محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2014, 10:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق (Re: Mohamed Adam)

    الالاف يشيعون "شاعر الشعب" محجوب شريف وشباب يهتفون بإسقاط النظام



    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 05:37



    التغيير : امدرمان

    شيع الالاف من السودانيين البسطاء وقادة الفكر والسياسة والأدب والثقافة "شاعر الشعب" محجوب شريف إلي مقابر احمد شرفي بامدرمان مساء أمس الأربعاء. وتحرك موكب التشييع الذي كانت غالبيته من الشباب من منزل الراحل بالثورة الحارة 21 قاطعا عدة كيلومترات بالأرجل قبل ان يصلي عليه الالاف بميدان الرابطة بالقرب من المقابر ثم دفن الجثمان الذي غطي بعلم السودان وسط هتافات وتكبير ودموع وتشنج وإغماءات في أوساط البعض.



    وشارك في التشيع رموز المجتمع المدني والأحزاب السياسية والأندية الرياضية فيما ارتفعت لافتات قماشية تمجد سيرة الراحل.

    ورصدت " التغيير الإلكترونية " بعض الشباب المشاركين يهتفون ويطالبون بإسقاط الحكومة. وقال أحدهم " ان محجوب شريف ناضل من ان ينال الإنسان السوداني حريته ونحن سنسير في دربه ونطالب بإسقاط الحكومة حتي ينال الشعب السوداني حريته ". فيما أعربت طفلة صغيرة وهي تحمل علم السودان عن حزنها لوفاة شريف. وقالت أنها أقنعت والدها بالمشاركة في التشييع لأنها تحفظ الكثير من أشعاره، رغم أنها تسكن في منطقة دار السلام بجبل أولياء التي تقع في أقصى جنوب الخرطوم وتشييع الراحل في شمال أمدرمان".



    وقالت القيادية في حزب الأمة القومي سارة نقد الله التي شاركت في التشييع ان رحيل محجوب هو فقد كبير للشعب السوداني لانه يمثل الإنسان السوداني بسجيته البسيطة.



    وقدم محجوب شريف عدداً من القصائد التي تغنى ببعضها عدد من الفنانين أمثال الراحل محمد وردي وفرقة "عقد الجلاد".

    وتعبّر قصائد شريف دائماً عن حال الشعب وفقره وانتقاد العسكر الذين يصلون لكراسي الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية.

    وتمكن شريف بحياته البسيطة التي عاشها، أن ينقل شعراً حياً بالعامية السودانية، روى سيراً من النضال والكفاح، واتسمت قصائده التي دائماً ما حملت أراءه السياسية ببساطة الجرس، ما جعلها محببة بين طلاب الجامعات.

    تلقى شريف تعليمه الابتدائي والأوسط والعالي بين أعوام 1956-1968 في مدارس "المدينة عرب" في أواسط السودان، ومعهد التربية بالخرطوم، وعمل منذ العام 1968 وحتى عام 1978 معلماً بالمدارس الابتدائية، ومسؤولاً عن المناشط التربوية بالمدارس الحكومية.

    والشاعر الراحل متزوج من الأستاذة أميرة الجزولي "معلمة تعمل إدارية في جامعة الخرطوم" وله بنتان خلدهما في قصيدته المشهورة "مريم ومي"، وتغنى له وردي بأغنية "حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي.. وطن شامخ.. وطن عاتي.. وطن خير ديمقراطي".

    والشاعر محجوب شريف رمز كبير من رموز الإبداع في السودان، وصاحب بصمات متفردة في الوجدان السوداني، إذ ان قصائده ترجمان المشاعر الشعبية ضد قهر الدكتاتوريات وضد كل أشكال الظلم الاجتماعي، والشاعر محجوب شريف بذاته ومواقفه كان رمزا نضاليا ملهما في الانحياز للفقراء والمستضعفين والانحياز لقضايا المرأة، وفي استقامة الموقف ضد الفساد والدكتاتورية، وبعد انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م تعرض للتشريد من عمله كما تعرض للاعتقالات والملاحقات الأمنية،

    كما سجن في العهد المايوي كذلك.

    وأبدى شجاعة وصلابة آسرة في مواجهة نظام الإنقاذ، ولم يساوم مطلقا في موقفه المعارض ورفض بحزم شديد اي شكل من أشكال التواصل مع رموز النظام الحاكم ومؤسساته مما أكسبه احتراما شعبيا كبيرا ومكانة فريدة في قلوب السودانيين على اختلاف مشاربهم، فقد كان الراحل مثلا في كبرياء الشاعر وترفعه على المكاسب الذاتية واحتقاره لموائد السلطة.
    /////////
    sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan5.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    ------------------------
    محجوب شريف، شاعر الصمود بلا منازع: صفحات من مذكراتي ..


    بقلم: د. صدقي كبلو



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:24


    إن الشخص منا معشر المعتقلين على أيام نميري، لينظر للوراء ويستعيد الذكريات ويسأل نفسه كيف كان يكون المعتقل بدون بعض الزملاء والزميلات الذين جعلوا المعتقل محتملا إما بصمودهم نفسه أو بحكمتهم وقدرتهم على امتصاص الغضب والحزن ومواجهة المشاكل العامة والخاصة للمعتقلين أو بقدرتهم التنظيمية في تنظيم حياة المعتقلين كلجان المفاوضات، لجان الطعام والكميون، اللجان الثقافية ولجان المجلات الناطقة ولجان الاحتفالات بالأعياد الوطنية والثورية والدينية، أو كيف كان يكون المعتقل بدون وجود بعض المبدعين من الفنانين والشعراء والممثلين ومخرجي المسرح والمعلمين في كافة مجالات المعرفة. ولكن يظل السؤال الخاص جدا ماذا كان سيكون المعتقل لو لم يكن محجوب شريف وشعره يرفرفان على جو المعتقل في الحفلات وعند الترحيل وعند وداع مطلقي السراح؟ محجوب كان حاضرا في كل المعتقلات حتى وهو غير معتقل فلمحجوب رواة شعره ولمحجوب أناشيده المغنى والملحنة داخل المعتقلات.

    التقيت محجوب شريف أول مرة مع صلاح العالم وعمر الدوش أمام ميدان سينما برمبل بأمدرمان (البوستة) عام 1970 وكنت قادما حينها من الجنوب بعد الاشتراك في معسكر الجبهة الديمقراطية بواو وهو أحد ثلاث معسكرات أقامتها الجبهة الديمقراطية بالجامعات والمعاهد العليا لدعم قيام حركة ديمقراطية في الجنوب في كل من واو ملكال وجوبا. وعندما عرفني صلاح بكليهما، قلت لمحجوب لقد قضينا وقتا طويلا في واو نتناقش في: حارسنا وفارسنا واتفقنا كم هي جميلة وشاعرية وكيف أن في شاعريتها وجمالها خطورتها لأن معانيها انقلابية وتسئ لنضال الشعب وقواه الثورية فنحن لم نكن ننتظر مايو ولا نفتش عنه "كنا زمن نفتش ليك وجيتنا الليلة كايسنا" فضحك ثلاثتهم وقالوا لقد كان ذلك موضوع نقاشهم على الغداء عند صلاح العالم ومن يومها أصبحنا أصدقاء. ولم يكن محجوب يومها شيوعيا.

    وتعددت لقاءاتنا بعد ذلك ولكنها تكثفت في الفترة بين أبريل 1971 ويوليو 1971 حيث كنا نلتقي كثيرا إما عند صلاح العالم أو في الأمسيات الثقافية التي تعج بها أم درمان وأنديتها الثقافية التي كان يدير معظمها إتحاد الشباب السوداني. وهذه هي القترة التي كتب فيها محجوب قصيدة لا أذكر اسمها ولكنه يقول فيها يا مايو لا أو لا حارسنا ولا فارسنا ، وكتب فيها قصيدة كنت أحبها وأرددها في المظاهرات والندوات وأتذكر منها:

    الشعب كتاب نقرأ فيه
    نتعلم منه
    كي نجتاز دروب التيه

    ولأنه أصل الأصل
    القول الفصل
    والد جيل
    منه أنا وبه أعتز
    تهتز الأرض ولا يهتز
    جيل قيامة
    عليه علامة
    جيلي جيل الحرية
    جيل يكبر يوميا
    جيل يمتد بعرض الأرض
    كمنشورات ثورية
    جيل يمتد بعرض البحر
    كشلالات نارية
    وطريق جهنم أن تختار طريقا لا يمشيه
    وطريق جهنم أن تختار طرقا لا يمشيه


    ثم جاءت يوليو وكان اللقاء الشهير بين وردي ومحجوب الشريف الذي استضافه المذيع الممتاز ذو النون بشرى وقدم فيه محجوب ما دوامة وقدم وردي نشيد حنتقدم.

    وكان طبيعيا أن يعتقل محجوب شريف بعد انقلاب 22 يوليو المضاد وعودة الديكتاتور نميري. ولكنه أخذ بعيدا عن أغلبية المعتقلين المكتظين في السرايا لقسم اسمه المدرسة كان من بين معتقليه الأستاذ جوزيف قرنق، قبل أن يساق بليل للشجرة ثم للمشنقة، والأستاذ المرحوم عبد العظيم حسنين (رئيس سابق لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم). وكان أن سرب لنا من المدرسة قصيدته الرائعة

    يا شعبنا
    يا والداً أحبنا
    يا من وهبت قلبنا
    ثباتك الأصيلا

    إليك هذه الرسالة القصيرة الطويلة
    إليك من زنزانة تخاصم الفصولا
    إليك رغم أنف كل بندقية
    وطعنة شقية
    وحقد بريرية
    إليك الحب والسلام والتحية
    إليك يا حبيبنا وبعد
    أدبتنا
    أحسنت يا أبي
    فلم نتابع الهوى
    لكنما قابيل ما أرعوى
    كالذئب في حظيرة عوى
    وكم غوى
    وتابع الهوى
    وتاه في الأنا
    أراد للدماء أن تسيلا

    ونحن مثلما عرفت يا أبي
    بفضلك الكريم
    من أشرس الرجال حينما نقاوم
    نموت لا نساوم
    ندوس كل ظالم
    ونفتح الصدور للمدافع الثقيلة
    ومن هنا
    أبناءك الرفاق أقسموا
    فصيلة فصيلة
    أن يثأروا لحرمة الأمومة الجليلة
    لطفلة جميلة
    تنفست قليلا
    تمددت قتيله
    رصاصة في قلبها
    وطعنة في جنبها
    ولم تعش طويلا

    لكنما
    مليون مثلها سينجبوا
    النضال يا أبي حقيقة

    وأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة
    عيونهم أشد من عيوننا بريقاً
    صدورهم بما وهبت أكثر اتساعا
    سيوفهم تزيد من سيوفك الطوال طولا



    محجوب شريف ودخولي الحبس الانفرادي للمرة الأولى
    من بعد ظهر يوم في أغسطس 1971 فتح باب السراي وصاح الرفاق محجوب شريف، أسرعنا جميعا من كل العنابر لنستقبل محجوب معتقدين أن محجوب شريف قد تم تحويله من قسم المدرسة إلى السرايا، بينما الجميع يعانق ويسلم، قال محجوب أنه أتى من زيارة ويبدو أنهم أدخلوه خطأ، فقاده بعض الزملاء لعنبر 7 في الطابق الأول من السراي وألتف الجميع ولكن الفرحة لم تتم فسمعنا الصفارة وقالوا تمام ولكن الوقت كان مبكرا للتمام فالسجن يقفل في حوالي الرابعة بعد الظهر.

    نزلنا جميعا لنصطف للتمام فإذا بشاويش السر ينادي محجوب ويصطحبه خارجا به من السرايا تاركنا مصطفين خمسة خمسة في إنتظار التمام. كانت ظهيرة أغسطس حارة تحرق وقفنا ووقفنا ولم يأت التمام فقررنا العودة لعنابرنا. وما أن إستقر بنا المقام حتى سمعنا الصفارة مرة أخرى، فنزلنا غاضبين، وأصطففنا من جديد خمسات للتمام وجاء شاويش السر وأخذ التمام فتصديت له متسائلا لم تركنا نقف لنصف ساعة من قبل بينما هو كان يريد محجوب شريف فأحتد معي ورددت عليه بنفس الحدة قائلا ينبغي أن يحترمنا كبشر ويجب ألا يتركنا نقف تحت الشمس لنصف ساعة فطلب خروجي للمكتب. والشاويش السر (الذي ترقى بعد ذلك لصول) هو من عساكر السجون الذين إنضموا للإتحاد الإشتراكي وكان يعرف بيننا بأنه من عناصر مايو المخلصين. وعند خروجي للمكتب قدمت للضابط النبطشي وكان خريجا جديدا وهو أول دفعته إسمه أبنعوف، فتحدث معي في لغة جافة سائلا لماذا أعمل مشاكل، فقلت له يبدو أنك وصلت لحكمك قبل أن تسألني ما حدث؟ فقال متهكما "انت مفتكر نفسك وين؟ في محكمة مدنية؟ إنت هنا في سجن والعسكري دائما صحيح وإنت بتحاول تحرض المعتقلين" قاطعته قائلا "هذا غير صحيح!" فقال هائجا "ما تتكلم إلا أذن ليك إنت عارف أنا ممكن أعمل فيك شنو؟" فأستفزني ذلك فقلت "يعني حتعمل أيه؟ حتوديني الزنازين يالا وديني" فقال هائجا "ما حتشوف الشمس أبدا" فقلت ليه، وقد استعدت هدوئي فجأة "إنت فاكر نظامك ده حيقعد إلى الأبد" فصاح في هياج "أرميه في زنازين الإعدام" فأخذوني في رتل من العساكر كأني مجرم حرب إلى زنازين الإعدام وطلبوا أن أخلع نعلي قبل الدخول ثم أغلقوها وذهبوا. وفد إلتقيت الضايط أبنعوف بعد ذلك وتذكرنا تلك الحادثة وضحكنا كثيرا.

    كانت زنازين الإعدام مجاورة للمشنقة وهي زنزانتان يحول لهم المحكوم بالإعدام قبل 24 ساعة من إعدامه وتوجد بالقرب منهم غرفة كبيرة بها ماسورة مياه تستعمل لغسيل الأموات وهي من الزنازين القلائل التي تفتح شرق و شباكها يطل غربا، بمعنى أن الشمس تدخلها طوال النهار (الزنازين الأخرى التي تفتح شرق غرب هي زنازين الشرقيات وهي مجموعة من عشرين زنزانة في صفين يفتحان على بعضهما وبينهم حوش ضيق كنا نسميه حوض السباحة وقد عشت في تلك الزنازين مرات عديدة كما ستجد في هذه الذكريات في مكان آخر)

    قضيت الليل نائما كما لم أنم منذ دخولي المعتقل وصحوت على صوت الباب يفتح للتمام والعسكري ينقر على زنزناتي حتى أنهض فيتأكد أنني ما زلت حيأ، وكان السجن يفتح في الغالب بواسطة الصول لوج (وهو شخصية مدهشة سأحدثكم عنها) وبلوك أمين السجن (وهو عسكري كاتب وكان إسمه عبد اللطيف وهو شخص مهذب ولطيف) وشاويش القسم فلكل قسم شاويش مسؤول عنه (وكان القسم الشرقي هو الوحيد الذي يديره أمباشى أو عريف هو أمباشى سيداحمد والذي ترقى لشاويش بحكم معاملته القاسية للمعتقلين ولكنه كمعظم من في كوبر تحسنت معاملته عندما تكرر تردد المعتقلين).

    وبعد إنسحاب تيم التمام جاءني عسكري القسم وكان إسمه "عجب سيدو" وكنت أناديه "عم عجب". جاء عم عجب وهو يحمل شاي في كورة (والكورة كما قال أستاذنا الكبير محمد محجوب شورة هي أعظم إكتشاف في السجون ففيها تأكل وتشرب الساخن والبارد) وفتح لي الباب وطلب مني أن أذهب للحجرة المجاورة لغسل وجهي وعندما غسلت وجهي ناولني كورة الشاي فأعتذرت شاكرا أنني لا أشرب الشاي فلامني قائلا في هذا الجو الممطر (وكانت المطرة قد نزلت مساءا وما زال هناك بعض الرزاز) لا بد لي أن "اتقوى بشئ ساخن" فلما رفضت قال بحزم "حرم تشربه" فنزلت عند رغبته وأخذت الكورة منه وسألته "الجماعة ديل كانوا هنا" فقال دون أن يسأل من أقصد "نعم" فقلت حضرتهم كلهم فقال "لا أنا حضرت الشفيع فقط الله يرحمه" فقلت كان كيف؟ فقال ورنة حزن في صوته "عايزو يكون كيف يا والدي راجل حياته كلها بيعمل البيعمل فيه تفتكر ما توقع موقف مثل هذا" ثم دمعت عيونه وأسرع خارجا دون أن يغلق زنزناتي وعاد بعد خمس دقائق بعد أن تماسك نفسه وأخذ الكورة وأغلق الزنزانة.

    وحوالي العاشرة صباحا جاء عم عجب ليصطحبني للمكتب ووجدت أمباشي سيدأحمد في إنتظاري عند بوابة الشرقيات وصرف عم عجب وأخذني هو لمكتب حكمدار السجن وكان العقيد البشير مالك وكان يقف إلى جانبه الملازم أبنعوف فطلب مني البشير أن أحكي ما حدث ثم قال لي خطبة عن طاعة التعليمات في السجن وأبلغني قراره بحبسي أسبوعين في الحبس الإنفرادي. فعدت إلى زنزانتي لأقضي العقوبة.

    قضيت باقي اليوم وأنا احاول أن أتذكر بعض معلوماتي الإقتصادية فأخذت قطعة حجر صغيرة من أرض الزنزانة المتهالكة وبدأت أستعيد نموذج كينز الإقتصادي من خلال معادلاته ورسومه البيانية وشعرت بصفاء ذهن لم أشعر به منذ وقت طويل ثم سرحت أستعيد ذكريات الشهر الأخير وبدايات قصص لم أكملها (كنت حينها أحاول كتابة القصة القصيرة) ويومه ألفت قصة ظللت أرويها شفاهة حتى قال لي كمال الجزولي بعد سنوات في معتقل جمعنا أن تلك تجربة جديدة القصة القصيرة المروية وإنها استفادة من تراث الحكاوي السودانية.

    وقبل مساء ذلك اليوم إذا بباب حوش الزنازين يفتح ويدخل شخص وسيم الطلعة في ملابس نظيفة وقفل في الزنزانة القريبة مني. وصحت مناديا بعد خروج العساكر "مرحبا أنا صدقي كبلو فمن أنت؟ فقال "أهلا كبلو أنا السر النجيب" وبدأنا نحكي لبعض وأصبحنا أصدقاء من يومها، بل أنني أصبحت صديقا لكل عائلة النجيب.

    بعد يوم جاءوا وأخذوا السر إلى السرايا فترك لي ساعته حتى أستطيع معرفة الزمن. ومكثت يومين قبل أن أشهد حركة غير عادية في القسم وأمباشي سيد أحمد يدخل ويخرج فعرفت أن شيئا ما سيحدث. وفعلا دخل رهط من الضباط عرفت من بينهم العميد محمد عوض الله مدير السجن (القومندان) والعقيد البشير مالك حكمدار السجن والرائد عثمان عوض الله المأمور وشخص آخر في رتبة عميد لم أعرفه حينها وعرفت فيما بعد أن اسمه ميرغني أبو الروس وهو نائب مدير السجون. فقال الأخير وإنت مالك هنا فقلت "مسالة غير مهمة المهم إني طالب بجامعة الخرطوم وأريد أن أجلس للامتحانات" فقال "وكمان طالب افتكرت رباط" ثم تغيرت سحنته وبدأت عليه الجدية والاهتمام وسأل القومندان "عندكم طلبة كثيرين هنا" فقال القمندان "أربعة أو خمسة" فقال أبو الروس لعثمان عوض الله المأمور "أخذ أسماء كل الطلاب وكلياتهم وسنينهم الدراسية وأرسلها لي" فقال عثمان "حاضر أفندم".

    وبعد يومين تقريبا جاءوا وأخذوني لقسم الشرقيات للتحضير للامتحانات وأحضروا من السرايا الخاتم عدلان وكمال عطية ومن كوستي محجوب عباس وحمودة فتح الرحمن ومن الأبيض النور ماو وميرغني شمس الدين وميرغني الشايب (وكان محكوما بالسجن له######## ضد نميري عند زيارته للأبيض) وعوض السيد الكرسني والطيب الأمين والأقلع وزميل إسمه آدم ومن الجنوب جورج ماكير وزميل اسمه أروب.



    النقل لحوش الطوارئ مع وردي ومحجوب شريف
    وبمجرد أن انتهينا من الامتحانات تم نقلنا لحوش الطوارئ (والذي أسمي فيما بعد بميدان العدالة الناجزة وكانت تقطع فيه الأيادي وتم فيه إعدام الأستاذ محمود محمد طه). وكانت مجموعتنا أول الذين وصلوا فبدانا نحاول استكشاف المحل ومعرفة موقعه من خريطة السجن فجرينا نحو الأبواب فاكتشفتا أنه يجاور الزنازين البحرية من الشرق والكرنتينة ب و ج من الجنوب والمديرية من الغرب، وكانت البحريات مخصصة للمحكومين بالإعدام حتى يأتي تأكيد حكمهم أو ينقض الاستئناف الحكم ولكن في تلك الأوقات كان بها مجموعة من المناضلين خرجوا لنميري عندما زار السجن وطلب أن يخرج له الشيوعيون فخرج له:

    عبد المجيد النور شكاك
    صلاح مازري
    مصطفى أحمد الشيخ
    الرشيد نايل
    محمد خلف الله
    سعودي دراج
    الحاج عبد الرحمن
    حسن قسم السيد
    عوض الصافي
    عوض شرف الدين
    إبراهيم الشيخ


    وكانت الكرنتينة ج بها بعض معارضي الجبهة الوطنية والأخوان المسلمين والجدير بالذكر أن معاملتهم كانت أفضل من معاملة معتقلي يوليو.

    بدأت المجموعات تتوافد فجاء من السرايا ومن المدرسة كل من:

    مولانا صلاح حسن عبد الرحمن والذي عينته يوليو رئيسا للقضاء
    الأستاذ محمد وردي
    الأستاذ عبد الرحمن سوركتي من مصلحة الضرائب
    الأستاذ محمد عثمان طه من البنك الزراعي
    الشاعر محجوب شريف
    مولانا محمد ميرغني نقد- قاضي
    الأستاذ محمد إبراهيم معلم من السجانة
    النقابي محجوب الزبير
    النقابي فضل أحمد فضل (والد الدكتور على فضل الذي مات تحت تعذيب سلطة الجبهة الإسلامية)
    الأستاذ مكي عبد القادر صحفي
    الأستاذ ذو النون بشرى مذيع
    الأستاذ الفادني قائد في إتحاد المعلمين
    الأستاذ حسن التاج من شركة الخليج
    المقدم حسن مكي
    الأستاذ يوسف همت من حزب البعث

    وبالطبع قد نسيت بعض الأسماء فليعذرني من نسيت فقد طال الزمن وضعفت الذاكرة. وإلى جانب هؤلاء مجموعتنا من الطلاب التي ذكرتها وقد أضيف إليها الزميل عبدالله عطية شقيق كمال وأظنه وقتها ما زال طالبا بالثانوية.

    وقضينا في حوش الطوارئ حوالي أربع شهور قبل إعادتنا في ديسمبر للسرايا مرة أخرى. كنا نسكن في خيم نصبت لنا ونفترش الأرض على برش وبطانيتين، واحدة نضعها على البرش والأخرى تستعملها كغطاء. وكنا كطلاب نسكن في خيمة واحدة.

    وكانت هذه الفترة من الفترات الغنية بالسمر وغناء محمد وردي وشعر محجوب شريف والعمل الثقافي والترفيهي والرياضي.

    وكان أول ضحايا نشاطنا في الحوش مولانا المرحوم محمد ميرغني نقد الذي اصطدم مع الملازم أبنعوف أثناء تنظيمنا لمهرجاننا بمناسبة ثورة أكتوبر فأرسل للزنازين مما جعلنا نضرب عن الطعام وبعد يومين من الإضراب جاء الطبيب مع القمندان الذي حملنا مسؤولية إضرابنا بينما حمله الطبيب وكان اسمه الدكتور صلاح الكردي مسؤولية ما يحدث لنا. وفي الحقيقة كان القمندان محمد عوض الله رجلا طيبا و لا يريد مشاكل فذهب للجنة المعتقلين في السرايا والذين توسطوا في النزاع (كانت لجنة السرايا بها الدكتور خالد حسن التوم وكيل وزارة الصحة الذي فصله نميري بقرار جمهوري قبل يوليو، والأستاذ بدر الدين مدثر القائد البعثي المشهور والذي أصبح فيما بعد عضوا في القيادة القومية لحزب البعث خلفا للأستاذ محمد سليمان الخليفة الذي مات في الطائرة القادمة من العراق لدعم 19 يوليو). وكانت نتيجة الوساطة أن أخرج محمد ميرغني نقد من الزنازين ولكنه لم يعاد لحوش الطوارئ وإنما أرجع للسرايا. كان محمد ميرغني نقد من مثقفي السودان النادرين فإلى جانب معرفته المهنية بالقانون كان يحفظ الشعر العربي والغناء السوداني خاصة أغاني الشفيع وأغاني الحقيبة، كان محدثا بارعا ويملك قدرة على الحكي والتذكر مدهشة، كان قارئا ممتازا وقد توفى بالسرطان عام 1975 وهو لم يزل شابا. وقد أبعد ضمن من أبعدوا إلى شالا في عام 1972 .

    وبينما كنا نحضر للاحتفال بأكتوبر كنت أتجول مع محجوب مشيا (وكانت رياضة المشي منتشرة في المعتقل) وكنا نتناقش حول ما يقال تلك الأيام وسط بعض اليائسين عن أن الشعب السوداني قد ضرب ضربة قاضية وأستسلم وكنا محجوب وأنا نفند مثل تلك الأقوال في مناقشاتنا وفجأة توقف محجوب وقرأ:

    شعبنا يمكن يمهل يوم
    ومش عل طول
    وما حيطول
    أهى الخرطوم صاحية تصحي
    ما بتنوم
    تغلي نجوم
    تغلى هموم
    ريح وسموم
    وكل حقيقة المبدأ
    إرادة الشعب
    إرادة الشعب
    لا تهدى
    ومنها ننتهي ونبدأ
    أكتوبر ديناميتنا
    ديناميتنا ساعة الصفر
    ركيزة بيتنا

    وكانت تلك هي أكتوبر ديناميتنا التي لحنها وردي في حوش الطوارئ بدون عود ودرب عليها المعتقلين وأنشدها أمسية أكتوبر بصوته القوي فسمعته كل الخرطوم بحري.

    كان البرنامج يشمل منافسات في الشطرنج وألعاب الكوتشينة من ويست وكمكان والعاب الفولي والجري وغيرها، إلى جانب ليلة السمر التي قرأ فيها محجوب الشعر وغنى فيها محمد وردي.

    وعقب الاحتفال قررت سلطات السجن نقل محمد وردي إلى مستشفى السجن حيث بقي هناك حتى إطلاق سراحه.

    وقد تعرفت على محمد وردي عن قرب في فترة الطوارئ وكنا قد بدأنا تعارفنا في السرايا وكان يجمعنا حب المتنبئ، ومحمد وردي فنان مثقف محب للقراءة والإطلاع ويجيد الإستماع ويحفظ غناء كثيرا لكثير من الفنانين، غير أنه معجب بشكل خاص يإبراهيم عوض. ولقد كان أحد أسباب صمود المعتقلين في الأيام العصيبة للسجن وكان عندما يطلق صوته بنشيد علي عبد القيوم نحن رفاق الشهداء أو بدرة محمد المكي جيل العطاء فإنه يسمع الخرطوم بحري ويعيد الاطمئنان والأمل للمعتقلين.


    العــودة للسرايـا
    ومثلما نقلنا فجأة لحوش الطوارئ، أعدنا مرة أخرى فجأة للسرايا، وكان العدد قد قل كان ذلك في ديسمبر 1971 فوجدنا أهل السرايا يستعدون للاحتفال برأس السنة وأعياد الاستقلال فانخرطنا نستعد معهم. وكان الأساتذة علي الوراق وعبدا لله علي إبراهيم وجمعة جابر والمخرج إبراهيم الجزولي يعدون ويخرجون فقرات الاحتفال وكتب صلاح يوسف أغنية اسمها رأس السنة يقول مطلعها

    يا رأس السنة
    يالكلك سنا

    ولحنها وغناها السر تابر سكرتير نقابة سواقي الحكومة بصوت يشبه صوت عبد العزيز محمد داؤد وكتب محجوب شريف رائعته

    أهلا أهلا بالأعياد
    مرحب مرحب بالأجداد
    أكتب أكتب يا تاريخ أمجاد أمجاد
    أكتب محضر باسم الشعب
    ورسم الشعب
    وخط الشعب
    ديل الشهداء اتخطوا الزاد
    باسمنا هتفوا
    وبينهم وبين الموت خطوات
    الجايين من قلب الشارع
    والجايين لقلب الشارع من سكنات
    سجل أنحنا
    برغم جرحنا
    إجتزنا المحنة
    ونحن الليلة أشد ثبات
    ونحن بخير
    ونحن وراكم في الجايات
    وشعبنا ليكم بالمرصاد


    وكالعادة لحنها وردي من داخل مستشفى السجن ولقن اللحن للأستاذ ياسر الطيب سكرتير رابطة المعلمين الاشتراكيين والذي أداها مع المجموعة في السرايا. ولهذه القصيدة قصة فقد أرسلت اللجنة المركزية بيانها الشهير عن 19 يوليو (19 يوليو تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه) والذي كان له فعل السحر وسط المعتقلين "الحزب بخير، اللجنة المركزية اجتمعت وأصدرت بيانا" وكانت القصيدة احتفاء محجوب بذلك البيان الذي كان هدية اللجنة المركزية في أعياد الاستقلال.

    وأخرج عبد الله على إبراهيم مشهدا مسرحيا من قصيدة لمحجوب يقول فيها

    صدقنى أنا لا قيتو امبارح
    لا بحلم كنت ولا سارح
    كان باسم وشامخ كالعادة
    نفس الخطوات البمشيها
    نفس الكلمات الوقادة
    كان فاتح قلبه على الشارع
    صحيح أنا قبلك صدقت
    جريت وبكيت لما سمعت
    يوم نفذوا حكم الاعدام
    لكنه بكل تفاصيلو
    جسمو .. لونو .. ضحكو .. صوتو
    مشيهو وطولو
    لاقانى وبحلف متأكد
    لا طيف لا واحد من جيلو
    فوجئت حقيقة وبصراحة
    لو مش أبعادو الشخصية
    والسوق .. الحركة هدير الكارو
    حديث المارة مع الباعة
    والناس، الداخل للبوسته
    الطالع منها، والساعة
    زى سبعة صباحا، والشارع
    مليان عمال وأفندية
    وفى طول الوقت وكنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن كل الحاصل اشاعة
    بس لكنى جريدة قريت أيام المحنة
    سمعت اذاعة
    وكل الزملا الشهدا ، شرفنا
    صانو شرفنا بكل شجاعة
    واستبسالهم كان فى الدنيا
    حديث الساعة
    وشفت بعينى
    فتشو بيتنا وبيت جيرانا
    رفعت ايدى
    مرة الدبشك ، ومرة السنكى
    ومرة زناد ما بين عينى
    دا كلو تمام انا وعشتو
    لحظة بلحظة مشاهد حيه
    بس لكنو هداك قدامى
    كمان شايفنى بعاين لى
    وفي طول الوقت .. كنت بفكر
    امكن بحلم
    امكن امانى
    امكن بشبهو واحد تانى
    وفجأة الصوت اياه .. عرفتو
    عرفتو الما بغبانى
    "يااخينا ازيك"
    اهلا مرحب .. ايوه اتفضل" نادانى
    مشيتلو.. مصدق وما مصدق
    سلمت بقلبى واحضانى
    وشعرت كأنه بيعرفنى
    شعرت كأنه بيقرانى
    راجل نكته عميق ومهذب
    رائع جدا وانسانى
    ولما جمعنى وشجعنى
    سألتو بدهشة عن الحاصل
    قاطعنى .. "بتعنى الاعدام؟
    اعدامنا .. بتقصد اعدام؟
    الموت لو شنقا حتى الموت
    الموت .. لو رميا بالرصاص
    ما هو الموت"
    "الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    الشعب يقرر مين الحى والميت مين
    ونحن عمرنا القدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام
    الحزب .. اليقظة .. الاقدام"
    وبسرعة انكسر الميدان بالناس
    عشرات العشرات
    أطفال .. عمال .. وطليعيين
    وبنات طيبات
    ومنشورات


    وقد أديت فيها من خلف الكواليس فقرة من دفاع الأستاذ عبد الخالق محجوب أمام المحاكم العسكرية والتي قال فيها:

    "اليوم عندما أنظر من وراء هذه السنوات الطويلة أشعر بالسعادة والفخر بفكر تقبلته مختارا وبمنهج سلكته عن اقتناع تام وارتاع لمجرد التفكير في أنني لو لم أكن شيوعيا ماذا كنت أصبح؟"

    وقد سبق العرض المسرحي موكبا كان من المفترض أن يكون صامتا، ولم أعرف ذلك إلا بعد الموكب بوقت طويل، لكني، وبفعل حماس الشباب وتحديه لواقع المعتقل بدأت بالهتاف، فردد المعتقلون الهتافات بصوت داو لا شك انه سمع في أرجاء الخرطوم بحري وتناولته أحاديث العاصمة و كانت النتيجة أن اختار جهاز الأمن وإدارة السجون 44 معتقلا لترحيلهم إلى شالا وزالنجي.

    وقد قال محجوب شريف في تلك المناسبة:

    ودانا لشالا وعزتنا ما شالا
    نحن البلد خيرها ومستقبل أجيالها
    يالماشي زالنجى
    نتلاقى نتلاقى
    ما كلكم باقة
    اتفتحت طاقة
    وإتحدت إذلالها



    محجوب شريف يملأ شالا شعرا

    رغم ذلك فكان الرفاق يعيشون حياة رفاقية ثرة، ينظمون عملهم الثقافي ولياليهم الترفيهية، وكان محجوب شريف يملأ السجن شعرا. نظم محجوب في هذه الفترة قصيدة ودانا لشالا التي ذكرتها سابقا ونظم قصيدة بمناسبة الذكرى الثانية ل19 يوليو قال فيها:

    ملينا الدفتر الأول حنملا الدفتر الثاني بكل عزيز وإنساني
    حنملا الدفتر المليون وتتحول
    رجالا هدوا كتف الموت
    دماهم شمسنا الحية
    أناشيد ثورة يومية
    ولسه ولسه عبد الخالق المقدام
    يقود الصف
    ونحن معاه كف فوق كف
    وهاشم قاطع الحدين
    لسه ولسه يملا العين
    يعيشوا
    يعيشوا ومت يا سفاح
    ومات الموت

    حسير الصوت
    ويا يابا الشفيع الساس
    وضلالة هجير الصيف
    ويا تار البلد جوزيف
    ويا يوليو القلم والسيف
    وضابط حر شديد البأس
    مشينا ونمشي
    ونتحزم بمجد الشعب
    والنبراس



    ونظم محجوب قصيدته الشهيرة عن عبد الخالق والتي يقول فيها:

    إسمو عبد الخالق
    ختاي المزالق
    أب قلبا حجر
    إلا ما عليك يا أرض الوطن
    يا أمه العزيزة
    ختالك ركيزة
    ديمة باقية ليك
    في الحزب الشيوعي
    طيري يا يمامة
    وغني يا حمامة
    بلغي اليتامى
    الخائفين ظلاما
    قولي عبد الخالق حي
    بالسلامة
    في الحزب الشيوعي

    الفارس معلق

    ولا الموت معلق
    حيرنا البطل
    طار بحبلو حلق
    فج الموت وفات
    خلا الموت معلق
    في عيننا بات
    وسط الناس نزل
    بالحزب الشيوعي



    ونظم محجوب قصيدة عن الشفيع قال فيها:

    واحلالي أنا وا حلالي
    أريتو حالك
    يابا حالي
    أموت شهيد نجمي البلالي
    وأخلف إسما لي عيالي

    الشفيع يا فاطمة في الحي
    في المصانع وفي البلد حي
    سكتيها القالت أحي
    ما عماره الأخضر الني
    بدري بكر خضر الحي
    ومات شهيد أنا واحلالي

    يا المصانع يالسكك الحديد
    يا ورش نارها بتقيد
    يا عمال الميناء البعيد
    جروا حبل اليوم السعيد
    وشايفوا قرب أنا واحلالي

    أحمد أحمد تكبر شيل
    إسم أبوك في النجم والنيل
    خط أبوك بالدم النبيل
    كل زهرة وزهرة إكليل
    ومات شهيد أنا واحلالي



    ونظم محجوب قصيدة "مشتاق لك كتير والله" والتي يقول فيها

    مشتاق لك كتير والله
    وللجيران والحلة
    وقام قطر النضال ولا
    وغالي علي أدلا
    محطة محطة بتذكر
    عيونك ونحن في المنفى
    بتذكر مناديلك
    خيوطها الحمرة ما صدفة
    وبتذكر سؤالك لي
    متين جرح البلد يشفى
    ومتين تضحك سما
    الخرطوم حبيبتنا
    ومتين تصفى
    سؤالك كان بعذبنا
    ويقربنا
    ويزيد ما بينا من إلفة
    وأقول يا صباح العين
    بسامحك لو في يوم
    نسيتيني
    بكيت علي
    لو في يوم
    خنت الثورة
    جيت والذل في عيني
    بس لكني
    يا ويلي ياويلي
    أقبل وين لمن أخون صباح العين
    وأخون جيلي
    وأقول لك يا قمر ليلي
    وحاة أمنا الخرطوم
    أشد حيلي
    وأشيل شيلي
    وأموت واقف علي طولي
    وأقول لك يا صباح العين
    على الوعد القديم جايين
    ما بين الثورة والسكين
    شيوعيين وحتى الموت شيوعيين
    وأقول لك يا صباح العين
    بنادق وين
    بتمنعنا العديل والزين
    بنادق وين


    ونظم محجوب أغنيته المدهشة "يا بنوتنا غنن"

    يا بنوتنا غنن
    فارسا (أسدا) هاج وقرقر
    دة لموتو حقر
    أبدا ما مات محقر
    وبالرصاص منقر
    هاشم يا غناي
    وفاروق يا مناي
    ود النور حبابك
    يا سمح السجاي



    ويبدو أن الذاكرة لا تسعفني وأنا أكتب الآن بعد 33 عاما.

    وأخيرا عدنــــــا إلى كوبر
    وفي كوبر بدأت الزيارات بمجرد وصولنا، وكانت أول الزائرات مريم محمود والدة محجوب شريف وكانت تلك الزيارة وراء قصيدة محجوب العظيمة "يا والدة يا مريم"،والتي يقول فيها:

    يا والدة يامريم
    يا عامرة حنية
    أنا عندي زيك كم
    يا طيبة النية
    مشتاق وما بندم
    إصبري شوية
    يا والدة يا مريم
    ماني الوليد العاق
    لا خنت لا سراق
    والعسكري الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم
    والديرو ما بنتم
    ياوالده يا مريم
    ما بركب السرجين
    وماني زول وشين
    يا والده دينك كم
    دين الوطن كمين
    ما شفتي ود الزين
    الكان وحيد أمو
    ماليله كان العين
    قالولو ناسك كم
    ورينا ناسك ورين
    ورينا شان تسلم
    العودو خاتي الشق
    ما قال وحاتك طق
    تب ما وقف بين بين
    لموتو إتقدم
    وأنا ما بجيب الشين
    أنا ما بخت الشين
    أنا سقوني الدم
    يما السجن مليان
    رجاله ما بتنداس
    الشالو هم الناس
    والفات وليدا ليه
    ما مسكو الكراس
    ما سمعو بتكلم
    ما نحنا عود الفاس
    فرسان حمى وحراس
    في الحاره نتحرم
    عشم القدر ما كاس
    ما لاقى بيت يتلم
    عشم الطواه الجوع
    المتعب المعدم
    ما تقولي شن سويت
    ما تبكي ما سويت
    إلا البطمن ناس
    بهمهم حسيت
    حارس مع الفرسان
    حارس بلدنا البيت
    أخواني علو السور
    وأنا طوبه ما ختيت
    ديل من زمن تاتيت
    لامن كتبت قريت
    وعرفته ياما يدر
    يمه اللبن والزيت
    الكسرة والكراس
    لقشة الكبريت
    وتقولي جيدا جيت
    يا وليدي جيدا جيت
    راجع مع الفرسان
    فايت الحدود واسيت
    وتغني يا مريوم
    لينا وتجري النم
    والعسكري الفراق
    بين قلبك الساساق
    وبيني هو البندم
    والدايروا ما بنتم
    ياوالده يا مريم



    كما كتب أغنيته "غني يا خرطوم غني وشدي أوتار التمني" والتي يقول فيها:

    غني يا خرطوم وغني
    شدي أوتار التمني
    ضوي من جبهة شهيدك
    أمسياتك واطمئني
    ونحنا يا ست الحبايب
    من ثمارك
    في دروب الليل نهارك
    وقبل ما يطول انتظارك
    نحنا جينا
    وديل أنحنا
    القالوا متنا
    وقالوا فتنا
    وقالوا للناس إنتهينا
    جينا زي ما كنا
    حضنك إحتوينا



    وكانت الزيارة الثانية هي لحاجة العافية والدة المرحوم محمد خلف الله والعافية هي أحد أشهر زوار المعتقل وكانت هي وزوجة محمد (التي للأسف لا أذكر اسمها الآن) قد زارا محمد في زالنجي وأحضرا للمعتقلين الزاد والأخبار.

    وقضينا أسبوعين بالحبس الانفرادي زارنا فيهم اللواء أحمد صالح البشير مدير السجون مرتين. وأذكر أنه عندما جاء في المرة الأولى كنت أنا في الصف الثالث من الزنازين، ولكني استطعت إقناع شاويش سيد احمد لترحيلي للصف الأولى لأن زنزانتي كان بها فار، فسألني أحمد صالح لماذا غيرت زنزانتي فقلت بها فار فقال "ديل فيران الحكومة خاتينهم مخصوص ليكم".

    ونحن بالبحريات تم اعتقال عدد من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي فأحضر معنا السيد عبد الماجد أبو حسبو والسيد حسن حمد وسمعنا عن اعتقال الأمير ألاي عبد الرحيم محمد خير شنان


    ------------------------

    محجوب شريف والعجوز والفصل: بخت الرضا المضادة ..

    بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:26


    "من كتابي: بخت الرضا: الاستعمار والتعليم ، دار الخرطوم للصحافة والنشر، 2103 "

    وددت لو عطلنا إعجابنا المشروع بمحجوب شريف الشاعر الثوري إلى حين لنعجب بمحجوب شريف التربوي. ومحجوب من غرس بخت الرضا. فقد تدرب كمدرس أولية على سنة بخت الرضا ومنهجها. ودرس بالمدارس الأولية زمناً وما زال محجوب في قرارة نفسه مدرساً قبل أن يكون شاعراً. ربما. ومن المؤكد أنه أحب من بخت الرضا أشياء وكره منها أشياء كثيرة من غير تصريح او تنظير. وقد بدا لي دائماً في تجاربه التربوية في مدرسة الأحفاد في التسعينات وفي مؤسسته "نفاج" ، التي يديرها بالتعاون مع مركز عبد الكريم ميرغني، أنه "بخت الرضا المضادة". وتمثل تضاده لبخت الرضا في مسألتين. فهو أولاً شديد الاقتناع أن محيط المدرسة السودانية عامر بالثقافة لا كنصوص فحسب بل كممارسة في الأريحية والفضل والتراحم ورباطة الجأش وغيرها. وهو خلافاً لبخت الرضا، التي بخست قدر السودانيين من الثقافة، يريد لتلاميذه أن يتصلوا بتلك الثقافة نصاً وممارسة، لكي ينشأوا على خلق عظيم. وقد سبق له أن قال ذلك شعراً: "والشارع مدرسة شعبية". ومن الجهة الأخرى استقدم محجوب إلى دائرة التعليم معلمين ومادة غير ما اتفق لبخت الرضا. فقد ألف بين الصغار والحبوبة الراوية الحجاية بصورة لم يسبق إليها كما وضع نصوصاً لم ينظر فيها إلى محفوظات بخت رضا المستكرهة كما رأينا عبد الله الطيب يصفها. وطلب في كل ذلك أن يستثير خيال الأطفال حول وقائع محيطهم الاجتماعي حتى تنطبع فيهم انطباعاً حسناً وتبقى فيهم ينبوعاً للرجاحة في طلب التغيير والخير لبلدهم.
    تعين محجوب معلماً بمدرسة الأساس بالأحفاد في التسعينات الأولى برغبة من مجلس الآباء بعد فصله للصالح العام بعد قيام دولة الإنقاذ. وقد وفرت له المدرسة مناخاً طليقاً يجرب فيه "مدرسته المفتوحة على الشارع" أو "مسرح الشارع" كما وصفها ضاحكاً. وسنرى هنا صورة لتجربة تربوية ربما تطرف فيها محجوب سباحة ضد تيار بخت الرضا. فلم تكن حصص محجوب تنعقد في فصل بحيطان معلومة. فقد كسر محجوب الحائط الرابع، بلغة المسرح، وراح يأخذ تلاميذه إلى الطرقات ليتلقوا العلم مما أفاء به الله على أهلهم العاديين. وهو علم ازدرته بخت الرضا وساء ظنها فيه (أو أساءت تقديره بالأحرى) حين وصفت مجتمع المدرسة بالخلو من الثقافة. وقد ساقتها هذه الخلاصة المجازفة عن ثقافة السودانيين إلى الاستثمار في المدرسة لجعلها المؤسسة الغنية لمجتمع معلم الله من المعرفة كما رأينا. فمتي سار محجوب مع تلاميذه في الشارع كان يعلمهم قاعدة المفرد والمثنى والجمع بجعلهم يعدون شبابيك منزل ما: شباك شبكان شبابيك. أو ربما أطلعهم على مترادفات شباك مثل "نافذة: نافذتان ونوافذ". وكان لمحجوب مطلباً أبعد من مجرد قواعد النحو. فهو كان يريد لهم أن يأمنوا للشارع: لسابلته ولخلطته وضوضائه ولغته، أي لوطنهم. فحدثنى عن كيف اعترض مسارهم يوماً ###### نابح ارتعدت فرائص التلاميذ منه. ولكن سرعان ما خرجت صاحبة ال######، وكانت فيها بسطة في الجسم، وقالت لهم ألا يخافوه فهو ###### هادئ لا يعض. ورد عليها تلميذ أنه ربما لم يعضها لأنها سمينة. فواصلت تطمئن التلاميذ على وداعة ال######. وقال محجوب إنه اعتبر هذه الواقعة درساً في طمأنينة التلاميذ لحقائق شارعهم وأهلهم. وما أبلغه من درس.
    وحدثني محجوب عن لقاء آخر لفصله بامرأة. وكانت مسنة. ولما طلبوا الحديث إليها أنزلت قفتها من على رأسها وجلست على مصطبة أحد المنازل. وكان محجوب ينتهز حديث المرأة لتلاميذه لتوسيع مدركهم اللغوي وبيان قواعد العربية لهم. فهو يتسقط ألف المد وواوه وغيرها من حوار الفصل والعجوز ويشرح نحوها. ولابد أن ذلك كان يوماً سعيداً للعجوز أنست إلى أحفاد لم تتصور أن تلقاهم أو أن يهتموا بها. وبينما هم جلوس جاء صاحب المنزل يحمل عصيراً في حفاظة سقى العجوز والفصل. وقال لي محجوب إن الذي سيبقى مع هؤلاء التلاميذ ما عاشوا هو أريحية العجوز السعيدة بهم وبأسئلتهم وأريحية هذا المضيف الذي سقاهم شراباً طهورا طرباً بلقاء الأجيال على مصطبته.
    والوجه الآخر لتضاد محجوب مع بخت الرضا أنه أثرى طاقم التدريس بجمع التلاميذ بالحبوبة كمثقفة ومدرسة. وقد تناغم محجوب، درى أو لم يدر، في هذا الجراءة مع دعوة عبد الله الطيب لبدء تعليم العربية بالحكايات الشعبية كما رأينا في بابنا عنه في هذا الكتاب. وقد توافر لمحجوب أن يدعو الحبوبة لتدلي بدلوها التربوي في تجربته "نفاج" وهي ورشة لصناعة الخيال المحض بالحارة 21 بالثورة أم درمان. ومن عناصر خطة محجوب لإطلاق شراع خيال الأطفال المحرومين أنه يجمع "الهكر" من البيوت ويبذله لهؤلاء لأطفال في ورشة نفاج ليجعلوه خلقاً جديداً ويعرضونه للبيع. وقد اقتنى محجوب البص أصلاً كمكتبة متحركة تطوف بالأحياء المزقولة والمطرودة ليبلغ الكتاب أطفالها. ومحجوب يحتفظ لمدرسة بخت الرضا التقليدية بالجميل لجعلها المكتبة مرفقاً مركزياً في التعليم. والمعروف أنه قام بمشروع ناجح لاستعادة المكتبة المدرسية خلال عمله بقسم المناشط التربوية بمدينة أم درمان بعد انتفاضة أبريل 1985. وهو مشروع يفخر به ويذكر بالعرفان الزمالة العظيمة التي اكتنفته بقسم المناشط حتى أثمر.
    ومن الجهة الأخرى فقد استبدل محجوب محفوظات رضا المستكرهة كما وصفها عبد الله الطيب من مثل" أشرقت شمس الضحى" ببعض تآليفه من الشعر السائغ الذي اشتهر به. فقد كتب لتلاميذ مدرسة إلأحفاد أساس نشيداً صار علماً للمدرسة:
    البنت والولد
    لرفعة البلد
    كلاهما غداً يزيدنا عدد
    كلاهما غداً لمجده مدد
    أو في قول أم عن ولدها "أحمد"::
    أحمد جاء
    نكتب اسمو نتهجاه
    ما قصر معاي في البيت
    ولا خلانا نترجاه
    فالح ربنا يخليه
    ومن شر الكضب ينجاه
    أبويا أنا جدكم رباه
    زمانك، نَوّمو وحجاه
    وقد صدر بعض هذا الشعر في كاسيت معروض للبيع.

    إن محجوب معدن تربوي لا ينضب. وقد غطت ثوريته الشعرية على أخطر ثوريات محجوب طرا. وهي تلك التي ترخي لخيال التلاميذ أعنة الطلاقة. فقد بدأ من بخت الرضا ورأى انغلاق تجربتها عن مرجعية الشارع السوداني. ولتنميه هذا الخيال كسر محجوب الفصل المدرسي طق. وهذه ثورة الشاعر على "اعتقال الخيال" التحفظي. فالشاعر وحده الذي يرى الخيال كاستثمار مضمون الريع بينما تأتمر عليه كل القوى الأخرى مثل الحكومة والأحزاب والعائلة والمدرسة. فكلها تأتمر عليه تريد تدجينه أو تلويثه لصالحها.


    ---------------------------
    مدرسة محجوب شريف: لتعليم القيم والأخلاق والصمود والصفات النادرة ! .

    . بقلم: عصام بابكر فايت



    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:19

    من أقدار هذا الزمان و هذا الوطن أن يترجل الفارس محجوب الشربف عن صهوة جواده في الذكري التاسعة و العشرون لذكري انتفاضة السادس من أبريل العظيمة 1985 ، عاش محجوب محبوبا و شريفا و فقيرا, و قد كان لاتساق مواقفه السياسية و الاجتماعية مع المبادئ الكوكبية التي تنادي بالكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية و السلام ، مع مواقفه الشخصية ، أن أصبح رمزا و قائدا و ملهما للشعب السوداني الحر و استحق بذلك لقب شاعر الشعب و لقب المثقف الحر و الناطق الرسمي باسم الكادحين.
    ان أكثر الذين خرجوا لتشيع جثمانه أمسية الأربعاء الثاني من أبريل 2014 لم يكونوا قد وفدوا الي الحياة حينما كتب المحجوب الشريف مارسليز الشعب الحر.....( يا شعبا لهبك ثوريتك ...عمق احساسك في حريتك..... يبقي ملامح في ذريتك ...... ديل أولادك ...) !!!! هؤلاء هم الشعب و هؤلاء هم الذرية وهؤلاء هم الأولاد الذين ذكرهم محجوب في هذه القصيدة ..... جميعهم قاموا بتشيعه الي مثواه الاخير ... و كأنهم كانوا يقولون له : نحن هنا و قد استلهمنا العبر و الدروس و التجارب و نحن هنا لنكمل المشوار الذي بدأته و سوف نكمله ، بعد أن رسمت لنا خطوطه العريضة نحو التحرر و الانعتاق من شوائب الدهر و نواقص الحياة و زيف المتملقين و المتهافتين .
    ان مدرسة هذا الشاعر الضخم ( كان الأستاذ الطيب صالح يطلق هذا اللقب علي الشاعر محمد المهدي المجذوب ) لهي مدرسة تستحق أن تعمم علي الكوكب بأسره ، و لا يجب أن تقتصر علي الرقعة الجغرافية المسماة بالسودان.
    ان استخدام محجوب الشريف للعامية السودانية في أشعاره بهذه العذوبة و الفصاحة ، سوف ينقلها يوما ما الي العالمية ، فكما نقل الطيب صالح دراجيتنا السودانية الي أكثرمن مائة لغة ، سوف يأتي اليوم الذي تترجم فيه أشعار و معاني محجوب الشريف الي الكوكب، لأن قصائد محجوب الشريف عبارة عن مانفيستو للشعوب الحرة التي تبحث عن الكرامة و العزة و الحياة الانسانية الكريمة ، فهي قصائد مشبعة بالقيم الفاضلة ( يا بت كفتيرة ...أحسن من غيرا ..) ..( لا أخاف الموت ..و لكني أخاف أن يموت لحظة ضميري ..) ...( ماك الوليد العاق ... لا خنت لا سراق ..).
    ان مدرسة محجوب شريف ..... تتسم بالصدق و ابراز الفضائل في المجتمع ، و تحث علي التزين بالصفات الجميلة و الأخلاق الحميدة ، لذلك جاءت معبرة عن الوجدان السليم ، لم تكن قصائده سياسية جافة و صعبة و لكنها كانت عذبة و ندية و سهلة الكلام عميقة المعاني ..... جاءت تعبيرا عن ما يجيش به صدر محمد أحمد من أمنيات مشروعة ، هي أبسط حق من حقوق الانسان ....... (....حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي .....) وطن ( حدادي مدادي ) !!
    من بعدك - يا محجوب - يستطيع أن يكتب لنا ( بلا و انجلا ...انهد كتف المقصلا ...) بعد أن ينجلي هذا البلاء.
    [email protected]


    -----------------------

    محجوب الشريف العفيف النظيف ..

    بقلم: بدرالدين حسن علي




    الجمعة, 04 نيسان/أبريل 2014 06:18



    أشكر كل من واساني وعزاني وفي مقدمتهم كريمتي مهيرة وشقيقي الأكبر محجوب ، ولجميعهم قلت" الموت حق والحياة باطلة !" ولكن الشاعر الحقيقي لا يموت ، أرجو أن تعذروني ألا أكتب عنه الآن ولكن لاحقا سأفعل ، و لأول مرة في تاريخ حياتي مع الكتابة ومع الحزن ومع الدموع والبكاء تغلبني الكتابة ، حاولت جاهدا السيطرة على مشاعري بعد غياب محجوب الشريف العفيف النظيف ففشلت ، ليس هذا فقط بل فشلت حتى أن أفعل شيئا ، ويبدو أني لو كتبت فسيكون شيئا مصطنعا لا قيمة له ، لذا فمن الأفضل أن لا أكتب ، ماذا أكتب ؟ وكيف أكتب ؟ وهل يمكن للكتابة أن تداوي الجرح النازف في كل
    مسامي ؟ بدا لي بعد غياب المحبوب الشريف النظيف العفيف كل شيء خواء وكلام فارغ وهتش ، ومع ذلك إكتفيت بقراءة ما يكتبه الأصدقاء الموجوعون حقيقة برحيله المؤلم ، قرأت وقرأت وقرأت ولكن كل ذلك لم ينفعني ، لأن الحزن والألم والبكاء وكل الكلمات التي يمكن أن تقال لا تعني شيء ، رحل عني أعز الناس ولكن رحيل " أبو مي ومريم " شيء مختلف ، هاتفته قبل رحيله بيوم واحد وقال لي : أريد أن أسألك سؤالا واحدا : هل تذكر يوم فرحي من أميرة ؟
    قلت له نعم أذكره وكان بدار المعلمين
    وهل تذكر أنك كنت مقدم الحفلة ؟ قلت له نعم وكانت الحفلة بمحمد الأمين وأذكر عندما قدمته بدأ بأغنية " حروف إسمك " ولكن قبل أن يبدأ الغناء قلت :
    -حروف إسمك أ م ي ر ة جمال الفال
    وهجعة م ح ج و ب بعد ترحال
    -قال لي ما شاء الله ذاكرتك لسه قويه !!
    -قلت له وأذكر أيضا أن " شيلتك " كانت مصحف
    -وما هو لونه ؟
    -قلت له : كان أحمر
    -قال لي :ما شاء الله لسه ذاكرتك قوية
    -قلت له : شوف يا اخوي لا إنت ولا أميرة ولا كمال الجزولي بتتنسو
    بالأمس داهمتني قصيدته الأخيرة

    قريبا جدا سأزورك في أحمد شرفي حيث مقابر جميع أفراد أسرتي وأضع على
    " قبرك كسرة وملاح شرموط


    -----------------------
    ما حضرت معانا العيد يا محجوب ..

    بقلم: محمد المكي إبراهيم



    الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 11:00










    [email protected]



    قال لي الياس فتح الرحمن ان محجوب شريف سمع انك بالبلد ويريد ان يراك.
    - وانا ايضا اريد ان اراه
    وكان معنا صديقنا المهندس عمر ياجي فأخذنا في سيارته رباعية الدفع وانطلق في طريق هو في مبلغ علمي يؤدي الى ناحية الحاج يوسف ولكنهم قالوا انه سيؤدي بنا الى مدينة الثورة ولم يفارقني الاحساس بأننا على الطريق الخطأ الا عندما انعطفنا جهة الشمال فاطلت الحلفايا ثم جسرها الجديد ووجدنا انفسنا في مدينة الثورة.وبعد سؤال او سؤالين اهتدينا الى منزل الشاعر

    كان سرير مرضه منصوبا له في نهاية صالونه الواسع لكنه لا يكاد يستقر فيه فهو في حركة دائبة وفرفشة لا تنتهي ومطايبة لزواره كأنهم هم المرضى ومحور الاهتمام.والواقع انه لم يكن عليه من دلائل المرض سوى الشيب والنحافة الشديدة وانبوب الاوكسجين الملتصق بأنفه طيلة الوقت.
    كان معه حسن الجزولي والفنان وردي الصغير والمهندس عثمان الخير بالاضافة الى سيدات الدار.
    يسألني:
    -كيف احوالك..كيف صحتك
    وبعد قليل
    - تعال نأخذ صورة مع بعض
    و بعد قليل
    - غنينا يا عبد اللطيف(الاسم الحقيقي لوردي الصغير)
    ويتغني عبد اللطيف بأغنية عذبة كتب كلماتها الشاعر المريض ثم ينطلق اثرها بنشيد اكتوبري مما كتبت في ايام السعادة الذاهبة ولا يخفى على ان ذلك بايعاز من محجوب على سبيل الترحيب بزيارتي الاولى لداره .
    ا قول في نفسي:لمحجوب صفات تليق بالقديسين ..جئنا نعوده ونطمئن عليه فاذا هو الذي يعودنا ويطمئن علينا., جئنا نعرب له عن المحبة فأعرب لنا عن محبة اكبر وأوسع مدى.وأقول في نفسي بمثل هذه السعادة وهؤلاء الاصدقاء سيعيش الى الابد
    ثم جاء الطعام بسيطا وشهيا ومشفوعا بأسمى آداب المؤاكلة السودانية..خذ من هذا..جرب هذا..اميرة تزعل اذا لم تأكل من هذا.
    لطف وذوق وايثارواهتمام بالآخراكثر بالف الف مرة من الاهتمام بالنفس.وفي معارفي المتواضعة ان الرجل يتحول الى الانانية وتقديم الذات في حالتين:حال التقدم في العمر وحال المرض.الا صديقنا الشاعر فقد جعل المرض وراء ظهره وراح يحتفي بالاخرين
    في لحظات الوداع سار معنا حتى الشارع واطلعنا على ناحية مسورة اصطفت عليها مئات من أصايص النبات من ظليات وعصاريات قال انهم سيشاركون بها في معرض الزهور القادم وسيوزعونها بالمجان او على حد قوله الضاحك
    - ما كمان الغبش ديل لازم يستمتعوا مع الناس بالزهور والحاجات ال كده.
    كان ذلك جزءا من مشروعه الكبير لرد الجميل للشعب الذي احبه والذي اطلق لسانه باجمل الاشعار.
    والآن لا استطيع ان اتذكر محجوبا دون ان اذكر ما دار في تلك الليلة في داره والافكار الكثيرة التي ادخلها في جناني ذلك اللقاء الاخير.


    انا والراحل العزيز ابناء جيل واحد(اذا تسامحنا قليلا في تعريف الجيل)
    عشنا نفس العهود وخضعنا لنفس المؤثرات وقاسينا من سيطرة الدكتاتوريات على مصائرنا واقدارنا وبالتالي على انتاجنا الابداعي كما وكيفا.واذا خصمنا من ذلك العمر سبعة واربعين عاما (6+16+25) من انعدام الحرية فان ما يتبقى جد قليل وغير كاف لاحداث النضوج الفكري والفني المطلوب لمن يريد ان يرتقي الى مصاف الشعراء والكتاب العظام.
    حياة من البؤس صمد لها الراحل العزيز صمود الابطال الاسطوريين وأزهر شعره الرائع في زنازينهم كما قال في احدى روائعه ولكنه سدد فاتورة تمرده من صحته الشخصية ومن رفاهية عائلته ولولا بذرة العبقرية التي حباه بها الله لما كتب ولا عشر معشار ما كتب من الشعر

    الخالد الصالح لمقارعة الدكتاتورية في كل مكان وزمان .
    لكم تمنيت لمحجوب ان يفرح الفرحة الكبرى صبيحة انتصار شعبه ولكن ارا دة الله الغلابة شاءت ان لايتم ذلك وان لايحضرمعنا عيد الديموقراطية القادم وان لانستمتع معه برائعة اخرى من طراز
    (بلا وانجلى)
    والله نسأل ان يعوضه عن عذابات عمره بصحبة الاكرمين المقبولين عنده تعالى وا ن ينزل السكينة على عائلته المكلومة وكافة محبيه ومعجبيه ومتذوقي شعره النبيل.

    (عدل بواسطة الكيك on 04-04-2014, 10:14 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:01 AM
  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:09 AM
    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:14 AM
      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 06:49 AM
        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 09:37 AM
          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق مني عمسيب04-03-14, 09:48 AM
            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:17 AM
              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 11:08 AM
                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق اسماعيل عبد الله محمد04-03-14, 11:17 AM
                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الزنجي04-03-14, 11:22 AM
                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق عبدالله عثمان04-03-14, 12:21 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:17 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-03-14, 10:37 PM
                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق محمد علي عثمان04-03-14, 10:39 PM
                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق Mohamed Adam04-04-14, 04:32 AM
                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 10:05 AM
                              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 06:25 PM
                                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-04-14, 10:48 PM
                                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق bashir kurdufan04-05-14, 01:22 AM
                                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-05-14, 09:29 AM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-05-14, 10:23 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 06:50 AM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 09:52 AM
  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق المكاشفي الخضر الطاهر04-06-14, 10:17 AM
    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 10:36 AM
      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-06-14, 10:17 PM
        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-07-14, 09:06 AM
          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-07-14, 05:49 PM
            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-08-14, 08:08 AM
              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق مني عمسيب04-08-14, 08:13 AM
                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-08-14, 10:09 PM
                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-09-14, 08:43 PM
                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-10-14, 11:24 PM
                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-10-14, 11:39 PM
                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-11-14, 03:09 PM
                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-12-14, 10:17 PM
                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-14-14, 08:48 AM
                              Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-14-14, 10:52 PM
                                Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-15-14, 10:39 AM
                                  Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-18-14, 05:56 PM
                                    Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-21-14, 10:10 AM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-23-14, 11:16 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-24-14, 10:55 PM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-27-14, 10:25 PM
                                      Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك04-29-14, 06:37 AM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-04-14, 06:47 PM
                                          Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-06-14, 10:58 PM
                                            Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-06-14, 11:11 PM
                                        Re: محجوب شريف ...صاحب الخلق النبيل ..ونصير الضعفاء ..الوطنى الجسور ...توثيق الكيك05-07-14, 11:47 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de