا لنا على الرغبة فى البحث عنه واعادة اكتشافه..تجدنى ومستصحبا معى تعريف احسان عباس للسيرة الذاتية فى كتابه فن السيرة..تجدنى اميل الى القول ولو بشكل عام الى ان الرسالة تعبر وبقدر كبير عما يقع ضمن السيرة الذاتية للكاتب فالدكتور يرى ان السيرة الذاتية تنهض بالاساس على صيغة المتكلم جاء هذا بصيغة المفرد ام بصيغة الجمع وهو ما نجده قد شكل حضورا واضحا فى ما حكاه صاحب الرسالة فالرسالة تحتشد بهذه الصيغة من نوع على سبيل المثال لا الحصر (اما انا فيعنينى او وقد نبهنى من قبل او لم يمهلنا سامى يوسف او تقدمت لصلاح باول نص لى او نشرت لى نصوص او حيث تقاسمنا غرفة واحدة مع اربعة اخرين الخ الخ ) وانها اى السيرة الذاتية والكلام لاحسان عباس تحقق من ضمن ما تحقق نقل تجربة كاتبها للاخرين ودعوتهم للمشاركة فيها وهو ما يحدث الان فعلى الرغم من انها بالاساس موجهة لشخص بعينه هو القصاص الا ان صاحبها وافق على نشرها والا لما نشرت على ان الدليل الاقوى لزعمنا هذا هو ما تحويه الرسالة من حكايات تنضح بها ذاكرة الكاتب عن اناس عايشهم وعرفهم وعن أمكنة لا زال عبيرها يسكنه وعن احداث شارك فى صنعها كما شاركت هى فى تكوينه وعن قراءات فى حقول مختلفة احتفى بها وقاربها... كل هذا عبر حكى او فلنقل تسجيل لسيرة لا تغيب فى كتابتها الكثير من تقنيات السرد وجماليات الاسلوب و تغطى زمنا على ما به من قفزات يبدا من الطفولة الى الان, العنصر المهيمن فيه الشعر والقص الى ان ناداه القران كما اشار "فهفا مسرعا اليه ومازال فى ارجائه يدور".اذا صح زعمى بان الرسالة تقع ضمن دائرة السيرة الذاتية فأنى سأركز على ما جاء فيها من سرد لوقائع الحراك الثقافى فى السودان فى الفترة الممتدة من مطلع الثمانينيات وحتى هجرة خلف والقصاص بأعتبارى حاضرا لتلك الفترة ولو من موقع المستهلك والمتابع- وتحضرنى هنا ملاحظة لا زالت مقيمة فى ذاكرتى كان قد ابداها خلف ان لم يكن نسيها الان مفادها "ان غالبية اعضاء تجاوز يغلب عليهم الاستهلاك وليس الانتاج"؟!!- وسأركز بشكل خاص على اشارات ثلاث اوردهن خلف وهو يحكى سيرة الحراك الثقافى,الاولى هى قوله: ( ولكن شباب الكتاب,فى منتدياتهم التى غصت بها دارهم فى المقرن,كانو ينشدون فكاكا من اسار التقليد,فينتهجون بنيوية لهم ثم تفكيكا,فينتقلون فى سلاسة ويسر من فيكو الى فوكو,فيتعلمون من الفيلسوف الفرنسى ميشيل فوكو حرفة التنقيب وكيفية اجراء حفريات عميقة فى حقل المعرفة ) والثانية اشارته وحفره بمحبة فيما يمكن تسميته بالبيوت الاليفة كغرفة القصاص وديوان بشار الكتبى والثالثة لهجه لدرجة الوجد وما يفوق التمجيد بمن اطلق عليهن الامهات الاربع وعلى ما بين الاشارات الثلاث من وشائج فأن الثانية والثالثة تفردت بهما رسالة خلف وذلك بالنظر الى ما كتبه اسامة الخواض عن نفس الفترة فى مقالته المعنونة ب "مشهد النسيان..البنيوية وما بعدها فى السودان نموذجا..شهادة خاصة, والمنشورة فى كتابه-خطاب المشاء..نصوص النسيان والتى حاول فيها مناقشة بعض اراء وملاحظات بولا التى وردت فى مقدمته لنصوص صلاح الزين القصصية وكذلك مقدمة كتابات سودانية كما قدم اى اسامة ما يمكن اعتباره سيرة للمشهد الثقافى العام ولوضعية الكاتب والثقافة, متفقا مع بولا ومختلفا معه ومضيفا اليه وهو يكشف عما اسماه الاضاءات والعتمات والمميزات التى لازمت تلك الفترة من الحراك الثقافى...تفردت رسالة خلف فى انها اعلنت عن المخفى وعن غير المرئى كجزء لا يتجزأمن سيرة الحراك الثقافى وذلك بذكرها للامهات الاربعة اللائى سأضيف اليهن امهات اخريات كالمرحومة الحاجة "مبروكة" والدة بشار الكتبى وصديقات واخوات كعائشة المبارك وسلمى مامون وحواء زوجة محمد عبد الحميد وربما غيرهن وبذكرها كذلك للبيوت الاليفة اصالة او استدراكا كبيت القصاص وبيت بشار وبيت مريم محمد الطيب وبيت على بابكر وحمدالنيل وبيت محمد بيرق وبيت ابوبكر الامين والحاج وراق وخلف الله حسن فضل وبيت محمد عبد الحميد فى الفتيحاب وبيت ابراهيم بحيرى وبيت كارلوس وابراهيم جعفر فى الخرطوم وبيت منعم رحمة فى الصافية وبيت عبداللطيف على الفكى فى توتى وربما بيوت اخرى...هذه البيوت الاليفة وهؤلاء الامهات والصديقات وبالنظر اليهما فى سياق حديث بولا عن عصامية طلابه واصدقائه فى حقبة سابقة لنا وتعرضهم للقهر ومعاناتهم الفقر والمسغبة وبرغم ذلك استطاعوا ان "ينسجوا من واقع مقاومتهما فى الحقيقة-لغة ومفاهيم مذهلة الدقة" ثم شهادة الخواض بان هذه العصامية وهذه الحالة تنطبق على ابناء حقبته,العاطلين عن العمل والمشردين كما قال و الذين شعارهم "بيتى خرتايتى"-بالطبع ان لم يكن كلهم فبعضهم- صناع الحراك الثقافى الذى يشكل حضورا فى الرسالة و الذى نحاول ان نعيد قراءة سيرته, بالنظر اليهما داخل هذا السياق تصبحان اى الامهات والصديقات والبيوت الاليفة هى من وفرت الطعام والمأوى بل والحماية...هى من شكلت العمق الاستراتيجى لذلك الحراك وبمعنى ادق هى من مولت ودعمت هذا الحراك وحيث هنا اقول ان قيمة رسالة خلف وبلا شك تأخذ وجاهتها من درايته الكبيرة بالكتابة وحيلها ومن ثقافته المعمقة فى اكثر الحقول المعرفية معاصرة واحتياجا ثم سعة فى القلب والافق تعصمه من ان يكتفى بالشجرة المتاحة فقط ويترك الاستظلال بالغابة المترامية فيما وراء الافق لذلك شق مسارب عدة للنفاذ الى رسالته واضاء الكثير من العتمات عبارة واشارة ولعمرك اذا كان النسويات يدعون الى وجوب ادخال العمل المنزلى ضمن الناتج القومى فكيف ننسى ونحن نكتب تاريخ حراك ثقافى وفى بلد كالسودان دور الامهات والصديقات فى الاطعام والمأوى والمحنة..كيف؟ ودور الاصدقاء فى المأوى وفى الانفاق وان كان ثمة اشارة اخيرة فهى ان هذه الرسالة ذكرتنى "بموت دنيا" للمحجوب وعبد الحليم محمد فى تداخل سيرته وعبد الحليم محمد مع سيرة الحركة الثقافية والسياسية انذاك وفى احتفائه بالعاديين من الناس وتثمينه لادوارهم/ادوارهن, فقط الاختلاف ربما يكمن فى ان المحجوب ودع دنيا الادب والثقافة والجمال والمسرات عندما ناداه الوطن باسئلته المحرقة تحديدا بعد تأسيس مؤتمر الخريجين بينما محمد خلف عندما ناداه القران مع عدم معرفتى بتاريخ هذا النداء لم يودع الثقافة والادب والجمال وانما استعادهما بقوة ومحبة.
    شكرا خلف
    شكرا القصاص
    شكرا عثمان حامد
    شكرا منصور
    السرالسيد
                  

07-28-2015, 02:44 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    آسف. ثمة خطأ في التحميل. سأعاود الكرة لاحقا بعد معالجة المعضلة.



    عادل القصاص
                  

07-28-2015, 02:47 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)



    عزيزنا السر السيّد السلام والشوق والأمانى يا من أبقيتم على بيض سِنيّكُم
    بالسودان فقد دفناها فى الملاذات لا يفقه رطيننا أهل العجمة فيها ولا ينفعلون به كما تفعلون وينفعل بكم كل من حولكم بحجم الوطن طولاً وعرضاً. فيا عزيزى قد رفعت عنى الكلفة بقولك إنك قرأت خراج خلف ستة مراتٍ عدو أرنبٍ أو صبره، فقد فعلت ذات الصنيع وأتطلع لقرآتٍ أخر على أحصى ما بجوفها من لؤلؤٍ ومرجان. وتجدنى كذلك أشاطرك الفهم والراى فإن كان الإهتمام بالعلوم التطبيقية فى مقام السنن فإن اللسانيات والإنسانيات من الفروض وكما ختمت بتحول خلف إلى القرآن فانا أرى أن المعرفة لا يمكن أن تكتمل إلا به أى القرآن فهى دوما ناقصه مهما حسبناها غير ذلك وأنه أى القرآن هو سقف المعارف كلها بل أعلى سقف على الإطلاق فمعرفة خلف المتناغمه بين التأطير والتنظير والربط الواضح بين المعارف التقريريه الوصفيه والمعياريه التقديريه أى ربط العلوم والفلسفة والإنسانيات رباطاً أبان لنا جميعا أهمية ما يجهله الكل عن سحر العلاقة الجدليه بين التطبيقى والنظرى فى السرد أو الجرد كما أشعل خلف بمعرفته وحرفته فى إبانة ذلك وكشف ما هو مخفىٌ عنا بكسلٍ أو بغيره فالحقائق دوماَ موجودةَ لا نراها حتى يتم إماطة اللثام عنها بتنوير جبار كما فعل خلف بكشف ساق العلوم الذى لا تمشى المعرفة إلا به وفعل ذلك برابط معرفة متين، أيضا تجدنى جد أسير لقولك عن سحر السير الذاتيه عن إحسان عباس كمشكاة تتبُعٍٍ لسيرة خلف فى سرده الفخيم فى رسالته لعادل القصاص بسرد الأزمنه والأمكنه والناس وتقاسم الحرف والحرف والملابسات والأحوال ووحد الكون وكواكبه والعلوم وعوالم السرد وعوالم فتوحاتها والتى تبدو للبعض كشجرة يستظلون بها ولحديدى البصيرة بغابة يتجولون ويتفيئون فى رحابتها ويتمتعون بتنوع ما تجود به وما تحويه وما تحتويه معبرين عنه بلغة دوماَ فى الصدور والآفاق فنحمد الله يا أيها السر المالك لسرك بكيد العارف لنفسه أن جمعنا خلف فى غابة معرفة لج خششها يرعب ويرهب ولك ولخلف والقصاص وعثمان السلام.


    منصور
                  

07-28-2015, 02:49 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عادل القصاص والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    2-تلخيص مشاركتَي:
    الشَّاعر والرِّوائي النِّيجيري بِنْ أوكري وعالم الفيزياء الرِّياضي الإنجليزي روجر بنروز

    أ-مشاركة بن أوكري
    بدأ الشَّاعر والرِّوائي النِّيجيري بِنْ أوكري مشاركته بالقول إن من الممكن التَّفاعل مع كلمة ماركوس دو سوتوي بعِدَّة مساهمات، إلا أنه أعدَّ عوضاً عن ذلك مساهمتين على طرفي نقيض، وطلب من الحضور، فيما يُشبِهُ اليانصيب، أن يختاروا أحدهما، فكان من نصيبِهم هذا الذي أشرعُ الآن في تلخيصه.
    وبعد هذا الافتتاح البارع، الذي قُصِد منه التَّهيئة النَّفسية لما سيُلقى من ثقلٍ فكريٍّ على الحضورِ الموزَّعِ بدورِه على قاعتين موصَّلتين بالأقمار الصَّناعية، قال بن أوكري، قبل شروعه في تقديم مساهمته المكتوبة: إننا نلمسُ بشكلٍ حَدْسِيٍّ تقارباً بين السَّرد والرِّياضيات، فقد كنتُ منذ عام 1995 أستمع إلى عالم الرِّياضيات البريطاني مايكل عطيَّة (الذي نشأ وترعرع في السُّودان ومصر، ثم قضى معظم حياته الأكاديمية في جامعتي أوكسفورد وكمبردج)، وأحرصُ على أن أكونَ قريباً منه في المائدة العليا المخصَّصة للأساتذة ، فيُطرِبُنا بأحاديثه الشَّيِّقة عن الرِّياضياتِ وقدرتِها الفائقة على الإدهاش، إلا أن هذه هي المرَّة الأولى التي يقوم فيها عالمٌ رياضي، هو ماركوس دو سوتوي، بالجمع بين السَّرد والرِّياضيات (وكأنَّ الناسَ قد صَحوا فجأةً على أهمية هذه العلاقة التي لا يمكن الزَّعم بأنها بديهية).
    "السَّردُ محبوكٌ في نسيجِ الوعي، مثلما أن الرِّياضياتِ محبوكةٌ في نسيجِ العالم. فإذا كان من الممكن أن نتخيَّلَ الوعي في صميمِ كلِّ شيء: في الحجرِ، في الهواءِ، في الأشجارِ، في الجبالِ، في النُّجومِ، وفي الذَّرات؛ وفي جميعِ الأمورِ التي تشكِّل الواقع، فإن ذلك الوعي من شأنِه أن يدركَ العالمَ في صِغَّرِ حجمِه، كما يدركُه في كِبَرِه، بوصفِه سرداً عظيماً له سِمةُ الدوام".
    بهذا المدخل المكثَّف يبدأ بن أوكري كلمته الأساسية، ثم يطرح سؤالين متتاليين: هل هناك أساسٌ رياضي للسَّرد؟ هل هناك علمُ رياضياتٍ للسَّرد؟ فيُجيبُ بأنه وفقاً لورقة ماركوس، فإنه من الممكن أن نجدَ رابطاً بين البرهان الرِّياضي والسَّرد. ففي الأدب، السَّردُ نوعٌ من البرهان؛ وبالطَّبع، الأدب هو أكثرُ من ذلك، ولكنه دائماً نوعٌ من البرهان؛ إنه التَّعبيرُ الرِّياضي عن حَدْسٍ لتوتر، عن حاجةٍ لارتخاءٍ نفسي، عن حاجةٍ لإظهارِ شيءٍ حتى يمكن إدراكه. ومضى للقول إن هناك منحًى واحداً يتقاسم فيه السَّردُ تشابهاً عميقاً مع الرِّياضيات، وهو منطقُ السَّرد الذي لا مناصَ من حدوثِه؛ فالمعادلة الرِّياضية يجب أن تأتي بنتائجَ صحيحة، وكذلك في السَّرد: أين تبدأ القصَّة، وكيف تتطوَّر، وأين تنتهي، يجب أن تقودَ إلى نتائجَ صحيحة، وأن تبدو متَّسقة، فيما هي تحسبُ خطواتِها بدِقَّة.
    وقال بن أوكري إن السَّردَ يتوافقُ مع الرِّياضيات الجمالية؛ وبالتَّالي، فإن أفضل رواةِ القصصِ يكونون دائماً مفكرين عميقين وصارمين؛ فاجتراحُ الرِّياضياتِ الدَّاخلية للرِّواية أو القصة هي من أصعب الأشياء التي يتحتَّم عليهم عملها؛ وبناءً على صواب هذه الرِّياضيات -وهي تَكَشُّفُ الشَّخصية أو الشَّخصيات داخل إطار الحبكة- يتحدَّد خلودُ النَّصِّ أو نسيانِه.
    كما نبَّه بن أوكري إلى أهمية الإيقاع، والإيقاعاتِ الصُّغرى، وتموُّج النَّصِّ؛ كما أنه نبَّه، في المقابل، إلى الاختلافات الأساسية بين البرهان الرِّياضي والسَّرد؛ ومن بينها، عمومية اللُّغة وشموليتها وشفافيتها، إضافةً إلى الطَّبيعة المزدوجة للسَّرد -فهو زمنيٌّ، ولازمنيٌّ في آن- هذا علاوةً على تميُّزه بخاصية المحاكاة. إلا أن الفرقَ الأكبر يتجلَّى، حسب بن أوكري، في أن السَّرد يُصْدَرُ، في اعتباراته العليا، عن لغزِ الإنسان، عن كونِه عائشاً على قيد الحياة، عن الوعي نفسِه، في كلِّ حالاته، الواقعية منها وغير الواقعية. السَّردُ هو أعلى أداةٍ ابتدعها العقلُ البشري للكشفِ عن غموضِ الحياةِ والوضعِ الإنساني؛ وهو بهذا المعنى تقنيةٌ ابتدعناها لتُخرِجَنا من الظُلمةِ إلى النُّور. فأنا، والكلام للرِّوائي النِّيجيري، أعتقد أن أقدم تقنيةٍ ليست هي العجلة، أو اكتشاف النَّار، ولا حتى اكتشاف اللُّغةِ نفسِها، إنها القصُّ. فنحن نحكي قصصاً حتى في غياب اللُّغة، إذ إننا نحكيها بملامحِ وجوهنا، وإيماءاتِنا، وبريقِ أعينِنا. أنا أعتقد أن دافعَ السَّردِ قد قادنا إلى اللُّغة، وليس العكس. صحيح أن اللُّغة تضاعفُ قوةَ السَّرد وتُطيلُ مداه، إلا أنه مضمَّنٌ من قبلُ في الإنباتِ والإنجابِ وتوقُّفِ سيرِ الحياة؛ فالسَّردُ يبدأُ قبل الميلادِ، ويستمرُّ بعد الموت.
    وأخيراً، فإن الانفجارَ العظيمَ كان حدثاً رياضياً يستعصي حجمه على الإحصاء، ولكنه كان أيضاً حدثاً سردياً ذا طبيعةٍ منفردة؛ فيمكن أيضاً أن يُسمَّى بالبداية العظيمة؛ ففي تلك اللَّحظة من التَّفرُّد المذهل، وُلدت رياضياتُ كلِّ شيءٍ، وسردياتُ كلِّ شيء - طفلانِ من نفسِ لحظةِ الأُمِّ-الأَبِ، التي أحضرتنا جميعاً هنا اليوم.

    ب-مشاركة روجر بنروز
    أما عالمُ الفيزياء الرِّياضي الإنجليزي السِّيْر روجر بنروز، الحائز على جائزة وولف للفيزياء عام 1988 بالمشاركة مع ستيفن هوكنغ (والذي ظهر مؤخَّراً كشخصيةٍ في فيلمٍ عن سيرة حياته هو "نظرية كلِّ شيء") لمساهمتهما في فهم الكون بتطويرِ نظرية ’الانفجار العظيم‘، فقد أظهر نوعاً من القلق والتَّوتر بمشاركته في هذه المناسبة، إذ إنه يرى، خلافاً لبقية المشاركين، أن البرهان الرِّياضي شيءٌ مختلفٌ تماماً عن السَّرد؛ إلا أنه أقرَّ، مع ذلك، بوجودِ صلةٍ وتماثلٍ لا تخطئهما العين، مثل الاتِّساق والرَّوعة والجمال؛ فالرياضياتُ، في نظره، مدفوعةٌ بشكلٍ أساسي بتأثيرِ الجمالِ الداخلي.
    واسترسل بنروز بأنه ما كان يمكن أن يصِلَ إلى هذا الإقرار، لولا أنه استمع إلى حديثِ الفيزيائيِّ الأمريكي ألان لايتمان، مؤلف كتاب "حلم آينشتاين"؛ فقد كان يظن، مثل الأغلبية العظمى من الفيزيائيين، أن بإمكانِ القصَّاصين والرِّوائيين فعلَ ما يحلو لهم، دون قيدٍ أو إلزامٍ خارجي؛ فنبَّههم رجلٌ منهم، له باعٌ في السَّرد، أن الأمرَ ليس كذلك، إذ يتعيَّن على القاصِّ أو الرِّوائيِّ التَّقيُّد بالاتِّساق، وبمنطقِ السَّرد، وتحرِّي الدِّقة في تسلسلِ الأحداث؛ وإذا أراد أن يغيِّرَ شيئاً، فعليه أن يرجع إلى النَّصِّ لإجراءِ كلِّ التَّعديلات التي يتطلَّبها ذلك التَّغيير (هذا، بالطَّبع، غير الإيقاع الذي ذكره بن أوكري في مشاركته السابقة)؛ كما كشف لهم لايتمان بأن العمل السَّردي يجب أن يكون متَّسقاً، وقابلاً للتَّصديق، ومقيَّداً باعتباراتِ المنطق، شأنه في ذلك شأن الرِّياضيات.
    إلا أن عالم الفيزياء الرِّياضيِّ المحنَّك يعود مرَّة أخرى، مُستخدماً سبورة "معهد الرِّياضيات" بأكسفورد، الذي أقيمت فيه هذه الفعالية، ومُمهِّداً بعلاقةٍ رياضيةٍ بين شكلين هندسيين متشابهين، ليدلِّلَ في خطواتٍ لا تتجاوز أصابعَ اليدِ الواحدة على صِحَّة نظرية فيثاغورس، ليصلَ بعدها إلى نتيجةٍ مفادها أن البرهان الرِّياضيَّ مختلفٌ تماماً عن السَّرد، إذ يقودُ في خطواتٍ محسوبة بشكلٍ منطقي إلى نتيجةٍ لا يمكن إلا قبولها، بخلافِ السَّردِ الذي يتركُ متَّسعاً للاختلاف، وتعدُّد وجهاتِ النَّظر. ثم لا ينسى صاحبُ "الطَّريقِ إلى الواقع"، أن يعيدَ على مسمعِ الحاضرين، الذين تابعوا الفعالية في القاعتين، والمتابعين لها عبر البثِّ الشَّبكيِّ الحي، إقرارَه بوجودِ صلاتٍ وتماثلاتٍ بين السَّردِ والبرهانِ الرِّياضي، إلا أن الأخيرَ، في نظرِه، ذو طبيعةٍ مختلفة، إذ يتعيَّن عليه أن يكون صحيحاً أو لا يكون.

    محمد خلف
                  

07-28-2015, 02:53 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله =============== عادل ال والحصه تاريخ//محمد خلف الله عب (Re: munswor almophtah)


    نوافذ مفتوحة
    =========
    يحيي فضل الله
    ===============
    عادل القصَّاص والحِصَّة قِصَّة ( 4)
    ========================



    عادل القَصَّاص، أنتَ مُقِلٌّ في كتاباتك القَصَصِية، لماذا؟

    (غالباً ما كانت فترات إنتاجي القَصَصِي متباعدة؛ وحين تَتَأمَّلُ الفرق الزمني بين قِصَّةٍ وأخرى فستجده يتراوح بين عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، فيما عدا قِصَّتين لي صُدِرَتَا خلال عامٍ واحدٍ، وهو أَمْرٌ لم أُخَطِّط له؛ هذا عندما كنت داخل الوطن. بيد أن الأمر اختلف في الشتات، حيث لم أكتب، طوال سنواتٍ تسعٍ، سوى نَصٍّ قَصَصيٍّ واحدٍ؛ وأعتقد أن هذا يرجع إلى أسبابٍ تتباين مصادرها وتختلف درجات تأثيرها؛ فبالإضافة إلى رهبتي الغريزية من البياض، بياض الورقة، الذي يُحَذِّرُني من مَغَبَّةِ إنجاز نَصٍّ بلا شخصيةٍ مُتَمَيِّزَة، لم أتَوَفَّر، طوال فترة شتاتي، على حالاتٍ من شِبْهِ الاستقرار، الذي هو نِسْبيٌّ طبعاً، الداخلي والخارجي. كما كان – وما يزال – الواقع الثقافي الإرتري، في قُطْرٍ يكابد آلام ورإتباك البدايات، يعاني من دوار التَشَكُّلِ؛ أضف إلى ذلك الغياب التام تقريباً للاصدارات الثقافية العربية عنه. أما الحضور السوداني في إرتريا، فقد كان، وما يزال، حضوراً اجتماعياً، تجارياً، وظيفياً، سياسياً في معظمه، ولم يكن حضوراً ثقافي إلَّا فيما ندر وبشكلٍ فرديٍّ تقريباً وعابر؛ ثم جاء العمل السياسي السوداني (المُعَارِض) – الخالي، بداهةً، من أية أجندة ثقافية – ببراثنه اليومية المعروفة. أشرتُ إلى بعض العوامل التي من شأن تَوَافُرها، النسبي، أن يساهم في خلق سياقٍ ثقافيٍّ ينعش الروح والمُخَيِّلَة. ومع ذلك، فانني لا أتَنَصَّلُ من المسؤولية الذاتية، إذْ لا أكِلُّ من تأنيب نفسي، بأنني رُبُّمَا لم أُحْسِن التَأَقْلُمَ على واقع الشتات، حتى أن عقيرتي الجُوَّانِيَّة كثيراً ما تجأر بعبارات مثل: "اللعنة، هل أنا إلَّا لستُ كائناً داخلياً!").

    للمكانِ جداله مع الذاكرة؛
    للمكانِ حرفة أن يموضع التفاصيل؛
    للمكانِ وشائج وعلائق تُكَثِّفُ الأزمنة.
    المكانُ هو فضاء التَحَوُّلاتِ عبر الاختلاف والتَنَوُّع،
    عبر نفيه نحو اللامكان،
    عبر الحضور والغياب،
    عبر تَوَحُّد الزمن وتَخَثُّرِه.
    ...لكل ذلك، أسأل عادل القَصَّاص: جامعة الخرطوم، ذلك المكان الذي كنت تعمل في مكتبته، لا شك لك معه نَوعٌ من تَوَتُّرٍ وانسجامٍ في علاقتك الحميمة معه.

    (كانت فترة عملي بالمكتبة الرئيسية لجامعة الخرطوم فترة غزارة اجتماعية، وجدانية، ثقافية، معرفية وإبداعية أكثر منها فترة أداء وظيفي؛ بل أحياناً كنت أنسى، وربما أتناسى، أن لدي التزاماً وظيفياً يجب الخضوع له، مما جعلني كثير التعرض للاستجوابات والتحقيقات والمحاسبات الادارية؛ فقد كانت، وما تزال، جينات التَمَرُّدِ مُتَمَكِّنَةً مني. كنتُ مُحَرِّضَاً دائباً على العشق، وما أزال. كنتُ أَتَأَسَّى وأنا أرى لوعة الحرمان تَتَلَوَّى في عَيْنَيْ هذه الطالبة أو تلك، لَهْوَجَةَ الايقاع تَرْشَحُ من هذا الطالب أو ذاك. ما من بُدٍّ من العِشْقِ لمن يريد وجداناً مُعَافَىً ومساماً تَبِثُّ النسيم. كم تمنيتُ أن أرى سِرْبَاً من العُشَّاقِ يَلِجُ قاعة المحاضرات مُتَخَاصِرَاً! وتَأمَّل، مثلاً، هذا المشروع الظلامي، هذا المشروع المُصَاب بخَرَابٍ مَكِينٍ في الوجدان، شَلَلٍ في الخيال، عَطَبٍ في العقل ودمامةٍ في اللسان، لماذا يرتبك هذا المشروع لدى مرور فتاةٍ ترتدي تيشيرتاً وبنطال جينز؟ أوليس من المؤكد أن يُغْمَى عليه فيما لو عَبَرَتْ بتلك الهيئة مُخَاصِرَةً حبيبها؟ الجمالُ، العِشْقُ، الخيالُ الوسيمُ ، هذا هو مَاءُ التغيير. فَكَّرْتُ، في ذلك الوقت، وما أزال، في كتابة مشروع إقترحتُ له عنواناً "على هَامِشِ مُظَاهَرَةِ العُشَّاقِ: بَيَانُ العِشْق". في تلك الفترة كتبتُ "المِرآةُ تُعَادي الارتباكَ والَّلَوْعَةَ المُكَابِرَة "، نشيد التَمَاسُك"، "ذات صفاء" ونصوص أخرى خارج حقل التصنيف القَصَصِي. ذلك-هذا الانخراط العاطفي كانت تَتَوازَى، تَتقَاطَعُ، تَتآصَرُ معه قراءات، معارف ومثاقفات ما كنت لأتَوَفَّر على جُلِّهَا لولا جامعة الخرطوم ومكتبتها وأنشطتها ورموزها، حتى أن بعضاً من علاقتي الاجتماعية التي إنْبَنَتْ لي فيها وخلالها ما تزال تَضُخُّ في أوردتي دمها الإستراتيجي).

    وهكذا، بدلاً من أن يهتف عادل القَصَّاص هتافه الجمالي "على هَامِشِ مُظَاهَرَةِ العُشَّاقِ"، بدلا من أن يصوغ "بَيَان العِشْق"، تقاذفته المنافي الى درجة اللجوء إلى هذا الاعتراف الصافي "رُبُّمَا لم أُحْسِن التَأَقْلُمَ على واقع الشتات، حتى أن عقيرتي الجُوَّانِيَّة كثيراً ما تجأر بعبارات مثل: "اللعنة، هل أنا إلَّا لستُ كائناً داخلياً!"
    على كُلٍّ، ها هو عاطف خيري ياعادل القَصَّاص يصفع شعرياً هذا "الخراب المكين":
    بَلادٌ كُلَّمَا ابْتَسَمَتْ
    حَطَّ على شفتيها الذُّبَابُ

    في مساءٍ غريبٍ، لم يعد عادل القَصَّاص إلى منزله بالثورة الحارة السابعة؛ لم يَرُشَّ البَاحَةَ أمام الديوان، ولم يُمَتِّعَ نفسه برائحة شجرة الحِنَّاءِ التي يوحي فوحها دائماً بقدوم الأصدقاء؛ لم تراوده أُمَّهُ كي يأكل من سلطة الأسود المطبوخة بالزبادي والشَّطَّةِ الخضراء؛ لم تسأله أخته (مفيدة) عن عشاء الليلة مع أصدقائه القادمين؛ لم يخرج حاملاً البِسْتِلَّة لاحضار الفول، ولم يستدن من الدكان القريب عُلْبَةً من البرنجي.
    في ذلك المساء من يوليو 1991م، لم يعد عادل القَصَّاص إلى منزله، ولم يذهب إلى أيِّ منزل من منازل أصدقائه المتناثرين على العاصمة المثلثة. لم يعد عودته العادية ولكنه عاد مخفوراً بدزينةٍ من رجال الأمن؛ فَتَّشُوا المنزل وحملوا معهم نصف مكتبته تقريباً؛ لعادل القَصَّاص مكتبة منزلية كنت أستمتع بها حين تضمنا مقيلة جمعة في منزله؛ أذكر أنني أخذت منها كتاباً عن كتابة السيناريو أضاف الي الكثير في هذا المجال.
    حملت دزينة القبح تلك نصف المكتبة وعادت بعادل القَصَّاص، قذفوا به في بئرِ سُلَّمٍ مُكَدَّسٍ بالكُتُبِ، كُتُبِ آخرين مصادرة أُضِيْفَتْ إليها الكُتُب التي تساوي نصف مكتبته. حشروه هناك، في بئر ال سُلَّمٍ ذاك؛ ونظر إليه أحد هؤلاء الذين ذهبوا به إلى منزله لتفتيشه، نظر إليه بشماته وقال ساخراً: "أها، أقرا بعد ده!" حدث ذلك بعد أن تَمَّ إعتقال عادل القَصَّاص في ظهيرة من يوليو 1991م، حين كان يتحرك من كافتيريا القُولْدِنْ قَيْتْ، بعد أن مَرَّ بالحاجة سكينة بائعة الملاح والكسرة على الشارع الذي به داخلية بنات جامعة الخرطوم، داخلية بحر الغزال؛ كان قد خرج وقتها ليشتري عُلْبَة برنجي ويعود إلى حيث ترك صديقة من صديقاته تنتظره هناك؛ قبل دخوله إلى الداخل أشار إليه شخص كان طالباً في كلية الاقتصاد يعمل في جهاز الأمن وكان وقتها يشير إلى رجال الأمن كي يتم تنفيذ الإعتقال على طُلَّابٍ هم على الضد من المشروع الحاكم؛ وحين مَرَّ عادل القَصَّاص من حيث كان يتم الحدث، أشار إليه ذلك الطالب السابق إشارةً ذات مرجعية شخصية، إذْ أنه – ذلك الطالب السابق (ورجل الأمن المُتَخَفِّي وقتها) – سبق أن تَعَرَّضَ ل"شاكوش" مُدَوٍّ من إحدى الطالبات التي كانت على علاقة طيبة بعادل القَصَّاص؛ تلك الإشارة ذات المرجعية العاطفية قذفت بعادل القَصَّاص إلى حيث هناك، وراء أماكن لا تخص مزاجه في شئ. وحين كان الضابط المسؤول يُحَقِّق ولم يجد ما يدين عادل وفَكَّرَ في إطلاق سراحه، جاء ذلك الطالب السابق – رجل الأمن وأعلن أن عادل القَصَّاص يَخُصَّهُ وحده، و يَخُصَّهُ جِدَّاً، وجَدَّدَ معه التحقيق؛ كان تحقيقاً غريباً تَرَكَّزَ على علاقة عادل القَصَّاص بصديقاته، وكيف أنَّهُنَ يزرنه وهو يزورهنَّ، ثُمَّ اتَّهَمَ عادل بأنه الصلة بين التَجَمُّع وإتحاد الطلبة؛ وهكذا رافقته تلك القوة من رجال الأمن إلى المنزل وعادوا به إلى حيث تم قذفه هو وكتبه في بئر سُلَّمٍ استعداداً لنقله إلى مكان آخر. حدث ذلك في طقس أحمق، وهاأنذا في طقس خاص أحاور عادل القَصَّاص عن علاقته بالحركة الشعبية لتحرير السودان.

    ولا تزالُ النَّوَافِذُ مفتوحة.




    عادل القصاص
                  

07-28-2015, 02:56 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    نوافذ مفتوحة
    ========
    يحيي فضل الله
    =======
    عادل القصَّاص والحِصَّة قِصَّة (5)
    ======================


    يقول عادل القصَّاص عن علاقته بالحركة الشَّعبية:

    (بالنِّسبة لي، يُعَدُّ انخراطي في الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان أمراً بديهياً، فلا أسئلتي ولا تساؤلاتي ولا تأملاتي ولا منعطفاتي كان يمكن أن تقودني إلى غير ذلك؛ ذلك أن السِّياق - الاجتماعي - الثَّقافي - الفكري الذي احتدمت فيه أسئلتي وتَفَرَّعَتْ خلاله تأملاتي وإنداحتْ بسببه قراءاتي كان سياقاً ماركسياً في أغلبه، بل إن جل هذا "الأغلب" لم يكن ماركسياً محافظاً؛ كما لم أمر بمرحلةٍ تنظيمية - تلقينية - قط، أي أنني كنت بمنأًي عن "الماركسية المُعَلَّبَة"؛ فذهبت إلى عددٍ من المصادر الطَّازجة للماركسية مباشرةً، ثم انجذبتُ إلى كُتَّابٍ ممن يثيرون عداءَ أو سخطَ او امتعاضَ الماركسيين الرَّسميين مثل فرانز فانون، هيربرت ماركوزه، سمير أمين، تروتسكي، آيزاك دويتشر، أنطونيو غرامشي، لويس ألتوسير ومهدي عامل، علاوةً علي كتابات أخرى مُتَفَرِّقَة عن الكفاح المسلح لاسِيَّمَا في أميركا اللاتينية كالثورة الكوبية والتوبا ماروس و بعض كتاباتِ اليسار الجديد عموماً. كانت تلك القراءات وغيرها تندفع إلى جانب الفضول الشَّخصي من أسئلة الواقع وتعود إليه، ليلتهب الذهنُ بالأسئلة، فيسائلُ السائدَ من مشاريعِ التَّغيير البديلة المحتملة، ويتأمل كتلتها التَّاريخية صاحبة المصلحة في التغيير، وتتناسل الأسئلة حتى تطال الدِّيمقرطية، الثَّقافة، الفن، المرأة، الدِّين والهوية؛ وكلُّها أسئلةٌ تُشَكِّلُ أجوبتها النَّظرية والعملية الأعمدة والمفاصل الأساسية لجدارةِ أيِّ مشروعٍ يزعم التَّغيير والجذرية؛ وهي أسئلةٌ لم أتَوَفَّر علي أجوبةٍ لها من يسارنا الشَّمالي الماركسي تحديداً. لذلك ما أن أطَلَّتْ الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان، حتي وجدتُ فيها، شأن عددٍ قليلٍ من الشَّماليين، استجابة حَرَّى لتَوْقٍ راسخ. على أنني، وحتي لا أبدو متحاملاً على الماركسيين الشَّماليين، أقول بأنني لم أجد في الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان أجوبةً ملائمة علي كلِّ أسئلتي تلك، وعلى أسئلةٍ أخرى انبثقت من خلال التَّجربة، على محدوديتها، خصوصاً فيما يتعلق بالدِّيمقراطية والثَّقافة).

    في ذلك الطَّقس الأحمق، وبعد يومٍ من حشرِه في بئرِ السُّلَّم تحوَّل عادل القصَّاص إلى شبحٍ من أشباحِ ذلك البيت، بل وبدقةٍ أكثر، دخل عادل القصَّاص حالةَ ذلك التَّشبيح بعد أسبوعٍ من نقله من بئرِ السُّلَّم إلى مبني جهاز الأمن بالقوات المسلحة - القيادة العامة؛ وتمَّ استقباله وهو يدخل ذلك المبني بِمَدْحَةٍ من مجموعة عقد الجلاد التي كانت معتقلةً هناك. طبعاً مَدَحَتْ عقد الجلاد في استقباله بأوامرَ أمنية، إذ كان رجالُ الأمن يمارسون سطوتهم وسلطتهم في التَّسَلِّي والتَّمَتُّعِ بأغنياتِ عقد الجلاد. انضم إلى مجموعة عقد الجلاد وعادل القصَّاص شرف يس، موظَّفٌ بدار النَّشر جامعة الخرطوم، الفنانون التَّشكيليون: عبد الواحد وراق، المرضي عبد الله، علي الأمين، صلاح سليمان، جاه الله والمرضي مُعَلِّم. بعد ذلك تمَّ نقل الكل إلى حالة التَّشبيح في منزلٍ بالقرب من لجنة الاختيار، تَمَّ التَّعَرُّف على مكانه بواسطة أصوات الطَّلبة وحركة العربات. أثناء عملية التَّرحيل من هنا إلى هناك، كان رجالُ الأمن يأمرون بإخفاء الرُّؤوس تحت المقاعد - مقاعد العربة - كي لا تلتقط العيون أيَّ إشارةٍ يمكن التَّعَرُّف بواسطتها على المكان.

    (خلخلة الخريطة السِّياسية - المفاهيمية اليقينية السَّائدة في السُّودان من أجل تفكيكها وإعادة ترتيبها وموضعتها على أسسٍ جديدة ومتكافئة. هذا ما تفعله الحركة الشعبية في السودان. إن تاريخية مشروع الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان لا يكمن في انتخابها للكتلة الاجتماعية - التَّاريخية - صاحبة المصلحة الحقيقية في التَّغيير متمثلةً في تحالفِ مُهَمَّشِي الأطراف والمركز، أو في عمليتها في السَّعي نحو التَّغيير، أو في كشفِ الغطاء عن الأسئلة الحقيقية لأزمتنا وطرحها بما يليق بفداحةِ المواجهة ولغة المنعطفات، أو في مساهمتها في تَبَدُّل الحساسية وتَغَيُّر الوعي لدى العديد من الشَّماليين – بالتَّقسيم الجغرافي التَّقليدي – لاسِيَّمَا لدى بعض الشَّباب والمثقَّفين ، أقول: لا تكمن تاريخية مشروعها في كلِّ ذلك، فحسب، وإنما، أيضاً، في أن القضايا والمشكلات الجوهرية للأزمة الوطنية التي دفعت بها إلى سطح الوضوح والتَّأَجُّج، سوف لن تذوى، ولن تخمد حتى لو انتفى وجودُ الحركةِ الشَّعبية والجيش الشَّعبي لتحرير السُّودان. فلقد انبجس دمُ الحقيقة وما من أحدٍ بوسعه أن يطفئَ جذوةَ الوعي ولهبَ الفعل).

    قبل الدُّخول في حالة التَّشبيح، كان على عادل القصَّاص ورفقته أن يمرُّوا على صفٍّ من عساكر الأمن، صفٍّ طويلٍ من البوابة وحتى الزنزانة، يحملون عصياً مختلفة، فروعَ أشجارِ النيم، خراطيشَ بلاستيكيةً سوداءَ سميكة- بتاعة المواسير. مَرَّ عادل القصَّاص على كلِّ أفراد ذلك الطَّابور الطَّويل، وانهالت على ظهرِه عِصِيٌّ وفروعُ نيمٍ وخراطيشُ بلاستيك؛ وتَمَّ ذلك بقسوةٍ شديدة، وبسرعةٍ تحاول أن تهزم سرعة المارين عبر ذلك الطَّابور لمُعَذِّبٍ. وبعد ذلك، تَمَّ حشرُ أكثرِ من خمسةَ عشرَ فرداً في زنزانة - ثلاثة متر في ثلاثة متر - يبدو أنها بُنِيَتْ قريباً، ووُضعت عليها لمبةٌ واحدة، لا تُطفأ أبداً ليلاً أو نهاراً.
    في حالة كونه شبحاً سكن في بيتِ الأشباح، أُغْمَى على عادل القصَّاص من التعذيب المستمر؛ كان يُؤمرُ بأن يرفعَ يديه على الحائط، ويتم جلدُه بخراطيشِ البلاستيك؛ بعد ذلك، تمَّ توزيعُ الأشباح على زنازينَ أضيق - مترين في متر ونصف - كلُّ تسعةِ أشخاصٍ في زنزانة، مع السماح بقضاءِ الحاجة مرَّةً واحدة في اليوم.
    تمَّ نقلُ الأشباحِ إلى زنزانةٍ أوسع، عبارة عن صالون تَمَّ فيه حشرُ عددٍ كبير من النَّاس، عُرف منهم عادل القصَّاص، نور الهدي، أبو بكر الأمين، والقائد العمالي مصطفى عُبَادَة.

    في أكتوبر 1991م، وَقَّعَ عادل القصَّاص أمام ضابط الأمن على استماراتٍ تمنع التَّحَدُّث عن الاعتقال، وموقعه، وما تَعَرَّضَ له فيه، وإقرارٌ بعدم مغادرة الخرطوم أو السُّودان إلَّا بمراجعة أجهزة الأمن.

    القصَّاص، هل تملك الحركة الشَّعبية مشروعاً ثقافياً؟

    ("مشروعٌ ثقافي"؟ بل ليس هناك إستراتجيةٌ ثقافية لينحدر منها المشروع الثَّقافي. إن الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان مُوَاجَهَةٌ بسوءِ فهمٍ والتباسات مُرَكَّبَة - داخلياً (شمالياً وحتى جنوبياً)، إقليمياً وعالمياً؛ ولن تنحسر مثل هذه النظرة بالشِّعار أو اهتبال منابر الصدف والمناسبات؛ بل بانتشارِ الخطاب الفكري- السِّياسي - الثَّقافي، نهوضاً على تَعَدُّدِيِّتِه، وتَمَايَزَاتِه الثَّرَّة، وتأسيس قنواته؛ ولن تتأسَّسَ القنواتُ، وينتشر الخطابُ، دون مؤسَّسات، وبلا فصلٍ للسلطات. بيد أنه، عوضاً عن ذلك، باتت الحركة الشَّعبية لتحرير السُّودان، شأنها في ذلك شأن معظم الحركات والتَّنظيمات التَّقدمية في العالم الثَّالث، ترى إلى الفعل الثَّقافي بطريقةٍ تأجيليةٍ ذاتِ حساسيةٍ تبريرية؛ أخلاقيةٍ خجولة، في أفضل الأحوال. غير أن المُحَصِّلَة النِّهائية، عموماً، ومهما كانت المُسَوِّغَات الأخلاقية – ولا أقول العملية – هي الإقصاء. فالسَّائدُ من ساستنا – "التَّقدميين طبعاً" – لا يرى إلى الثَّقافي إلَّا كمُلْحَقٍ للسِّياسيِّ، لا محلَّ له من الاستقلال؛ لا ككينونةٍ مساويةٍ، موازيةٍ للسياسيِّ؛ مُتَمَايِزَةً عنه، ومُتَوَاشِجَةً معه في نفسِ الوقت. تلك – هذه – النَّظرة الإلحاقية، الميكانيكية، تعتقد في أن معالجة القضايا الثَّقافية سوف يتمُّ على نَحْوٍ آليٍّ عقب حلِّ المسائل السِّياسية، أي بتغييرِ هيكلِ السُّلطة السِّياسية القائمة، وتَبَنِّي برنامجٍ سياسيٍّ غيري؛ وهي نظرةٌ تقوم على فهمٍ لا نصيبَ له من الصواب، لمَاهِيَّةِ ومهامِّ السِّياسيِّ والثَّقافيِّ معاً.
    تُرَى أو لم يحنِ الوقتُ بعدُ كي نتأمل، إن أحدَ أهَمِّ أسبابِ الهُزَالِ والشُّحوب اللذين أصابا الحركاتِ والتنظيماتِ الثورية، إنما يكمنُ في غيابِ الإستراتيجيةِ الثَّقافيةِ المعافاةِ من التَدَخُّلاتِ الاستبدادية للسياسي، بسببِ الإشاحة عن "حالمية المثقف"، ذلك المُعَمَّدِ بالتُّرابِ، والغيمةِ، وزرقاءِ اليمامة؟)

    قبل أن ينتهي أكتوبر، غادر عادل القصَّاص السُّودان؛ و بمساعداتٍ سرية هزمت ذلك الإقرار الذي وقَّعه أمام ضابط الأمن، غادر عادل القصَّاص مِزاجَ أمكنته الأليفة، وذائقةَ أزمنتِه المتأمِّلةِ الوثَّابةِ الحلمِ، بفضاءٍ ثقافيٍّ يلقِّحُ ممارستَه للكتابة.
    أذكرُ في ليلةٍ احتفاليةٍ خاصَّةٍ بخروجه من حالةِ كونه شبحاً وخروجِه من وطنٍ قبَّحته الممارسةُ السِّياسية، تحت شجرةِ النَّبَقِ في منزلي بالجميعاب، أشهرتُ نحوَه استفزازي المِهزارَ، حين قذفتُ في وجهِه بهذا السؤال: - "خلاص يا عادل قرَّرت تهرب؟"، فكان أن واجهني عادل بإجابةٍ باكيةٍ إلى حدِّ التَّشنُّج، بكى عادل القصَّاص ليلتها بكاءً حاراً، ولم يستطع لفيفٌ من الأصدقاء الذين حوله لملمةَ عادل القصَّاص، الذي تناثر أمامنا معلناً خروجَه الجبري عن وطنٍ يُحبُّه حتى البكاء، وهربتُ أنا بعده بسنوات؛ وفي محاولةِ أن يكونَ هذا الهروبُ مثمراً، التقيت بملامحِ وأنفاسِ وأفكارِ عادل القصَّاص من خلال مجلة "مسارات جديدة" التي أصدرها "لواء السودان الجديد" وأسأله عن هذه الإصدارة..

    (لقد حاولنا تجاوزَ هذا الواقع القائم عبر مبادرة "لواء السودان الجديد"، إذ أُنشئَ له مكتبٌ إعلامي بأسمرا، الذي كان يُفترض أن يكون في منأًى عن حُشَرِيةِ السياسيِّ، عدوِ الوردةِ والأجنحة، حيث أسَّسنا وأصدرنا، إلى جانبِ عددٍ من الحادبين على عطر المبادرة، العددَ الأول (والأخيرَ) من مجلة "مسارات جديدة" وعددين من صحيفة "بيارق"؛ وكدنا أن ننهي العدد الثَّالث من تلك الصَّحيفة، الذي ما لبث أن وُئدَ وهو على أهبة الإطلالة، ثم تُوِّجت مسيرةُ الوأِدِ بإغلاقِ مكتب أسمرا بعد سنةٍ واحدة من إنشائه؛ والسببُ لا يعودُ إلى قرارٍ مؤسَّسي، وإنما إلى مشيئةٍ شخصيةٍ محضة؛ بالطبع، إن المسألة وقد بلغت هذه الدرجة من القتامة - مأساةٌ أو ملهاةٌ أو كلتاهما، فالاستبداد والعاهات النَّفسية ليست حكراً على الجبهة القومية الإسلامية؛ ومع ذلك، ما يزال بإمكان المرء التَّشبث بالآفاقِ الحبلى بوعودِ النَّسائم والنُّجوم، استناداً إلى تشاؤمِ العقلِ وتفاؤلِ الإرادة، كما يقول غرامشي، ذلك أن الحركة الشَّعبية، والجيش الشَّعبي لتحرير السُّودان، ولواء السُّودان الجديد، ما يزالون مطرَّزين بمسئولين مثَّقفين ومبدعين، جنوبيين وشماليين، يتمتعون بوجدانٍ وريف، وخيالٍ وثَّاب، وعقلٍ رحيبٍ وطليق؛ منهم أذكر، ليس حصراً - فاقان أموم، إدوارد لينو، محمد سعيد بازرعة، كمال الوسيلة وعبد الباقي محمد مختار).

    سأتركها النوافذَ مفتوحةً، حتي يتسنَّى لعادل القصَّاص أن يتصدَّى لمسيرةِ الوأدِ تلك، حين تتمظهر أمامه في أشكالٍ أخرى.
    ستظل نوافذي مفتوحةً أمام اجتراحاتِ عادل القصَّاص الإبداعية، حتى يجد الإجابة علي تساؤلاته تلك الشفيفة.

    (اللعنة ،أما كان بوسعي فعلُ شيءٍ آخرَ
    سوى اقترافِ السفر؟
    أما من أحدٍ يدلُّك، أيُّها النيلُ عليَّ؟)

    ختاماً، أنتمي وبإلفةٍ حريفة إلى هذا الحلم: ( ينبغي للمقرن إذن أن يتهيأ
    صدري شاخصٌ
    من ذراعي يفوحُ رفيفٌ
    كم أنا مضرَّجٌ بالقدوم!)



    عادل القصاص

                  

07-28-2015, 02:58 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    السر السيد يتوغل فى كشف أسرار رسالة خلف
    منصور

    اللحظات الاكثر تعقيدا فى الرسالة
    الرسالة وبما حوته من مزج بين الخاص "البعد السيري" والعام "ما يشبه التوثيق لبعض ملامح الحراك الثقافى والعديد من المقاربات ذات الطابع الفكرى لمنجزات بعض العلوم" تبدو اى الرسالة وكأنها كانت كامنة تنتظر اللحظة المناسبة او السؤال المناسب لتفيض وتختبر نفسها!! اذن ما هو التساؤل الذى فجر الرسالة وجعل منها كائنا يمشى بين الناس؟؟ هل هو ( ملاحظة القصاص والخاصة بزعمه او ظنه بان مواد الرياضيات والكيمياء وقواعد اللغتين العربية والانجليزية تفتقر الى بنية سرد خاصة بها) سيما وان كاتب الرسالة قد اشار الى ان هذا الزعم او هذا الظن هو ما دفعه لكتابتها ام هو القران الذى ناداه وهف اليه مسرعا ومازال فى ارجائه يدور؟؟ والقران الذى نعنيه هنا هو مجمل الرؤى والافكار والمعارف التى توصل لها خلف من خلال علاقته بالقران كمؤمن بالذي انزله و الذى هو الله وكمؤمن به وبما جاء فيه فالقران فى الرسالة لا يتبدى كنص معزول عن مبدعه او منزله كما راج كثيرا فى الكثير من الكتابات ودليلنا ما حفلت به الرسالة من صيغ مختلفة للدعاء والذى هو طلب الداعى ورغبته فى تغيير مصائر بعينها او اجابة رغبات بعينها وهو ما يشير الى وجود فعل لله فى التاريخ وتدخل فى مساراته "كن فيكون" فقد جاء فى الرسالة على سبيل المثال لا الحصر (وان يحفظ الله امى الاولى او وان يهبها الله الصحة وطول العمر وكذلك جاء ولن ينساه الله)...اقصد اننا فى الرسالة نقف على حضورين هما الله وكلامه اى القران ,عليه وبالنظر الى مجمل الرسالة والتى فى ظاهرها تبحث عن السرد ليس فى مجاله الاثير الذى هو الادب وانما فى بقية الحقول كعلمى الاحياء والرياضيات بل وتصل به الى ما يوحي وكأنه سمة ملازمة للوجود بمختلف عناصره وحيث هنا تتبدى لحظات الرسالة الاكثر تعقيدا خاصة وانها فى عمقها الخفى تبدو وكانها تقارب حالة السرد هذه فى الادب وفى الفيزياء وفى الرياضيات وفى الاحياء -بمعنى فيما يتصل بنشاة الحياة وبنشاة الكون- من منظور القران ومن الانطلاق بوجود خالق لهذا الكون وهذه الحياة خاصة وان الرسالة تبدأ بجملة "امر هذه الدنيا ممد ( وان شئت مشدود" بين الضرورة المتوهمة وواقع الاحتمال"- لاحظ ما توحيه به كلمة الدنيا- كما انها تقول فى ثناياها "يقترب العلماء وخصوصا فى صياغتهم لنظرية الانفجار العظيم من التصوير القرانى لاصل الكون الذى جاء طرفا منه فى الاية 30 من سورة الانبياء:"او لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حى افلا يؤمنون" او تقول وهى تحاول التمييز بين الحقيقة والحق ونفى التماثل بينهما وكذلك توضيح فكرة الرتق فى مقابل فكرة الفتق: (وعندما يجئ فى سورة يوسف قوله "نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القران وان كنت من قبله لمن الغافلين"او فى سورة الانعام "ان الحكم الا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين"-فان التاكيد ياتى من اندماج الحق وصمديته باشتماله على القدرة والعلم والارادة وهى ملكات تتشظى فى مجال الحقيقة وتتوزع على مجالات فى مسار النشوء والتطور الذى لا ينقطع-هى العلم او الواقع الموضوعى واللغة الانسانية والعقل البشرى فيكون بها قص للامام بتتبع شجرة لها بنية سرد محددة او يكون ارتداد للخلف لقص اثر او استرجاع لحدث وهو المعنى المقصود فى سورة الكهف فارتدا على اثارهما قصصا).
    اقول ان هذه اللحظات الاكثر تعقيدا فى الرسالة تجعل القارئ وللوهلة الاولى ان كان حدسى صائبا يحس وكأنها تحاول ان تعيد مبحث "العلم والقران" وهو مبحث ووجه بالكثير من التساؤلات كما هو معلوم وتجعله كذلك يحس ان جاز التعبير بحضور ما يشبه التاويلات الذاتية والنزوع الباطنى على الرغم من مفارقة الرسالة فى الكثير من افكارها لبعض منتجات التصوف الاسلامى كالقول بوحدة الوجود او ثنائية الحقيقة والشريعة وكمثال لهذا تاويله للقدرة والعلم والارادة كملكات تتشظى فى عالم الحقيقة وتتوزع على مجالات فى مسار النشوء والتطور الذى لا ينقطع بانها (العلم او الواقع الموضوعى واللغة الانسانية والعقل البشرى) او تأويله لاية سورة الكهف "فارتدا على اثارهما قصصا"-هنا انظر الفقرة السابقة-
    وتبقى فى النهاية تساؤلات لا ادعي انني املك اجابات لها.

    السرالسيد
                  

07-28-2015, 02:59 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    هنا يتحقق النظر على كيفية خلق الإبل وبذلك تتحقق أسباب الخلق بمعرفة ووعى!!

    (أَفلا يَنظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)1
    (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)2

    1-الغاشيه 17
    2- الذاريات 56
                  

07-28-2015, 03:10 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    الأعزاء عادل، منصور، وعثمان

    المُرفق يغطي إطارين مرجعيين (لندن-وولفرهامبتون) للنَّظرِ لثلاثِ قضايا مترابطة، وسيظهر ترابطُها أكثر في ما تبقَّي من المشاركة، وهو الإطارُ المرجعي الثَّالث (لندن مجدَّداً) الذي سينظر إلى هذه القضايا بمنظورٍ نقدي، قد تقصُر فقراتُه أو تطول؛ لا أدري حتى الآن

    كلُّ ما أدريه الآن أنها قضايا ذاتُ صلةٍ لصيقةٍ بالسَّرد، وبالتَّواشُجِ الحميم بين الواقع وموضوع الرِّسالة

    مع خالص الشُّكر والتَّقدير

    خلف


    لندن-وولفرهامبتون-لندن:
    على مسافةٍ من عثمانَ وروجر بنروز و"نظريةِ كلِّ شيء"

    الرِّحلة إلى وولفرهامبتون
    من لندن، على مسافةِ ساعتين بالقطار من وولفرهامبتون، حيث يسكن عثمان حامد وعائلته الكريمة، كنتُ أجري معه اتِّصالاتٍ هاتفية شبه يومية، منذ أولِ سطرٍ من رسالتي إلى عادل القصَّاص، إلى آخرِ علامةِ وقفٍ فيها؛ ثم من أولِ مشاركةٍ بشأنِها، إلى آخرِ مشاركةٍ بشأنِ مساهمة عالم الفيزياء الرِّياضيِّ روجر بنروز (الذي ظهر كشخصيَّةٍ –وليس بشخصِّه- في فيلم "نظرية كلِّ شيء" عن سيرة حياة عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ) حول العلاقة بين الرِّياضيات والسَّرد. كنت أجري تلك الاتِّصالات من لندن، بعد أن تعثَّرت عدَّة محاولاتٍ للتَّلاقي في وسط إنجلترا، كان آخرُها تأجيلُ عمليةٍ جراحية لابنه الأكبر مازن، مع إننا كنَّا نتلاقى بوتيرةٍ شبه منتظمة، عندما كان يسكن في أمستردام، أيام كان كلانا منهمكَيْن بحبٍّ عارم وإرادةٍ غلَّابة في العمل الثَّقافي العام، وسط تجمُّعات السُّودانيين في المدينتين الأوروبيتين الغربيتين.
    وعندما عقدتُ العزمَ أخيراً على السَّفرِ إلى وولفرهامبتون لمقابلة عثمان، حرصتُ على التَّنقيب عبر الإنترنت عن فيلمٍ يصلُح للمشاهدة هناك، فلُفِتَ نظري إلى أن فيلم "نظرية كلٍّ شيء" -وتصنيفه 12أ- يُعرض يوم السَّبت 7 فبراير 2015 في سينما سينيويرلد بوولفرهامبتون في تمام السَّاعة السَّابعة وأربعين دقيقة مساءً، مما يعني أن صعوباتٍ ستنشأ بشأنِ الأطفال، إذا لم تتوفَّر ترتيباتٌ تسمح بحضور العائلة من غير مصاحبتهم؛ هذا بالطَّبع، إذا وافقتِ العائلة الكريمة في الأساس على دعوة المصاحبة لحضور الفيلم. وكنتُ على مسافةٍ من عثمان، داخل إطارٍ مرجعيٍّ ذاتي، أرى الأشياءَ وفق ما يتوفَّر لديَّ من معلوماتٍ نظرية عن عثمان، الذي تعرَّض في زيارةٍ سابقة إلى السُّودان إلى حادث حركة تسبَّب في فقدان عددٍ من أصابع يده اليمنى؛ وعن تعاملِ منال مصطفى -رفيقةِ دربِه منذ أيام الصِّبا في قرية أم تريبات، وشقيقةِ المسرحيِّ والمخرجِ الإذاعيِّ حاتم مصطفى، وأمِّ مازِنَ، الذي يعاني من استسقاء الرأس، والطِّفلةِ الجميلة يارا، والطِّفلِ الرَّائع محي الدِّين (الذي سُمي باسم شقيق عثمان الرَّاحل)- مع الواقعِ الأُسريِّ الجديد.
    وفي يوم السَّبت، عندما وطئت قدماي أرضَ وولفرهامبتون، وبدأتُ أرى الأشياءَ إلى حدٍّ ما من داخل الإطار المرجعي الذي يتحرَّك فيه عثمان، تكشَّف لي جانبٌ من الصُّعوباتِ الفعلية التي يواجهها هذانِ الزَّوجانِ الباسلان، فكِدتُ أن أتراجعَ عن الدعوة لمشاهدة الفيلم، لكنني طرحتُها بشكلٍ افتراضي، فاقترحتْ منالُ أن نذهبَ أنا وعثمان، لأنها ستصحبُ يارا ومحيو إلى فيلمٍ للأطفالِ صباح الأحد، مما يعني أن عثمانَ سيبقى مع مازنٍ في البيت؛ فتبيَّن لي بسرعة أن ترتيباتٍ مثل هذه أصبحت ديدناً ثابتاً لشكلِ حياتهما؛ صحيحٌ أن مازناً قد وُلِد منذ إحدى عشرةَ سنةً بهذه الإعاقة، إلا أن عثمانَ كان خالياً منها، إضافةً إلى أن ابنه الأكبر ينمو كلَّ يومٍ مُستصحِباً معه مزيداً من تعقيدات الإعاقة.
    بالفعل، ذهبنا أنا وعثمان إلى سينيويرلد لمشاهدة الفيلم في ذلك المساء. أمهلنا المخرج قليلاً بلقطاتٍ عن حياة ستيفن هوكينغ أيام الطلب في جامعة كمبردج قبل الإعاقة، لكنه سرعان ما أتبعها بلقطاتٍ متتابعة عن مراحل تطوُّر الإعاقة لديه، فسَرَتْ في الخاطرِ نفسُ الرَّعشاتِ الدَّاخلية ولحظاتِ التَّوتر التي لا مناصَ من حدوثها، مهما تماسك المرءُ بدافعِ التَّصبُّرِ من خارج؛ ومما زاد من وطأةِ الموقف أن بعض المشاهدين من ذوي الحوافي الرَّقيقة في المقاعد الواقعة خلفنا مباشرةً بدأوا يجهشون بحشرجاتٍ مسموعة. أما روجر بنروز، فلم يظهر في الفيلم إلا مرَّتين، وكلتاهما في أعقابِ مرحلةِ تأقلُّمِ هوكينغ الابتدائيِّ على الإعاقة: المرَّة الأولى، عندما صحب هوكينغ المُشرِفَ على أطروحته للدُّكتواراة إلى لندن لحضورِ محاضرةٍ ألقاها بروفيسور بنروز؛ والمرَّة الثَّانية، عندما حضر بنروز جلسة النَّظر في منح الدُّكتوراة لهوكينغ، فقال له رئيس الجلسة في تقييم أطروحته إن الجزء الأول منها يفتقرُ إلى الاتِّساق، بينما الجزء الثَّاني منها مجهودٌ تنقصُه الأصالة، إذ إنه مأخوذٌ من بنروز من غير إضافةٍ تُذكر؛ أما الجزء الثَّالث والأخير (أي الفصل الرابع من الأطروحة)، فرائعٌ لدرجةٍ قرَّرت معها اللَّجنةُ بناءً عليه أن تمنحه الدُّكتوراة، وهو الجزءُ الخاص باحتمال وجودِ ثقبٍ أسودَ عند بداية الكون، أو ما يُعرف بالتفرُّد الزمكاني.
    وعندما سُئل ستيفن هوكينغ من قبل رئيسِ اللَّجنة التي منحته الدُّكتوراة عمَّاذا سيفعل بعد أن حصُلَ عليها، أجاب على الفور: "سأعمل على إثباتها بمعادلةٍ واحدة تثبت أن الزَّمنَ له بداية، (ألا يكونُ ذلك أمراً جميلاً، يا أستاذي)؛ معادلةٍ واحدة بسيطةٍ وأنيقة تفسِّرُ كلَّ شيء"؛ ومن هنا جاء اسم الفيلم "نظرية كلِّ شيء"؛ ومن هنا أيضاً جاء ذلك السَّعيُ المحموم من قبل علماء الفيزياء النَّظرية بشقيها الكبيرين (علم الكونيات وميكانيكا الكم)، وعلى وجه الخصوص علماء الجُسيمات الأولية، الذين تيقَّنوا بحلول مارس 2013 أنهم عثروا عبر مصادم "سيرن" بسويسرا على أولِ جُسيمٍ كميٍّ عدديٍّ في الطَّبيعة ( هيغزبوزون)، مما عزَّز تفاؤلهم بأنهم يقتربون شيئاً فشيئاً من إكماِل التحقُّق من نموذجهم القياسي؛ وبالتَّالي، تمكُّنهم في المستقبل القريب من صياغةِ معادلةٍ بسيطة وأنيقة تفسِّر كلَّ شي.

    وعلى مسافةٍ من (1) عثمانَ، و(2) بنروز، و(3) "نظرية كلِّ شيء" – سنواصلُ ما انقطعَ الآنَ في مشاركة



    محمد خلف
                  

07-28-2015, 03:22 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ليس هنالك من ينكر أن أصل الكون واحد، إلا لمن قفل الله قلوبهم أو غلفها بوقرٍ. وإن أصل الإنسان واحدٌ رغم الثنائيه التى أنتزعت منه، وإن لجمال الكون
    فى كثرته، وروعته فى توحده، وفى تحقيق وحدانية مبدعه، وإن الفطن ليتلمس مسحة إنسحاب التنوع والتعدد للفرادة والفردانيه والأصل الواحد بلا عناء أو مشقه
    رغم تعقيدات التجريد التى أخذت تتميز بها المشتقات، والسرد لا ينفك عن ذلك فهو كذلك راجع للغة تعليم آدم الأسماء، فكما تنبت الشجرة من البذره وتتفرع نبتت
    اللغة وتفرع عنها السرد حاوياً وحاملًا لكل تقريرىٍ وصفى وتقديرى معيارى من فنون وجمالٍ وقيمٍ وموسيقى وطبيعيات وتطبيقيات وفيزياء وما إلى ذلك من علوم
    ويختلف الناس وتختلف ميولهم والأهواء فى إختياراتهم لهذا أو ذاك. إن أصل العلوم واحد وكانت الفلسفه فتجذرت وتجزأت وتجردت وتمايزت ولكنها تتصاعد للأصل
    كلما زاد عمق البحث للوصول لدرجة ال PHD فى الفرع وإن أصل الألوان واحد رغم الثنائيه الواجبه للتمييز فمن الواحد جاء كل شئ وإلى الواحد ينتهى كل شئ كذلك.

    منصور

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 07-28-2015, 03:23 AM)

                  

07-28-2015, 03:24 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    عندما يكون للسرد معنى تبقى أولوية الوقوف عليه لازمة لذوى النهى!!


    منصور
                  

07-28-2015, 03:30 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    قصَّة اكتشاف العلم الحديث (وليس اختراعه)

    في كتابٍ صدر في بريطانيا يوم أمس الثَّلاثاء 17 فبراير17 فبراير تحت عنوان: "أن نُفسِّر العالم: اكتشاف العلم الحديث" لعالِم الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبيرج الحائزِ على جائزة نوبل للفيزياء، لُفِت نظري إلى جملةٍ أوردها النَّاشرُ في معرض تقريظه للكتاب على الغلاف الخارجي المتحرِّك، حيث جاء من ضمنها عبارةٌ تقول: "وفقاً لما يكشِفُ هذا السَّردُ البارع، فإن العِلمَ قصَّةٌ كبرى، ونحن لم نصِلْ بعدُ إلى نهايتها". كما يقول الكاتب نفسُه في استهلالِه للكتاب: "أنا عالمُ فيزياء، ولستُ بمؤرِّخٍ، إلا أنني، على مدى سنواتٍ، أصبحتُ مأخوذاً بتاريخ العلم. إنها قصَّةٌ غير اعتيادية، وإنها واحدةٌ من أكثر القصص إثارةً للتَّشويق في التَّاريخ الإنساني؛ وإنها أيضاً قصَّةٌ لدى العلماءِ أمثالي فيها نصيبٌ شخصي". إلا أنه مع مضي حركة السَّرد، يجدُ العالِمُ الفيزيائيُّ نفسَه يُعبِّرُ عن شيءٍ أبعد قليلاً عن مجرد السَّرد: وهو التَّحدُّث من منظورِ العالم المنخرط في العصر الحديث عن موضوعاتِ العلم في العهدِ الماضي. واعتماداً على هذا المنظور، يجدُ الكاتبُ سانحةً للتَّحدُّث عن وجهة نظره بشأنِ طبيعة علم الفيزياء نفسِه، وعن علاقاتِه المتشابكة مع الدِّين، والتَّقنية، والفلسفة، والرِّياضيات، وعلم الجمال.
    ويقول الكاتب إن هدفه ليس فقط التَّعرُّف على الكيفية التي توصَّلنا بها إلى تعلُّمِ أشياءٍ متعدِّدة عن العالم، وإنما تركيزه ينصَبُّ على أمرٍ مختلفٍ بعضِ الشَّيء – وهو كيف توصَّلنا، بادئ الأمر، إلى معرفةِ كيف نتوصَّلُ في الأساس إلى معرفةٍ بشأنِ العالم! ويقرُّ الكاتب بأنه مدركٌ للمشكلات التي تثيرها كلمة "نُفسِّر" في عنوان الكتاب بالنسبة لفلاسفة العلوم الذين يشيرون إلى الصُّعوبات النَّاشئة من وضعِ حدٍّ فاصلٍ بين الوصف والتَّفسير؛ إلا أنه يعني بالتَّفسيرِ شيئاً فضفاضاً، يسمح في إطارِ كتابٍ عن التَّاريخ، وليس فلسفة العلم، بالتَّكهُّن بإجاباتٍ لأسئلةٍ تطرحها الحياة اليومية، على شاكلةِ: لماذا فاز حصانٌ في سباق أو لماذا سقطت طائرةٌ فتحطَّمت أشلاء.
    والأهم من كلِّ ذلك أنه يركِّز على كلمة "اكتشاف"، وكان يمكِّن أن يستخدم، عوضاً عنها كلمة "اختراع"، فهي أكثر تعبيراً عن الممارسة العلمية ذاتها؛ ولكنه اختار الأولى، ليشير إلى أن العلوم الطَّبيعية وصلت إلى ما وصلت إليه من تطوُّرٍ مشهود، ليس بسببِ مصادفاتٍ تاريخية عرضية لعددٍ من الاختراعات، وإنما بسببِ تركيبةِ الطَّبيعة نفسِها؛ فالعلمُ الحديث، بكلِّ ما يعتريه من نقصٍ، هو في نظرِ الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عبارة عن تكنيكٍ ملائمٍ بشكلٍ كافٍ للطَّبيعة، مما يشهد على نجاحه – إنها، بحسب واينبيرج، ممارسةٌ سمحت لنا بتعلُّم أشياءٍ موثوقٍ بها بشأنِ العالم؛ وبهذا المعنى، فإنها تكنيكٌ كان ينتظرُ النَّاسَ منذُ زمنٍ ليكتشفوه. كما يستخدم الكاتب كلمة "اكتشاف"، ليُباعد بين نفسه وبين البنائية (وليس البنيوية) الاجتماعية، وهم أولئك الفلاسفة وعلماء الاجتماع والمؤرِّخين الذين لا يكتفون بتفسير سيرورة العلم، بل يسعون أيضاً إلى تضمينِ نتائجه، باعتبارها كلِّها منتجاتٍ لمحيطٍ ثقافيٍّ بعينِه.
    واللَّافتُ للنَّظر أن واينبيرج يخصِّص فصلاً كاملاً من فصول الكتاب الخمسة عشر، والذي جاء تحت عنوان "العرب"، لتَّغطية تطوُّر العلوم العربية في عصرها الذَّهبي إبان الدَّولة العباسية في بغداد. وبدورنا سنخصِّص الحلقة التَّالية لتَّقديمِ عرضٍ موجزٍ لذلك الفصل (من ص 103 إلى ص123). يكفي أن نذكر هنا أن الكاتب يستخدم كلمة "العرب" بالمعنى الموسَّع للمصطلح، لتشمل العرب والفرس واليهود والأتراك، الذين أنتجوا العلومَ داخل محيط الدَّولة العربية الواسعةِ الأرجاء؛ إضافةً إلى ذلك، نذكِّر بأن ستيفن واينبيرج، الذي حاز في عام 1979 على الجائزة بمشاركة آخرَيْن، بينهما عالم الفيزياء الباكستاني محمد عبد السَّلام (1926-1996)، لمساهمتهم في تطوير نظرية تفاعلات القوتين الموحَّدتين (الضَّعيفة والإلكترومغنطيسية) بين الجُسيمات الأولية، قد أشار في ثنايا عرضِه لهذا الفصل إلى اقتباسٍ أورده بي كي هيتي في كتابه: "تاريخ العرب"، وهو أنه "بينما كان هارون الرَّشيد والمأمون في الشَّرق يعكفون على دراسة الفلسفتين الإغريقية والفارسية، كان معاصروهم في الغرب، شارلمان وبطانته، هواةً ينشغلون بحرفة كتابةِ أسمائهم".

    الحلقة الثَّانية والأخيرة من عرض كتاب واينبيرج ستأتي تحت عنوان:
    "بيت الحكمة: فلاسفة/أطباء مقابل فلكيين/علماء رياضيات"


    محمد خلف
                  

07-28-2015, 03:32 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    لو كان العنوان "الحصة مفردة" لصح ايضا
    فالقصاص مفتون بنحت المفردة ويصعد بها فى سماوات الجمال
    التى تستهوى القارئ بشغف وتصيبه بشتى انواع الدهشة.
    (انظر الى مسمى ود نوباوى كيف صار بعد ان البسه حيوات شخوص
    ماثلة للنظر.)

    التحايا لك منصور وللقصاص


    امير الامين حسن
                  

07-28-2015, 03:42 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    سلام منصور
    سلام عثمان
    مداخلتى الرابعة
    رسالة خلف الى القصاص
    ضفاف اخرى
    سبق ان اشرت الى ان الرسالة حفزتنى لتأمل العادى واكتشاف المهمل فوجدتنى استشعر حماسا متدثرا بالمتعة وانا ابحر الى ضفاف اخرى فى المعرفة الانسانية لم اكن اعيرها كبير اهتمام قبل ذلك وهو ما يجعلنى اشعر بالامتنان للاستاذ خلف ولرسالته البديعة وللقصاص وحكايته الاستثنائية الفاصلة .
    فى مناخات الرسالة التى تنفتح على كل الفصول قرأت فى الايام القليلة الماضية كتابا بعنوان: (لماذا العلم )..الكتاب من تاليف "جميس تريفيل" وترجمة شوقى جلال وقد صدرت طبعته الاولى بالانجليزية فى العام 2008 وترجم الى العربية وصدر ضمن سلسلة عالم المعرفة فى فبراير 2010. يعنى الكتاب بالاساس وفقا لما جاء فى غلافه "نحو مواطنين مثقفين علميا"، يعنى بتعليم العلم لغير المشتغلين به لذلك جاء فى قالب سردى وبلغة شاعرية جميلة..الكتاب عبر عناوينه العديدة والتى منها على سبيل المثال "الثقافة العلمية" و"العلم: عالم مفهوم" و"محو الامية العلمية: ماذا يعنى" و "طريق الافكار الكبرى الى المعارف الاولية العلمية"، يحاول اى الكتاب ان يقول: كيف ان الفهم العلمى للانسان والطبيعة والعالم والكون من حولنا يعد اضافة جوهرية الى استمتاعنا الجمالى بالحياة وبالعالم الذى نعيش فيه.
    لفت نظرى ان الكتاب يلامس وبصورة عميقة الكثير من الافكار والمقاربات التى جاءت فى الرسالة ويهمنى هنا ان اشير الى ثلاثة منها:
    الاولى: محاولة خلف فى رسالته التمييز بين الحقيقة والحق فقد جاء فى الكتاب ضمن الفصل الذى عنوانه "العلم: عالم مفهوم" ما نصه (...ان المنهج العلمى قد يكون سبيلنا الى الوصول الى مقاربات اكثر ارتباطا "بالحقيقة"، لكنه لا يستطيع ان ينتج-وغير مصمم بهدف انتاج- "الحق" وسبب ذلك بسيط للغاية: اذا كانت المنظومة مبنية على اساس الملاحظة، اذن فمن المنطقى ان تظل دائما معرضة لاحتمال ان تظهر غدا ملاحظة اخرى تطيح بمبدأ استقر طويلا)- انتهى.
    الثانية: وتتصل بعلاقة العلم بالجمال فالرسالة كما قرأنا كتبت بالاساس للدعوة الى البحث فى امكانية هذه العلاقة بل قدمت بعض الاشارات فى هذا الجانب اما الكتاب وفى الفصل الموسوم ب "المعارف الاولية العلمية: برهان من علم الجمال" فنجده يقدم مقاربات غاية فى الاهمية لعل اهمهمها محاولته تفنيد "توهم ان هناك صراعا دائما بين العلم والفنون" وفى سبيل هدفه هذا يتحدث عن الجمال الفكرى للافكار العلمية كما يورد مقولة دارون التى اختتم بها كتابه اصل الانواع والتى نصها "ثمة جلال نستشعره فى هذه النظرة التطورية عن الحياة" و يشير الى جماليات "النسبية" ثم يمضى هذا الفصل الجميل وكأنه يحاول ان يؤكد ان السرد خاصية تسم الوجود بشكل عام متوسلا بالكثير من القصص والحكايات ومعددا لما يمكن ان يضيفه العلم للخبرة الجمالية ولتلقى الفنون.
    الثالثة: وتتصل بالجفوة التى تنتاب بعض التلاميذ من المواد العلمية كحالة صديقنا القصاص التى استدعت كتابة الرسالة ففى الفصل الموسوم ب "توزيع المسؤولية: كيف وصلنا الى ما نحن فيه؟ يحاول الكتاب ان يجيب على سؤال لماذا لا تخرج المدارس طلابا توافرت لديهم المعارف الاولية العلمية؟ وفى سبيل الاجابة على هذا السؤال يلامس بعضا مما جاء فى الرسالة كطريقة تدريس المواد العلمية ومن المصادفات انه يتخذ من "الرياضيات" مثالا ومن المدرسة الابتدائية والمتوسطة والمدرسة الثانوية والجامعة فى امريكا "موطن الكاتب" مجالا، ولا بأس من ان اذكر هنا بعضا مما قاله الكاتب فى سبيل الاجابة على سؤاله ذاك فقد قال" (...واذكر على سبيل المثال ان ابنتى وقتما كانت فى المدرسة الابتدائية ادركت وزميلاتها وزملاؤها، بوضوح، ان معلميهم يشعرون بعدم الارتياح وهم يدرسون وحدات دراسية عن الفلك) مما حدى بالكاتب ان يقول: "..حرى بنا ان ندرك ان العلم يجب الا يبدو موضوعا غريبا لا يلقى ترحيبا فى المدارس الابتدائية والمتوسطة، اذ لا شئ بطبيعته مناهض للعلم فيما يتعلق بالمراهقة".
    اصل الى القول اننى على المستوى الشخصى قد نهلت كثيرا من فيوضات هذه الرسالة ويكفى انها حببت الى القراءة فى مجالات العلوم فشكرا لخلف وللقصاص،
    كما أشير انWhy science هو العنوان الأصلي للكتاب
    السر السيد
                  

07-28-2015, 03:43 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    (1) على مسافةٍ من عثمان
    عُدتُ إلى لندنَ بعد غيبةٍ قصيرة، ثلاثة أيامٍ على وجهِ التَّحديد، قضيتُها بالقرب من عثمان حامد؛ وشهدتُ خلالها كيف تواجه أسرتُه في وولفرهامبتون أعباءَ الإعاقةِ المزدوجة؛ فابنُه مازنٌ يعاني من استسقاء الرَّأس، وعثمانُ نفسُه قد فقد بضعةَ أصابعَ بيدِه اليمنى. إلا أنه، مع ذلك، لم يتضجَّر أو يتبرَّم أو ينفجر (إلا نادراً، كما فعلت جين وايلد [فيليسيتي جونز] في الفيلم، بحسبانهما إنسانين من لحمٍ ودم) أو يفقد شهية العمل بأنواعه المختلفة: المنزليِّ، والاجتماعيِّ، والثَّقافيِّ، والسِّياسيِّ.
    ففي البيت، يتقاسم عثمان أعباء العمل المنزلي مع منال مصطفى، حيث يعمل في المطبخ ويشرف على إطعامِ مازنٍ بصبرٍ وحبٍّ لا تخطئهما العينُ، مهما تشاغلتْ بأحاديثِه الشَّيِّقة، وأصواتِ القنواتِ التِّلفزيونية السُّودانية، وأجراسِ الهاتفِ المتلاحقة. وفي الصَّباح، عندما تذهب منال لتَّوصيل يارا بالسَّيارة إلى مدرستها ويصرُّ محيو (الذي تبدأ روضتُه بعد منتصف النَّهار) على مرافقتهما، يبقى عثمان بالمنزل مع مازن في انتظار عربة المجلس التي تأتي إلى البيت في تمام التَّاسعة؛ ولأن موقف العربة يقع على مسافةٍ من البيت وبينهما أزقةٌ متعرِّجة، قامت الأسرة بتركيبِ دائرةٍ تلفزيونية مغلقة، فحُلَّ أمرُ التَّواصلِ بينهما، الذي كان يسبِّب للطَّرفين كثيراً من المتاعب.
    إلا أن ما لم يتمُّ حلُّه، وما دفعني بالأساس إلى الاستطراد حول هذا الموضوع، هو أن أسرة عثمان، وكثيراً من الأسر السُّودانية الصَّغيرة الموزَّعة على مدن وبلدان الشَّتات، حتى ولو لم تتعرَّض للإصابة بالإعاقة العقلية أو الجسدية، تحتاجُ إلى أن يُرفع عنها قدرٌ من المعاناة بتوفيرِ نوعٍ من الرِّعايا المؤقتة، حتى يتمكَّن الزَّوجان من الاستمتاع بقدرٍ ضئيلٍ من الحرية الفردية، كأن يذهبا إلى مشاهدةِ فيلمٍ (رائعٍ كفيلم "نظرية كلِّ شيء") أو حضورِ عرضٍ مسرحيٍّ أو فعاليةٍ ثقافية. وإنني أذكرُ في الخمسِ سنواتٍ الأولى بعد ميلادِ ابننا الأكبر محجوب، لم نذهب أنا وأمُّه نادية الرَّشيد إلى أيِّ عرضٍ ترفيهي، إلا مرَّةً واحدة، عندما أتت سحر الجعلي ("ست البنات"، أمُّ مازن وأسيل)، زوجة الأستاذ عبد السَّلام سيد أحمد، من تلقاءِ نفسِها من كمبردج إلى لندن، وطلبت مِنَّا أن نذهب إلى أيِّ برنامجٍ نختاره؛ فقد جاءت لنا، على وجهِ الخصوص، لتأدية هذه المهمَّة.
    قطعاً، لن ننسى لها، ولعبدِ السَّلامِ، هذا الصَّنيع؛ كما لن ينسى كثيرٌ من الأسرِ الصَّغيرة صنائعَ مماثلة، إذا ما قامت في مدنِ وبلدانِ الشَّتاتِ مجموعاتٌ بدافعِ التَّطوُّعِ الذَّاتي أولاً، ثم بحثت لها لاحقاً عن تمويلٍ ذاتيٍّ أو حكومي. صحيحٌ أن هناك تنظيماتٍ تقوم بهذا العمل على مستوى البلد ككل، لكن فرصَتها ضيِّقةٌ ومحدودة، وأهدافَها تنصَبُّ على موضوع الإعاقة فقط؛ وهو في حدِّ ذاته أمرٌ جلل، لكن الأسرَ الصَّغيرة جميعَها تحتاجُ إلى مُتنفَّسٍ واسع، وإلا حدث ’بغتةً‘ ذلك ’الانفجارُ الذَّميم‘.
    وفي المجال الاجتماعي، لم ينقطع عثمانُ رغم مشاغلِه العديدة عن العملِ الاجتماعيِّ العام، فتراهُ ينخرطُ في أعمالِ الجالية، على محدوديتها، ويسعى بنفسِه، مع آخرينَ، لإيجادِ مدرسةٍ لتَّعليم اللُّغة العربية والدِّين يوم السَّبت من كلِّ أسبوع، ولا يمانع رغم تحفُّظاته الآيديولوجية في أن يجدَ الآخرون مدرسةً أخرى تتسعُ لإيواءِ مسجدٍ أكثر رحابةً. أما المجال الثَّقافي، فهو مجالُه الأثير، وقد لمِستُ ذلك منذ أن كان عثمانُ عضواً في جمعية الثَّقافة والإبداع بكلية الهندسة، كما لمِستُ ذلك من ولعِه بالرَّسم، وحبِّه لكتاباتِ يُمنى العيد وفيصل درَّاج، وتشبُّثِه بكتاباتِ مهدي عامل، رغم مآخذِ الكثيرين عليه، ومن ضمنهم عثمانُ نفسه. وفي أمستردام، كان عثمانُ قُطبَ الرَّحى في العملِ الثَّقافيِّ العام بالمدينة الهولندية الأثيرة إلى نفسي، ربما بسبب عثمانَ، ونخبةٍ مختارةٍ من خيرةِ المثقفين الذين جمعتهم الأرضُ الواطئة. أما بخصوص متابعته اليومية لرسالتي إلى عادل القصَّاص، فأنا أجدني إلى الآن عاجزاً عن معرفة كيف تسنَّى له فسحةٌ من الوقت لإنجازِ ذلك، خصوصاً وأنه كان في نفسِ الوقت يجري محادثاتٍ يومية مع مريم محمد الطَّيِّب لتخليصِ وشحنِ وتوزيعِ كتابَيْ شقيقِها عبد الله محمد الطَّيِّب (الرَّسم على الهامش)، وزوجِها عبد اللَّطيف علي الفكي (خطاب عاشق "شذور") لرولان بارت. وعندما ذهبتُ معه يوم الاثنين 9 فبراير 2015 إلى بيرمنجهام لتنفيذِ الخطوةِ الأخيرة من شحنِ الكتابين، أدركتُ أن عثمانَ كان يقوم وحدُه بعملِ الجبابرة، فقد طُلب مِنَّا إعادة تعبئة الطُّرود، لتصلَ إلى عناوينَ في لندن، والقاهرة، وأمريكا؛ فأيقنتُ، كما لم يحدُث من قبل، بأنه ناشطٌ ثقافيٌّ من الطِّراز الأول.
    هناك سببانِ ساهما، في نظري، بصورةٍ واضحة في تشكيل شخصية النَّاشط الثَّقافي لدى عثمان؛ الأول، هو تماسُك منال، وقدرتُها الفائقة على التَّعلُّم، وتحوُّلها من فتاةٍ بريئة من أم تريبات، إلى امرأةٍ قادرةٍ على قيادةِ سيارةٍ في مدينةٍ أوروبية، وإنابتها عن عثمانَ في كثيرٍ من مهامه اليومية؛ والثَّاني ربما يكون أمراً مؤقتاً، فقد لمِستُ، أثناء إقامتي القصيرة معه، فتوراً في العمل السِّياسي؛ وقد لمِستُ ذلك، تلميحاً وليس تصريحاً، مما كان له مردودٌ إيجابي على العمل الثَّقافي، على الأقل من ناحية الزَّمن المخصَّص لكليهما؛ فلماذا لا يفرِّغونه للعمل الثَّقافي، كما فرَّغتِ الحركةُ الإسلامية في الماضي السِّر السَّيد، من غير أن يكون بالضَّرورة ناقلاً لأسرارِها إلى التَّنظيم السِّياسي، كما أوضح ذلك الصَّديق عادل القصَّاص في معرض ردِّه على أحد المشاركين في موقع الرَّاكوبة.

    محمد خلف
                  

07-28-2015, 03:44 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    محمد خلف ؟محمد حقنا الواحد دا القاعد فى لندن ؟
    ولا محمد خلف القاعد فى السودان ؟
    اختلطت على الاسماء وقدر ما قريت الاقى انى ما قادرة اعرف محمد ياتو ؟
    لكم جميعا محبتى وقاعدة اقراك يا خلف بعيونى العشرين لانه كل مرة بتفتح لى كوة جديدة للمعرفة
    شكرا منصور وعادل والسر ومحمد خلف


    سلمى الشيخ سلامة


                  

07-28-2015, 03:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    Quote: Quote: يحدثُ أحياناً أن أحذفَ من عملٍ ما عنصراً يُحَقِّقُ لي غبطةً داخلية ونشوةً ذاتيةً كبيرة ،
    غير أن القوانينَ الدَّاخلية ، العضوية ، البنائية ، للعملِ لا تقترحُه



    اقتباس يدل, يا عبدالجليل, على قراءة ذكية, لشهادة كاتب حاذق عن مكابدات العملية الإبداعية. ربما لهذا قال ماركيز إن الكاتب الجيد يعرف بقدر عدد ما يمزق من أوراق. وكلما طالعت هذه المسألة المثارة هنا وهناك, تذكرت قول حلمي سالم في ديوانه "سراب التريكو":

    حزن خفيف على قصة الشعر
    وحنين إلى أن يراني
    من لم يكن يراني
    وأنا على أبواب المواساة

    وكنت أقول لحلمي من فترة لأخرى إنني رأيته. رحمه الله. كان غارقا في حمى لحظته الإبداعية, في مقهى وادي النيل المطل على ميدان التحرير, ذات نهار صيفي حارق, وبدا في مكابداته كما لو أنه في غيبوبة يقظة, غير متأثر تماما بلفح الجمرات الملتهبة المعدة لدخان الشيشة, بينما أعبر من أمام بوابة المقهى المشرعة والمغمورة, حد الابهار والعمى, بوهج الشمس وغيظ ما بعد منتصف الظهيرة الذي لا يطاق.

    وهذا بمثابة تجديد حضور ومتابعة وتحية


    عبد الحميد البرنس
                  

07-28-2015, 10:10 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    سلمى الشيخ، فردتنا ووردتنا!

    إنَّمَا هو محمد خلف الله عبد الله، المعروف، إختصاراً، بيننا، بمحمد خلف، وغالباً بخلف، المقيم والمكابد والمبدع، منذ مستهل التسعينيات، في لندن، والمقترن بالصديقة نادية الرشيد نايل (وربما أنك كنتِ أحد حضور الجزء الثاني - وقد كان الجزء الأول قد تم في أمدرمان - من مراسم إتمام زواجهما في القاهرة - وقد سمعتُ - وكنتُ وقتها ما أزال أقيم في الخرطوم - بأن حضور محمد وردي، جسداً وعقيرة، كان من أبرز مُعَمِّديْ ومُعَمِّدات ذلك الجزء الثاني من المناسبة).

    أما محمد خلف الله سليمان، المعروف بيننا بمحمد خلف أيضاً، وغالباً بخلف كذلك، فهو ما يزال مقيماً ومكابداً ومبدعاً في السودان.

    ولعلك تعلمين أن الأثنين يشتركان - أيضاً - بخلاف الاسم والارتباط الحميم والصميم بدائرة اجتماعية وثقافية نحن - لحسن الحظ - من المنتمين اليها - في خَصيصَتَيْ التحصيل الثقافي والفكري العميقين كما في كتابة القصة القصيرة.

    أتوقع منك زيارة أخرى، أكثر تَوَرُّدَاً وعطراً.


    عادل القصاص

                  

07-28-2015, 10:11 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    العزيز عبد الحميد البرنس،

    "وكنت أقول لحلمي من فترة لأخرى إنني رأيته. رحمه الله. كان غارقا في حمى لحظته الإبداعية, في مقهى وادي النيل المطل على ميدان التحرير, ذات نهار صيفي حارق, وبدا في مكابداته كما لو أنه في غيبوبة يقظة, غير متأثر تماما بلفح الجمرات الملتهبة المعدة لدخان الشيشة, بينما أعبر من أمام بوابة المقهى المشرعة والمغمورة, حد الابهار والعمى, بوهج الشمس وغيظ ما بعد منتصف الظهيرة الذي لا يطاق".

    هذا هو حلمي سالم حقاً.

    يا للمشهد الوطيد في النفاذ والوسامة! إنَّمَا أقعدني هذا المشهد-الإنشاء البديع هناك، في مقهى وادي النيل هذا، الذي كان من أوائل معالم القاهرة التي ارتحت لها.

    متابعتك المبدعة، النافذة، يا عبد الحميد، هي وردة في قلبي وتاج على رأسي



    عادل القصاص
                  

07-28-2015, 10:13 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    عزيزنا أمير الأمين حسن سلام من الله عليك وأراك لم تذهب بعيداً فى قولك فالحرف إشارة فيه حمولةً من المعانى لا يدرى كنهها إلا الله والراسخون
    فى العلم المؤمنون به حق الإيمان فما بالك من المفرده التى قد تكون عبارةً أو جزءَ منها فيا سبحان الله حين تضيق تتسع تلك أو كما يقولون وألف ودى
    وسلامى وشكرى لك.


    منصور
                  

07-28-2015, 10:15 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الحلقة الثَّانية من عرض كتاب واينبيرج: "أن نُفسِّر العالم: اكتشاف العلم الحديث"
    -الجزء الأول-
    "بيت الحكمة: فلاسفة/أطباء مقابل فلكيين/علماء رياضيات"

    مهَّد عالمُ الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبيرج للفصل التَّاسع من كتابه "أن نُفسِّر العالم: اكتشاف العلم الحديث"، الذي جاء تحت عنوان: "العرب"، بالقول إن العصور الوسطى –وتحديداً الألفية الواقعة بين سقوط روما والثَّورة العلمية- لم تكن صحراءَ فكريةً قاحلة، إذ إن إنجازاتِ العلوم اليونانية، وخاصَّةً علم البصريات والفلك، قد تمَّ حِفظُها، وفي بعضِ الأحيان تطويرُها، داخل مؤسَّسات الإسلام وعبرها إلى جامعات أوروبا، كما تمَّ استمرارُ الحوار حول دور العلم الطَّبيعي داخل إطار الفلسفة والرِّياضيات والدِّين، مما مهَّد الطَّريق بدوره إلى نشوء الثَّورة العلمية.
    بدأت مرحلة التَّشرُّب بالعلوم اليونانية منذ سيطرة المسلمين على الأراضي البيزنطية إبان العهد الأموي، إلا أن العصر الذَّهبي للعلوم العربية لم يبدأ إلا مع فترة حكم خلفاء الدَّولة العباسية: المنصور (754-775)؛ وهارون الرَّشيد (786-809)؛ وابنه المأمون (813-833)، الذي وصلت حركة الترجمة لنصوصٍ من اليونان وبلاد فارس والهند في عهدِه إلى أبعدِ مدًى لها؛ فقد أرسل بعثةً إلى القسطنطينية لجلب المخطوطات اليونانية، وربما صحبها الطبيب حُنين بن إسحق، أعظم مترجمي القرن التَّاسع، الذي كرَّس أسرتَه لأعمالِ التَّرجمة، فترجم مخطوطات أفلاطون وأرسطو، إضافةً إلى النُّصوص الطِّبية لكلٍّ من ديسقوريدوس، وجالينوس، وأبقراط؛ كما تُرجمت في ذلك العهد أعمال إقليديس وبطليموس في الرِّياضيات والفلك؛ وقد تُرجمت بعض تلك النُّصوص مباشرةً من اليونانية، وتُرجم البعضُ الآخر ترجمةً ثانية عن طريق السِّريانية.
    في ضوء هذه الحركة النَّشطة، جاءت عبارة هيتي التي نقلها واينبيرج، والتي أشرنا إليها في الحلقة السَّابقة؛ وهي أنه "بينما كان هارون الرَّشيد والمأمون في الشَّرق يعكفون على دراسة الفلسفتين الإغريقية والفارسية، كان معاصروهم في الغرب، شارلمان وبطانته، هواةً ينشغلون بحرفة كتابةِ أسمائهم". ففي بغداد أصبح بيت الحكمة مركزاً رائجاً للتَّرجمة والبحوث في عهد الرَّشيد، وابنه المأمون. إلا أن العلوم العربية لم تكن، بحسب واينبيرج، حصراً على بغداد، بل انتشرت منها إلى إسبانبا، والمغرب، وآسيا الوسطى؛ وقد شارك فيها إلى جانب العرب كلٌّ من الفرس واليهود والأتراك، الذين كانوا جزءاً لا يتجزأ من الحضارة العربية؛ ومن هنا جاءت تسمية هذا الفصل باسم "العرب"، لتعكس هذا الفهم الاصطلاحيِّ الموسَّع.
    ويقول واينبيرج إنه بشكلٍ تقريبي، يمكن تقسيم رجال العلم العرب إلى مجموعتين رئيسيتين لكلِّ منهما تقاليدها العلمية الرَّاسخة. فمن جانب، يوجد علماء الرِّياضيات والفلكيين الحقيقيين، الذين لا يعيرون اهتماماً كبيراً لما نسميه اليوم بالفلسفة؛ وفي الجانب الآخر، يوجد الفلاسفة والأطباء، الذين لا يحفلون كثيراً بالرِّياضيات، ويتأثَّرون بشكلٍ كبيرٍ بأرسطو؛ وإذا اهتموا بالفلك، فإن اهتمامهم ينحصر بصورةٍ رئيسية في التَّنجيم؛ وإذا اهتموا إلى حدٍّ ما بحركة الكواكب، فإن هؤلاء الفلاسفة والأطباء يفضِّلون نظرية أرسطو القائمة على مجالاتٍ يتمركَّز دورانها حول الأرض؛ أمَّا الفلكيون وعلماء الرِّياضيات، فإنهم يتَّبعون بشكلٍ عام نظرية بطليموس لأفلاك التَّدوير. ويعتبر واينبيرج أن لهذا الانقسام بُعداً فكرياً، انتقل إلى أوروبا، وظلَّ قائماً حتى حلول عهد النَّهضة الأوروبية، واستشراف زمن عالم الفلك البولندي نيكولاس كوبيرنيكوس.
    ويورد واينبيرج عدداً من الأشخاص الذين قامت على أكتافهم مجتمعينَ إنجازاتُ العلوم العربية، إذ لا يوجد، في نظرِه، واحدٌ منهم بمفردِه له قامة غاليليو أو نيوتن. ومن هؤلاء الفلكيين وعلماء الرِّياضيات، يجيء ذكرُ الخوارزمي، والفرغاني، والبتَّاني، والصُّوفي، والبيروني، والخيَّام، وابن الهيثم، وابن حيان، والزَّرقلي، وابن ميمون؛ ومن الأطباء والفلاسفة، يجيء ذكر الكندي، والرَّازي، وابن سينا، والزَّهراوي، وابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد. ويقول واينبيرج إن تأثير العلوم العربية على أورويا لا يتجلَّى فقط في علم الجبر والخوارزمية (وهي مجموعة الخطوات الرِّياضية والمنطقية المتسلسلة واللَّازمة في نفس الوقت لحلِّ مسألةٍ ما)، وإنما ينعكس أيضاً في أسماء النُّجوم: الدَّبران، والغول، والفكَّة، و(النِّسر) الطَّائر، ومنكب الجوزاء، والمئزر، ورجل (الجبار)، والنِّسر الواقع.

    انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني والأخير من الحلقة الثانية والأخيرة


    محمد خلف
                  

07-28-2015, 10:16 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    عندما يكون للكتابة معنى تكون للقراءة نكهةً فريدةَ!!


    منصور
                  

07-29-2015, 01:45 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    الحلقة الثَّانية من عرض كتاب واينبيرج: "أن نُفسِّر العالم: اكتشاف العلم الحديث"
    -الجزء الثَّاني والأخير-
    "بيت الحكمة: فلاسفة/أطباء مقابل فلكيين/علماء رياضيات"

    وفقاً لما جاء في الجزء الأول من هذه الحلقة، فإن عالم الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبيرج يعتبر أن تأثير العلوم العربية على أوروبا لا يتجلَّى فقط في علم الجبر و"الخوارزمية"، وإنما ينعكس أيضاً في أسماء النُّجوم، والمصطلحات الطِّبية، مثل: القلوية، والإنبيق (وهو جهازٌ لتَّقطير السَّوائل)، والكحول، والأليزارين (وهو مركَّب عضوي يُستخدم كصباغٍ أحمر)، وبالطَّبع الخيمياء (ويعرِّفها ابن خلدون بأنها علمٌ ينظر في المادَّة التي يتمُّ بها تكوين الذَّهب والفضَّة بالصِّناعة).
    يقول واينبيرج إن استعراض أسماء الأشخاص الذين قامت على أكتافهم إنجازاتِ العلوم العربية، يطرح سؤالاً مهمَّاً، وهو: لماذا تشبَّث أولئك المشتغلون بالطِّبِّ، على وجهِ الخصوص، بتعاليم أرسطو؛ ومن بينهم أطباءُ من أمثال ابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد، وابن ميمون؟ ويورد واينبيرج ثلاث إجاباتٍ محتملة: الأولى، هي أن الأطباء قد يميلون بشكلٍ طبيعي إلى كتابات أرسطو حول علم الأحياء، وهي من أفضل كتاباته؛ والثَّانية، هي أن الأطباء العرب تأثَّروا بشدَّة بكتابات جالينوس، الذي كان يُعجب بدورِه بأرسطو إلى حدٍّ كبير؛ والأخيرة، هي أن الطِّبَّ حقلٌ تصعُب فيه المواجهة المحدَّدة بين النَّظرية والمشاهدة، لذلك فإن إخفاقات الفيزياء والفلك الأرسطيين في التَّوافق المحدَّد مع المشاهدة قد لا تبدو أمراً مهمَّاً بالنسبة للأطباء. في المقابل، فإن أعمال الفلكيين قد تمَّ استخدامُها لأغراضٍ يبدو فيها أن الوصولَ إلى نتائجَ صحيحة ودقيقة أمرٌ ضروري، مثل التَّقاويم، وقياس المسافاتِ على الأرض، ومعرفة الأوقات الدَّقيقة للصَّلوات، وتحديد اتجاه القبلة؛ وحتى أولئك الفلكيين الذين طبَّقوا علمهم على التَّنجيم، فإن عليهم أن يحدِّدوا بدقة موقع الأبراج في كلِّ يومٍ من السَّنة، وإنهم من غير المرجَّح أن يقبلوا بنظريةٍ مثل نظريةِ أرسطو التي تعطي لهم نتائجَ خاطئة.
    باستيلاء هولاكو خان، حفيد الإمبراطور جنكيز خان، على بغداد وقتل الخليفة (المستعصم بالله) في عام 1258، انتهت الخلافة العبَّاسية، وكانت قد تمزَّقت قبل ذلك التَّاريخ إلى دويلات (الخلافة الأموية في إسبانيا، والخلافة الفاطمية في مصر، ودولة المرابطين في المغرب وإسبانيا، التي تلتها دولة الموحِّدين في شمال أفريقيا وإسبانيا)؛ إلا أن واينبيرج يرى أن تدهور العلوم العربية قد بدأ قبل ذلك، وربما كانت بدايته في عام 1100، وبعده لم يظهر، حسب عالم الفيزياء الأمريكي، أيٌّ من العلماء، مِمَّن هم في قامة البتَّاني، والبيروني، وابن سينا، وابن الهيثم. ويقول واينبيرج إن هذه نقطة مثيرة فعلاً للخلاف، وإن الوضع السِّياسي الرَّاهن يثير مرارة الجدل حول هذا الموضوع.
    صحيحٌ أن هناك مَن مارس علم الفلك في أعقاب سقوط بغداد، كالطُّوسي (الذي كتب عن الهندسة الفراغية، واقترح تعديلاتٍ لنظرية بطليموس حول أفلاك التَّدوير، التي لا يُستبعد أن يكون كوبيرنيكوس قد استفاد منها)، والشِّيرازي عالم الفلك والرِّياضيات، والفارسي (تلميذ الشِّيرازي، الذي وضع حجرَ أساسٍ لعلم البصريات بتعليلِ ظاهرة أقواس القزح وألوانِها التي تحدث نتيجةً لانكسارِ ضوءِ الشَّمس بداخل قطرات المطر)، وابن الشَّاطر (الذي طوَّر نظريةً حول حركة الكواكب، لا يُستبعد أيضاً أن يكون كوبيرنيكوس قد اطَّلع عليها حينما كان طالباً في إيطاليا). ويقول واينبيرج إنه بصرف النَّظر عن تأثُّر كوبيرنيكوس بكلٍّ من الطُّوسي وابن الشَّاطر (وهو عموماً لا يبخل باعترافِ فضلِ العرب، فقد أقرَّ بفضلِ البتَّاني، والبطروجي، وابن رشد)، فإن أعمالهما لم يتمُّ متابعتها بواسطة الفلكيين الإسلاميين، فهي، في نظره، تتعامل مع تعقيداتٍ ناتجةٍ عن المدارات البيضاوية (التي لم يكن الطُّوسي أو ابن الشَّاطر، أو حتى كوبيرنيكوس نفسه، ملمين بها)؛ والخلاصة التي يصل إليها واينبيرج هي أنه لم يقُم أيُّ فلكيٍّ عربيٍّ قبل الأزمنة الحديثة بتطويرِ نظريةٍ لمجالاتٍ فلكية مركزها الشمس.
    في مجال الطِّب، تمَّ إحرازُ تقدُّمٍ في أعقاب سقوط بغداد، حيث اكتشف ابنُ النَّفيس، الذي عمل في مستشفيات القاهرة ودمشق، الدَّورةَ الدَّموية الرِّئوية؛ وهي دورانُ الدَّمِ من الجانبِ الأيمن للقلب خلال الرِّئتين، حيثُ يختلطُ بالهواء، ويتدفَّق في عودته نحو الجهةِ اليسرى من القلب؛ كما كتب ابنُ النفيسِ أيضاً عن طبِّ العيون. إلا أن واينبيرج يعتقد بأنه رغم كلِّ تلك التَّطوُّرات، فإنه من الصَّعب تفادي الانطباع بأن العلم في العالم الإسلامي بدأ يفقد زخمه مع نهاية العصر العبَّاسي، ومن ثمَّ استمر في تدهوره بعد ذلك من غير انقطاع؛ وعندما جاءت الثَّورة الصِّناعية، فإنها حدثت فقط داخل القارَّة الأوروبية، وليس في أرض الإسلام، كما لم يلحق بها العلماءُ المسلمون. وحتى بعد أن أصبحتِ التِّلسكوباتُ متاحةً إبان القرن السَّابع عشر، استمرتِ المراصدُ الفلكية في الدُّول الإسلامية في اتِّباع علمِ الفلكِ المُقيَّدِ برؤيةِ العينِ المجرَّدة، والذي يتمُّ العملُ به بصورةٍ عامَّة لأغراضٍ تقويمية ودينية، وليست لأغراضٍ علمية بأيِّ حالٍ من الأحوال.
    يطرح واينبيرج سؤالين متعلِّقين بتدهور العلم الطَّبيعي في العالم الإسلامي: أولاً، ما هو الموقف العام للعلماء المسلمين بصددِ الدين؟ وثانياً، ما هو موقف المجتمع الإسلامي بإزاء العلوم الطَّبيعية؟ ويجيب واينبيرج على السُّؤال الأول بالقول إن الشَّكَّ منتشرٌ في أوساط العلماء إبان العصر العبَّاسي، ويضرب لذلك مثلاً بالفلكي الشَّاعر عمر الخيام (صاحب الرُّباعيات الشَّهيرة، والتي نقل الشَّاعر إدوارد فيتزجيرالد 75 رباعيةً منها إلى اللُّغة الإنجليزية)، وابن رشد (الذي تمَّ نفيه في عام 1195 للاشتباه في هرطقته)، والرَّازي (الذي يزعم أن المعجزاتِ خِدَعٌ، وأن النَّاس لا يحتاجون إلى زعماءَ دينيين، وأن إقليدس وأبقراط أكثر فائدةً للإنسانية من المعلمين الدِّينيين)، والبيروني (الذي كان متعاطفاً مع الرَّازي لدرجةِ أنه كَتَبَ سيرةً تُظهر إعجابه به). إلا أنه، من الجانب الآخر، هناك ابن سينا الذي وجَّه انتقاداتٍ عنيفة لكلٍّ من البيروني والرَّازي، كما أن هناك الطُّوسي الذي كان، بحسب واينبيرج، شيعياً وَرِعاً، أمَّا الصُّوفي، فإن مجرد لقبه فقط يوحي بأنه كان صوفياً. ويخلُص واينبيرج إلى أنه من الصَّعب، في غيابِ سِجِلٍّ عن الميول الدِّينية للعلماء، الوصول إلى نتيجةٍ مقنعة من هذه الأمثلة المتباينة، لكنه يعزي صمتَ العلماء حول هذه المسألة إلى الشَّكِّ والخوف، وليس بدافعٍ من التَّقوى.
    يشير واينبيرج، بصددِ الإجابة على السُّؤال الثَّاني عاليه، إلى الخليفة المأمون، الذي أنشأ بيت الحكمة، ليدلِّل على دعمه للعلوم، كما يشير أيضاً إلى انتمائه إلى فرقة المعتزلة، التي كانت تسعى إلى إيجادِ تفسيرٍ عقلانيٍّ للقرآن. إلا أن المعتزلة، بحسب واينبيرج، لم يكونوا متشكِّكين دينياً، بل كانوا يعتقدون بأن القرآنَ هو كلامُ الله، لكنه تمَّ خلقُه من قِبَلِه تعالى، ولم يكن موجوداً منذُ الأزل. وفي نفسِ الوقت، يرى واينبيرج أنه لا ينبغي اعتبار المعتزلة دعاةً للحرياتِ المدنية الحديثة، فقد قاموا باضطهادِ المسلمين الذين كانوا يعتقدون بأن الله ليس في حاجةٍ إلى خلقِ القرآن الخالد منذ الأزل. إلا أن الشَّخصية الرَّئيسية التي يُشار إليها عند الحديث عن نشوء التَّوتر بين العلم والإسلام هي أبو حامد الغزالي الذي ارتحل من الإيمانِ إلى الشَّك، ثم من الشَّكِّ إلى الإيمان؛ وبعد أن تشرَّب بأعمال أرسطو، قام بتلخيصها في كتاب "مقاصد الفلاسفة"، ثم قام لاحقاً بمهاجمة العقلانية في كتابه الأشهر "تهافت الفلاسفة"، الذي ردَّ عليه ابن رشد فيما بعد في كتاب "تهافت التهافت".
    يقول واينبيرج إن هجوم الغزالي على العلم والعقلانية اتَّخذ شكلَ مذهبِ العلِّية الظرفية أو الموقعية، وهو مذهبٌ يرى أن أيَّ شيءٍ يحدُث، مهما كان ظرفُ حدوثِه، هو عبارةٌ عن مناسبةٍ فريدة، لا تتحكَّم فيها قوانينُ الطَّبيعة، وإنما تتم بإرادةٍ مباشرةٍ من الله تعالى (وهي نظريةٌ لم تكن جديدةً على الإسلام، فقد طوَّرها منذ قرنٍ الأشعريُّ، الذي يقف على طرفي نقيض من المعتزلة). ويشير واينبيرج أيضاً إلى أن الدِّيانات الأخرى، مثل اليهودية والمسيحية، تقرُّ باحتمال وجود المعجزات، وخروجها على النِّظام الطَّبيعي؛ إلا أن الغزالي، في نظر عالم الفيزياء الأمريكي، يمضي أبعد من ذلك، إذ إنه ينكر أهمية النِّظام الطَّبيعي على الإطلاق. ويقول واينبيرج إن من العسير فهم ذلك الموقف، لأننا نلاحظ اطِّراداً وانتظاماً في الطَّبيعة، وما من شكٍّ في أن الغزالي كان يدرك ذلك، فكان من الممكن أن يحفظ مكاناً للعلم داخل عالم الإسلام، باعتبارِه أنهُ مَا شاءَ اللهُ عادةً أنْ يَحدُث، وهو الموقف الذي تبنَّاه في القرنِ السَّابع عشر نيكولا ملبرانش؛ إلا أن الغزالي لم يفعل ذلك، بل أوضح موقفه في كتابٍ آخرَ شبَّه فيه العلم بالنَّبيذ؛ فالنَّبيذُ يقوِّي الجسم، لكنه محرَّمٌ على المسلمين؛ وعلى نفسِ المنوال، فإن علم الفلك والرِّياضيات يقوِّيان العقل، لكننا "نخشى بأن ينجذبَ المرءُ من خلالِهما إلى تبنِّي مذاهبَ شديدةِ الخطر".
    ويختم واينبيرج هذا الفصل بالقول إن كتابات الغزالي لم تكن وحدها التي تشهد على تنامي العداء الإسلامي للعلوم الطَّبيعية في العصور الوسطى؛ ففي عام 1195 في قرطبة إبان عهد الموحِّدين، قام العلماء (وهم علماء الدِّين المحليين) بحرقِ كلِّ الكتب الطِّبية والعلمية؛ وفي عام 1449، قام المتعصِّبون الدِّينيون بتدميرِ مرصد أولوغ بيك في سمرقند. أمَّا اليوم، فإننا نرى نفسَ الإشاراتِ التي أثارت مخاوفَ الغزالي في القرن الثَّاني عشر. ويمضي واينبيرج قائلاً: أخطرني مرةً صديقي الرَّاحل (محمد) عبد السَّلام، عالم الفيزياء الباكستاني الذي كان أول مسلمٍ ينال جائزة نوبل في العلوم (لأعمالٍ أنجزها في إنجلترا وإيطاليا)، أنه سعى لإقناع حكام دول الخليج الغنية بالنَّفط للاستثمار في البحوث العلمية، فوجد أنهم متحمِّسون لدعم التَّقنية، ولكنهم يخشون من أن تؤدي العلوم البحتة إلى تآكلٍ ثقافي (فعبدُ السَّلامِ نفسُه هو مسلمٌ وَرِع، ويدينُ بالولاءِ لجماعةٍ إسلامية، هي الأحمدية، التي يُنظر إليها باعتبارِها طائفةً ابتداعية في باكستان، ولسنواتٍ لم يستطع العودة إلى بلادِه بسببِ معتقدِه الدِّيني). ومن المثير للغرابة أن سيِّد قطب، الرُّوحَ الموجِّهة للإسلام الرَّاديكالي الحديث، قد نادى في القرن العشرين إلى استبدالِ كلٍّ من المسيحية واليهودية والإسلام في عهدِه بإسلام ٍعالميٍّ نقي، لأنه كان يأمل جزئياً في إنشاء علمٍ إسلامي لتَّجسيرِ الهُوَّة القائمة بين العلم والدِّين؛ إلا أن العلماء العرب في عصرهم الذَّهبيِّ لم يكونوا يؤدُّون علماً إسلامياً، إنهم كانوا يؤدُّون علماً فحسب.

    انتهى الجزءُ الثَّاني والأخير من الحلقة الثَّانية والأخيرة؛ وربما نعقبه بحلقةٍ خاصَّة تحت عنوان: "على مسافةٍ نقديةٍ من واينبيرج"، تمهيداً لاستئنافِ ما انقطعَ من سلسلةِ (على مسافةٍ من (1) عثمانَ، و(2) روجر بنروز، و(3) "نظرية كلِّ شيء")، حتى نتمكَّن، إن شاءَ اللهُ، من إضاءة العلاقة بين الحقِّ والحقيقة؛ والتَّعليق بعد ذلك على كتابات السِّر السَّيِّد الشَّيِّقة، التي أرجو لها ألا تتوقَّف عن التَّدفُق، ريثما يلتقط الآخرون أنفاسَهم، ويبدأون في إثراءِ أركان النِّقاش بمعارفهم الغزيرة وتجاربهم الرَّائعة.



    محمد خلف
                  

07-29-2015, 01:50 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    ألف سلام عليك يا سلمى فى بيت محمد خلف الله عبدالله ومائدته الفكريه
    الدسمه المسبكه والتى ينجذب إليها الكل بشرهٍ ونفسٍ لا تتوانى فى
    أن تسأل هل من مزيد!!

    شكراَ سلمى ولك السلام

    منصور
                  

07-29-2015, 01:53 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    العزيز البرنس السلام ورحمة الله عليك والأسره الماجده، وأنت أعرف بأن اللغة وسيلة للخطاب بين الناس فكلما تعقد واقع الناس تعقدت اللغه لتستوعب
    ما يواجهها من أهوال وأحوال فتنتج مفرداةً جديدة تبتدعها أو تستلفها من لغات أخر لا بل تتناسل منها لغات سريه يتخفى بها مجتمع كامل داخل المجتمع كمجتمع المتشردين تحت الأرض ولغة الشفرة فى الجيوش أو غيرها
    من الإبتداعات صوتيه حركية كانت أم قطعيه كلغة التلكس أو إشارات البوسته ورغم تلك السقوف إلا أن أعلاها هى لغة التنزيل التى تحوى الكتب السماويه ففى العربية القرآن وفى العبرية العهد القديم أو التوراة وتعاليم موسى
    فى الآرامية تعاليم عيسى وما فى الصحف والمزامير واللغة كما الكائن الحى ينبغى أن تحتفظ بحيويتها وإلا ستشيخ وتندثر كآلاف اللغات وتموت كلغات البرتى والميما والقمر وكلغة النوبه فى مناطق الجعليين والرباطاب والشايقيه والمناصير
    والجموعيه حيث إبتلعت اللغة العربية تلك اللغات ولكنها تلونت بمسميات ومفردات وتعابير وأساليب وصيغ جمع خلاف ما فى العربيه لتزداد ثراءً ومنعه ليزداد لسان الناس هنالك تعبيريه عاليه وما نطالعه فى أدب الطيب صالح
    خير شاهد ودليل أى فى أدبه ذلك الذى تركه لنا ولسوانا بالغاً قمة السرد وقمة القص وقمة الحكو البديع بلغة خلاسية خاطفه من ما كان سائدا ومثله بلغ السرد قمته عند غارسيا لذات الظرف فالأسبانيه تسيّدت على اللغات الأصليه
    بأميركا اللاتينيه وأزدادت ثراءَ بذلك ليزداد أفق اللاتينو فى السرد والقص بعد أن كانوا أباطرة نحت ورسم وتشكيل فنقلوا كل ذلك للسرد، ومصر ليست بأقل من ذلك من تسيدها البيزنطيون والبطليومسون والفرس والرومان
    والأتراك والمماليك والأغاريق والفرنسيون والعرب والهكسوس والبربر وما نجيب محفوظ وما قصه إلا لخلاصة وخلاسية اللغه وفى العراق الأثر الكردى والتركمانى والآشورى والسريانى والكلدانى وفى لبنان الفينيقيه والتركيه
    والفرنسيه وما إلى ذلك وكذا إكتساب الألسن كما الإنجليزيه والفرنسيه والألمانيه ففى اللغة يكمن تراث الأمم وأدبهم والتاريخ وما السرد غير وصف الخافت غير المرئى فى المجتمع ودربة إضاءته بمكر السرد
    اللافت والنازع للبعد المعيارى من ذلك الخافت، فالشكر لك وللقصاص ولمحمد خلف بأن تماديتم فى إتحافانا بفتوحات جبارة فى السرد وفنونه وعلميته وما يحويه من تشكيل.


    منصور
                  

07-29-2015, 01:55 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    على مسافةٍ من عالم الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبيرج

    الحلقة الأولى


    لا يُخفي عالمُ الفيزياءِ الأمريكي إلحادَه، لكنه لا يرفع رايةً إلحادية على رؤوسِ الأشهاد، كما يفعل عالم الأحياء البريطاني ريتشارد دوكنز، أو الفيلسوف الأمريكي دانييل دينيت، أو بدرجةٍ أقل عالم الاجتماع الأمريكي روبرت رايت. وما دفع هؤلاء إلى التَّبجُّح بإعلان مبادئهم الإلحادية، هو بروزُ التَّطرُّفِ المسيحيِّ في بلدانهم أولاً، ثم ساعدَ التَّطرُّفُ الإسلاميُّ المرتبط بالإرهاب، ثانياً، في علوِّ نبرةِ النَّزعة الإلحادية لديهم، فَنَشَرَ دوكنز كتاب "الانخداع بالله"، ودينيت كتاب "كسر الرُّقية"، ورايت كتاب "تطوُّر (فكرة) الله". في المقابل، لم يكتب واينبيرج موخَّراً (يوم 17 فبراير 2015، في بريطانيا) إلا كتاباً معتدلاً، هو كتاب "أن نُفسِّر العالم: اكتشاف العلم الحديث"، الذي استعرضنا في ثلاثِ حلقاتٍ جانباً منه، خصوصاً الفصل التَّاسع الذي جاء تحت عنوان "العرب"؛ فما الذي يُفسِّر هذا الاعتدال؟
    في البداية، نودُّ أن ننبِّه على أن كتاب واينبيرج الأخير لا يُعدُّ أفضلَ كتبِه التَّنويرية؛ ومن أراد ذلك، فعليه بكتابه الموسوم "الثَّلاثُ دقائقَ الأولى"؛ ولكننا اخترنا استعراض كتابه الذي صدر مؤخَّراً لصلته بموضوع السَّرد، ولتخصيصه فصلاً عن العلوم العربية في عصرها الذَّهبي، ولصدورِه في أعقاب الكتب الثَّلاثة المذكورة أعلاه. من جانبٍ آخر، يعتقدُ بعضُ المعلَّقين أن كتاب واينبيرج الأخير لم يكن متوازناً، لأنه ركَّز على الفلك والرِّياضيات، وأغفل الكيمياء والأحياء. إلا أنني أرى بأن ذلك تحديداً هو نقطة قوته، وربما يفسِّر إلى حدٍّ كبير نزوعه نحو الاعتدال.
    ما يميِّز واينبيرج على غيره من علماء الفيزياء، غير حصوله على الجائزة الكبرى في هذا المجال، هو تمكُّنه من كلا القسمين الرَّئيسيين لعلم الفيزياء؛ فمن جانب، يأتي اهتمامُه بعلم الفلك وعلم الكونيات، الذي تهيمن عليه النَّظرية النِّسبية العامة بنموذجها القياسي، المُصاغ وفقاً لدرجة تقويس أو انحناء الزَّمكان؛ ومن جانبٍ آخر، يأتي تخصُصه في علم فيزياء الجُسيماتِ المتناهيةِ الصِّغر، الذي تهيمن عليه ميكانيكا الكم بنموذجها القياسي، المُصاغ وفقاً لدرجات التَّفاعل بين الجُسيمات الأولية، بقسميها الرَّئيسيين: الفِرميونات والبوزونات. وتأتي أهمية هذا التَّمكُّن المزدوج في أن القوانين التي تتحكَّم في القسمين الرَّئيسيين للفيزياء لا يمكن التَّوفيق بينهما حالياً، ولكن العلماء يحسون بدرجةٍ عالية من التَّفاؤل بأنهم يقتربون حثيثاً من إيجادٍ حلٍّ موفَّق يقود إلى تفسير كلِّ شيء.
    إلا أن هذه الوضعية المفعمة بالتَّناقض، إضافةً إلى إحساسه بأن الإنسان لا يستطيع تفسير كلِّ شيء، قد ملأت واينبيرج بحزنٍ لا يُوصف، مما حدا به إلى الميل نحو الموسيقى الكلاسيكية والأدب، لعله يجد هناك عزاءً وسلواناً؛ وربما يكون هذا الإحساس بعدم القدرة النَّاجعة على التَّفسير هي التي دفعته إلى تعاطفٍ داخلي مع الذين يجدون ملاذاً آمناً لهم في الدِّين، فهو لا يتعرَّض لهم مثل أصحاب الكتب الثَّلاثة بالنَّقد أو التَّجريح؛ وكلُّ ما يدَّعيه هو أن المنهج العلمي الذي يتَّبعه في البحث والاستقصاء لا يقوده إلى طريقِ الله، لكنه لا يسخر مِمَّن يزعم بأنه وصل بغير النَّهج العلمي إلى طمأنينة الإيمان. وربما تكون صداقته لعبد السَّلام، الذي تَشَارَكَ معه الجائزة، هي التي قادت إلى هذا الموقف المعتدل. وقد رأينا عند استعراضنا لمداخلة روجر بنروز بشأنِ محاضرة ماركوس دو سوتوي حول "السَّرد والرِّياضيات" أن الفيزيائيَّ الأمريكي ألان لايتمان هو الذي أقنع زملاءه بتغيير موقفهم إزاء السَّرد؛ فللعلوم الطَّبيعية عموماً وجهٌ اجتماعي، ومن هنا تأتي أهمية اختراقها من قبل المؤمنين، إذا أرادوا لدعواهم رواجاً في إطار الصِّيغ النُّموذجية المهيمنة داخل تلك العلوم.
    صحيحٌ أن هناك استحالة في تفسير كلِّ شيء، ولكن ذلك لم يمنع واينبيرج من الالتفات إلى الوراء، في محاولةٍ لتَّلخيص تاريخ العلوم، وتوضيح ما تمَّ تفسيره بالفعل عبر تلك المسيرة الطَّويلة؛ وما يفاجئ المرءُ عند تفحُّصه لكتاب واينبيرج الأخير هو أنه خصَّ العلومَ ذاتَها باعتبارِها أهمَّ اكتشافٍ بشري، ليس المخترعاتُ أو الاكتشافاتُ الكبرى، وإنما المنهجُ التَّجريبيُّ ذاتُه باعتبارِه أهمَّ اكتشافٍ إنساني؛ أو ما عبَّر عنه بالقول "كيف توصَّلنا، بادئ الأمر، إلى معرفةِ كيف نتوصَّلُ في الأساس إلى معرفةٍ بشأنِ العالم!". وما كان يمكن لواينبيرج أن يصِلَ إلى هذا الاستبصار، لولا أنه ينطلق في الأساس من موقع عالم الفيزياء، وليس عالم الكيمياء أو الأحياء، ومن هنا نقطة قوته، كما ذكرت عاليه؛ ولكن، ما الفرق بين هذه العلوم الثَّلاثة؟، وما الذي يوفِّر لعالم الفيزياء موقعاً لا يملكه الآخرون؟

    سنحاول الإجابة على هذين السؤالين في حلقةٍ نرجو أن تكون هي الأخيرة حول كتاب واينبيرج الأخير


    محمد خلف
                  

07-29-2015, 01:57 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    أتحفك الله يا خلف فقد أتحفتنا بتلك الكتابة المتماسكة الرصينه والمنزوعه
    من أقوال علماء أماجد وأساطين مجالاتهم العلمية الدقيقه وعلو كعبهم ومكانتهم فى توطين السرد!!

    سلام يا خلف


    منصور
                  

07-29-2015, 01:58 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    هذا هو عين مَرْسْ السرد!!



    منصور
                  

07-29-2015, 02:00 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    على مسافةٍ من عالم الفيزياء الأمريكي ستيفن واينبيرج

    الحلقة الثَّانية والأخيرة

    طرحنا في نهايةِ الحلقةِ الأولى سؤالاً حول ما الذي يميِّز علم الفيزياء على علمي الكيمياء والأحياء، وسؤالاً آخرَ مرتبطاً به، وهو ما الذي يوفِّر لعالم الفيزياء موقعاً لا يملكه الآخرون. ولكي نشرع في الإجابة على هذين السُّؤالين، لا بدَّ أن نمهِّد بالحديث عن مفهومي الزَّمان والمكان القبليَيْن، وأهميتهما القصوى بالنِّسبة لتَّأطير كافَّة العلوم. ونحن نعلم، منذ البدء، أن النَّظرية النِّسبية الخاصَّة والعامة قد وحَّدتا مفهومي الزَّمان والمكان في "نسيجٍ" واحد، بات يُعرف في أوساط العلماء بالزَّمكان. إلا أن كلَّ الصيِّغ العلمية المهيمنة السَّابقة للنِّسبية قد تعاملت معهما على وجهٍ منفرد، وكذلك هو الحالُ الذي نشأت عليه الفطرة السَّليمة، مما أطال عمرَ التَّعاملِ معهما إلى الآن بشكلٍ منفصل؛ إذ لم يكن هذا التَّعاملُ، في نظري، مجردَ عادةٍ منطقية طارئة تزول -بكلِّ بساطة- بإدراكِ أسبابِ نشوئها، وإنما أصبحت طبيعةً ثانية مستقرَّةً في بنيةِ العقلِ البشريِّ الفاحصِ للظَّواهرِ التي تتبدَّى أمامه. وبما أننا هنا أمام مفهومين توأمين، فإن التَّحوُّل من مفهومٍ إلى آخرَ يتمُّ بنقلةٍ غِشتالتية دماغية أشبه بثنائية البطَّة والأرنب.
    منذ بداية القرن العشرين، فطِنتِ اللِّسانياتُ الحديثة إلى أهمية التَّعامل مع اللُّغة وفقَ صيغتين للزَّمان، وهما الصِّيغة الآنية التَّزامنية (السِّنكرونية)، والصِّيغة التَّاريخية التَّعاقبية (الدِّياكرونية)؛ وبما أنه لا يوجد حتى الآن تحديدٌ علميٌّ مستقر لمدَّة الحاضر أو الآن (وآخرُ الدِّراسات تقولُ إنها ثلاثُ ثوانٍ)، فإن الحاضرَ، في حقيقةِ الأمرِ، وفقاً لهذا التَّصوُّر، هو إطارٌ أو حيِّزٌ مكانيٌّ مُفترض قابلٌ لاستيعابِ كلِّ تبديات الظاهرة في آنٍ واحد أو نصٍّ واحد، ولا شيءَ خارجه؛ أما التَّاريخُ، وفقاً للصِّيغةِ الثَّانية، فهو تعاقبٌ لآناتٍ مندرجةً في خطِّ زمانيٍّ لا ينقطع، ولا يرجعُ أبداً إلى الوراء.
    من جانبٍ آخر، فإن الهندسة الإقليدية التَّقليدية رسِّخت مفهوماً للمكانِ، يوهمُ بتساوٍ لا وجودَ له للظَّواهر في رتبتيها الزَّمانية والمنطقية؛ فإذا تحدَّثنا عن الفيزياء والكيمياء والأحياء، فإننا نضعهم من دون أن نشعر، كما الأشكال الهندسية على سطحٍ مستوٍ ثنائيِّ الأبعاد، في صناديقَ فكريةٍ متجاورة برتبتيها المكانية والآنية. ووفقاً لهذا التَّصوُّر، فإن الأدلَّة المتجمِّعة من هذه العلوم الثَّلاثة، يتمُّ النَّظر إليها على قدم المساواة، باعتبار أنها معزِّزةٌ لبعضِها البعض، وكذلك الأدلَّة القادمة من العلوم الاجتماعية الأخرى، فإنها تلتقي كلُّها في نقطةٍ واحدة؛ وهو ما يُسمى بالكونسيلينس، أو مجمَّع الأدلة (وهي، للأسف، كلمة غير متداولة في الأدبيات الفكرية العربية، علاوةً على أن ترجمتها، إنْ وجدت، ليست مستقرَّة؛ لذلك، لجأنا إلى الكلمة المعرَّبة).
    إلا أن هذه العلوم الثَّلاثة، إضافةً إلى العلوم الاجتماعية الأخرى، تتفاضلُ برتبتها الزَّمانية والمنطقية. ومن الممكن تصوُّر كونٍ من غيرِ حياةٍ، ناهيك عن حياةٍ اجتماعية، فهي لم تنشأ في هذا الكون إلا منذ 3.5 بليون عام (بعد بليون عام من نشوء الأرض، وبعد حوالي 10 بلايين عامٍ من نشوء الكون)؛ كما يمكن تصوُّرُ كونٍ لم تتكوَّن عناصرُه الكيماوية المعروفةُ بعدُ، مثلُ الذَّراتِ، أو حتى الإلكتروناتِ والبروتوناتِ والنِّيوترونات. وبخلافِ رتبتها الزَّمانية، فإن هذه العلوم تتمايز منطقياً؛ فالأحياء تعتمد على الكيمياء، وهي بدورِها تعتمد على الفيزياء؛ وهو ما يُسمى بالسوبرفينينس، أو الاعتماد غير المتساوق (وهي، للأسف، كلمة أيضاً غير متداولة في الأدبيات الفكرية العربية، علاوةً على أن ترجمتها، إنْ وجدت، ليست مستقرَّة؛ لذلك، لجأنا، مرَّةً أخرى، إلى الكلمة المعرَّبة).
    فمن موقع الأحياء والفلسفة والعلوم الاجتماعية، صدرتِ الكتبُ الإلحادية الثلاثة التي تحدَّثنا عنها في الحلقةِ السَّابقة، وهي كتاب "الانخداع بالله" لريتشارد دوكنز، وكتاب "كسر الرُّقية" لدانيل دينيت، وكتاب "تطوُّر (فكرة) الله" لروبرت رايت. وقد اعتمدت ثلاثتُها على نظرية دارون للتَّطوُّر بآليةِ الانتقاء الطَّبيعي، أي أنها اعتمدت جميعُها على الصِّيغة النُّموذجية المهيمنة في علم الأحياء؛ كما استندت ثلاثتُها في تعضيدها لنَّظرية دارون على انتقادِها المُرَكَّز لويليام بيلي صاحب كتاب "اللَّاهوت الطَّبيعي"، حتى ليظنُّ المرءُ أنه إذا لم يوجد بيلي، لاخترعوا له شبيهاً لينتقدوه بدلاً عنه. أما الخطأ القاتل الذي ارتكبه بيلي، حسب وجهة نظر الدَّاروينيين الجُدد، فيتمثل في حجَّته الغائية (أو التَّصميم الذَّكي)، وهي قوله إنك إذا كنتَ عابراً خلال مَرْجٍ أخضرَ ورأيت ساعةَ يدٍ مُلقاةً على الأرض، فستفترضُ أن أجزاءها المكوِّنه لها لم تتجمَّع من تلقاءِ نفسها، لأنها في غاية التَّنظيم والتَّعقيد البديعين، فلا بدَّ أن أحداً قد قام بتصميمها، وإلا فلن تعمل بصورةٍ جيِّدة؛ ولأن الكونَ منظَّمٌ ومعقَّدٌ، فلابد أن أحداً قد صمَّمه؛ وهذا ’الأحد‘ هو الله الأحد. ولكن فكرة دارون قد جاءت قبل كلِّ شيء لنفيِّ هذا التَّصميم المُسبق، و’حُجَّتها الطَّويلة‘ تتلخَّص بالأساس في إمكانية التَّطوُّر البطئ، خطوةً بسيطةً وصغيرةً على إثرِ أخرى، وعبر أزمنةٍ طويلة، حتى يتمُّ الوصول إلى هذا التَّعقيد الظَّاهري، الذي لم يجيء نتيجةَ تصميمٍ مُسبق، وإنما عبر مصادفاتٍ لا تتكرَّر، إذا تهيأتْ إمكانيةُ إعادتها.
    قد يبدو أن لنَّطرية دارون وجاهتها في إطار أوجه الحياة القائمة أصلاً، ولكنَّ مسيرة التَّطوُّر لم تبدأ فقط مع نشوء الحياة قبل بضعةِ بلايينَ من السَّنوات، وإنما تُلتمس إلى الوراء في نشوءِ الكونِ نفسه، بما في ذلك نشوءُ فكرتي الزَّمان والمكان القبليتَيْن، وربما أزمنةٌ وأمكنةٌ أخرى، وربما أكوانٌ وأكوان. وعلم الفيزياء المتداول الآن بشِقَّيه المعروفين يقفُ عاجزاً عن اكتناه كلِّ الأسرار، أو تفسير كلِّ الظواهر البادية وغير البادية للعيان (ومن هنا حزنُ واينبيرج المُقيم). كلُّ ما يستطيعه عالمُ الفيزياء، باعتباره حارساً لأعظمِ أنظمة الحقيقة، والمفسِّر لما دونِها من مراتبِ المعرفة، هو التَّقيُّد بما يُمليه عليه النَّهجُ العلمي، وبما تطرحه الظَّواهرُ المشاهدة أو المحتملة؛ ولكنه لا يستطيع، بحكم حراسته لنِّظام الحقيقة، أن يفرَّ خفيفاً إلى الله، إلا بوازعٍ داخلي أو ضميرٍ مستيقظ أو صوتٍ خفيٍّ أو تجربةٍ روحية مكثَّفة أو ’قفزةٍ في الظَّلام’ أو بمشيئةٍ منه أو وحيٍّ عليه؛ وكلُّها أوجهٌ تقتربُ من الحقِّ، وربما تلامسُه؛ لكن الحقَّ ليس نظاماً، وإنما هو منشِيءٌ ومفسِّرٌ لأنظمة الحقيقة؛ لكنَّ كلَّ شيءٍ بميقات: "سنُريهم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفسهِم حتَّى يتبيَّنَ لهم أنهُ الحقُّ أو لم يكفِ بربِّكَ أنَّهُ على كلِّ شيءٍ شهيدٌ"؛ سورة "فُصِّلت"، آية رقم "53".
    صحيحُ أن القرآنَ يدعو إلى التَّبصُّرِ والتَّعقًّل، ويستخدم أمثلةً شبيهة بأمثلة بيلي، لكنه لا يعتمدها وسائلَ للبرهنة، وإنما ترغيباً وتحبيباً للإيمان؛ ولو كان الأمرُ بهذه البساطة، التي يدَّعيها بيلي أو يزعمها مناصرو فكرة ’التَّصميم الذَّكي‘، لسهُل الأمرُ، وأصبح الجميعُ -وفقاً لحجَّةٍ منطقية مُفحِمة أو معادلةٍ رياضية مُلزِمة- مطمئنينَ بنعمةِ الإيمان.
    وأخيراً، فإن القرآنَ –منظوراً إليه بإزاءِ فكرةِ الزَّمن- يمكن رؤيتُه وفقاً لثلاثِ مستويات: فبصفتِه آياتٍ بين دفَّتي مصحف، هو كلامُ اللهِ في آنٍ، وهو متاحٌ للجميع، ويمكن الإطِّلاعُ عليه في أيِّ وقت، كما يمكن استخدامُه في العباداتِ والتَّبرُّكِ والتَّعويذ؛ وبصفته تنزيلاً، هو كلامُ اللهِ الذي نزل على نبيِّه متفرِّقاً في فترةٍ استغرقت نيفاً وعشرين عاماً، كما اشتمل على آليتي النَّسخِ والإنساء (وقد وقع المعتزلة القدامى في خطأٍ فاحش بحصرِهم للقرآنِ ضمن هذين المستويين فقط؛ كما يقع المعتزلةُ الجدد في نفسِ الخطأ، بتعاملِهم مع القرآنِ كنصٍّ، مثل بقية النُّصوص، له وجهٌ سينكروني، وآخرُ دياكروني يتحكَّم فيه أزمنةُ التَّنزيل)؛ وبصفته كتاباً في الأعالي ("وإنه في أمِّ الكتابِ لدينا لعليٌّ حكيمٌ"؛ سورة الزُّخرف، آية رقم "4")، فإنه موجودٌ منذ الأزل؛ وهو زمنُ الحقِّ، إنْ وُجد سبيلٌ إلى تفهُّمِه، فإنه كفيلٌ بتفسيرِ الأزمنة التي تثوي دونه. وإذا كان موقعُ الفيزيائيِّ هو الموقعُ المرشَّحُ لتَّفسيرِ كلِّ شيء، فإن موقع المؤمن المسلَّح بالحقِّ هو الموقعُ المرشَّحُ لتَّفسيرِ كلِّ شيءٍ وأكثر، فالله أكبر؛ بمعنًّى آخر، يمكن للحقِّ أن يفسِّر أنظمة الحقيقة، ولكن الأخيرة لا تفسِّر الحقَّ بذاتِها، فالعلاقة بينهما غير متساوقة؛ ولكن يمكن للمشتغلين بأنظمة الحقيقة أن ينفذوا إليها بسلطان، وما السلطانُ إلا إذنٌ من سُلطاتِ العَلِّيِّ المُتعالي.



    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:06 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    يا فتح الله عليك يا خلف ويا قسم لك سر الأسرار وسحر الأسرار، سردٌ فوق العلوم ومقاربة عصيةَ لا تسنح إلا لمُلهم ومُعلمٍ من الحق براَ وعطيه،
    منطق فوق المنطق وميزان فوق الميازين يربط كل التعقيد الكونى
    بالواحد بسر الخلق فى (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلّقَت)!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:09 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    إنتقلت إلى رحمة مولاها البارحه بالسودان والدة الكاتب الصحاف
    محمد خلف الله عبدالله منى مكي حسن حمد وشقيقته عفاف خلف الله
    والأشقاء عمر الوسيلة، نفيسة الوسيلة، مها الوسيلة، بابكر الوسيلة، نادر
    الوسيلة اللهم إن كانت محسنة فأغدق عليها حسانك فأنت الإحسان فى
    الإطلاق وإن كانت مسيئة فأعف عنها فمن يدانيك ويضاهيك فى ذلك
    اللهم أغفر لها وألطف بها وأكرمها يا أكرم الأكرمين بعد أن تدرجها فى
    صراطك وتبعثها الفردوس الأعلى مع الصالحات القانتات العابدات
    المتوكلات عليك والحافظات لحقوقك كلها الله اللهم لا تحرمنا ولا تحرم
    أهلها وذويها من أجرها ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعدها وأغفر لنا ولهم ولها
    ونسألك صادق الدعاء لها ولآلها والعزاء لكل أهلها الكراكسه وآل النصرى
    بأمدرمان وإسلانج وأهلهم بالقضارف وفى المهاجر وبلاد الغربه والعزاء
    للأخ محمد خلف وللأخت ناديه الرشيد ولآلهم وذويهم ولأبناء وبنات
    المرحومه وسائر أهلهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 07-29-2015, 02:10 AM)

                  

07-29-2015, 02:12 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    أمٌّ مثل كلِّ الأمهاتِ – وأكثر!
    شكرٌ وامتنان

    شكراً لكلِّ الأشخاصِ الذين شاطروننا الأحزان؛ وشكراً لدَّعواتِهم الخالصة، فأغلبيةُ المشاركين لا يعرفونها معرفةً شخصيَّة؛ ولو عرفوها، مثلما أكرم اللهُ كثيراً من النَّاسِ غيري، لعرفوا إنساناً متميِّزاً من عدَّةِ جهات؛ فهي أمٌّ لِثَّمانيةِ أشخاصٍ (خمسة ذكور، وثلاث إناث) من زوجينِ رائعين؛ فقدت الأول (وهو أبي) في منتصف الخمسينات، وفقدت الثَّاني (وهو والد بابكر الوسيلة سرالختم) في منتصف السِّتينات؛ ومع ذلك، فقد تحمَّلت أعباء تربيتنا في صبرٍ وسماحة خُلقٍ، نادراً ما يرتبطانِ بأمزجةِ النِّساءِ الأرامل، ناهيك عن أن يكون ترمُّلهن، مثلما أراد اللهُ، مزدوجاً. ولم يقفْ موتُ الأقاربِ لديها عند حدِّ الزَّوجين، بل فقدت ابنها الأصغر في حادث حركة، ولمَّا يتجاوز عُمُرُهُ الرَّابعةَ عشرَ في أواخرِ السِّتيناتِ (وهو أخي محجوب، الذي سمَّيتُ عليه ابني الأكبر)؛ هذا غيرُ أنها نشأت يتيمةَ الأب، وفقدت مؤخَّراً والدتَها حاجَّة بخيتة بنت سليمان كركساوي، وشقيقَها الوحيد حسن مكي حسن حمد، الذي أحسن تربيتنا بمعاونةٍ لها تميَّزت في كلِّ لحظةٍ من لحظاتِ حياته بأقصى درجاتِ نُكرانِ الذَّات.
    وهي بالطَّبعِ أمٌّ مثل كلِّ الأمهات، وذلك في حدِّ ذاته ميزةٌ كبرى، إلا أنها تميَّزت عليهن بخاصيةٍ نادراً ما ترتبط بالشَّخصياتِ النِّسائية في مجتمعٍ تغلِب عليه الهيمنةُ الذُّكورية، وهي قدرتُها الفذَّة على لمِّ الشَّتاتِ والرَّبط بين المتفرِّقين؛ فكانت بحقٍّ جسراً ربط بين أهلٍ تفرَّقت بهم الطُّرُقُ، وشتَّتتهم سبلُ المعيشة وخططُ التَّعميرِ الإسكاني. وكانت، بفطرتها السَّليمة، لا تعترف بذلك التَّوزيع القسري؛ فتتنقَّلُ في همَّةٍ ونشاط بين رقعةٍ جغرافية تزداد اتِّساعاً مع مرِّ الأيام، وتتغلَّب بمثابرتها واندفاعها الغريزي على كلِّ العقبات الطُّبوغرافية؛ فتربطُ الأهلَ في بيتِ المالِ بِمَنْ رحلوا إلى الثَّورات، والمقيمين في ودنوباوي بساكني الحلفايا؛ والمرابطين في شمبات بالعيلفون؛ مثلما تربط الأهلَ في الجزيرة إسلانج بالخرطوم تلاتة؛ والفتيحاب بالعرضة؛ وود الفادني بالمدينة عرب؛ والقضارف بالسُّروراب.
    ولم تكن أمَّاً لنا –نحن أبناؤها- وحدُنا؛ بل كانت أمَّاً لعددٍ لا يُحصى من النَّاس، الذين كانوا يستشيرونها في كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، والذين كانوا يحسون –ربما بوجودها دائماً بينهم- بإلفةٍ غريزيةٍ تجاهها، ويثقون في محبتها لهم، ويسمعون نصائحها، ويسترشدون بوصاياها. وكانت تحضُّهم على التَّآلفِ والتَّراحمِ فيما بينهم؛ وكانت تنبري وسيطاً حين يحتدمُ شقاقٌ؛ وتمدُّ يدَ العونِ إنْ احتاجَ شخصٌ للمساعدة: أكان ذلك متقدِّماً لخطوبةٍ، أو مقدِّماً لمَهر؛ أو كان ذلك ساعياً لشِّراءِ بيتٍ أو مُقدِماً على استدانةٍ لأمرٍ جلل. وكانت دائماً في المقدِّمة: في بيوتِ الأفراح والأتراح؛ وعند زيارة المرضى، وتعزيز الصِّلات، وتأكيد وصل الرَّحم. لذلك، كان كثيرٌ من الأهلِ يقولون لي عبر الهاتف: لم تكن أماً لك وحدِك، فقد وحَّدتنا جميعاً؛ وكنَّا نجدها بجنبنا حين يجدُّ الجد، فهي بحقٍّ أمُّنا، مثلما هي، بالطَّبعِ، أمُّك.
    رحمها الله، وقرَّبها إليه، وأسكنها فسيح جنانه؛ وألهم أهلها صبراً جميلاً وسلواناً، وأعانهم على حياةٍ خاليةً من فوحِها الطَّيِّب، وأيامٍ مجرَّدةً من بشاشتها، وحلو حديثها، وضحكاتها التي تنعشُ الدَّار وتبعث الرُّوحَ في عُقرِ المكان.




    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:14 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ميلادُ قضيةٍ افتراضية (تيوريما): مغامرةٌ رياضية
    لمؤلفه عالم الرِّياضيات الفرنسي سيدريك فيللاني

    صدر يوم أمس الخميس (5 مارس 2015) كتابٌ جديدٌ لعالم الرِّياضيات الفرنسي الشَّهير سيدريك فيللاني، الحائز على عدَّةِ جوائزَ أوروبيةٍ وعالمية، أهمها "ميدالية فيلدز" في عام 2010، التي تُمنح كلُّ أربعِ سنوات، وتُعتبر على نطاقٍ واسع المعادلَ الرِّياضيَّ لجائزة نوبل التي لا تُمنح لعلماء الرِّياضيات، إذ إنها تنحصر فقط في خمسةِ مجالاتٍ هي الفيزياء، والكيمياء، وعلم وظائف الأعضاء أو الطِّب، والأدب، والسَّلام (وفي عام 1968، أُضيفت إليها جائزة نوبل التِّذكارية في الاقتصاد، التي تُمنح بواسطة البنك المركزي السُّويدي). وقد صدر الكتاب الجديد بلندن عن دار بودلي هيد تحت عنوان: "ميلادُ قضيةٍ افتراضية: مغامرةٌ رياضية".
    ما جذب اهتمامي بشأنِ صدورِ هذا الكتاب، غير خروجه للتَّو من المطبعة، هو صلته الوثيقة بالسَّرد، وهو الموضوعُ الرَّئيسي الذي حفَّزني، في المقام الأول، إلى إعدادِ رسالةٍ مطوَّلة إلى الصَّديق القاص عادل القصَّاص. ويقول الكاتب في التَّمهيد لكتابِه حديثِ الصُّدور إن "هذا الكتابَ يحكي قصَّةً عن رحلةٍ أو سعيٍّ رياضي طويل، منذ اللَّحظة التي تمَّ فيها اتخاذُ القرار بالمُضيِّ قُدُماً باتِّجاه المجهول، وحتى اللَّحظة التي كشف فيها المقالُ الرِّياضي عن توصُّلِه إلى نتيجةٍ جديدة –قضيةٍ افتراضيةٍ جديدة (تيوريما)- تمَّ قبولها للنَّشر في مجلةٍ عالميةٍ مرموقة.
    ومع أن الكتاب هو عبارة عن سردٍ موجَّه بالأساس للقارئ العادي حتى يتمكَّن من الفهم والوقوف بنفسه على لحظة الوحي الرِّياضي، إلا أنَّ الكتابَ قد احتشدَ، على غيرِ عادةِ الكتبِ الموجَّهة لغالبية القراء، بالمعادلات الرِّياضية التي قد تستعصي على الفهم. لذلك لن نحاول هنا عرضاً للكتاب بمجمله، وإنما سنحاول أن نسلِّط الضوءَ على بعضِ النِّقاط الجوهرية التي ستعين القارئ على فهم الكتاب والاستمتاع به في نفسِ الآن؛ فهو قبل كلِّ شيء سردٌ قُصِد به الأمرين معاً. وقبل أن نبدأ في ذلك، لعل من المناسب أن نذكر ما قاله عالمُ الفيزياء ستيفن هوكينغ بصددِ ورودِ المعادلاتِ في كتابه الأشهر: "تاريخٌ موجزٌ للزَّمن"؛ فقد ذكر العالم البريطاني أن بعض النَّاس أخبروه بأن أيَّ معادلةٍ يتمُّ تضمينها في الكتاب ستخفِّض حجم مبيعاته إلى النِّصف؛ فقال ساخراً بأسلوبه التَّهكُّمي المُحبَّب إنه قرَّر عدم تضمين أيِّ معادلةٍ في الكتاب؛ إلا أنه بالطَّبع لم يكن قادراً على إسقاطِ معادلة آينشتاين الشَّهيرة، لكنه تمنَّى ألا تهدر المعادلة نصف مبيعات الكتاب!
    من جانبٍ آخر، فإن أركان النِّقاش في المواقع الحالية على الإنترنت، لم يتمُّ تصميمُها بحيث تستقبل في ودٍّ وترحابٍ المعادلاتِ الرِّياضية، مهما قلَّ عددُها؛ فقد اشتملت رسالتي إلى القصَّاص على معادلتين شهيرتين هما معادلتا نيوتن وآينشتاين، وكان وجودهما ضرورياً لمعرفة العلاقة بين الشَّكل والمحتوى (أو المضمون، حسبما يتمُّ التَّعبير عنه في مجال النَّقد الأدبي)، إلا أن المواقعَ استعصت على التَّضمين، غير أن عادل القصَّاص بهِمَّته ومثابرته المعهودتين، نجح أخيراً في تضمين المعادلة في موقع "سودانفورول"، بعد إذنٍ كريمٍ من الأخت الأستاذة نجاة محمد علي، ومساعدةٍ تقنية من الأستاذ أحمد المرضي، وبشكلٍ حاسمٍ من الأستاذ ياسر عبيدي؛ وما زال موقعانِ آخرانِ، هما "سودانيزأونلاين" و"الرَّاكوبة" عاريين من تلكما المعادلتينِ الشَّهيرتين. وما ساعد عالمُ الرِّياضيات الفرنسي على عكسِ الاتجاه الذي تبنَّاه أقرانُه، هو قدرتُه، رغم وجودِ المعادلاتِ المُنَفِّرة، على استخدامِ عدَّة حِيَلٍ سردية، منها عرضُ مراسلاته وإيميلاته مع زميله وتلميذه السَّابق كليمنت موهوت، وإشارته إلى حبِّه وافتقاده للخبز والجبن الفرنسيين، وحديثه عن أحلامه، وقوله بأن العقل اللاواعي يلعب دوراً كبيراً في تفهُّمه للمعضلات الرِّياضية، وعندما تأتي لحظةُ "المعجزة" ويتم الاختراق، فإن كلِّ شيءٍ يتمَّ وكأنه قد تمَّ بفعلِ ساحر؛ وهي لحظةٌ، حسب قوله، أطولُ من لحظةِ الذَّروة، فقد تستمرُ لسَّاعاتٍ وأحياناً لأيام.
    يركِّز الكتاب على قضيةٍ افتراضية (تيوريما) رئيسية، وهي عبارة عن برهانٍ جديد يفسِّر أثر التَّحلُّل الأُسِّي، الذي اكتشفه عالم الفيزياء السُّوفييتي ليف لانداو، وهي خاصيَّة غامضة ومعقَّدة ترتبط بسلوك البلازما (وهي الحالة الرَّابعة من حالات المادَّة الأساسية؛ والحالات الثَّلاث الأخرى هي حالة الصَّلابة، وحالة السِّيولة، والحالة الغازية). وخلافاً للحالاتِ الثَّلاث، فإن البلازما يتم نشوؤها عن طريق تسخين الغاز أو تعريضها لحقلٍ كهرومغنطيسيٍّ قوي بواسطة اللِّيزر أو الموجات الصُّغرى، بحيث يقلُّ أو يزدادُ عدد الإلكترونات، مما ينشأ عنه جُسيماتٌ صُّغرى موجبة أو سالبة تُسمى الأيونات.
    ما يهمنا من كلِّ ذلك هو أن المعادلات المذكورة في الكتاب ليست موجوداتٍ في الذِّهن فحسب، وإنما هي جزءٌ من بنية العالم المادي، بكلِّ تركيبه المعقَّد، المشتمل على عددٍ لا حصرَ له من الاحتمالات. وما تحاول المعادلة الوصول إليه هو تصوُّرٌ أكثر دقةً لهذه الاحتمالات المرتبطة بسلوك البلازما. والمعروف أن معظم المعادلات تشتمل على إيجادِ تسويةٍ ما بين طرفين، إلا أن ما يميِّز هذه المعادلة أنها لا تشتمل على تسوية، لأنها مرتبطة بخاصيةٍ تُسمى الإنتروبيا (أو التحوُّل العشوائي)، وهو مفهومٌ هامٌّ في الدِّيناميكية الحرارية، وخصوصاً القانون الثَّاني الذي يتعامل مع العمليات الفيزيائية الكبيرة التي تنطوي على عددٍ كبيرٍ من الجزئيات البالغة الصِّغر، كما يبحث سلوكَها من ناحية التِّلقائية أم عدمها. ويشتمل القانون الثَّاني للدِّيناميكية الحرارية على قانونٍ أساسي مفاده أن أيَّ تغيُّرٍ يحدث بشكلٍ تلقائي في نظامٍ فيزيائي معزول، فلا بدَّ أن يصحبه ازديادٌ في مقدار الإنتروبيا.
    يجدر بالانتباه أيضاً أن المعادلات هي في حقيقتها طريقٌ مختصر أو صيغةٌ اختزالية لقانونٍ أو نظريةٍ هي في الأساس جملةٌ خبرية قابلة للنفي والإثبات أو تحتمل الصِّدق أو التَّكذيب. وعلى سبيل المثال، فإننا نجد في البلاغة العربية أن الجملة الإنشائية التي تنطوي على أمرٍ أو استفهام لا تحتمل الصِّدق أو التَّكذيب، بخلاف الجملة الخبرية؛ وكذلك في المنطق، والرِّياضيات، فإن الجملة الخبرية هي التي تحتمل الصِّدق أو التَّكذيب. وبما أن الصِّيغة الاختزالية المُختصرة هي التي تُستخدم، لسهولتها وقدرتها على التَّنبؤ، في المنطق والمعادلات الرِّياضية، فإنه لا بدَّ أن نسلِّط الضُّوءَ هنا على فرقٍ مهمٍّ بين التَّنبؤ والتَّفسير. فالتَّنبؤ يعتمد على الوصف المطابق بقدر الإمكان لواقع الحال، بحيث يمكن بسهولة الانتقال من الحال إلى المستقبل في صيغةٍ تنبؤية، تُعتبر المعادلاتُ والصِّيغُ الرِّياضية هي أفضلُ شكلٍ لها. إلا أن التَّفسير يتمُّ في معظمه بالجمل الخبرية العادية، التي تُستخدم أيضاً مع غيرها من الجمل الإنشائية في السَّرد، إذ لا يمكن أن تنشأ قصَّةٌ من مجردِ عرضٍ لمعادلات، فبالتَّفسير يتمُّ شرح المعادلات، وكلُّ معادلةٍ تنطوي في الأساس على بنيةٍ ضمنيةٍ شارحة، يخرجها السَّردُ من الخفاءِ أو الكمونِ إلى العلن.
    ويقول الكاتب إن ما يميِّز الكتاب عن غيره هو اعتمادُه على التَّعاون، فكثيرٌ من النَّاس يظنون أن الرِّياضياتِ نشاطٌ انفرادي، يقومُ فيه عالمُ الرِّياضيات بعملٍ مُمْسِكاً فيه بقلمٍ داخل غرفةٍ منعزلة، ولكنها في الحقيقة نشاطٌ اجتماعي، يبحثُ العالِمُ عبره عن الإلهامٍ من خلال المناقشاتِ، والمقابلاتِ، والمصادفاتِ، والحظوظ؛ فحياةُ العالِمِ وعملُه، كما يقول سيدريك فيللاني عن نفسِه، يرجع الفضلُ فيهما إلى الحظِّ والصُّدفة؛ إلا أنه بمزيدٍ من التَّفاعل مع الآخرين، يزداد الحظُّ وتتنامى الصُّدف. ويقول، أخيراً، إن النَّاسَ يعتقدون أن الرِّياضياتِ مكرَّسةٌ بصددِ الأرقام؛ وصحيحٌ أنها تبدأ بالأرقام، إلا أنه في البرهانِ الرِّياضي أو في حياةِ الكاتب قلَّما تجدُ بالكادِ أيَّ أرقام! إنها فقط بصددِ المفاهيم، والتَّفكير المنطقي؛ إنها أشبه بعملِ المحامي أو مخبرِ المباحث؛ ويشير فيللاني إلى رجلِ المباحث السِّينمائي المعروف "كولومبو"، فإنه دائماً ما يستخدمُ الحدسَ في التَّعرُّفِ على المجرم، لكنه يلجأ في كلِّ مرَّةٍ إلى المنطق لإثبات الجريمة؛ وكذلك عالمُ الرِّياضيات، فإنه يستخدمُ الحدسَ للتَّكهُّنِ بالحلِّ الصَّحيحِ للمعضلةِ الرِّياضية، ولكنه يلجأ إلى المنطق للبرهنةِ عليها.



    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:17 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    إنطاقُ المعادلاتِ من جهة، وتحويلُ كلِّ شيءٍ إلى معادلةٍ من جهةٍ أخرى

    قلنا في معرض حديثنا عن كتاب سيدريك فيللاني الجديد "ميلادُ قضيةٍ افتراضية: مغامرةٌ رياضية" إنه "لا يمكن أن تنشأ قصَّةٌ من مجردِ عرضٍ لمعادلات؛ فبالتَّفسير يتمُّ شرح المعادلات، وكلُّ معادلةٍ تنطوي في الأساس على بنيةٍ ضمنيةٍ شارحة، يخرجها السَّردُ من الخفاءِ أو الكمونِ إلى العلن". ونحاولُ هنا، لأهمية هذه الملاحظة بصددِ علاقة السَّرد بالرِّياضيات، أن نسلِّط عليها مزيداً من الضُّوء، حتى نخرُجَ بنتيجةٍ محدَّدة إزاء هذه القضية التي طال الحديثُ عنها. وأولُ ما يلفت الانتباه في صياغةِ هذه الملاحظة أن العالِمَ الفيزيائي يلجأ إلى صياغةِ ما يعتقدُه في شكلِ معادلةٍ حتى يمكن تداولُ المحتوى المعرفي لاعتقادِه، وفحصُه بين أوساطِ العلماء في صيغةٍ مختزلة سهلة التَّناول، إضافةً إلى استخدامها في عمليات التَّنبؤ التي تستند في جوهرها على الاعتقاد بأن ترتيباً مستقبلياً يمكن التَّكهُّن به وفقاً لما هو قائمٌ الآن، وبناءً على آلياتٍ تحسِبُ وتائرَ التَّغيُّرِ مع مرورِ الزَّمن. إلا أن العالِمَ الفيزيائيَّ يحتاجُ أيضاً أن يشرحَ ما يعتقده لمجتمعِ العلماء، فيلجأُ إلى تفسيرِه في أفضلِ صيغةٍ ممكنة، ربما تضطره إلى استخدام الأمثال والتَّشبيهات، وكثيراً ما يلجأ إلى تجارب الفكر (غيدانكنإكسبيريمينت)، لكن طريقته المفضَّلة عندما يطرح أفكاره على الجمهور العريض هي السَّردُ، الذي يأخذ عادةً شكلَ قصَّةٍ أو مسرحيةٍ قصيرة أو وصفٍ دراميٍّ مكثَّف.
    لن نتدخل هنا في عملِ العالمِ الفيزيائي الذي يسعى إلى تحويلِ كلِّ شيءٍ إلى معادلةٍ رياضية مختزلة تعين على تطوير فكرته وفق أكثر الصِّيغِ المتداولة فعاليةً، ولكننا سنصحبه في رحلةٍ تفسيرية نستنطق فيها واحدةً من المعادلات الفيزيائية المعروفة. ولأن أولَ ما يثير النُّفور لدى القارئ العادي للمعادلات هو لجوؤها إلى التَّشفير، مما يُحدِث لديه إحساساً بالعجز وعدم الثِّقة في قدراته العقلية، فإننا سنحاول فكَّاً للشِّفرات أو الرُّموز المستخدمة في معادلة آينشتاين الشَّهيرة، خصوصاً وأنها واحدةٌ من المعادلتين اللَّتين برزتا في رسالتي إلى الصَّديق عادل القصَّاص. وبما أن المواقع الحالية على الإنترنت لا تستقبل بودٍّ وترحاب المعادلات الرِّياضية، سنحاولُ ترجمةً لها، ربما تمرُّ في يُسرٍ عبر الحاجزِ التَّقني الخفي الذي تفرضه المواقع، من غيرِ قصدٍ، على أركان النِّقاش.
    في عام 1905، توصَّل آينشتاين إلى معادلته الفيزيائية الشَّهيرة، وهي: (ط = ك.س2 [تربيع]). والملفت في هذه المعادلة أن الرُّموز التي تحتاجُ بالفعل إلى توضيح، ليست هي الطَّاء (الطَّاقة)، أو الكاف (الكتلة)، أو السِّين (سرعة الضُّوء)؛ ولا حتى علامة التَّربيع (2)، أو علامة الضرب (.) الواقعة بين الكاف والسِّين – ما يحتاجُ بالفعل، وبدرجةٍ حاسمة، إلى الشَّرح المفصَّل، هي علامة المساواة (=). ففي المعادلات الرِّياضية، على وجه العموم، عندما نقول إن طرفاً من المعادلة يساوي أو يكافئ طرفاً آخرَ منها، فإننا نعني أن ذلك يتمُّ إما على وجه المطابقة التي لا لبسَ فيها والتي يمكن الوصول إليها حدسياً من غير اللُّجوء إلى تضريب، أو على وجهِ الاعتقاد الذي يحتاجُ بالفعل إلى عملياتِ تضريبٍ للتَّوصُّلِ إلى صحَّة ما نعتقده. ومع أن المعادلات القائمة على المطابقة تحقق أقصى درجات اليقين، إلا أن محتواها المعرفي يشارف درجة الصِّفر أو يبلغها؛ فإذا قلت إن (1=1)، فيمكنك أن تطمئن بشكلٍ يقيني إلى نتيجة المعادلة، لكنك لم تضفْ أيَّ محتوًى معرفيٍّ جديد يساهم في تنمية المخزون المعرفي العالمي، إذ إن كلَّ ما توصَّلت إليه هنا لا يزيد شبراً واحداً عن تفسيرك للماءِ بالماء، أو ما أصبح يُعرفُ في لغةِ المناطقة بتحصيل الحاصل.
    لذلك، فإن المشتغلين بالعلم التَّجريبي الذين يسعون إلى تحقيقِ إضافةٍ معرفية في مجال الحقيقة ينؤون بنفسهم عن هذا النَّوع من المعادلات، على الرغم من يقينيته وعدم النِّزاع في صحته. على العكس من ذلك، فإنهم يسعون إلى صياغةِ معادلاتٍ تحقق أكثر قدرٍ من المحتوى المعرفي، على الرغم من إمكانية وقوعِها بشكلٍ أكبر في الخطأ، وإمكانية تعرُّضها بشكلٍ أكثر تواتراً للدَّحض والتَّفنيد. والمعادلاتُ بهذا الفهم، تشبه إلى حدٍّ بعيد أسلوبَي التَّشبيه والاستعاره في علم البلاغة. فأنت إذا قلت الأسد كالأسد، أو زيدٌ كزيد، فإنك لم تخرج شبراً واحداً عن تفسيرك للماءِ بالماء؛ لكن الإضافةَ تحدث إذا قلت: زيدٌ كالأسد (ربما في وجهٍ واحدٍ من وجوه التَّشبيه)؛ وتزداد الإضافة إذا قلت: زيدٌ أسد (في أكثر من وجهٍ من وجوه التَّشبيه)؛ إلى أن تخرج من مجال التَّشبيه وتدخل في مجال الاستعارة (وهي أيضاً نوعٌ من التَّشبيه)، فتسقط أداةُ التَّشبيه ووجه الشَّبه معاً، وندخل في منطقة الغموض؛ وإذا عثرنا على ما يزيل اللَّبس، كان العائدُ من الاستعارةِ أكبر. وكذلك الحال مع المعادلات الفيزيائية الشَّهيرة، ومن ضمنها معادلة آينشتاين الأكثر شهرةً.
    صحيحٌ أننا نعرفُ اليومَ أن معادلة آينشتاين تشير بلسانٍ ذَرِبٍ إلى وجودِ تكافؤٍ بين الطَّاقة والكتلة، إلا أن التَّعامل معهما في القرن التَّاسعَ عشرَ كان يتمٌ وفقاً للمعالجة المنفصلة؛ فعلى سبيل المثال، تمَّ التوصُّل إلى قانون بقاء الطَّاقة من ناحية، مثلما تمَّ التوصُّل إلى قانون بقاء الكتلة من ناحيةٍ أخرى، من دون التَّكهن بوجود صلةٍ بينهما؛ وكانت أشكال الطَّاقة المعروفة حتى ذلك الوقت (1905)، تتمثَّل بشكلٍ رئيسي في كلٍّ من الطَّاقة الكيماوية، والحرارية، والكهربائية والمغناطيسية (اللتان تمَّ توحيدهما بواسطة مايكل فراداي وجيمس كلارك ماكسويل)، ولم يكن في الحسبان، حتى ذلك الوقت، تصوُّرُ شكلٍ آخرَ من أشكالِ الطَّاقة. إلى أن جاء ألبرت آينشتاين، فأوجد صلةً لم تكن متوقعة، هي تكافؤ الطَّاقة والكتلة؛ كما أوجد مصدراً للطَّاقة لم يكن في خَلَدِ أحدٍ من قبلِه، وهو وجودُها المستتر بداخلِ أيِّ كتلةٍ مادية، مهما صغُر حجمُها أو تباينَ عنصرُها.
    ولكن كيف السَّبيلُ إلى العبورِ من الطَّرف الأول للمعادلة إلى الطَّرف الثَّاني منها؟ أو بمعنًى آخر، كيف يمكن اجتياز علامة المساواة (=)، وتحقيق الانتقال عبر الحاجزِ التَّقني الخفي الذي تفرضه (هذه المرَّة) الطَّبيعة (وليست مواقع الإنترنت) على عملية العبور؟ وكتمهيدٍ للإجابة، يمكن القول إنه لا يمكن الانتقال بين طرفين مستقلين، إلا بوجود معامل تحويل؛ تماماً مثل تحويل الجنيه إلى دولار أو العكس، فلا يمكن إجراء عملية التَّحويل، إلا بمعرفة سعر الصَّرف. وكذلك في معادلة آينشتاين الشَّهيرة، فإن معامل التَّحويل هو سرعة الضُّوء، مضروبةً في نفسِها. وهذا بدوره يقودنا إلى نقطةٍ أخيرة تتعلَّق بالمقادير التي انطوت عليها المعادلة.
    منذ البرهنة في عام 1676على أن الضُّوء ينتقل في سرعةٍ متناهية، أي غير مُطلقة، كانت هناك مقاديرُ متداولة، لكنها تتغيَّر مع تطوُّرِ أجهزة القياس، إلا أن المترَ نفسَه قد أُعيد تعريفه في عام 1983 وفقاً لنِّظام الوحدات الدُّولي. ما يهمنا من ذلك، هو أن قيمةً لـِ (س) كانت متوفِّرةً عند صياغةِ المعادلة، ولكن الكتلةَ كانت صمَّاء، إذ لم يقم إرنست رزرفورد ومعاونوه بتوضيحِ التَّركيب الذَّري للمواد، إلا بعد عام 1910 (أي بعد 5 أعوام من صياغة المعادلة)؛ ونحن نعرف اليوم أن ذلك نفسه لم يكن كافياً، إذ لا زالت العمليات المتعلِّقة بتطوير النُّموذج القياسي للمواد في كشفٍ وتدقيقٍ مستمرين. كما لم تتم عملية تحرير الطَّاقة الكامنة في المواد، إلا مع سماع طبول الحرب العالمية الثَّانية، حيث تمَّ البرهنة عليها بشكلٍ فاجع في هيروشيما ونجازاكي.
    نخلُص من كلِّ ذلك إلى أن معادلة آينشتاين لم تكن معادلةً رياضية ذهنية تشارف درجة اليقين الذي يجرِّدها من أيِّ محتوًى معرفيٍّ إضافي، بل هي معادلةٌ رياضية فيزيائية تستهدي ببنية العالم المادي، وتقاربه عبر صيغةٍ مفتوحة تولِّد معارفَ متجدِّدةً في مجال الحقيقة على مرِّ الأيام؛ وسيكون تصوُّرنا للوجودِ المادي فقيراً بدونها، فالمعادلة التي نحن بصددِها ليست ترفاً ذهنياً، بل هي شعلةٌ تضيء أركان الكونِ بمجمله؛ فهللا انتبهت أركانُ النِّقاشِ لأهميتها المعرفية القصوى.



    محمد خلف

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 07-29-2015, 02:18 AM)

                  

07-29-2015, 02:21 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    من المعادلات الرِّياضية إلى المعادلات الشِّعرية

    قلنا في حلقةٍ سابقة عن إنطاقِ المعادلاتِ إن "معادلة آينشتاين لم تكن معادلةً رياضيةً ذهنية تشارف درجة اليقين الذي يجرِّدها من أيِّ محتوًى معرفيٍّ إضافي، بل هي معادلةٌ رياضيةٌ فيزيائية تستهدي ببنية العالم المادي، وتقاربه عبر صيغةٍ مفتوحة تولِّد معارفَ متجدِّدةً في مجال الحقيقة على مرِّ الأيام". كما قلنا إن "المعادلة التي نحن بصددِها ليست ترفاً ذهنياً، بل هي شعلةٌ تضيء أركان الكونِ بمجمله". وفي أغسطس 1945، تمَّ البرهنة، كما قلنا، على تلك المعادلة بشكلٍ فاجعٍ في هيروشيما ونجازاكي. وفي إبان هذه الفترة، كان الشِّعرُ العربي يتلمَّسُ طريقه نحو الحداثة، فيخوضُ تجاربَ، ويزعمُ فتوحاتٍ، تضعه على مشارفها؛ فها هو نزار قباني، أحدُ روادُ الحداثة العربية في الشِّعر، يقول: "منذ عام 1944، وأنا أشتغل على معادلةٍ لتحويل الشِّعر العربي إلى قماشٍ شعبيٍّ يلبسه الجميع..وشاطئٍ شعبي يرتاده الجميع. وقد نجحت". فهل يمكن القول -على ضوء هذه الزَّعم- إن الشِّعر العربي، ممثلاً بالمشتغلين بالشِّعر منذ منتصف الأربعينات، كان هو، وما زال، المرشَّح الأفضل لحمل شعلة الحداثة العربية؟
    حاولت في رسالتي إلى الصَّديق عادل القصَّاص إنشاءَ صلةٍ بين الفيزياء وأصل اللُّغة؛ وبين علم الأحياء والنَّحو؛ وبين الأسلوب والأسلوبية وفلسفتي فيتجنشتاين؛ وحاولت في الرُّدود على المشاركين إضاءة العلاقة بين الرِّياضيات والسَّرد، والمنطق والبلاغة؛ كما نبهت على صلة النَّحو بالمنطق في متن الرِّسالة منذ تتلمُّذي على يد شيخ مصطفى، وأشرت في الرُّدود أيضاً إلى البعد الاجتماعي للعلوم، وتأثير العالم الفيزيائي محمد عبد السَّلام على زميله الأمريكي ستيفن واينبيرج
    ، مما أدَّى إلى اعتدالِ نبرتِه في موقفِه المُعلن من الدِّين؛ كما أشرت، أخيراً، إلى تأثير ألان وايتمان، على الفيزيائيين، بحسب شهادة عالم الفيزياء الرِّياضي البريطاني روجر بنروز (وفي البالِ أيضاً عودةٌ إليه، على مسافةٍ ثانيةٍ منه). فما هو الهدف الإستراتيجي من إقامةِ هذه الصِّلات المتعدِّدة، أو إبراز التَّأكيد على البعد الاجتماعي للعلوم؟
    أقول دون مواربة إنني أسعى إلى تنحيةِ ’الشَّاعرِ‘ (بوصفِه اسمَ جنس) من موقعه المتقدِّم كمروِّجٍ رسميٍّ للحداثة، وليس إلى إقصائه تماماً من مداراتها (وقد شرعتُ في ذلك منذ مقالي عن أدونيس، الذي نُشر في صحيفة "الحياة" البيروتية (العدد 15694؛ تاريخ الجمعة 24 مارس 2006)؛ ولا زال هدفي هو التَّحاورُ مع أحياء، إلا أنني اخترتُ نزاراً لاستخدامه المدهش لمصطلح ’معادلة‘ في معرض كلامه عن دورِه في تطوير الشِّعر العربي)؛ كما أسعى في المقابل إلى إحلالِ ’النَّحويِّ‘ (بوصفِه أيضاً اسمَ جنس) أو ’عالمِ اللغةِ الحديث‘ مكانه. ويمكن استشفاف الهدف من وراء ذلك السَّعي المزدوج من قولِ نزارٍ نفسِه عن الشَّاعر، ووصفه بأنه "الطِّفل الوحيد الذي يُسمح له في المجتمع العربي أن يلعب باللُّغة"، في حين ظلَّ "النحوي"، رغم تعنته أحياناً، يلعب دور الحارس الأمين للغة، ويمنعها -ليس بجهدِه وحدِه- من الانهيارِ الذي يؤذِن به عبثُ العابثين، الذين يدخل في زمرتهم ’الشَّاعرُ‘، مثلما يدخل ’الغريبُ‘، و’المهاجرُ‘، و’المهرِّجُ‘، و‘الطِّفلُ المشاغب‘.

    سنوضِّحُ في حلقةٍ قادمة: لماذا نعمل على إغواء ’النحويِّ‘ التَّقليديِّ وجذبِه إلى مدارات الحداثة.


    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:23 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    تقديم الدكتور بشرى الفاضل لنصوص عادل القصاص القصصية التي صدرت تحت عنوان:
    "لهذا الصمت صليل غيابك"*

    عادل القَصَّاص، قَصَّاصٌ فعلاً. وتشكل كل قصة نشرها نقلة نوعية عن سابقتها. وهو بهذا يتجاوز كتاباته، بالمعنى الحرفي لهذا التجاوز في كل عمل. وإذا جاز لي تصور انتقالات عادل في إبداعه القصصي، لقلت إنه يقفز شتاءً شتاءً إذا قفز غيره يوماً بيوم. لكنه مقِّل ضنين بالنشر إلى حدٍ بعيد. ويُخيل إليّ إنه مرتبط بعالمه القصصي في حياته اليومية. ولذا فإن ما نُشر يشكّل لمحات من عالمه القصصي الزاخر، المكتمل الآن في أدواته الفنية. وليس العبرة بالكم. وتؤكد هذه المجموعة على أن الكم متوفر أيضاً لدى عادل، وإن مسألة إطلاع القراء عليه مسألة وقت ليس إلا. وقد حرمت المنافي وظروف أخرى منه الكاتب.
    تمتاز نصوص عادل القصاص بالإفادة من العديد من ضروب الفنون، فضلاً عن اهتمامه بشعرية المفردة في غير ما إسراف، وإبانته في غير ما تقريرية. كما أن قدرة الكاتب على التكثيف وبراعته في السرد أنجزت شخوص وأحداث النصوص عبر مهام فنية ـ سينمائية محكمة التفاصيل، الشيء الذي يجعل القارئ يتلفت في دنيا الواقع بحثاً عن شخصيات مماثلة، بالبهاء نفسه والحميمية نفسها والتواصل.
    وإذا كان محمد المهدي المجذوب رسام الشعر، فيما قالوا، فإن عادل القصَّاص هو سينمائي القصة الحديثة في السودان، ورسامها، نقَّاشها وتشكيليها، وفوق ذلك كله قصَّاصها المبدع.

    بشرى الفاضل
                  

07-29-2015, 02:25 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    إن رأيك أياَ كانت دوافعه ليس بالضرورة أن يبطل آراء غيرك!!



    منصور
                  

07-29-2015, 02:26 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    موضوعية الكتابه وجمالها الذائب فيها يجعلان منها تحفة فنيه
    تجذب القارئ إليها وإن لم تفعل فقد فقدت خاصية الكتابه!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:28 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الكتابة ذات المغزى، المعنَّى والمبنى هى التى يجب الوقوف عليها
    وليس على كتابة التهاويم والطلاسم والنجر غير المؤسس!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ما يراه محمد خلف فى عادل القصاص قد لا يراه البعض الآخر
    فلكل بصر وبصيره مدىً مختلفا عن سعة بصر وبصيرة الغير!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:32 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    عندما تحمل الكتابة الرسائل الكبيره، تجد البعض يغوص فى موضع الشولة فيها ولا يرى
    غيرها، ويلعن سلسفيل الكتابة، لأن بعضها يحمل ما لا يطيقه وما لا يتقبله لغيره!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:33 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    من المعادلات الرِّياضية إلى المعادلات الشِّعرية
    دورُ ’العالِم‘ و ’الصَّحفي‘

    قلنا في الحلقةِ السَّابقة إن هدفنا بالمكشوف هو السَّعي إلى تنحيةِ ’الشَّاعرِ‘ (بوصفِه اسمَ جنس) من موقعه المتقدِّم كمروِّجٍ رسميٍّ للحداثة، وليس إلى إقصائه تماماً من مداراتها؛ وإحلالِ ’النَّحويِّ‘ (بوصفِه أيضاً اسمَ جنس) أو ’عالمِ اللُّغةِ الحديث‘ مكانه؛ ولكن قبل ذلك، يتعيَّن علينا أن نوضَّح لماذا استبعدنا ’العالِم‘ (بوصفه اسم جنسٍ أيضاً) من هذا الموقع المتقدِّم، مع أنه ظلَّ يلعب، وما زال يلعب، دوراً رائداً في تطوُّر الحداثة في موطنها الأوروبي المعاصر.
    دعوني أسرد واقعةً صغيرة، لعلها تضئ عَتَمَة هذا السُّؤال المُحيِّر. في نهاية السَّبعينات، احْتَجْتُ لمراجعة أطروحتي للتَّخرُّج من قسم الفلسفة بجامعة الخرطوم، وكانت تحت عنوان: "حلُّ بوبر (كارل آر بوبر) المقترح لمشكلة هيوم (وهي مشكلة ’الاستقراء‘ التي دوَّخت‘ الفلاسفة والعلماء معاً)". ولكن خوجلي، أمين المكتبة، قد أضاع نسخته، أو أنها تسرَّبت خِلسةً من خزانته الفلسفية التي كان يسهر عليها بحرصٍ وإخلاصٍ شديدين. إلا أنه نصحني بالذَّهاب إلى كلية الدِّراسات العليا، فقد كانت شعبة الفلسفة تطلب من المُمتحَنين إعداد ثلاث نسخ من أطروحة التخرُّج لنَّيل درجة الشَّرف من القسم: نسخةٌ يتمُّ الاحتفاظ بها في مكتبة الفلسفة ليتمَّ الاستفادة منها من قبل المُمتحَنين اللَّاحقين، ونسخةٌ تُعطى للمُمتحِن الخارجي (وغالباً ما يأتي من الجامعات البريطانية العريقة)، ونسخةٌ ثالثة يتمُّ إيداعها بكلية الدِّراسات العليا.
    وبالفعل، ذهبت إلى كلية الدِّراسات العليا وأخطرتهم بطلبي؛ فقابلني موظفٌ منهمكٌ كعادةِ الموطفين الصِّغار في ذلك الزَّمان بترتيبٍ أبديٍّ لملفاته المنتفخة يوماً على إثر يوم، فطلب منِّي بتهذيبٍ شديد أن أذهب بنفسي للبحث عن أطروحتي داخل مخزنٍ للكتب أُعد خِصِّيصاً لحفظ الأطروحات. وكانت المفاجأة أنني وجدت نفسي أمام غرفةٍ مُكتظَّةً بالمجلَّدات، التي وُضعت في رفوفٍ متراصفة من أسفلِ الغرفة الرَّطبة إلى سقفها العالي، فحار بي الدَّليل، إذ لا يوجد فهرسٌ أو قائمةٌ متسلسلة بالموجودات. وكانت معظمُ الأطروحات مكتوبةً بلغةٍ إنجليزية مكتنزةً بالمصطلحات والمسمَّيات التي "ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطانٍ" (سورة "النَّجم"، الآية رقم "23")، فقد كانت في أغلبِها تخصُّ كلياتُ الطِّب والصَّيدلة والزِّراعة والبيطرة، أي تلك الكليات التي تنالُ قسطاً أكبرَ من ميزانية الجامعة لتَّمويل البحوث.
    وقفتُ للحظاتٍ حائراً أمام ذلك المشهد العجيب؛ فقلتُ في نفسي أين ذهب أولئك العباقرةُ المجهولون، ولماذا لم تنعكس ثمارُ بحوثِهم تنميةً ورخاءً على أهلِ البلاد؟؛ وبدرجةٍ أقل، لماذا لم يسيطر فكرُهم الثَّاقب على أساليبِ وطرقِ القول، حتى يصيرَ ’عِلمُهم‘ نافعاً شأن كلِّ علم، أو يصبح سائراً على ألسنةِ النَّاس، وإنْ لم يفقهوا من قولهم شيئاً كثيراً؟ في تلك الآونة القصيرة، طرأت على بالي إجابةٌ قبلتُها على الفور، وعملت عليها، من غير رويَّةٍ وتمحيصٍ كافيين؛ وهي أن السَّببَ يكمن في لغةِ القول، فقد كُتبت البحوثُ بلغةٍ لا يفهمها معظمُ أهلِ البلاد، فلا غرو أن تصيرَ قابعةً في بطونِ الكتب أو تصبحَ نَسْياً منسياً. وبناءً على هذا الحدس، أوقفتُ جهداً بدأته مع مجلة "سوداناو"، فقد كانت منتجاتُها الفكرية والإبداعية، لا تصلُ إلا إلى قلةٍ من المثقفين الملمين باللُّغة الثَّانية، وربما يكونون هم أنفسهم، أو أغلبيةٌ منهم، كَتَبَةُ تلك البحوث الهاجعة في مكتبة الدِّراسات العليا.
    إلا أنني أرى اليومَ أن تلك البحوث، حتى لو كُتبت باللُّغةِ الغالبة لأهلِ البلاد، فإنها ستظلُّ غريبةً، وبعيدةً عن ذائقةِ الإنسانِ العاديِّ السَّوي؛ فالنَّاسُ لا ينقصهم الذَّكاء أو تقعد بهم الحيلة العقلية عن التَّشابي إلى مناراتٍ للفكر هم أهلٌ لها بالفطرة السَّليمة التي طُبع بها غالبيةُ البشر، لكن ينقصهم مَنْ يُفصِّلُ القول، ويُحبِّبُ المعرفة، ويُدرِّجُ الحكمة في أفئدةِ السَّامعين؛ ومن هنا تأتي أهمية السِّرد كواحدةٍ من التَّقنيات المُتَّبعة في توصيل العلم إلى الجميع. من ناحيةٍ مثالية، فإن امتلاك العلم والتَّمكن من تقنيات السَّرد يجب أن يسيرا سوياً، ويجتمعانِ في جعبةِ شخصٍ واحد؛ ولكن الأمورَ، للأسف الشَّديد، لا تسير بهذه البساطة المطلوبة. وفي الغرب، غالباً ما يلجأ العالِمُ إلى صحفيٍّ أو مؤسَّسةٍ صحفية للقيام بهذه المهمة.
    ولكن قبل أن ننتقل إلى الحديث عن تنحية ’الشَّاعر‘ من موقعه المتقدِّم كمروِّجٍ رسميٍّ للحداثة، أو إحلال ’النَّحويِّ‘ مكانه، يجدر أن ننبِّه إلى أن مصطلح ’صحفي‘ في الغرب، هو أوسعُ بما لايُقاس عن استخدامِه في بيئتنا الثَّقافية المحلية أو الإقليمية، فهو يشمل إضافةً إلى العاملين بالصحفِ اليومية والأسبوعية (من مراسلين ومحرِّرين وكُتَّاب أعمدة)، الصَّحافة المُذاعة (من مذيعين ومحرِّرين ومخرجين ومنفِّذي برامج)، والصَّحافة المرئية (من مذيعين تلفزيونيين ومذيعي ربط ومخرجين و منفِّذي برامج)، والمجلات الفصلية والدَّوريات المتخصِّصة؛ هذا كله إضافة إلى الكتابة الإبداعية التي تسهِّل استساغة المادَّة، وتلجأ إلى السَّرد في إنجازِ تلك المهمة على أكملِ وجه.
    هذا وقد كثُر اعتمادُ العلماء على الصَّحفيين، بهذا المصطلح الموسَّع، إلى درجةٍ نبَّهت دكتور كرمبتون، الذي يعمل ضمن فريق الاتِّصالات العلمية بمتحف التَّاريخ الطَّبيعي بلندن، فكتب مقالاً بصحيفة "الجارديان" بتاريخ 11 مارس 2015 تحت عنوان: "لماذا يجب أن تتمتع المخطوطة العلمية بمزيَّةٍ أدبية". وتساءل قائلاً: "لماذا تتراكم الأوراقُ العلمية من غير طائل، إلى أن يأتي الصَّحفيُّ (بالمعنى الموسَّع) فيكتشفها؟". ويقرُّ الكاتب بأنه في عصر الشَّفافية وتوفُّر البحوث عبر الإنترنت، فإنه لا بدَّ أن تهاجر المعرفة من أبراجها العاجية إلى الجمهور قاطبةً؛ لذلك يرى الكاتب بأن "على العلماء أنفسهم أن يعيدوا النَّظر في خريطة قرائهم؛ ومن جانبنا (وما زال الحديثُ لدكتور كرمبتون)، علينا أن نكرِّم مَنْ لهم المقدرة على توجيه كتاباتهم بعيداً عن المشاكل المستعصية، في اتجاه الكلي والشَّامل والعالمي؛ ولنغتنم فرصة هذا التَّغيير، ونمنح جائزة الإبداع ضمن الرِّيبورتاج العلمي في جوهره الأصلي، الذي ينتجه العالمُ ذو التَّوجُّهِ الإبداعي".

    سنواصلُ في حلقةٍ قادمة الحديثَ عن إغواء ’النَّحويِّ‘ التَّقليديِّ وجذبِه إلى مداراتِ الحدا



    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:39 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    صعد خلف دَرجَاَ عالياً بإطلاعه الواعى وقرآته العميقه فى الفكر والمعارف الرساليه الواجبه على العقول الكبيره!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    هذه هى الكتابه التى ستظل صدقة جاريه، لأنها دالة للحقائق التنزيليه ولافتة
    وفاتحه لقلوب الريبة والشك، نوافذاً غلفها الكسل العقلى والإدعاء الكاذب!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:42 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    من المعادلات الرِّياضية إلى المعادلات الشِّعرية

    -الجزء الثَّالث-

    سنضع طُعماً لإغواءِ ’النَّحويِّ‘، فلينتبه!

    جاءت مساهمة الصَّادق إسماعيل الأخيرة كسابقاتِها حافلةً بالملاحظاتِ الذَّكية، إضافةً إلى إضفائها مزاجاً معتدلاً على الرُّكن نحن في أمسِّ الحاجةِ إليه؛ إلا أنني سأركِّز في هذه المشاركة على ملاحظةٍ واحدة ذات صلةٍ بما تعهَّدتُ بالإقدام عليه في هذه الحلقة، وهو السَّعي إلى تنحية ’الشَّاعر‘ من موقعه المتقدِّم كمروِّج للحداثة، وإحلال ’النَّحوي‘ مكانه؛ على أن يتمَّ التَّعليقُ على باقي ملاحظات الصَّادق، والإجابة على السُّؤالِ المطروح في نهاية مشاركته الأخيرة، حينما يسنحُ سياقٌ مناسبٌ بذلك.
    في البدء، أودُّ أن أبادرَ بالقول إنني لم استخدم عبارةً تشير إلى "تنصيب ’النَّحوي‘"، ناهيك عن أن يتم ذلك في "حفلٍ"، أكان حفلاً بسيطاً أم مهيباً؛ بل أنني اختَرتُ استعمال كلمة "إحلال"، على وجه التَّحديد، واستخدمتها عن عمدٍ ثلاثَ مراتٍ لتَّفادي أيِّ دلالةٍ لنَّصرٍ زائف يُفادُ ضمنياً من كلمتي "حفلٍ" أو "تنصيب"؛ علاوةً على أن كلمة "تنصيب" تشير إلى تهيؤ الشَّخص واستعداده لشَّغلِ الوظيفة بمجرد إقصاء شاغلها، هذا إذا كان شاغلُها في الأساسِ راغباً في إخلائها أو قابلاً للإزاحة الميسَّرة.
    في المقابل، نجد أن كلمة "إحلال" تقبل حدوثَ الشَّيءِ في زمنٍ وجيز أو مديد، على حدِّ السَّواء، وهذا النَّعتُ الأخير هو ما نتوقعه في الحالتين: تنحية ’الشَّاعر‘ أو إحلال ’النَّحوي‘ مكانه. فالشَّاعرُ الذي ظلَّ يضطلع بدور قيادة الحداثة منذ الأربعينات، قياساً على معادلة نزار قباني التي أشرنا إليها في حلقةٍ سابقة، لن يتخلَّى عن موقعه وفقاً لرَّغباتنا الذَّاتية، كما أن ’النَّحوي‘ الذي تمترس طويلاً بالرِّضا عن النَّفس الذي يوفره التَّقليد لن يخطو شبراً واحداً نحو الحداثة بدون مبررٍ كافٍ أو إغواءٍ لا يجدُ إلى دفعِه سبيلاً؛ وهو ما سنحاولُه هنا، وما سبق أن قلنا في حلقةٍ سابقة أننا سنعمل على تحقيقه، وهو تحديداً: "إغواء ’النَّحويِّ‘ التَّقليديِّ وجذبِه إلى مدارات الحداثة".
    لكن لماذا التَّعويل على ’النَّحوي‘ دون غيره؟ يستند هذا التَّعويل على فرضيةٍ أساسية قابلة للتَّحاور، وهي أن الحداثة في البلدان العربية الإسلامية تكونُ ’حداثةً إسلامية‘ أو تقوم على ’مكوِّنٍ إسلاميٍّ‘ أو لا تكون. بالطَّبع، يمكن أن تُقامَ ’حداثةٌ‘ على جماجم البشر، كما حدث إبان التَّجربة الاستعمارية؛ ولكن إذا أُريد لها أن تكونَ سلميةً، فإن شعوب تلك البلدان ستختارُ الثَّقافة الإسلامية أساساً للحداثة أو التَّحديث، مع الفارق الشَّاسع بين المصطلحين. وإذا كان الأمرُ كذلك، فإن ’النَّحويَّ‘ هو أفضلُ الشَّخصياتِ النَّمُوذجية للاضطلاع بقيادة هذه المهمة؛ فهو على معرفةٍ بأسرار اللُّغةِ التي نزل بها القرءان: "إنَّا أنزلناهُ قُرءاناً عربيَّاً لعلكُمْ تعقلونَ" (سورة "يُوسُف"، الآية رقم "2")؛ "إنَّا جعلناهُ قُرءاناً عربيَّاً لعلكُمْ تعقلونَ" (سورة "الزُّخرُف"، الآية رقم "3").
    يصحُّ القولُ بأن اللُّغة العربية هي المدخل لكلِّ علوم القرءان (من نحوٍ، وبلاغةٍ، وأدب، وسيرة، وحديث، ومغازٍ، وفقه)؛ كما كان نحوُها، على وجهِ التَّحديد، في طليعةِ العلوم العربية. وقد كان بعضُ الفقهاء (كأبي عمر الجرمي) في السَّابق يوجِّهون دروسهم الفقهية وفقاً لكتاب سيبويه، الذي كان يُطلق عليه "قرءان النَّحو" أو "الكتاب"، بِلامِ العهدِ الخارجي، مع أن صاحبه لم يسمِّه باسمٍ معيَّن؛ وكانوا يتعلَّمون منه "النَّظر والتَّفتيش". ولكن الحداثة لا تقفُ عند علوم القرءان، بل تستهدئ بها وتشارف كلَّ العلوم، طبيعيةً كانت أم اجتماعية؛ إلا أن تلك المعارف الواسعة التي ابتدعها البشر، لا يمكن مقاربتها بمعزلٍ عن معرفةٍ واسعةٍ كذلك بطبيعة اللُّغة المُستخدمة في مقاربة الظَّواهر، طبيعيةً كانت أم اجتماعية. ولا زالت المناظرة المحضورة التي جرت، في مجلسِ الوزير أبي الفتح جعفر بن الفرات سنة ستٍّ وعشرين وثلاثمائة، بين النَّحوي أبي سعيد السِّيرافي والمترجم والفيلسوف أبي بِشر متَّى بن يونس حول حديث المنطق، هي إحدى الوقائع المضيئة التي تشير إلى ما ينبغي أن يكون عليه الحال في التَّعامل مع اللُّغة الأم؛ ورحم الله البروفيسور عبد الله الطَّيب، فقد كان يعتبر كلية الآداب هي أهمُّ الكليات، إذ لا يمكن مقاربة علمٍ آخرَ بدون معرفة الأدب الذي تشتمل عليه اللُّغة المعبِّرة عن ذلك العلم.
    من حسن الطَّالع أن علم اللُّغة الحديث، أو اللِّسانيات، هو من أنجحِ العلوم الاجتماعية منذ بداية القرن العشرين، وقد أصبح يشكِّل جسراً يربط بين العلوم الطَّبيعية والاجتماعية، وعبره برزت عدَّةُ حركاتٍ فكرية وفلسفية، كما أصبحت التَّخصصات المتداخلة لا تستغني عنه؛ فدخل في العلوم الإدراكية، والعلوم العصبية، وعلم الحاسب الآلي، والذَّكاء الصِّناعي، والمنطق؛ وأضحت معاهد البحث الكبرى لا تستغني عن خدماته. وهي كلُّها علومٌ قائمةٌ على مرمى حجرٍ من قوقعة ’النَّحوي‘ التَّقليدي، فما عليه إلا أن يتهادى إليها خِلسةً دون عون، إنْ لم يهدِه إليها هادٍ ؛ ففي حين يشتغل ’الشَّاعرُ‘ على تخومِ اللُّغة، وقد ينجحُ في اختراقها وتحديثها، فإن ’النَّحوي‘ يعملُ في قلبِها، ولا مناصَ له، إنْ أراد البقاء، من التَّشرُّبِ بحداثتها.
    لكننا نريد من وراء هذه المشاركة إغواءَ ’النَّحويِّ‘ وليس تخويفه، وما أقعدَنا عن هذه المهمة إلا مشاركةٌ استباقية تفضَّل بتقديمها الصَّادق إسماعيل، فشغل الرَّدٌّ على إحدى ملاحظاته مساحةً كنَّا قد رصدناها بادئ الأمرِ لممارسةِ الإغواء. وكان جدي محمود سليمان كركساوي يقول لي دائماً في تقريظ الإمام المهدي إنه كان يصطادُ السَّمك من نهرِ النِّيل بسنَّارةٍ من غير طُعم؛ وهذا كما ترى مقامٌ لا سبيلَ لنا إلى الوصولِ إليه، ولكننا ننبِّه ’النَّحويَّ‘ التَّقليدي بأننا سنضعُ في الحلقةِ القادمة طُعماً لإغوائه، فلينتبه!

    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:45 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    من المعادلات الرِّياضية إلى المعادلات الشِّعرية

    -الحلقة الرابعة-

    معادلات الإعراب الثَّلاث: المعرب ووقفه والمبني

    نبَّهْنا ’النَّحويَّ‘ التَّقليدي بأننا سنضعُ له طُعماً؛ فما أنسبَ أن يكون الطُّعمُ، في ختامِ حديثنا عن المعادلات، ثلاثَ معادلاتٍ تشمل، على هَدْي معادلة آينشتاين الشَّهيرة، كلَّ حالاتِ الإعراب الثَّلاث الأساسية، إضافةً إلى وقفِ حركتها عند دخول الجزم أو تقديرها بالبناء. وسبق أن قلنا إن معادلة آينشتاين ليست ترفاً ذهنياً، بل هي شعلةٌ تضيء أركان الكونِ بمجمله؛ وعلى نفس المنوال، نريد لهذه المعادلاتِ الثَّلاث أن تضيءَ أركانَ اللُّغةِ العربية؛ فهي ليست محاولةً لتبسيط اللُّغة، على طريقة ابن مضاء الأندلسي أو تيسيره على طريقة إبراهيم مصطفى، وإنْ استفادت من أخطائهما؛ فلا سعيَ إلى تخلُّصٍ من ’زوائدَ‘ متوهمة، أو اللجوء إلى التَّخلُّص من ’التَّقدير‘، أو العصف بنظرية ’العامل‘؛ ولكنها محاولهٌ لأجلِ إرشادِ المبتدئين، والمتعمِّقين في النَّحوِ على حدِّ السَّواء؛ مثلما هي أيضاً طُعمٌ لإغواءِ النَّحويين التَّقليديين، وجذبِهم إلى مداراتِ الحداثة؛ فهلَّا شارَكَنا ’النَّحويُّ‘ ذو الباعِ الأطول في إضاءةِ هذا العالم اللُّغوي؛ فنحنُ في هذا الأمرِ، بعد توكُّلنا على الله، عيالٌ عليه.
    إلا أننا، قبل أخذه للطُعمِ كما نُريدُ له أن يفعل، نودُّ أن ننبَّه ’النحويَّ‘ التَّقليدى إلى نقطتين، فغرضُنا كما قلنا في مشاركةٍ سابقة هو إغواؤه، وليس تخويفه: النُّقطة الأولى، هي أن آينشتاين لم يكن مُحتاجاً إلى إلغاء نظرية نيوتن، بل أتى بصيغةٍ تستوعبها، وتظلُّ عاملةً في إطارها، وإنْ كانت، أقلَّ قدرةً على التَّفسير من نظريته الجديدة؛ وكذلك هدفنا من صياغة المعادلات الثَّلاث، ليس إلغاء النَّحو التَّقليدي بما اشتمل عليه من نظريةٍ للعوامل وإعرابٍ تقديري، وإنما تأكيدُ الإسناد باعتباره قُطبَ الرَّحى في العملية الإعرابية، بحيث تُرجعُ إليه، وليس إلى العامل المفرد وحده، وإنْ كان ذلك ممكناً ولكن بقدرةٍ تفسيريةٍ أقل، كلُّ علاقاتِ الإعراب الإضافية والإكمالية، حتى لو تمَّت على مستوى الإضمار أو التَّقدير أو منع الصَّرف.
    النُّقطة الثَّانية، هي ما أشرتُ إليه بشأنِ الـ"سوبرفينينس"، فالفيزياء والكيمياء والأحياء، ليست سواء، لكن كلَّ واحدةٍ تُفسِّر الأخرى؛ وكذلك حال الإسناد مع الإضافة والإكمال؛ وهذا هو الجديد القادر على استيعاب القديم في إطاره، من غير أن يُلغيه، كما جاءت دعواتُ التَّجديد السَّافرة، التي قادها أبو مضاء الأندلسي، وتبعه كثيرٌ من روَّاد الحداثة العربية، مثلما تبعهم إبراهيم مصطفى، بتشجيعٍ من غير تشاركٍ من طه حسين، الذي كتب مقدِّمةً في غاية الرَّوعة لكتابه الأشهر "إحياء النَّحو"؛ أعتقد أنها من أجمل ما كتبه عميدُ الأدبِ العربي؛ بل هي أجملُ ما كتبه صديقٌ ورفيقُ صبا ودراسةٍ عن صديقٍ ورفيق.
    بدمجِ هاتين النُّقطتين، يكون "الطُّعم" هو قبولُ المشاركة في صيغةٍ جديدة لا تُلغي الخبرات السَّابقة لـِ’النَّحويِّ‘ التَّقليدي، مع تثبيت الإسناد أساساً للعملية الإعرابية؛ وما التَّشفيرُ إلا وسيلةٌ للتَّسهيل، استدعاها مقامُ الحديث عن المعادلات، إضافةً إلى أنها صيغةٌ مقبولة لذوي المزاج العلمي، كما أنها تقرِّب ’النَّحويَّ‘ التَّقليدي إلى مجالِ العلوم والرِّياضيات، وهو الأساسُ الذي قامت عليه الحداثة الأوروبية؛ وهو المجالُ الذي لا مناصَ لأيِّ حداثةٍ من ارتياده.
    قبل تقديمِ المعادلة الأولى الأساسية، هناك نقطةٌ أخيرة لا بدَّ من ذكرها، تتعلَّق بمجمَّع الأدلة -التي أشرنا إليها في مشاركةٍ سابقة- أو الـ"كونسيلينس"؛ فـ’النحويُّ‘ التَّقليديُّ الذي نقترحه، ونسعى بأيدينا وأرجلِنا إلى إغوائه، لن يقودَ الحداثة، كما الـ’الشَّاعرُ‘ الذي سبقه على هذا الموقع، وحدُه، ولكن ستتجمَّع في يديه خيوط الأدلة القادمة من كافَّة العلوم؛ فهي كلُّها، على أقلَّ تقدير، علومٌ توسَّلت لغةً، هو خيرُ مَنْ يفحص دروبَها المتقاطعة على السَّطح، علاوةً على سراديبِها المتشابكةِ في الأغوار.

    المعادلة الأولى (للمعرب):
    ع = س(˄) + ض(˅) + م(˃)
    ع (الإعراب)؛ س (الإسناد)؛ ض (الإضافة)؛ م (الإكمال)؛ (˄) الرَّفع؛(˅) الخفض؛ (˃) النَّصب.
    [الإعراب: يشمل الإسناد الأساسي، زائداً الإضافة المتعلِّقة به، علاوةً على كلِّ ما انتصب قائماً لإكماله]
    الإسناد هو المحرِّك الأول لعملية الإعراب، ويشمل العلاقة الضرورية القائمة بين المُسنَد والمُسنَد إليه؛ وتضمُّ ’الاسم المبتدأ والمبني عليه‘ (الخبر)، والفعل والاسم (الفاعل ونائبه)، و’مما يكون بمنزلة الابتداء‘ (كان وأخواتها، وإنَّ وأخواتها).
    الإضافة نقصد بها الإضافة الخارجية (أي خارج العملية الإسنادية)، وهي إما حرف جرٍ أو ظرف، وكلُّها أدواتٌ مبنيَّة لتحديداتٍ مكانية وزمانية؛ أمَّا الإضافة الداخلية، فهي إضافة اسم لاسم (المُضاف والمُضاف إليه)، ويمكن أن تكونَ جزءاً متمِّماً للعملية الإسنادية (المُسند إليه مضافاً)، أو جزءاً متمِّماً لما انتصب قائماً للإكمال، أو مسبوقاً بحرفِ جرٍّ أو ظرف؛ أما المضاف إليه وحده، فيلزمه الجر في كلِّ الأحوال.
    الإكمال هو ما جاء، خلافاً للإضافة، لإتمام عملية الإسناد الأساسية.
    الإسناد حقُّه الرَّفع؛ والإضافة حقُّها الخفض (أي الجر)؛ وما انتصب للإكمال حقُّه النَّصب.
    الإسناد والإضافة والإكمال هي معانٍ في الذِّهن؛ أما الرَّفع والخفض والنَّصب، فهي آلاتٌ لتحقيق المعاني؛ وأما الضَّمَّة والكسرة والفتحة، فهي علاماتٌ لتأكيد ما تمَّ تحقيقه من معان.
    الرَّفعُ علامته الضَّمَّة (والواو والنُّون، والألف والنُّون)؛
    الخفضُ علامته الكسرة (والياء والنُّون)؛
    النَّصبُ علامته الفتحة (والياء والنُّون).

    المعادلة الثَّانية (للوقف):
    و = ج(˂)ع
    و (الوقف)؛ ج (الجزم)؛ وهذا الرَّمز (˂) للإضمار؛ ع (الإعراب) كما هو موضَّح أعلاه.
    [ الوقف: هو دخول الجزم على الإعراب ]
    الوقف حقُّه إبطال الحركة بالجزم؛
    الوقف علامته السُّكون (وحذف حرف العلة).

    المعادلة الثَّالثة (للبناء):
    ب = ت(˂)ع
    ب (البناء)؛ ت (التَّقدير)؛ وهذا الرَّمز (˂) للإضمار، كما هو موضَّح أعلاه؛ ع (الإعراب)، كما هو موضَّح أيضاً أعلاه.
    [ البناء: هو تقدير الحركة لدى الإعراب ]
    البناء حقُّه تقدير الحركة بالإضمار؛
    البناء يتخذُ ما بُني عليه علامةً دائمةً له من ضمةٍ أو كسرةٍ أو فتحةٍ أو سكون.

    في الختام، نحمد الله الذي هدانا إلى توفيقٍ "تقني"، فالأسهمُ الأربعة التي تشير إلى مُتَّجه الحركة، تغطي تماماً حركات الإعراب الثَّلاثة ووقفها: فالسَّهمُ الذي يتجه إلى أعلى للرَّفع، والذي يتجه إلى أسفل للخفض (وهو الجر)؛ وهما الحركتان الأساسيتان القائمتان على المحور الرَّأسي؛ الرَّفع للرِّفعة والسُّمو وقوةُ الحركة التي تأتي مع عملية ضمِّ الشَّفتين، لذلك فقد خُصِّصت للعملية الإسنادية؛ أما الخفضُ، فللانحدار والتَّسفيل وارتخاء الشَّفة السُّفلى، وهو مخصَّصٌ لما أُضيف للعملية الإسنادية. أما السَّهمُ الذي يتجه إلى الدَّاخل عبر المحور الأفقي، فهو للنَّصب، أو الاستواء، وهو فتحُ الفم بشكلٍ طبيعي، لا هو بمضمومِ الشَّفتين ولا هو مرتخٍ إلى أسفل عند النُّطقِ بالحركة، لذلك خُصِّصت أسهلُ الحركاتِ (وهي الفتحة) للنَّصب الذي يأتي لإكمال كافة العمليات المتمِّمة للإسناد (وقد جمعها الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب "الجُمَل [في النَّحو]" في أحدِ وخمسينَ وجهاً أو حالةً للنَّصب). وعلى نفسِ المحور الأفقي، نجد السَّهم المُتَّجه إلى الخارج لوقف الحركةِ جزماً، أو تقديرِها بناءً؛ واللهُ الموفِّق.

    ربما تكون هذه آخرُ حلقة ضمن حلقاتِ المعادلات، علماً بأننا لم نقتدِ بعالم الفيزياء البريطاني، ستيفن هوكينغ، الذي عمل بنصيحة النَّاشر الذي قال له إن كلَّ معادلةٍ تُضاف إلى كتابه الأشهر "تاريخٌ موجزٌ للزَّمن" تقلِّل من عدد القراء، فخفَّض معادلاته إلى واحدةٍ فقط هي معادلة آينشتاين الشَّهيرة؛ ولكننا نظلُّ نحلمُ معه، كما قال لأستاذه في فيلمٍ عن سيرة حياته إنه سيعمل على البرهنة في معادلةٍ واحدة على أن للزَّمن بدايةً مع ’الانفجار العظيم‘، "ألن يكون ذلك رائعاً، يا أستاذي!"؛ وكذلك الحال، عزيزي القارئ، مع هذه المعادلات الإعرابية: ألن يكون ذلك أمراً رائعاً بأن ننجح، بالاستعانة بالنَّحوي التَّقليدي، بالتَّدليل على أن كلَّ عمليات الإعراب الأساسية يمكن دمجها في معادلةٍ واحدة.

    وربما لن أتمكن كذلك من المشاركة في أركان النِّقاش حتى نهاية يونيو، بإذن الله، لانشغالي بقضايا تهمُّ صديقين عزيزين، علاوةً على أهمية عملهما وتقاطعه مع هموم الفضاء الفكري على وجه العموم.

    محمد خلف
                  

07-29-2015, 02:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    عزيزنا خلف هذه كتابة لا يستوعبها إلا مقيمٌ عاكف وستظل عصيةً لكل (همازٍ مشاءِ بنميم)
    طرزت بها الصحائف وأثقلت ظهر الصفائح الناقله
    حتى كادت أن تنيخ عن حملها!!


    منصور
                  

07-29-2015, 02:47 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ليس كل مقلٍ فى إنتاج المعرفه بعاطلها، فلم يترك عبدالله الطيب من معارفه إلا النذر اليسير، ولم يطبع كرف كتاباَ واحداً، ولم نجد للتيجانى إلا ديوان وبعض قصاصات، ولم
    نجد لمعاويه نور مؤلفاتٍ بحجم عبقريته، ولا للناصر، ولكنا وجدنا إشعاعات أضاءت لنا أزمنتهم ومكنتنا من التعرف عليهم، وأمسكتنا ملامس ظهور خيلهم المعرفيه فكذا كاتبنا الكبير
    محمد خلف الله عبدالله، والذى إن حسبت له هذه الكتابة الفخيمة العميقة السامقه فقط، لكفته لأنها خلاصة قرآت جادة وعصيه قرآت فلسفية معرفية تحمل البعد التقريرى الوصفى،
    والمعيارى التقديرى فى ذات الوقت، كتابة ذات بركة ملموسه لقرآنيتها الراكزه ولسقف التجويد فيها الذى يرفعها فوق سقف المقامات، إبداع يا أبو محجوب مكنك الله من
    المعارف وعلّى بها شأنك.


    منصور
                  

07-29-2015, 02:48 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    القليل المفيد خيرٌ من الكثير الغث!!



    منصور
                  

07-29-2015, 02:51 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    التكنيك مهم في حداثة القص.

    لكن الأهم من ذلك وجود "قصة"، حكاية، سردية إلخ.......

    لكن هناك الكثير من "الكتَّاب المستهبلين" ،
    الذين يخفون ضعفهم في السرد،

    عبر التعويل على "جمل شعرية طويلة"،
    وتكنيكات "مختلقة" ،
    لإخفاء ضعفهم في القص، والسرد و الحكي.

    ومعظهم اكتفي ب"بيضة الديك"،
    فهذا أقصى ما يستطيعونه من "استهبال ثقافي"،
    تحت شعار "الحداثة".

    والسبب واضح تماما:
    لأنهم أتوا إلى السرد،
    كشعراء فاشلين.


    osama elkhawad

                  

07-29-2015, 02:52 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    فالنَّاسُ لا ينقصهم الذَّكاء أو تقعد بهم الحيلة العقلية عن التَّشابي إلى مناراتٍ للفكر هم أهلٌ لها بالفطرة السَّليمة التي طُبع بها غالبيةُ البشر، لكن ينقصهم مَنْ يُفصِّلُ القول، ويُحبِّبُ المعرفة، ويُدرِّجُ الحكمة في أفئدةِ السَّامعين؛ ومن هنا تأتي أهمية السِّرد كواحدةٍ من التَّقنيات المُتَّبعة في توصيل العلم إلى الجميع. من ناحيةٍ مثالية، فإن امتلاك العلم والتَّمكن من تقنيات السَّرد يجب أن يسيرا سوياً، ويجتمعانِ في جعبةِ شخصٍ واحد؛ ولكن الأمورَ، للأسف الشَّديد، لا تسير بهذه البساطة المطلوبة. وفي الغرب، غالباً ما يلجأ العالِمُ إلى صحفيٍّ أو مؤسَّسةٍ صحفية للقيام بهذه المهمة.

    محمد خلف




    هذا كلام يستحق أن يكتب بماء الذهب ويعلق على دور المعارف بطول الوطن وعرضه ليزرع الثقة فى الأجيال وتنتج معارف
    زمانها بتقنية أجود وتعبيرية لا تهويم فيها بل واضحة مفهومة مهضومه وبذلك تتلاحق الأجيال وتتلاحق المعارف وتزدهر.


    منصور
                  

08-07-2015, 00:22 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    الأستاذين الماجدين خلف والقصاص أرميا تيراب الفكر والمعرفه فى عين السلوكه
    كما علمتمانا فسينبت ويخضر ويزدهر ويغيظ قلوب أهل اللقلقه!!


    منصور
                  

08-07-2015, 00:25 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    التكنيك مهم في حداثة القص.

    لكن الأهم من ذلك وجود "قصة"، حكاية، سردية إلخ.......

    لكن هناك الكثير من "الكتَّاب المستهبلين" ،
    الذين يخفون ضعفهم في السرد،

    عبر التعويل على "جمل شعرية طويلة"،
    وتكنيكات "مختلقة" ،
    لإخفاء ضعفهم في القص، والسرد و الحكي.

    ومعظهم اكتفي ب"بيضة الديك"،
    فهذا أقصى ما يستطيعونه من "استهبال ثقافي"،
    تحت شعار "الحداثة".

    والسبب واضح تماما:
    لأنهم أتوا إلى السرد،
    كشعراء فاشلين.



    osama elkhawad
                  

08-07-2015, 00:28 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الألفه أسامه الخواد فى الضحل، الخواف من بحر الدميره أبوليه، بحر التماسيح البتخطف كَفْ!! شهدنا لك نكران الأبوه المعرفية وإنزالك لتنقشخ
    فى الأرض وكالذى تخبطه الشيطان ختفت محجان البغض والكراهية والكيد وأخذت تدور ما بشوف بخبط الصوف ضاربا الفراغ من حولك ولم تصب
    أحداً بضرر. ملأ الكاتب الناقد عبدالمنعم عجب الفيا هذا المنبر معارفا فكرية ونقديه فأغاظك وتلبسك ما يتلبس المهبوش الذى رُفع عنه القلم حتى ترجل
    عجب الفيا وترك لك المكان ورفعنا عنك نحن القلم عملا بالعرف ومارست أسوأ من ذلك مع الدكتور القاص الشاعر الفنان والناقد الأديب الأكاديمى
    الفطحل الإنسان المملوء تهذيباً وإنسانيه بشرى الفاضل بلا وجه حقٍ معلوم ونحن شهودٌ على ذلك، فقط لأن له قبول وله مريدين ومعجبين وليس لديك
    من ذلك نصيب وتناقضت عندما أشرت إليه فى مرافعتك ضد القصاص وهو الذى رفع القصاص مكاناً علياً فيا أيها الألفه لم يقف كيدك هناك بل ذهب
    للشاعر الأديب الروائى الأكاديمى فضيلى جماع وحاولت أن تتطاول فوضعك فى علبك ولا أدرى أبداَ ما سر
    تلك الفتونه المعرفيه التى تدعيها وما هو أساسها وما هو مصدرها فالقصاص إن كان ضعيفاَ فى القص فأتنا بقصه وقدم لنا نقدا علمياَ
    يقومه ويقويه ويرفعك عندنا نحن جمهرة القراء أما التهجم عليه بتلك الطريقة لا يضره أبدا ولا يخدمك كذلك والقصاص يصعد فى سلالم
    المعرفة الآن وسيكون كاتبا عالمياً بجهده وإجتهاده أما خلف فأنت أعرف من غيرك بقدرته وأعرف بأستاذيته وأعرف بعبقريته وذائقته
    فإن كتب عن القصاص فذلك سمته وإن أخلص له فذلك هو فمتى منحك الله الحق فى أن تمنع الناس من فعل الخير للناس وأنا أشك
    فى أنك قرأت كتاب خلف لأنك إن قرأته لتعرفت على مضامينه ومحتواه الذى هو أكبر من ما تظن ولكن وقف حصان الألفه عند
    عقبة سرد القصاص وعماه ما يتلبسه من أثر نكران الأبوه ورفع محجانه ثانية ما بشوف بخبط الصوف ما بشوف بخبط الصوف
    فيا أسامه إنك توقد نيران الحروب يمنة ويسرى ولكن سنطفيها بإذن الله وعونه ونحرق جنك بكواديكنا ألفةً كنت أو قطاع لطريق المعرفه.


    منصور
                  

08-07-2015, 00:34 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    السيد ساعي البريد الاسفيري:

    منصور المفتاح

    خلف كاتب كبير ، لا شك في ذلك،

    في ثقافة عربية، لا تحترم "الكاتب".

    ولو كنت في مكانه، لكتبت بالانجليزية التي يجيدها،

    ولما كتبت بهذه اللغة الملعونة.

    كتب خلف في سياق "إخواني".

    وتحت تأثير "الإخوانيات"،

    صدرت عنه "ألقاب"،
    و"تصانيف"،
    هو المطالب بالدفاع عنها نقديا.

    وهذا ما لم يفعله،
    في إطار "سردياته الإخوانية".

    وإنْ لم يفعل "نقدياً"،

    ما يبرِّر "إطلاقه" النعوت الثقافية،

    فهذا شأنه،

    طالما أنه ارتضى "الإخوانيات"، كإطار لكتابته.

    لكن ذلك لا يجعلنا "نؤمِّن" على "إخوانياته" النقدية.

    أرقد عافية.




    osama elkhawad
                  

08-07-2015, 00:35 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الألفه الخواد ما صنعته فيك الأخوانيات لا يستحق الغدر!!


    منصور
                  

08-07-2015, 00:37 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    عزيزي المشاء:

    تحياتي وتقديري الذي تعلم:

    أعلم ما يحدث، من "أحزان"، بينك وبين عادل القصاص، وقد أوضحت حينها موقفي، ومع ذلك، أنت شاعر لك ثقلك المعتبر داخل المشهد الثقافي الراهن، وكثيرا ما أبديت إعجابي بما تبدع من شعر، ومع هذا وذاك، لا يفيد هنا مدفوعا بتلك المرارات أن تخبر الناس صراحة أو ضمنا أن عادل القصاص مجرد كاتب يتسم بالخفة، وهو ما يسفه آراء الكثيرين من أصحاب الشأن أمثال عبدالمكرم وبولا. القصاص سارد مكرّس. والتصدي لموقف لا عقلاني سبق له أن أنتجه هنا أو هناك يتم في تصوري عبر سياقه المعني. والله من وراء القصد.




    عبد الحميد البرنس
                  

08-07-2015, 00:38 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    Quote: لكن ذلك لا يجعلنا "نؤمِّن" على "إخوانياته" النقدية.


    المشاء

    سلام ولكنك مُطَالبٌ بتوضيح رؤيتك النقدية التى تراها والتى لا تتفق مع رؤية محمد خلف
    في قَصَص القصاص.

    فأنت ترى أن وصف خلف للقصاص أنه "مهندس القص" هو نوع من المجاملة الإخوانية.


    هذا كلام لا يقف على أي أرضية صلبة.

    لذلك فأنت مُطَالب بتوضيح فكرتك كاملة لنا كقراء

    لماذا لا تتفق مع هذا الوصف من الأساس؟

    ما هو رأيك النقدي في كتابات عادل القصاص؟

    وهل لهذا الرأي النقدي (أياً كان) بعد (أحزاني) كما جاء في مداخلة البرنس "أعلاه"؟


    توضيحك للصورة ككل يا أسامة يجعلنا نستفيد من هذا الحوار.



    الصادق اسماعيل
                  

08-07-2015, 00:39 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    عزيزنا البرنس إن لم يات بك هذا المشهد سيظل الإستفهام أبداً عن سر غيابك، أما حضورك
    الباهى وقولك القليل المفيد دليل صحة ومعافاة فى المشهد المعرفى حتى لا تكون العرضة لفردٍ
    واحد وتبهت صورة المعرفه.


    منصور
                  

08-07-2015, 00:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    سيدي الصادق

    سلامات

    قلت سيدي:
    Quote: سلام ولكنك مُطَالبٌ بتوضيح رؤيتك النقدية التى تراها والتى لا تتفق مع رؤية محمد خلف
    في قَصَص القصاص.

    فأنت ترى أن وصف خلف للقصاص أنه "مهندس القص" هو نوع من المجاملة الإخوانية.


    هذا كلام لا يقف على أي أرضية صلبة.

    وما هي "الأرضية الصلبة"، التي استند عليها خلف في "إطلاق" لقبه؟
    خلف لم يقدم "رؤية"، و إنما "أطلق" لقبا".
    ولهذا لا يمكننا مناقشة اللقب.
    و لدينا فقط خيار الموافقة عليه أو عدم الموافقة.

    لا أحد يمكن أن يختلف حول أن النقد السوداني عموما لا يجاري "الإبداع"،
    لأسباب كثيرة.
    ولهذا درج الكتاب عبر مقالاتهم وحواراتهم على إطلاق أحكام نقدية غير مؤسسة.
    لا بد أولا من تعريف "هندسة القص"، و لماذا ينطبق هذا التعريف على علان،و لا ينطبق على عدد لا يستهان به من "فلان" مثل أحمد الفضل احمد أو عثمان محمد صالح، كما قلت سابقا،و بإمكاني إضافة أسماء أخرى.
    هذا "إطلاق" يجب عقلتنه، مثلما حرص خلف على "عقلنة" ما قال به في أمور أخرى.

    من السهولة إطلاق ألقاب مثل "ملك القصة القصيرة"، و"باشمهندس القصة القصيرة"،
    و"مساعد مهندس القصة القصيرة"، و "فني القصة القصيرة"، و"مساعد فني القصة القصيرة".

    الألقاب ملقاة على قارعة الطريق.

    البيِّنة على من أدعى.

    أرقد عافية.



    osama elkhawad
                  

08-07-2015, 00:42 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    نعم ملقأة علي قارعة الطريق لذلك اطلقت أنت علي نفسك لقب (مشاء الأسافير)، ولم يُطلقه
    عليك احد . نعم اطلقته علي نفسك لأنها مصابة بسرطان التكبر والعجرفة، ولو كان لك ما ينفع
    الناس لأتت لك الألقاب طائعة لكنك رجل جُعبتك فارغة إلآ من بعض غُثاء وجلآفيط . هذه الألقاب
    التي تراها هاملة لا تُطلق علي سبيل المجاملة ولا تأتي من فراغ، فها أنت أطلقت عليَّ لقب
    (المعوكابي) باعتباري اجيد لغة المعوكاب واتحدث بها وهذا شرف لي، أما ان تأتينا بلقب تطلقه
    علي نفسك فأيم الله هذا هو التكبُر بعينه . أنت منفوخ بأورام عظمة وكبرياء في الفارغة، يعني
    زيّك ؤُ زي الخروف الساقينو موية ملح . ما مثلك إلا كمثل إبليس تحوص ؤُ تلوص وسط فطاحلة
    الكتابة حتي تُعد منهم، فهب إنك عُددت منهم فهل نفع إبليس كونه عُدّ من الملآئكة ؟.
    يا اخي أرحم نفسك واقعد في بطن الوآطة دي حتي تكسب إحترام الناس، فقد تحدثت ورأيناك ...


    معاوية المدير

                  

08-07-2015, 00:44 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    كتب أسامة الخواض

    Quote: وما هي "الأرضية الصلبة"، التي استند عليها خلف في "إطلاق" لقبه؟
    خلف لم يقدم "رؤية"، و إنما "أطلق" لقبا".
    ولهذا لا يمكننا مناقشة اللقب.
    و لدينا فقط خيار الموافقة عليه أو عدم الموافقة.


    عزيزنا أسامة

    أنا أسأل من رؤيتك النقدية أنت لكتابات القصّاص، وليس رؤية محمد خلف
    فأنا كقاريء لما كتبه محمد خلف لم أتعامل معه (كنقد أدبي) متكامل بمسوغاته لكتابات القصاص
    وقد اندهشت لإستعمالك المعيار "الكمي"، لذلك أردت أن أرى رؤيتك النقدية لتلك الكتابات
    وخصوصاً أنها استنكرت لقب "مهندس القص"، حتى في مقارنة كتابات القصاص مع آخرين

    فتسآءلت كقاريء
    عن أرضيتك النقدية الصلبة، التى أكدت بكل وضوح أن هذا اللقب ليس إلا مجاملة، وهذا يعنى أن لها رؤية نقدية مخالفة تماماً

    فما هو "نقدي" بالنسبة لي يخصك أنت، ورؤيتك النقدية





    لصادق اسماعيل
                  

08-07-2015, 00:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الأخ الصادق إسماعيل السلام ورحمة الله والبركات ولك الشكر الجزيل
    على إحقاقك للحق ولكن الهماز المشاء الألفه لن يستطع أن يأتيك بمطلبك لأن
    ذلك سيورطه كما فعلت لاهوت ورطته من قبل لدى عماليق النقد من ناكرى
    أبوته النقديه وكانت يالها من ورطه. وإن جاء بنص للقصاص وحاول
    تشريحه ببنج موضعى أو بنج كامل فسيسقط سقوطاَ
    شنيعاً فى مادة التشريح تلك وسينال صفراً كبيرا بلا رأفةٍ أبداً وأتمنى أن
    يحاول ذلك. إن الألفه لا يمكن أن يتخلّقْ بغير أخلاقه أبداُ لذا هذا
    الخواد غير الحذر سيتهاوى ويتهاوى ويتهاوى!!



    منصور
                  

08-07-2015, 00:50 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    الكلس معاويه المدير الكاتب الشعبى الجاذب والقاص لدقق الناس وطرائفهم كما المؤرخ الإجتماعى، فلا تنزعج من ذوى الأراء السالبه المنبعثه من نفسٍ غير سويه، نفس يدفعها الشيطان
    لتحط من قدر الناس قولاَ وفعلاً، فلا تبتئس من ذلك الألفه الذى يصنف الناس بأنصاف متعلمين، ومنهم من هو أكثر علماً وأرفع منه, ولا أحدٌ منهم يجهر بذلك، ومنهم من هم أعرف منه وذلك
    ما يغيظه، ويمزق حشاه فالألفه لم يسمع بالطيب السراج، ولا فراج الطيب، ولم يسمع بقريب محمد راجع عمره الأكاديمى عشره سنوات نال فيها الدكتوراه، ولم يسمع بالعقاد ويوسف كرم
    والتجانى يوسف الذى لم يكمل المعهد العلمى ولم يسمع بموسوعة الأدب الشعبى الطيب مع الطيب، رقاص القص وعازف لحونه، وحاوى الدقق وعارف فنونها، الألفه يبحث عن صيت يرفعه
    فوق المقامات كلها، حتى تلك التى صنعته ويتوكأ على عِصِى معارفها، فيا معاويه لا نبتئس فإن فى الحياة أناسٌ لا يعجبهم أن يقال أن زيداَ يمتلك من الخصال
    النوادر أياَ كانت تلك الخصال، فذلك يغيظه، وربك ماذا تصنف ذلك الخلق العجيب المنتفخ وهماً يمور بالضرر!!


    منصور
                  

08-07-2015, 10:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    لا ينبغى للفتونة أن تصنع الألفوات
    بل تحقق تدميرهم بكيد العصاة العتاة الأرابيب!!


    منصور
                  

08-07-2015, 10:32 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    اطلق البرنس مصطلح "المحقة" في مقاربته لخطاب محسن خالد.
    لكنه تجاهل أنه يمكن أن يطلبق نفس المصطلح ِأي "المحقة""،
    على نصوص مبذولة هنا في هذا البوست.
    ولهذا فإطلاق ألقاب على نصوص مأزومة،
    هو تشجيع لها على أن تمارس "محقتها"،
    هذا درس تربوي.
    كما هنالك بحث يجب أن يتم حول "محقة تلك النصوص"،
    هل لأسباب نفسية مثل إدمان الكحول و المخدرات؟
    هل لأسباب سياسية؟
    هل لأسباب ......؟
    المهم يجب دراسة محقة تلك النصوص،
    ولماذا لم تتطور تلك النصوص الأولية التي جمعت في كتاب؟
    وهل إطلاق ألقاب مبهرة،
    يمكن أن يساعد في أن تتخلى تلك الاسماء عن "كسلها الأبداعي"؟؟
    بالعكس،سيعكس صورة سيئة:
    تلك النصوص الأولية،
    لا داع لتطويرها فهي قمة الكمال.
    "أنا الِآن"،
    مهندس القص"،بل وربه؟؟؟؟؟
    افنرقعوا عنيييييييييييييييييي جميعا،
    يا نقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة
    ِإمضاء:ِ
    ِ"الممحوق"...............




    osama elkhawad
                  

08-07-2015, 10:35 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    تعرف يا أيها الألفه إن البرنس هو الذى سوّق نحاسك ذهباَ وكذا يفعل كبر
    فى تلك البضاعه المغشوشه وهكذا يجدان منك ما يستحقان!!


    منصور
                  

08-07-2015, 10:38 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    السيد المنصور المفتاح
    عليك السلام

    العبدلله طرح مسائل نقدية تتعلق بما طرحه الاستاذ البرنس من مفهوم حول "المحقة".

    يمكنك مناقشة ما قال به ، و ما قلت به،
    في ما يختص ب"تبجيل المحقة".
    هنالك نصوص واعدة كتبت في فترة ما،
    ولم يتم تطويرها للأسف.

    إطلاق ألقاب مثيرة وكبيرة،
    على ما لم "يكتمل" من "مشروع إبداعي"،
    في حياة صاحبه،
    لا يعني سوى "إضفاء" مشروعية على ما يمكن تسميته إما ب"الصمت الإبداعي"،
    أو "الكسل الإبداعي"،
    أو.....، او .......،
    وغيرها من التسميات التي تصف أن مشروعا إبداعيا واعدا لم يتطور في حياة صاحبه.

    مصطلح المحقة كما اقترحه البرنس،
    يحاول في وجهه الجديد، كما يرى العبدلله،
    معرفة الأسباب وراء توقف مشروع إبداعي جديد.

    وأكرر من الأسباب المتوقعة :

    إدمان الكحول أو المخدرات،
    أسباب سياسية،
    أسباب نفسية مثل الاكتئاب أو الضجر أو....
    أسباب أخرى..................

    حسب زعمي الضعيف تتبع أسباب "المحقة"،
    لا يهدف سوى إلى إبراز العامل أو العوامل الكامنة،
    وراء إحجام كاتبة ما عن تطوير بداياتها الإبداعية الجيدة.

    لو اردت أن تثبت أن العبدلله ،صفر كبير في الإبداع السوداني،
    فيمكنك أن تفرد بوستا خاصا لذلك.
    وسأكون في غاية الامتنان، حتى أتمكن من العودة مجددا إلى ساحة "الإبداع السوداني".
    و"سأعافر" كي أحظى بلقب "مبدع".

    أرقد عافية

    osama elkhawad
                  

08-07-2015, 10:39 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    Quote:
    لو اردت أن تثبت أن العبدلله ،صفر كبير في الإبداع السوداني،
    فيمكنك أن تفرد بوستا خاصا لذلك.
    وسأكون في غاية الامتنان، حتى أتمكن من العودة مجددا إلى ساحة "الإبداع السوداني".
    و"سأعافر" كي أحظى بلقب "مبدع".


    عليك الله هسّع حكاية إنّك صفر كبير دي دايرالآ فتح بوست ؟،
    عودة شنو يا زول إنت متين دخلت في ساحة المبدعين عشان تمرق
    ؤُ تعود تاني ؟.
    إنت عمرك ما حا تكون مبدع في يوم من الأيام ...


    معاوية المدير
                  

08-07-2015, 10:41 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    الأخ معاويه المدير لك من السلام ما يغنيك أبداُ ودوماً. هذا السفر الخلاسى
    المسبوك كخلاصة لقرآت عميقة وناضجه لعلوم شتى، تجريبيه، فلسفيه، إجتماعيه،
    عقائديه مقارنه، تاريخ، تراجم وآداب متنوعه. كتابه شامله حاويه لعصير بلاسم
    معرفيه، أجاد خلف خلطها وتقديمها بأحسن ما يكون الشئ الذى أثار حفيظة
    الألفه وأغضبه لأن محمد خلف عاد قوياً وعاد شامخاَ راكزاً ممتلكا لأدواته
    وفاعلاً بها كما ينبغى ناسياً ذلك الألفى أن فى الأثر هنالك كتابات حوليه و
    عقديه ونصف قرنيه وما كل الكتابات كدورة الذباب تنتهى فى أربعة وعشرين
    ساعه ويا لها من واهية ضعيفه
    يتعملق فى وجهها خيط العنكبوت، فيا معاويه شعراء السودان من ذهبوا
    وتركوا الذهب كالعباسى والناصر قريب الله والتجانى ومحى الدين فارس
    والمجذوب وجماع وعبدالحى وصلاح أحمد إبراهيم والنور عثمان أبكر
    والواثق وتاج السر الحسن وشقيقه الحسين وشعراء الحقيبه والمسادير
    والدوبيت الذين تصفق لهم أجنحة الروح موسيقى ومعانٍ ولحون ومن
    الأحياء ود المكى وعالم والحفيان والحبر وكمال الجزولى أما النشاذ
    سيظل كذلك فلا تبتئس يا رجل فبعض الناس لا ترضى أن يبدع
    غيرها وتتملكها الغيرة والحسد وتتمدد كالجنائز فى ميادين عرضهم
    لتشوه طلعة الإبداع ولكن هيهات هيهات!!


    منصور
                  

08-11-2015, 00:08 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    السرد وهلامية الكيف السياسى المتشكل من واقع المجتمع وتنوعه، وتمايز مكوناته وأختلاف وجهات نظره وإختلاف برامجه وإختلاف المرامى والأهداف فى تحقيق
    رغائب الناس كل الناس فى الحضر والبوادى وتطوير وسائل ما يمتهنون من حرف إنتاجية كانت أم إستهلاكيه، والإهتمام بالجانب الخدمى العام من صحة وتعليم وأمن
    وصحة بيئه، مواصلات،وكذا رقابة الأسواق وتحديد الأسعار وتوفير الضروريات وضبط كل ذلك بصرامة عادله فينتج عن فعل كل ذلك مفردات تصبح وسما لكل حزب
    أو تنظيم كما فى حزب الأمه وتخريجات الصادق والإتجاه الإسلامي وإبتداعات الترابى الإصتلاحيه ومخرجات الإتحاديين الداله على مقاصدهم كمكرور أقوال الأزهرى
    والهندى وزروق وقياسا لذلك سائر ما يدور فى الكون حيث تضيق وتتسع تلك الأطر وفقاً لتعقيدات المجتمعات وتشكلها ووعى الساسه بذلك التعقيد وإمكانية اللحاق به
    هو ما يمايزهم عن بعضهم البعض أو كما ينبغى!!

    منصور
                  

08-11-2015, 00:33 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    إن ذم الفعل السياسى ومدحه شكل كذلك مدارساً فى السرد فقد
    جاء إسحاق فضل الله بطريقة فى القول غير المتعارف عليها وللطيب
    مصطفى قاموسه وكذا لكمال الجزولى والأفندى وحيدر إبراهيم و
    عبدالله على إبراهيم ولكل قرائه وتابعيه ويعمم ذلك لغيرهم ف
    للبونى مفردته وللبطل طريقته
    وللطيب زين العابدين مدرسته ولكل حرفته وحرفنته فى بث البهار
    الأدبى فى تلك الكتابة السياسيه فقد تثير مصران البعض وتبعث
    فى البعض فرحةً وتجعل البعض حائراً بذات القدرة والميزة التى
    تمتلكها الكتابه الأدبيه المطلقه!!



    منصور
                  

08-11-2015, 00:37 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    سنواصل السرد ونقدم قيمة الحرف، ومعانى هلامية ما يشير إليه، وما
    يثقل كاهل المفرده، وكذا لا محدودية العباره العابره لأعماق الأرواح
    اليقظه والعقول الوقاده!!

    منصور
                  

08-11-2015, 00:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    السَّرد بوصفه بُعداً نوعياً للممارسة السِّياسيِّة

    1. وجهة نظر صحيفة "الجارديان" بشأنِ هزيمة حزب العمال



    تعرَّض حزبُ العمال البريطاني لهزيمةٍ نكراءَ في الانتخاباتِ العامة التي جرت في 7 مايو 2015، حيث فقد كلَّ مقاعده في إسكتلندا، ما عدا مقعداً واحداً؛ كما لم يحقق مكاسبَ كانت متوقَّعةً في إنجلترا وويلز. وقد بدأ المحلِّلون وكبارُ السياسيين من حزب العمال بالإدلاءِ بآرائهم حول أسبابِ الهزيمة، وحول آفاقِ مستقبلِ الحزب. على سبيل المثال، دعا رئيسُ الوزراء الأسبق، توني بلير، إلى عودة الحزب إلى مركزِ الوسط حتى يتمكَّن من الفوز في المرَّةِ القادمة بنتيجةِ الانتخابات؛ بينما دعا بيتر ماندلسون إلى تبنِّي طموحات الطَّبقات المتوسطة. إلا أن صحيفة "الجارديان" انفردت برأيٍّ له علاقةٌ وثيقة بموضوع هذا الرُّكن، وهو السَّردُ، الذي حاولتْ رسالتي إلى الصَّديق القاص عادل القصَّاص توسيعَ مداه ليشملَ كافَّة العلوم البشرية، التي اصطلحنا على تسميتها بمجالِ الحقيقة، وذلك توطئةً للاقتراب منه عبر القصصِ القرآني، التَّعبيرِ الأسمى عن الحقِّ.

    قالت صحيفة "الجارديان" في افتتاحيتها في أعقاب إعلان نتيجة الانتخابات إن حزب العمال قد اعتاد لفترةٍ طويلة أن يقفَ ضد التَّياراتِ المُنادية بتشتيتِ مراكز التَّصنيع (بتوزيعها حول العالم، وأينما تتوفَّرُ الموادُّ الخام، وحيثما تُوجدُ العمالةُ الرَّخيصة)، وتفكيك النِّقابات، وهيمنة النَّزعة الاستهلاكية؛ لكنه يواجه الآن أيضاً نزعةً انفصاليةً قومية تقشعِرُّ لها الأبدان، في إشارةٍ إلى الصُّعود الصَّاروخي للحزب القومي الإسكتلندي، تحت رئاسة السَّيِّدة نيكولا إستيرجن. وقالت الصَّحيفة أيضاً إن ما يحتاجه حزبُ العمال في الأشهر القليلة القادمة المُثقلة بصدمةِ الهزيمة، ليس وجهاً جديداً، بل وقتاً للتَّفكير؛ فعوضاً عن النِّقاشات التي تتكهَّن بشخصية الزَّعيم الجديد، كان الأجدى، في نظر الافتتاحية، التَّصدي لسردية التَّحالف (وهو التَّحالفُ السِّياسيُّ بين المحافظين والدِّيمقراطيين، الذي حكم بريطانيا طيلة الخمسِ سنواتٍ الماضية)، وهي السَّرديةُ التي تزعم بأن البلادَ تعرَّضت للإفلاس بسببِ الإنفاق المفرط على الخدمات الاجتماعية، بدلاً عن القول بأنها أفلست بسببِ ممارساتِ المصرفيين، في إشارةٍ إلى الأزمة المالية التي اندلعت في بداية 2007، واستمرَّت حتى نهاية 2008؛ كما ضاعف حزبُ العمالِ الخطأَ بفشلِه في تقديمِ رسالةٍ واضحة تحدِّد الكيفية التي تختطُّ بها بريطانيا طريقاً للنُّمو يُخرِجُها من وهدةِ الدِّيون.

    وقالت افتتاحية "الجارديان" إن على حزب العمال أن يحذِقَ كيفية سَردِ القصصِ بصوتٍ –وربما بنبرةٍ- تُسمِعُ أذناً صاغيةً للفردِ الواحد، إنْ لم نقلْ للبلدِ ككل. على أن يتمَّ ذلك بالتَّخلُّصِ من المصطلحاتِ الغريبة، وإيجادِ وسيلةٍ جديدة لنشرِ الحججِ الأخلاقية، بدلاً من تفشي المعجم الكئيب الذي يبثُّه التكنوقراطيون؛ وعلى أن يتم ذلك أيضاً بطرحِ الأسئلة الصَّحيحة، ومن ثمَّ إيجادُ الإجاباتِ المقنعة. ورأتِ الافتتاحية أن زعيم حزب العمال، إد ميليباند، الذي قدَّم استقالته في أعقاب الهزيمة، كان مُحِقَّاً في طرحِ الأسئلة الصَّحيحة، لكن حزبَه كان حذِراً في تقديم الإجابات الواضحة.

    وتخلُص افتتاحية "الجارديان" إلى القول بأن ما يحتاجه حزبُ العمال الآن، وبشكلٍ عاجل، ليس البحثَ عن الذَّاتِ أو الجريَ وراءِ المبادئ الأولية، وإنما كيف يمكن تحويل هذه المبادئ إلى سياساتٍ تلقى أُذناً صاغية لمستمعٍ للرَّاديو أو مشاهدٍ للتِّلفريون؛ وهي تلك المبادئ التي يمكن أن يستخدمها زعيمُ حزب العمال الجديد للكشفِ عن قصَّةٍ واضحة لم يكنِ الزَّعيمُ القديمُ قادراً على سردها.

    محمد خلف
                  

08-11-2015, 00:58 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    السَّرد بوصفه بُعداً نوعياً للممارسة السِّياسيِّة
    2. 2 بين التَّمديد التَّوافقي والتَّعميق القائم على الخلاف

    قلنا في الحلقةِ السَّابقة من هذه المشاركة إن مفهوم السَّرد الذي انبثق مجدَّداً مع حركة ما بعد الحداثة يحتاجُ إلى إضاءةٍ ضرورية بوصلِه بمفاهيمَ ذات صلة، من بينها مفهوم "الأزمة" (توماس كن)، و"الشَّرعنة" (يورغن هبرماس)، و"اللَّعبة اللُّغوية" (لودفيج فيتجنشتاين)، و"الأدائية" (جي إل أوستن)؛ وذلك تمهيداً لنقده في ذات الوقت.

    فلنبدأ بمفهوم "الأزمة" عند توماس كن، ولنمهِّد له كذلك بخلفيةٍ موجزة عن وضع العلوم في نهاية القرن التَّاسع عشر والثُّلُثِ الأول من القرن العشرين. شهدت السَّنوات 1896-1926 تطوَّراً عاصفاً في حقل العلوم الطَّبيعية، حيث بدأت تلك الفترة باكتشاف ظاهرة النَّشاط الإشعاعي (هنري بيكريل)، وانتهت بفصلِ الفوتونات عن الأشعة الضَّوئية (بعد أن كان يُنظر إلى الضُّوءِ باعتباره موجةً مندمجة غير قابلة للفصلِ إلى جزيئياتٍ متناهيةِ الصغر). كما شهدت تلك الفترة نشوء فكرة الكم (ماكس بلانك) التي تتلخَّص في أن الموجات الكهرومغنطيسية تتكوَّن من مقاديرَ صغرى من الطَّاقة تُسمَّى كمَّات، ومنها نشأت ميكانيكا الكم التي زلزلت أركان الفيزياء النِّيوتونية التَّقليدية.

    شهدت هذه الفترة أيضاً مساهمة ألبرت آينشتاين الأولية في تطوير ميكانيكا الكم، كما شهدت مقاومته لنتائجها التي تبدو مخالفةً لما ألِف النَّاسُ عليه عند مقاربتهم للظَّواهر الطَّبيعية؛ وقد تخلَّلت هذه الفترة مساهماتُه الرَّئيسية في مجال الفيزياء؛ ففي عام 1905، نشر آينشتاين أربعَ أوراقٍ شهيرة، أرست إحداها أسس النَّظرية النِّسبية الخاصَّة، ونال عن أخرى جائزة نوبل للفيرياء في عام 1921؛ وفي عام 1915، أرسى أسس النَّظرية النِّسبية العامة بإضافة الجاذبية إلى نظريته الخاصة بالزَّمان والمكان. إلا أن آينشتاين لم يكن في السَّاحةِ وحده، فقد كان فارسُها الذي لا يُشقُّ له غُبار هو العالم الدنماركي نيلز بور، الذي تحلَّق حوله العلماءُ وأتوه من كلِّ حدبٍ وصوب، لإيجادِ تفسيرٍ مقنع للفيزياء الجديدة، التي عُرفت بميكانيكا الكم. فجاء إليه فيرنر هايزنبيرج (الذي أرسى مبدأ اللَّايقين)، وولفغانغ باولي (الذي وضع مبدأ الاستبعاد)، وبول ديراك (صاحب المعادلة الشَّهيرة التي تسمَّت باسمه)، وإيرفن شرودنغر (المعروف بتجربته الفكرية الشَّهيرة باسم "قطَّة شرودنغر"). هذا إضافة إلى آخرين ذوي شأنٍ كبير في مجال الفيزياء، لا يتسعُ المجالُ لذكرِهم.

    عندما صاغ توماس كن مفهوم "الأزمة"، كان في باله هذه الفترة التي خلخت أسس الفيزياء التي أُرسيت فيما مضى. وقد أشار في كتابه الشَّهير "بنية الثَّورات العلمية" إلى هذه الحقبة، وإلى حقبٍ أخرى شهدت انتقالاتٍ شبيهة من النِّظام البطليموسي إلى النِّظام الكوبرنيكي، ومن الفيزياء الأرسطية إلى الفيزياء النِّيوتونية. وتتجلَّى سماتُ هذه "الأزمة" في أن العلماء يمارسون عملهم العلمي تحت إطارٍ نظريٍّ متفقاً عليه بين جمهرة العلماء. وعندما يظهر شذوذٌ أو مفارقاتٌ في عملهم اليومي، فإنهم لا يعزون ذلك إلى وجودِ خللٍ في الإطار النَّظري العام (البرادايم)، وإنما يظنون أنهم أخطأوا في تجاربهم المعملية أو أنهم أخفقوا في مشاهداتهم أو تسجيل قياساتهم على وجه الدِّقة المطلوبة. ولكن عندما تتكاثر هذه المفارفات ويسود الشَّاذ أو يتغلَّب على النَّمط العادي، يضطرب عملُ الفيزيائين وتدخل الفيزياءُ نفسها في "أزمة"، تستدعي معها التخلِّي عن طريقة العمل الاعتيادية، واستبدالها بعملٍ استثنائيٍّ ثوري يقود في نهاية الأمر إلى الإطاحة بالإطار النَّظري القديم واستبداله بإطارٍ نظريٍ جديدٍ قادرٍ على تفسير المفارقات السَّابقة بما يشتمل عليه من توسيعٍ في مداه التَّفسيري، وبما ينطوي عليه من تحديثٍ لأدواتِ عمله. فهل كانت ما بعد الحداثة تطويراً أو توسيعاً للمدى التَّفسيري للحداثة؛ وهل كانت صياغتها لمفهوم السَّرد إضافةً أو استبدالاً لما اعتاد النَّاسُ عليه من سرد؟

    سنقتربُ حثيثاً من إجابةٍ مُرضية، عندما نلملم أطراف "الشَّرعنة" عند هبرماس، و"اللَّعبة اللغوية" عند فيتجنشتاين، و"الأدائية" عند أوستن، ونرتقها بأوصال ما بعد الحداثة. وهذا هو الأفقُ المفتوح لعملنا في الحلقات التي خصَّصناها لمعالجة موضوع السَّرد ومقارنته في إطاره السِّياسي بين التَّمديد التَّوافقي والتَّعميق القائم على الخلاف.

    محمد خلف
                  

08-11-2015, 01:00 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    هكذا يلاحق السرد الفتوحات المعرفية كلها، على صهوة فرس ممرونٍ بالقديم
    أو صهوة أى واكسٍ نافذةٍ بالفورية، حذو الحافر بالحافر!!

    منصور
                  

08-11-2015, 01:02 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    السَّرد بوصفه بُعداً نوعياً للممارسة السِّياسيِّة
    2. 3 بين التَّمديد التَّوافقي والتَّعميق القائم على الخلاف

    يتمُّ الانتقالُ عند توماس كن من إطارٍ نظري أو صيغةٍ نموذجية (بارادايم) إلى أخرى عبر تحوُّلٍ في الصِّيغةِ النَّظريةِ نفسِها، يُحدِثه علماءُ يشتغلون داخل الصِّيغة القديمة في وقتِ أزمتها، ويتميَّزُ عملُهم هذا بشكلٍ نوعي عن عمل العلماء العاديين الذين رضوا بالصِّيغة القديمة، رغم دخولها في أزمتها الطَّاحنة. أمَّا يورغن هبرماس، فإنه ينظر إلى "أزمة الشَّرعنة" باعتبارها أزمةً تحيط بالنِّظام الاقتصادي السِّياسي الاجتماعي-الثقافي برمته؛ وتتجلَّى "الأزمة" في فقدان الثِّقة في المؤسَّسات الإدارية التي تدير المنظومات الفرعية (اقتصادية/سياسية/اجتماعية-ثقاقية) التي تشكِّل مجمل النِّظام. و"الأزمة" بإزاء النَّمط الغالب لهذه المنظومات الفرعية تتحدَّد بالنَّظر إلى التَّكوينات الاجتماعية السَّائدة في مجتمعٍ بعينه.

    ففي التَّكوينات الاجتماعية البدائية القائمة على علاقات القرابة، تتجلَّى "الأزمة" في شكل تغييراتٍ تمسُّ هوية المجتمع من خارج؛ وفي التَّكوينات الاجتماعية التَّقليدية القائمة على حكم طبقةٍ سياسية، تتجلَّى "الأزمة" في شكل تغييراتٍ تعصف بالمجتمع من داخل؛ وفي التَّكوينات الاجتماعية الرَّأسمالية اللِّبرالية، القائمة على علاقات العمل المأجور ورأس المال، تتجلَّى "الأزمة" في شكل مشاكل اقتصادية، تتخفَّي في قناعٍ آيديولوجي يجعلها عصيَّةً على الحل (ومن هنا تأتي، في نظر هبرماس، أهمية الاتِّصالات لنزع الطَّابع الآيديولوجي لتلك المشكلات عبر تحليلها ونقدها)؛ أمَّا في المجتمعات الرَّأسمالية المتقدِّمة، القائمة على التَّركُّز الاقتصادي، فإن "الأزمة" تنشأ في كلِّ النِّظام: أزمات اقتصادية في المنظومة الفرعية الاقتصادية، وأزمة عقلانية وشرعنة في المنظومة الفرعية السياسية، وأزمات تحفيز في المنظومة الفرعية الاجتماعية-الثَّقافية.

    يجدر الملاحظة هنا إلى أن مفهوم "الأزمة" عند كن، يرتبط بوجود العالِم الفرد في شبكةٍ من العلاقات الاجتماعية، تُحتِّم عليه، ليس النَّظر فقط إلى مقولاته وتعبيراته العلمية، وإنما أيضاً إلى إكسابها الطَّابع الشَّرعي بالوصولِ إلى اتفاقٍ جماعيٍّ في الرأي وسط مجتمع العلماء. إلا أن هابرماس لا يكتفي بالنَّظر إلى "الأزمة" داخل مجتمعٍ محدود، مهما كانت أهميته النَّوعية، وإنما ينقلها إلى المجتمع بأسره، بمنظوماته الفرعية المكوِّنة له، وبتشكيلاته الاجتماعية المختلفة. وربما يتبع هابرماس في ذلك تقليداً ألمانياً أصيلاً في النَّظر إلى النِّظام (أو مبدأ الكلِّية)، عوضاً عن الانشغال بظاهراتٍ معزولة، مهما بلغت من أهميةٍ في إضاءة ما حولها من ظواهر.

    ويبقى لنا في هذه المشاركة تناولُ مفهوم "اللَّعبة اللغوية" عند فيتجنشتاين، و"الأدائية" عند أوستن، حتى نتمكَّن من متابعة مفهوم السَّرد الذي انبثق مجدَّداً مع حركة ما بعد الحداثة، خصوصاً وفقَ ما جاء في كتاب "حالة ما بعد الحداثة" للمفكَّر الفرنسي جان-فرانسوا ليوتارد.





    محمد خلف
                  

08-11-2015, 01:04 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    السَّرد بوصفه بُعداً نوعياً للممارسة السِّياسيِّة
    2. 4 بين التَّمديد التَّوافقي والتَّعميق القائم على الخلاف

    في كتابه الموسوم "تحقيقات فلسفية" (وأحياناً يُترجم "بحوث فلسفية")، خرج لودفيج فيتجنشتاين بمفهومٍ جديد للُّغة هو مفهوم ’اللَّعبة اللُّغوية‘. ففي رأيه، يمكن النَّظر للاستخدامات الأولية للُّغة، سواءً أن كان ذلك في إطار التَّعلُّم أو أغاني الأطفال أو اللُّغات البدائية، باعتبارها ’ألعاب لغة‘؛ كما يمكن النَّظر أيضاً إلى اللُّغة نفسها باستخداماتها المختلفة بوصفها ’لعبة لغة‘. لكن ما هي الفكرة الثَّاوية خلف ’لعبة اللُّغة‘، وبالتالي ما هي ماهية اللُّغة نفسها بوصفها ’لعبة لغة‘؟
    ويجيب فيتجنشتاين بالقول إنه لا توجد فكرة عامة مشتركة تجمع بين ’ألعاب اللُّغة، أو ما يمكن اعتباره بأنه لغة؛ كلُّ ما هنالك أنه توجد علاقة أو علاقات بين ’ألعاب اللُّغة‘، بحيث يمكن أن نشير إليها بأنها لغة. على سبيل المثال، فإن ألعاب الطاولة، وألعاب الورق، وألعاب الكرة، والألعاب الأوليمبية، كلُّها ألعاب؛ إلا أنه لا يوجد رابطٌ مشترك بينهما، وأن كلَّ ما يمكن أن يُقال هو أن هناك تشابهاتٍ وعلاقاتٍ بينهما هي أقربُ إلى "التشابهات الأسرية".
    قد يظنُّ ظانٌ بأن التَّسلية عنصرٌ مشترك بين الألعاب، إلا أن هذا التَّصوُّر لا يصمد عند المقارنة بين لعبة الشَّطرنج والكلمات المتقاطعة. وقد يحسِبُ آخرُ بأن كلَّ الألعاب تتضمَّنُ منافسةً بين اللَّاعبين، إلا أن هذا الاعتقاد يتلقَّى ضربةً موجعة عند تأمُّل "لعبة الصَّبر" أو "لعبة سوليتير". وقد يعتقد غيره بأن كلَّ الألعاب تستلزم فوزاً أو خسارة، إلا أن هذا الظنَّ يتبخَّرُ عند النَّظرِ إلى طفلٍ وهو يرمي بالكُرةِ على الحائط، ثم يلتقطها مرَّةً أخرى. ويطلب فيتجنشتاين من القارئ أن يتأمَّل في الدَّور الذي تلعبه المهارة أو الحظ في مختلف الألعاب: أيٌّ منها يظلُّ قائماً، وأيُّ منها يختفي من غير رجعة. وقد يجد القارئ، وفقاً لفيتجنشتاين، عنصرَ التَّسلية في ترنيمةٍ للأطفال، ولكن أيُّ عنصرٍ آخرَ سيختفي من غير أثر.
    يمكن، في نهاية المطاف، تلخيص وجهة نظر فيتجنشتاين بالقول إنه قد نبَّه مبكِّراً إلى تعدُّدية المعنى المتضمِّن في ألعاب اللُّغة. أمَّا الفيلسوف الفرنسي جان-فرانسوا ليوتار، فقد أخذ مفهوم التَّعدُّدية، ارتكازاً على ما جاء في "تحقيقات فلسفية"، ليسِمَ به "حالة ما بعد الحداثة" التي جاءت في أعقاب انهيار السَّرديات الكبرى، وهي نمطٌ من الخطابات التي لا تسمح بالتَّعدُّدية والاختلاف، بل تمارس التَّهميشَ والإقصاءَ للخطاباتِ الأخرى المنافسة، باستخدامِ مكوِّناتٍ تشمل الدِّين واللُّغة والتَّصوُّرات الشَّعبية السَّائدة.


    محمد خلف
                  

08-11-2015, 01:06 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    يمكن، في نهاية المطاف، تلخيص وجهة نظر فيتجنشتاين بالقول إنه قد نبَّه مبكِّراً إلى تعدُّدية المعنى المتضمِّن في ألعاب اللُّغة. أمَّا الفيلسوف الفرنسي جان-فرانسوا ليوتار، فقد أخذ مفهوم التَّعدُّدية، ارتكازاً على ما جاء في "تحقيقات فلسفية"، ليسِمَ به "حالة ما بعد الحداثة" التي جاءت في أعقاب انهيار السَّرديات الكبرى، وهي نمطٌ من الخطابات التي لا تسمح بالتَّعدُّدية والاختلاف، بل تمارس التَّهميشَ والإقصاءَ للخطاباتِ الأخرى المنافسة، باستخدامِ مكوِّناتٍ تشمل الدِّين واللُّغة والتَّصوُّرات الشَّعبية السَّائدة.


    محمد خلف
                  

08-11-2015, 01:08 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    إسهام كبير يا خلف ورصدٌ لفكرٍ باتع وتدوينٌ حَرَصَ على عرض كُلّ
    السرد لكى يشمل كل الأطر التى تحويه وتحتويه مع مراعاة الحراك
    الطارئ لواقع المجتمع فى صيرورته الزاحفه لأنوار شموس المعرفه
    الكونيه، رائع يا خلف.


    منصور
                  

08-11-2015, 01:11 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    شخصيات القصَّة: سايكودراما من شخصيتين (نون واحد ونون اثنين)
    1. الدَّور الذي يلعبه نون واحد

    يشير علماءُ النَّفسِ بشكلٍ واسع إلى وجودِ نظامين، أو نمطين رئيسيَيْن للتَّفكير، وهما: نظام واحد (أو نون واحد، حسبما نرمز إليه اختصاراً)، ونظام اثنين (أو نون اثنين، حسبما نرمز إليه اختصاراً، كذلك). أما دانيل كانيمان، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في عام 2002، فإنه يمضي أبعد من ذلك، إذ إنه يشير إلى النِّظامين، في كتابٍ له صدر عام 2011 تحت عنوان: "التَّفكيرُ، سريعاً وبطيئاً"، باعتبارهما شخصيتين داخل دراما نفسية. نون واحد يعمل بشكلٍ تلقائي، وفي غايةِ السُّرعة، ومن غير جهدٍ يُذكر أو أيِّ إحساسٍ بالتَّحكُّم الطَّوعي. أما نون اثنين، فإنه يعطي اهتماماً للأنشطة العقلية التي تتطلَّب جهداً، مثل العمليات الحسابية المعقَّدة؛ لذلك، فإن نون اثنين غالباً ما يرتبط بالتَّجربة الذَّاتية للأفراد، وبما يختارونه، وبالأشياء التي يركِّزون عليها.

    بالرَّغم من أن النَّاس عادةً ما يربطون أنفسهم بنون اثنين، وهي الذَّات الواعية المفكَّرة، التي لديها معتقداتٌ، كما تملك خياراتٍ، وبإمكانها أيضاً أن تقرِّر بشأنِ ما تفكِّر فيه أو تعمله، إلا أن كانيمان قد اختار نون واحد، ليكون بطلاً لكتابه الصَّادر في عام 2011. ويصف كانيمان بطل كتابه بأنه تعبيرٌ عن مجموعة الانطباعات والمشاعر التي تنبثق من غيرِما جهدٍ يُذكر، والتي تشكِّل في مجموعها مصدراً رئيسياً للمعتقدات المحدَّدة والخيارات المتعمَّدة التي يملكها نون اثنين. فالعملياتُ التِّلقائية لنون واحد تقودُ بشكلٍ مدهش إلى توليدِ أنماطٍ معقَّدة من الأفكار، إلا أن نون اثنين الأكثر بطئاً في عملِه هو الذي ينشئُ الأفكارَ في سلسلةٍ من الخطوات المنظَّمة. ويحثُّ كانيمان القارئ على النَّظر إلى النِّظامين (نون واحد ونون اثنين) بوصفهما شخصيتين لهما قدراتهما وإمكانياتهما المحدودة.

    يعطي الكاتب أمثلةً للأنشطة التِّلقائية التي تُنسبُ عادةً لشخصية نون واحد، حيث يقول إنها قادرةٌ على أن تستبينَ بوضوحٍ كافٍ أن شيئاً ما يلوحُ في الأفق هو أبعدُ من شيءٍ آخر؛ وإنها مهيئةٌ لأن توجِّه انتباهها إلى مصدرِ صوتٍ مباغت؛ وبإمكانها أن تُكمِلَ عبارةً على شاكلة "على نفسِها جنتْ....."، أو إذا كانت من عُشَّاقِ الأغاني السُّودانية، أن تُكمِلَ عبارة "الشُّوق و....."، هذا إنْ لم تردِّد فورَ إكمالِها: "تارا رارا را-را را-را"؛ وإنَّ وجهَها يكفهرُّ ويقشعرُّ بدنُها، عندما تتبدَّى أمامها صورةٌ مروِّعة؛ وإنها قادرةٌ على تمييزِ نبرةً عدائية في صوتٍ بشري؛ وبإمكانها أن تجِدَ إجابةً صحيحة لحاصلِ جمع 2+2=؟؛ وهي قادرةٌ على قراءةِ العباراتِ المكتوبة على لوحاتِ الإعلاناتِ الكبيرة على جانبي الطَّريق؛ وتستطيعُ قيادة السيارة في طريقٍ خالٍ من حركة المرور؛ كما بإمكانها أن تحقِّق أفضل نقلات الشَّطرنج (إذا كان الشَّخص المعتمد عليها ماهراً في لُعبة الشَّطرنج)؛ وتستطيع شخصية نون واحد أن تفهم جملاً بسيطة؛ وأن تدرك أن "الرُّوح الوديعة التي جُبلت على التَّنظيم والتَّرتيب، والتي لديها ولعٌ كبيرٌ بالتَّفاصيل" هو وصفٌ يطابق إلى حدٍّ كبير الشَّخصية المهنية النَّمطية.

    يقول الكاتب إن قدرات نون واحد تشمل المهارات الفطرية التي نتشارك فيها مع بقية الحيوانات. فنحنُ، حسب وجهة نظر كانيمان، قد وُلدنا باستعدادٍ غريزي لإدراكِ العالم من حولنا، ولتمييزِ الأشياء، ولتوجيهِ الانتباه، ولتفادي الخسارة، وللخوفِ من العناكب. أمَّا الأنشطة العقلية الأخرى، فإنها تصبح سريعةً وتلقائيةً من خلال الممارسة الطَّويلة. ويتعلَّمُ نون واحد الرَّبطَ بين الأفكار (عاصمة مصر، على سبيل المثال)، ومهاراتٍ مثل القراءة، وفهمَ الفروقِ الدَّقيقة في المواقف الاجتماعية. ويعتقد الكاتب أن بعض المهارات (مثل معرفة أفضل النَّقلات في لُعبة الشَّطرنج) يتمُّ اكتسابُها بواسطة الخبراء المتخصِّصين فقط، إلا أن غيرها يتمُّ تقاسُمُه على نطاقٍ واسع بين عامَّةِ النَّاس، حيث تُحفظُ المعلوماتُ في الذَّاكرة، ويسهُلُ الوصولُ إليها من دونما قصدٍ أو جهدٍ يُذكر.

    نختم هذه الحلقة بالقول إن دانيل كانيمان، عالمَ النَّفس الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في عام 2002، يعتبر أن نظامَي نون واحد ونون اثنين قائمان على تقاسمِ عملية التَّحكم في الانتباه؛ فعلى سبيل المثال، فإن توجيه الانتباه نحو صوتٍ عالٍ هو عادةً عمليةٌ لا إرادية تقع ضمن اختصاص نون واحد، إلا أن نون واحد يحرِّك في ذات الوقت، أو على الفور، الانتباهَ الطَّوعيَّ لنون اثنين. ففي مقدور الشَّخص أن يقاوم، على سبيل المثال، الالتفات نحو مصدر الصَّوت العالي أو التَّعليق النَّابئ في قاعةِ حفلٍ مكتظَّةً بالضُّيوف، ولكن حتى لو لم يلتفت رأسُ المرءِ، فإن انتباهَه يبقى مشدوداً، ولو لفترةٍ وجيزة، تجاه الحدث. إلا أنه من الممكن صرف الانتباه عن مركزِ حدثٍ غير مرغوب في متابعته، وذلك بتركيز الانتباه عن عمد، وبصورةٍ رئيسية، على شيءٍ آخر.

    سوف نخصِّص الحلقة الثَّانية، بإذن الله، للدَّور الذي يلعبه نون اثنين؛ وربما تطرَّقنا في حلقةٍ ثالثة إلى دورِ كليهما في تقييمِ الأدلة، واتِّخاذِ القرارات، والاقتصادِ السُّلوكي، على وجهِ العموم.





    محمد خلف
                  

08-11-2015, 01:13 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)



    القران الكريم (|إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)
    ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ* فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ ٍ﴾ (البلد11:8) ثنائية الذات فى القرآن وهنالك الكثير المثير الخطر فى إزدواجية الأنا تلك التى توصل إليها أهل التفكير وأدركوا
    بعض كيفية عملها بسرعة وبطءٍ فى آن واحد وذلك مقدار من (ما أوتيتم من العلم إلا قليلا) فبكدح الإنسان ومثابرته وكده وجهده تتكشف له الحجب حتى يلج إلى الحقيقه (يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه)


    منصور
                  

08-11-2015, 01:15 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)





    ففي التَّكوينات الاجتماعية البدائية القائمة على علاقات القرابة، تتجلَّى "الأزمة" في شكل تغييراتٍ تمسُّ هوية المجتمع من خارج؛
    وفي التَّكوينات الاجتماعية التَّقليدية القائمة على حكم طبقةٍ سياسية، تتجلَّى "الأزمة" في شكل تغييراتٍ تعصف بالمجتمع من داخل
    وفي التَّكوينات الاجتماعية الرَّأسمالية اللِّبرالية، القائمة على علاقات العمل المأجور ورأس المال، تتجلَّى "الأزمة" في شكل مشاكل
    اقتصادية، تتخفَّي في قناعٍ آيديولوجي يجعلها عصيَّةً على الحل
    في المجتمعات الرَّأسمالية المتقدِّمة، القائمة على التَّركُّز الاقتصادي، فإن "الأزمة" تنشأ في كلِّ النِّظام


    خلف سلام

    لو سمح لك الوقت بعد الإنتهاء من الكتابة، أن تعطينا أمثلة لتلك الأزمات

    مع خالص الود

    الصادق إسماعيل

    شكل حضور الأخ الصادق إسماعيل فى هذا البوست طعماَ خاصاً ومذاقاَ معرفياً مقدر ولِمّ لا فقد صام غيره عن تناول ما جاء فيه من ضخ معرفى
    غزير مكتفين بالقراءة والإطلاع عليه وفى كل خير ورداً على تساؤلات
    الصادق إسماعيل جاء خلف بالتالى.

    منصور

    خطورة الانزلاق ضمن الافتراضات المُسبقة لدى الكاتب، أو زمرةِ أتباعِه



    عزيزي الصَّادق

    شكراً لمشاركاتك القيِّمة، وتهذيبك الرَّاقي في طرح الأسئلة؛ وكان من الممكن أن أُرجئَ الإجابة حتى نهاية الكتابة، كما طلبت، ولكن السَّرد، كما تلاحظ، أمرٌ مفتوحُ، ويصعُب التنبؤ إزاءَه بنهايةٍ محدَّدةٍ أو قاطعة؛ فليس من الإنصاف إذاً أن أترك إجابةً واثقةً من نفسها ممدَّدةً على حبل الانتظارِ الطَّويل. فأنتَ تطلبُ أمثلةً عن الأزماتِ التي تحدَّث عنها يورغن هابرماس؛ وفي حقيقة الأمر، إنه لم يقدِّم أيَّ أمثلةٍ في كتابه الموسوم: "أزمة الشَّرعنة"، بخلاف الأمثلة التي جاءت عند مستوى التَّكوينات الاجتماعية، والتي ضمَّنتُها من قبل في مشاركتي السَّابقة؛ وإنَّ كلَّ ما يمكن أن أُقدِّمه هنا هو تفسيرٌ لإحجامه عن تقديم الأمثلة عند المستوى الأدنى المتضمَّن في سؤالك.

    ترتبط الأمثلة عادةً بمستوى عمومية الطَّرح؛ وسأستغني هنا –للتَّوضيح- عن معلِّم الفلسفة، وسألجأُ -عِوضاً عنه- إلى مدرِّس الجغرافيا. فإذا كان موضوع الدَّرس هو جغرافية العالم، فإن المدرس سوف يضرب أمثلته على المستوى القاري؛ فتكونُ أستراليا، حيث يقيم الصَّديق عادل القصَّاص، أو أفريقيا أو آسيا، أو إحدى الأمريكتين، أو أوروبا. وإذا كان موضوع الدَّرس هو جغرافية أوروبا، فإن المدرس سوف يضرب أمثلته على المستوى القطري؛ فتكونُ ألمانيا، حيث يقيم الفيلسوف هابرماس، أو إيطاليا أو فرنسا، أو إنجلترا. وإذا كان موضوع الدَّرس هو جغرافية إنجلترا، فإن المدرس سوف يضرب أمثلته على المستوى الإنجليزي؛ فتكونُ لندن أو بيرمنجهام أو وولفرهامبتون، حيث يقيم الصَّديق عثمان حامد. أمَّا إذا كان موضوع الدَّرس هو جغرافية وولفرهامبتون، فما على المدرِّس إلا الاستعانة بابن القرية الذي عصفت به الأقدارُ من الخرطومِ إلى طرابلس فصنعاءَ؛ ومنها إلى أمستردام، فوولفرهامبتون في غرب وسط إنجلترا (وست ميدلاندز).

    بما أن هابرماس كان يسعى عند تأليفه لكتاب "أزمة الشَّرعنة" إلى صياغةِ نظريةٍ عن النِّظام (الاجتماعي) الكلِّي، جرياً على عادة المفكرين الألمان، من أمثال هيغل وماركس وكانت، وحتى لوكاش (الفيلسوف المجري الذي كتب بالألمانية)، فقد اتَّخذ التَّكويناتِ الاجتماعية نفسها أمثلةً لِتَمَفصُل ذلك النِّظام الاجتماعي الكلي. ففي الفصل الثَّالث من الكتاب، الذي جاء تحت عنوان: "توضيح المبادئ الاجتماعية للتَّنظيم"، يقول هابرماس: "أريد أن أوضِّح ما الذي يُعنى بالمبادئ الاجتماعية للتَّنظيم، وكيف يمكن أن نستقي منها أنماطاً محدَّدةً من الأزمة عن طريق ثلاثة تكويناتٍ اجتماعية". ويقول أيضاً إن هذه الملاحظات الفضفاضة، ليس الغرض منها الاستعاضة عن نظريةٍ للارتقاء الاجتماعي؛ وإنما الغرضُ منها فقط هو إدخالُ مفهومٍ جديد عن طريق الأمثلة؛ ففي كلِّ واحدةٍ من التَّكوينات الاجتماعية الثَّلاثة، سوف أضعُ مخططاً للمبدأ المحدَّد للتَّنظيم، وسوف أشيرُ إلى الإمكانيات التي يفتحها أمام الارتقاء الاجتماعي، كما سوف أستنتجُ منها أنماط الأزمات التي تسمح بنشوئها".

    بالطَّبع، يمكننا أن نعطي أمثلةً افترضَ الكاتبُ سلفاً أنها مألوفةٌ لدى القارئ، إلا أن هناك خطورةً تنشأ من الانزلاق ضمن الافتراضات المُسبقة لدى الكاتب، أو زمرةِ أتباعِه الذين يقبلون طرحَه من دون مواجهتِه بما يستحقُّ من تساؤلات. على سبيل المثال، فإن ما يُسمَّى بالمجتمعات البدائية قد يكون هو واحدٌ من المفاهيم المقبولة لدى مؤسِّسي علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية، فقد نشأ العلمُ وترعرع إبان الحملة الاستعمارية؛ فالذي يدرس النُّوير (إدوارد إي إيفانز-بريشارد) هو صنوٌ للحاكم الاستعماري، وربما تضعضعت أطروحاته عند تناولها لدى منظرِّي خطابات ما بعد الاستعمار. وقد نجد آراءَ موازية، إذا تتبعنا الدَّارسين لشعوب الإينو (اليابان)، أو التشكشي (سيبيريا)، أو التشينشو (الهند)، أو الشوشوني (أمريكا الشَّمالية). ففي كلِّ تلك المجتمعات، يمكن أن نتصوَّر، اعتماداً على هبرماس، انبثاقاً للأزمات، فقط من خلالِ عاملٍ خارجي، إذ لا يوجد حافزٌ داخلي للإنتاج بما يفوق تلبية الحاجاتِ الضَّرورية للسُّكان؛ ولا تنشأ أزمةٌ إلا بوجودِ نموٍّ سكانيٍّ يدفعُ إلى هجرات، فتؤدِّي إلى تبادلٍ اقتصاديٍّ أو حروبٍ أو فتوحات.

    بخصوص التَّكوينات الاجتماعية التَّقليدية، قد لا يحدُثُ اتفاقٌ حول ما هو تقليدي، منظوراً إليه من موقعٍ مركزيِّ أوروبيٍّ تارةً، ومن موقعٍ طرفيٍّ تارةً أخرى. أما التَّكوينات الاجتماعية اللِّيبرالية الرَّأسمالية، فهي عظمُ النِّزاع الأساسي، ومن أجلها انخرط منظرو اليسار الماركسي الجديد في التَّفكير العميق من أجل إيجادِ تبريرٍ مقبول لتأخُّر انبثاق المجتمع الفاضل الذي تنبأت به المادية التَّاريخية الكلاسيكية، بمراحلها الصَّارمة المعروفة. ألا ترى معي، يا عزيزي الصَّادق، أننا سننزلق، إذا لم ننتبه بشكلٍ كافٍ، داخل افتراضاتٍ نحن في غنًى عنها؛ فكلُّ ما يهمُّنا من طرح هابرماس أنه أوجد ربطاً ما بين المراحل المتأخِّرة من الرَّأسمالية، أو ما بعد الرَّسمالية، وقضايا ما بعد الحداثة، التي أثارها الفيلسوف الفرنسي جان-فرانسوا ليوتارد. ومن أجل ذلك فقط، اضطررنا إلى التَّطرُّقِ لما أتى به هابرماس من أفكار.

    أما إذا سألت عن رأييِّ الخاص، فإنني أرى أن من الأجدى صياغة الأطروحات بكيفيةٍ تسمح بتفنيدِها، وفقاً لما طوَّره الفيلسوف النَّمساوي-البريطاني كارل آر بوبر، عِوضاً عن الالتفافِ اللَّانهائي حولها لإثباتِ صِحَّةٍ متوهَّمة أو التَّمسُّكِ بخرافاتٍ لا طائلَ من ورائها، أو التَّشبُّثِ بمفاهيمَ عفا عليها الدَّهرُ وشرِب. فمنذ أن وقعت عيناي في مستهلِّ عام 1975 على كتابه الشَّهير الصَّادر في عام 1945 تحت عنوان: "المجتمع المفتوح وأعداؤه" (من جزئين)، أدركت أن كلَّ ما كنتُ أقرأه أو أكتشفه خلف السُّطور يثبت ما أنا مقتنعٌ به أصلاً، ولا توجدُ طريقةٌ لزحزحتي عما أعتقد به، خصوصاً وأن ما كنتُ أعتقدُ به في ذلك الوقت هو عبارةٌ عن تنبؤاتٍ فضفاضة لا يحدُّها توقيتٌ دقيق أو مكانٌ بعينه، بحيث تستعصي تماماً على التَّفنيد؛ هذا غير أنها تُستخدم بأزيائها الواسعة لتفسيرِ ظواهرَ محدودةِ الأرجاء. وكان الوضعيون المنطقيون في فيينا يرفعون راية البرهنة أو التَّحقُّق تحت قيادة الفيلسوف الألماني رودلف كارناب، فجاء بوبر فأعلى من شأنِ الدَّحض ورفع راية التَّفنيد. وقد قبل توماس كن أطروحة بوبر في "بنية الثَّورات العلمية"، إلا أنه رأى أنها تكون ناجعةً فقط في وقتِ الأزماتِ التي تتخلَّل فتراتِ العلمِ الاعتيادي.

    راجع كن لاحقاً في كتابٍ صدر بعد وفاته تحت عنوان: "السَّبيل منذ البنية" مواقفَه السَّابقة والثَّغراتِ التي أدَّت إلى انتشار "البنية" خارج مجال العلوم الطَّبيعية، والتَّأثيرِ السَّلبي الذي قاد إلى تبنِّي آرائه بواسطة منظِّري ما بعد الحداثة، خصوصاً ذلك التَّيار المنفلت، الذي سنتناوله بالنَّقد والتَّحليل في ختامِ حلقاتِنا حول "السَّرد بوصفه بُعداً نوعياً للممارسة السِّياسية".

    محمد خلف

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-11-2015, 01:23 AM)

                  

08-11-2015, 01:19 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    من حقِّنا أن نقصَّ أقاصيصَ وإنْ كان ينقصها حسنُ التخلُّصِ من قيدي الزَّمان والمكان

    يقول الفيلسوف الوجودي الفرنسي، جان بول سارتر، "نحن محكومين (نُصبت خِصِّيصاً لاختصاصِها بشؤون البشر) بأن نكونَ أحراراً"؛ ويصحُّ، خلافاً لذلك، أن نقول نحن محكومون، بوصفنا بشراً، بأن نروي حكاياتٍ، ونقصَّ أقاصيصَ عن واقعٍ فعليٍّ أو متخيَّل؛ إلا أننا، مع ذلك، لسنا بأحرارٍ في التَّخلُّص من ركيزتي السَّرد الأساسيتين: وهما الزَّمان والمكان.

    تبقَّى من أسلافِ البشر على ظهرِ البسيطةِ أربعةُ أجناسٍ من الأساسيات: 1. أورانج أوتان (إنسان الغاب)، وله نوعان: سومطرة، وبورنيو؛ 2. الغوريللا، ولها نوعان: الشَّرقية، والغربية؛ 3. الشِّمبانزي، وله نوعان: النَّوع الشَّائع، والبونوبو؛ 4. الإنسان الحديث، وله نوعٌ واحد: هو النَّوعُ البشري. ولأن له نوعٌ واحد فقط، فكثيراً ما يتمُّ الخلطُ في الكلام العادي بين الجنس البشري والنَّوع البشري، وهما مرتبتانِ تقعانِ في مستويين مختلفين من مراتب التَّصنيف البيولوجي، الذي تمَّ اعتماده في أعقاب صياغته بواسطة عالم النَّباتات السُّويدي، كارل فون لينيه (أو كارولوس لينيوس، حسب صيغته اللَّاتينية، التي اتَّبعها لينيه نفسه في التَّسمية الثنائية للأنواع الحيَّة في تصنيفه الشَّهير).

    ما يهمنا من ذلك التَّصنيف أن الجنسَ البشري نوعٌ واحد؛ وعلى قاعدة هذه الوحدة التَّأسيسية، يمكن النَّظر إلى تاريخ البشر، كما يمكن النَّظر أيضاً إلى سردياته عبر القرون. وأول ما يمكن الانتباه إليه أن هذه الوحدة لا تقوم فقط على أساسِ نمطٍ ظاهري (فينوتايب)، وإنما تقوم أيضاً على أساسٍ جيني (جينوتايب). بمعنى أنه لا فرقَ في التَّكوين الظَّاهري أو التَّكوين الوراثي بين الشُّوشوني (أمريكا الشَّمالية) والأنجلوسكسونيين؛ أو بين التشينشو (الهند) والعدنانيين؛ أو بين التشكشي (سيبيريا) والسَّلافيين؛ أو بين الإينو (اليابان) والجعليين؛ أو، على حدِّ تعبير عالم النَّفس والأعصاب المعرفي، مايكل غزانيغا، "لا يوجد (من ناحية الغرائز الأساسية والقدرات العقلية) ما قيمته عشرة سنتاتٍ من الفرق بين بوشمن كلهاري (بتسوانا-ناميبيا) والمحاضر في جامعة أكسفورد".

    ما يفرِّق بين النَّوع البشري الموحَّد في الأساس هو الاعتبارُ الثَّقافي. ومن أجل هذا تختلف الرُّؤى والسَّرديات بشأنِ الأنا والآخر؛ وبحسب تلك الرُّؤى والسَّرديات، تختلف الثَّقافات والأديان. لذلك يصبح من المهم والحاسم، بالنِّسبة لموضوعنا، التَّفرقة بين الأديان التي تقع ضمن السِّجل الأنثروبولوجي، بحيث يتطابق فيها الدِّين أو يتماهى مع الثَّقافة، والأديانِ التي نؤمن بأنها مُنزلةٌ من السَّماء. وبناءً على ذلك، يتمُّ التَّفرقة أيضاً بين الأقاصيص التي يرويها بشرٌ، وأحسنُ القصص التي تتنزَّل من السَّماء: "نَحنُ نقصُّ عليكَ أحسنَ القصصِ بما أوحينا إليكَ هذا القرءانَ وإنْ كُنتَ من قبلِهِ لَمِنَ الغافلينَ" (سورة "يوسف"، الآية رقم "3").

    تتعامل حركة ما بعد الحداثة مع الأديان، كلِّ الأديان، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من السِّجل الأنثروبولوجي؛ وعلى هذا الأساس، يتمُّ تعاطفُها مع الدِّين، مثلما تتعاطفُ أيضاً مع القبائل "البدائية"، والشُعوبِ المضطهدة، والفئاتِ المقهورة، والنِّساء والأطفال، والشَّواذ، والمسحوقين. وتستبطن في تعاطفِها هذا حداثةً تظنُّ أنها وحدُها القادرة على تجاوزِ سلبياتها، بتوسيعِ معطفها لاحتضانِ كلِّ هذه الظَّواهر المتباينة. وسبيلُها إلى ذلك تعدُّد الخطابات، ونسبية الحقيقة، وقبول الآخر، مهما اشتطَّ في أطروحاته.

    في مقابل ذلك، نقول إنه، في مجال الحقيقة، يحقُّ لنا أن نقصَّ أقاصيصَ عن واقعٍ فعليٍّ أو متخيَّل، حتى ولو لم نمسك بكلِّ خيوط السَّرد، أو نتعرَّف بدقَّة على حدود الزَّمان والمكان، إطاري السَّرد الأساسيين. وللحقيقةِ طُرقها ومناهجها العلمية المعروفة، من سبرٍ واستقصاءٍ واختبارٍ وبرهان وتفنيد؛ ولا مجالَ فيها إلى النِّسبية الفالتة التي يعتمدها تيارُ ما بعد الحداثة. أما في مجال الحقِّ، فما علينا إلا الاعتقاد بما جاء في القصص المُنزل، واتِّباع أحسن ما أُنزل إلينا. فهل يوجد تضاربٌ بين ما نقصُّ من أقاصيص، وما أُنزل علينا من تنزيل؟ بمعنًى آخر، هل يوجد تناقضٌ بين الحقيقة الإنسانية والحقٍّ الإلهي؟

    سيكون هناك تضاربٌ وتناقضٌ إنْ نحنُ وضعناهما في مواجهةٍ أفقية، لا يستقيمُ فيها الأمرُ إلا باستبعادِ الآخر؛ ومن هنا نشأ ذلك الوضعُ الشَّاذ الذي أدخلنا فيه رينيه ديكارت، حين زعم أن هناك "جوهرين"، فعصف بوحدةِ العالمِ المادي، الذي يعكف العلماءُ، في مجال الحقيقة، على سبرِ أغواره؛ فظلَّ النِّزاعُ قائماً إلى يومنا: بين علماءَ يعملون بأيديهم وأرجلهم لاستبعاد "الجوهر" غير المادي الذي افترضه ديكارت، ورجالِ دين غير مستنيرين يحاولون سُدًى أن يستبعدوا "الجوهر" المادي، وهو هذا العالم الذي نحيا بين ظهرانيه.

    ما نقترحه من حلٍّ يفترض وضعيةً تبدو من أولِ وهلةٍ وكأنها "ثنائيةٌ" غير كارتية (نسبةً إلى رينيه دي كارت)، تقوم على "هرميةٍ" رأسية، تكون فيها العلاقةُ بين الأعلى والأدنى علاقةً غير متماثلة، بحيث يتمُّ التَّنزُّل من أعلى إلى أدنى بواسطةٍ أو من غيرِ واسطة، على ألَّا يتمُّ الانتقالُ من أدنى إلى أعلى إلا بسلطان، وهو الإذن؛ كما يمكن للأدنى أن يستقلَّ نسبياً بضربٍ من التَّوهم أو الخيار المنهجي، بحيث تصبح الحقيقة مسعًى يومياً وهدفاً يستعصي على التَّحقيق؛ أمَّا الحقُّ، فهو في آنٍ متعالٍ على دنياوات البشر، وقريبٌ منها كحبلِ الوريد. وليس في الأمرِ تناقضٌ، إذ لا ينشأ التَّناقضُ إلا حين نضع الصِّفتين في مواجهةٍ أفقية صدامية، قائمةً على الفتق؛ أما إذا وضعناهما في سمتٍ رأسيٍّ، قائماً على الرَّتق، فإن الفوارقَ تذوبُ مع أولِ حزمةِ ضوءٍ نوراني؛ ففي حضرةِ الدَّيمومة، لايكون الزَّمانُ المتعارف عليه زماناً، ولا المكانُ مكاناً.

    إلا أن ما يبدو في ظاهر الأمر وكأنه "ثنائيةٌ"، هو في الواقعِ أمرٌ معقودٌ على توحيدٍ صميمي؛ فالأعلى ليس كمثلِه شيءٌ، والأدنى لا يضارعُ الأعلى أو يضاهيه، لأن العلاقة بينهما قائمةٌ أصلاً على عدم التَّكافؤ؛ لذلك، فإن ما يبدو في ظاهرِ الأمرِ وكأنه وضعٌ "هرميٌّ" ينتقلُ فيه الأدنى إلى الأعلى عبر سطحٍ متواصل ومنبسط، هو في واقعِ الأمرِ قائمٌ على انقطاعٍ صميمي، منظوراً إليه من أسفل؛ وربما تَكَشَّفَ الأمرُ عن تواصلٍ لا انقطاعَ فيه، إذا تسنَّى لنا الإطلالُ من علٍ، ولكن هيهات. كل ما يمكننا معرفته عن العالم العلوي هو ما يأتينا في صورةٍ مقرَّبة عبر القصص القرآني.

    يتميِّز القصصُ القرآني بالتَّحكُّم البديع في بُعدي الزَّمان والمكان، وحسنِ التَّخلُّص من وطأتهما؛ فالانتقالُ السَّهل يتمُّ عبر الأزمنة السَّحيقة، وقبل هذا الزَّمان المتمكِّن على الأرض؛ كما أن الأرض والسَّماء معاً رهنُ إرادة الله وطوع بنانه: "ثمَّ استوى إلى السَّماءِ وهي دخانٌ فقال لها وللأرضِ ائتِيَا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعينَ" (سورة "فُصِّلت"، الآية رقم "11"). ثم يأتي خلقُ الإنسانِ في أحسن صورةٍ، قبل إقصائه إلى أسفلِ درك، باستثناء المؤمنين (سورة "التِّين"، الآيات رقم "3" إلى رقم "5"). وتعقبُ ذلك مسألة التَّخيير وعرض الأمانة على الأشياء والأحياء معاً: "إنَّا عرضنا الأمانةَ على السَّماواتِ والأرضِ والجبالِ فأبينَ أن يحملنَهَا وأشفقنَ منها وحَمَلَهَا الإنسانُ إنهُ كان ظلوماً جَهُولاً".

    إن القصص القرآني لا يتبع سمتاً فنياً معروفاً، ناهيك عن أنْ يكون متَّخذاً شكلَ القصَّة الفنية، كما زعم الأستاذ محمد أحمد خلف الله في نهاية الأربعينات من القرن الماضي. فالقرآن ليس بنثرٍ معروفٍ ولا شعر؛ وإنَّ أفضل ما يمكن أنْ نختم به هذه الحلقة هو القول مع الدُّكتور طه حسين إنَّ "القرآن ليس نثراً، كما أنه ليس شعراً، إنما هو قرآن، ولا يمكن أنْ يُسمَّى بغير هذا الاسم؛ ليس شعراً، وهذا وضع، فهو لم يتقيَّد بقيود الشِّعر؛ وليس نثراً، لأنه مقيَّدٌ بقيودٍ خاصة به، لا توجد في غيره؛ فهو ليس شعراً، ولا نثراً، ولكنه: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)، فلسنا نستطيع أن نقول: إنه نثر، كما نصَّ على أنه ليس شعراً. كان وحيداً في بابه، لم يكن قبله، ولم يكن بعده مثله، ولم يحاول أحدٌ أن يأتي بمثله، وتحدَّى الناسَ أن يحاكوه، وأنذرهم أنْ لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً" (طه حسين: "من حديث الشِّعر والنَّثر").

    محمد خلف

    (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-11-2015, 01:25 AM)

                  

08-11-2015, 02:27 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    إن القصص القرآني لا يتبع سمتاً فنياً معروفاً، ناهيك عن أنْ يكون متَّخذاً شكلَ القصَّة الفنية، كما زعم الأستاذ محمد أحمد خلف الله في نهاية الأربعينات من القرن الماضي. فالقرآن ليس بنثرٍ معروفٍ ولا شعر؛ وإنَّ أفضل ما يمكن أنْ نختم به هذه الحلقة هو القول مع الدُّكتور طه حسين إنَّ "القرآن ليس نثراً، كما أنه ليس شعراً، إنما هو قرآن، ولا يمكن أنْ يُسمَّى بغير هذا الاسم؛ ليس شعراً، وهذا وضع، فهو لم يتقيَّد بقيود الشِّعر؛ وليس نثراً، لأنه مقيَّدٌ بقيودٍ خاصة به، لا توجد في غيره؛ فهو ليس شعراً، ولا نثراً، ولكنه: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)، فلسنا نستطيع أن نقول: إنه نثر، كما نصَّ على أنه ليس شعراً. كان وحيداً في بابه، لم يكن قبله، ولم يكن بعده مثله، ولم يحاول أحدٌ أن يأتي بمثله، وتحدَّى الناسَ أن يحاكوه، وأنذرهم أنْ لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً" (طه حسين: "من حديث الشِّعر والنَّثر").

                  

08-11-2015, 02:31 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    محمد خلف
    الأحلام أيضاً تبدو متحررة من قيد الزمان والمكان
    وسردها مدهش في بعض الأحيان، ويمكن أن نرى أنها ساهمت
    في (مجال الحقيقة) بأقاصيص كثيرة، بل وبحروب وصراعات
    وكتب إن شئت (فصوص الحكمة).
    أين مكان الأحلام في (مجال الحقيقة) وسردياته؟

    الصادق إسماعيل



    أعلاه أسئلة نبيهة عميقه، تشكلت للأخ الصادق إسماعيل من موالاته
    لقراءة رؤى الأستاذ محمد خلف عن السرديات التى إستهلها بالسرد
    عن القصاص وطفر يٌبحِرُ حتى صنع بحراً عن تلك السرديات متفرداً
    إستوقف ضمن من إستوقف الأخ الأستاذ الصادق سماعيل مشاركاَ
    بإيجابيه وطارحاً لأسئلة تستحق الإجابه لينبرئ الأستاذ محمد خلف
    فى التقديم والإجابة عليها.
    كما إنه يرى أن رؤية خلف للأشياء من زاويه جديده
    لذا الأسئلة ستكون بطرائقٍ جديدة أكثر من كونها ذكيةً
    منصور

    السَّردُ مطيَّةُ الوعيِّ والأحلامُ وسيلةُ اللَّاوعي، وكلاهما مظهرانِ لعقلِ السَّاردِ المتشظِّي

    عزيزي الصَّادق
    رمضان كريم
    يُسعدني أن أقولَ في مستهلِّ هذا الشَّهرِ المبارك إن اعتباراتٍ شتَّى تدفعني دفعاً للرَّدِّ عليك على جناح السُّرعة، إلا أن ثلاثةً منها قد تدافعت إلى المقدِّمة: أولها، تقديري لمساهمتك الإيجابية في هذا الرُّكن الغني؛ وثانيها، رغبتي في تقديمِ مزيدٍ من التَّوضيح للفرق القائم بين الحقِّ والحقيقة؛ وثالثها، ارتياد مجال علم النَّفس -عبر رائديه الرَّئيسيين: سيجموند فرويد، وكارل غوستاف يونج- وسبر علاقته بعلم الفيزياء، وبقية الأفرع الأخرى المتشظِّية لمجال الحقيقة.

    كنتُ أرغبُ في التَّحاورِ عبر رسالتي إلى الصَّديق عادل القصَّاص مع عددٍ لا يُستهانُ به من الأصدقاء الموزَّعين على مدنِ الشَّتات، كما كنتُ أرغبُ في التَّواصلِ مع أصواتٍ مليئةٍ بعنفوانِ الحياة. صحيح أن الرِّسالة قد احتشدت بأصواتِ الرَّاحلين ودعواتِ التَّرحُّمِ على الموتى، إلا أن أولويتها كانت لمخاطبةِ الأحياء، كما كان مسعاها مكرَّساً لفتحِ الفضاءِ الثَّقافي، ولإدارةِ حوارٍ ذكيٍّ مع ألمعِ رموزه. لذلك، فإن التَّحاور معك لا ينضحُ فقط بالعنفوان، وإنما يرشحُ أيضاً بقيمةِ التَّعويض، إضافةً إلى أنه يُبشِّرُ بعودةٍ لا بدَّ منها للأصواتِ المتغيِّبة، "فمهما هم تأخَّروا، فإنهم يأتون".

    إنَّ تقديري لأصحابِ "الحقيقةِ" ذوي النِّياتِ الحسنة، مثل صاحب "الفصوص"، لا يعرف الحدود، لكنه يتراجعُ مع انحدارِ الأتباعِ إلى انتماءاتٍ تتمسَّحُ بجوخِ السُّلطان. إلا أنني أعتمدُ على "الحق"، وفقاً لما جاءَ في القرآن، الذي لم يستخدم مطلقاً مصطلحَ "الحقيقة"؛ وهو ما خصَّصتُه لتغطيةِ ثلاثةِ مجالات، هي: العالم، واللُّغة، والعقل؛ وكلُّها مجالاتٌ متشظِّية، إذ إنها قائمةٌ على صدعٍ أساسيٍّ في أنظمتها البنيوية؛ فالعالمُ مُغطًى بظاهرٍ قابلٍ للتَّعرُّفِ عليه، إلا أنه ينطوي على شيءٍ يصعبُ التَّعرُّفُ على كُنهِه؛ واللُّغة في جانبٍ منها نظامٌ إشاريٌّ يقومُ على التَّعيين، وفي جانبٍ آخرَ منها نَسَقٌ رمزيٌّ لا يعملُ إلا بالتَّضمين؛ أما العقل، فإن به قسماً واعياً يستندُ إلى المنطق، وقسماً آخرَ يعملُ في منطقةٍ دون مستوى الوعي، بحسب فرويد، أو أنه يعمل بوصفه عقلاً لا واعياً، بحسب يونج.

    سوف أتحدَّث في مشاركةٍ أخرى، بإذن الله، عن تفسير الأحلام عند هذين الرَّائدين، توطئةً للإجابة عن سؤالك الأساسي حول موقعها في مجال السَّرديات.

    محمد خلف
                  

08-11-2015, 02:39 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ما نقترحه من حلٍّ يفترض وضعيةً تبدو من أولِ وهلةٍ وكأنها "ثنائيةٌ" غير كارتية (نسبةً إلى رينيه دي كارت)، تقوم على "هرميةٍ" رأسية، تكون فيها العلاقةُ بين الأعلى والأدنى علاقةً غير متماثلة، بحيث يتمُّ التَّنزُّل من أعلى إلى أدنى بواسطةٍ أو من غيرِ واسطة، على ألَّا يتمُّ الانتقالُ من أدنى إلى أعلى إلا بسلطان، وهو الإذن؛ كما يمكن للأدنى أن يستقلَّ نسبياً بضربٍ من التَّوهم أو الخيار المنهجي، بحيث تصبح الحقيقة مسعًى يومياً وهدفاً يستعصي على التَّحقيق؛ أمَّا الحقُّ، فهو في آنٍ متعالٍ على دنياوات البشر، وقريبٌ منها كحبلِ الوريد. وليس في الأمرِ تناقضٌ، إذ لا ينشأ التَّناقضُ إلا حين نضع الصِّفتين في مواجهةٍ أفقية صدامية، قائمةً على الفتق؛ أما إذا وضعناهما في سمتٍ رأسيٍّ، قائماً على الرَّتق، فإن الفوارقَ تذوبُ مع أولِ حزمةِ ضوءٍ نوراني؛ ففي حضرةِ الدَّيمومة، لايكون الزَّمانُ المتعارف عليه زماناً، ولا المكانُ مكاناً.




    munswor almophtah
                  

08-11-2015, 02:43 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    السَّردُ مطيَّةُ الوعيِّ والأحلامُ وسيلةُ اللَّاوعي، وكلاهما مظهرانِ لعقلِ السَّاردِ المتشظِّي

    -الحلقة الثَّانية-

    عزيزي الصَّادق
    قلتُ في ختام الحلقة السَّابقة إنني سأتحدثُ عن تفسير الأحلام عند رائدي علم النَّفس الحديث، كما قلتُ في بدايتها إن اعتباراتٍ شتَّى تدفعني دفعاً للرَّدِّ عليك على جناح السُّرعة؛ إلا أن من الواضح أن مطلب التَّفسير الضَّروري يتضارب تضارباً شديداً مع مطلب السُّرعة المطلوبة، فحتى مجرَّد التَّصفُح السَّريع لكتاب سيجموند فرويد "تفسير الأحلام" يحتاج إلى وقت، ناهيك عن مضاهاته مع "الإنسان ورموزه"، كتاب كارل غوستاف يونج الأخير، الذي اشتمل أيضاً على موادَّ أعدَّها عددٌ من تلاميذه وأتباعه قبيل موته في يونيو عام 1961. لذلك، سأحاول، قدر المُستطاع أن أوفي بالحدِّ الأدنى للمطلبَيْن.

    في عام 1900، وضع فرويد أمام نفسه مهمَّةً تضعه في طريقٍ صدامي مع الحكمة السَّائدة في الأوساط الأكاديمية؛ فقد كانت، خلافاً للحكمة الشَّعبية السَّائدة في أوروبا منذ قرون، ترى أن الأحلام لا معنى لها، وأنها لذلك غيرُ قابلةٍ للتَّفسير. أما فرويد، فقد زعم بأن بإمكانه أن يستخلصَ من مرضاه، عن طريق تقنية "التَّداعي الحر"، ما يُعينه على إيجادِ تفسيرٍ لأحلامهم، التي تحاول الإفلات من "رقابة" الوعي، فتُعبِّرُ عن نفسها بطريقٍ ملتوٍ لا يُدركُ معناه في سهولةٍ ويُسر؛ وسيساعدُ المريضُ في الكشف عن هذا المعنى الخفي لمادَّة الأحلام، إنْ هو التزم بالإفصاح الحر عمَّا يدور بخلده، دون توجيهٍ واضحٍ من المحلِّل النَّفسي، سوى الالتزام بالتَّقنية المُشار إليها، وهي تقنية "التَّداعي الحر".

    أما يونج، فإنه يرى أنه ليس من الضَّروري اتِّخاذ الأحلام نقطةَ انطلاقٍ لتقنية "التَّداعي الحر"، إذ من الممكن استخدام أيِّ واقعةٍ أخرى كنقطةِ انطلاقٍ لهذه التَّقنية؛ أما الأحلامُ نفسها، فإنها تكتسب أهميةً كبرى في ذاتها باعتبارها مؤشِّراً لما يريد العقلُ اللَّاواعي التَّعبيرَ عنه، وإنْ بشكلٍ ملتوٍ. لذلك، يحرص يونج على عدم الابتعاد عن نصِّ الحلم، ومساعدة المريض –من غير تدخُّلٍ فظٍّ أو فرضِ هيمنةٍ من المحلِّل- على اكتشافِ رموزه؛ والتي يعتقد يونج أنها عبارةٌ عن نواقلَ للرَّسائل من الجزءِ الغريزي إلى الجزءِ العقلاني من العقلِ البشري، وأن تفسيرها من شأنه أن يثري فقرَ الوعي، بحيث يصبح بإمكانه مرَّةً أخرى معرفة اللُّغة المنسيَّة للغرائز.

    وفق ما يرى يونج، فإن المواد المموَّهة في العقل اللَّاواعي التي تصدرُ منها رموزُ أحلامنا بشكلٍ تلقائي، تتكوَّن من دوافعَ وحوافزَ ونوايا؛ ومن كلِّ الإدراكاتِ والحدوس؛ ومن كلِّ الأفكار العقلانية وغير العقلانية؛ ومن الخلاصاتِ، وعملياتِ الاستقراء، والاستنتاجات، والمقدِّمات؛ ومن جميع أنواع المشاعر. فحسب ما يرى يونج، فإن أيَّاً من هذه المواد منفردةً أو مجتمعة، يمكنها أن تتخذَ شكلاً جزئياً أو مؤقَّتاً أو ثابتاً للعقل اللَّاواعي. فهذه المواد لم تصبح لاواعيةً، إلا لأنه لا يوجد متَّسعٌ لاحتوائها داخل العقل الواعي؛ وذلك إمَّا لأنها قد فقدت زخمها العاطفي، أو لأنها أصبحت غير مُشوِّقةٍ أو غير ذات صلةٍ بالموضوعات الحيَّة، أو لأننا نُريدُ أن نُقصيها جانباً لأمرٍ في نفسِ يعقوب.

    مثلما أن محتويات العقل الواعي قابلةٌ للاختفاء داخل المنطقة المموَّهة للعقل اللَّاواعي، فإن موادَّ جديدةً لم يتمُّ إدراكُها بعد، يمكن أن تنبثقَ من العقل اللَّاواعي؛ فالعقلُ اللَّاواعي، حسب يونج، ليس مجردَ مستودعٍ للماضي، لكنه ممتلئٌ أيضاً ببذورِ أفكارٍ خلَّاقة ومواقفَ نفسيةٍ تفضي مستقبلاً إلى مشاريعَ فكريةٍ أو إبداعية. فالحياةُ اليومية مليئةٌ بالمعضلات التي تمَّ حلُّها بأكثر الافتراضاتِ إدهاشاً. ويدينُ العديدُ من الأدباء والفنانين والفلاسفة، وحتى العلماء، في كثيرٍ من أفكارهم، إلى دفقاتِ الإلهام التي تبرز لهم فجأةً من ثنايا العقل اللَّاواعي. على سبيل المثال، فإن عالم الرِّياضيات الفرنسي، هنري بوانكاريه، يعزي اكتشافاتٍ علمية مهمَّة لـ"كشفٍ" مفاجئٍ لصورٍ قادمة من العقل اللَّاواعي؛ أما رينيه ديكارت، فإنه يزعم في تجربته الرُّوحية الشَّهيرة بأن "ترتيب كلِّ العلوم" قد ظهر له في إيحاءٍ مباغت؛ بينما انتظر الرِّوائي الإسكتلندي، روبرت لويس إستيفينسون، أعواماً عدَّة، بحثاً عن قصَّةٍ تناسبُ إحساسَه القوي بفكرة الوجود المزدوج لبني البشر، إلى أن تكشَّفت له فجأةً حبكةُ روايته المعروفة "دكتور جيكل والسيِّد هايد" في حلمٍ ليلي.

    سوف أختم، بإذن الله، بحلقةٍ أخيرة، فكرتها تدورُ حتى الآن بشكلٍ مبهم حول "معرض الجسم، متحف الرُّوح"، وربما تتبدَّد في الهواء، إنْ لم ينقذها "كشفٌ" مباغت؛ وهي مختصَّةٌ بالنَّظرِ إلى العلاقة بين علم النَّفس والأحياء؛ هذا بالطَّبع، إضافةً إلى ما وعدنا به سابقاً بشأنِ استجلاء علاقته بعلم الفيزياء.



    محمد خلف
                  

08-11-2015, 02:47 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    من رد الباحث مختار اللخمى لمصطفى البطل بجريدة السودانى
    تحت عنوان مصطفى البطل الهويه والأهواء بتاريخ السبت 20 يونيو 2015
    منصور

    الناقد الهندي
    ذي الأصول الفارسية، البروفسير/ هومي بابا، محرر
    كتاب ”الإمبراطورية ترد كتابة“. فهو يطابق بين الأمة
    والسرد. ويرى أن الأمم مثل السرد، تفقد أصولها
    وجذورها في خضم صيرورتها مع الزمن وتتغذى من
    أساطيره، ولا تستعيد آفاقها إلا في الخيال. فهو يؤكد
    هنا بوضوح بأن الأساطير ذاتها عنصر أساسي في
    تشكيل هويات الأمم عبر عملية السرد في كل زمان
    ومكان. ويدخل في هذا كل مظاهر السرد الشفاهي
    والكتابي بما فيها القصص والحكايات الخرافية.
    وهذا ينطبق على كل الشعوب في الكون.
    وبناء على ذلك، فمن حق كل شخص أو جماعة أن
    تعتقد ما تراه عن نفسها، وتنظر لهويتها من الزاوية
    التي تريدها دون أن يتحول ذلك إلى سلاح في حلبة
    الصراع السياسي، يرفع من شأن قوم ويحط من شأن
    آخرين. أو يؤدي الأنتماء والنسب العرقي إلى خلق
    تراتبية إجتماعية، تتأسس عليها امتيازات إجتماعية
    واقتصادية وسياسية في المجتمع والدولة على حساب
    آخرين.
                  

08-11-2015, 02:49 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    يا لضخامة معنى السرد الذى يمثل رأس هرمه القصص فى القرآن ويا لمقام القرآن الذى
    لا مقام فوقه ولا مقام يقترب منه ويالوحدة الفكرة ويا لوحدة بادعها الواحد الأحد!!

    منصور
                  

08-11-2015, 09:34 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)


    ألا ترون كيف مرَسَ محمد خلف السرد مرساَ وأخرج منه عصارةً معرفيةَ
    جبارةً وما زال يفعل فى هدوءٍ وتواضع بإتقانٍ عالٍ وإلمام، نسأل الله أن
    يبارك له فيه ويفتح عليه فتوح التقاة الثقاة الذين وعد بتعليمهم.


    منصور
                  

08-11-2015, 09:36 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نوافذ مفتوحة ========= يحيي فضل الله ============= (Re: munswor almophtah)

    من كان يدرى أن للسرد برابخاً ودهاليزا تندغم فى كل العلوم لا بل كل
    العلوم لا يمكن التعبير عنها أوكشف نواصيها إلا بالسرد والسرد
    المحكم والموزون كقوانين تلك العلوم التجريبى منها والإنسانى
    ويتسامى مالكى زمامه من فك رموزه وغموضه وتوضيح
    دلالاته وإشاراته وحروفه المثقله بالمعانى التى تنداح وتتسع
    فى هلامية لا يعلمها إلا الله وبعض الراسخين فى علوم
    ذلك السرد والذى بدأ بإقرأ محتويةً لماسبقها وحاويةً
    لما تلاها من فتوحات بسرها!!

    منصور
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 4:   <<  1 2 3 4  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de