مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 07:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الواثق تاج السر عبدالله(الواثق تاج السر عبدالله)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-01-2005, 11:25 AM

الواثق تاج السر عبدالله
<aالواثق تاج السر عبدالله
تاريخ التسجيل: 04-15-2004
مجموع المشاركات: 2122

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور (Re: الواثق تاج السر عبدالله)

    Quote: السودان: من سيدفع ثمن الجرائم؟



    مقـدمة

    وُقِّعت في 9 يناير/كانون الثاني 2005 اتفاقية للسلام بين الحكومة المركزية والجماعات المسلحة الرئيسية في الجنوب لإنهاء الحرب الأهلية في السودان، التي دامت 21 عاماً. وتأمل منظمة العفو الدولية في أن يؤدي توقيع الاتفاقية إلى حقبة جديدة من الحماية لحقوق الشعب السوداني، وإلى إصلاحات تضع حداً للظلم والتمييز، وللانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في السودان. إلا أن النـزاع في دارفور، بغربي البلاد، ما زال مستمراً حتى اليوم، حيث يتواصل استهداف المدنيين وتهجيرهم.

    إن الحرب الأهلية في جنوب السودان قد هيأت السياق لانتهاكات لا تحصى لحقوق الإنسان، بما فيها جرائم يطالها القانون الدولي، ارتكبتها القوات المسلحة السودانية والمليشيات التابعة لها، والجماعات الجنوبية المسلحة المعارِضة – الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان ومليشيات جنوبية أخرى. وقد جرى على نحو منهجي، وعلى نطاق هائل، خرق القوانين التي تنظِّم النـزاعات الداخلية المسلحة. ومع ذلك، فإن البروتوكولات والاتفاقيات المجسِّدة للعملية السلمية قد صمتت عن هذه الانتهاكات، التي يشكل العديد منها جرائم بمقتضى القانون الدولي. إذ إن هذه البروتوكولات والاتفاقيات لا تنص على أية آلية لمحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم، وعلى تحقيق العدالة لملايين الضحايا من السودانيين. وبلا عناء، تجاهل الوسطاء الدوليون في العملية السلمية بين الشمال والجنوب مطالب تحقيق العدالة، وراح هؤلاء يحاججون بأنه من الصعب التوصل إلى توقيع اتفاق للسلام إذا ما طُلب إلى أطراف النـزاع تحمل مسؤولية الجرائم التي ارتكبتها قواتها المسلحة.

    وبالمثل، ارتُكبت في النـزاع الدائر حالياً في دارفور انتهاكات تضاهي من حيث نطاقها وجسامتها تلك التي ارتكبت في الجنوب. ومرة أخرى، لم تُتخذ أية خطوة جادة نحو تقديم أي شخص إلى العدالة. فقد كلَّف مجلس الأمن الدولي، بموجب القرار 1564، لجنة دولية للتقصي بأن تحقق في الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في دارفور، وأن تقرر ما إذا كانت جرائم إبادة جماعية قد وقعت، وتحدِّد هوية الجناة. وتمثل هذه اللجنة أول محاولة رسمية جدية للتحقيق في الجرائم الفظيعة التي تغطيها أحكام قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في هذا الإقليم. ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها بشأن ما توصلت إليه من نتائج إلى مجلس الأمن في 25 يناير/كانون الثاني 2005.

    إن السلطات السودانية قد استخدمت التكتيكات نفسها لسحق المعارضة في دارفور وفي الجنوب: حيث قامت بتسليح الجماعات المسلحة، وغالباً على أساس إثني، للقيام بدور قوات عميلة لها في مكافحة التمرد، واستهداف المدنيين الذين ينظر إليهم على أنهم قاعدة إسناد محتملة للجماعات المتمردة، أو بصورة تعسفية، وزعزعة البنى الاجتماعية لمجتمعات محلية بأكملها من خلال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. واعتبرت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها أعمال القتل والاغتصاب والخطف وعمليات القصف الجوي العشوائي وتدمير القرى والتهجير القسري وسلب الممتلكات من الأمور العادية تماماً في مناطق أعالي النيل وبحر الغزال وجبال النوبة والنيل الأزرق. وربما يختلف النـزاع في دارفور عما سبقه من حيث شدة الدمار الذي وقع والسرعة التي تم بها؛ بيد أن الجرائم التي ارتكبت في دارفور، مثلها مثل تلك التي ارتكبت في الجنوب أو في المناطق الحدودية المهمَّشة ما بين شمالي السودان وجنوبه، قد مرت حتى اليوم دونما عقاب.

    إن تحديد المسؤولية الجنائية الفردية، وكشف الحقيقة، والتعويض الكامل على الضحايا أمر حاسم لإحلال السلم الدائم في السودان. ويجب تقديم الأشخاص المسؤولين عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة. فما لم يُقدَّم مَن يُشتبه بارتكابهم انتهاكات جسيمة في سياق الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب إلى العدالة، فسيكون ذلك بمثابة إشارة لهؤلاء، ولغيرهم، بأن باستطاعتهم الاستمرار في ارتكاب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان في دارفور، وفي أي مكان آخر، والإفلات من العقاب تماماً. ويشكل إقرار خطة شاملة طويلة الأجل لوضع حد للحصانة من العقاب في السودان أحد التدابير التي ستعزز اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، كما يمكن أن يسهم أيضاً في وقف الانتهاكات بحق المدنيين الذين يخضعون لحالة حصار حالياً في دارفور.

    إن وضع حد للحصانة من العقاب أمر في غاية الضرورة كذلك لضحايا الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي، ولأقارب من قُتلوا أو "اختفوا" أو تعرضوا للتعذيب، حتى يتمكن هؤلاء من التعايش مع الخسارة والحصول على التعويض؛ وهو ضروري تماماً أيضاً لضمان دفع مرتكبي هذه الجرائم إلى وضعٍ يغدون فيه عاجزين عن ارتكاب مثل هذه الانتهاكات مجدداً؛ ولإرسال إشارة بأن مثل هذه الجرائم لن تمر دونما عقاب؛ ولتجنب خطر أن يسعى من انتهكت حقوقهم إلى الانتقام المباشر وإلى تولي أمر إحقاق الحق بأيديهم؛ ولتلافي خطر تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.

    تنظر هذه الوثيقة في حالات لجرائم خطيرة بمقتضى قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ارتكبت في دارفور وفي أماكن أخرى من السودان ولم يحاسب عليها أحد. وتأمل منظمة العفو الدولية في أن تدفع بتذكيرها العالم بما ارتكب من جرائم على نطاق هائل في السودان لأكثر من عقدين، المعنيين إلى القيام بتدابير من أجل مواجهة مناخ الإفلات من العقاب السائد في السودان، بما يمكن أن يرسي الأسس لعملية تعويض كامل على الضحايا، وتطبيق العدالة وإقامة السلم الدائم في مختلف أرجاء البلاد.

    بيد أن الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان لم تلتزما بتحمل المسؤولية عن الخروقات الهائلة للقانون الإنساني الدولي المسؤولتين عنها. ويُزعم أن الطرفين قد ناقشا فيما بينهما إصدار عفو عن الجرائم التي ارتكبت في الجنوب، غير أن هذه المناقشات لم تعلن على الملأ أنظر المقالة المنشورة في صحيفة الشرق الأوسط، عدد 31 ديسمبر/كانون الأول 2004، بعنوان: "المصادر تكشف عن استمرار الخلاف (حتى نهار أمس) حول مسألة العفو العام بعد توقيع اتفاقية السلام، حيث ترى الحكومة أن يكون العفو شاملاً، بينما يرى الجيش الشعبي لتحرير السودان أن يشمل مناطق الجنوب، أي أن يقتصر على إطار الحرب بين الشمال والجنوب".
    . وتواصل الحكومة السودانية إنكارها لدورها
    ومسؤوليتها عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في دارفور، بينما أثبت النظام القانوني السوداني أنه غير راغب في التصدي لهذه الجرائم وغير قادر على ذلك.

    إن منظمة العفو الدولية تدعو مجلس الأمن الدولي إلى مواصلة التزامه بإقامة العدل في السودان لضمان تقديم من يشتبه بارتكابهم انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي إلى العدالة. وينبغي أن يحيل الوضع في السودان، ولا سيما في دارفور، إلى الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية، وبالطريقة نفسها التي ينبغي اللجوء إليها في أي مكان من العالم ترتكب فيه جرائم يطالها القانون الدولي، من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.


    وفي كل الأحوال، فإن المحكمة الجنائية الدولية لن تقاضي سوى حفنة من المسؤولين عن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. وعلى مجلس الأمن الدولي وغيره من هيئات المجتمع الدولي، ولا سيما الدول المانحة، اتخاذ تدابير تكميلية لوضع حد للإفلات من العقاب في السودان. وينبغي على الجميع تقديم الدعم لعملية إصلاح شامل لنظام القضاء السوداني بغية تمكينه من تقديم مرتكبي الجرائم الخطيرة بمقتضى قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي إلى العدالة. وينبغي لأية خطة شاملة لوضع حد للإفلات من العقاب في السودان أن تتضمن إحالة التحقيقات وعمليات المقاضاة التي يقوم بها السودان إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، وممارسة الدول الأخرى لولايتها القضائية بشأن هذه الجرائم.

    إن الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان قد أعلنتا التزامهما بجعل السلم أمراً واقعاً وبتحمل مسؤولية ضمان دوام هذا السلم، على أساس من الحقيقة والعدالة للشعب السوداني. ومنظمة العفو الدولية تدعو الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان إلى أن تتبنيا، وبدعم من المجتمع الدولي، آليات للمساءلة عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت على مدار 21 سنة مضت في السودان. ويمكن لمثل هذه الآليات أن تتضمن إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحة، وفقاً لما يطالب به المجتمع المدني في الجنوب، حيث يمكن لهذه اللجنة المساعدة على التعرف على انتهاكات الماضي ومساعدة الضحايا على التعايش مع آثار الصدمة التي لحقت بهم. بيد أنه لا يجوز لهذا التدبير أن يصبح بديلاً للمساءلة القانونية عن أكثر ما ارتكب من الجرائم خطورة. ويجب أن يرافق ذلك أيضاً إصلاح في العمق لنظام القضاء المحلي.

    1. انتهاكات على نطاق هائل للقانون الإنساني الدولي في دارفور تمر دونما عقاب


    1.1 جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور

    ارتكبت منذ العام 2003 انتهاكات على نطاق هائل لحقوق الإنسان في دارفور شملت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد شاركت جميع الأطراف في هذه الانتهاكات، بيد أن معظمها اقترف على أيدي "الجنجويد"، المليشيات المحلية التي سلحتها الحكومة السودانية وتكفلت بتمويلها، وعلى أيدي قوات الحكومة السودانية. وقد تم ارتكاب هذه الانتهاكات الجسيمة في دارفور، في البداية، وسط صمت المجتمع الدولي. فلم يشأ الوسطاء الدوليون في عملية السلام بين الشمال والجنوب انتقاد ممارسات السلطات السودانية في دارفور بصورة علنية، في وقت كانت تدور فيه مفاوضات حساسة لإنهاء الحرب الأهلية في جنوب السودان. وأسهم هذا الصمت في انتشار النـزاع بشكل سريع.

    وتشمل جرائم الحرب في دارفور ما يلي: القتل، والتعذيب، والاغتصاب، والهجمات المتعمدة على المدنيين والأهداف المدنية. أما الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في دارفور فتشمل أعمال القتل والتهجير القسري والاغتصاب التي ارتكبت كجزء من هجمات واسعة النطاق ومنهجية ضد السكان المدنيين.

    إن نطاق كارثة حقوق الإنسان وتدمير البشر وأجزاء رئيسية من دارفور لا غموض فيه. فمن المقدَّر الآن أن نحو 1.6 مليون شخص قد هُجِّروا داخل دارفور نفسها، بينما فر قرابة 200,000 لاجئ سوداني عبر الحدود إلى تشاد. وترى منظمة العفو الدولية أن ثمة سياسة متعمدة قد مورست حقاً بتخطيط من حكومة السودان والجنجويد بغرض التهجير القسري، للسكان المدنيين الذين ينتمون إلى جماعات إثنية بعينها من مناطق جغرافية بعينها عن طريق استخدام الوسائل العنيفة والمثيرة للرعب. ولا تزال الأعمال الحربية، وقتل المدنيين، وعمليات الاغتصاب والتهجير والترويع مستمرة حتى اليوم.

    وربما يظل العدد الدقيق لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في طي المجهول. بيد أن منظمة العفو الدولية قد جمعت أسماء آلاف الأشخاص ممن لاقوا مصرعهم في دارفور منذ أوائل 2003 أنظر: ضحايا دارفور ليسوا بلا أسماء، على الموقع الإلكتروني:
    (http://www.amnesty.org/resources/flash/sudan/sdn-161104-animation-eng.html)
    . ويظل مصير العديد من الأشخاص مجهولاً؛ فبعضهم قد اختفى أو اختطف من قبل "الجنجويد"، بينما يواصل آخرون الاختباء في الغابات، أو في مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة ويصعب على المراقبين الدوليين ووكالات الإغاثة الوصول إليها في كثير من الأحيان. وبحسب تقديرات منظمة العفو الدولية، فإن آلاف النساء قد اغتصبن. والحالات التالية ليست سوى لمحات مما يحدث في دارفور.

    عمليات إعدام فورية في دليج
    ما بين 5 و 7 مارس/آذار 2004، اعتقل ضباط الاستخبارات العسكرية والقوات المسلحة السودانية، يرافقهم أعضاء في المليشيا المسلحة، "الجندويد"، ما لا يقل عن 135 شخصاً من نحو 10 قرى في منطقة وادي صالح، بولاية دارفور الغربية، وهي: زاراي، وفورغو، وتايرغو، وكاسكيلدو، ومُكجار، وغارسيلا، وكيرتينغ، وكوسو، وغابا، وسوغو، وماسه، ونجامينا. وينتمي جميع من اعتقلوا إلى قبائل الفور، أكبر الجماعات الإثنية في دارفور. وتولى ضباط الاستخبارات العسكرية احتجاز من اعتقلوا في دليج، على مبعدة 30 كيلومتراً إلى الشرق من بلدة غارسيلا في منطقة وادي صالح. وبحسب ما زُعم، ادعى ضباط الاستخبارات العسكرية والجيش أنهم قد اعتقلوا الرجال لأنهم من المتعاطفين مع جماعة المعارضة المسلحة "حركة/جيش تحرير السودان"، التي تخوض حرباً مع الحكومة منذ فبراير/شباط 2003 حول قضايا تتعلق بالتمييز والتهميش. وإثر ذلك، عُصبت عيون ما لا يقل عن 135 شخصاً من هؤلاء ونقلوا في مجموعات من 40 شخصاً
    في شاحنات تابعة للجيش إلى منطقة خلف أحد التلال قرب قرية دليج. ثم طُلب منهم الاستلقاء على الأرض وفتحت عليهم النيران من أسلحة حوالي 45 من أعضاء الاستخبارات العسكرية و"الجنجويد".

    عمليات اغتصاب منظَّمة في مدرسة طويله
    هوجمت طويله، وهي مدينة تبعد عن الفاشر 60 كيلومتراً وعاصمة ولاية دارفور الشمالية، من قبل "الجنجويد" في 27 فبراير/شباط 2004. واستمر الهجوم ما لا يقل عن يومين. وأثناء الهجوم، قتل مدنيون، وسلبت الممتلكات، واغتصبت عشرات النساء والفتيات. وفي حالة واحدة فقط، جرى اغتصاب ما لا يقل عن 41 طالبة ومعلمة في المدرسة المحلية. وتعرضت بعضهن للاغتصاب الجماعي من قبل ما لا يقل عن 14 من أعضاء "الجنجويد"، بحسب شهادات الناجيات التي أدلين بها للأمم المتحدة تقرير فريق المهمات التابع للأمم المتحدة الخاص بدارفور حول الوضع في طويله، 11 مارس/آذار 2004.

    . كما اختطف بعضهن. والتقت منظمة العفو الدولية بإحدى الناجيات، التي أنجبت طفلاً نتيجة للاغتصاب، وقالت ما يلي:

    "كنت أعيش مع عائلتي في طويله، وكنت في طريقي إلى المدرسة عندما دخل "الجنجويد" البلدة في أحد الأيام وهاجموا المدرسة.حاولنا أن نغادر المدرسة لكننا سمعنا أصوات انفجار قنابل في البلدة ورحنا نركض في جميع الاتجاهات. وكانت جميع الفتيات مرعوبات. دخل "الجنجويد" المدرسة وأمسكوا ببعض الفتيات واغتصبوهن في غرف الصفوف. واغتصبت أنا من قبل أربعة رجال داخل المدرسة. وعندما غادروا، أخبرونا أنهم سوف يتكفلون بنا جميعاً نحن السود وينظفون دارفور منا تماماً".

    وعلى الرغم من أن الفاشر، وهي العاصمة الإقليمية، لا تبعد أكثر من 60 كيلومتراً عن طويله، إلا أن محافظ ولاية دارفور الشمالية لم يرسل أي مبعوثين عنه قبل مرور يومين على الهجوم. وكان من الواضح أن هناك مؤشرات مسبقة على قرب وقوع الهجوم نظراً لما تعرضت له القرى المحيطة بطويله من هجمات قبل أيام من ذلك، وظهور قوات "الجنجويد" على مقربة من البلدة قبل عدة أيام من الهجوم.

    تزايد الانتهاكات على أيدي المعارضة المسلحة
    بينما بدا أن "حركة/جيش تحرير السودان" و"حركة العدالة والمساواة" تتصرفان ضمن إطار القانون الإنساني الدولي في بداية الأمر، واقتصرت هجماتهما على الأهداف العسكرية، إلا أنهما أخذتا في الأشهر الأخيرة تنتهكان القانون الإنساني الدولي النافذ على نحو متزايد، ولا سيما المادة العامة 3 من اتفاقيات جنيف. ففي 27 أكتوبر/تشرين الأول، أجبر جنود تابعون لـ "جيش تحرير السودان" 18 من ركاب إحدى الحافلات ممن ينتمون إلى التجمعات البدوية على مغادرتها ما بين نيارتيتي وثور في ولاية دارفور الجنوبية. وورد أن بعض هؤلاء قثتلوا في وقت لاحق. كما استُهدفت أيضاً قوافل إنسانية وعاملون في هذا الميدان على أيدي أعضاء في المعارضة المسلحة أنظر : منظمة العفو الدولية، السودان: يجب على الجماعات المسلحة وقف استهداف المدنيين والقوافل الإنسانية (رقم الوثيقة: AFR 54/140/2004، 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2004).
    . ففي 12 ديسمبر/كانون الأول 2004، قتل
    عاملون سودانيون تابعون لمنظمة "إنقذوا الطفولة" كانوا يسافرون في قافلة إنسانية تحمل علامات مميزة واضحة على الطريق بين دوما وميرشينغ في جنوبي دارفور. ومن المرجح أن يكون جنود تابعون لـ"جيش تحرير السودان" ممن يعملون بشكل مستقل مسؤولين عن الهجوم.

    2.1 تقاعس السلطات السودانية عن التصدي للإفلات من العقاب

    لم يُقدَّم ولو واحد ممن يشتبه بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية إلى المحاكمة. فإما أن الحكومة قد خدعت نفسها، أو أنها قد سعت عن عمد إلى خداع المجتمع الدولي فيما يتعلق بالخطوات المتخذة ضد مرتكبي الانتهاكات المشبوهين في دارفور.

    ففي يوليو/تموز 2004، صرح وزير الشؤون الخارجية السوداني، مصطفى إسماعيل، في مقابلة مع صحيفة لوموند بأن أكثر من 200 من أعضاء "الجنجويد" قد أُدينوا وحكم عليهم ببتر الأطراف استجابة للنقاش الذي دار في مجلس الأمن الدولي حول مسؤولية الحكومة عن الكارثة في دارفور. وفي وقت لاحق، خفَّضت الحكومة السودانية هذا الرقم لتقول إن 10 من الجنجويد قد حوكموا وأدينوا في نيالا، عاصمة ولاية دارفور الجنوبية. ولم يتبين أن أياً من هؤلاء الذين أشارت إليهم الحكومة السودانية قد حوكم على ارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان في سياق النـزاع المسلح في دارفور. ولم يورد التصريح الحكومي أية تفاصيل بشأن الجرائم التي أدين بها الرجال. وعُرض أعضاء "الجنجويد" المزعومين هؤلاء على التلفزيون السوداني قائلين إنهم لم يتلقوا السلاح من الحكومة. ولم يكن مَن ظهروا على شاشة التلفزيون سوى مشبوهين جنائيين متهمين بالحرابة (السطو المسلح) ممن قضوا أكثر من سنة في الحجز في نيالا. وتمكنت منظمة العفو الدولية من التأكد بأن خمسة أشخاص قد حوكموا تولت محكامة المشبوهين الجنائيين إحدى المحاكم المتخصصة. والمحاكم المتخصصة في دارفور لا تحترم المعايير الدولية للنـزاهة، وقد أصدرت أحكاماً قاسية ولاإنسانية ومهينة، من قبيل بتر الأطراف، بحق بعض الأشخاص. أنظر: السودان، دارفور: الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب والمحاكم الخاصة – مذكرة إلى الحكومة السودانية وإلى اللجنة السودانية للتقصي، منظمة العفو الدولية (رقم الوثيقة: AFR 54/058/2004، 8 يونيو/حزيران 2004).
    بينهم موظف في أحد المصارف تبين أنه مذنب بتهمة الاختلاس وحكم عليه بدفع غرامة مالية.

    إن مثل هذه المبادرات التي أقدمت عليها الحكومة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في دارفور لم تضع حداً للإفلات من العقاب. فلم تنشر اللجنة الوطنية للتقصي بشأن دارفور، التي أنشأها الرئيس السوداني في 8 مايو/أيار 2004، تقريرها على الملأ بعد، على الرغم من مرور تسعة أشهر على إنشائها. وبحسب ما قيل، فقد رفعت تقريرها إلى الرئيس السوداني في 13 يناير/كانون الثاني 2005 أنظر: لجنة التقصي في دارفور ترفع تقريرها إلى الرئيس، نص التقرير الذي بثته إذاعة جمهورية السودان، أم درمان، رصد هيئة الإذاعة البريطانية، 13 يناير/كانون الثاني.. وتشير تقارير صادرة عن المجتمع المدني في دارفور إلى أن اللجنة لم تلتق مع ضحايا الجرائم الفظيعة في دارفور، ناهيك عن الأشخاص المشردين المنتمين إلى الجماعات الرعوية في مخيم موساي، الذين
    تعرضوا للهجمات، بحسب ما ورد، من جانب المعارضة المسلحة. ولم تعثر "لجان الاغتصاب" التي أنشأتها الحكومة في 17 يوليو/تموز 2004 إلا على 50 حالة اغتصاب في إقليم دارفور بأكمله، بحسب مصادر الحكومة. وكان من المفترض أن تواصل هذه اللجان تحقيقاتها، ولكن لا يبدو أنها قد قامت بأي نشاط منذ تقديمها تقريرها الأول إلى الحكومة، الذي لم ينشر على الملأ. ولم تتخذ اللجان أية تدابير للتحقيق في التقارير المتواترة حول عمليات الاغتصاب المنظّمة في طويله في فبراير/شباط 2004. وقد تمكنت منظمة العفو الدولية من التأكد من وقف رجلي شرطة عن الخدمة وتوجيه تهم إليهما تتعلق باغتصاب فتاة مهجَّرة في مخيم أبو شوق في الفاشر في سبتمبر/أيلول 2004، وهذه هي إحدى الحالات التي أثارتها لجان التحقيق. ومن غير المعروف ما إذا كان الشرطيان قد قُدِّما للمحاكمة.

    إن السلطات السودانية قد أنكرت دورها ومسؤوليتها عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور أنظر، السودان: ترهيب ونكران – اعتداءات على حرية التعبير في دارفور، منظمة العفو الدولية (رقم الوثيقة: AFR 54/101/2004، 25 أغسطس/آب 2004).
    . وبدلاً من الاعتراف بما حدث ومعالجة ما ارتكب من انتهاكات في دارفور، فقد لجأت إلى ترهيب مَن يسعون إلى تسليط الضوء على مثل هذه الانتهاكات أو يحاولون نشدان الإنصاف من خلال النظام القانوني الوطني. وقد سألت منظمة العفو الدولية قادة تقليديين في دارفور عما إذا كانت آليات المصالحة التقليدية قادرة على التغلب على المأساة في الإقليم. وأجاب هؤلاء أنه لا بد حتى يتحقق الغفران والمصالحة، من أن يتم أولاً الاعتراف بالذنب عما ارتكب من جرائم، وتقديم التعويضات للضحايا، وتولي جهة محايدة جهود الوساطة في الأمر. وأضافوا أنه ما دامت الحكومة السودانية تواصل إنكار دورها، فلن يكون هناك أمل في المصالحة.

    لقد أوردت منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان: السودان، دارفور: ليس هناك من يمكن التقدم بشكوى إليه السودان، دارفور: ليس هناك من يمكن التقدم بشكوى إليه – لا عزاء للضحايا، وإفلات من العقاب للجناة، منظمة العفو الدولية (رقم الوثيقة: AFR 54/138/2004، 2 ديسمبر/كانون الأول 2004).
    على نحو مفصَّل أوجه تقصير نظام القضاء الوطني في مجال التحقيق في أنباء انتهاكات حقوق الإنسان أو الشكاوى المقدمة بهذا الخصوص، وفي تحديد المشبوهين وتقديم أعضاء "الجنجويد" أو الجناة المشتبه بهم إلى العدالة. وخلصت منظمة العفو الدولية في هذا التقرير إلى أن نظام القضاء الوطني يعاني من أوجه خلل مريعة، وأنه غير قادر في شكله الحالي على التصدي للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في دارفور؛ وأنه ينبغي النظر في اللجوء إلى الولاية الدولية كبديل له لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب في السودان. ومنذ نشر التقرير في 2 ديسمبر/كانون الأول 2004، لم تظهر أي شواهد على أن الحكومة قد اتخذت أي خطوات ملموسة نحو مباشرة تحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفت في الإقليم، أو مقاضاة مرتكبيها.


    3.1 تجاهل السودان مطالب مجلس الأمن بتحقيق العدالة في دارفور


    أكد مجلس الأمن الدولي على بواعث قلقه العميق حيال عدم اتخاذ الحكومة تدابير لوضع حد لإفلات الجناة من العقاب،
    وطلب منها القيام بتدابير لهذا الغرض. وجاء في القرار 1556 الصادر في 30 يوليو/تموز 2004 أن مجلس الأمن:

    "يطلب أن تقبض حكومة السودان على قادة الجنجويد وأن تقدمهم وشركاءهم الذين حرَّضوا على ارتكاب خروقات لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وعلى غير ذلك من الأعمال العدائية، وارتكبوا مثل هذه الخروقات، إلى العدالة، كما يطلب من الأمين العام أن يرفع تقريراً إلى المجلس خلال 30 يوماً حول ما حققته حكومة السودان من تقدم، أو خلاف ذلك، بشأن هذه المسألة، وأن يُتبعه بعد ذلك بتقارير شهرية بهذا الخصوص، ويعرب عن عزمه على النظر في اتخاذ إجراءات إضافية، بما في ذلك فرض عقوبات على حكومة السودان، في حال عدم انصياعها لهذا الطلب
      "

      ويجدِّد قرار مجلس الأمن رقم 1564 الصادر في 18 سبتمبر/أيلول 2004 الطلب نفسه. فيعرب مجلس الأمن في القرار عن:

      "قلقه العميق إزاء عدم تحقيق تقدم بشأن أمن المدنيين وحمايتهم، ونزع أسلحة مليشيات الجنجويد وتحديد هوية قادة الجنجويد المسؤولين عن ما ارتكب من خروقات لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في دارفور، وتقديمهم للعدالة". ويكرر القرار مطالباته:

      "لحكومة السودان بإنهاء مناخ الحصانة من العقاب في دارفور بتحديد هوية جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وعن الخروقات الواسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي، بمن فيهم أعضاء قوات الدفاع الشعبي ومليشيات الجنجويد، وتقديمهم إلى العدالة [ ... ]؛ و"يطلب من حكومة السودان أن تقدم إلى بعثة الاتحاد الأفريقي الوثائق اللازمة للتحقق من ذلك، ولا سيما أسماء أعضاء مليشيا الجنجويد الذين تم نزع أسلحتهم وأسماء من قُبض عليهم لارتكابهم انتهاكات لحقوق الإنسان وخروقات للقانون الإنساني الدولي، وفيما يتعلق بأدائها المتصل بالقرار 1556 (2004) واتفاقية نجامينا لوقف إطلاق النار الموقعة في 8 أبريل/نيسان 2004".



      ويطلب القرار 1564 من الأمين العام للأمم المتحدة إنشاء لجنة تقصٍ للتحقيق في الجرائم الخطيرة التي يطالها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المرتكبة في دارفور، وتحديد هوية الجناة. واتخذ مجلس الأمن الدولي هذه الخطوة جزئياً بسبب ما بدا من عدم تصرف السلطات السودانية والنظام القانون الوطني بخصوص تقديم مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة. وبإنشائه لجنة التقصي، فإن مجلس الأمن الدولي ألزم نفسه بإقامة العدل في السودان. وحتى يوقف الجرائم التي يذهب المدنيون ضحيتها ويحميهم على نحو فعال في دارفور، اعترف المجلس بأن هناك ضرورة لاتخاذ مجموعة من التدابير الملموسة. وتشمل هذه، دونما حصر، ممارسة الضغوط على أطراف النـزاع، ووجود مراقبين مستقلين في الميدان، ونزع أسلحة المليشيات، يضاف إليها إخضاع الأشخاص الذين يشتبه بأنهم قد ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية للمساءلة.

      كما أعلنت "بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان" أنها لم تتلق أسماء رجال مليشيا الجنجويد الذين تم تجريدهم من أسلحتهم أو اعتقالهم. وعلى الرغم من التهديدات باتخاذ الإجراءات في حال عدم الانصياع، ومحاولات السودان المكشوفة للتهرب
      مما طلب منه من إقامة للعدالة، فإن مجلس الأمن لم يتخذ أي تدابير إضافية حثت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي على فرض حظر إلزامي على تصدير الأسلحة إلى الحكومة السودانية بغرض وقف صادرات السلاح التي يحتمل أن تستخدم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. أنظر: السودان: تسليح مرتكبي الانتهاكات الجسيمة في دارفور (رقم الوثيقة: AFR 54/139/2004، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2004).
      .

      إن مجلس الأمن الدولي يعرف جيداً أن دعواته لتقديم الجناة المشتبه بهم إلى العدالة قد تم تجاهلها. فتقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بشأن الوضع في دارفور المقدم في 7 يناير/كانون الثاني 2005 يورد ما يلي:

      "لا يزال الإفلات من العقاب هو السائد في دارفور. فلشهرين متتالين، لم تظهر أية بوادر تشير إلى اتخاذ الحكومة تدابير للقبض على قادة الجنجويد وتقديمهم إلى العدالة تماشياً مع المطالب المتكررة لمجلس الأمن منذ اعتماده القرار رقم 1556 (2004).

      ولم يقتصر الأمر على امتناع الحكومة عن القبض على أعضاء المليشيا جراء جرائمهم السابقة، بل تعداه إلى عدم اتخاذ أي تدبير فعال لوقف هجماتهم الانتقامية. وعلى العكس من ذلك، فقد عادت إلى ممارستها المتمثلة في إشراك المليشيا في عمليات عسكرية مشتركة".

      ويخلص التقرير إلى ما يلي:

      "إن من غير الجائز أن يظل من يخرقون قانون حقوق الإنسان ويرتكبون الجرائم التي يطالها القانون الإنساني الدولي دونما عقاب. وتبعث المؤشرات على أن المليشيات قد عادت إلى نشاطها المرتبط بالهجمات الحكومية القلق. وسيكون لامتناع الحكومة عن التصرف على نحو يتماشى مع مطالبات مجلس الأمن المتضمنة في قراره رقم 1556 (2004) عواقبها من حيث تحديد المسؤوليات عن ما ارتكب من جرائم. ويتوجب مواصلة تقديم كل دعم ممكن إلى لجنة التقصي التي شكلت للتحقيق في هذه الأمور".

      2. الانتهاكات الجسيمة إبان الحرب الأهلية مع الجنوب

      يقدر عدد من لاقوا حتفهم في سياق الحرب في جنوب السودان بمليوني شخص، قتل كثيرون منهم أثناء المعارك، بينما ذهب الآخرون ضحية الأمراض أو المجاعات الناجمة عن الحرب. وكما هو الحال في دارفور، أدت الأعمال القتالية في الجنوب إلى التهجير الجماعي للمدنيين، وحُرم هؤلاء فيما بعد من المساعدات الإنسانية – ويقدَّر عدد من هُجِّروا داخلياً نتيجة للحرب في جنوب السودان بأكثر من أربعة ملايين شخص.

      وما نورده فيما يلي ليس سوى بعض الأمثلة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت إبان الحرب الأهلية بين الحكومة المركزية في الخرطوم وبين الجماعات الجنوبية المسلحة، التي تشكل الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير الجنوب الجماعة الرئيسية بينها. وهذه الأمثلة لا تشكل تقريراً وافياً بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في النـزاع
      المسلح الذي دام 21 عاماً؛ ولكنها قادرة على إعطاء فكرة عن النطاق الهائل للجرائم الذي يلطخ ماضي السودان.

      ووفقاً لبروتوكول تقاسم السلطة، الذي يشكِّل جزءاً من اتفاقية السلام، اتفقت الحكومة السودانية والحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان على "مباشرة عملية وطنية شاملة للمصالحة وإبراء الجراح في مختلف أنحاء البلاد كجزء من عملية بناء السلام. وستتكفل حكومة الوحدة الوطنية بصياغة الآليات والأشكال اللازمة لهذه العملية". ولا يورد البروتوكول أية تفاصيل إضافية بشأن التدابير التي ستتخذ لمعالجة انتهاكات الماضي.

      وتنظِّم بعض المنظمات الجنوبية غير الحكومية في السودان حالياً حملة من أجل إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحة تهدف إلى الاعتراف بمثل هذه الجرائم ومعالجة ما ترتب عليها من شعور بالصدمة.

      1.2 التهجير القسري في مناطق أعالي النيل الغنية بالنفط

      كانت منطقة أعالي النيل، الغنية بالنفط، من أكثر مناطق الجنوب تضرراً من الحرب الأهلية بين الحكومة المركزية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان. وشكَّل النفط أحد العوامل التي كانت وراء تشكيل جماعات للمعارضة المسلحة في جنوب السودان من قبيل أنيانا 2، والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان في 1984، ووراء الانتفاضات ضد الحكومات المركزية في الخرطوم. ومع استئناف التنقيب عن النفط وبناء أنبوب للنفط في 1999، تكثفت الهجمات التي تقوم بها قوات الحكومة والمليشيات الجنوبية المتحالفة معها ضد السكان من النوير والدينكا، وبغرض واضح هو التهجير القسري للمدنيين من المناطق التي يمكن أن يستخرج منها النفط. والتهجير القسري، عندما يمارس كجزء من هجوم واسع النطاق أو منَّظم على المدنيين، يشكل جريمة ضد الإنسانية.

      فخلال النصف الأول من 1999، أُخليت القرى الواقعة شمالي بينتيو بنتيو هي بلدة في ولاية أعالي النيل الغربية تقع وسط منطقة امتيازات التنقيب عن النفط.، مثل غومرياك وباريانغ، من المدنيين على أيدي مليشيا حركة/جيش وحدة جنوب السودان، التي يقودها بولينو ماتيب، وهو من النوير أنكرت الحكومة أن لها صلة مباشرة بالمليشيات الجنوبية في حين كانت في الوقت نفسه تعطي لبعض قادتها أدواراً عسكرية؛ ومن ذلك، على سبيل المثل، تعيين بولينو ماتيب برتبة لواء في الجيش الحكومي النظامي في 1998.
      ، وتلت ذلك عمليات قصف جوي لهذه القرى بطائرات الأنتونوف والمروحيات التابعة لسلاح الجو السوداني، وهجمات بالدبابات والقوات الأرضية للجيش النظامي. وكانت بين الأماكن التي تضررت أكثر من غيرها نتيجة للهجمات وما تلاها لاحقاً من تهجير قسري منذ أواسط 1999 قرى مانكيان ولانغكيان ونيني ودوار وكوتش وتويك ولير. وتبين أن ما لا يقل عن 20,000 شخص أعلن أنهم مفقودون في مناطق حقول النفط قد انتقلوا إلى المقاطعات المجاورة، بما فيها بحر الغزال ومحيط ييرول بمنطقة البحيرات. وأدت الهجمات إلى مقتل عشرات المدنيين على أيدي أفراد مليشيا حركة/جيش وحدة جنوب السودان، بينما تعرضت عشرات النساء والفتيات للاغتصاب. وأحرقت المليشيات المسلحة القرى ونهبت البيوت ومحتوياتها، واستولت على المواشي وأشعلت النيران في المحاصيل ومخزون الحبوب.
      ويصل عدد من هُجروا بصورة قسرية على أيدي القوات الحكومية أو بسبب القتال بين الجماعات الجنوبية المسلحة في المنطقة الغربية من أعالي النيل إلى ما يربو على 170,000 شخصاً، بحسب بعض التقديرات المتحفظة للاطلاع على مزيد من التفاصيل بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والنفط في السودان، أنظر : السودان: الثمن الإنساني للنفط، منظمة العفو الدولية، 3 مايو/أيار 2000 (رقم الوثيقة: AFR 54/001/2000)؛ والدراسة التنفيذية لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان: السودان، النفط وحقوق الإنسان، 2003.
      . واستمر ارتكاب الجرائم الخطيرة التي يطالها القانون الدولي في المناطق المحيطة بحقوق النفط حتى 2004 على أقل تقدير، حيث أجبر عشرات آلاف المدنيين من سكان منطقة شيلّوك، في أواسط أعالي النيل، على أن يهجروا ديارهم بصورة قسرية.

      2.2 جرائم الحرب والجرائم الأخرى بمقتضى القانون الدولي التي ارتكبتها الجماعات الجنوبية المسلحة

      الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير الجنوب هي جماعة المعارضة المسلحة الجنوبية الرئيسية، ولكن هناك جماعات جنوبية مسلحة أخرى عديدة يقودها قادة للفصائل، ولا سيما في مناطق النفط، ممن تحالفوا إما مع الحركة الشعبية أو مع الحكومة وغيروا ولاءاتهم بحسب ما تقتضيه مصلحتهم، وبحسب ما يتوفر لهم من فرص للحصول على السلاح. فقد عمدت الحركة الشعبية/الجيش الشعبي، مثلها مثل الحكومة، إلى تسليح ودعم مليشيات جنوبية، مستخدمة اللعب على العصبيات الإثنية. وتتحمل جماعات المعارضة المسلحة الجنوبية المسؤولية أيضاً عن جرائم خطيرة ضد المدنيين، ولا سيما منذ انشقاق فصيل يقوده ريك ماشار، وهو من النوير، عن الحركة الشعبية/الجيش الشعبي في 1991. حيث قتل نحو 2,000 مدني من الدينكا، فيما عرف بـ"مجزرة بور"، على أيدي القوات المسلحة للحركة الشعبية لتحرير السودان- ناصر، التي يقودها ريك ماشار، في 1991، إثر انشقاقه. وقتلت الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان أيضاً وهجَّرت العديد من المدنيين النوير للرد على انشقاقاتها الداخلية. فما بين مارس/آذار ومايو/أيار 1993، قامت بنهب القرى التي يسكنها الديدينغا حول تشوكودوم، في الولاية الاستوائية الشرقية، وبإحراقها إثر انشقاق نائب جون غارانغ، زعيم الحركة الشعبية، عن الحركة.

      وقد عانى المدنيون في مناطق أعالي النيل بصورة خاصة نتيجة الاقتتال بين الفصائل الجنوبية من أجل السيطرة على مناطق النفط. وعلى سبيل المثل، أدى القتال الذي دار بين القوات التي يقودها القائد في الحركة الشعبية/الجيش الشعبي بيتر غاديت غيَّر بيتر غاديت تحالفاته بعد أن كان من قادة الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان ما بين 2000 و2002.وبين قوات الدفاع الشعبي/الجبهة الديمقراطية السودانية انشق ريك ماشار عن الحكومة المركزية وأعاد تسمية قواته لتصبح قوات الدفاع الشعبي/الجبهة الديمقراطية السودانية.في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2000 في مناطق الكثاقة السكانية حول نيمني ونهيالديو، إلى اقتلاع عشرات الآلاف من السكان المدنيين من ديارهم. ومن المعروف أن هذه القوات وجميع أطراف النـزاع قد لجأت إلى التجنيد القسري للمدنيين في صفوفها، بمن فيهم الأطفال، ما يشكل جريمة من جرائم الحرب.

      وبمقتضى شروط اتفاقية السلام الشامل، يحق للمليشيات الجنوبية الاختيار ما بين الانضمام إلى الجيش الحكومي أو إلى قوات الحركة الشعبية/الجيش الشعبي. ولا يتضمن الاتفاق أي نص على تحديد المسؤولية الفردية أو طلب التعويضات عن جرائم الحرب وسواها من الجرائم الخطيرة الأخرى التي يطالها القانون الدولي والتي ارتكبها أعضاء المليشيات أو منتسبو القوات المسلحة، سواء الحكومية منها أم تلك التابعة للحركة الشعبية/الجيش الشعبي، قبل أو بعد التحاق قادة المليشيات من أي طرف باتفاقية السلام وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، "بدات العملية بدمج 182 ضابطاً وجندياً تابعين لقوات الدفاع عن جنوب السودان الموالية للحكومة في احتفال جرى في الخرطوم وتضمن الإدلاء بقسَم الولاء. وتلقى العديد من هؤلاء ترقيات، حيث حصلت قلة منهم على رتبة جنرال [ ... ] وخاطب قائد قوات الدفاع الشعبي/الجبهة الديمقراطية السودانية، بولينو ماتيب، الحفل أيضاً، حيث طلب من الضباط أن "يدافعوا عن اتفاق السلام وما نص عليه من أحكام" ". أنظر: الجيش السوداني يبدأ باستيعاب المليشيات الجنوبية، وكالة الصحافة الفرنسية، 5 يناير/كانون الثاني 2005.
      . ويساور منظمة العفو الدولية القلق من أنه إذا ما سمح لأشخاص يشتبه على نحو معقول بأنهم مسؤولون عن جرائم خطيرة بمقتضى القانون الدولي بالتملص من المسؤولية الجنائية وتولي مناصب في السلطة، فإن من المحتمل أن يستمر هؤلاء في ارتكاب مثل هذه الجرائم وسواها من انتهاكات حقوق الإنسان.

      وينص بروتوكول تقاسم السلطة لاتفاقية السلام، الذي وقع في يناير/كانو الثاني 2004، على ما يلي:

      "يحق للأشخاص الذين انتهكت حقوقهم نتيجة للعقود النفطية الحصول على التعويض. وتتحمل الأطراف الموقعة على العقود النفطية مسؤولية التعويض على الأشخاص المتضررين إلى الحد الذي يتناسب مع درجة ما لحق بهم من ضرر، وذلك بعد ثبوت وقوع هذه الانتهاكات من خلال العملية القانونية اللازمة".

      ولا يقدِّم البروتوكول أية توضيحات إضافية، ومن غير الواضح ما إذا كان هذا النص يتعلق بإمكان صرف تعويضات للناجين من عمليات القتل التي لا تحصى وعمليات التهجير القسري الواسعة النطاق في الإقليم قبل التوصل إلى اتفاقية السلام. ومن غير الواضح كذلك، بناء على الاتفاقية، ما إذا كان سيتم احترام حق الأشخاص المهجرين قسرياً في العودة إلى ديارهم.

      3.2 عمليات الاختطاف والاسترقاق في بحر الغزال

      اختطف الآلاف من السكان المدنيين ممن ينتمون إلى قبائل الدينكا، معظمهم من النساء والأطفال، في إقليم بحر الغزال الشمالي المحاذي لولايتي كردفان الجنوبية ودارفور الجنوبية في أواسط الثمانينيات كجزء من هجمات واسعة النطاق ومنظَّمة في كثير من الأحيان على السكان المدنيين. ويعتبر استمرار الحرمان من الحرية، بما يشكِّله من انتهاك للقواعد الأساسية للقانون الدولي، جريمة ضد الإنسانية. وكانت حكومة الصادق المهدي قد سلَّحت مليشيا جماعات الرزيقات والميسريه لمواجهة التمرد المسلح في الجنوب، الذي تقوم به جماعات الدنكا الإثنية، واستمرت عملية التسليح هذه في عهد الحكومة الحالية. وأطلقت يد هذه المليشيا، التي حملت اسم "المرحِّلين"، فقامت بالإغارة على القرى وبالقتل والنهب وأسر الأطفال والنساء في القرى المحاذية لخط السكة الحديد الذي يربط بابانوسه بواو. ثم احتجز المختطفون في بيوت في
      غربي السودان وفي أماكن أخرى واستخدموا بلا أجر أو بأجر لا يكاد يذكر كخدم في البيوت أو كعمال زراعيين أو رعاة للماشية، وكثيراً ما كانوا يتعرضون للإساءة البدنية. ويعتبر هذا الشكل من العمل القسري استرقاقاً يمثل جريمة ضد الإنسانية.

      وجِّه إلى الحكومة السودانية اتهام بالامتناع عن معالجة مسألة العبودية في بحر الغزال. وتحت الضغط، أنشأت في 1999 "لجنة القضاء على عمليات اختطاف النساء والأطفال" لتعقب المختطفين وجمع شملهم مع عائلاتهم. وقد اتسم عمل اللجنة بالبطء، وواجهت العراقيل بسبب ما وجِّه إليها من مزاعم بإساءة إدارة الأموال التي تلقتها من المجتمع الدولي.

      وكانت مسألة التحقيق بشأن قضية العبودية أحد الشروط التي طرحتها حكومة الولايات المتحدة للانخراط في عملية التسوية السلمية في السودان في 2001. فشكَّلت حكومة الولايات المتحدة "مجموعة دولية من الشخصيات الرفيعة"، ونشرت هذه ما توصلت إليه من استخلاصات وتوصيات في مايو/أيار 2002 أنظر: العبودية والاختطاف وعمل السخرة في السودان، تقرير المجموعة الدولية للشخصيات الرفيعة، 22 مايو/أيار 2002.
      . وعثرت المجموعة الدولية أثناء تقصيها على "شواهد تشير إلى وجود علاقات استغلالية ومهينة وترقى، في بعض الحالات، إلى مرتبة التعريف للعبودية الذي تتضمنه الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها السودان". وأوصت المجموعة بوضع حد لهذه الممارسات، بما في ذلك دعوة الحكومة إلى إصدار "بيانات تدعو إلى التحرير الفوري لجميع الضحايا من هذا القبيل (وتجيز إعطاء الأشخاص الذين يملكون عبيداً مهلة لإعتاقهم تصبح مقاضاتهم بعد انقضائها أمراً مؤكداً)، وإعلاناً للنوايا من جانب الحكومة بمقاضاة الأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الانتهاكات، وإنفاذ تشريع جنائي وأنظمة عسكرية جديدين".

      وعلى ما يبدو، فإن الاختطافات قد توقفت في شمالي بحر الغزال مع تمديد وقف إطلاق النار منذ توقيع بروتوكول مشاكوس في يوليو/تموز 2002 بين الحكومة والحركة الشعبية/الجيش الشعبي. بيد أن عمليات الاختطاف قد عادت إلى الظهور في سياق الحرب في دارفور. ولا يزال العديد ممن اختطفوا في دارفور مجهولي المصير. وذكرت بعض النساء والفتيات ممن أفلتن من قبضة مختطفيهن أنهن قد استخدمن كرعاة للأبقار.



      إن توصيات "المجموعة الدولية للشخصيات الرفيعة" لم يجر تنفيذها. فلم يعرف عن أحد أنه قد قدِّم إلى المحاكمة بتهمة الاختطاف أو الاسترقاق في السودان. وعلى الرغم من الاعتراف بأن هذه من نقاط الخلاف الرئيسية عند بدء عملية مشاكوس في 2002، إلا إنه لم يرد في أي من بروتوكولات السلام في السودان ذكرٌ لأية آلية لتقديم الأشخاص المسؤولين عن ذلك إلى العدالة أو نصٌ على تقديم التعويضات للضحايا. وحتى أنه من غير المعروف ما إذا كان قد تم تحرير جميع من جرى استرقاقهم في بحر الغزال أم أنهم ما زالوا أرِّقاء، وما إذا كانوا أحياء أم أمواتاً باشر معهد وادي الانهدام (Rift Valley Institute)، الذي يتخذ من كينيا مقراً له، مشروعاً لإيجاد سجل للأشخاص المفقودين أو المختطفين أو المسترقّين أو القتلى منذ بداية الحرب الأهلية نتيجة للغارات التي شنها "المرحِّلون" واستهدفت مجتمعات الدينكا واللوو والفرتيب. وقد حدَّدت حتى الآن هوية ما يربو على 12,000 شخص من المختطفين (أنظر: http://www.riftvalley.net.
      .
      4.2 أعمال القتل وحالات الاختفاء في جبال النوبة

      أبلغت زوجة رجل نوبي "اختفى" إبان النـزاع منظمة العفو الدولية في 2004 ما يلي:

      "إننا ننتظر السلام، وسنرحب بالسلام. ونحن أقل خوفاً اليوم مع وقف إطلاق النار في جبال النوبة. ولكننا لا نزال نخشى السؤال عن أزواجنا وإخواننا. فهل سيكون بإمكاننا طرح الأسئلة عندما يأتي السلام؟ إننا لن ننسى أولئك الذين لم يعودوا. ولا يمكن أن يهدأ لنا بال إذا لم نعرف ما حدث لهم. إننا لا نعرف ما سنقوله حتى لأطفالنا".

      فمنذ العام 1992، وقع المدنيون في جبال النوبة، التي تقع في جنوبي كردفان المحاذية لشمال السودان وجنوبه، بين فكي كماشة حرب شرسة كانت تدور بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان. واستخدمت الحكومة "المرحِّلين" و"قوات الدفاع الشعبي" لشن هجمات على المدنيين في النوبة، الذين كان ينظر إليهم على أنهم من المتعاطفين مع الحركة الشعبية. وشارك الجيش النظامي كذلك في قتل القرويين والقادة النوبيين واعتقالهم. ولقي الآلاف حتفهم بينما نُقل عشرات الآلاف إلى "قرى السلم"، وهي في واقع الحال سجون تخضع لسيطرة القوات المسلحة، التي كان أفرادها يأخذون النساء من مثل هذه الأماكن لاغتصابهن. واستهدف عدد غير معروف من الأشخاص للاشتباه بمعارضتهم للحكومة. وذهب هؤلاء ضحية لعمليات قتل أو لـ"الاختفاء"، وكان معظمهم من أبناء النوبة المتعلمين.

      زعيم من جبل أوتورو كان الوحيد الذي نجا من مجزرة لزعماء القبائل في النوبة وقعت في أواخر 1991 شهد بما يلي:

      "دعتنا الحكومة إلى اجتماع للزعماء، ولكننا وجدنا عندما وصلنا أنه ليس هناك اجتماع. جرى اعتقالنا جميعاً واحتجازنا، وقُيِّدت أيدينا خلف ظهورنا. كنا 68 في السجن، وجميعنا من جبال النوبة. وفي إحدى الليالي، أُخذنا من السجن. ووضعنا في شاحنة. وأطلقوا علينا النار. أصبت في ظهري ورأسي. دخلت الرصاصة من هنا وسحقت فكي. فوقعت مغشياً علي ... توفي الجميع إلا أنني نجوت نشرت أقواله هذه في تقرير السودان: دموع اليتامى – لا مستقبل من دون حقوق الإنسان، منظمة العفو الدولية (رقم الوثيقة: AFR 54/، 1994).
      .

      ولا يزال مصير العديد ممن "اختفوا" مجهولاً حتى اليوم.

      3. القمع السياسي خارج مناطق النـزاع

      لم يقتصر ارتكاب الجرائم الخطيرة بمقتضى القانون الدولي على مناطق النـزاع. فقد استخدمت الحكومة الحالية تشريعاً لقوات الأمن وحالة الطوارئ يكتنفه الغموض بغية قمع المعارضة السياسية، والحد من أنشطة المجتمع المدني، والإبقاء على حالة الإفلات من العقاب لمزيد من التفاصيل، أنظر منظمة العفو الدولية، السودان، دارفور: ليس هناك من يمكن الشكوى إليه، ديسمبر/كانون الأول 2004،
      مصدر ورد ذكره سابقاً.
      . إذ اعتُقل آلاف الأشخاص منذ 1989 على نحو تعسفي واحتجزوا بمعزل عن العالم
      الخارجي، معظمهم من دون تهمة، وتعرضوا للتعذيب. وعُذِّب بعض هؤلاء حتى فارق الحياة. وفي السنوات التي تلت 1989 مباشرة، تواتر الإبلاغ عن التعذيب المنهجي للسجناء السياسيين، ثم بدا أن ذلك يتراجع منذ العام 1997، مع أن منظمة العفو الدولية واصلت توثيق ما يجري من تعذيب. وتشير التقارير الواردة منذ 2003 إلى أن التعذيب قد تزايد مع النـزاع في دارفور. حيث يمارس التعذيب على نحو خاص في مراكز ومخيمات الاحتجاز التي يسيطر عليها الأمن الوطني أو العسكري، وحيث يظل المحتجزون مقطوعين عن العالم الخارجي.

      وعلى ما يبدو، فإن أشد أشكال التعذيب قسوة تمارس ضد من يشتبه بتعاطفهم مع المعارضة في دارفور، وعلى أيدي الاستخبارات العسكرية، بما في ذلك شعبتها المسماة "الأمن الإيجابي" الترجمة الإنجليزية مأخوذة عن الأصل العربي.
      . إلا أن العديد من المعتقلين السياسيين الذين لا يتمتعون بشهرة عامة تحميهم من التعذيب يتعرضون للضرب على أيدي قوات الأمن.

      وتشمل هذه الفئة العديد من الطلاب ممن اعتقلتهم قوات الأمن الوطني. وتصل قسوة الضرب في بعض الأحيان إلى حد مفارقة المعتقل الحياة. فقد توفي طالبان ينتميان إلى حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، وهما شمس الدين إدريس وعبد الرحمن سليمان آدم، في الحجز في الخرطوم في 2004، بعد ساعات من اعتقالهما على أيدي الأمن الوطني.

      وقد قام محامون سودانيون بتوثيق مئات حالات التعذيب، بما في ذلك من خلال الأدلة الطبية، وحاولوا مباشرة إجراءات قانونية ضد من قيل إنهم مسؤولون عنها. إلا أن هذه الإجراءات قد تعطلت بسبب المادة 33 من قانون قوات الأمن الوطني، الذي يمنح الحصانة لقوات الأمن. إذ من غير المسموح به إلا لمدير قوات الأمن الوطني رفع الحصانة عن أفرادها؛ ومن غير المسموح للقضاة نظر قضايا تخص قوات الأمن. وقد واصل نشطاء حقوق الإنسان رفع المئات من الشكاوى بأمل أن تفضي هذه في النهاية إلى مقاضاة الجناة بعد التوقيع على الاتفاقية السلمية.

      إن السلطات السودانية قد صرحت أثناء مناقشاتها مع منظمة العفو الدولية بأن انتهاكات حقوق الإنسان أمر لا مناص منه في سياق الحرب، وبأن حقوق الإنسان سوف تأتي من تلقاء نفسها عندما يأتي السلام. إن مثل هذه الأقوال لا تصمد أمام المحاكمة العقلية، فالحروب ليست مبرراً لخرق القانون الإنساني الدولي أو التزامات الدول بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان. كما إن التعذيب وسواه من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان قد ارتكبت من قبل الحكومة السودانية خارج نطاق مناطق النـزاع. ولا غرابة في أن تستخدم الحكومة التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق السلم التكتيكات نفسها في سلوكها إبان الحرب.

      4. الحصانة ضد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مخالفة للقانون الدولي

      1.4 القانون الدولي
      ثمة قواعد تقليدية وعرفية في القانون الدولي تتعلق بالمسلك أثناء الأعمال العدائية وتحظر وسائل وأساليب حربية بعينها. والغرض من هذه القواعد هو حماية أرواح المدنيين إلى أقصى حد ممكن. ومنذ 23 سبتمبر/أيلول 1957 والسودان طرف
      سامٍ متعاقد في اتفاقيات جنيف للعام 1949، وقواعد الحد الأدنى التي تحكم جميع النـزاعات، بما فيها "المنازعات المسلحة التي ليس لها طابع دولي"، المنصوص عليها في المادة 3 العامة لجميع اتفاقيات جنيف الأربع. حيث تنص هذه المادة على حماية الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية. وتحظر المادة "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله"، وتنفيذ عمليات إعدام من دون كفالة الضمانات القانونية اللازمة. كما يحظر القانون الإنساني الدولي تدمير الملكية ووسائل العيش المدنية ونهبها.

      إن الحكومات التي تصدِّق على معاهدات القانون الدولي لحقوق الإنسان ملزمة على نحو خاص بضمان التقيد بالمعاهدات التي صدّقت عليها، وحماية الحقوق الإنسانية للسكان الذين يعيشون ضمن أراضيها. ومع ذلك، فإن الحكومة السودانية قد شاركت في خروقات هائلة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان.

      وبالمثل، فقد استهدفت جماعات المعارضة المسلحة، مثل الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان، وغيره من المليشيات العاملة في جنوب السودان، و"حركة/جيش تحرير السودان" و"حركة العدالة والمساواة" في دارفور، المدنيين والأهداف المدنية أيضاً. كما عرَّضت هذه أرواح المدنيين للخطر باتخاذها هؤلاء المدنيين غطاء لها وبشنها الهجمات من المناطق المدنية. واختطفت هذه الجماعات المسلحة المدنيين وقتلتهم، وقامت بمهاجمة القوافل الإنسانية. ومع أن جماعات المعارضة المسلحة ليست هي نفسها أطرافاً في معاهدات دولية تتعلق بحماية المدنيين في أوقات النـزاعات، إلا أن أعضاء الجماعات المسلحة ملزمون على الرغم من ذلك باحترام القوانين العرفية للحرب التي تجسدها المادة العامة 3 لاتفاقيات جنيف، وقواعد تقليدية وعرفية واضحة للمسلك أثناء الأعمال العدائية.

      وتتضمن المادة 8 (2) (ج) من قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قائمة بجرائم الحرب (عندما يتم ارتكابها في سياق نزاع مسلح داخلي) التي تشملها ولايته القضائية. وتشمل جرائم الحرب هذه، دونما حصر: القتل بجميع أنواعه، وبتر الأطراف، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وأخذ الرهائن، التي ترتكب ضد من لا يشاركون بصورة مباشرة في النـزاع، وتوجيه الهجمات على نحو متعمد ضد السكان المدنيين أو ضد أفراد مدنيين، ونهب الممتلكات المدنية. وعلاوة على ذلك، فقد تم الاعتراف الآن بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي يمارسها المحاربون في سياق النـزاع المسلح على أنها جرائم حرب.

      وبحسب قانون روما الأساسي، فإن توجيه الهجمات عن معرفة وقصد ضد العاملين في بعثات المعونة الإنسانية أو مرافقها أو موادها أو وحداتها أو مركباتها من جرائم الحرب المعترف بها. ويؤكد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1502 (2003) على أن مثل هذه الهجمات في حالات النـزاعات المسلحة تشكل جرائم حرب.

      وعندما يرتكب القتل أو التصفية الجسدية أو الاسترقاق أو الإبعاد أو الترحيل القسري للسكان أو السجن أو التعذيب أو الاغتصاب كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد أي سكان مدنيين، بوجود سابق معرفة بهذا الهجوم، فإن هذه تشكل جرائم تعترف بها المادة 7 من قانون روما الأساسي على أنها جرائم ضد الإنسانية.

      ويحظر القانون الدولي إصدار أي عفو عن جرائم من قبيل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وسواها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي. وقد أكد المجتمع الدولي، من خلال قانون روما الأساسي وآليات أخرى، على أنه يجب تحميل الأفراد الذين يرتبكون جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية المسؤولية الجنائية عن أفعالهم. وهذه الجرائم مشمولة بالولاية القضائية العالمية. وهذا يعني أنه يجوز، بمقتضى القانون الدولي، للسلطات في أي بلد التحقيق فيها، بغض النظر عن مكان ارتكاب هذه الجرائم، كما يجوز لها بذل مساعيها لتسليم المشتبه بارتكابها لها. وإذا ما كان المشتبه بهم حاضرين، فإنه يتعين على السلطات التحقيق معهم، وإذا ما تبين أن ثمة أدلة مقبولة كافية، ينبغي عليها مقاضاة المشتبه بهم، أو تسليمهم إلى دولة قادرة على مقاضاتهم وراغبة في ذلك ضمن إجراءات نزيهة للمحاكمة ودون اللجوء إلى إصدار أحكام بالإعدام، أو تسليم المشتبه بهم إلى محكمة جنائية دولية.


      4.2 إرادة القضاء على الإفلات من العقاب

      أعرب العديد من السودانيين لمنظمة العفو الدولية عن رغبتهم في الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة فيما يتعلق بالجرائم العديدة والمستمرة التي ارتكبت في البلاد، وفي تقديم التعويضات إلى الضحايا وأهاليهم. ويعِّرض الناس في دارفور اليوم أنفسهم للمخاطر بالكشف عن مقتل أقربائهم أو نشدان الإنصاف. وفي جبال النوبة، يأمل الأهالي في أن يتمكنوا عندما يحل السلم من أن يجدوا الحقيقة الكامنة وراء عمليات اختفاء أقاربهم وأصدقائهم. كما أكدت المجتمعات المتضررة من ممارسات الاسترقاق في بحر الغزال على تصميمها في أن ترى الجناة يقدمون للعدالة وفي منح التعويضات للضحايا أنظر، على سبيل المثل، إعلان أكسفورد بشأن مطالب التحقيق في جرائم العبودية والإبادة الجماعية وسواها من الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية بحق شعوب الأوثل والتويك في شمالي بحر الغزال في السودان، ومنع هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها وتقديم التعويضات لضحاياها، الذي تم التوقيع عليه في 29 يوليو/تموز 2003، في أكسفورد، بالمملكة المتحدة.
      . وينتظر المحامون في الشمال إلغاء تشريع الطوارئ الذي يعترض سبيل المئات من الشكاوى ضد أعمال التعذيب من أجل مساعدة موكليهم على نيل العدالة التي يستحقون. وفي جنوب السودان، يخشى العديد من المدنيين مما يمكن أن يحمله لهم المستقبل على أيدي المليشيات، التي طالما تصرفت وكأنها لا يمكن أن تخضع للمساءلة.


      وقد أكد ممثلوا المجتمع الدولي أيضاً على ضرورة وضع حد للإفلات من العقاب.


      ففي تقريره حول المرأة والسلم والأمن، دعا الأمين العام للأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول 2002 مجلس الأمن إلى:

      "ضمان أن تستثني الأحكام التي تتضمنها اتفاقيات تسوية النـزاعات المعقودة تحت مظلة مجلس الأمن الحصانة من العقاب عن جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية، بما في ذلك الجرائم التي ترتكب على أساس جنس الشخص".

      وفي أغسطس/آب 2004، دعا الأمين العام في تقريره الخاص بالقضاء الانتقالي وحكم القانون في حالات النـزاعات ومرحلة ما بعد النـزاع إلى أن ترفض اتفاقيات السلام وقرارات مجلس الأمن وتفويضاته:

      "أي تبنٍ لعفو عن جريمة الإبادة الجماعية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بما فيها الجرائم الدولية القائمة على أساس الأصل الإثني أو جنس الشخص أو هويته الجنسية".
      وخلال نقاش لمجلس الأمن الدولي حول هذا التقرير في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2004، أثنى خوان مينديز، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الوقاية من الإبادة الجماعية، والذي يمثل المركز الدولي للقضاء الانتقالي الذي يرئسه، على رفض التقرير للعفو عن الجرائم الدولية. وقال في هذا الصدد:

      "إن رفض أي اتفاقية سلمية للحصانة من العقاب واجب قانوني وأخلاقي، بيد أنه يجب أيضاً معالجة المظالم التي أدت إلى اندلاع النـزاع، في المقام الأول. ومن هنا تأتي أهمية مقاومة الابتزاز الذي يقوم به مَن يهددون بمواصلة القتال وارتكاب الاعتداءات ما لم توفَّر لهم الحصانة".

      وكرَّرت هذا مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في حديثها في مجلس الأمن أثناء النقاش بشأن المرأة والسلم والأمن، في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2004، حيث قالت:

      "إن الضغط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية لنـزاع ما كثيراً ما أدى إلى تردد في تقديم الجناة للعدالة".

      ومع ذلك، فقد ظل المجتمع صامتاً حيال مسألة الإفلات في من العقاب التي تنطوي عليها اتفاقية السلام في السودان، ولم يصدر أي إعلان يرفض العفو الفعلي عن جرائم الماضي الخطيرة التي يطالها القانون الدولي.

      إن منظمة العفو الدولية قد عارضت على الدوام، وبلا تردد ودون استثناء، قرارات العفو، وما شابهها من تدابير تتصل بالإفلات من العقاب، التي تحول دون ظهور الحقيقة، وصدور قرار قضائي نهائي بالذنب أو بالبراءة، وتقديم التعويضات للضحايا ولعائلاتهم.

      5. خاتمة: يتعين على المجتمع الدولي أن لا يخذل الشعب السوداني

      على مدار السنوات الإحدى والعشرين الماضية، تقاعست السلطات السودانية على نحو متصل عن أن تقدِّم إلى العدالة الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. فقد ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين في دارفور نتيجة لاعتقاد المسؤولين عن ارتكاب جرائم مماثلة ارتكبت في أجزاء أخرى من السودان أنهم يستطيعون مواصلة ما فعلوه دونما أدنى عقاب يلقونه على ما فعلت أيديهم.

      إن لمن نجوا من انتهاكات حقوق الإنسان حقاً في معرفة الحقيقة وفي نيل التعويضات. والتواطؤ في أمر الحصانة من العقاب عن الجرائم الخطيرة بمقتضى القانون الدولي التي ارتكبت في جنوبي وغربي وشمالي أو شرقي السودان إنما يجلب معه التهديد الخطير بالحكم على البلاد بأن تظل فريسة لدائرة مغلقة من انتهاكات حقوق الإنسان. وحيث أن اتفاقية سلمية قد أنجزت للتو، فإن مناقشة أمر الإفلات من العقاب قد يتسم بالحساسية. بيد أنه سيكون من الإجحاف ومن عدم الدراية بمكان أن يؤمَّل بأن يكون لدى الشعب السوداني، الذي عانى أكثر مما يجب، من الصبر ما يجعله ببساطة ينسى ويسامح.

      وإن عدم الانخراط في عملية لوضع حد للإفلات من العقاب لن يكون سوى مقامرة خطيرة بأرواح الشعب السوداني. فالظلم والتمييز قد أشعلا نيران حرب في السودان دامت لأكثر من عقدين من الزمان وأودت بحياة الملايين؛ والاعتراف
      بالجرائم، وتحديد المسؤولية عنها، وتقديم من يشتبه بارتكابهم جميع هذه الجرائم إلى العدالة، وضمان الإنصاف للضحايا هي السبيل الذي سيساعد على حماية مستقبل السودان من نزاعات مقبلة.


      ومنظمة العفو الدولية قد قامت بتوثيق كيف أن نظام القضاء السوداني لم يكن قادراً على إخضاع الجناة المشتبه بهم للمساءلة، ولا راغباً في ذلك. وما لم يتم إلغاء التشريعات الوطنية التي تناقض التزامات السودان الدولية في مضمار حقوق الإنسان، وما لم تتخذ تدابير عملية لاحترام المعايير الأساسية لحقوق الإنسان من جانب الحكومة السودانية، وما لم يتحقق إصلاح شامل للنظام القانوني الوطني، فإن الفرصة ستظل ضئيلة أمام ضحايا الجرائم الخطيرة بمقتضى القانون الدولي من السودانيين في نيل الإنصاف في بلادهم. إن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هي جرائم ضد المجتمع الدولي بأسره، وليس فقط ضد الشعب السوداني وحده. ولذا، فإن على المجتمع الدولي مسؤولية خاصة في أن يضمن المساءلة عن جرائم الماضي، وعن جرائم الحاضر، لمنتهكي حقوق الإنسان في السودان.


      لقد فشل الوسطاء في اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب في أن يتصدوا للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في شمال السودان، وفي أن يوضحوا بما فيه الكفاية بأن ما ارتكب من خروقات لقوانين الحرب لن يظل بلا عقاب. وربما كان هذان العاملان بين العوامل التي أسهمت في تأجيج النـزاع في دارفور.


      إن مجلس الأمن الدولي قد امتنع عن اتخاذ أي تدابير عملية بشأن الانتهاكات المستمرة في دارفور أثناء اجتماعه في 18 – 19 فبراير/شباط 2004 في نيروبي، الذي ركز على العملية السلمية بين الشمال والجنوب. وبعد ذلك بأيام فقط، تصاعد القتال وتكثفت الانتهاكات في دارفور، لتبرِّر جماعات المعارضة المسلحة هجماتها بحجة أن قرار مجلس الأمن رقم 1574 بشأن دارفور كان في غاية الضعف، بينما فهمت الحكومة، على ما يبدو، امتناع المجلس عن القيام بأي إجراء على أنه ضوء أخضر لارتكاب المزيد من الجرائم.


      إن لجنة الأمم المتحدة لتقصي الأوضاع في دارفور تمثل الخطوة الجدية الأولى لتحديد المسؤولية عما ارتكب من جرائم خطيرة في السودان يطالها قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وقد حان الوقت لأن ترفع لجنة الأمم المتحدة للتقصي تقريرها بشأن ما توصلت إليه من نتائج إلى مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك بشأن ما إذا كانت جرائم إبادة جماعية قد وقعت في دارفور.


      وبغض النظر عن الطبيعة الدقيقة لما وقع من جرائم في دارفور، فإن من الواضح أن جرائم خطيرة بمقتضى أحكام القانون الجنائي الدولي قد ارتكبت، سواء في دارفور أم في المناطق الأخرى من السودان. وقد دعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي بثبات إلى التصرف حيال امتناع السلطات السودانية عن تقديم المسؤولين عنها للعدالة، والكشف عن الحقائق، وتقديم التعويضات للضحايا.

      والمجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن الدولي الذي أنشأ لجنة التقصي، ملزم الآن بإظهار تصميمه على أن يضع حداً لمثل هذه الجرائم في جميع أنحاء السودان.
      6. توصيات

      إلى مجلس الأمن الدولي


      دراسة النتائج والتوصيات التي تتوصل إليها لجنة الأمم المتحدة للتقصي، التي شكَّلها الأمين العام بناء على طلب من مجلس الأمن واستناداً إلى القرار 1564 (2004)، والذي فوَّضها "بالتحقيق في أنباء انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان من قبل جميع الأطرف، وتقرير ما إذا كانت أفعال إبادة جماعية قد وقعت، وتحديد هوية مرتكبي مثل هذه الانتهاكات بغرض ضمان تقديم المسؤولين عنها للمساءلة".

      كجزء من سياسة معتمدة ثابتة، إحالة أي وضع في العالم تحدث، أو حدثت، خلاله جرائم تطالها ولاية المحكمة الجنائية الدولية على نطاق واسع إلى النائب العام للمحكمة، وإحالة الوضع في السودان، ولا سيما في دارفور، منذ 1 يوليو/تموز 2002، إلى الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، طبقاً لما ينص عليه الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والمادة 13 (ب) من قانون روما الأساسي. وينبغي على مجلس الأمن ان يطلب من جميع الدول الأعضاء التعاون التام مع طلبات المحكمة الجنائية الدولية المقدمة إليها وفقاً لقانون روما الأساسي.

      الطلب من جميع الدول مساعدة السودان على تنفيذ جميع معايير حقوق الإنسان التي التزم باحترامها بمقتضى اتفاق تقاسم السلطة الملحق باتفاقية السلام، ووفقاً لجدول زمني من التدابير العملية الملموسة.

      دعوة جميع الدول إلى التحقيق مع الأشخاص الموجودين ضمن أراضيها ممن يشتبه بارتكابهم جرائم يطالها القانون الدولي، ومقاضاتهم، إذا ما توفرت أدلة مقبولة كافية، في محاكمات نزيهة لا يُحتمل أن تصدر عنها أحكام بالإعدام عليهم، والقيام بإجراءات من أجل التعويض على الضحايا؛ أو تسليم مثل هؤلاء الأشخاص إلى دول قادرة على التحقيق معهم ومقاضاتهم، وراغبة في ذلك؛ أو تسليمهم إلى محاكم جنائية دولية. ودعوة جميع الدول إلى التعاون مع الدول التي تجري مثل هذه التحقيقات والمحاكمات.

      عند النظر في إنشاء بعثة جديدة تابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام، ضمان أن تكون قادرة على أن تتكفل بمراقبة قوية ومستقلة لحقوق الإنسان، ومزودة بالموارد الكافية، كما هو مدرج في اتفاقية السلام، وعلى أن تمارس وجودها على نحو يستفيد من الخبرات القائمة للأمم المتحدة في هذا المجال. وينبغي على بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أن تساعد على إعادة الإعمار وتقوية المؤسسات القضائية وهيئات إنفاذ القوانين في السودان، ولا سيما السلطة القضائية والشرطة.

      دعوة جميع الدول إلى تشكيل فرق عمل قضائية تضم خبراء ذوي دراية ودربة في ميدان القضاء الجنائي (محققين، وخبراء في الأمور المتعلقة بالجرائم التي ترتكب ضد الأطفال وجرائم العنف الجنسي، ومدعين عامين، وقضاة، ومحامي دفاع، وموظفي سجون) من القادرين على المساعدة في وضع حد للإفلات من العقاب في السودان وغيره، والراغبين في ذلك.
      إلى الدول، بما فيها الدول المانحة للسودان
      دعوة مجلس الأمن إلى أن يحيل الوضع في السودان منذ 1 يوليو/تموز 2002، لا سيما في دارفور، إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، وبالطريقة نفسها التي ينبغي أن تُحال بها إلى النائب العام للمحكمة الحالات التي ترتكب فيها جرائم يطالها القانون الدولي في أي مكان آخر في العالم، بما في ذلك جرائم حرب أ وجرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية.
      المساعدة على وضع خطة شاملة طويلة الأجل لوضع حد لإفلات من يشتبه بأنهم قد ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم أخرى يطالها القانون القانون الدولي من العقاب في جميع أجزاء السودان، وينبغي أن يتم ذلك بصورة شفافة وبالتشاور الكامل مع المجتمع المدني ومع السودان والدول المهتمة والأمم المتحدة. وتوفير الموارد المالية والمادية والبشرية الكافية التي تسمح بالتنفيذ الفعال لمثل هذه الخطة.
      مساعدة السودان على تنفيذ جميع معايير حقوق الإنسان التي التزم باحترامها بموجب بروتوكول تقاسم السلطة لاتفاقية السلام، ووفقاً لجدول زمني لتدابير ملموسة، ومساعدته على صياغة الإصلاحات التشريعية الضرورية من خلال عملية شفافة بالتشاور مع المجتمع المدني.
      ضمان أن يتبوأ إصلاح النظام القانوني السوداني واحترام المعايير الأساسية لحقوق الإنسان موقعاً مركزياً من مناقشات المؤتمر الدولي للدول المانحة في النرويج، الذي سيلي توقيع الاتفاقية السلمية بين الشمال والجنوب.
      التحقيق مع الأشخاص الموجودين ضمن أراضيها والمشتبه بارتكابهم جرائم يطالها القانون الدولي، ومقاضاتهم حيثما تتوفر أدلة مقبولة كافية في محاكمات نزيهة لا يُحتمل أن تصدر عنها أحكام بالإعدام، ومباشرة إجراءات من أجل التعويض؛ أو تسليم مثل هؤلاء الأشخاص إلى دول قادرة على أن تقوم بذلك، وراغبة فيه؛ أو تسليم مثل هؤلاء الأشخاص إلى المحكمة الجنائية الدولية.
      تشكيل فرق عمل قضائية تضم خبراء ذوي دراية ودربة في ميدان القضاء الجنائي (محققين، وخبراء في الأمور المتعلقة بالجرائم التي ترتكب ضد الأطفال وجرائم العنف الجنسي، ومدعين عامين، وقضاة، ومحامي دفاع، وموظفي سجون) من القادرين على المساعدة في وضع حد للإفلات من العقاب في السودان وغيره، والراغبين في ذلك.


      إلى الاتحاد الأفريقي

      ينبغي أن تدين الجمعية العامة للاتحاد الأفريقي في جلستها العادية الرابعة في أبوجا، بنيجيريا، في يناير/كانون الثاني 2005، وبشكل صارم وعلني، استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، والطلب من جميع الأطراف المشاركة في النـزاع في دارفور التقيد بأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والتحقيق في جميع التقارير المتعلقة بجرائم يطالها القانون الدولي، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.

      ينبغي أن يتابع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي التوصيات التي قدمتها البعثة الأفريقية في السودان إلى جميع الأطراف المسؤولة عن انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في دارفور. ويجب على
      المجتمع الدولي اتخاذ تدابير منسقة ضد الأطراف المسؤولة عن مثل هذه الانتهاكات، في حال عدم تقيدها
      بتوصيات البعثة الأفريقية في السودان.
      تالياً لتبنيها بعثتها لتقصي الحقائق في السودان في سبتمبر/أيلول 2004، ينبغي على اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (اللجنة الأفريقية) أن تبقي الحالة في دارفور قيد المراجعة والتحقق، وأن تصدر توصيات عامة لوضع حد لحالات إفلات مرتكبي جميع الانتهاكات في السودان لأحكام الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (الميثاق الأفريقي) التي تبلغ مسامعها.
      ينبغي على اللجنة الأفريقية تقديم تقرير حول نتائج بعثتها لتقصي الحقائق في السودان إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي من دون تأخير؛ وحث حكومة السودان على التعاون الكامل مع اللجنة بشأن هذه المسألة، وفقاً لالتزامات الدول الأطراف في الميثاق الأفريقي. وينبغي على مجلس السلم والأمن إشهار ما تتوصل إليه اللجنة الأفريقية من معطيات وتوصيات لدى نظرها في تقرير البعثة في اجتماعها القادم.

      إلى الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان، المقرر أن تشكلا حكومة وحدة وطنية بمقتضى اتفاقية السلام الشامل

      أعلنت الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان التزامهما بجعل السلم أمراً واقعاً. ويتحمل الطرفان مسؤولية ضمان أن يكون السلم دائماً وقائماً على الحقيقة والعدالة للشعب السوداني. ولذا، فإن منظمة العفو الدولية تدعو الحكومة السودانية والحركة الشعبية/الجيش الشعبي إلى ما يلي:

      الاعتراف الكامل بالانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتُكبت ضد المدنيين في السودان على مدار السنوات الإحدى والعشرين الماضية؛ والبدء بعملية شفافة لتحديد المسؤولية عن جرائم الماضي؛ وضمان التعويضات، بما في ذلك رد الاعتبار والتعويض المالي وإعادة التأهيل والإرضاء وتوفير الضمانات للضحايا وعائلاتهم بعدم تكرار ما حدث؛ وتقديم الأشخاص المسؤولين عن جرائم يطالها القانون الدولي، بما فيها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإخفاء القسري والتعذيب والاغتصاب.
      وضع خطة شاملة وطويلة الأجل على المستويين الوطني والدولي، وبطريقة شفافة وبالتشاور التام مع المجتمع المدني والأمم المتحدة والدول المهتمة، من أجل وضع حد لإفلات من يشتبه بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وسوى ذلك من الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي في كافة أنحاء السودان، وبغض النظر عن زمان ارتكابها أو من ارتكبها، ووضع هذه الخطة موضع التنفيذ.
      وكجزء من هذه العملية، صياغة ما يلي بطريقة شفافة وبالتشاور التام مع المجتمع المدني أصدرت منظمة العفو الدولية توصيات تفصيلية بشأن، إصلاح التشريع السوداني، بما في ذلك ضمن وثيقتها: السودان، دارفور: ليس هناك من يمكن الشكوى إليه – لا عزاء للضحايا، وإفلات من العقاب للجناة (رقم الوثيقة: AFR 54/138/2004، 2 ديسمبر/كانون الأول
      2004).

      إصلاحات للقانون الجنائي الوطني ليشمل الجرائم التي يطالها القانون الدولي، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والإخفاء القسري، باعتبارها جرائم بموجب القانون السوداني، وعلى نحو يتماشى مع أحكام قانون روما الأساسي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛

      إجراء إصلاحات لقوانين الإجراءات الجزائية بطريقة تتساوق مع أحكام قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛

      سن تشريع يسمح بالتعاون الفعال مع المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية للدول الأخرى فيما يتعلق بالإجراءات المدنية والجنائية الخاصة بهذه الجرائم؛

      إلغاء المادتين 31 و33 من القانون الوطني للقوات المسلحة، والتشريعات الأخرى النافذة بمقتضى حالة الطوارئ، التي لا تتماشى مع المعايير الدولية.

      دراسة مطالب المجتمع المدني السوداني الداعية إلى إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحة – بحيث يستثنى من صلاحياتها إمكان إصدار عفو عن الجرائم التي يطالها القانون الدولي.

      احترام جميع حقوق الإنسان الأساسية التي التزمتا بها بموجب توقيعهما على بروتوكول تقاسم السلطة. ومن أجل ضمان أن تنص تشريعات المستقبل على حقوق الإنسان، وعلى اقتراح تشكيل لجان من قبيل اللجنة الوطنية لمراجعة الدستور ولجنة حقوق الإنسان، بحيث تتألف عضويتها من أشخاص يتمتعون بالمصداقية الرفيعة والاستقلالية والحيْدة، وتضم ممثلين عن المجتمع المدني وعن جميع الأقاليم في السودان.

      إدانة جميع الجرائم بمقتضى القانون الدولي التي يستمر ارتكابها في السودان، ولا سيما في دارفور.

      الطلب من مجلس الأمن بأن يحيل الوضع في السودان منذ 1 يوليو/تموز 2002 إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، أو التصديق على قانون روما الأساسي وإحالة الوضع إلى النائب العام، أو الاعتراف، بانتظار التصديق، بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية من خلال إعلان يقوم به السودان بموجب المادة 12 (3) من قانون روما الأساسي، ومن ثم إحالة الوضع إلى النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية.

      إظهار التزامهما بحقوق الإنسان بالتصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من دون تحفظات؛ وعلى قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الخاصة بامتيازات وحصانات المحكمة الجنائية الدولية؛ واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإشراك الأطفال في المنازعات المسلحة؛ والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الخاص بحقوق المرأة في أفريقيا؛ والبروتوكول الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المتعلق بإنشاء المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب؛ والميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهه.
      إلى كافة الجماعات المسلحة في السودان، بما فيه دارفور وجنوب السودان وكردفان وشرقي السودان

      الالتزام على نحو علني باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان، ولا سيما بالامتناع عن القيام بأي هجمات مباشرة على المدنيين والأهداف المدنية. وإصدار تعليمات واضحة إلى جميع المقاتلين التابعين لها بعدم قتل المدنيين أو استخدام الاغتصاب أو الأشكال الأخرى من العنف الجنسي ضد المرأة.

      ينبغي إبعاد أي شخص يشتبه بأنه قد ارتكب جرائم حرب أو جرائم أخرى خطيرة بمقتضى القانون الدولي من أية مواقع تتيح له أن يواصل ارتكاب مثل هذه الجرائم.

      التعاون مع ما يتخذ من تدابير تهدف إلى تقديم جميع الأشخاص المسؤولين عن جرائم يطالها القانون الدولي إلى العدالة في محاكمات نزيهة تستبعد إصدار أية أحكام بالإعدام.


      رقم الوثيقة: AFR 54/006/2005 18 يناير/كانون الثاني 2005

                  

العنوان الكاتب Date
مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:46 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:47 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:49 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:51 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:53 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:55 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:56 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 07:58 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 08:00 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 08:17 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-19-04, 08:21 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور ahmed haneen07-19-04, 10:38 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور عبدالله07-19-04, 10:46 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-20-04, 05:25 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-21-04, 07:00 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-21-04, 07:04 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-22-04, 06:46 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-26-04, 10:00 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-27-04, 10:11 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله08-09-04, 07:31 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله08-16-04, 10:56 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله08-20-04, 11:07 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 01:43 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Mohamed Elgadi08-20-04, 08:36 PM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Abo Amna08-21-04, 01:10 AM
      Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله08-21-04, 10:21 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله08-26-04, 08:33 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 01:23 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 01:33 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 01:38 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 01:49 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 02:03 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-07-04, 02:07 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-13-04, 12:13 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-23-04, 12:39 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-23-04, 12:41 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-23-04, 12:43 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-23-04, 12:46 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-23-04, 12:51 PM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Dr. Moiz Bakhiet09-23-04, 03:27 PM
      Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Ishraga Mustafa09-24-04, 12:13 PM
        Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-24-04, 03:10 PM
      Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله09-24-04, 03:06 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله10-12-04, 12:07 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله10-18-04, 11:10 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله10-18-04, 11:14 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله10-29-04, 02:17 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله11-03-04, 11:47 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله11-05-04, 12:02 PM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله11-17-04, 06:05 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله11-17-04, 05:59 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-03-04, 11:17 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-03-04, 11:30 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-03-04, 11:19 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-03-04, 11:23 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-23-04, 11:32 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله12-23-04, 11:35 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله01-05-05, 08:29 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله01-05-05, 08:39 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Mohamed Suleiman01-05-05, 10:05 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله01-10-05, 11:33 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-01-05, 11:22 AM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-01-05, 11:25 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-01-05, 11:29 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-01-05, 11:33 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-01-05, 11:39 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله02-24-05, 11:20 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله03-30-05, 04:54 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله03-30-05, 04:57 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله04-18-05, 04:10 PM
    Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور هاشم نوريت04-18-05, 04:54 PM
      Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور Mohamed Suleiman04-18-05, 05:07 PM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله05-14-05, 10:37 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله05-14-05, 10:40 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-31-05, 10:21 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-31-05, 10:30 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-31-05, 10:33 AM
  Re: مـنـظمة الـعـفو الـدولـية:تصدر تقريرها عن دارفور الواثق تاج السر عبدالله07-31-05, 10:38 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de