اعتراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااف

الأخت الأستاذة رباح

لا أدري لماذا أجد نفسي معنياً بالتعليق على ما أوردتيه في هذا البوست ، ويتعلق بـ " إعلان الحب " على مَنْ يقف إلى جانبك .. وإعلان العداء والإهمال على مَنْ يقف في الطرف الآخر ويلوّح لكِ بمناديل الكلام المضرّجة بالغبن والاستنكار لأنكِ ابنة الصادق المهدي زعيم حزب الأمة ؟؟

أنا لا أقر بمسألة أن عدداً من الأعضاء هنا ، يعاديك لذاك السبب . ولا أعتقد بأنهم يعادونكِ لأنك عضوة في حزب الأمة ، بقدر ما هم يختلفون معكِ في مسائل تاريخية تتعلق بأداء الحزب الذي تنتمين إليه ، وفي دفاعكِ المطلق عن كل ما يأتيه حزب الأمة من أفعال جلّها مستهجن ، من دون أن تنمِّي بذرة تقبُّل النقد فيكِ ، واستقبال اختلاف الآخرين معكِ استقبالاً يليق بابنة زعيم ومسؤولة تنظيمية في حزب معتّق كحزب الأمة

ومن الواضح أن مريديكِ كُثْر .. كما أن منتقديك ومناكفيك ــ حتى لا أقول أعدائك ــ كثرٌ أيضا . لكنه لا يعجبني ، كما لم يعجب الأكثرية هنا ، مثل هذا التصنيف ، لأنه ضيّقٌ بما يكفي لسدّ شرايين الحوار المنفتح الذي نحتاجه في هذه المرحلة المهمة التي يسعى فيها المثقف السوداني إلى استلام مهمته التي تاه عنها (أو تاهت عنه ، لا فرق ) في مراجعة التاريخ ومساءلة الوقائع الرهيبة التي أقعدت ذلك الوطن الذي أدمنّاه غرباء في المنفى كما أدمنّاه غرباء حتى داخل أسواره

السودانيون ، يا أختي ، مغبونون .. ليس بسبب حزب الأمة وحده ، بل ومن كل الأحزاب السودانية العليلة الموجودة في الساحة . فتلك أحزاب مريضة بالخيال ولا يمتشق أعضاؤها سلاحاً غير سيوف الكلام الخشبية ، لدرجة أن أحد كبار كهنتها اسبغوا عليه نعتاً طَابَقَه مطابقةَ الحافر للحافر ( والتحية للكاريكاتيرست كاروري)

حسنٌ . لن أذهب أبعد من ذلك في هذا الاتجاه ، فقد أوفى الأخ عادل عبد العاطي ـ هذا الباحث الجاد والنابه ـ في توضيح لماذا يبغض المثقفون حزباً مثل حزب الأمة ( تجدينه هناك .. في بوست : حصان طروادة ... ) ، لكنني سأقول إنّ الاختلاف في الرأي ليس مسوّغاً كافياً لأن نكره انساناً ، ما لم يقْدِم هذا الأخير على فعل شيئ يجعلك تصنّفه في خانة الأعداء .. كأن يزدريك مثلا ، أو يستعدي عليك الآخرين ( ولنقل إنّ الآخرين هنا هم أعضاء البورد) ، أو يستدرجك الى اشتباك بالأيدي ، كحال أحد الأخوة هنا من حزب الأمة ، والذي طلب من من عضو آخر اختلف معه أن يلتقيا خارجاً .. في إشارة الى تصفية ذلك الاختلاف بصورة تدخل في مناهجها الملاكمة والركل والشتم البذئ

وعن نفسي ، أضيف : إنني قادر على الفصل وتفهُّم المسوغات ،، فلا اختلف معكِ لأنك ابنة الصادق المهدي ( فهذا قدرك ) ، ولا لأنكِ عضوة في حزب الأمة ( وذاك اختيارك) . لكنني اختلف معكِ وبشدة في طروحاتك السياسية والفكرية ، لأننا ، وكيفما كان الحال ، في منطقة صراع فكري واستنزاف سياسي يحتضنها مسرح ديمقراطيتنا المصغّر ـ البورد ـ ، فليس من اللياقة تهميش وجهات نظر الآخرين ونقوداتهم لأفكار وسياسة حزب الأمة ، والتعالي على ذلك والترفّع عن الاعتذار منهم حتى عندما ترتكبون فيهم أبشع الأخطاء ( طبعاً لا أعني أن يعتذر حزب الأمة للشعب السوداني على تسليم السلطة لعبود الخ الخ .. لكني أقصد أن تعتذروا أنتم ، مثلا ، لمحمد حلا الذي نعتموه بالتلفيق والتدليس ، بالرغم من أنه لم يختلق رواية الأسئلة التي قدمها مردس للصادق ، وبالرغم من وضوح كونه ، اي حلا ، شخصيةً أخرى تتنفّس نَفَسَها الخاص على عكس ما قلتموه بأن حلا إنما هو مردس ) . ومع ذلك .. أعتقد جازماً أن تخليق بنية للوعي في ما بين كل الأعضاء هنا ، على اختلاف رؤاهم الفكرية والسياسية واختلاف وعيهم وامزجتهم ، شيئٌ قابل لأن يتحقق ويكون .. بقليل من التواضع واحترام آراء الآخرين وتقبُّل اختلافهم .. وهنا يجدر بي أن أفصح عن شدة اعجابي بنشوء حركة مثقفين متنورين في داخل حزب الأمة ، يسعون بجدّ وهمّةٍ متماسكة ، لتغيير الصورة السلبية للحزب المرسومة في أذهان الناس ،، ومن هؤلاء الأخ خالد عويس ، وذلك عبر سعيهم الدائب الى الانفتاح على الثقافة الإنسانية ـ بإطلاقها ـ ومقاربة أشياءها الايجابية مع ذلك الإرث " المـُـعْتَنَق " لدى الأعضاء والمناصرين ، لغربلته وجعله مستساغاً ومواكباً لحركة الحداثة الكونية التي شطبت ، من زمان ، فكرة عبادة الفرد .. هذا شيئ مفرح ، في تقديري ، لأن إلغاء حزب الأمة من الحياة السياسية السودانية شيئ غير ممكن فضلاً عن أنه فعلٌ ارهابي وغير ديمقراطي .. لكن تطوير الحزب وتحديثه بأيدي جيله الصاعد أمر يدخل السرور ( والرغبة الصادقة في التعايش ) الى قلوب كل هؤلاء الواقفون على الطرف الآخر من الفكرة

ثم اريد ان اقول شيئا أخيرا قبل ان اختم ، وهو أن الذين كتبوا لكِ يحثونكِ على الكتابة الأدبية ( في بوست لأنيقة الحرف والأنسانية تماضر : فاجأتني رباح .. الخ ) لم يكذبوا عليكِ البتة ولم يتزلفوك برغم اختلافهم السياسي والفكري معك. أتدرين لماذا ؟ : لأنكِ ، فعلاً ، مشروع قاصة وروائية ذات شأن .. لكن كثيرين ممن مسّهم كلامكِ العاطفي في وترٍ نكَشَتْهُ الغربة واللياع كانوا يتزلفونكِ لأشياء تخصهم أو تخص تركيبة الشخصية السودانية المجبولة على الانتصار للأنثى ، دائماً ، لأنها : مخلوق ضعيف ،، كما يزعمون