تَحَلُّل..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 07:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-18-2015, 02:20 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7322

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تَحَلُّل..!

    01:20 PM Nov, 18 2015

    سودانيز اون لاين
    طه جعفر-تورنتو..اونتاريو..كندا
    مكتبتى
    رابط مختصر

    تَحَلُّل
    حتي الذكريات تَعِبَت من إلحاحي عليها ، نعم تَعِبَت، أحسست بتعبها و أنا أحاول جرجرتها، كانت تمضي ورائي بقدمين ثقيلين و بعينين نصف مغمضتين، توقفتُ، فنامت ذكرياتي. كنت مُجْهداً في ذلك اليوم، كنت تعباً ذلك النوع من التعب الذي يمنعني النوم و يفرض عليّ صحواً منتقص الوعي. أدركت في لحظة ما أن صحوي و نومي سيان ربما يكون ذلك لأن التراب لا يهتم كثيرا بالأقدام التي تطحن وجه حبيباته الجديدة عندما يكتشف المشاة درباً إلي محطةٍ مجاورة.
    لم تشرق الشمسُ في ذلك الصباح، لم أهتم إلا ذلك النوع من الإهتمام الذي كان يعتريني عندما أفتقد شجرة في الطريق أو عندما يغيب عن المشهد في الشارع بيتٌ قديم أو غرفةٍ متهدمةٍ و مُنكَشفة الحال للعَيان لا يسترها حائط ، سور زنك، صريف أو حتي زريبة شوك. لم تشرق الشمس في ذلك الصباح، إكتفت السماء بضوء قليل من شمس البارحة. لقد كانت شمسُ البارحة كريمةً في ضوءها و بهيةً في طلتها و ربما كانت منيرةً و حارقةً باكثر مما هو مطلوب من أي شمسٍ أُخرى ، شمسٌ في الحقيقة هي ليست أكثر من نجمٍ أصفر عجوز و مائت بلا محالة. في وقت ما من ذلك اليوم المترهل و الممتد، اليوم الذي لا يحده صباح، اليوم الذي لم تشرق علي شرف قدومه شمسٌ، في وقت ما من ذلك اليوم نجَحْت في جرجرة ذكريات بيضاء بصورة مملة، بيضاء و باردة. ذكريات أرجعتني إلي أيامي التي قضيتها بين البطاريق، الدنيا حولي بيضاء و باردة، السماء بعيدة و متحدبة، زرقاء، سماء محايدة و فاجرة، سماء لا تهتم بأنواع السحب الراحلة التي تغشاها، الأرض ليست من الصخر فقط، يقتسم الثلج العنيد مع الصخر المكان المتسع الفارغ بنوعٍ من القسمة الضِيزى. الفقمات، أسود البحر و كلاب البحر توقفت عن المشي و الوقوف منذ زمان بعيد جداً فإنبطحت ، البطاريق وحدها تجول البرية باقدامها ذات اللون الاخضر الزيتوني، بطونها و صدورها البيضاء، ظهورها السوداء، وعيونها التائهة بجفونها الصفراء، المناقير طبعاً من أي لون. كانت البطاريق حولي ضاجّة و مائجة النشاط و متوترة. تبعتهم يوما ما إلي معبدهم، رائحة السمك المتعفن بالعبد ضايقتني مزّقت قشور السمك حفا قدميّ، البخور الذي أطلقه البطريق القيّم علي أمر العبادات لم يهزم رائحة العفونة. توقفت عن متابعة البطاريق إلي معبدها، إكتفيت بمعايشتها في الهواء الطلق في ذلك المكان البارد البعيد بألوانه المحدودة.
    لم تكن عيناي قادرتان لسبب مجهول علي رصد أو متابعة الدببة البيضاء و البطيئة، ربما يكون ذلك لقسوتها غير المبررة علي الفقمات، أو لضخامتها و بياض فروِها المُمِل أو ربما لأنها تدس هويتها السوداء و تدوسها تحت القدمين. هل لأن الدببة القطبية هاربة بالأساس من مواجهة خصومها بحكم قوانين الإنتخاب الطبيعي، لم أكن أعرف و لم أرد المعرفة بالأساس. بالمكان طيور لا تنتمي حقيقة إليه فأنصرف عقلي عن متابعة أخبارها.
    استمر اليوم المترهل في تمدده، إستمر و لم يتوقف عن الإستمرار. كرهتني ذكرياتي و في هذه المرة نبحت الذكريات في وجهي ككلابٍ غاضبةٍ. إنصرفتُ عنها، هي أيضاً إنصرفت عني فسكت النباح، ساد صمت تبعته ظلمة مسيخة و دافئة بفعل الدفْن ربما. إستشعرت نَهْمِها و هي تنهش اللحم، تلك الموجودات الصغيرة التي كانت نَهِمة و نشطة علي طول الزمن و كانت صغيرة الحجم و رخوة و مائعة التكوين، أحسست بلعابها الكيميائي و هو يعمل مناجله الدقيقة في اللحم، ضجت افراحٌ في رأسي، إحتفيت بإعفاء عقلي عن الإهتمام بجزء طرفي من الجسد، مجرد إصبع! ماذا يضير هذه الكتلة من اللحم و العظم اذا فقدت إصبعاً. كان فعل الموجودات الصغيرة النَهِمة في العصب موجعاً، نوعٌ من الوجع المدفون الغتيت، الأعصاب هشّة،متهدمة و متهالكة لا يحتاج لعابُ تلك الموجودات الصغيرة الكثير من الوقت ليقطعها و يحولها الي تفافة تافهة و مائعة، كنت أعرف أن الأعصاب قد تهدمت و تهالكت من كثرة الإستعمال و الإرهاق. يمرّ الزمن المتمدد في ذلك اليوم المترهل غير المحدد، يمرّ و يتخلص عقلي بعد كل حين من المسئولية عن جزء من أجزاء جسدي. أتت تلك الكائنات الرخوة ذات اللعاب الكيميائي علي الجلد أسفل شعر رأسي ، فتعري وجهي من كسائه القديم، أفتضح ما كانت تخفيه الأنف بشممها، تدفق ماء العين الزجاجي اللزج علي التراب ففغرت المحاجر باطنها من دون حياء، أعملت تلك الكائنات الرخوة مناجلها الكيميائية في كل نسيج رخوٍ متماسك في بنية جسدي إلي أن هزمتها العظام فتوقفت عن النهش. نتيجة لمؤآمرات و إختلالات بِنْية و عيوب صنعة عرفت الموجودات الصغير النَّهِمة دربها إلي باطن رأسي فإنكشف عقلي و تدفق مائعاً علي التراب ثم إتسخ.

    ..................................................

    تحلَّل الشَّيءُ : تفسَّخت أجزاؤُه وانفصلت عناصرُه بعضُها عن بعضٍ
    http://www.almaany.com/http://www.almaany.com/

    طه جعفر
    تورنتو، اونتاريو، كندا
    نوفمبر 2015م
                  

العنوان الكاتب Date
تَحَلُّل..! طه جعفر11-18-15, 02:20 PM
  Re: تَحَلُّل..! صديق مهدى على11-18-15, 11:03 PM
    Re: تَحَلُّل..! طه جعفر11-20-15, 02:53 AM
      Re: تَحَلُّل..! صديق مهدى على11-20-15, 10:09 PM
        Re: تَحَلُّل..! طه جعفر11-21-15, 01:48 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de