ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 10:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-26-2013, 10:01 PM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي (Re: ياسر السر)

    الأخ ياسر السر، دمت يا أخي في حفظ الله ، و دامت محبتك الخالصة لميرغني، فهو إنسان لا تملك إلا أن تعجب به وتحبه وتتمنى لو تقضي العمر كله بجواره يسامرك ويطربك بحلو حديثه وعمق معرفته ورجاحة عقله وتدفق نبله، و لطيف خلقه..
    شاءت إرادة الله أن يسبقه ابنه مازن إلى فيض وكرم المولى عز و جل.. فكتب ميرغني قطعة أدبية يودع بها مازن.. قطعة ستكون يوما من أروع ما كتب الآباء عن فلذات أكبادهم...
    يقول ميرغني في مرثية الحلم الجميل :

    علمتني الصدق الجارح، وشفافية الأشياء دون ضجيج أو استعلاء، وزاوجت بين الكلمة والفعل، وتحررت من ازدواجية قاتلة ومقيتة .هنالك من يغازل الحقيقة كثيرا دون أن يفلح في الاقتران بها، إلا انك قد اقترنت بها صنواً ونداً، وقع الحافر على الحافر. أهداك برومثيوس قبساً من شعلته المقدسة، فبددت بها العتمة، وسبرت غور الأشياء والناس، لكنك كنت تنوء بصخرة سيزيف .

    لماذا غادرتنا خلسة دونما وداع، يا أخا الصفاء يا مازن. غمرني ذلك الشعور البغيض قبل رحيلك، وأثقل على خوف غامض مبهم. صهيل الكارثةـ لم أكن أعلم أن الفارس آثر أن يترجل ليمضي بعيدا في الغياب السرمدي. كان حدسي يشي بذلك، وقد ناء صدري بحمل ثقيل، وأنفاسي متقطعة لاهثة .

    كنت في تلك اللحظة تقاوم حشرجة الموت وغرغرته، وقد استأسد عليك. مسجياً على السرير الأبيض. أستعيد أوراق الغرفة 8 لأمل دنقل :

    عم صباحاً أيها الصقر المجنح
    عم صباحاً
    سنة تمضي وأخرى سوف تأتي
    فمتى يقبل موتي
    قبل أن أصبح مثل الصقر صقراً مستباحاً ؟

    وقد تقاطر على المستشفى رهط كثير ضاق بهم المكان على سعته. لا يعرفونك، ولكنهم يعرفونك نقي السيرة والسريرة عفيف اليد واللسان (... تعف عند المغنم)، في وقت أصبحت فيه المغانم بضاعة مزجاة على قارعة الطريق في المدن اليباب التي تعج بالنفايات وبالعقم.

    جلست إلى جوارك كسيراً مجروحاً، وقد استبد بي الحزن، هصرتني الفجيعة. شبح الموت يحلق فوقك، وتناوشك يد المنون، وأنا متأرجح بين الخوف والرجاء. أتوسل للعزيز الجبار في ضراعة واستجداء، ولساني يلهث بالدعاء، أن يعيدك سيرتك الأولى، قويا فتيا، تمور بالصحة والعافية، مفعم بذلك الفوران والتدفق. أستعيد الآن حيويتك في التايكندو، وتسيدك في ملاعب التنس، أداء بارع يفيض بالحيوية وقد حصدت كأس المجمعات السكنية في مباريات حمى فيها وطيس المنافسة. كأسك ينتصب أمامي الآن كما تزينت الجدران بسجل نبوغك المبكر ( المنارات، نجد، مدرسة بلوريدش وجامعة تنسي ). أغوص في عينيك الغافيتين، أناديك، ترخي السمع، لكنك تذهب بعيدا في صمتك النبيل، فقد أزمعت الرحيل. باسمك كان يبدأ حلمي. استصرخك " يا مازناه ... يا مازناه " ألا تنطفئ حتى تظل شعلة برومثيوس متقدة. كنا نسقط أحيانا من بؤر الكلمات الضحلة، واللغة السقيمة والزمن اليباب، وحين أراك، يا وضاح المحيا، ينبت في أيدينا نرجس الحياة ويخضوضر عشب الأرض. في تلك الغرفة التي تختلط فيها الأنفاس المتحشرجة برائحة العقاقير وهمهمة الأطباء، وحفيف أجهزة الإنعاش وهي تواجه قلباً مثخناً أنهكه المرض وهده الإعياء وطول التنقل بين العيادات والمستشفيات في قارات أربع، وأطباء يلهجون بلغات مختلفة. لكنه قلب أنعشه عبير الأمكنة وضمخته الأشياء الجميلة، وأضناه الشوق والتوق لعالم ليس فيه متكأ لزيف أو أقنعة. هل كان بك مس من اليوتوبيا والفكر الحالم الزاهي كحال أبيك الذي بدأ رحلة خريف العمر ولم يحصد غير هشيم الأحلام الكبرى وانكسار المشاريع الإنسانية وسقوطها المدوي وهي التي صاغها فكر وردي محلق وجانح. هل اقلب البوم الخسارة لعباس بيضون في تلك الغرفة الموحشة، وأشبه بالأقبية الرطبة، الملبدة بغيوم الموت ومزن الرزايا، داهمني إحساس مراوغ و جارف أن ما أراه أضغاث أحلام وكابوس مزعج سيمضي مدحورا، والموت لن يهزم " فارس الحوبة"، وستعود إلينا، لتبعث فينا ذلك الإحساس المفعم بعظمة الحياة بنبلها وكيدها، وشموخ الإنسان، والأحلام اليانعة الصغيرة، والشعور بالتفاؤل المديد و الوريف :

    " لا اعرف أيهما أكثر إستبسالا
    الروح أم الجسد ؟
    كلاهما كان يصهل "

    كلاهما خذلاني، وكان شعورا مخاتلا وكذوبا، لأن القدر أحكم قبضته، وأنت بين حجري الرحا، لا فرار ولامناص. أيقنت لحظتها أنك مفارق. أزمعت السفر وتتعجل الرحيل، ونحن نستبطؤه، علنا نستزيد من نبوغك ووعيك الشقي المبكر، نكمل مشوارنا معاً، ونواصل ذلك الحوار الحميم والنبيل لنعيد للأيام بهاءها ونضرتها بعقل طفولي مشاغب، ومبدع. " هل تسافر حتى تبتعد
    عن المكان الذي أنجبنا لترى الجهة الأخرى من الكون، بحثاً عن طفولاتنا، وعن ولادات لم تحدث بعد. تسافر حتى تكتمل الأبجديات الناقصة، تبتعد كالشفق الذي يرافقنا ويودعنا " .
    انفجر الحزن شلالات وأنهارا، وفاضت المآقي بدمع لا يكفكف " يا كمين بشر " "ودمع نازل كالمزن في الهملان ". ودخلت الرياض والأبيض والعيلفون " بيت الحبس "، وارتاح الموت وهدأ إعصاره المزمجر حين أسكتك، وكنت قبلها في " جفن الردى وهو نائم."

    أبكيك أيها الحاضر الغائب، يا ريحانة حياتي وخلي الوفي. في القلب لوعة وندوب، وبالنفس جراح غائرة. أبكيك أيها الابن والصديق الحميم والهميم. معا تعلمنا حب مصطفى سيد احمد حين أقام معنا في الرياض وأرملته الثكلى بثينة. مصطفى، وبصوته الشجي الندي تدوزنا ( يا الدوزنت عصب الزمن الأشتر). مصطفى الذي أنشدته عفاف الصادق " يا الكحلت عيون الدنيا بلون الغنوة ... يا الضفرت ضفاير إحساس الكلمة الحلوة ". عشقنا معا سيرة مصطفى، نتسقط أخباره، ونمضي معه في حله وترحاله، وهو يشمخ في أعيننا. ملحمة في حياته وموته. أصبح غناؤه خبزنا اليومي، ولنا غذاء الروح والجسد. كنت أكثر عشقا لمصطفى، وأصبحت متيما كلفا بغنائه. غادر مصطفى مبكراً واقتفيت أنت خطوه. مصادفة أم تواطؤ غير معلن مع المرض والسقم. جمعت بينكما تراجيديا الكلى الفاشلة ومآلاتها الكارثية. هل يرحل المبدعون والنابغون عن هذه الحياة المقفرة مبكراً، ويتركون للآخرين جدب الأشياء و قحطها. لا يبزك أحد في حفظ تلك المقاطع البديعة والمفردات ذات الجرس العالي، وهي مقاطع ومفردات استعصى فهمها على البعض لما فيها من ترميز وإيحاءات ودلالات، وخطاب شعري جديد خرج على المألوف، وتواطأ على العادي. سكنتك تلك الروح الجانحة دوماً لثقافة التسامح وقيمه لأن في السودان متسع للجميع. هل كان محمود درويش صوتك المضمر، وهو ينشد:

    قد يجد الباحثون عن الجوهر البشري
    مقاعد كافية للجميع.. .
    هنا هامش يتقدم، أو مركز يتراجع،
    لا الشرق شرق تماما، ولا الغرب غرب تماما،
    فان الهوية مفتوحة للتعدد
    لا خنادق أو بيارق

    همست في أذني يوما بصوتك الندي الحميم أحد مقاطع مصطفى، ونحن نجتاز ذلك البهو الفسيح بناسه ( أو كما قال شاعرنا محجوب شريف (المكان بالناس )
    " غايتو أمشي في الدرب البطابق فيهو خطوك صوت حوافرك " .
    لم التقط إيماءات المفردة ومحمولاتها. هل كان في أذني وقر ؟ أسعفتني بالشروح لأنك تستبطن المعاني، وتفك شفرة الالتباس ومعاندة المبهم، ومشاكسة المألوف والتحرش بالعادي .

    كنت قمة في التسامح رغم عمرك الغض ويفاعة سنك، وقامة سامقة في أدب الاختلاف وحوار الآخر. تعلمنا أن نكبح جماح الأنا المفرط، ونحترم متعة الإصغاء للآخر المختلف. افتقدك الآن في زمن الحيف والغشامة والغشاوة والعشى اليومي المزمن ونبكيك بدمع سخين .
    حزني كبير عليك يا مازن، يا ثمرة قلبي ورمانة فؤادي. من ذا يدثرنا بريش حنانك، ويزملنا بوشاح نبلك .

    " أن الرزية لا رزية مثلها : فقدان كل أخ كضوء الكوكب "
    ها هي الخنساء تبكيك وتذيع شيمك وكرم خصالك بين الناس .

    بعدك فقدنا القدرة على الحزن لشدة ما حزنا، وفقدنا القدرة على البكاء لشدة مابكينا كما قال دوريش في وداع أستاذه ورفيقه أميل حبيبي صاحب " سداسية الأيام الستة " وسعيد أبو النحس المتشائل " .

    فلترتقي مكانك بين الصديقين والشهداء ، وليسبغ عليك الله شآبيب الرحمة .

    ميرغني عبدالله مالك ( أبو مازن )


    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 09-26-2013, 10:14 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي الأمين عبد الرحمن عيسى09-21-13, 04:27 PM
  Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي الأمين عبد الرحمن عيسى09-21-13, 04:32 PM
    Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي الأمين عبد الرحمن عيسى09-21-13, 04:36 PM
      Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي ياسر السر09-22-13, 11:18 AM
        Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي ياسر السر09-26-13, 12:45 PM
          Re: ميرغنى شايب: تفتح مبكر، ملكات متعددة ومواقف حازمة ضد حكم العسكر.. د. صديق الزيلعي الأمين عبد الرحمن عيسى09-26-13, 10:01 PM
  مظاهرة تضامن وتأييد للثورة السودانية بمدينة تورنتو الكندية يوم السبت 5 أكتوبر bashir kurdufan10-01-13, 00:40 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de