نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 08:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يوسف ابراهيم عزت الماهري(ابنوس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-15-2003, 02:44 PM

ابنوس
<aابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل (Re: ابنوس)

    إ جمهورية تشاد فى 3 سبتمبر 2003م, ودخلت حيز التنفيذ إبتداءاً من يوم السبت 6 سبتمبر, تفاقية الهدنة العسكرية بين الحركات المسلحة والحكومة: ى إدريس ديبى بمدينة أبَّشى شرقىويرى القائد عمر سليمان ضحية الناطق الرسمى بإسم الحركة بأنَّ ما تم الإتفاق والتوقيع عليه بين حركته والحكومة عبارة عن إتفاقية مبدئية لوقف إطلاق النار لمدة 45 يوما بين الطرفين على أن تبدأ بعد ذلك المباحثات والمفاوضات وتبادل المذكرات من أجل الوصول لإتفاق نهائي لوقف إطلاق النار وتحقيق السلام الشامل بالمنطقة, ويضيف بأنًّ ذلك الإتفاق أدي لتقريب وجهات النظر بينهم وبين وفد الحكومة وخلق نوعا من التفاهم وأرضية صالحة للصلح لحين الوصول للإاتفاق النهائي (موقع أخبار السودا

    تم التوقيع على هدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار بين الحكومة السودانية وجيش تحرير السودان بإقتراح ورعاية كريمة من الرئيس التشادن 6 سبتمبر 2003م), أما فى خلال فترة الـ 45 يوما والتي ستتوقف خلالها إطلاق النار فسوف يتم تبادل المذكرات و طرح مشاكل ومطالب الحركة والتى يقول عنها عمر بأنهم لا يودون إستباق الأحداث لكنهم سيتقدمون بمذكرات متكاملة حولها تتركز حول التنمية ورفع المظالم من أجل الوصول للسلام الدائم والعادل. تحتوى إتفاقية الهدنة على 9 بنود تمحورت أساساً حول الترتيبات الأمنية أهمها وقف إطلاق النار بين الطرفين, و التحكم والسيطرة على المجموعات المسلحة غير النظامية في مسارح العمليات, وتجميع قوات جيش تحرير السودان في موقع يتم تحديدها بين الطرفين, وتسليم أسلحتها, وقد تم الإتفاق أيضاً على تكوين لجنة ثلاثية من الحكومة السودانية والحكومية التشادية وجيش تحرير السودان لمتابعة تطبيق بنود الإتفاقية (الرأى العام 4 سبتمبر 2003م).

    بكل الإحتفال والصخب الذى أحدثته الحكومة السودانية بعد توقيع الإتفاقية وسارت على دربها وكالات الصحافة والإعلام فإن أكبر معضلة تواجه الذين يوقعون إتفاقيات مع نظام الإنقاذ, بصورة موضوعية أو طمعاً, تساورهم دائماً شكوك حول مدى إلتزام هذه الحكومة بالإتفاقيات المبرمة معها, وهذا تماماً ما يساور أهل دارفور تجاه أتفاقية الهدنة وما بعدها, وبناء عليه تظل بعض الأسئلة مشروعة من جانب الجماهير مثلاً عن الأسس التى قبلت الحركة بموجبها الدخول فى إتفاقية لوقف إطلاق النار؟ وكيف قبلت بتلك البنود التى تبدو مجحفة بحقها وهى التى كانت متفوقة نسبياً على ساحات المعركة؟ ولماذا لم تسأل الحركة نفسها عن دوافع الحكومة المتلهفة للإتفاق وفى هذا الوقت تحديداً؟ وهل إستندت الحركة خلال مفاوضاتها على مكتب سياسى حصيف يؤمن لها الإستشارة النيرة فى المواضيع المطروحة للتفاوض؟ ثمَّ ما هى نوعية الضمانات التى يمكن أن تؤمن للإتفاقية النهائية تنزيلها على أرض التنفيذ؟ وهل من الحكمة للحركة أن تجمع قواتها فى أماكن معروفة يسهل محاصرتها ثم تسلم أسلحتها قبل تطبيق أى شيئ مما إتفق عليه؟ على كل, الأيام القادمات ستكشف لنا المزيد من المعلومات والأجوبة على هذه الأسئلة المشروعة والغامضة فى آن واحد, خاصة وأنَّ بنود الإتفاقية تبدو وكأنه إستسلاماً من جانب الحركة دون مقابل.

    إنَّ المتأمل الحصيف على بنود الإتفاقية لا يخفى عليه الأخطاء والملاحظات التى وقعت فيها الحركة ولم تتداركها قبل التوقيع النهائى, يمكن تلخيصها فى النقاط التالية:

    (1) لقد فات على الحركة محاولة الحكومة تحويل القضية من "قضية دارفور" إلى قضية قبلية خاصة بقبيلة الزغاوة فقط, يدل على ذلك تصريح اللواء طبيب الطيب إبراهيم محمد خير, الذى قاد وفد الحكومة فى مؤتمره الصحفى بالخرطوم عقب العودة من تشاد, عن إتفاقهم على معالجة القضايا التي تسببت في إندلاع الأزمة (بما فيها مراجعة الصلح القبلي الذي تم في وقت لاحق بين بطن من بطون الزغاوة وأولاد زيد مشيراً إلى أن الصلح لايبدو أنه كان مرضياً)! (الرأى العام 7 سبتمبر 2003م), ماذا يعنى تصريح كهذا؟ وما مصير الخلافات الأخرى بين القبائل, وهى بالعشرات, فى ربوع دارفور كلها؟

    (2) لم تنتبه الحركة أيضاً إلى نية الحكومة تجريد القضية من أى طابع سياسى, وهى ما كانت الحكومة تصر عليه, من خلال تبسيطها إلى مستوى النزاع القبلى المحض ومطالب التنمية المحلية فقط, يدل على ذلك تصريح السيد عثمان محمد يوسف كُبر, والى شمال دارفور, الذى صرَّح بأنَّ: "المجموعة المسلحة التي وقعنا معها الإتفاقية هي جماعات عسكرية مسلحة ذات أهداف محلية بحتة .. إن هذه المجموعة لم تطالب بأي مطالب سياسية أو مالية ولم تطالب بمواقع حكومية مثل كل الحركات المسلحة التي تطالب بمطالب لا أول لها ولا آخر" (جريدة الأضواء 6 سبتمبر 2003م), إذاً ما الداعى لقيام الثورة أساساً إذا كانت المطالب محلية فقط وفى جزء من دارفور؟

    (3) لا يبدو أنَّ الحركة قد راعت حقيقة مهمة وهى أنَّ قضية دارفور, وبإشتعال الثورة فيها, قد أضحت ملكاً لكل أهل دارفور وليست قضيتها فقط, وإذا كان الأمر ليس كذلك فلماذا لم تحاول قيادة الحركة فتح قنوات للإتصال بالقوى والشخصيات المؤثرة من أبناء دارفور, والذين ظلوا يبحثون عنها للسند والمؤازرة, للإستئناس برأيهم قبل الدخول فى عملية التفاوض؟

    (4) هل الإخوة الذين أوفدتهم الحركة للمفاوضات, وبكل إحترامنا لجهودهم, لهم سابق خبرة فى مجال التفاوض والعمل السياسى, وهل سبق لهم أن شاركوا فى مفاوضات بهذا الحجم من الأهمية؟

    (5) بالرغم من الإعتراف الضمنى للحكومة والمضمَّن فى بنود الإتفاقية عن مسئوليتها عن المليشيات العربية (الجنجويت) الموالية لها, هل تعهدت بدفع الديات والتعويضات لأسر الضحايا والمتضررين, وعددهم بالآلاف, من أفعالهم الهمجية؟ خاصة إذا علمنا أنَّ المتضررين يتوزعون على مناطق واسعة من شمال دارفور ودار المساليت وكبكابية ووادى صالح وجبل مرة؟

    (6) هل وازنت الحركة بين مطالبها لدارفور من ناحية بموازاة القضايا القومية التى ضمنتها فى إعلانها السياسى بحيث لا تبدو وكأنَّها مهرولة لتحقيق مرامى شخصية على حساب غايات وطنية إستندت عليها فى تأسيسها, حتى إنها غيرت من إسمها لتتلائم معها؟

    (7) للآن لم تصدر الحركة بيان رسمى حول تلك الإتفاقية ولم تخاطب أهل دارفور والسودان عامة بحقيقة موقفها أو تؤكد لهم تمسكها بقضاياهم وتوضح إستراتيجيتها وراء ذلك.

    ( فات على الحركة أيضاً نية الحكومة المتاجرة بهذه الإتفاقية لعزل السياسيين المعارضين لها من أبناء دارفور, ومحاولة تحريض الحركة على قطع صلتها بهم, يدل على ذلك تصريح الدكتور الطيب بأنَّ الإتفاقية لا تحتوي على أية منازعات أو أهداف سياسية وأن حاملي السلاح نفوا تماماً صلتهم بالسياسيين في الخارج, وإستفادوا منهم فقط في وضعهم بالخارج, وإن المجموعة المسلحة أثبتت تماماً أنها تملك قرارها لوحدها وأن المجموعة إختارت أن تطلق على أولئك "مفاوضي الفنادق" وإمتنعوا عن الجلوس معهم (الرأى العام 7 سبتمبر 2003م).

    لكن, وبرغم عمق الأسئلة وضبابية الرؤى إلاَّ أنَّه يمكن التنبؤ بشيئ إيجابى قد يحدث, وذلك من خلال قراءة الأجواء التى جرت فيها المفاوضات فى قصر الرئيس التشادى بأبَّشى وتحت رعايته وبإشراف مباشر منه حيث ورد أنَّه, رغم مرضه, سهر معهم ليالٍ حتى الساعات الأولى من الفجر ومعه بقية أفراد حكومته لإنجاح عملية التوصل للاتفاقية, وقد سبق إن إجتمع في وقت سابق بكل من شريف حرير وجبريل إبراهيم وخليل إبراهيم فى محاولة لتوسيع قاعدة التفاوض ولتضمينهم فى الإتفاقية لكنهم وضعوا بعض العقبات. أى أنَّ هنالك جهوداً صادقة بذلها الرجل لكن لا تخفى على المراقب للأمور دوافعه الشخصية لتأمين الحدود الشرقية لدولته.

    من ناحية أخرى, فبالرغم من عدم الإشارة إلى أى بنود أخرى غير أمنية فى حواشى الإتفاقية الموقعة, إلا أنه من غير المتوقع أن يخرج وفد الحركة من تلك المفاوضات دون أن يكون فى يديه شيئ يبشر به قواعده, لكن الحماس الذى بدا عليه اللواء طبيب الطيب إبراهيم محمد خير فى مؤتمره الصحفى سابق الذكر يستشف منها أنَّ جوانب من الإتفاق ربما بقيت فى طي الكتمان وذلك من خلال قوله: "إن ما تم توقيعه مع جيش تحرير السودان هو إتفاقية سلام وليس وقفاً لإطلاق النار، وأن الأمر سيؤدي في النهاية إلى وضع نهائي برؤية متفق عليها وفقاً لفترة زمنية تعود بعدها الحياة إلى طبيعتها في دارفور الكبرى، وتصبح بذلك القوات المسلحة والأجهزة الرسمية الأخرى هي المسؤولة عن الأمن بعد جمع السلاح من أيدي المواطنين من غير أفراد القوات المسلحة" وأضاف "أن الإتفاقية تمثل خارطة طريق للسلام وستتجاوز هدف وقف إطلاق النار بتسجيل أهداف أكبر "وأنَّ توقيع الإتفاق "يدفع الحكومة لأن تقابل ذلك بتحمل مسؤوليتها بموجب منهج الراعي والرعية, وأنها ستعمل على تجاوز نصوص الاتفاقية والولوج مباشرة لخلق واقع جديد يجيب عن كل الأسئلة والإستفسارات" (الرأى العام 7 سبتمبر 2003م). وعلى كل, تبدو الحكومة وكأنها متعجلة للوصول لإتفاق إستباقاً للقاء السيد على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية بالدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان فى كينيا المقرر له فى تلك الفترة, حيث هدفت الحكومة لتحقيق أمرين هما تخفيف ضغط شوكة دارفورعلى جنبها الغربى وحرمان جون قرنق من الإستنصار بها من ناحية ثمَّ إرسال إشارة إلى وسطاء الإيقاد والمجتمع الدولى بأنها راغبة فى السير على طريق السلام من ناحية أخرى. فالحكومة تعلم جيداً بأنَّ الحركة الشعبية لتحرير السودان قد وضعت دارفور فى محور إهتمامتها الإستراتيجية يدل على ذلك التصريح الذى أدلى به السيد ياسر عرمان المتحدث الرسمى بإسم الحركة أعلن فيه ترحيب حركته بالإتفاقية وعزمها على الدخول في حوار مع حركة تحرير السودان لا سيما وأن حركة دارفور تتبنى قضايا كل السودان (الأضواء 9 سبتمبر 2003م).

    من الجوانب الحسَّاسة فى هذه الإتفاقية مسألة الضمانات لتنفيذ ما سيتفق عليه من قرارات؟ ونسبة لحساسيتها فقد بادر الدكتور الطيب فى مؤتمره سابق الذكر لشرحه, وشرع فى تفصيله بإستفاضة بقوله أنَّ أول الضمانات يتمثل فى الإشراف العالي الذي تجده الإتفاقية ممثلاً في الرئيس عمر البشير والرئيس التشادي إدريس ديبي, وأن الحكومة التشادية طرف ليس غريباً على الساحة في ظل الصداقة العميقة بين الرئيس البشير والرئيس ديبي, وأن تشاد نفسها تتأثر بما يحدث فى دارفور فى ظل التداخل القبلي الكبير بين البلدين, ولكن السؤال الذى ينبرى هنا هو أو لم يوقع الرئيس البشير نفسه إتفاقية جيبوتى مع الصادق المهدى؟ وإتفاقية الخرطوم للسلام مع الفصائل الجنوبية؟ فماذا كانت النتيجة؟

    ويمضى بقوله أما الضمان الثاني فهو نهج الإتفاقية في التمرحل من خطوة إلى خطوة تبدأ بوقف النار وبقية الجوانب الأمنية, وذلك خلال (45) يوماً يجلس بعدها الأطراف لإعداد ملحق يقوم على جمع السلاح من المواطنين, وإزالة آثار الحرب, ومعالجة القضايا التي تسببت في إندلاع الأزمة, بما فيها المساعدة فى حل الخلافات القبلية وترسيخ مبادئ التعايش السلمى, والسؤال الذى يبرز هنا هو هل سيشمل ذلك كل دارفور أم منطقة بعينها؟ إذ أنَّ لكل من تلك القضايا التى ذكرها مواصفات وحساسية مطلقة فى تحديد مستقبل التعايش فى كل دارفور. ويواصل الدكتور الطيب حديثه بأنَّ الضمان الثالث هو تكوين اللجنة الثلاثية من (15) عضواً: (5) للحكومة و(5) للمسلحين و(5) للحكومة التشادية. بينما الضمان الرابع هو المرجعية المتمثلة في تشاد, إذ أشار البند الثامن من الأتفاقية إلى أنه في حالة وقوع خلاف حول بنود هذه الاتفاقية أو بروز مشكلة لم يشار إليها يقوم الطرق الثالث بمهمة التوفيق بين الطرفين. لكننا نود أن نشير هنا أنَّ هذين النقطتين تمثلان ترتيبات إجرائية فقط وقد لا تصمد إذا ما أخلَّ طرف من الأطراف بما قد يتوصل إليه من إتفاقات.

    فى خضم حديثه كذلك, أورد دكتور الطيب نقطة هامة لم يرد ذكرها فى ثنايا الإتفاق وهى أنَّه وفى خلال المرحلة التالية بعد جمع السلاح سيتم إستيعاب أفراد جيش تحرير السودان في القوات المسلحة على حسب شروط القوات المسلحة, وإستيعاب البعض الآخر في مؤسسات الدولة حسب مؤهلاتهم, هل هذه رشوة للحركة لتحييدها؟ أم إغراء للحركات الأخرى للإنضمام للإتفاقية؟ وهل قبلت الحركة بهذا العرض مقابل كل الشعارات العظيمة التى رفعتها سابقاً؟ تتمثل أهمية هذه النقطة, بالرغم عن مضمونها, فى حقيقة أكيدة هى أنَّ الإتفاقية المبرمة لا بد من أن تكون قد إشتملت على بنود وتعهدات أخرى غير معلنة, تدعمها سهرالرئيس التشادى شخصياً للإتفاق عليها بجانب تلهف الحكومة على وقف إطلاق النار كورقة تناور بها فى مفاوضات السلام الرئيسية بكينيا كما ذكرنا أعلاه.

    حقيقة يظل العامل التشادى حاسماً, ليس فى التوصل لهذه الإتفاقية فقط بل وفى النجاحات التى حققتها الحركة المسلحة نفسها فى صراعها مع الجيش السودانى, فتشاد تمثل بالنسبة لها خلفية للتمركز والإنسحاب والإمداد التى لا بد من توفرها لأى قوة مقاتلة لكى تلجأ إليها فى ظروف الضغط, فكثير من مقاتلى الحركة سودانيون, وبحكم عامل التداخل القبلى فإنهم خاضوا بمهارة حروب العصابات التشادية التشادية والتشادية الليبية, وتدربوا على تنفيذ مبادئ الحروب الخاطفة التى تخلف قدراً هائلاً ومؤثراً من الموت والدمار, كحادثة الهجوم على مطار الفاشر مثلاً وتدمير الطائرات الجاثمة على أرض المطار, وهو أسلوب جديد على الجيش السودانى الذى تعود على حرب الأحراش والغابات فى جنوب السودان الشيئ الذى أوقعه فى خسائر فادحة فى الأنفس والعتاد تكتم عليها كثيراً. ولذلك فيبدو أنَّه ليس هنالك أى جهة أخرى يمكن التأثير على قرار الثوار غير الرئيس التشادى إدريس ديبى, شخصياً, كونه تربطه بالثوار أواصر الدم والقربى من جهة, ثمَّ محاولة منه لردَّ الجميل والعرفان لأهل دارفورالذين دعموه فى صعوده للسلطة فى تشاد من ناحية أخرى. ولذلك فقد كان الرئيس البشير صائباً فى محاولته إستمالة الرئيس التشادى, إلى درجة منح حكومة السودان لتشاد مبلغ مليون ومائتي ألف دولار لإنشاء الطريق الدائري داخل إنجمينا كإستحقاق لبروتوكول التوأمة بين الخرطوم وإنجمينا (الرأى العام 18 أغسطس 2003م), فى الوقت الذى لا يوجد فيه طريق دائرى واحد فى الخرطوم! وتأكيد الدكتور الطيب فى مؤتمره الصحفى آنف الذكر بأنه ما كان للإتفاق أن يتحقق لولا العلاقة الطيبة التي تربطنا مع تشاد الجارة الشقيقة. ومهما يكن من أمر فمن الواضح أنَّه لم يكن للحكومة خيار آخر غير تلك المناورات مما جرَّ عليها تشاؤم السيد الصادق المهدى بمستقبل الإتفاقية بحسبانه لم يؤسس لحل سياسي لأزمات المنطقة، وهاجم بشدة موقف الحكومة في التعامل مع مشكلة دارفور معتبراً أن الحكومة أوقعت البلاد في إشكالية إستباحة قضايا الوطن وتدويلها مشدداً على ضرورة إحتواء الظاهرة حسب تعبيره (جريدة الأضواء 11 سبتمبر 2003م). وربما كان السيد الصادق محقَّاً فى تشاؤمه بسبب أنَّ الحكومة كانت لها الفرصة فى إحتواء المشكلة من أساسها لو أنَّها نظرت إليها بموضوعية وتجرد بعيداً عن الهيجان والأوصاف المستفزة.

    دور الحركات المسلحة بدارفور فى مرحلة التفاوض:

    طالما أنَّ حركة تحرير السودان قد وقعت إتفاقية للهدنة مع الحكومة, بكل محاذيرها, ووافقت عليها غالبية الأطراف المسلحة فإنَّ المطلوب الآن, وبصورة ملحة, تقوية الجانب التفاوضى ودعمه بالأفراد ذوى الدراية والحنكة من أبناء دارفور فى الحركات المسلحة الأخرى الشيئ الذى يعنى الشروع فوراً فى تشكيل مكتب سياسى عريض يجمع عصارة الخبرات من القيادات السياسية المنتمية لهذه الحركات تحسباً لمزالق قد تضعها الحكومة لتمرير أطروحاتها الخاصة, ولقد أعجبنى فى هذا السياق تصريح القائد عمر سليمان ضحية الناطق الرسمى بإسم حركة تحرير السودان لصحيفة الشرق الأوسط حيث أوضح بأنَّ حركتهم ستشرع في إعلان مطالبهم على الرأي العام خلال الأيام المقبلة ليتم تدارسها قبل الدخول فى المفاوضات مع الحكومة (الشرق الأوسط 5 سبتمبر 2003م), ومن جهته قال القائد مني أركو ميناوي الأمين العام لجيش تحرير السودان لوكالة رويترز أن حركته ستجتمع بأفرادها خلال ال 45 يوماً المحددة للهدنة ليقرروا ما الذي سيطلبوه من الحكومة أثناء المفاوضات (رويترز 4 سبتمبر 2003م). كما ورد فى الأنباء أيضاً أن عدداً من قيادات التمرد المسلح بدارفور بأوروبا أكدوا إعتزامهم الإنضمام لإتفاقية السلام, لكنها لم توضح عن هويتهم, غير أنَّ ذات المصادر أشارت إلى عودة الشفيع أحمد محمد طاهر من زيارة قام بها لكل من هولندا وبريطانيا في إطار الحوار مع قادة التمرد بدارفور, ورفض الشفيع الكشف عن نتائج زيارته لحين تقديم تقريره للدكتور ابراهيم أحمد عمر الأمين العام للحزب الحاكم عن تلك الزيارة (الرأى العام 12 سبتمبر 2003م).

    كل ذلك وغيره مما رشح من تصريحات لقادة الحركة المسلحة تشير إلى إستعدادهم لتوحيد كلمتهم وجهودهم وفتح باب التشاور, وتدارس الآراء والمقترحات من أجل قضية دارفور والسودان عامة, وإذا كان الأمر كذلك فيجب على حركة تحرير السودان, بصفتها الحركة الأكبر والموقعة للإتفاق, أن تبادر بالدعوة لتوحيد كل الحركات المسلحة فى الإقليم فى حركة موحدة, الشيئ الذى كاد أن يتم فى الماضى, وإنشاء مكتب سياسى متمكن يقوم فوراً بإستلام الملف السياسى والإستعداد للمفاوضات الحاسمة, ثم إنه ينبغى للجناح الرافض للإتفاقية من حركة العدل والمساواة تجاوز معارضته والدخول فى الهدنة, وهى بالنسبة له ستكون هدنة فقط فإذا إلتزمت الحكومة بمطالب الحركات الموحدة فبها وإلاَّ فإنهم غير ملزمين بعد ذلك, وهذا تماماً ما أكده القائد عمر سليمان لصحيفة الشرق الأوسط فى الخبر الذى سبق الإشارة إليه بأنَّه "بعد فترة ال 45 يوما سيعود الطرفان للإجتماع وسنضع شروطنا لوقف دائم للنار, فإذا وافقت الحكومة عليها فسنضع السلاح الى الأبد", وتابع "واذا لم تلب الحكومة المطالب فإن قيادتنا ستدرس الخيارات الاخرى".

    من ناحية أخرى فإنَّه من المهم جداً إستصحاب العناصر العربية والقبائل الأفريقية الأخرى بالإقليم فى إطار المفاوضات والتى ستشكل السلام جزءاً محورياً فيها, وحقيقة فمن الناحية الإجتماعية والتركيبة السكانية فإنَّ دارفور ومستقبلها تقف على ساقين متمثلةً فى العنصرين الأفريقى والعربى, مثلما كان الأمر فى ماضيها, وعليه فيجدر أن تتسع الرؤيا لتشمل الجميع خاصة وأنَّ ما سيتم بحثه يعنى جميع أهل دارفور والسودان قاطبة, ثمَّ أنَّ ذلك سيفتح الباب واسعاً لتجاوز مرارات الماضى المؤلمة وجبر الخواطر وإرساء دعائم الوفاق القبلى والتعايش السلمى ويسهم فى ردف مفاهيم التعاون والتعاضد والمصير المشترك.

    دور الحركات المسلحة بدارفور فى مرحلة ما بعد توقيع إتفاقية السلام:

    فى مطلع شهر أبريل الماضى أرسل كاتب هذا المقال رسالة بالفاكس لعناية الدكتور خليل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة السودانية والسيد أحمد إبراهيم دريج رئيس التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى والدكتور شريف عبدالله حرير نائب رئيس التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى أثناء وجودهم بألمانيا للمشاركة فى المؤتمر التأسيسى لإتحاد الأغلبية المهمشة السودانى, لم يتمكن السيد دريج من الحضور, ولكن الرسالة وصلت إلى الأخريين والتى إحتوت على مناشدة عاجلة بضرورة توحد الحركات المسلحة والعمل بروح الفريق الواحد, وبإعتبار أنهم يشكلون جانباً مؤثراً من قيادات الحركات المسلحة الناشطة بالإقليم فقد أكدت المناشدة تحديداً وجوب مراعاتهم للنقاط التالية وتحقيقه ما أمكن وهى:

    (1) توحيد القيادتين السياسية والعسكرية للحركات المسلحة والتحدث بصوت واحد كضرورة قصوى لا تحتمل التأجيل.

    (2) العمل على تكوين وعاء سياسى متماسك يتكامل مع الجهد العسكرى ويسعى لترجمة المطالب المرفوعة عبر القنوات والأساليب السياسية المختلفة.

    (3) الإتفاق على برنامج سياسى محدد, وطويل المدى, ذات إمكانية تطويره إلى كيان سياسى مستقبلاً يستجيب لتطلعات أهل دارفور ويتصدى لمشروعية مطالبهم.

    كان ذلك فى الثالث من شهر أبريل الماضى, ولم أتمكن من توصيل الرسالة للطرف الثالث وهى قيادة حركة تحرير السودان, لكن ولسعادتى, لم يخيب هؤلاء الإخوة الكرام مناشدتى لهم وثقتى القوية فيهم, فإجتمعوا ووحدوا كلمتهم وأصدروا بياناً صحفياً بإسم "نداء دارفور", جاء فيه:

    (1) ليس هناك أى خلاف بين التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى وحركة العدل والمساواة السودانية فيما يختص بوحدة القضية ووحدة العمل المسلح ووحدة المصير في دارفور خاصة والسودان عامة.

    (2) نؤكد لجماهيرنا على أنَّ هنالك تنسيقًا كاملاً بيننا سياسيًا وعسكريًا وفى كافة المجالات.

    (3) ندعو أهلنا في دارفور كافة والسودان عامة إلي مزيد من التوحد والتعاضد والتماسك واليقظة والحذر لتفويت الفرصة علي أعداء الشعب السوداني.

    (4) نبشر أهل السودان جميعًا بأننا سوف نستمر في تصعيد ثورة الأغلبية المهمشة شعبيًا وعسكريًا حتي نحقق العدالة والمساواة بين أهل السودان في ظل حكم فدرالي حقيقي وخلق السودان الجديد.

    (مدينة ديسبورغ بألمانيا فى 8/4/2003م)

    مقترحى حول ضرورة الإتفاق على (برنامج سياسى محدد, وطويل المدى, ذات إمكانية تطويره إلى كيان سياسى مستقبلاً يستجيب لتطلعات أهل دارفور ويتصدى لمشروعية مطالبهم) هو بيت القصيد بالنسبة لمآلات ومستقبل الثورة فى دارفور, وأعتقد أنَّه قد آن الأوان لأهل دارفور لأن يتطلعوا لتمثيل سياسى منصف لقضاياهم, ومنحاز لتطلعاتهم بإصرار وقوة, وفى هذه الحالة "ما حكَّ جلدك مثل ظفرك", إنَّ الأوضاع السياسية ونظام الحكم القادم فى السودان سيعتمد مبدأى الديمقراطية التعددية والفدرالية بمعناهما الواسع وعليه لا بد لأهل دارفور من أن يتوحدوا أولاً لمقابلة إستحقاقات المرحلة القادمة بكل زخمها وعنفوانها, وتجاوز الصيغ السياسية التقليدية التى لم تفعل لدارفور شيئاً سوى الإضرار بها وركنها فى دوائر الأرقام, والسودان, بعد توقيع السلام القومى الشامل, مقبل على برامج واسعة من التنمية الإقتصادية والإجتماعية المستدامة على كل المستويات الفدرالية والولائية وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.

    دكتور حسين آدم الحاج

    الولايات المتحدة الأمريكية

    الأحد 14 سبتمبر 2003م



                  

العنوان الكاتب Date
نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل ابنوس09-15-03, 02:44 PM
  Re: نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل ابنوس09-15-03, 02:44 PM
  Re: نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل WadalBalad09-16-03, 05:35 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de