وداعا جاك دريدا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 08:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-09-2004, 03:55 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20139

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا جاك دريدا (Re: osama elkhawad)

    شكرا للصديقة نجاة على انزال صورة جاك دريدا


    القراءة: جاك دريدا ، ونظرية التفكيك اسم الكاتب : خالدة حامد تسكام التاريخ: 2000م

    --------------------------------------------------------------------------------



    جاك دريدا ، ونظرية التفكيك..ـــ خالدة حامد تسكام

    تعد التفكيك deconstruction أهم حركة مابعد بنيوية في النقد الأدبي فضلاً عن كونها الحركة الأكثر إثارة للجدل أيضاً. وربما لا توجد نظرية في النقد الأدبي قد أثارت موجات من الإعجاب وخلقت حالة من النفور والامتعاض مثلما فعل التفكيك في السنوات الأخيرة، فمن ناحية نجد أن بعض أعمدة النقد مثل ج.هيليس ميلر وبول دي مان وجيفري هارتمن وهارولد بلوم)، هم رواد التفكيك على الصعيدين النظري والتطبيقي على الرغم من تباين أسلوبهم وحماسهم، ومن ناحية أخرى نجد أن الكثير من النقاد الذين ينضوون تحت خانة النقد التقليدي يبدون سخطهم من التفكيك الذي يعدوه سخيفاً وشريراً ومدمراً. ولم يخلو أي مركز فكري في أوروبا وأمريكا من الجدل في قيمة هذه النظرية الجديدة في النقد.‏

    فهل أن التفكيك مدمر حقاً؟ وإذا كان الجواب نعم، كيف يكون، ذلك ولماذا؟ وإذا كان الجواب لا، فلماذا هذا الرعب؟لا يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة إلا بعد فهم مفاهيم التفكيك الأساسية وتقويمها، ولعل أفضل موضع ننطلق منه لتحقيق غايتنا هو كتاب "في علم الكتابة"(1) Of grammatology الذي يعد لسان التفكيك... العمل البارز الذي أنجزه جاك دريدا، الفيلسوف والناقد الفرنسي.‏

    وأنا أعتقد أن البحث الذي يتقصى دريدا ونظريته في التفكيك تواجهه عقبتان رئيستان، الأولى أوجدها أسلوب دريدا نفسه المتسم بإثارة الحيرة فضلاً عن مصطلحاته ومفاهيمه، أما الثانية فهي سلسلة الآراء النقدية التي تعد تأويلات interpretations غير وافية أو سوء تأويلات misinterpretations محتملة، على الرغم من الضوء الذي تسلطه على بعض المفاهيم الصعبة التي شكلها دريدا، وسوف أعمل أنا على توثيق بعض هذه التعليقات النقدية قبل الشروع بتقديم وصفي وتقويمي لمفاهيم التفكيك.‏

    يؤكد م.هـ.ابرامز أن أبرز جزء في نظرية دريدا هو: "1 ـ أنه ينقل بحثه من اللغة إلى الكتابة، النص المكتوب أو المطبوع، 2 ـ إنه يتصور النص بطريقة محددة غير اعتيادية"(1) . ولم يعمد أبرامز إلى تبسيط مكانة دريدا بوصفه تفكيكاً من خلال مساواته مع البنيويين الفرنسيين الآخرين فحسب، بل أنه شوهد إلى حد كبير حينما حاول تعريف بعض الكلمات الأساسية في النقد التفكيكي مثل "الكتابة" ecriture و"النص" text. وقد بين أن الكتابة عند دريدا هي النص المطبوع أو المكتوب وأن مفهوم النص محدد على نحو غير اعتيادي.‏

    وسأبرهن في معرض تقييمي لدريدا وتعليقي عليه أن ماجاء به أبرامز لا يتعدى كونه حفنة من سوء التأويلات التي لم يحدثنا فيها عن ماهية التفكيك بل عن أمور لا تمت إلى التفكيك بصلة.‏

    أما نيوتن غارفر فهو معلق آخر على دريدا، إذ يؤكد أن دريدا واحد من فلاسفة اللغة، وأنه يشدد على أسبقية البلاغة على المنطق:‏

    ينضوي دريدا تحت لواء الحركة التي تنظر إلى الأثر الذي تلعبه الملفوظات utterances في الخطاب الفعلي على أنه يمثل ماهية اللغة والمعنى، والذي يسبب ذلك يعد المنطق مستنبطاً من الاعتبارات البلاغية(2) .‏

    وقد حظيت الحجة التي تقول إن التفكيك حقل معرفي بلاغي بالدعم من لدن هيليس ميلر الذي يقول: "إن التفكيك بحث في الإرث الذي يخلفه المجاز والمفهوم والسرد في أحدهما الآخر، ولهذا السبب يعد التفكيك حقلاً معرفياً بلاغياً"(3) ، ويعتقد موراي كريغر أن دريدا "بنيوي نقدي قد تغلب على البنيوية وقهرها، وربما يكون قد أبطلها أيضاً، "وأضاف أن الهجوم الذي شنه دريدا يعد "شكلاً أكثر حداثة لذلك الهجوم القديم الذي شنه أفلاطون على الشاعر بوصفه خالق أساطير"(4) ، ويؤكد فريدريك جيمسون أن فكر دريدا ينفي وهم تخطي الميتافيزيقيا والهرب من النموذج القديم لغرض تمحيص الجديد وغير المكتشف(5) .‏

    ومن الممكن أن تكون هذه التعليقات مصدر تضليل إذا عددناها بياناً أو تقييماً سليماً لنظرية دريدا، على الرغم من فائدتها في سيرورة البحث في التفكيك، فنحن حينما نعد دريدا مع بقية فلاسفة اللغة الذين يعتقدون أن المنطق مستنبط من البلاغة، فإن هذا يعني سد الطريق أمام إمكان إدراك حداثة أفكاره، كما أن مساواة دريدا بأفلاطون والتأكيد على أن دريدا يكرر النزاع القديم مع الأسطورة myth يمثل إساءة لمكانة دريدا، والتأكيد على أن دريدا لم يفعل شيئاً سوى نقل الاهتمام من "الكلام" الى "الكتابة"، وبذا فإن حصر النص في حجيرة خاصة، لهو سوء تأويل حقاً. إذ ينبغي على المرء أن يكون حذر عند مقاربة المصادر الثانوية الرامية إلى فهم دريدا والتفكيك. وقد انقسم النقاد إلى فريقين... فهم أما يخفقون في فهم دريدا أو يسيئون تأويل أفكاره، ولهذا السبب لا يمكن الاعتداد بالمادة الثانوية، ولا يمكن أن نعدها مسالكاً سالكة توصل إلى عالم التفكيك، لكن مع ذلك يوجد نقاد آخرون أمثال هارولد بلوم وهيليس ميلر وبول دي مان وجيفري هارتمن الذين هم بقدر أصالة دريدا، إلا أن كل واحد منهم يشكل مدرسة تقريباً ونادراً مايفسر دريدا... المعلم العظيم الأول للتفكيك. ويعد فهم دريدا الخطوة الأولى على طريق فهم التفكيك، ومما لاشك أن الخطوة الأولى تستدعي مماحكة أفكار دريدا.‏

    ويمكن القول أن النظرية التفكيكية بحاجة إلى الكثير من التحليلات الجديدة وأن أية محاولة يقوم بها أي ناقد يحاول تحليل هذه النظرية لا تحتاج إلى التعريف بالتفكيك بالضرورة لأن مثل هذه النظرية المعقدة والشائكة تمتنع عن التعريف. وعلى العكس من ذلك بإمكان المرء محاولة تفسير المصطلحات الأساسية التي شكلها دريدا لتدمير النقد التقليدي وتسهيل فعل التفكيك... وهذه هي الخطوة الأولى التي سأقوم بها هنا، وسأنوي بعد وصف وتحليل المصطلحات التي جاء بها دريدا الإجابة عن السؤال عن الكيفية التي يتمكن بها التفكيك من إعادة توجيه النقد الأدبي، وسأبين في المراحل النهائية من تحليلي أن ما وصف بالسخف هو ليس كذلك وأن للتفكيك مضامين روحية.‏

    ومن الجدير بالذكر أن "الكتابة" و"الكلام" كلمتان محوريتان يمكن أن يبدأ بهما فهمنا. وتتمع هاتان الكلمتان بدلالة خاصة في المفاهيم التقليدية للغة، إذ أن هذه المفاهيم تنص على أسبقية الكلام وأولويته على الكتابة، وأن الكلمة المنطوقة "صوت" phone كلمة غير خارجية ولها القدرة على المحو الذاتي. كما تُعرف الكلمة المنطوقة بأنها صورة صوتية سمعية) وظيفتها هي استحضار المفهوم الذي تمثله الصورة الصوتية. وتتلاشى الكلمة المنطوقة أو الصورة الصوتية في سيرورة استحضار المفهوم، ولهذا السبب فإنها بوصفها دالاً Signifier تطفئ نفسها في سيرورة التدليل على المدلول signified الذي يكون هو الأكثر أهمية من أي شيء آخر. ولا يمكن تصور هذا المدلول إلا من خلال الصورة الصوتية التي هي الدال. ومن الممكن أن نلاحظ هنا أن ثمة شيء أشبه بالثالوث في هذه العلاقة: الذهن الإنساني، الدال الصورة الصوتية)، المدلول المفهوم).‏

    والآن، ما المكانة التي تحتلها الكلمة المكتوبة في الفهم التقليدي للغة؟ تبعاً إلى المفهوم التقليدي للغة تعرّف الكلمة المكتوبة بأنها التمثيل الكتابي للكلمة المنطوقة: وبهذا الصدد فإنها دال الكلمة المنطوقة... وهكذا فإن "الكلمة المكتوبة هي دال المدلول وتعد ثانوية بالنسبة إلى الكلمة المنطوقة"، ولا يمكن أن تقوم الكلمة المكتوبة بأي شيء عدا تمثيل الكلمة المنطوقة في حين أن الكلمة المنطوقة هي الدال. فإذا أردت أنا استحضار مفهوم "زهرة" ينبغي عليّ عندئذٍ أن أنطق صوت "زهرة" زَهَـ رَة)، والدال هو هذه الصورة الصوتية أو الصورة السمعية. لكنني حينما أكتب كلمة "زهرة" فما عليّ سوى تمثيل الصورة الصوتية من خلال بنية كتابية graphic structure ولا ترتبط هذه الصورة الكتابية بأية صلة بالمفهوم، بل إن الصورة الكتابية لا تستطيع تمثيل المفهوم لأنها بنية مرئية للصورة الصوتية غير المرئية فحسب، إنها شيء أشبه بالطيف، وهي ثانوية بالنسبة إلى الصورة الصوتية ومن الممكن إهمالها، بل لابد من إهمالها.‏

    وتنبغي الإشارة هنا إلى أن الحجج التقليدية التي نسبت مكانة ثانوية إلى الكلمة المكتوبة ومكانة رئيسة للكلمة المنطوقة هي حجج ميتافيزيقية ولاهوتية (6) ، وكتب دريدا في معرض تعليقه على الأساس الميتافيزيقي الذي يرتكز عليه مفهوم الكلمة المنطوقة قائلاً:‏

    .... إن فهم الله هو الاسم الآخر للوغوس logos بوصفه حضوراً ذاتياً، ومن الممكن أن يكون غير متناه وحاضراً ذاتياً،، كما يمكن توليده من خلال الصوت بوصفه صفة ذاتية. حماسة الدال لا يمكن أن تستعير من خارج ذاتها الدال الذي تبعثه وتؤثر فيه في الوقت ذاته. وكذا الحال مع تجربة الصوت، إذ تحيا هذه التجربة وتعلن عن نفسها بوصفها إقصاء للكتابة، بمعنى آخر إقصاء للدال" الخارجي"، "المحسوس"، "المكاني" الذي يعيق الحضور الذاتي(7) .‏

    ويؤكد دريدا أن مفهومي الكلام والكتبة التقليديين هما "متمركزان حول اللوغوس" logocentric، وهذا مصطلح مهم آخر يستعمله دريدا ليعني به ما هو متجه ميتافيزيقيا أو ماهو متجه لاهوتياً(9) ، ولكي أكون أكثر دقة أود أن أوضح أن مفهومي الكلام والكتابة قد شكلتهما واشترطتهما وتحكمت بهما الميتافيزيقا. والحق أن هذا "التمركز حول اللوغوس"، هو "تمركز حول الصوت" phonocentrism.. ذلك الاعتقاد الذي يرد أن الصوت يقارب الواقع المتعالي(9) transcendental. ونجد في نظرية دريدا، أن التمركز حول اللوغوس والتمركز حول الصوت هما مصطلحان مختلفان يمثلان ظاهرة واحدة: النشوء الميتافيزيقي metaphysical genesis لمفهوم الكلام والفهم.ويركز التمركز حول العقل والتمركز حول الصوت على الصوت لأن هذين المفهومين يتولدان من الاعتقاد القائل أن الصوت يتوسط بين العقل الإنساني والواقع المتعالي. ويمكن القول أن هذه الحجة مقاربة للمفهوم الهندي لسلطة الـmantras. ويمكن تعريف الـ"mantra" بأنه صوت أو سلسلة من الأصوات. ونحن نعتقد أن للصوت سلطة لأننا نرى أن بإمكانه إثارة السلطة المتعالية إذ نعزي الأهمية إلى نبرة الكلمات التي ننطقها... فكيف يمكن لصوت كلمة معينة نطلق عليها اسم "mantra" أن يكون متمتعاً بالسلطة؟ أنه يتمتع بهذه الميزة لأننا نرى أن الصوت يعمل كوسيط بين العقل والسلطة المتعالية. وأنا لا أسعى هنا إلىتأكيد أن المفهوم الغربي التقليدي الخاص بالتمركز حول العقل، التمركز حول الصوت هو المفهوم نفسه الخاص بـmantra لكني أؤكد وجود أوجه تشابه.‏

    ونلاحظ في التفكيك أن ثمة عنصراً آخر هو "التمركز حول الكتابة" graphocentrism، وهو مصطلح مهم بحاجة إلى التفسير قبل أن يدخل في صلب نظرية دريدا. ومن الممكن أن نبدأ القول بأن الكتابة writing كتابية grphic، وأن الجرافيم grapheme هو حرف في الأبجدية أو أنه مجموع الحروف أو المجموعات الحرفية التي من الممكن أن تشير إلى الفونيم phoneme الذي يمكن تعريفه بأنه أصغر وحدة كلام تميز ملفوظاً ما أو كلمة ما من ملفوظ آخر أو كلمة أخرى في اللغة). وإذا علمنا أن الكتابة كتابية لذا يمكن القول أن الجرافيم، تبعاً إلى مايذكره المفهوم التقليدي، دال صرف يقصد به أن وحدة الكتابة ليس لها صلة عدا كونها تمثل الصورة الصوتية. ولهذا السبب يمكن القول أن المقصود بالتمركز حول الكتابة هو انتقال الأهمية من الكلام إلى الكتابة، وهو يمثل قلباً للمفهوم التقليدي القائل بأولوية الكلام أو الكلمة المنطوقة على الكتابة أو الكلمة المكتوبة.‏

    وهناك عدد من النقاد يعتقد أن التفكيك الذي جاء به دريدا يعد انتقالاً من التمركز حول العقل إلى التمركز حول الكتابة(10) ، وهذه ليست ملاحظة بريئة ولابد من التعبير عن دلالتها قبل الاسترسال في التفسير، وأنا أرى أن أفضل طريقة لتوضيح هذه المسألة هي محاولة تبسيط الأمر من خلال القياس.‏

    فإذا كان بالإمكان مقارنة الكتابة والكلام والمفهوم الذي يمثلاه بالجسد والروح والواقع المتعالي فعندئذٍ يكون التركيز على الكلام هو التركيز على الروح والتركيز على الكلام هو التركيز على التمركز حول الصوت والتمركز حول العقل). أما التركيز على الكتابة فهو التركيز على الجسدوالتركيز على الكتابة هو التمركز حول الكتابة). فإذا كان التفكيك تمركز حول الكتابة، وإذا كان التمركز حول الكتابة يعني التركيز على الكتابة فعندئذٍ يمكن تعريف التفكيك بأنه رفض لأولوية الروح وسلطة الوسيط، وأنه تحد لما هو أخلاقي، إنه الانغمار في الحياة الدنيوية، إنه يعني اختفاء الرب... فهل من المقنع أن نقول أن التفكيك عدمي؟ nihilistic ويمكن القول أن جميع هذه التوكيدات صحيحة، والجواب عن الأسئلة أعلاه هو "نعم" عن كل مايقوله دريدا، وكل مايقصده التفكيك. سأعود لهذه المشكلة بعد دراسة مصطلحات دريدا التي تعمل بصفة أدوات تفكيكية.‏

    فبعد أن عرض دريدا الأساس الميتافيزيقي واللاهوتي لمفهومي الكلام والكتابة، شرع في فحص مسألة الوصف اللساني liguistic للغة والمفاهيم التي يحاول الوصف بناءها. والحق أن دريدا يأتي كرد فعل على نظرية سوسير التي تقول أن العلامة sign اللسانية هي وحدة الدال والمدلول. وتزعم اللسانيات الحديثة، التي ترتكز على مفهوم الدال والمدلول، والبنيوية، التي تدين لذلك المفهوم، إنهما جعلتا من دراسة اللغة، وفعل النقد حقلين معرفيين علميين، وقد بين دريدا أن هذا الزعم هو خداع فحسب، لأن مفهوم الدال والمدلول في اللغة الذي جاءنا من اللسانيات هو صورة أخرى لمفهوم الكلام والكتابة التقليدية. وقد لاحظ دريدا في أثناء عرضه للعلاقة المتبادلة بين الميتافيزيقا واللاهوت، ما يأتي:‏

    دائماً ما يوحي مفهوم العلامة داخل ذاته بالفرق بين الدال والمدلول... حتى إن تم تمييزهما بأنهما وجهان لعملة واحدة، ولهذا السبب يبقى هذا المفهوم في ضمن تراث مفهوم التمركز حول العقل الذي هو في حقيقته تمركزاً حول الصوت: التقارب المطلق للصوت والكينونة being، وللصوت ومعنى الكينونة ومثالية المعنى OG،ص 12-11).‏

    ولهذا السبب فإن نسق اللغة الذي يقال أن اللسانيات جعلته علمياً وأن البنيوية استعارته بحماس بوصفه نموذجاً للنقد، هو في حقيقته النسق القديم نفسه، أي نسق التمركز حول اللوغوس ـ التمركز حول الصوت الذي هو نتاج الميتافيزيقا.‏

    ومن الواضح أن دريدا حشر الميتافيزيقا واللسانيات في خانة واحدة وهذا يعني أن الميتافيزيقا فسحت المجال أمام اللساني ليتصور ظاهرة اللغة في ضوء القطبية الثنائية. بمعنى أن المفاهيم الميتافيزيقية... مفهوم الواقعي والمثالي، مفهوم الجسد والروح، مفهوم الخير والشر... قد فسحت المجال أمام اللساني ومكنته من تصور اللغة في ضوء قطبية ثنائية مشابهة. وتعد الحدة اللسانية، التي تقول إن الصورة السمعية تستحضر المفهوم أي أن الدال يستحضر المدلول)، تركيزاً على أولوية الكلمة المنطوقة على الكلمة المكتوبة، وبهذا الصدد فإن اللسانيات البنيوية هي صورة معدلة عن الإهمال التقليدي للكتابة، ذلك الإهمال الذي نتج عن النفور الفلسفي والميتافيزيقي من الطابع الخارجي والمرئي والمجسد للكلمة المكتوبة، ويتضح من ذلك أن خلف مفهوم اللغة التقليدي. وخلف مفهوم العلامة اللسانية عند سوسير كمنت ميتافيزيقا على شكل قوة اشتراطية قوية.‏

    وقد أطلق دريدا تسمية "المفهوم السوقي للكتابة" على مفهوم الكتابة الذي أهمله مفهوم اللغة التقليدي واللسانيات الحديثة، وعدّاه مفهوماً ثانوياً، أي شيئاً ليس له وجود إلا لغرض تمثيل الصوت الذي تجسد الكتابة. ويضيف قائلاً أن الاعتقاد الذي ساد في التراث الغربي بصدد الكتابة هو أنها "الحرف" و"النقش المرئي"، و"الجسد والمادة"، الخارجية بالنسبة إلى العقل. وهذا هو المفهوم السوقي تحديداً. وقد نبذ دريدا هذا المفهوم السوقي الذي كان يوجه فهمنا للغة،على الرغم من أننا لم نكن واعين به تماماً، مثلما وجه أداءنا في ميدان النقد الأدبي من خلال دفعنا إلى الاعتقاد بأن كل شيء يستنبط المعنى ويعطيه فقط حينما يرتبط بفكرة ما، والتي ينبغي أن ترتبط، بالمقابل، بفكرة أخرى وهكذا دواليك بحيث أن هذه الأفكار كلها ستتجمع في فكرتنا عن الكينونة المتعالية، ولهذا السبب أصبحت فكرتنا عن الكينونة المتعالية تعمل بمثابة فكرة تتحكم في أفكارنا عن اللغة، وأفكارنا في النقد.‏

    ... وهكذا أصبح نقد قصيدة ما اكتشافاً لمعناها.. ذلك المعنى الذي يعد فكرة أو مفهوماً يمكن ربطه بفكرة أخرى، وسوف تتجمع عملية ربط الأفكار بعضها بالآخر في فهمنا للكينونة المتعالية. ومن الجدير بالإشارة أن جميع شذرات الأفكار التي يمكن نسجها في نسق واحد، يجمعها مركز واحد تمثله فكرتنا عن الكينونة المتعالية، وإن احتمالية النسق توحي بوجود المجموع. ويمكن تعريف المبدأ الجمعي بأنه فكرة الكينونة التي هي إبداع الميتافيزيقيا، وقد تمثلت محاولة دريدا بتحرير فهمنا للغة وفعل النقد من هذا التأثير الجمعي الذي مارسته الميتافيزيقا، وقد توصل إلى عملية التحرير هذه من خلال صياغته لمصطلحين جديدين من الممكن أن يبطلا مفهوم اللغة القديم وطريقة النقد القديمة. إلا أن أذهاننا خضعت لاشتراطات الفهم التقليدي للغة سواء كنا واعين بذلك الفهم أم لا. فنحن حينما نزعم أننا صغنا أفكاراً جديدة فإننا لم نفعل في حقيقة الأمر سوى تحويل الأفكار القديمة، فعلى سبيل المثال أن المصطلحات اللسانية التي جاء بها سوسير التي يقال عنها بأنها أحدثت ثورة في فهمنا للغة هي نتاج آخر للميتافيزيقا. فنحن نكرر أنفسنا حينما نقول إن نسق اللغة الجديد علمي،، والحق أن بالإمكان أن تتولد أفكار جديدة حينما تكون أذهاننا محايدة. وإن القصد من وراء عرض دريدا للأساس الميتافيزيقي للغة والنقد هو دفع أذهاننا إلى الحيادية لأننا ندرك تماماً أن ظاهرة طبيعية تماماً مثال اللغة تخفي في داخلها بذور الميتافيزيقا، بل حتى التفسير العلمي للغة الذي قدمه سوسير هو في الحقيقة ضحية للميتافيزيقا.‏

    وقد شرع دريدا، بعد عرض الأساس الميتافيزيقي الذي تقف عليه اللغة، في صياغة مصطلحاته الخاصة التي بإمكانها توليد فهم جديد للغة.. وتشكل هاتان الخطوتان بنية التفكيك. وسأبدأ الآن بوصف وتقويم المصطلحات التفكيكية.‏

    لقد استند مفهوم الكتابة الجديد الذي صاغه دريدا إلى ثلاث كلمات معقدة جداً، هي: الاختلاف difference والأثر trace والكتابة الأصلية‏

    arche- writing. وسأعمل على تفسير كل مصطلح من هذه المصطلحات الثلاثة بأوسع قدر ممكن تسمح به محددات هذا المشروع، وسأبين الكيفية التي تؤدي بها هذه المصطلحات إلى فعل التفكيك. فالاختلاف يشير إلى فعلين actions: 1 ـ أن يختلف، أن لا يكون متشابهاً "differ:"، 2 ـ أن يرجئ ويؤجل(11) ، "deffer" وينبغي الانتباه إلى إن الأول مكاني spatial والثاني زماني temporal. ويرى دريدا أن كل علامة تؤدي هذه الوظيفة المزدوجة: أي الاختلاف والتأجيل، ولهذا السبب تكون بنية العلامة مشترطة من قبل الاختلاف والتأجيل، وليس من قبل الدال والمدلول، بمعنى أن بنية العلامة هي الاختلاف الذي يعني أن العلامة شيء لا يشبه علامة أخرى، وشيء غير موجود في العلامة على الإطلاق. ويمكن توضيح ما ذكرناه بالمثال الآتي: فنحن نميز بين كلمتي three وتعني ثلاثة)، وtree وتعني شجرة)(2) ، "في الكلام والكتابة، فهما مختلفان تماماً وتكشفان عن هويتهما identity. ويعد هذا الاختلاف إحدى القوتين الموجودتين في كل علامة. أما القوة الأخرى في العلامة فهي قدرتها على الإرجاء، أي قابليتها على التأجيل، فعلى سبيل المثال إن كلمة "وردة" في قصيدة ما لا تبدأ بكشف المعنى إلا حينما يدرك أنهاليست تلك الوردة التي نراها في الواقع. بل إن لها شيئاً آخر، ذلك الشيء الذي ينبغي اكتشافه. ولهذا السبب فإن العلامة نصفها وافي والنصف الآخر غير واف. وهذه الحقيقة ضرورية لبداية فهمنا إلا إنها غيركافية بسبب نقصها. ومثلما أكد سوسير فإن العلامة هي ليست الدال + المدلول بل العلامة هي الاختلاف + الإرجاء. ويرى سوسير أن العلامة اتحاد في حين يراها دريدا اختلاف.‏

    وبما أن العلامة غير وافية وناقصة لذلك ينبغي أن تفهم على إنها "تحت المحو" under erasure وهو مصطلح صاغه دريدا ليشير إلى عدم كفاية العلامات ونقصها. فهي مكتوبة لكنها مع ذلك مشطوبة، فنحن نشطبها لنشير إلى نقصها. ولهذا السبب تحمل كل علامة هذه الإشارة عليها. فعلى سبيل المثال إن كلمة "مرئي" التي استعملها آنفاً لم تحمل أية إشارة واضحة عليها، لكنها علامة برغم ذلك، لكن إذا نظرنا إليها من زاوية تفكيكية فإنها ستظهر عندئذٍ علامة مشطوبة، على النحو الآتي: "مرئي". وينبغي ألا نأخذ فكرة تشطيب العلامة على نحو حرفي، بل على نحو إيحائي فقط. فهذه الشطبة توحي بنقص العلامات وعدم كفايتها، بل عدم قطعيتها. إذ لا توجد علامة يمكن أن نقول عنها إنها دال لشيء أزلي، فهي لا تتمتع بأية قيمة مطلقة، كما إنها لا تحيل أي شيء متعال... فالعلامة سياقية contextual وهي تخلق سراب المدلول، وإن جل ما تستطيع القيام به أنها ترسلنا بحثاً عما تحتاج هي إليه وتذكرنا بما هو غير كائن فيها، ولهذا السبب أن العلامة "أثر"، فهي ليست التمثيل المرئي أو الكتابي المحسوس للصورة الصوتية بل إنها الأثر الذي يصفه دريدا بأنه ليس طبيعياً، أي أنه ليس الإشارة أو العلامة الطبيعية أو المؤشر index بالمعنى الهوسرلي)، أكثر من كونه ثقافياً، وإنه ليس مادياً أكثر من كونه نفسياً، وإنه ليس بيولوجياً أكثر من كونه روحياً.‏

    إن ماهو كائن في العلامة يحرك الذهن باتجاه ماهو غير كائن فيها، ولهذا السبب فإن ما هو موجود في العلامة يحمل أثر ماهو غير موجود فيها،وتستطيع العلامة أسر الذهن لأن بمقدورنا أن تذكرنا بما هو غير موجود فيها، وتستطيع عبر هذا التذكير تحفيز الذهن ودفعه إلى الحركة. وهكذا نقول أن العلامة أثر، وتحمل في أثرها قوتين هما الاختلاف والإرجاء. وهكذا صار من الضروري أن يتغير مفهوم الكتابة مع ظهور مصطلحي "الاختلاف"، و"الأثر"، إذا ما عاد بالإمكان الإبقاء على تعريفها بأنها "الحرف" و"النقش المحسوس" و"الجسد والمادة"، الخارجية بالنسبة إلى العقل. وعند محاولة دريدا تعريف الكتابة وضح ذلك قائلاً: "... إنها النقش عموماً، سواء كان ذلك حرفياً أو غير حرفي حتى وإن كان ماتم توزيعه في الفراغ المكان) غريباً عن نظام الصوت..."، OGص9)(12) .‏

    وبهذا المعنى يمكن أن نعد التصوير السينمائي والرقص والبالية والموسيقى والنحت جميعها كتابة. وقد لاحظ دريدا عند التوسع بمفهوم الكتابة هذا أن:‏

    المرء قد يتحدث أيضاً عن الكتابة الرياضية أي الرياضة عموماً) أو الكتابة العسكرية أو السياسية في ضوء التقنيات التي تتحكم بهذه المجالات حالياً.وهذا لا يصف نسق الدلالة الذي يرتبط ارتباطاً ثانوياً بهذه الأنشطة فحسب، بل يصف أيضاً ماهية هذه الأنشطة ذاتها ومضمونها. OGص9),.‏

    فاللغة بذاتها هي كتابة ضمن ذلك المعنى OGص. وقد لاحظ غيتاري سبيفاك: أن "ثمة شيء يحمل في داخله أثر التغيير الأزلي، أي بنية النفس، بنية العلامة، ويطلق دريدا على هذه البنية اسم "الكتابة"(13) ، وقد ذكر سبيفاك الملاحظة الآتية في معرض توضيحه لمفهوم الكتابة: "هكذا نجد أن الكتابة هي اسم البنية التي يسكنها الأثر دائماً. وهذا مفهوم أوسع من المفهوم التجريبي للكتابة الذي يشير إلى نسق دلالة تجريبي على جوهر مادي" OGص: XXXIX ).‏

    وقد أطلق دريدا اسم "الكتابة الأصلية" على الفرق بين مفهوم الكتابة هذا ومفهوم الكتابة السوقي الضيق. وتعمل الكتابة القوسية في التعبيرات الكتابية وغير الكتابية. والكتابة بمعناها الضيق تعد كتابة graphic تعتمد مفهوم الجرافيم الذي هو في حقيقته دال صرف. أما في النظرية التفكيكية التي حدد دريدا أبعادها، فقد أصبح لصفة الكتابية معنى مختلفاً عن المعنى الذي كان متداولاً في الاستعمال التقليدي ويمكن القول أن الشكل الكتابي graphe هو "أثر متمأسس" OGص46).‏

    وقد أصبح التوجه نحو التمركز حول الكتابة النظرية التفكيكية دلالة تضمين واسعة بسبب الأثر المتمأسس، ولهذا السبب فإن التغيير الذي أحدثه دريدا لم يكن تغيير بالأهمية التي تمتع بها مفهوم الكتابة على مفهوم الكتابة قدر تعلق الأمر بالفهم التقليدي لهذه المصطلحات. إذ يوحي التمركز حول الكتابة، بالمعنى الذي حدده دريدا، بالتوجه الذي يسلكه الفهم على نحو يدفع الذهن إلى تصور وظيفة الأثر في أنواع التعريف كلها التي تسير الوعي أو الإدراك، فالأثر يبدي عمله في صورة البورتريت الصورة الشخصية)، والملصق الجداري البوستر) واسم العلم. والإيماءة والكلمة المنطوقة والكلمة المكتوبة، وغيرها.ويمثل التمركز حول الكتابة الإدراك الجديد لوظيفة الأثر. فأنا حينما أتصور صورة شخصية يبدأ ذهني أو إدراكي بالعمل رغبة مني في فهم دلالة هذه الصورة، وتعد عملية اشتعال الذهن غير مادية، فالذهن يتحرك بحثاً عن شيء بعيد عما موجود في الصورة بمعنى البحث عن شيء خلف بصماته الشبحية على الصورة)، وتلك هي وظيفة الاختلاف. في حين أن البصمة الشبحية هي الأثر. لأن الأثر بذاته غير موجود OGص167)، ويمكن تعريف التمركز حول الكتابة بأنه هذا الإدراك الحسي الجديد بأن شيئاً ما، شيئاً غائباً، قد ترك بصماته بصماته الشبحية) على الموضوعات التي تخلق حركات معينة في الذهن وتلك البصمات الشبحية هي الأثر). ويبدأ الأثر بالعمل من خلال الاختلاف والإرجاء الاختلاف + الإرجاء = الاخـ "ت" لاف)(3) .‏

    ويتم عرض مفهوم اللغة التقليدي بوصفه أسطورة... فقد كان ينطوي بداخله على شيء غامض: مثل قرب الصوت من المدلول، وغيرها. ونلاحظ أن العنصر الغامض هو العنصر الميتافيزيقي، فقد كانت الميتافيزيقا تسيطر على مفهومنا للغة. وقد صاغ دريدا مصطلحات جديدة وشكل مفاهيم جديدة حتى يتكون فهماً للغة متحرراً من مفهوم الميتافيزيقا. ولهذا السبب يعدتحرير فهم اللغة من الميتافيزيقا إزالة للغموض والحيرة. إذ يتم التخلص من العنصر الغامض تماماً. وإن إزالة الغموض هو في حقيقته إزالة للأسطرة والحيرة، إذ يتم التخلص من العنصر الغامض تماماً. وإن إزالة الغموض هو في حقيقته إزالة للأسطرة الطابع الأسطوري) أيضاً(14) . ومن الصواب أن نقول أن التفكيك يبدأ بإزالة الغموض وإزالة الأسطرة في الفهم التقليدي للغة.‏

    لقد انطوت دراستنا هذه للتفكيك على ثلاث مراحل، تمثلت المرحلة الأولى في تسليط الضوء على مفهومي الكلام والكتابة، واشتملت على مسألتين مركزيتين هما: السبب الذي يكمن وراء الاعتقاد السائد الذي يقول بأسبقية الكلام وأولويته على الكتابة، وما مدى البعد الذي وصلته الميتافيزيقا في تأثيرها. ودرسنا في المرحلة الثانية الزعم اللساني القائل أن اللسانيات الحديثة أضفت طابعاً علمياً على دراسة اللغة وجعلتها حقلاً علمياً. وتمثلت المسألتين المركزيتين اللتين تناولتهما في هذه المرحلة بتأكيد أن المفهوم اللساني للعلامة هو صورة أخرى للمفهوم التقليدي للكلام والكتابة، وعلى أن اللسانيات الحديثة هي ضحية الميتافيزيقا، وتتألف المرحلة الثالثة من وصف مصطلحات دريدا وتقويمها: الاختلاف والأثر والكتابة الأصلية. وقد سلطنا الضوء على دلالة مصطلح التمركز حول الكتابة من منظور دريدا.‏

    وبناء على ماسبق، لقد تغير فهمنا للغة، فما هو مصير النقد؟ يبدأ الجواب عن هذا السؤال بافتراض أن الأدب هو شكل من أشكال الكتابة، وإن القصيدة أو القصة أو أي عمل أدبي هو بنية آثار... تلك الآثار التي تعرف أنها بصمات شبحية لا نعرف ماهيتها إلا إننا واثقون من كينونتها ووجودها. أما النقد، الذي يعرف بالدرجة الأساس بأنه بحث في كلمة، سطر، نص، أو أي شيء يحرك الذهن من نقطة إدراك حسي معينة إلى عوالم البحث بمعية دفع قوي للتأويل، فإنه يبدأ بالشك، الشك الذي يستند إلى الإقناع، فالناقد يشك في مظهر العلامة كأن تكون كلمة، سطراً، قصة تمثالاً، صورة بورتريت،... الخ). وذلك لأنه يحمل قناعة مؤداها أن ما يظهر له هو ليس كل شيء، بل هناك شيء آخر، فنحن لا نكتفي بالأشياء كما هي، بل نرغب بالبحث فيها والتوغل إلى أبعد من حدودها لاكتشاف أسرارها لأننا نشعر أن ثمة شيئاً مفقوداً أو شيئاً غائباً عما نتصوره نحن وندركه حسياً، وإن هذا الشعور الأزلي بأن هناك شيئاً مفقوداً أو غائباً هو الكتابة الأصلية. ويعد الأدب واحداً من أنواع التعبير عن الكتابة الأصلية، بينما يعد الرسم نوعاً آخر، والموسيقى نوعاً آخر أيضاً، وتعمل الكتابة الأصليةبصفة آثار في الموضوعات. فالآثار أشبه ماتكون بطبع الأقدام.... فمن هو الذي مشى على الرمال؟ لقد مشى أحدهم وخلف وراءه آثار أقدامه في كل مكان، وإن كل تلك البصمات الإشارات) التي تركها خلفه تذكرنا به إلا أنه مفقود وغائب. ويمكن تعريف الكتابة الأصلية بأنها إدراكنا حقيقة انه مفقود، وأنه غائب، والذي يرافقه الشعور بالمعاناة المتولد من تجربتنا التي نستشف منها عدم القدرة على اكتشاف هذا الغائب على الرغم من صمتنا المطبق أو عنفنا الصارخ، فكل البصمات الإشارات) التي يخلفها وراءه هي الآثار... البصمات الإشارات)، الشبحية، إذ أن هذه البصمات الإشارات) هي التي تؤكد حضور هذا الغائب على الرغم من غيابه، فياله من موقف غريب حقاً! وربما كان التشخيص ـ أي إضفاء الصفات الشخصية على غير العاقل ـ صيغة من صيغ التبسيط إلا أنه قد يساعد على الفهم.‏

    وقد اعتاد النقد التقليدي الظهور مع فكرة ما عبر المواجهة مع العمل الأدبي، ولهذا السبب يعد نقد القصيدة اكتشافاً لمعناها. ولهذا فإن المعنى فكرة أو مفهوماً يمكن أن يلحق بفكرة أخرى أو مفهوماً آخر والاستمرار بهذا الإلحاق حتى تلتحم هذه الأفكار في فكرة الكينونة المتعالية أو الحقيقة المتعالية. لكننا لا نعي حقيقة أن ما نسميه "المعنى" هو في حقيقة الأمر فكرة تتخذ من الميتافيزيقا ملاذاً لها. ولم تنج البنيوية، التي يقال عنها بأنها سيرورة ثورية،من قبضة الميتافيزيقا، وأن القول أن البنيوية توحي بالنسق، يعني أن هناك مركزاً في مكان ما، وذاك المركز هو المفهوم المركزي الذي من الممكن اكتشافه بوصفه مفهوم الكينونة أو السلطة المتعالية. ويوحي مفهوم النسق أن كل شيء مفهوم على أفضل وجه، أو أنه قابل للفهم في الأقل، فحيثما وجد النسق ينعدم الإرباك أو التشويش الخلط).‏

    وسيؤكد التفكيك على أن هذه أوهام فحسب، إذ كل ما نزعمه بأنه الحقيقة أو الكينونة هي "فبركة" ليس إلا. فهذه الكلمات تمثل فبركات مهولة تشير إلى الفشل في بحثنا عن المعنى، و هذه يعني في مرحلة ما من مراحل تاريخ البحث عن المعنى أن الباحثين أعلنوا، لسبب أو لآخر، أنهم وصلوا إلى آخر نقطة ممكنة من بحثهم وأنه لا ينبغي القيام بأي بحث آخر يتجاوز هذه النقطة، ولغرض حماية ما أسموه "النقطة النهاية" من الإهانة التي يمكن أن تنسبها إليهم البحوث المستقبلية، عزو لتلك النقطة نوعاً ما القدسية وأسموها الحقيقة truth أو الكينونة being أو أي شيء آخر، وقد عملت نقطة البحث النهائية أو المفهوم المقدس بصفة مركز للنقد بنوعيه التقليدي والبنيوي. لذلك كان ثمة خداع كبير سار على هداه نشاطنا النقدي وفهمنا للغة.‏

    وأخيراً ينبغي عليّ العودة إلى قضية النقد. فقد كان النقد، بالمعنى التقليدي، تطبيقاً لنموذج يرمي إلى فهم العمل الأدبي، وربما يكون هذا النموذج فلسفياً أو أخلاقياً أو دينياً أو لسانياً. ومن المحتمل أن الناقد غير واع تماماً بحقيقة أنه يطبق نموذجاً معيناً، فالذي نطلق عليه اسم "التقويم الذاتي" هو في حقيقته غير ذاتي، فنحن نلحق ما هو موجود في العمل الأدبي بشيء ما في سيرورة ذلك الفهم الذي يؤدي إلى التقويم. ومن الممكن أن يكون هذا الـ"شيء ما" هو النسق الأدبي الذي منح الكلمات والأفعال actions والظواهر إمكانية توليد المعنى. فعلى سبيل المثال، إذا حاولت تفسير قصيدة "The Lake Isle Of Innisfree" ، سأتمكن من ذلك أما من خلال ربط مضمون القصيدة بالمعلومات المتوفرة التي تتعلق بحياة الشاعر.. تلك المعلومات التي تخص مزاجه وكآبته وتأملاته في الطبيعة السريعة التغير، وسرعة زوال الأشياء الجميلة، ونفوره من المكاسب المادية وعشقه للحياة الحالمة. ثم أبدأ بربط هذه الأفكار الموجودة في القصيدة بهذه الأفكار الخارجية التي تعمل بصفة نسق لربط الأفكار في القصيدة. ولهذا السبب تصبح الأفكار التي تزخر بها القصيدة ذات معنى فقط، حينما أشرع أنا بعملية ربط هذه الأفكار بما هو خارج عن القصيدة. وفضلاًعن ذلك فإني قد أبدأ بالبحث في سبب كآبة الشاعر وأسباب عشقه للحياة الحالمة، وأسباب دفعه إلى كراهية المكاسب المادية. ونلاحظ في هذا النوع من النقد أن التركيز لا يكون على النسق بحد ذاته لأن التركيز على النسق لدراسة النسق ذاته يؤدي بنا إلى البنيوية. فعلى سبيل المثال: ما المغزى الأدبي من ترك الموطن الرئيس والذهاب إلى جزيرة؟ هل هناك مغزيات أخرى الجواب: نعم بالتأكيد، ونجد في بعض شخصيات شكسبير الكوميدية مثل مسرحية "كما تحبها"، و"حلم ليلة منتصف صيف" أن الشخصيات تغادر المدينة لائذة بالغابات التي يتم فيها حل الصراعات وانتشار الحكمة، وعلى هذا الغرار هناك عدد من الشخصيات في "القصائد والروايات التي تغادر المدن متوجهة إلى الجزر المعزولة، ومثال ذلك شخصية "بروسبيسو" في مسرحية "العاصفة" وشخصية "جيليفر" في رواية "رحلات جيليفر".ولهذا السبب نجد أن رغبة الشاعر ييتس باللجوء إلى جزيرة Innisfree تحاكي رغبة الكتاب السابقين. ونحن نقر بأننا نفهم القصيدة لأننا نألف هذه القناعة، أي الاقتناع بترك المدينة ومباهجها واللجوء إلى الجزيرة ذات معنى كبيرة من الشعر، ذلك لوجود قناعة أدبية أو اتفاق أدبي بأن لهذه الفكرة معنى ما وهكذا نجد أن بإمكان التحليل البنيوي أن يركز على العناصر الأخرى للقصيدة بغية دراسة النسق الشعري. وقد طبقت في المثال الأول، أي مثال التطبيق غير البنيوي، نماذج معينة متعارف عليها في الأدب على القصيدة فقط من أجل فهم القصيدة. أما في المثال الثاني، أي مثال التفسير البنيوي، فقد استعملت القصيدة وعناصرها لدراسة النسق الشعري أو لدراسة نماذج الأدب المتعارف عليها. وينبغي الإشارة هنا أن التفكيك لا يمثل أياً من هاتين الحالتين، أو نقيضهما.‏

    فالتفكيك لا يمنح الناقد أي نماذج، ولا يطبق أي نموذج على النصوص الأدبية، بل إنه يدمر جميع النماذج الموجودة ولا يقدم أي نموذج، ولهذا تسبب الكتابة التفكيكية حيرة كبيرة. فعلى العكس من النقد البنيوي لا يؤمن النقد التفكيكي بوجود نسق يمكن فهمه. إذ توحي فكرة النسق بأن الأشياء منتظمة أو من الممكن جعلها كذلك، إلا أن هذه الفكرة مصدر مواساة حقاً، ونحن نفضل المواساة على الحيرة. وعلى الرغم من أن المواساة قد تنطوي على خداع لكنها أفضل من معاناة الحيرة. وقد أعلن البنيوي، بعد أن واجهته مشكلة تعقيد الأدب والأذهان التي تكمن وراء الأعمال الأدبية، أن التعقيد قابل للتحليل ويمكن فهمه، ويزعم وجود نسق أدبي بإمكانه تفسير التعقيدات. إنه تأكيد الإرادة التي تجعل البنيوي يزعم هذا الزعم، فالبنيوية هي التوكيد لإرادة الإنسان وقدرتها على حل ماهو معقد، وعلى العكس من ذلك يبحث التفكيك في إمكانية النسق، ويتساءل عنها وعن الكيفية التي جاءت بها التقاليد والمواصفات الأدبية إلى الوجود. فالمواجهة القائمة بين الوعي الإنساني ونسق العلامة هي من التعقيد بحيث يصعب فهمها. ولهذا السبب، يؤكد التفكيك، تبعاً إلى ما يذكره ديفيد اليسون، على ضرورة إعادة التفكير بمشكلة اللغة كلها(15) ، وربما كان من الضروري وجود حقل معرفي جديد يستعمل أصول الكلمات etymology ) وعلم النفس معاً بصفة حقل معرفي واحد لأداء هذه المهمة. ونلاحظ هنا أن التفكيك ينبذ الميتافيزيقا والفلسفة بوصفهما من أنماط الإدراك الخادعة، كما أن اللسانيات التي كانت تخفي الميتافيزيقا في نماذجها الخاصة باللغة، لا تلائم التفكيك، وكذلك لا يلجأ التفكيك إلى البنيوية التي ترتكز بقوة على اللسانيات.‏

    قد يبدو التفكيك حقلاً تحكمه قواعد وأنظمة ولغة خاصة يصعب على المبتدئ فهمها، إلا أن الحقيقة مختلفة، فنحن لدينا قواعد وأنظمة ولغة خاصة في النظريات النقدية التقليدية أكثر مما في التفكيك، فالمبتدئ يواجه مصطلحات تقنية كثيرة مثل شخصية، حبكة، موضوع، صورة، رمز، شعر غنائي، قصيدة، و....الخ، وقد استعملناها مراراً وتكراراً حتى أنها أصبحت طبيعية بسبب ذلك. وفضلاً عن ذلك، فإننا إن لم نفهم المصطلحات التي على شاكلة "اختلاف"، "أثر"، "كتابة أصلية"، .... الخ، فإننا لا نتمكن من فهم واستيعاب أي عمل مكتوب ينضوي تحت هذه النظرية إذ من الصعب فهم أي شيء جديد. إلا أن المرء سيفيد من تعلم هذه النظرية كثيراً إذا ما تحمل الجهد أولاً. وتتمثل هذه الفائدة في أننا نتساءل في صلة فهم الإنسان وعالمه بالمعرفة، ويلقي التفكيك ضوءاً جديداً على عملياتنا الفكرية. ويخبرنا أن سلطة الأدب ليست متأتية من سلطة الأدب ولا من سلطة اللغة لأن سلطة اللغة، شأنها في ذلك شأن سلطة الموسيقى والرسم والنحت والطقوس... الخ، ترجع إلى حسّ بدائي أصيل بشيء: مفقود وغائب، وتوجيه إدراك الإنسان بعد ذلك..‏

    الهوامش:‏

    (1) ـ هـ. أبرامز "الملاك التفكيكي" مجلة البحث النقدي 31977)، ص 428.‏

    (2) ـ نيوتن غارفر، تمهيد لكتاب "الصوت والظاهرة"إيفانستون: مطبعة جامعة نورثويسترن، 1973)، صxxii. ويوضح غارفر في معرض تعليقه على مكانة المنطق والنظرية في فلسفة اللغة، قائلاً: "نجد في تاريخ الفلسفة الغربية، إن فلسفة اللغة ـ وبضمنها الكثير من الميتافيزيقا ـ قد اعتمدت المنطق أكثر من اعتمادها البلاغة" التمهيد صxi). لكنه وضع في تعليقه على الحركتين اللتين حدثتا في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر والجزء الأول من القرن العشرين، قائلاً: "لقد كانت الحركة الأولى تعزيزاً لفلسفة اللغة التي تعتمد المنطق إلا أن الحركة اللاحقة كانت تدميراً لذلك التراث، تدميراً يتحدث عنه دريدا بوصفه ختاماً للميتافيزيقا"التمهيد، ص xxii).‏

    (3) ـ ج. هيليس ميلر "الناقد مضيفاً"، مجلة البحث النقدي 31977)، ص 41.‏

    (4) ـ موراي كريغر، "نظرية النقد"، بلتيمور ولندن: مطبعة جامعة جون هوبكنز، 1972)، ص 220-243.‏

    (5) ـ فريدريك جيمسون، "سجن اللغة"، برنستون: مطبعة جامعة برنستون، 1972)، ص 176.‏

    (6) ـ "لقد اقترن نسق اللغة بالكتابة الأبجدية الصوتية، ذلك النسق الذي تولدت فيه الميتافيزيقا المتمركزة حول العقل اللوغوس)، التي تحدد معنى الكينونة بأنه الحضور. لقد كان هذا التمركز حول اللوغوس مطوقاً دائماً ومضطهداً لأسباب أساسية بعيدة تماماً عن التأمل في أصل الكتابة والمكانة التي تحتلها..."جاك دريدا، "في علم اللغة" ترجمة غياتري تشابرافورتي سبيفاك ـ بلتيمور ولندن: مطبعة جامعة جون هوبكنز، 1972)، ص 43، وقد كانت الاقتباسات تلحق بالرمز O.G).‏

    (7) ـ لقد أوضح جاك دريدا في تعليقه على الخلفية الميتافيزيقية لمفهوم الدال ـ المدلول قائلاً: "يعودالاختلاف بين الدال والمدلول إلى الحقبة الأخرى التي شملت تاريخ الميتافيزيقا، هذا إذا نظرنا إلى الموضوع من منظور ضيق وضمني، أما إذا ضيقنا المنظور أكثر فسننظر إلى حقبة الخلق والتنامي المسيحية التي تلائم المفاهيم الإغريقية" OG، ص 13).‏

    ( ـ من الممكن أن نتعرف على التمركز حول العقل بالميتافيزيقا، لأن كلاهما تعبير عن الرغبة بالمدلول، ويجد التمركز حول العقل اللوغوس) المعنى كله في العقل اللوغوس)، تلك الكلمة التي تعكس العقل الإلهي.‏

    (9) ـ يمثل التمركز حول الصوت رفضاً للكتابة بوصفها تقنية فحسب، وكذلك توكيد تقارب الكلمة المنطوقة من المدلول. فالكلمة المكتوبة لا تفيد إلا بصفة مدلول للكلام.‏

    (10) ـ "تنطلق هذه الحركة مما يسميه هو النموذج المغلق"، المتمركز حول العقل للآراء التقليدية أو الكلاسيكية للغة والتي يؤكد هو أنها تعتمد وهم الكينونة المتعالية الأفلاطونية أو المسيحية أو الحضور الذي يضمن المعاني)، وصولاً إلى ما أسميته أنا "نموذجه المتمركز حول الكتابة"، الذي يعد الحضور فيه بمثابة بصمة على البياض"م.هـ. إبراز،"الملاك التفكيكي)" ص، 429).‏

    (11) ـ يقول موراي كريغر إن مفتاح النقاش حول كلمة difference أي الاخـ "ت" لاف)، هي اللعب على الكلمة الفرنسية differ التي تعني المعنيين الآتيين: (1) to differ أي يختلف ولا يشبه) (2) to defer أي يرجئ أو يؤجل)، اعتماداً على الفرق بين الكيانات الحاضرة المختلفة الاختلاف)، الكيانات المتشابهة، إحداهما حاضرة والأخرى غائبة تفصل بينهما فجوة زمنية الإرجاء). وهناك بعض أوجه الخداع في "الاختـ"ت"لاف" وهي أن a) غير مسموعة وإن كانت مرئية، وإن المصطلح لا تقابله أية كلمة، وبدا ؟؟؟؟؟؟؟ يفيد فقط في المساعدة على تذكر الكلمة التي يتباين عنها، ولا تكون موجودة بصفة مفهوم لأنها تختلف عن ذاتها، نظرية النقد، ص 228-231).‏

    (12) ـ يوضح دريدا في "الكتابة والاختلاف"، قائلاً: "إن الكتابة واحدة من الأشكال التي تمثل الأثر عموماً، وليست الأثر نفسه"، OG ص 167)، وإن فكرة الأثر هي أنه يمكن أن يخضع لسؤال الماهية الأونطو ـ ظاهراتي ONTOPHENOMENOLOGICAL. فالأثر هو لا شيء، وهو ليس كياناً، بل إنه يتجاوز السؤال الذي يقول: ما هو؟" OG ص 65).‏

    (13) ـ غياتري تشاكرافورثي سبيفاك، تمهيداً لكتاب "في علم الكتابة" لجاك دريدا بلتيمور ولندن: مطبعة جامعة جون هوبكنز، 1974)، ص xxxix.‏

    (14) ـ تعكس ملاحظة ج، هيليس ميلر عن اللغة موقفاً تفكيكياً: إن اللغة، منذ البداية، خيالية ووهمية، ومنزاحة عن أية إحالة مباشرة إلى الأشياء كما هي، وينبغي احتجاز الظرف الإنساني في شبكة من الكلمات تتشابك عبر القرون وتزخر بالأساطير والمفاهيم والقياسات الميتافيزيقية، أي باختصار نسق ميتافيزيقا الغربية بأكمله"، "التراث والاختلاف" في مجلة "داياكرتكس" ، 2،4، 1972)، 11).‏

    (15) ـ ديفيد أليسون، مقدمة كتاب "الصوت والظاهرة"، ص I-xxxvii.‏

    الببلوغرافيا.‏

    ـ ابرامز، م، هـ "حدود التعددية ـ الجزء الثاني: الملاك التفكيكي "مجلة" البحث النقدي"، 31977)، ص 425-438.‏

    ـ أليسون، ديفيد، المقدمة، "الصوت والظواهر ومقالات أخرى في نظرية العلامات عند هوسرل، "جاك دريدا"، ترجمة ديفيد أليسونإيفانستون: مطبعة جامعة نورثويسترن، 1973).‏

    ـ بلوم ، هارولد "خارطة سوء القراءة"، نيويورك : مطبعة جامعة أوكسفورد، 1975).‏

    ـ وآخرون "التفكيك والنقد"، نيويورك : مطبعة سيبيري، 1979).‏

    ـ دي مان، بول "رمزيات القراءة: اللغة المجازية عند روسو ونيتشة وريلكة وبروست"، نيوهيفن ولندن: مطبعة جامعة يبل، 1979).‏

    ـ "العمى والبصيرة": مقالات في البلاغة والنقد المعاصر "نيويورك": مطبعة جامعة أكسفورد، 1971).‏

    ـ دريدا، جاك، الإخـ"ت" لاف)، في "الصوت والظاهرة ومقالات أخرى في نظرية العلامات عند هوسرل "ترجمة ديفيد أليسون إيفانستون: مطبعة جامعة نورثويسترن، 1973).‏

    ـ " في علم الكتابة" ترجمة غياتري سبيفاك بلتيمور، ولندن: مطبعة جامعة هوبكنز، 1974).‏

    ـ "الكتابة والاختلاف"، ترجمة الآن باس شيكاغو: مطبعة جامعة شيكاغو، 197.‏

    ـ غارفر، نيوتن، تمهيد كتاب "الصوت والظاهرة ومقالات أخرى في نظرية العلامات عند هوسرل "جاك دريدا، ترجمة ديفيد أليسون إيفاستون: مطبعة جامعة نورثويسترن، 1973).‏

    ـ هيدغر، مارتن "الكينونة والزمان"، ترجمة جون ماكاوايري وإدوارد روبنسون نيويورك: هاربر ورو، 1962).‏

    ـ "الوجود والكينونة"، شيكاغو: شركة هنري يجنري، 196.‏

    ـ "مدخل إلى الميتافيزيقا" : ترجمة رالف مانهايم نيويورك: دبلدي، 1961).‏

    ـ "مقالات إلى الميتافيزيقا" الهوية والاختلاف، ترجمة كير؟؟؟؟؟؟ ف.ليدكرنيويورك: المكتبة الفلسفية، 1964).‏

    ـ هينرز، ريتشارد س. "الإيديولوجية والتحليل: إعادة تأمين الأونطولوجيا الميتافيزيقية" نيويورك: دسكلي برونز، 1966).‏

    ـ كلين، ريتشارد، مجلة دايكرتكس 2، 41972)، ص 29-34.‏

    ـ كريغر، موراي "نظرية النقد" بلتيمور ولندن: مطبعة جامعة جون هوبكنز، 1972).‏

    ـ ميلر، ج. هيلس: "شعاع اريادن: التكرار والمسار السردي: "مجلة البحث النقدي" 31976) ص 57-77.‏

    ـ "الخيال والتكرار"، في "شكل الخيال البريطاني الحديث، تحرير آلان وارن فريد من أوستن: مطبعة جامعة تكساس، 1975)، ص43 -71).‏

    ـ "حدود التعددية الجزء الثالث: الناقد مضيفاً: "مجلة البحث النقدي"، 3 1977)، ص 437-447.‏

    ـ "التراث والاختلاف"، مجلة دايكرتكس، 2، 6، 1972)، ص 6-13.‏

    ـ نيتشه، فريدريك "ماوراء الخير والشر": استهلال لفلسفة المستقبل "ترجمة ر.ج. هولينغديل نيويورك: مطبعة البنغوين، 1973).‏

    ـ "هكذا تكلم زرادشت: كتاب لكل شخص وليس لأي شخص نيويورك: مطبعة البنغوين، 1961.‏

    (1) في الغراماتولوجيا ) سيرمز له المؤلف بالرمز OG م)‏

    (2) تلفظ الأولى "ثري" وتلفظ الثانية "تري" م).‏

    (3) ينبغي أن نلاحظ أن دريدا اشتق كلمة اختلاف differance من الجمع بين الاختلاف difference بمعنى عدم التشابه) + deference بمعنى الإرجاء وتفيد معنى الأثر)، أي أنه استبدل الحرف e) في كلمة الاختلاف بالحرف a) ويبدو الاختلاف واضحاً في هذه الكلمة إلا أن من الصعوبة توضيحه حين نقله إلى العربية لذلك عمد مترجم كتاب "الكتابة والاختلاف"، كاظم جهاد إلى وضع حرف التاء بين معكوفتين صغيرتين.م).‏






    --------------------------------------------------------------------------------
                  

العنوان الكاتب Date
وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 02:45 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:20 PM
    Re: وداعا جاك دريدا سجيمان10-09-04, 03:26 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:23 PM
  Re: وداعا جاك دريدا Nagat Mohamed Ali10-09-04, 03:48 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:49 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:55 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 04:00 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 04:04 PM
    Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 06:39 AM
      Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 06:50 AM
        Re: وداعا جاك دريدا AttaAli10-10-04, 07:14 AM
          Re: وداعا جاك دريدا Sinnary10-10-04, 08:27 AM
        Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 10:35 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:44 PM
  صبحي حديدي:بين جاك دريدا وتفكيك الزرقاوي osama elkhawad10-11-04, 03:47 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:53 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:56 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:01 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:03 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:06 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:07 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:10 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:14 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:17 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:19 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:27 PM
    Re: وداعا جاك دريدا Abomihyar10-11-04, 04:33 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:37 PM
  جاك دريدا:الدين في عالمنا osama elkhawad10-11-04, 04:40 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:47 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 05:00 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 05:03 PM
  وداعا جاك دريدا ومفهوم "المغفرة" osama elkhawad10-11-04, 05:08 PM
  نظريات التلقي وتحليل الخطاب ومابعد الحداثة osama elkhawad10-11-04, 05:17 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:07 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:09 AM
  محاولة لمقاربة ابن عربي في ضوء ما بعد الحداثة osama elkhawad10-12-04, 09:16 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:28 AM
    Re: وداعا جاك دريدا malamih10-12-04, 11:18 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-13-04, 08:12 AM
    Re: وداعا جاك دريدا Safa Fagiri10-13-04, 08:53 AM
  وجهة نظر اسلامية حول المعرفة في سياق الحداثة osama elkhawad10-13-04, 10:52 AM
  وجهة نظر اسلامية حول ما بعد الحداثة-نقلا عن "اسلامأونلاين" osama elkhawad10-13-04, 10:58 AM
    Re: وجهة نظر اسلامية حول ما بعد الحداثة-نقلا عن "اسلامأونلاين" تراث10-13-04, 01:29 PM
  عن هابرماس بالعربية osama elkhawad10-13-04, 05:42 PM
  من الحداثة وخطابها السياسي لهابرماس-تحدي الاصولية osama elkhawad10-13-04, 05:55 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 05:58 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:00 AM
  هابرماس ومفهوم التواصل osama elkhawad10-14-04, 06:04 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:17 AM
  هابرماس وبوش osama elkhawad10-14-04, 06:20 AM
  Re: وداعا جاك دريدا Yasir Elsharif10-14-04, 06:29 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:35 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:38 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:43 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:45 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:48 AM
  محاضرة لهايدجر osama elkhawad10-14-04, 07:04 AM
  Re: وداعا جاك دريدا abdalla BABIKER10-14-04, 08:10 AM
  رمضان كريم يا عبدالله osama elkhawad10-14-04, 12:00 PM
  مقالة كانط حول الانوار osama elkhawad10-14-04, 12:04 PM
  فوكو يقارب سؤال "ما هي الأنوار" osama elkhawad10-14-04, 12:08 PM
  هايدجر والاختلاف osama elkhawad10-14-04, 12:21 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:26 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:38 PM
  هابرماس يجيب عن سؤال "ما هو الارهاب؟" osama elkhawad10-14-04, 12:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:56 PM
  اكاديمي عربي يحكي عن علاقته بأفكار دريدا osama elkhawad10-14-04, 01:02 PM
  دريدا ونقد الميتافيزيقا الغربية osama elkhawad10-14-04, 01:14 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 03:16 PM
  حقل فوكو "الجزء الاول" osama elkhawad10-14-04, 03:20 PM
  حقل فوكو "الجزء الثاني" osama elkhawad10-14-04, 03:49 PM
  عرض للكتاب الذي سرق منه "الفيا" osama elkhawad10-14-04, 03:58 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 10:55 PM
  المسرح العربي بين الحداثة وما بعدها osama elkhawad10-15-04, 08:36 AM
  الحداثة المنقوصة لهشام جعيط osama elkhawad10-15-04, 08:39 AM
  الحداثة والأزمنة العربية الحديثة osama elkhawad10-15-04, 08:42 AM
  الخلط بين الحداثة و التجدد osama elkhawad10-15-04, 08:46 AM
  رأي اسلامي:الحداثة باعتبارها فتنة وباطلا osama elkhawad10-15-04, 08:53 AM
  حوار مع المغربي بلقريز يتحدث فيه عن الحداثة والتحديث osama elkhawad10-15-04, 08:58 AM
  اعلان موت الحداثة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ osama elkhawad10-15-04, 09:05 AM
  الأسرة" بين الحداثة الغربية.. والرؤية الإسلامية..(1) osama elkhawad10-15-04, 09:10 AM
  الأسرة" بين الحداثة الغربية.. والرؤية الإسلامية...(2 osama elkhawad10-15-04, 09:13 AM
  الحداثة والتباين والغربنة osama elkhawad10-15-04, 02:11 PM
  تناقضات الحداثة العربية و تعريفاتها المختلفة osama elkhawad10-15-04, 02:16 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-15-04, 04:59 PM
  رأي اسلامي:سقوط الحداثة osama elkhawad10-15-04, 05:12 PM
  رأي اسلامي حول الحداثة osama elkhawad10-15-04, 05:31 PM
  في نقد الحداثة الكومبرادورية- محسين الدموس (*) osama elkhawad10-15-04, 05:41 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الأول osama elkhawad10-15-04, 05:53 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الثاني osama elkhawad10-15-04, 05:59 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الثالث osama elkhawad10-15-04, 06:09 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّاالجزء الرابع والأخير osama elkhawad10-15-04, 06:15 PM
  رأي اسلامي يرفض العولمة ويربطها بالحداثة وما بعدها osama elkhawad10-15-04, 06:23 PM
  الإسلام في مواجهة الحداثة الشاملة osama elkhawad10-15-04, 07:57 PM
  صبيانية الحداثة وعبثها وربطها بالفساد والجنس والمخدرات osama elkhawad10-15-04, 08:04 PM
  راي حول وجود نماذج للحداثة غير النموذج الغربي osama elkhawad10-15-04, 08:20 PM
  رؤية توفيقية للعلاقة بين الاسلام والحداثةمن كاتب ايراني osama elkhawad10-15-04, 08:37 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de