|
ملك الرحيل
|
كيف يهجر ملك الرحيل الرحيل؟
كيف يدخل ملك الحضور الغياب؟
وكيف أضاع رفيق الرحيل، قبره، في نفس مساء الإياب؟
لا يهم .. أنت ضيفي الليلة..
أعيرك النيل قبرا، بكلتا رجليك إركض على صفحة مائه، فهو (مغتسل بارد وشراب).
عليه تمدد، حتى حصولك على القبر الذي حلمت به،
دسسته بين طيات الكتابة،
بخلت به على البوح حتى رأيناه يفضح صبرك بالموت.
فتمدد على صفحة النيل،
أرح من عصف توقداتك الورق،
أرح الحرف من مكابدات اشتعالاتك،
وفض من حيث أفاض النيل، روعة وبشارة.
فيا راحلا ....
إسقط على صفحة النيل حملك،
أرح كتفيك قليلا من ثقله.
كنت تقول خفيفا خفيفا خفيفا، جميلا ... جميلا .. جميلا، حتى رأينا الموت يفضح فداحة وزنه.
فماذا أيا راحلا ..
ماذا لو اشتهى النيل الحديث إليك!
ماذا لو أعوزت النخلة تعويذة من شفيك!
ماذا لو أردنا رؤية الموت جميلا في رواية!
ها هو العمر يهزم،
ها هو العمر أقصر من مدى الإنتظار العنيد.
فتوقف قليلا.
بلل هذى المآقي.
ها هو الصبر يميد.
اسدي الحروف، كما عودتها، حللها الجديدة.
يا صالحا عبر الزمان،
لا زالت جذور الكلام عطشى بمساحة مليون ميل.
لا تزال في بداياتك،
لم ترو سوى تخوم البلاد.
لا نزال نكتب معك روايتك الحلم التي لن تضل الحروف بعدها أبدا،
فمن يعين على كتابتها وقد قررت الرحيل!
أيا صالحا،
ذهبت إلى حيث لا يصل النداء بالرجوع ..
وحدك تنادي ..
وحدك تلتفت،
وحدك تزور ولا تزار
تواضعت حتى أجلسك الموت قسرا على العرش.
ابترد الآن في نقائك الصوفي الذي ادخرت لنفسك،
لن نشاركك ...
فنحن ادخرنا لك ما لم يكن هما لك ... المجد والخلود ...
حامد بدوي
|
|
|
|
|
|
|
|
|