نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 01:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة يوسف ابراهيم عزت الماهري(ابنوس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-15-2003, 02:44 PM

ابنوس
<aابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل








    ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل

    د. حسين آدم الحاج/أمريكا
    [email protected]

    تمهيد:

    بتوقيع إتفاقية للهدنة بين الحكومة السودانية والحركة المسلحة بدارفور تبدأ مرحلة جديدة للجانبين لا تقل صعوبة عن مرحلة الصراع المسلح بينهما خلال الفترة الماضية, سال فيها دم غزير وأدت إلى تشريد الكثير من الأهالى لا بد أنَّها قد تركت مرارات عالقة فى النفوس بين مكونات أهل دارفور من جانب وبينهم والحكومة السودانية من جانب آخر, وعطفاً على ذلك فإنَّ كل الأطراف حول تلك المشكلة تعلم جيداً أنَّ الأمور لم تهدأ بعد وأنَّ رايات السلام لم ترتفع فى سماء الإقليم وسيظل ذلك مرهوناً بمعطيات وإستحقاقات لا بد من إيفائها قبل أن تهدأ الأوضاع تماماً وتنطلق معاول إعادة البناء والتأهيل فى العمل. فمن جانب أهل دارفور سيظل هاجسهم الأول يتمثل فى إنعدام الثقة بأنَّ حكومات الخرطوم سوف تبادر بالإستجابة لتطلعاتهم فى حياة كريمة وإيمان بأنَّ لهم مكان تحت سماء هذا الوطن, وهم فى ذلك محقون وعن تجربة, أما من جانب الحركات المسلحة فإنَّ قلقهم الأساسى يستند على خلفية سلوك الحكومة ومصداقيتها حيال العهود والمواثيق, وهم فى ذلك محقون أيضاً, وعن تجارب, كيف لا وكل التنظيمات والأحزاب السودانية قد عانت الأمرين جراء ذلك وتقصصت أصابعها وهى تمد أياديها البيضاء لمصافحتها, ويبقى الطرف الأخير, متمثلاً فى جانب الحكومة, لتقع عليها مسئولية تبديد تلك الشكوك وتأكيد جدارتها فى قيادة أخطر مرحلة فى تاريخ السودان يتوقف عليها الوطن أن يكون أو لا يكون.

    ومع ذلك فيبدو أنَّ كل تلك الأطراف فى مشكلة دارفور ستجد أنفسها مرغمة للسير فى إتجاه واحد, شاءت أم أبت, ولظروف خارجة عن إرادتها, ومعطيات إقليمية وعالمية ضاغطة يمكن تلخيصها على النحو التالى:

    (1) لقد فرضت عملية السلام نفسها على مزاج البلاد بكل طوائفها وقطاعاتها وخلقت جواً منعشاً من البشريات لطى صفحات الماضى المؤلمة صار من الصعب معها محاولة السباحة ضد تيارها الجارف, وتحت هذا الحصار يبقى خيار التصالح والإعتراف بالآخر والتوصل لسلام مستدام هو الخيار الأوحد المتاح لكل الأطراف.

    (2) بالنسبة لأهل دارفور, وبتركيبتهم القبلية المعقدة, فإنه لا يوجد خيار لمستقبل منطقتهم غير الإلتزام بسمات الوحدة والتعايش السلمى والتعاون وإرساء دعائم السلام, ونبذ التشرذم والخصومة والإحتراب, كما ظلوا يفعلون ذلك على مر القرون, ولا بد من قيام عمل جماعى مؤسسى نحو تحقيق ذلك.

    (3) الحركات المسلحة بالإقليم تدرك تماماً أنَّ أى مخرج لقضية دارفور لا بد أن يأتى عن طريق حل سياسى, فمسائل مثل التنمية المنصفة والمشاركة فى السلطة والثروة كلها تناقش وترسم عبر مداخل سياسية, وفى ظل هذا الفهم يجب أن يتحول الجهد الآنى بالنسبة لها إلى جهاد سياسى سلمى بنفس قدرالعمل المسلح من حيث التصميم و الإصرار لتوفير حياة كريمة لأهل الإقليم.

    (4) أما بالنسبة للحكومة فهى المعنية بكل ما يدور فى الساحة, وعليها تقع مسئولية نجاح أو فشل المبادرة التشادية لإحلال السلام والتنمية المستدامة فى ربوع دارفور, وليس لها خيار غير ذلك أيضاً, ولا شك فى أنها تدرك جيداً مسئولياتها فى هذا الظرف الحرج من تاريخ الوطن.

    بناءاً على ما تقدم, نود فى هذا المقال تسليط الضوء على ثورة دارفور متمثلاً فى الحركات المسلحة التى رفعت السلاح فى وجه الحكومة, وذلك من خلال قراءة داخلية لأوضاعها, وعرض إعلاناتها السياسية ثم تبيان دورها الحالى والمحتمل وما يمكن أن تكون عليه فى مرحلة ما بعد توقيع إتفاقية السلام والتنمية, وإذ نفعل ذلك فإنَّ هدفنا ينحصر فى إثراء الحوار الذى يدور الآن حول قضية دارفور بإعتبارها قضية قومية محورية فرضت نفسها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية, وإعترفت بها الحكومة السودانية بعد لأى وتعنت, كما نأمل أن يؤدى هذا المقال إلى تعريف أوضح بطبيعة هذه الحركات وأهدافها وأطروحاتها السياسية, وهى كلها قومية التوجه تدرأ عنها صفة العنصرية والإنفصال, ويمكن أن تسهم إيجاباً فى الحوار السياسى الشامل حول القضية السودانية برمتها.

    من ناحية أخرى سوف نعتمد فى قراءتنا لمكونات هذه الثورة وأخبارها على ما ظللنا نطالعه فى الصحف السودانية التى لها مواقع على صفحات الإنترنت, إضافة إلى الإعلانات السياسية المؤسسة لهذه الحركات المسلحة وهى ثلاثة: حركة/جيش تحرير السودان, حركة العدل والمساواة السودانية, وتنظيم التحالف الفدرالى السودانى, كما سنشير أيضاً إلى الإعلان التأسيسى لإتحاد الأغلبية المهمشة السودانى وللأوضاع الراهنة بالإقليم.

    نظرة داخلية لطبيعة الحركات الثورية بدارفور

    (1) حركة/جيش تحرير السودان: (SLM/A)

    حركة/جيش تحرير السودان هى أكبر حركات ثورة دارفور من الناحية العسكرية وأحدثها وهى التى وقعت إتفاق هدنة وقف إطلاق النار الأساسى مع الحكومة السودانية مطلع شهر سبتمبر الجارى. تبدأ هذه الحركة إعلانها السياسى, الصادر فى شهر مارس 2003م, بالإشارة إلى أنَّ دارفور كانت دولة مستقلة منذ القرن السادس عشر وحتى العقد الثانى من القرن العشرين، عندما ضُُمت قسراً للسودان الحالى, وكدولة مستقلة تمتعت دارفور بإعتراف عالمى, وأشار البيان كذلك إلى سمات التعايش السلمى التاريخى العميق ما بين القبائل الأفريقية والعربية التى تقطنها، وما بين قبائل الرحّل والمقيمين (المزارعين المستوطنين) وبين المهاجرين من الشرق والغرب والسكان المحليين (الأصليين)، قبل أن تعمد الحكومات المتعاقبة بعد الإستقلال فى الخرطوم، بنوعيها المدنية والعسكرية، إلى تنفيذ سياسات التهميش والتمييز العنصرى والإبعاد والإستغلال وإعمال الفرقة. وكما هو واضح فإنَّ الحركة بدأت دارفورية النشأة, حتى فى إسمها الأول, والتى كانت تحمل إسم حركة وجيش تحرير دارفور, لكنها سرعان ما إنتبهت لذلك, على غرار الحركة الشعبية لتحرير السودان على ما يبدو, فخرجت من غطاء الإقليمية الضيقة إلى رحاب القومية الرحبة. وقد أشار بيانها كذلك إلى المناطق المهّمشة الأخرى بالسودان, وإلى إشكالية إحتكار السلطة والثروة لدى السودان النيلى, وإلى سياسات فرق تسد بين القبائل من خلال تسليح بعض القبائل وتنظيمهم, وبدعم خاص من حكومة الخرطوم, لمحاربة إخوتهم من قبائل أخرى عاشوا معهم بسلام على مر القرون, حتى وصلت إلى حد التطهير العرقى والمذابح فى بعض المناطق والمدن من ولايات دارفور الثلاثة, الأمر الذى ترك سكان دارفور بدون أى خيار سوى الّلجوء إلى المقاومة الشعبية بجانبيها السياسى والعسكرى من أجل البقاء على قيد الحياة.

    لقد حددت حركة/جيش تحرير السودان أهدافها وأكدتها بقولها: "على الرغم من أن نقطة إنطلاق الحركة هى دارفور بفعل الحاجة للرد على السياسات التطهيرية الوحشية من قبل نظام الجبهة فى المنطقة، إلا أننا نريد أن نؤكد ونعلن بأن SLM/A هى حركة وطنية, تسعى بجانب القوى السياسية الأخرى ذات الفكر المشابه إلى مخاطبة المشاكل الأساسية لكل السودان والسعى لحلها. هدف حركة وجيش تحرير السودان هو تأسيس سودان ديموقراطى متحد على أُسُس جديدة تقوم على المساواة، الهيكلة الكاملة وتداول السلطة، تنمية متوازية متعادلة، تعددية سياسية وثقافية ورفاهية معنوية ومادية لكل السودانيين " (الإعلان التأسيسى لحركة تحرير السودان, مارس 2003م). وتأسيساً على ذلك فقد فصلت الحركة مواقفها من قضايا السودان الراهنة عبر 11 محور تتراوح بين وحدة السودان والعلاقة بين الدين والدولة ونظام الحكم وقضايا الهوية وغيرها.

    حركة/جيش تحرير السودان لها قيادة عليا وهى المجلس القيادى الثورى, وهى أعلى هيئة قيادية فى الحركة, ولها أمين عام هو القائد منى أركو مناوى الذى يقوم أحياناً بدور الناطق الرسمى, كما حدث فى مقابلته المتلفزة مع قناة الجزيرة عقب الهجوم المدمر الذى شنته قواته على مدينة الفاشر فى 26 أبريل الماضى, كما أنَّ لها قوات تتمركز فى قمة جبل مرة بقيادة المحامى عبدالواحد محمد نورالذى فجَّر الشرارة الأولى لثورة دارفور بإحتلاله لبلدة "قولو" مركز محافظة جبل مرة وإعلانه للثورة من هناك, لكن لا يبدو أن للحركة مكتب سياسى فاعل أو صوت إعلامى قوى الأمر, الذى جعلها عرضة لإعلام الحكومة وإفتراءاتها دون أن تتمكن من الدفاع عن نفسها بطريقة فورية أو حتى التواصل البناء مع أبناء دارفور الذين يرغبون فى دعمها بالرأى والمادة بالرغم من أن لها موقعاً فى الإنترنتwww.slma.tk) ) تعرض فيه أهدافها وأدبياتها.

    (2) حركة العدل والمساواة السودانية:

    تقول حركة العدل والمساواة السودانية أنها نشأت كتعبير للتهميش التى شعرت به مناطق السودان الطرفية, وسيطرة منطقة الوسط على السلطة وإستئثارها بثروة البلاد دون حظ يذكر لتلك المناطق, ولذلك فقد حددت أهدافها فى بيانها السياسى التأسيسى بالآتى: "إنهاء التمييز العنصري في منهج الحكم في السودان, رفع الظلم الإجتماعي والإقتصادي والإستبداد السياسي عن كاهل الجماهير رجالاً ونساءاً وإشاعة الحرية والعدل والمساواة بين الناس كافة, وقف جميع الحروب وبسط الأمن للمواطنين وتأمين وحدة البلاد, تسخير إمكانات الدولة وتوجيهها لتحقيق تنمية بشرية وإقتصادية متوازنة ومحاربة الفقر وترقية حياة المواطنين جميعا وتأمين الخدمات الأساسية, إقامة نظام فدرالي ديمقراطي لحكم البلاد يستجيب لخصائص أهل السودان ويمنع احتكار السلطة إو الثروة بواسطة إفراد أو جماعات أو أقاليم دون أخري وإنتهاج مبدأ التداول السلمي للسلطة, إحداث إصلاح دستوري جذري وشامل يضمن حقوق الانسان الأساسية التي أقرتها الأديان والقوانين والمجتمع الدولي وحق جميع الأقاليم في حكم البلاد, إنتهاج سياسة خارجية قائمة علي الإعتدال وإحترام حقوق الانسان أينما كان وإحترام القوانين ومراعاة حسن الجوار والإنفتاح السياسي مع كافة دول العالم وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري" (الإعلان التأسيسى لحركة العدل والمساواة السودانية, نوفمبر 2001م).

    وقد شاركت هذه الحركة بقوة فى تأسيس إتحاد الأغلبية المهمشة السودانى فى مؤتمرها التأسيسى التى إنعقدت بمدينة هتينجن بألمانيا فى 6 أبريل 2003م, وقد ورد فى الإعلان السياسى التأسيسى لذلك الإتحاد أنه قد آن الآوان لقوى الأغلبية المهمشة فى بوادى وحضر السودان، فى النقابات المهنية والعمالية، والمرأة والشباب والطلاب ومنظمات المجتمع المدنى أن يهبوا لتحطيم حاجز اليأس والقهر، وأن ينطلقوا فى إعتداد وإعتزاز غير مباليين بالصعاب والتحديات لصياغة سودان العزة والكرامة، متجاوزين فى ذلك كل عوامل الفرقة الإثنية والدينية والحزبية لأجل بلوغ الأهداف والغايات الكبرى. كما تواثق المؤتمرون على إنشاء الهياكل والقواعد التنظيمية الضرورية لإنجاز المهام الوطنية، وعلى هدى ذلك فقد تم إنتخاب مجلس إستشارى وأمانة مؤقتتين للقيام بمهام وواجبات المرحلة الإنتقالية للمؤتمر العام لإتحاد الأغلبية المهمشة فى السودان, ونسبة للدور الكبير الذى لعبه الدكتور خليل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة السودانية فى قيام الإتحاد فقد تم أنتخابه أميناً عاماً للجنته التنفيذية الإنتقالية.

    فى مقابلة صحفية مع جريدة الحياة اللندنية فى عددها بتاريخ 6مارس 2003م عرَّف الدكتور خليل إبراهيم حركته بأنها ليست عنصرية ولا إنفصالية وهي موجودة في كل مناطق السودان وتطالب بإنهاء التهميش الذي تعانيه أقاليم السودان المختلفة وأنها تتألف من جناحين سياسي وعسكري وقيادة تنفيذية ومؤتمر عام ومجلس للداخل ومجلس للخارج. وهو يتولى قيادة الجناح السياسي في الحركة فيما يقود الجناح العسكري العميد التيجاني سالم دِرو في منطقة العمليات في ولاية غرب دارفور. والعلاقة بين الجناحين علاقة إتفاق على الأهداف. كما أعلن فى نفس تلك المقابلة, ولأول مرة, بأنه هو الذى قام بإصدارالكتاب الأسود لفضح سيطرة مجموعة سكانية صغيرة على البلاد, كما قام بإصدار الجزء الثانى من الكتاب فى المؤتمر الأخير لإتحاد الأغلبية المهمشة والذى إنعقد نهاية شهر أغسطس الماضى بألمانيا, وقد تم نشر الكتابين فى موقع الحركة بالإنترنت, وقد نفى مؤخراً الأخبار التى أشارت إلى أنَّ حركته قد وقعت إتفاقاَّ مع الحكومة مثلما فعلت حركة تحرير السودان (الأضواء 9 سبتمبر 2003م), كما أصدر مكتب حركته بياناً بتوقيع إدريس إبراهيم أزرق أمين دائرة الإعلام والناطق الرسمى بإسم الحركة أكد فيه أنَّ حركة العدل والمساواة السودانية علي موقفها المعلن من وقف إطلاق النار مع حكومة الخرطوم وهو عدم وقف إطلاق النار والإستمرار في المقاومة والدفاع عن حقوق المواطنين المشروعة ولن تتراجع الحركة عن هذا إلا في إطار حل عادل وشامل لكل أهل السودان وبضمانات كافية (صحيفة القرن الأفريقى 9 سبتمبر 2003م), لكن يبدو أنَّ جناحاً منشقاً عنها قد دخل فى إتفاق مع الحكومة وقد صدر بيان من القيادة الجديدة ممهور بتوقيع حسن خميس جرو عضو المكتب التنفيذي والأمين السياسي، أكد أن خليل إبراهيم لا يمثل إلا نفسه بعد إعفائه من رئاسة الحركة, ووصف البيان تصريحات خليل التي رفض فيها وجود حوار مع الحكومة ووقف إطلاق النار في أبَّشي بأنها مردودة ولا تمثل إلا من أطلقها, وحمل البيان التأكيد على أن الحوار المستمر الجاد هو الوسيلة الأمثل للتوصل إلى الحل السياسي الأمثل، مثلما أن الكفاح المسلح وسيلة ضرورية للحفاظ على المكتسبات وصيانة العهود (الرأى العام 10 سبتمبر 2003م).

    وبجانب شرح دواعى قيام الحركة وتفصيل أهدافها فإن الإعلان التأسيسى لحركة العدل والمساواة إشتمل أيضاً على جملة من الوسائل المؤدية لتحقيق الأهداف والتأكيد على العمل الجاد لإنهاء الظلم الإقتصادى والسياسى والإجتماعى فى كل أقاليم السودان. وقد بذلت الحركة جهداً كبيراً فى تأسيس أدبياتها, فقامت بإعداد مسودة ملامح دستور السودان المنشود, فى أغسطس عام 2002م, جاءت مفصلة لكل قضايا السودان الراهنة و تمت معالجتها عبر أربعة محاور هى محور أركان مشكلة السودان, محور معالجة مشكلة السودان, محور ضمانات تطبيق الدستور وإستمراره, وأخيراً محور منهج كتابة الدستور. ويبدو أن للحركة تنظيم محكم, بالرغم من الخلافات التنظيمية الأخيرة التى ضربتها شأن كل التنظيمات والأحزاب السودانية, كما يبدو أنها صغيرة الحجم من الناحيتين العسكرية والجماهيرية مما يدفعها للإستقواء بإتحاد الأغلبية المهمشة, ويجدر بالذكر أنَّ لها موقعاً على شبكة الإنترنت www.sudanjem.com) تعكس من خلالها أدبياتها وأخبارها.

    (3) التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى:

    تنظيم التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى أسسه السياسى ورجل الأعمال المخضرم أحمد إبراهيم دريج, ويقول بأنه ليس حزباً سياسياً كما هو شائع وإنما تنظيم يسعى لإرساء أدبيات محددة بشأن الحكم فى السودان, وعطفاً على بيانه التأسيسى الصادر فى أبريل 1994م بالقاهرة فإنَّ التنظيم أعلن عن قومية توجهه وأنه يعنى بالسعى والعمل على التطبيق السليم والكامل للفدرالية وإصلاح الحكم فى السودان, وأنه يعتبر أنَّ مشكلة السودان ترتبط إرتباطاً وثيقاً بكيفية نظام الحكم منذ إستقلال البلاد وأنَّ المخرج من هذا الإشكال تتمثل فى تطبيق النظام الفدرالى. يقول السيد أحمد إبراهيم دريج فى خطاب له بتاريخ 27 أبريل 2001م للإدارة الأمريكية, تعليقاً على مقترح مركز الدراسات الإستراتيجية والعالمية الأمريكية حول الحل السياسي للمشكلة السودانية, بأنَّ تنظيم التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني قد سبق أن قدم طرحاًً لإقامة نظام حكم فدرالي من أقاليم أو مديريات السودان التسعة التي كانت موجودة قبل وبعد الإستقلال، بما فيها الأقاليم الجنوبية الثلاثة, كمدخل لحل قضية الحكم فى السودان, وأشار إلى ضرورة تأسيس نظامٍ سياسي مناسب، تتمتع من خلاله كل المناطق بالحق في إختيار حكامها والحق في تقرير كيفية إدارة شئونها الداخلية في ظل السودان المتحد إتحاداً فدرالياً. وأشار فى ذلك الخطاب أيضاً إلى أنًّ فكرة تقسيم السودان إلى دولتين شبه مستقلتين, واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب (حسبما ورد فى مقترح ذلك المركز) لن يقود إلى إعادة توزيع منصف للسلطة والثروة بين الأقاليم والمجتمعات السودانية, فالأقاليم الشرقية والغربية التى في الشمال، والتي حملت السلاح ضد الحكومة المركزية، لن تقبل بنظام حكم مركزي في الشمال الذي سيحرمهم من فرصة المشاركة في السلطة السياسية في المستقبل، كما حرمهم منها في الماضي, كذلك فإنَّ خلق نظام مركزي في الجنوب سيثير الغيرة القبلية بين الجنوبيين مرة أخرى. وبالرغم من تطابق هذا الطرح مع مواقف حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة السودانية تجاه قضية الحكم تحديداً إلا أنَّ مانفستو التحالف الفدرالى لم يخصص لدارفور مساحة فى برنامجه السياسى, أو حتى يشير إليه إسماً, بل يتناوله ضمناً فى خطاب قومى عام وذلك, وحسبما تأكد لاحقاً, هو ما أدخله فى نزاع نفسى ومثَّل له مشكلة فى صياغة خطاب ونشاط منسجم يستجيب لأشواق قاعدته الدارفورية ويرضى شعورهم نحو مشكلة دارفور الشيئ الذى يبدو أنَّه قد تطور مؤخراً إلى خلاف يكاد أن يعصف بوحدته.

    وحقيقةً لم تتسق مواقف التنظيم مع تطور أوضاع الثورة فى دارفور منذ بداياتها, وتراوحت ما بين الإقتراب والإبتعاد منها, عاكسة تردداً واضحاً وتبايناً حاداً بين قيادتها وقواعدها. فبعد إنطلاق الثورة فى نهايات شهر فبراير 2003م بادرت بعض قيادات التنظيم سريعاً بتبنيها وأصدرت القيادة العامة لقوات التحالف الفيدرالي الديمقراطي السوداني بأسمرا بياناً تبنت فيه العمل العسكرى بمنطقة جبل مرة باقليم دارفورمشيرةً أنها إندلعت بقيادة القائد نصر الدين المكي, والقادة أبو خليل مرسال أبو خليل, وحيدرعاطف جاك, وحران يوسف, وموسي طه بشير, الذين يمثلون القادة الميدانيين بمناطق العمليات, كما نفت عن وجود أي علاقة لأي تنظيم آخر بتلك الهبَّة (سودانايل 20 مارس 2003م). وقد تزامن ذلك أيضاً مع تصريح آخرللقيادى إسماعيل إدريس نواي المحامى رئيس التنظيم بالداخل كشف فيه عن مساع تجري فى ذلك الوقت لتوحيد المليشيات المسلحة التي يقودها عبد الواحد محمد نور المحامي ومجموعة د. خليل إبراهيم وبقية الفصائل المسلحة تحت مسمى جديد هو الجيش الشعبي لتحرير غرب السودان (البيان 11/3/2003م).

    عكس ذلك, وفى تصريح مناقض تماماً تزامن مع تداعيات الهجوم القوى على الفاشر, نفى السيد أحمد إبراهيم دريج أى صلة لتنظيمه بتطورات الأحداث الإمنية بدارفور!, إلا انه لم يدين تلك الأحداث, ودعا في ندوة بمركز الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة أمَّها العديد من المثقفين السودانيين والمصريين ورجال السلك الدبلوماسي إلى عقد لقاء دستوري جامع تشارك فيه كل القوى السياسية السودانية مشيراً إلى أن مفاوضات مشاكوس بشكلها الحالي لن تضع حلاً للأزمة السودانية، وأضاف أن مشكلة السودان شاملة وجامعة وما يحدث في دارفور أكبر دليل على ذلك (الرأى العام 30 أبريل 2003م), لكنه, ومع ذلك, لم يخف تأييده للمجموعة التي هاجمت الفاشر وقال إن حركته ترحب بإنضمام المجموعة إليها إذا رغبت!, لكنه أكد ضرورة جلوس أهل السودان لحل أزمة البلاد (جريدة الحرية 30 أبريل 2003م).

    فى ظل هذه الضبابية ظل بعض قيادات التنظيم يتصرفون وكأنهم جزء أصيل من الثورة الناشبة فى ربوع الإقليم, خاصة الدكتور شريف عبدالله حرير, نائب رئيس التنظيم, الذى أصدر عدداً من البيانات الحركية المتعلقة بالحرب فى دارفور, فقد أصدر بيان بإسم التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني, القيادة الميدانية العامة لقوات التحالف الفدرالي, إتهم فيه الحكومة السودانية بإستخدام أسلحة كيمائية محظورة ضد ثوار دارفور فى بيان وقعه بنفسه كنائب لرئيس التحالف الفدرالي (صحيفة القرن الأفريقى 17 يونيو 2003م). إلا أن الحكومة ردت عليه واصفة بيانه بالتهريج, وصرَّح د. مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية في تصريحات صحفية بشأن ذلك أن الجهات التي تروج لإلصاق التهم على السودان "لن تستطيع أن تفعل شيئا" (الرأى العام 19 يونيو 2003م). كما ظلَّ السيد أمين حسن عبد الله, مسئول مكتب التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني بجمهورية مصرالعربية, يكتب عن شئون تنظيمه بنشاط ملحوظ وضمن ذلك أصدر بياناً حول رؤية التحالف الفدرالي حول قضية دارفور دعا فيه لإقامة نظام فدرالي حقيقي من أقاليم السودان التسعة التي كانت موجودة قبل وبعد الاستقلال لإدارة البلاد (القرن الأفريقى 24 يونيو 2003م). وخلال ذلك تأكد إنخراط القوات العسكرية التابعة للتنظيم (والتى كانت قبلاً مرابطةً بالجبهة الشرقية) فى الصراع المسلح بدارفور, ففى شهر يوليو أعلن القائد العام لقوات التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني المسلحة اللواء أركان حرب أبوبكر كادو فى بيان له صدر بأسمرا أن قواته المرابطة بالمناطق المحررة بدارفور دخلت فى مواجهات حادة مع مليشيات وقوات الحكومة حول مدينة الطينة الحدودية ثم لاحقاً حول منطقتى كتم وديسة (القرن الأفريقى 23 يوليو 2003م), أتبعه ببيان آخر أشار فيه أن قواته تشن هجوماً عنيفاً على قوات الحكومة السودانية ومليشياتها حول مدينة كتم الإستراتيجية بشمال دارفور للسيطرة عليها مما أدى ذلك الهجوم إلى تقهقر قوات العدو خارج المدينة (القرن الأفريقى 28 يوليو 2003م). ولم توضح تلك البيانات ما إذا كانت قوات التحالف الفدرالى قد دخلت فى تلك المواجهات بمفردها أم بالتنسيق مع قوات حركة تحرير السودان.

    ومع تسارع الإيقاع نحو آفاق السلام تأكدت صحة ضلوع التنظيم فى مسار الحركة المسلحة بدارفور, فقد أوضحت مصادر مطلعة أنَّ الدكتور شريف حرير (ممثلاً لتنظيم التحالف الفدرالى) والدكتور جبريل إبراهيم (ممثلاً لحركة العدل والمساواة السودانية) قابلا قبل أيام من توقيع إتفاقية الهدنة بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان الرئيس التشادى إدريس دبي بإنجمينا حيث طالبهما الأخير بتفويض لتوقيع إتفاق السلام, إلا أن القياديين طلبا مهلة الرجوع إلي قواعدهما (جريدة الصحافة 4 سبتمبر 2003م). كذلك أكد الدكتور شريف حرير لقاءه بالقيادى الحكومى الشفيع أحمد محمد طاهر وقيادات مبادرة دارفور بهولندا وإعتبر أنَّ ذلك يدخل فى جهود المقاربة خطوة لإستكشاف مدى جدية الحكومة في إدارة حوار موضوعي مع المسلحين, ورهن جلوسهم الإستكشافي مع الحكومة بالتوقف عن إطلاق الوعيد والتهديد ومحاولات التجريم, غير أنَّه عاد ليستبعد حدوث إتفاق مع الحكومة خارج إطار الحل الكلي للمشكل السوداني (الأضواء 2 سبتمبر 2003م). وعلى كل فقد عاد حرير و أصدر بياناً بإسم التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني, القيادة الميدانية العامة لقوات الاتحاد الفيدرالي المسلح, أيَّد إتفاق وقف إطلاق النار المؤقت بين حكومة الخرطوم وحركة تحرير السودان, وإعتبره حدثاً هاماً في تاريخ ثورة دارفور, إذ إنتزع الثوار الإعتراف بقضية دارفورمن حكومة كانت حتى بالأمس تصفهم بصفات يعف اللسان عن ذكرها. كما ثمَّن الدور التشادى ودعا الجماهير إلى مزيداً من الوحدة لتحقيق الأهداف الكبرى التي قامت الثورة من أجلها. وأكد إلتزام الثوار الكامل بهذا الإتفاق لإعطاء الفرصة لإغاثة الأهل وترتيب أوضاعهم، وحذر حكومة الخرطوم من مغبة العودة إلى الطرق المعهودة في خيانة العهود وخرق الإتفاقات داعياً إلى اليقظة التامة والوحدة الكاملة من شعبنا لتفويت الفرصة على من يلعبون لعبة فرق تسد (الأضواء 4 سبتمبر 2003م). و لم يوضح حرير ما إذا كانت قواته قد وقعت على الإتفاقية أيضا.

    من الناحية التنظيمية, وبالرغم من وجود تنظيم التحالف الفدرالى الديمقراطى السودانى على الساحة منذ ما يقرب على عشرة سنوات من تأسيسه, إلا أنَّه يبدو أنه يعانى من بناء تنظيمى ضعيف, ويفتقر إلى الأجهزة الإعلامية التى يمكنه من أن يرسل عبرها صوته ورسالته إلى قواعده و جماهير الشعب السودانى, وبالرغم من وجود أغلب كوادر قياداته بالخارج إلاَّ أنه لا يملك موقعاً على الإنترنت, كما أنَّه قد فشل فى إقامة مؤتمره العام بأسمرا و الذى كان من المخطط له أن ينعقد نهاية شهر يوليو الماضى لأسباب غير معروفة.
                  

العنوان الكاتب Date
نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل ابنوس09-15-03, 02:44 PM
  Re: نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل ابنوس09-15-03, 02:44 PM
  Re: نقلا عن سودانايل / ثورة دارفور .... ومآلات المستقبل WadalBalad09-16-03, 05:35 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de