محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 01:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-07-2014, 09:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق (Re: الكيك)

    ضفّة أخرى : (ما بتنسد فرقتو..الحبّ النّاس درقتو)..وداعا محجوب شريف..!
    نشرت يوم 05 أبريل 2014



    د.ناهد محمد الحسن

    كنت يومها في مقابر أحمد شرفي لاشهد عناق الارض لمحجوب..الجموع التي سارت على ارجلها من الحارة الواحد وعشرين الى المقابر كانت تهدر بالاحزان والدعوات...

    عاش بالمحبّة ورحل بالمحبّة... ( الحليم العفّ كالانسام روحاَ وسجايا/اريحيّ الوجه والكفّ افترارا وعطايا)..حين جلست اغالب الكلمات لاكتب عنه لم اجد خير من كلماته التي كانت تجيد التعبير عن الناس والخير والحق(الشمس ا لبتطلع/ بلت منو ريقا/والنجم البتسطع/منو تشوف بريقا/الندى فى حركتوا/يطفيها الحريقة/ننهل من بركتو/زى شيخ الطريقة/شايهو وطرقتو/والايدى الصديقة/يلا نسد فرقتوا/حب الناس درقتوا/ياموت لوتركتو/مننا قد سرقتوا/كنا نقول ده وقتو/لكنك حقيقة)..حين تأملت هذه الابيات ادهشتني هذه القدرة على بعث الامل في الحياة والخروج من دهاليز الحزن الى رحابة العمل ..حيث انتقل محجوب من الاسى على رجل عظيم الى محاولة ملء الفراغ الذي تركه من خلفه...وهي محاولة لتفجير طاقات الحزن الكامنة في الدواخل نحو البناء والتشييد..وهي لازمة لمحجوب وشعره في حال الحزن والنضال والحب..فمحجوب شاعر مهموم بالبلد والناس والتنمية والتطوير والعمل والخير..وقصائده تعبير حي عن الواقعية الاشتراكية النابضة التي تعوّل على العمل والبناء من اجل النهضة والتغيير. لقد عاش محجوب حياة موسومة بالنضال هو وآل بيته..وتنضح بالمحبة لهذا البلد العظيم.

    في اللحظة التي استعدّت فيها الارض لتعانق محجوب ، كانت الجموع الحاشدة تحجب عنّي هذا المشهد الجلل ..ذكر لي الاستاذ وديدي انه في تلك اللحظة وثبت كل من مريم ومي الى قبره ليرحن مسيرة كفاحه الطويل... وابتسمت احزاني وتذكرت كلمات محجوب في نقطة ضوء(في اللحظة ديك والتو/ كنت نقطة ضؤ/فرهدت بيك فرهيد/وانتشيت بالريد/وطرت بيك الجو/قالو ايضا بت/قلت مالو ولو..!بختي بختي)..هذه الكلمات كانت الاحتفاء الصادق والمبتهج من الدواخل لرجل عاش يجل الانثى ويقدّرها ويحسن اليها. بالنسبة لي كانت هذه الوثبة اجمل ختام لكفاح شاعر نسوي..ظل يؤمن بالمساواة التامّة بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات..وقدّم للمجتمع السوداني سيدتين مناضلتين ومعتدتين بأنوثتهما..ولا أدلّ على ذلك من هكذا مبادرة تعيد الينا كنساء حقّنا في الحزن والوقوف الى جانب احبائنا الى أن نودعهم المثوى الاخير..فهذه الوثبة ستنقل تقاليد العزاء في السودان الى الامام وتمنحنا فعلا غير الولولة وتعيد الينا استحقاق سلبته العادات والتقاليد وحرمتنا ايّاه الهيمنة الذكورية التي تجيد زرعنا في القبور الثابتة والمتحركة. وشكرا لمحجوب في الحياة وفي الممات (البنية أم طرحة كبرت/يا سلام الفنجرية/ليها راية وبى كلامها/ وبى اهتماماتها الجديدة/دقت أجراس القصيدة/ وشدت أوتار الصلابة/الكتوف اتلاحقت فى السكة يابا/واحلالي القبلي شال شبال/ لمع برق المهيرة/قيرة قيرة يا مطيرة/ يارزاز الدم حبابك/لما يبقى الجرح عرضة/ ولما نمشي الحزن سيرة).

    حين نعا الناعي محجوب قلت انه سرادق عزاء واجب لنساء الارض قاطبة (لي الماقصّر في غناكن ضمّة ولا اتلوم بقفاكن تب)..لقد عاش محجوب يناضل للوطن كافة وللكادحين والنساء خاصّة . وقد امتلأت أشعاره بالتضامن والتقدير والحب للمرأة في نضالها اليومي من اجل التحرير. وفي كل قصيدة ركن خاص للنساء (أنسانة ابسط ما يقال/لو صاح /اعز من النساوين الرجال/أنثى ولا دستة رجال/تمشي وما بتطأطي/ما بين بير وشاطي/تطلع عالي واطي/نهارها مع السواقي/وليلها مع الطواقي/وعمرها للجهال)..ينضح شعر محجوب امتنان وعذوبة لسيدة اليوم التي تناضل في البيت والعمل لتثبت ذاتها..وعبر غنائه لابنتيه علّم الآخرين شيئا عن قيمة البنات (أدت ابوها مرتبا/سددنا دين دكان حسين/كستني توب/ نجدنا كم.. كم مرتبه/جيّهت بيتنا القديم/السقف داك والمسطبة)...ومحجوب مناضل عرفته سجون الديكتاتوريات منذ عهد جعفر نميري..وبين اعتذاراته وحنينه لأمّه مريم كان الوطن دائما حاضرا (طول النهار والليل/ في عيني شايلك شيل/ لكني شادي الحيل/ لا خوف علي لا هم/هاك قلبي ليك منديل/ الدمعة لما تسيل/ قشيها يا مريم/

    ما بركب السرجين/ وماني زول وشّين/ ياوالدة دينك كم/دين الوطن كمّين)..لم ترأف السجون بمحجوب ولم يرأف نضاله به..وامتدت اعتذاراته الشعرية عن غيابه والتزامه بقضايا بلده الى اسرته الصغيرة (مريم ومى بنياتى/ سمعت حسى جيتا لي/طلعتن من زوايا السجن كاللبلاب/وبين السنكى والترباس/ وبالرقاق وخلف الباب/عبر السور ذى النجمة والعصفور/تجرن جدولاً رقراق/من حبل العشم فتلات/من حقل الوطن شتلات/امكم الفى القلب/ جبتن لى/من تيابه شراع/منديل خيوط وشعاع/وكراسا مسطر بالضحى اللماح/وخط ايده وشعور الحى/وقالت لى قالت لى وقالت لى)

    لقد رحل الذي اهدى كلماته الى الكادحات من النساء والى نساء الارض قاطبة (صباح الخير/ مساء النور..

    يا ست البيت/.. و ست المكتب/الفاتح على الجمهور/ختم الدوله جنبك هيبه/قط لم تقبلي المصرور/..

    حلال وبلال عليك يا أم/مرتب بالتعب ممهور/وساعه رضاعه/أجمل من سياحه شهور)..ناقش محجوب في هذه القصيدة قضايا اثبتت الدراسات جانبا هامّا منها وهي ان النساء أكثر صرامة في التعامل مع المال العام واقل قابلية للرشوة والافساد والسرقة. ولهذا فإنهن أأمن على المال العام. كما تحدث محجوب عن أهمية ساعة الرضاعة للمرأة العاملة وحقها الاصيل فيها ..واكثر من هذا دعا محجوب الى ضرورة تقييم عمل الامهات من قبل الدولة (ياما تشري.. ياما تبلي/ما بتكلي.. ما بتملي/ما بنقص حنانك ملي/هل هذا عمل مأجور..؟

    لم يفرق محجوب في غنائه بين فرّاشة او ممرضة او طبيبة او مزارعة لقد وسم غناءه بالتقدير والمحبة للجميع بغض النظر عن العرق واللون(عشه.. وميري/مدرسة الحياه المعموره/لا كراس.. ولا سبوره/لا تقرير سمح رقاكي.. لا دبوره/تحيي تعيشي لا مقهوره.. لا منهوره/لا خاطر جناك مكسور/بل مستوره/يا ذات الضرا المستور/سلاما يا غزالات العمل.. والبيت/ملاياتك ضفاف النيل/أحب واديك.. هذا الحوش/أحب الشاي مع القرقوش/سلاما يا نساء الأرض قاطبة/في كل مكان)..رحل محجوب شريف..ونريد في رحيله ان تحلق الفراشات التي كرّس حياته كلّها ليجعل الارض لها بستانا ومحبة..ولنرفع صلاتنا لله ...ان يحسن اليه كما احسن الينا ..وان يذكره كما حمل همّنا في أشعاره في ملأ خير منّا..آمين

    محطة اخيرة:

    (هذه أعمالنا مرقومة بالنور في ظهر مطايا/عبرت دنيا لأخرى تستبق/نفذ الرمل على أعمارنا إلا بقايا/

    تنتهي عمرا فعمرا وهي ند يحترق/ما انحنت قاماتنا من حمل أثقال الرزايا/فلنا في حلك الأهوال مسرى وطرق/

    فإذا جاء الردى كشر وجها مكفهرا/عارضا فينا بسيف دموي ودرق/ومغيرا/بيد تحصدنا ، لم نبد للموت ارتعادا أو فرق/ نترك الدنيا وفي ذاكرة الدنيا لنا ذكر وذكرى/من فعال وخلق/ولنا إرث من الحكمة والحلم وحب الكادحين/وولاء، حينما يكذب أهليه الأمين/ولنا في خدمة الشعب عرق) صلاح احمد ابراهيم

    ---------------
    في ذكرى الانتفاضة .. رحل شاعرها المغسول بعذابات الوطن
    نشرت يوم 07 أبريل 2014



    عمر الدقير

    أموتُ كيفما يشاءُ لي مصيري
    أموتُ لا أخاف
    قدرَ ما أخافُ أن يموتَ لحظةً ضميري

    هذا هو محجوب شريف، من رحم واقعنا وملح أرضنا .. بين ضلوعه الوطن العزيز بكل تفاصيله ..

    ابن الأرض التي أجراها في عروق قصيدته وحفر لها في خبايا نفسه .. عاش مسكون القلب بحب الجميلة ومستحيلة .. يكتبها في لحاء الأشجار وينحتها في صمِّ الحجارة، يحدِّث عنها النجوم، يرسمها في مناديل العذارى ومشاوير الحيارى، يحملها بين شغاف قلبه ويسقيها عصارة روحه وسكْب ضلوعه.



    هو سودانيٌ صميم .. حمل معه سودانيته وجداناً والتزاماً، وكلمةً حرةً تخترق جدران الزنازين الصمَّاء وأسوار المعتقلات السميكة، تشدخ قلب الليل وتشق ظلمته .. تسري في الناس، تحرضهم على العصيان النبيل والثورة من أجل الحرية والعدالة، وتدعوهم لقيم الحب والنبل والجمال .. يغني لصمود المناضلين .. يضع الأمور في نصابها الصحيح .. يحيل زنازينَ المناضلين قصوراً يغردون فيها، وقصورَ الطغاة زنازيناً يرتجفون داخلها:



    نغرد ونحن في أسركْ

    وترجف وانت في قصركْ



    عاش محجوب شريف سيفاً مسلولاً في وجه الطغيان، ومُهراً وثّاباً في درب المعراج الى الحرية .. لا سيفه انكسر، ولا على ركبتيه جثا .. وأمام الطغاة ما نكّس الهامة .. يدخل السجن وهامته مرفوعة ويخرج منه وهامته أكثر ارتفاعاً:



    ودّانا لشالا

    بس عزّتنا ما شالا



    لقد كان محجوب شريف في حياته الخاصة والعامة توأماً للمعاني النبيلة والقيم الاصيلة والمواقف الشريفة .. وضع أمامه أن لا يخون ضميره، وأن يحوِّل الشعر إلى دعوةٍ للسلام والمحبة والإخاء والحرية والعدالة، وأن يحوِّله إلى وردةٍ ورغيف خبز ونبراس يقهر ظلام كل زمانٍ غاشم .. وظلَّ، حتى الرمق الأخير، يهتف من أعماق روحه بحق كل الناس في الحياة الكريمة .. حقهم في الحرية والعدالة .. وحقهم في المدرسة والمستشفى واللبن والزيت إلى قشة الكبريت .. والكسرة والكراس لكل الأطفال.



    تلك هي الطريق التي مشى فيها محجوب شريف، وتلك هي الخيارات التي دفع في سبيلها ثمناً باهظاً على حساب حريته وصحته وأسرته .. طاف السجون والمعتقلات بطول البلاد وعرضها، لكنها لم توهن إرادته ولم تبثّ في روحه جرثومة اليأس، بل كان أكثر حريةً من سجَّانيه .. وفي داخل السجن حيث يشحُّ الورق وتشحُّ الأقلام، كان محجوب شريف يكتب بزفيره على الهواء ما لا يقوى الورق على احتماله .. كان من حسن حظي أن زاملته في المعتقل قبل الانتفاضة المجيدة وبعد انقلاب يونيو المشؤوم .. و أشهد أني قد عرفته، كما عرفه غيري، في غياهب السجون إنساناً ذا خلقٍ نبيل وصمودٍ باسل .. يقوم على على خدمة زملائه كبيرهم وضغيرهم ويتولَّى تنظيم البرنامج الذي كان يبدد ظلمة الزنازين وحشتها بكلماته التي تقاوم التراجع والإنكسار .. تطرد اليأس وتزرع الأمل وتجعل الزنزانة محراباً، والقيد نيشاناً، وسور السجن فضاءً للحرية.



    لم يبتعد الشاعر التركي ناظم حكمت عن الحقيقة حين وقف أمام المحكمة وقال في مرافعته: "الدولة البوليسية تخاف من الشعر" .. وإذا كان الشاعر يتغذى من الخيال، فإنَّ خياله قد يكون مخيفاً لأنه يستولد الحلم، والحلم ممنوعٌ في الزمن السجين.



    لقد درجت رئاسة الجمهورية على إصدار بيانات تنعي فيها رموز السياسية والشعر والغناء في بلادنا، ودرجت أجهزة الإعلام الحكومية أن تفرد مساحات واسعة لتغطية أخبار رحيلهم ومراسم تشييعهم .. لكنهم تجاهلوا محجوب شريف، ربما اعتبروه دون ذلك!!



    نعلم أنَّ محجوباً كان يخيفهم أكثر من قذيفة، وصدى كلماته في آذانهم أشدُّ رعباً من أزيز طائرةٍ حربية تحلق فوق رؤوس عُزَّل .. لم نكن نتعشم أن يكونوا في أخلاق فارسٍ من القرون الوسطى يخلع قبعته وينحني لعدوه تقديراً لشجاعته ونبله، فنحن نعيش زمنهم الذي اعتلت فيه القيم .. لكنني أقول بملء الفم وكامل الثقة، على لسان محجوب شريف، أنَّ ذلك التجاهل لا يضيره بل يسعده .. فمحجوب لا تليق به حفاوة السلطة وأوسمتها ونياشينها، وإنما تليق به أوسمة المحبة الصادقة التي طوَّقه بها أبناء شعبه الذين أسكنوه حبات القلوب ووضعوه في حدقات العيون، واتخذوا من كلماته زاداً وهتافاً في زحفهم المقدّسِ نحو الشمس ونحو النور.



    أخي وصديقي محجوب



    أن تكون منتمياً إلى وطنٍ مثلومٍ ينزف على طول الطريق فهذا قدرك الذي لم تختره، لكن أن تختار التشبث بجمرة الضمير وإشهار الكلمة الحرة غير الملتبسة دفاعاً عن انتمائك، فذلك يعني أن تكون مغسولاً بعذابات الوطن، وأن يتبدَّى نشيدُك نعمةً ونقمة في آنٍ واحد .. من رأوه نقمةً تمنوا لو يستطيعون رفع الكفن عن وجهك ليحدِّقوا فيه ويتأكَّدوا أنَّ الميت هو أنت وليس أحداً سواك، فقد كنت كابوساً يقضُّ مضاجعهم ويطرد النوم عن أعينهم .. ومن رأوه نعمةً أصابهم رحيلك بطعنةٍ في الخاصرة، فقد كنت حادياً لقافلتهم في مسيرها نحو الهدف المتواري خلف جبل الخيبات.



    لعلَّها المرة الأولى التي لا أتمكن فيها من مهاتفتك في ذكرى الانتفاضة المجيدة .. تلك الانتفاضة التي كنت صاحب سهمٍ كبير في صنعها، وجعلتها شعلة النشيد والاسم الحركي لتاريخٍ يريدون استئصاله من القلب والروح .. لن أسمعك تقول لي: "لا لليأس، فالشعوب تعلمت من خالقها أن تمهل ولا تهمل" .. هذه اللحظة لم أحسب حسابها وهي كفيلة أن تبكيني، لكنني أجد بعض عزاءٍ حين أسترجع كلماتك التي جسَّدتَها معنىً وفعلاً:



    حتهرب منو جلدك وين

    ويوماً ما حتسكت تم

    واخت راسي

    وأفارق دنيتي وناسي

    وأخلي ورايَ كراسي

    وما أسود سطر بالشين



    صوتك يغادرنا الآن، بل صوتنا يغادرنا الآن .. كيف تتركنا في هذا الزمن الرخو في "بطن ليلٍ من حديد"؟ من يستولد القدرة من عجزٍ وخيبة، ومن شقاءٍ وعناء، ومن شوقٍ وتوق؟ من يبشر بدروبٍ جديدة؟ فقد انتهت كلُّ الدروب إلى مفازة العقم .. انتهت إلى التراجع والانكسار واللهاث وراء سراب الحوار الكذوب، والبغال المعصوبة العيون والعقول تدور وتدور .. الشفاه تشققت من الظمأ ولا عذوبةَ في مياه النيل، لا ندىً على ورق الشجر ولا شذىً على الأزهار، والعصافير تبكي والأرض ثكلى.



    محجوب شريف، أيُّها الراحل منَّا إلينا .. نسأل الله لك الرحمة والمغفرة وصبراً جميلاً لأسرتك الصغيرة والكبيرة


    ---------------------
    رحيل محجوب شريف : الاحتفاء بالقيم النبيلة
    نشرت يوم 06 أبريل 2014


    خالد فضل

    بقدر حجم الفاجعة على المستوى الشخصي والإنساني برحيل الأستاذ والمربي والصديق الإنسان المبدع محجوب شريف , الا أن هناك ما يستوجب التأمل في سيرة ومسيرة هذا الإنسان الذي مكث على سطح الأرض حوالي 66عاما

    إذا استثنينا منها سنوات الطفولة الباكرة جدا لزعمنا بكل ثقة أن ما لا يقل عن نصف القرن قد قضاها كلها يحمل هموم الناس ويعبر عن تطلعاتهم الإنسانية النبيلة وينشد سيادة القيم الرفيعة , يواسي أحزانهم ويدغدغ آمالهم ويبذر فيهم الأمل , يقاوم في عوامل الإحباط واليأس ويناضل من أجل حياة كريمة تليق بالإنسان والذي عنده لا يمثل الا الإنسان غض النظر عن عرقه أو معتقده أو ثقافته أو طبقته الإجتماعية أو نوعه أو وضعه الصحي والبدني الإنسان عنده الإنسان فحسب , وهنا تكمن قيمة محجوب الإنسانية الرفيعة فهو لا يتأفف عن مخالطة والإستماع الى وتحسس مشاعر والتعبير عن تطلعات كائنا من كان من البشر , لا تحجبه حدود عصبية ولا تغلقه أنانية ولا يؤثر نفسه بميزة , بل على العكس دائما ما كان يعبر وهو في أوج علته القاتلة وألمه الممض عن روح غيرية مفرطة في اليقين والتواضع الحقيقي فقد زرته قبل رحيله بشهر تقريبا في منزله ووجدته يتحدث مع إحدى الشابات عن حالة امرأة تعاني مثله من داء تليف الرئة ولكنه كان يقارن حاله بحالتها حيث يتمتع هو بحسب رأيه بمكيف بارد وجهاز اكسجين وظل ظليل وزوار دائمون وأسرة تهتم به أيما إهتمام أما تلك السيدة فانها تعاني فوق الداء من قلة الحيلة وانفضاض الاسرة وتعاسة البيئة التي تعيش فيها وهذه قيمة نادرة خاصة في زمان السودان الراهن حيث تسود الإنتهازية والأنانية وحب الذات والشره الشديد للتملك , خاصة في أوساط منسوبي ومتنفذي السلطة الإسلامية المستبدة ومن والاها .

    محجوب شريف ظل طوال حياته وفيا للقيم النبيلة لم يتبدل ولم يداهن أو يماري مخلصا وعفيفا في القول والسلوك وزاهدا عن ما في أيدي الغير وكان مثالا للإستقامة , لا يؤمن بأنصاف الحلول ويحترم خيارات الآخرين إذا لم يشاطرونه ذات الموقف . أذكر أنني طلبت اليه إجراء حوار صحفي لصالح مجلة الخرطوم الجديدة وكنت أحد كتابها لفترة , رد على طلبي بقول رفيع وأنه لو كان هناك صحفيا يجب أن أحاوره لكنت أنت هذا على المستوى الشخصي والثقة في قدرتك ولكن لدي موقف مبدئي حول ما يسمى بهامش الحريات ليس هناك ما يسمى بهامش فإما حرية كاملة للجميع على قدم المساواة يحكمها القانون الديمقراطي ويحرسها القضاء العادل والنزيه وإما لا , وهذه قيمة مهمة نحتاجها في زمننا هذا المحكوم بهامش القيم دون متونها .

    محجوب شريف مناضل جسور لم ينكسر ولم تلن له قناة في محاربة ومقاومة أنظمة القمع والقهر والإستبداد التي رزأ بها السودان منذ نوفمبر 58 مرورا بمايو69 وحتى يونيو1989م , وفي كل عهد ديكتاتوري ذاق محجوب شريف ثمن مواقفه سجنا واعتقالا وتشريدا وتعتيما ولكنه ظل صامدا حتى انهد كتف المقصلة كما غنى في ابريل وسينهد حائط باستيل يونيو الاسلامي عماقريب وسيكون غناء محجوب وحدائه الرائع ملهما للأجيال الصاعدة ونبراسا للمقاومين والمناضلين من أجل الحرية كما عبر البروفسير جمعة كندة في كلمته في تأبين الفقيد .وهنا تكمن إحدى قيم نبل محجوب التي تنتشر وستنتشر أكثر لأنها قيم نبيلة يتوق اليها أصحاب النفوس العظيمة ومحجوب الراهب المتبتل في محراب شعبه ينفحه تحياته من تحت كمامة الأكسجين قبل يومين فقط من رحيله لابد سيتجدد دون تشدد وشعبا تترب حيقوم دون شك.

    محجوب نموذج لحياة الأسرة بالسترة وبالمشاركة الند بالند للمرأة والرجل وللنساء المكافحات من وعيه نصيب فست الكسرة وبائعة الشاي والموظفة والمعلمة والطبيبة والمهندسة والفنانة والتشكيلية والصحفية و و و كلهن عنده نموذج للتضحية والعفة والشرف والكرامة وكذا ست البيت وربته لها عنده مقام رفيع , وهذه قيم يحتاجها مجتمعنا في عهد غيهب تشتت فيه أواصر الإلفة وتفرتق شمل الأسرة وسادت فيه الرذائل , ولأن الإنسان السوي يتوق الى المثل والقيم النبيلة فإن في كتاب محجوب المفتوح صفحات وصفحات وهذه ميزة تمنح محجوب الخلود فما من قيمة رفيعة الا وجدتها خصلة فيه جسدها شعرا يطابق حياته وهو أمر نادر الحدوث .

    وهكذا نجد سبط القيم التي كانت تشكل حياة محجوب ومحور ابداعه الشعري ونشاطه المدني ونضاله السياسي وتفاعله اليومي سلسلة لا تنقضي من مكارم الأخلاق التي إن قستها بمقاييس التدين وجدتها متطابقة وإن وزنتها بدعوات المصلحين والثوار والمفكرين اكتشفتها دون عناء وإن وضعتها على قائمة الإحتياجات العاجلة لشعبنا ومجتمعنا وجدتها تعبر بالفعل عن تلك الحاجات , فمفرداته التي تدور حول العدل الإجتماعي والحب والسلام والوفاء والمساواة والديمقراطية والوحدة واحترام التعددية الدينية والثقافية ورعاية الطبقات الضعيفة والإحساس بمواجع الضعفاء والسعي لمعالجتها مباشرة عبر مبادرات نيرة خيرة من أطفال الفشل الكلوي الي النساء اللائي يعانين من الناسور البولي الى الأطفال المشردين وثقافة العمل اليدوي والنفير وإيد على إيد تجدع بعيد , وفي كل جهده كان محجوب يستلهم قيم شعبه والمركوز في صميم حياته فتخرج المشروعات مشروعا يتلوه آخر دون ضوضاء وشوفونية ونحن في زمن أضحى فيه التباهي والمظاهر هي سمة معظم الأعمال خاصة من جانب فئة الحاكمين المتسلطين ومن شايعهم . وهذا بالطبع ما يقلق أولئك ويسعد عامة الشعب , فقد جاء موكب تشييعه مهيبا وعفويا وصادقا وكان الحزن حقيقيا وآلاف الناس الكل يعزي الكل لا تعرف شخصا بعينه ولا فردا محددا ترفع معه الفاتحة , وهنا تكمن قيمة رد الجميل ذلك المشروع الذي ختم به الراحل حياته العامرة , فإذا كان محجوب ممتنا لشعبه طيلة حياته وحتى لحظات مماته فإن الجموع التي تدافعت لتشيعه وتودعه وتلقي عليه تحية الوداع والى اللقاء لم يكن من بينها مكري أو مراءي أو مخادع والجموع التي سدت شارع الثورة بالنص من الحارة 21الى مقابر أحمد شرفي لم يكن في وسطها نشال أو مستهتر أو مستبد أو مخادع باسم الدين فمحجوب (ماك الوليد العاق لا خنت لا سراق )كما كان يعلو الهتاف في التشييع . وفي زماننا هذا ما أنبل الشرفاء الذين لا يسرقون بعد أن صارت السرقة باسم الله في الطرقات تمكين !!! الا رحم الله محجوب فمناقبه مما لا يحيط بها كتاب وما بذره من قيم هي الزاد الذي منه نستمد القدرة على المسير وكما كتب لي الصديق أنور عوض (الوفاء لمحجوب في السير على خطاه
                  

العنوان الكاتب Date
محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:01 AM
  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:09 AM
    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:14 AM
      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:49 AM
        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 09:37 AM
          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق مني عمسيب04-03-14, 09:48 AM
            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:17 AM
              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 11:08 AM
                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق اسماعيل عبد الله محمد04-03-14, 11:17 AM
                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الزنجي04-03-14, 11:22 AM
                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق عبدالله عثمان04-03-14, 12:21 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:17 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:37 PM
                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق محمد علي عثمان04-03-14, 10:39 PM
                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق Mohamed Adam04-04-14, 04:32 AM
                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 10:05 AM
                              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 06:25 PM
                                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 10:48 PM
                                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق bashir kurdufan04-05-14, 01:22 AM
                                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-05-14, 09:29 AM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-05-14, 10:23 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 06:50 AM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 09:52 AM
  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق المكاشفي الخضر الطاهر04-06-14, 10:17 AM
    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 10:36 AM
      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 10:17 PM
        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-07-14, 09:06 AM
          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-07-14, 05:49 PM
            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-08-14, 08:08 AM
              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق مني عمسيب04-08-14, 08:13 AM
                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-08-14, 10:09 PM
                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-09-14, 08:43 PM
                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-10-14, 11:24 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-10-14, 11:39 PM
                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-11-14, 03:09 PM
                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-12-14, 10:17 PM
                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-14-14, 08:48 AM
                              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-14-14, 10:52 PM
                                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-15-14, 10:39 AM
                                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-18-14, 05:56 PM
                                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-21-14, 10:10 AM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-23-14, 11:16 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-24-14, 10:55 PM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-27-14, 10:25 PM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-29-14, 06:37 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-04-14, 06:47 PM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-06-14, 10:58 PM
                                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-06-14, 11:11 PM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-07-14, 11:47 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de