بالدموع والأحزان نبكي إنقسام السودان
انفصال جنوب السودان والذي أصبح قاب قوسين او أدنى أصابني بألم مبرح وحزن عميق وحسرة دفينة وجرح نازف، انتابني إحساس بأن هنالك جزء من جسدي عزيز على نفسي يبتر غصبا عني دون تخدير أو مسكن للألم ، ليجعلني أنزف وأتوجع ، لم أستطع منع عيوني من ذرف الدموع علها تزيل عن دواخلي الهموم وتغسل عن نفسي الأحزان ، سيظل هذا الفقد يلازمني لسنوات طوال لأنني تربيت على حب هذا الوطن وأبنائه من نمولي إلى حلفا غض النظر عن ديانتهم أو عرقهم أو لونهم ، وجبلت على عشق خارطته والتي تشكلت في دواخلي وأصبحت حدوده شرايين تضخ الدماء إلى قلبي ، هنالك رابط ثقافي وحب صادق وأزلي يربطني مع أهل الجنوب ، لم أفقد يوما إحساسي بالانتماء إليهم أو انتمائهم لي ، تكونت بيني وبين بعض أهله علاقات شخصية امتدت على المستوى الأسري ، زاملت الكثير منهم في المراحل الدراسية المختلفة ، وشاركتهم السكن في مدرسة خورطقت الثانوية وزاملت الكثير منهم في جامعة الخرطوم وعند التخرج في مستشفي الأسنان ،وفي حياتي اليومية ، هذه العلاقات الإنسانية الممتدة دمرتها حكومة الإنقاذ بسياسات خرقاء وقرارات قمعية وأخطاء لا تغتفر لتحملنا نحن تبعاتها ولتبقى هي في سدة الحكم تحتفل بأحزاننا وتدرج فواجعنا ضمن إنجازاتها. مقدرتنا على تحمل ترهات الإنقاذ بدأت تضعف وتوهن ، وصبرنا بدأ يتلاشى ويقل ، والجروح التي سببتها للوطن بدأت تتقيح وتفسد ، كُنا نمتص أخطائهم وسلبياتهم ونكتم ألمها في دواخلنا ووجعها في أكبادنا وحسرتها في قلوبنا فتمزق أحشائنا وتدمر دواخلنا لتحطم ما تبقى من صحة وقوة وعُمر، استعنا عليها بكثير من الصبر والقوة العزيمة ولكن كانت النتيجة وطن مدمر وأرض ممزقة ومواطن مقهور ووجدان جريح ، ورغم ذلك نضالنا لم يفتر ومواقفنا لم تضعف ومقاومتنا لم تنهار حتى وإن كانت بأضعف الإيمان . غالبية القرارات التي اتخذها هذا النظام كانت تشد هذا الوطن وبقوة إلى الوراء وترمي به في وحل التفكك ومستنقع التشرذم والاقتتال ، حتى مكتسباته التي انتزعها طوال تاريخه من تعليم وعلاج مجاني وحرية وامن وطمأنينة سلبته إياه وتنصلت من كامل مسئولياتها تجاهه لتجعله وحده يكابد لتوفير لقمة العيش ويعاني لتعليم الأبناء ويشقى لينال العلاج . هذه الحكومة لا تُمهل الشعب كي يشفى من أوجاعه التي سببتها له حتى تفاجئه بضربة موجعة أخرى تحتاج إلى سنوات لامتصاص أثارها ، وها نحن في غمرة صدمتنا بانفصال جنوب السودان تهدي لنا الحكومة زيادة في الأسعار لتزيد معاناة المواطن النفسية والاقتصادية والاجتماعية . الإنقاذ أثبتت أن لها مقدرة فائقة لتضليل هذا الشعب فكلما أدخلت نفسها في ورطة سياسية وحوصرت في زاوية ضيقة من قبل الشعب أو المجتمع الدولي استعانت بالدين الإسلامي لتستغله ظلما وبهتانا وبكل خبث وسوء نية لتضليل المواطن السوداني ودونكم خطاب قائدها في القضارف والذي أدانه الكثير من المتابعين ومن بينهم من كان ينتمي لتيارهم الفكري نفسه. إنني أعجب لهذا القائد والذي يناقض نفسه في كل خطبة يلقيها ، حاول أن يصحح الخطأ الذي ارتكبه في القضارف في خطاب آخر في إستاد المريخ أمام طلاب الدورة المدرسية بعد أن نصحه مستشاروه بذلك ولكن كيف يُصحح بعد أن سارت بالأول الركبان ، وبمضاهاة الخطابين بخطابه في جوبا يستطيع أي متابع أن يصل إلى نفسية الرجل ومن أين ينطلق. هذه الحكومة ليست قائمة على فكر أو مبدأ وإنما على مصالح إقتصادية وسياسية لا يتورع أهلها في حمايتها بسياج من الدين حتى ولو كان نشاطهم هو عين الحرام سرقة وفساد ومحسوبية ورشوة وكذب وتضليل .الآيات والأحاديث حاضرة في كل الأوقات لتبرير المواقف و أخرى تقفز إلى أذهانهم المريضة لتبرر مواقف تناقض الأولى ولا يطرف لهم جفن في ذلك معتمدين على تفشي الجهل بين العامة والبسطاء ،وإنني أتعجب لرئيس تتفكك دولته وتتجزأ أراضيه وشعبه في قمة إحباطه وحزنه يبشرهم بقطع الأيدي والأرجل والجلد والصلب مختزلا الشريعة الإسلامية السمحاء في هذه الحدود والتي أفرغها من محتواها ليجعلها سيفا مسلطا يهدد به كل من يعارضه أو يقول في وجهه كلمة حق ، هذا القطع والرجم والصلب سيطبقه علينا ا إذا تم انفصال الجنوب أما إذا لم يتم الانفصال وكانت الوحدة (التي دعا لها وصلى من اجلها ووعد بدفع كل بترول السودان ثمنا لها ) ستستمر الشريعة المدغمسة ،ويعفينا من هذه العقوبات ، من يُخادع هذا الرجل ؟ إنني أتسأل ما هي القوانين التي كان يطبقها علينا طوال العشرين عاما الماضية ؟ إذا كانت هي الشريعة الإسلامية فلقد أساء وصفها في خطابه وإذا لم تكن هي الشريعة فانه كان يخدع هذا الشعب باسم المشروع الحضاري .دائما يعودنا هذا الرجل على إخفاء فشله بالتدثر بعباءة الدين وطمس أخطائه بالتهديد والوعيد والرقص في كل المناسبات . وإذا لم تكن هذه هي المتاجرة بالدين فكيف تكون ؟

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]