الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 04:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.منصور خالد
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-16-2003, 00:22 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية (Re: Yassir7anna)

    جنوب السودان فى المخيلة العربيَّة الصورة الزائفة والقمع التاريخى
    د. منصور خالد
    تصدير
    يحتوى هذا الكتاب على جزأين؛ فى الجزء الأول تتضام أفكار ورَّدت فى مجموعة من المقالات نُشرت فى جريدة الشرق الأوسط ما بين 29 يونيو و3 أغسطس 1997 فى معرض الرد على ما نشرته تلك الصحبفة لكاتبين مرموقين. الرد، فى جوهره، كان مدخلاً لتناول مواقف بعض المثقفين والمحللين العرب العرب من القضيَّة السودانيَّة التى اختصرها أولئك المعلقون فى "قضيَّة الجنوب"، وبخاصة قضيَّة "الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان" ورئيسها الدكتور جون قرنق دى مابيور؛ وقرنق فى حد ذاته مشكلة استعصى فهمها على أولئك المعلقين لأسباب عددا. أهم هذه الأسباب، فيما نحسب، هو القراءة الزائفة للخارطة السودانيَّة؛ زيفها مصدره إغفال تنوع التضاريس الإجتماعيَّة فى السودان، والتجاهل العمدى لتعدد النتوءات الثقافيَّة فى تلك الخارطة المعقدة.
    أما الجزء الثانى فيتناول الإمتداد الداخلى لهذه النظرة "العربيَّة" الزائفة للواقع السودانى. ومع أنّا سنقدم لذلك الجزء فى الموقع المناسب، إرتأينا الإشارة فى هذا التصدير الى القضايا المحوريَّة التى سنتناولها فى الجزء الثانى لما بين الجزأين من ترابط فكرى. فى الجزء الثانى نتناول الصوامت فى الخطاب الشمالى- أى الأبعاد المكبوتة فى ذلك الخطاب- بإلقاء الضوء على الدلالات المغيبة فيه، وإزاحة الستار عما تصالح صانعو الراى العام السودانى أو تواطئوا على طيه وكتمانه. أهم ما نسعى لإستكشافه وتبيانه ظاهرة الإسترقاق؛ أصلها وإنعكاساتها ورواسبها المعاصرة. وبالرغم من أنّا لن نبلغ بالأمر مداه من الإستقصاء فى هذا المؤلف الصغير إلا أنّا نقبل عليه دون أدنى مداراة أو إستحياء. نزيد الأمر إيضاحاً بإبراز وجوه التحامل المريب ضد الحركة الشعبيَّة من جانب شريحة كبيرة من مثقفى الشمال لا نستهين بأثرها، وردود الفعل التى يستدعيها ذلك التحامل كما تستدعيها النظرة الشماليَّة النمطيَّة للجنوب، لدى شريحة نظيرة من نخب الجنوب. تلك الشريحة تنكبت الطريق فى تحليلها لمواقف أهل الشمال وكأنهم كل لا يتجزأ، أو فى إقترابها من ظاهرة الإسترقاق لأنها أقبلت عليها من منطلق دونى. لا محيص عن التعمق فى فكر هاتين النخبتين لأنَّ أفكارهما المهيمنة- ما يعلن منها وما يتسلل الى العقل بالإيحاء والإيماء- هى التى أوردت السودان موارد التيه حتى تزعزعت سواريه. هذا أثر لا تحمل عامة الناس وزره، لا لأنه لا مكان لهذه الأفكار الملوثة فى الخارطة الإدراكيَّة للعامة وإنما لأنَّ المسئوليَّة عن تكريسها أو الإستهانة بها تقع كلها على عاتق النخب التى تحدد المسار، وتضبط وقع الخطى، وتملك القدرة- أوهكذا يفترض- على الوعى العقلانى بالتاريخ.
    بوجه عام تدور موضوعات الجزء الأول فى محاور ثلاثة نوضحها بجلاء "تسويراً" للقضايا كما يقول المناطقة- أى تحديداً لها- حتى لا نتلاحى فيما هو غير ذى موضوع، أو نسدج فى الباطل. نخلص من بعد الى إنعكاسات هذه القضايا على حاضر السودان السياسى والثقافى بل والوجودى قبل النفاذ للحديث عن أثرها على مستقبله، ونحسب أنَّ الإختباط الذى تقود اليه الرؤى الرومانسيَّة للواقع السودانى، أو الذهول عن المعطيات التاريخيَّة المحليَّة التى شاركت فى صياغتهأ أو التعامل الإستهتارى بالمتغيرات الخارجيَّة التى لا معدى عن تأثيرها عليه، أو المغامرات الصبيانيَّة التى تنجم عن هذا المنهج السطيح فى تناول القضايا المعقدة، لن يبقى للسودان مستقبلاً غير الإنشطار الأفقى والتمزق العمودى.
    أثارت المقالات التى يتضمنها الجزء الأول ردود فعل متباينة من القراء فيها من القدح بقدر ما فيها من الإمتداح، وفيها من السجال بقدر ما فيها من لغو الرجرجة. وما لهؤلاء الأخيرين تجردنا للكتابة بالأمس، ولا لأجلهم نشد حزامنا اليوم للتعقيب. والرجرجة فى قول على أب الشهداء المبرور سيفه، هم "الذين إذا اجتمعوا ضروا وإذا تفرقوا لم يعرفوا". لرواد السجال الهادف نقول مرحباً لأنَّ مسعانا من الكتابة دوماً هو تحريك بحر السكون الفكرى حتى لا يتشاج الناس فى الأمور بلا كتاب منير يضئ طريق البحث والإستقصاء، أو ينزلقون الى إصدار الأحكام بلا دليل رجيح أو برهان أكيد. ولعلَّ من أكبر محننا فى العالم العربى- والسودان خاصة- هى أننا ما زلنا أسرى للثقافة الشفاهيَّة فى عالم يحكمه منهج المعلوماتيَّة التوثيقيَّة والتكنولوجيا الرقميَّة. فى مثل هذا العالم لا مكان للقارئ الكسول ولا حياة للناقد العجول لأنَّ كليهما لا يصبر على التملى فى جذور المشاكل، وكليهما يحتسب أنَّ ترديد الشوائع يغنى عن الحقيقة.
    المنهج التوثيقى أشدّ لزوماًعند تناولنا للقضايا الإجتماعيَّة المعقدة التى لا ينبغى أن يبتنى الناس أحكامهم فيها على إفتراضات وساوس، وشوائع ملهوجة، وثوابت مزعومة يستوى إنكارها عند هؤلاء وإنكار المعلوم فى الدين. ولا ثوابت فى التاريخ الإجتماعى إلا عند الذين يتذرعون بيقين جاهل، أو الراغبين فى الهروب من التفسير البرهانى لـ"المسلمات" الإجتماعيَّة. ومن المؤسى أنَّ الرد على كل من ينكر هذه "المسلمات" التالفة (وهى تالفة لتلف مقدماتها) يجئ دوماً فى أسلوب هستيرى متوتر لا يعين الناس للإصطلاح على الحقيقة. هذه "الهسترة" سنتجاوزها فى ردودنا، ولا غضاب، سائلين الله السلامة لمن آثروا إطاعة وساوسهم. نصحب إعادة نشرنا للمقالات أيضاً فى هذا التصدير بإلقاء مزيد من الضوء على القضايا المحوريَّة التى تناولتها المقالات مستلهمين فى ذلك بعض ما أثاره النقاد؛ كما نضيف الى المقالات وهوامشها ما استجدَّ من أحداث تؤكد صحة ما ذهبنا اليه، أو تدعيم ما لم نفه حقه من التحليل.
    أول المحاور هو هُويَّة (بضم الهاء) السودان الثقافيَّة وماهيته الوجوديَّة. فالسودان ككائن حضارى، ليس هو ما ينبغى عليه أن يكون وفق رغائب بعض أهله، أو حسبما يتخيله أكثر المحللين العرب إبتناءً على مقايسات غير متوافقة أو إسقاطات خاطئة. الذى يحدد كينونة السودان هو واقع اثنى وثقافى شاخص لا ينكره إلا الأعشى، وإرث تاريخى متنوع ومتميز لا يتنكر له إلا دعاة قمع التاريخ. وفى الحالتين لا يحتاج المرء الى النفاذ الى الأبعاد المايكروسوسيولوجيَّة أو أنثروبولوجيَّة ليستكشف حقيقة هذا التنوع والتميز. الهُويَّة أيضاً لا تفرض بقرار سياسى أو تفترض إنطلاقاً من مفهوم ذاتى إنغلاقى بل هى نتاج لسيرورة تاريخيَّة (historical process) فى إطار تمازج متنوع الوجوه، وصراع متعدد الأسباب، وهى بهذا مفاعلة ومثاقفة بين أكثر من طرف.
    المحور الثانى هو طبيعة العلاقات العربيَّة- الأفريقيَّة بوجه عام وإسقاطات الواقع السودانى على هذه العلاقات بوجه خاص. وقد درج العرب (بما فيهم أغلب أهل شمال السودان) على نعت بلادنا بالجسر الذى يربط بين الكيانين العربى والأفريقى. هذا تعبير لا نستسيغه وقد ظللنا نتحاشاه فيما نكتب، ونستنكره فى مواقعنا الرسميَّة لأنَّ الجسر كيان سلبى غير فاعل، وليس هذا هو دور السودان. السودان، فى يقيننا، هو البوتقة التى إنصهرت وتنصهر فيها العروبة والزنوجة، وتتمازج فيها الثقافة العربيَّة بالثقافات الأفريقيَّة، وينعكس فيها التفرد العربى والتنوع الأفريقى؛ ومن هنا جاء توصيف السودان عند بعض الكتاب بأفريقيا المصغرة (microcosm of Africa). فالحاضنة الثقافيَّة للشخصيَّة السودانيَّة ليست هى العروبة ولا الزنوجة وإنما السودانويَّة. كما أنَّ القاع الإجتماعى للوطنيَّة السودانيَّة ليس هو الإستعراب أو التزنج وإنما هو أيضاً السودانويَّة. السودانويَّة نتاج عروبة تنوبنت وتزنجت، ونوبة تعربت، وإسلام وشته على مستوى العادات لا العبادات شية من وثنيَّة. دور السودان لكل هذا ليس هو تجسير فجوة بين كيانين قائمين بل إبداع كيان جديد متعدد الوجوه هو الآخر، أسميناه الوحدة الأفريقيَّة، أو التكامل العربى- الأفريقى، أو وحدة الجنوب ضد هيمنة الشمال (الجنوب والشمال بمعناهما الكونى) بإعتبار أنَّ الدول العربيَّة والأفريقيَّة تمثلان الكيان الأعظم فى مجموعة دول الجنوب. لهذا فإنَّ أى مغامرة غير محسوبة تعمق من الصدوع العرقيَّة والدينيَّة والثقافيَّة فى السودان لن تؤدى فقط الى تمزيق السودان، بل ستقود بلا محالة الى إجهاض الأحلام الكبرى التى تتجاوز حدوده بدءاً بالوحدة الأفريقيَّة والتكامل العربى الأفريقى.
    المحور الأخير هو دعاوى الإسلامويَّة السياسيَّة فى السودان والتى أسست على تخيل لا يأبه للواقع المحلى ببعديه الإسلامى وغير الإسلامى؛ ولا يكترث لحقائق العالم الذى يعيش فيه؛ وتكاد لا تعنيه المهالك التى يتردى فيها السودان وأهله بسبب هذا الإستخفاف. هذه الإسلامويَّة تمتطى صهوة لا نجاة لراكبها لأنها تسير ضد الميل الفطرى لمسلمى السودان بل ضد إيكولوجيته الإجتماعيَّة وأركيولوجيته الثقافيَّة. سياسات الإسلامويَّة الجديدة لم تؤد الى تقليص هامش التسامح الدينى الذى عُرف به السودانيون فى الماضى فحسب، بل أصبحت نموذجاً فادحاً للإرتداد الى ماض سحيق رغم كل دعاواها عن البعث الحضارى. ولا مشاجة فى أنه من حق أهل أى ملة أن يستلهموا ماضيهم، بيد أنَّ إستلهام الماضى شئ والإستيطان فيه شئ آخر. ظنَّ هؤلاء الإسلامويون بأنهم يملكون بديلاً يتحدون به الفكر القومى والأممى والليبرالى؛ والإجتهاد حق لكل من هو قادر عليه شريطة ألا يحسب أن إجتهاده هو محكم التنزيل أو يذهب به الإجتهاد الى أبلسة الآخر لما فى ذلك من إستئصال فكرى لخصومه. ولعلَّ فيما حاق بالسودان من أمر أفقم فى عقد التسعينات ما يحمل أى مسلم مجتهد يملك الحد الأدنى من التواضع العلمى على الذهاب مذهب الإمام الشافعى رحمه الله مع من يخالفونه الرأى: "رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأيهم خطأ يحتمل الصواب". بيد أنَّ هذه الخالفة- دون أن نغمطها أشياءها وحقها فى الرأى- أعطت نفسها فوق كنه إستحقاقها، أولاً بإحتكارها للحقيقة، وثانياً بتظنيها أنَّ ما ترتأيه هو الصواب المحض، وأخيراً بإيهامها النفس بأنَّ ما تدعو له بإسم الإسلام هو الجوهر المطلق. بل كادت هذه الخالفة تحسب وليها الفقيه- وهو من نعرف- إستنساخاً سودانياً لزيد بن على بن الحسين الذى قيل عنه إنه لم يهتك لله محرماً منذ عرف يمينه من شماله؛ فمن مثل هؤلاء وحدهم يترجى الناس العصمة فى البشر.
    وعلى كل فأكثر ما يستفز المرء فيما جاءت به الشريحة التى نتصدى لها من المعلقين العرب حول الشأن السودانى هو الإيحاء بأنهم أكثر درايَّة بشعاب مكة من أهلها، وفى هذا هم ضحايا نزعتين: الأولى ظنهم الثابت بأنَّ وراء كل حدث داخلى مؤامرة خارجيَّة، رغم أنَّ فيما يتواتر من الأسباب الداخليَّة ويتسرد من الوقائع المحليَّة ما يفضى دون ريب للحدث/المؤامرة. النزعة الثانيَّة هى إفتراض السذاجة فى أهل السودان لأنهم لا يفطنون لما يراد بهم من شر. حقيقة الأمر أنَّ هؤلاء المعلقين أسارى لنظرة طوباويَّة لما يجب أن يكون عليه السودان وفق منظور أيديولوجى محدد ولا يعنيهم، فيما يبدو، إن توافق هذا المنظور مع معطيات الواقع الموضوعى أو تعارض معها.
    النزعة الأولى تكاد تكون ظاهرة مرّضية يقمن بمن أصابته اللواذ بأريكة طبيب نفسى شأنَّ كل من يعانى من الرهاب الفكرى (الفوبيا) إن لم يكن البارانويا التخيليَّة. بيد أنَّ المرء يستشف فى هذه النزعة أيضاً محاولة باطنيَّة لإزاحة مسئوليَّة نقد الذات عن الكاهل بالرغم من أنَّ النقد هو الوسيلة المعرفيَّة الأساسيَّة للنفاذ الى الحقيقة، بل هو- فى قول ايمانويل كانت- أهم أداة إبتدعها العقل البشرى للبناء المعرفى. فأصحاب هذه النزعة يعرفون- كما نعرف- أنَّ للآخر أهدافاً ونوايا؛ ويعرفون- كما نعرف- أنَّ نواياه نحونا قد تكون تخذيليَّة إن لم تكن عدوانيَّة؛ ويدركون- كما ندرك- بأنا لا نستطيع أن نغير الآخر أو نبدل من نواياه لأنها تخدم من منظوره ما يحسبه مصالح أساسيَّة. الأمر الذى يستطيعون ونستطيع أن نفعل هو إزالة الظروف الموضوعيَّة التى تحيط بنا والتى تُمكن الآخر من التخذيل والهدم والصيد فى الماء العكر. والى أن نفعل هذا يصبح كل حديث عن "مؤامرات" الخارج هروباً الى الأمام، ويضحى كل صريخ منبرى عن المؤامرات التى تستهدف الوجود مصارعة لطواحين الهواء على نهج دون كيخوته. ومع ما فى الرهاب الفكرى من ثقة زائفة بالنفس إلا أنه فى الحقيقة تعبير عن رعب من الآخر يكاد بأخذ صفة العدوانيَّة.
    أما النزعة الثانيَّة فتعبر عن تمركز فى الذات خاصة عندما يذهب أصحابها لإسقاط تجارب عربيَّة معينة وفق تحليل أيديولوجى محدد على الواقع السودانى الذى لا نعرف له نظيراً فى العالم العربى. فى هذا يستوى أرباب العقائد الدهريَّة مع أرباب العقائد الدينيَّة السياسيَّة. فما ورّد- مثلاً- حديث عن حرب الجنوب فى السودان إلا وأردف بحديث عن مؤامرات التمزيق فى العراق (بين العرب والأكراد)، وقضايا الأقليَّة "البربريَّّة" فى الجزائر (الصراع اللغوى والثقافى بين العربيَّة والأمازيغيَّة)، ووضع الأقباط فى مصر. نحن زعيمون أن ليست هناك أدنى صلة بين المشكل السودانى وتلك القضايا التى يتشاج عليها أهل العراق والجزائر ومصر. فالجزائريون والعراقيون يوثق عرى الوحدة بين عربهم وأكرادهم وأمازيغييهم فى عالم الغيب والشهادة رباط واحد هو الإسلام؛ تربط بينهم صلواته الجامعة، ويغذى أرواحهم كتابه الكريم، مأدبة الله فى الأرض. أما قبط مصر فقد توحد وجدانهم مع وجدان من جاورهم من المسلمين منذ أن جاءها هؤلاء الأخيرون يحملون ما قيل إنها وصايَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله سيفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإنَّ لكم منهم صهراً وذمة". هذه السماحة فى الدين وتلك الرعايَّة للذمم هى التى حملت قبطياً مرموقاً (مكرم عبيد) الى موقع الأمانة العامة لأكبر حزب وطنى فى بلاده (حزب الوفد)، وهى التى جعلته يقول ولا يألو: "أنا قبطى ديناً ومسلم وطناً"، وهى التى جعلت مواطنيها يخرجون فى تظاهراتهم وراء زعيمهم سعد يحملون رايات يعانق فيها الهلال الصليب. هذا أمر يستوى والكفر فى سودان اليوم الذى أنكرت فيه الغالبيَّة إرتفاع الصليب فى ميدان عام كُرمَّ فيه بابا الكاثوليك.
    السودان على غير هؤلاء، محشر أقوام أرادت لهم ظروف التاريخ، وقضى عليهم واقع الجغرافيا، التعايش مع بعضهم البعض فى رقعة محدودة من الأرض على إختلاف أديانهم وتنوع ثقافاتهم وتباين سحناتهم. وعبر سنوات طوال من التمازج والتصادم، والتحارب والتصالح، والتصاهر والتباين، بدأت تتخلق شخصيَّة جديدة متميزة عن مكوناتها الأصليَّة. هذه السيرورة التاريخيَّة كان من الممكن أن تمضى الى نهاياتها المنطقيَّة دون قهر أو إملاء لولا أدلجة السياسة والدين معاً. ومحنة الأيديولوجيين جميعاً أنهم لا يرتابون كثيراً فى أنفسهم وأفكارهم، ولا يعقل المرء عن التورط فى المهالك غير الشك والتساؤل فى كل ما يبده فكره أو يتخلج نفسه.
    فمن ناحيَّة الأيديولوجيا الدهريَّة ينطلق العروبيون من يقين ثابت بإمكان "العودة" الى وحدة عربيَّة شاملة. لو ترجح فكر هؤلاء بين الشك واليقين لتساءلوا متى كان هذا الحلم الذى يسعون للعودة اليه حقيقة؟ وفى أى مرحلة من مراحل التاريخ العربى؟ فثمة فرق بين أن يقول القائل إنَّ للأوطان العربيَّة التى يجمع بينها اللسان المشترك، والديانات ذات الأصل الواحد، والتماس الجغرافى، والطبائع المشتركة، وضرورات التكامل الإقتصادى، مصلحة فى التوحد فى عالم يتجه كله الى الوحدات الكبرى؛ وبين الزعم بمسلمات شائعة عن ميراث وحدوى متخيل لا يوضع أبداً موضع التساؤل. هذه الطوباويَّة الحالمة لا يمكن أن تكون بديلاً للواقع فى عالم السياسة، وما أكثر الذين أدموا أنوفهم فى الوطن العربى بسعيهم المكرور للقفز فوق الواقع التاريخى والوجودى لمكونات الوطن العربى من أجل الوصول الى الدولة/الحلم. فعلوا هذا بالقلم حيناً، وبالتآمر حيناً آخر، وبالغزو المشهود فى تجاربنا المعاصرة. مثل هذا النهج لا يمكن أن يكون هو السبيل الأمثل لإشباع الرغائب المشروعة لأنه- فى أحسن حالاته- إستئناس بالأوهام وإستسلام للظنون بغيَّة إرضاء النفس مما قال فيه الكتاب الكريم:" إن يتبعون إلاّ الظنَّ وما تهوى الأنفس"(النجم،23). هذه الرؤى فى واقع الأمر فانتازيا أيديولوجيَّة وصائية يجدر بنا التخلص منها. كما يجدر بالمفكرين الطامحين فى الإرتقاء بمجتمعاتهم التملى فى الواقع الماثل فى هذه المجتمعات حتى لا يتدفقوا فى الباطل لأنَّ أبجديَّة التدبير العقلانى تقتضى التثبت من الحقائق لا الفتل غير المحكم لحبال الأمانى.
    مثل هؤلاء الطوباويين كمثل إخوة لنا فى مصر وفى شمال السودان يحسبون أنَّ الرومانسيَّة تغنى عن الواقع. هؤلاء ما هم إلا صدى لصوت مصطفى النحاس باشا فى الخمسينات: "تقطع يدى ولا يقطع السودان". وقد قطع السودان عن مصر فى مطلع يناير 1956 على يد داعيَّة الوحدة إسماعيل الأزهرى لا على يد الإستعمار. ولعلَّ أكثر العروبيين السودانيين الذين يباهون بالزعيم الأزهرى لا يذكرونه كداعيَّة الوحدة الأول فى السودان بل ك"رافع العلم"، أى علم الإستقلال. من هؤلاء الرومانسيين أيضاً من يقول "لن نفرط فى وحدة السودان الذى ورثناه عن آبائنا"؛ أو "لن نسمح بتمزيق السودان". نحن كهؤلاء مع وحدة السودان نهب لها ما هو أكثر من القول، إلا أنا لا نفعل هذا إنطلاقاً من نظرة رومانسيَّة أو إبتناءً على مفاهيم تبسيطيَّة لواقع شديد التعقيد، وإنما بتوجيه أسئلة محوريَّة للنفس تعين على إدراك جوهر الأزمة السودانيَّة.
    الخطاب العربى، بصورة عامة، يوحى بأنَّ وحدة السودان (ويقصد بها وحدة الشمال والجنوب) لا تتعرض للخطر إلا من مصادر ثلاثة؛ الإستعمار القديم و"ربيبته" الكنيسة، والإستعمار الجديد و"ربيبته" الصهيونيَّة، ودعاة الإنفصال فى الجنوب وهم- فى نظر من يختصمونهم- ربائب الربائب. بيد أنَّ هناك كما قلنا أسئلة محوريَّة لو وجهت للنفس لتبين أصحاب نظريَّة المؤامرة أن هناك من الأسباب ما هو أدنى إن أردنا حقاً الإحاطة بأسباب ما نحن فيه جميعاً من بلبال، وما يحمل بعض أهل الجنوب على الدعوة للإنفصال. من هذه الأسئلة: ما الذى يدفع أبناء الوطن الواحد للإحتراب قرابة نصف قرن من الزمان؟ أولا يعنى إستمرار هذه الحرب رغم كل محاولات تشخيص الأزمة وإبتداع الحلول لها خلال هذه الفترة أنَّ هناك قصوراً فى التحليل يقضى بوضع الفرضيَّات المستهلكة موضع تقييم عقلانى؟ أولا يعنى تحقيق السلام على مدى عشر سنوات (1973-1983) أو إصطلاح كل أهل السودان فى الشمال والجنوب على منهاج جديد للحكم ورؤيَّة جديدة للسودان يتحقق عبرها السلام والوحدة (أسمرا، يونيو 1995) أنَّ للمشكل جذوراً داخليَّة نملك أن نسيطر عليها إن حسنت النيات وتوفرت الرؤية الصائبة؟ إنَّ الركون للإغواء السياسى والإستمساك بحبائل الأفكار المسبقة أمر مريح لمن لا يريد إستكشاف مواقع الخلل فيما يصدر عنه من أحكام، أو يسعى للإبقاء على ذلك الخلل صيانة لمصلحة مكتسبة أو تشبثاً بمفهوم متوارث؛ وليس بين كل مخلوقات الله ما هو أكثر مغالطة للنفس من الإنسان.
    أطروحات دعاة تديين السياسة أشد وعورة لأنَّ الدعوة للصحوة الإسلاميَّة فى تجلياتها المختلفة (عهد نميرى، والعهد الديمقراطى، وعهد الإنقاذ) تعانى من إختلال منطقى كبير ومأزق بنيوى أكبر. فالدعوة فى نظر البعض هى تعبير عن إرادة أهل السودان بالرغم من أنَّ ليس كل أهل السودان مسلمين. كما هى عند البعض الآخر تعبير عن إرادة أغلبيَّة أهل السودان المسلمة وليس صحيحاً أنَّ هذه الأغلبيَّة تشارك النخبة المبشرة بالصحوة أو بالتوجه الحضارى نظرتها للإسلام. يصدق هذا بصورة أكثر على الدعاة الجدد (الجبهة القوميَّة الإسلاميَّة) لسببين؛ الأول هو أنها وصلت بالتطرف والإستقطاب الدينى أقصى تخومه، والثانى لأنَّ منهج هذه النخبة الجديدة غريب على أهل السودان لأنها ليست إمتداداً للمفكر الإسلامى العضوى فى السودان (الفقيه المتصوف). ذلك المفكر ظلَّ ينشر الإسلام بالحسنى، ويستألف الناس بما هو حبيب الى نفوسهم، ولا يقسر غير المسلم منهم على غير دينه، ويترك للناس أمور دنياهم. أما سبيل المبشر الجديد- مع إفتراض صدق رغبته فى أن يدخل أهل السودان جميعاً فى دين الله أفواجاً- هو السياسة بل السياسة الأميريَّة (الحكم) بكل ما يصحبها من عنفوان.
    الدعوة للصحوة الإسلاميَّة أضحت من جانب آخر، محاولة لإسترجاع الماضى والإنكفاء عليه حتى فى الرسوم والأشكال مما جعل منها ثورة مضادة للصحوة. فالصحوة تعنى إعادة صياغة أحكام الماضى حتى تتوافق مع متطلبات الحاضر لا الرحيل الى ذلك الماضى والتلبث عنده إستناداً على متن ضعيف وإعمالاً لقياس هش. أهم شرائط الإجتهاد- قبل الإلمام بالأصول، والإحاطة بالمقاصد، والإدراك للناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه- هو الوعى بمعطيات الحاضر حتى يكون هناك ترابط عقلانى بين الحدث المستجد والحكم التالد. فمن الأصول تتشعب الفروع، ومن الوعى بالحاضر تستمد الأحكام راهنيتها إذ ليس فى مقدور إنسان- كائناً من كان- أن يوجه التاريخ الى حيث يريد. من بين وجوه الحاضر الدولة القوميَّة، ونظريات حقوق الإنسان بما فيها إحترام التعدد الدينى، والتعدد الحزبى بما فيه من أحزاب علمانيَّة، والتعاون الدولى والإقليمى حتى مع دول المجوس، وقضايا أخرى حياتيَّة لا يفيد فى تناولها الإنكفاء على الماضى أو الترداد الساذج لشعار "لا بديل لشرع الله". فشرع الله لن يسعفنا فى قضايا الفيدراليَّة وتقرير المصير، ولا فى حل مشكلة الديون الخارجيَّة والمديونيَّة الداخليَّة، ولا فى قضايا التكامل الإقتصادى الإقليمى، ولا فى مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى حول الإصلاح الهيكلى للإقتصاد. كل هذه القضايا تمثل ما ينبغى أن ينصرف الحاكم لعلاجه، والعلاج لا يكون بالشعارات وإنما ببرامج محددة اصطلح عليها العالم. وأقمن الحكام بذلك أولئك الذين يقتسرون الحكم فى سبيل تحقيق أهدافهم (أى أهداف المجتمع كله) بعنافة لا تبالى، ويبقون فيه بقساوة لا تستر عورتها. هذه العنافة وتلك القساوة يبررها مجترحوها بأنهم وحدهم يملكون الحل السحرى لكل ما اشتكل على أهل السودان، لا فى أمور معادهم فحسب وإنما أيضاً فى أمور معاشهم.
    استقر فى وعى الدعاة الجدد أنَّ ديار المسلمين- بل العالم كله- ينقسم الى قسمين: حزب الله الذى يناصرهم وحزب الشيطان الذى يتلاقى فى رحابه كل من يعاديهم وبهذا تطوعوا بتوفير أرضيَّة لمن يتهمهم بالإرهاب. فما الحق الذى يملكه هؤلاء وأضرابهم فى العالم العربى ممن يطلق عليهم إسم الإسلام المستنير فى إستنكار أفكار صاموئيل هنتنجتون الحمقاء حول صراع الحضارات فى كتابه الذى يصنف الإسلام عدواً جديداً للحضارة الغربيَّة بعد زوال الخطر الشيوعى. لا نخال هنتنجتون يتحدث عن خطر على الحضارة الغربيَّة من دولة رفعت راية الإسلام قبل مائة عام على يد منشئها الملك عبدالعزيز آل سعود، أودولة فى المغرب تعاور فيها الحكم ملوك يطلق عليهم لقب أمير المؤمنين، أو دولة كمصر ظلت تؤصل قوانينها المستحدثة على نهج الشريعة الإسلاميَّة منذ عهد عبدالرازق السنهورى وكامل مرسى باشا، أو دولة كباكستان اقتطعت من شبه القارة الهنديَّة لتصبح أول دولة إسلاميَّة فى الشرق الوسيط. الذى يعنيه، فيما نقدر، هو إسلامويَّة جديدة لا تجاهر فحسب بعدائها للغرب، وإنما تتبع المجاهرة بتدمير منشآته ومطاردة مواطنيه وتهديد دبلوماسييه. وليس لهذا المنهج المتطرف المعادى لحضارات الإنسان أدنى صلة بالإسلام أو بعصور التنوير الإسلاميَّة؛ العصر العباسى فى المشرق أو الأمويَّة الثانيَّة فى المغرب. لهذا فإنَّ التخليط الذى يلجأ اليه الإسلامويون الجدد بالحديث عن عدوانيَّة الغرب على الإسلام كما يصورونه لا يعبر عن فقدان للأمانة الفكريَّة، وإنما أيضاً عن جبن عن مواجهة النتائج المنطقيَّة التى تترتب على اطروحاتهم. وسنبين فى هذا الكتاب الضرر الذى ألحقه هذا الفكر العليل بالإسلام حتى فى أفريقيا التى أراد لها أن تكون أولى مراكز إقتحامه.
    هذا الفكر المنكوب ببعديه الدينى والدهرى، والمأزق السياسى الذى قاد اليه، تجاوزهما أغلب السودانيين بوعى متأخر؛ تجلى ذلك الوعى فى إتفاق أديس أبابا (1972) الذى أجهضته الردة النميريَّة على الإتفاق بعد عشر سنوات من الوحدة والسلام، ثم إعلان كوكادام (1986) الذى أودى به إنخزال أهل الحكم فى الشمال وعجزهم- أمام تزيد الجبهة الإسلاميَّة- عن إلغاء قوانين نميرى المنسوبة للإسلام، وأخيراً مبادرة السلام السودانى (198 وإتفاق القصر (1989) اللذين كانا إنذاراً بالنهايَّة لدعاة تديين السياسة مما حمل هؤلاء على أن يجمعوا أمرهم عشاءً للإنقضاض عليهما. ثم جاء إتفاق أسمرا التاريخى (يونيو1995) والذى يمثل أولى محاولات القوى السياسيَّة الشماليَّة والجنوبيَّة للحوار حول "المحظورات": "الدين والسياسة، ومقومات الشخصيَّة السودانيَّة المتنوعة المنابت، ولامركزيَّة الحكم".
    تلك هى أولى المحاولات الجماعيَّة للعبور نحو سودان جديد، إلا أنَّ العبور من السودان القديم- سودان الحروب والإضطراب والتمزق- الى سودان جديد لا يتم عبر رومانسيَّة جديدة هى فى حقيقتها إغواء سياسى آخر لا يخلو من الغوغائيَّة. السودان الجديد لا تعبر عنه الريطورطيقيا (rhetoric لغة خطابيَّة منمقة تتسم بالمغالاة وعدم الصدق- كوش الجديدة) السائدة والتى لا تبتغى فى نهاية الأمر غير تسويق النبيذ القديم فى قنانى جديدة، أى تسويق السودان القديم بكل تراتبياته الإجتماعيَّة، وإنحيازاته الثقافيَّة، ورؤاه الملتبسة للآخر. العبور الى السودان الجديد يتطلب نقلة مفهوميَّة وتحول نوعى فى العقل الإستراتيجى السودانى فى الشمال والجنوب؛ العقل الشمالى المتلبث عند النظرة الإستعلائيَّة للآخر، والعقل الجنوبى الإنفصالى الذى توقفت عقارب ساعته الفكريَّة عند تجارة الرقيق فى القرن الماضى؛ ولكل واحدة من هاتين النظرتين عقد أورثتها لأصحابها. الثورة المفهوميَّة لا يغنى عنها أيضاً صوغ القوانين ووضع الدساتير، ولن تكون إعادة هيكلة مؤسسات السياسة بديلاً عنها. كما أنَّ تراكم الزيف فى النظر للمشكل السودانى لا يقود إلا لتكاثف العقم الفكرى الفادح الذى أوردنا، وما زال يوردنا، فى المهالك.
    منصور خالد
                  

العنوان الكاتب Date
الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 07:47 AM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 07:53 AM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 07:58 AM
      Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 08:07 AM
        Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 08:17 AM
          Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 08:26 AM
            Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-15-03, 08:30 AM
          Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية adil amin03-15-03, 08:41 AM
            Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية Abdel Aati03-15-03, 09:36 AM
        Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية SAMIR IBRAHIM03-15-03, 03:34 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية ابو تميم03-15-03, 12:26 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية قرنفل03-15-03, 01:47 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية adil amin03-16-03, 12:05 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية sudani03-15-03, 06:34 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية Yassir7anna03-15-03, 06:41 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-16-03, 00:22 AM
      Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية abdel abayazid03-16-03, 03:20 AM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية kofi03-16-03, 07:37 AM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية مريم بنت الحسين03-16-03, 01:07 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية manj03-16-03, 01:53 PM
      Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية منعمشوف03-16-03, 05:30 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية Deng03-16-03, 07:02 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-17-03, 08:15 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية Alsawi03-17-03, 08:53 PM
  Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية Deng03-17-03, 09:39 PM
    Re: الاديب و العالم د.منصور خالد رقم مهم فى السياسة السودانية بكرى ابوبكر03-19-03, 05:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de