|
Re: الجانجويد ... هل هم التتر الجدد ؟؟ (Re: hamid hajer)
|
دار فور و واجبات الحكومة بعقل مفتوح د. محمد محجوب هارون جريدة الأضواء 19 أغسطس 2003
حملت أخبار الخرطوم، أمس، خبر رفع محامي دار فور مذكّرة إلى السيّد النائب العام، نقلت الزميلة الأيّام بعض بنودها. ويتلخّص محتوى المذكّرة في اعتداء جماعات من الرحّل يطلق عليهم محليّا اسم «الجنجويد» على مواطني كتم وإيقاعهم حالات من القتل والنهب والتدمير على نحو انتقائي. كما تتّهم المذكّرة الحكومة الاتّحادية بتدريب وتسليح هذه الجماعات! و بمنطق ما يجري على الأرض فإنّ النزاع بين الجيش الوطني ومتمرّدي دار فور أضحى يتطوّر ـ عسكريّا ـ على الطريقة ذاتها التي أدارت بها كل من الحكومة المركزية وحركة التمرّد في جنوب السودان نزاعهما المسلّح المستمر منذ عشرين عاما ونيف. ففي الوقت الذي استعانت فيه الحكومة المركزية بالمليشيات القبلية في مناطق التماس للقتال المساند للجيش ضد متمرّدي الحركة الشعبية، كانت الحركة الشعبية تدرّب وتسلّح أبناء القبائل فيما يُسمى «المناطق المهمّشة» لإسناد موقفها ـ الحركة ـ العسكري ضد الجيش الوطني. وكان من نتائج هذا التجييش المتبادل أن انفتق نسيج التعايش الاجتماعي بين قبائل التماس في شمال السودان وجنوبه بما يستعصي على الرتق حاليا. والمؤسف أنّ نتيجة هذه السياسات الخرقاء تمثّلت في نسف حصيلة قرون من الإلفة النفسية والاجتماعية والتصاهر والمصالح بين طرفي هذه اللوحة من الشماليين والجنوبيين. و الأنكى من ذلك هو وضع هذه السياسات مستقبل الوحدة الوطنية والكيان السوداني الموحّد في مهب الريح، فليس الانطلاق من نقطة تقرير المصير في أي حوار من أجل السلام منذ أكثر من عشرة أعوام إلا شاهدا على حصاد المرارات التي صنعتها سياسات لم تر إلى الرشد سبيلا. هذا الذي حدث في جنوب السودان يحدث الآن في دار فور وكأن سياستنا لا تعرف من تجاربها معنى الدرس والاعتبار. الصحيح أنّه لا في دار فور ولا في جنوب السودان، ولا في أي من أقاليم السودان الأخرى يمكن للحرب أن تكون قاربا للنجاة. فالحرب، عليها لعنة الله، هي الحرب. وضحايا الحرب هم موقدو نارها قبل سواهم. ولشيء من ذلك فليس من سبيل إلى تحقيق الصالح العام في دار فور إلا بالاعتراف بأنّ هناك قضيّة الأصل فيها أن طبيعتها سياسية، وأنّ يقترن مثل هذا الاعتراف بوضع السلاح على الفور، بما يمهّد الطريق لبحث استئصال جذور تجدّد النزاعات المسلّحة في بلادنا كلّها، مرّة واحدة وإلى الأبد، بإذن الله. أمّا في مقابل توظيف العامل القبلي، والذي يأخذ شكله كحالة ردّ فعل للتمرّد، فإنّ أمام الحكومة واجبات ملحّة لا تحتمل التأجيل، اللهم إلا إذ كان هناك من لا يرى في آثار ذلك سببا للقلق على مستقبل البلاد كلّها كما رأينا في حالة حرب الجنوب. و أوّل هذه الواجبات هو أن تجعل الحكومة الرأي العام مقتنعا بأنّ لا ناقة لها ولا جمل في ما أسماه بيان محامي دار فور «تدريبها وتسليحها الجنجويد» وإزاء شكوك الرأي العام فليس من بدّ من أن تعكس سياسات الحكومة المركزية مسؤولية قوميّة واضحة الملامح يستحيل معها إطلاق اتّهام لها بأنّها تقف خلف تدريب الجنجويد وتسليحهم. إنّ مسؤولية الضمير تقتضي أن نبحث عن حل سياسي للنزاع في دار فور بدلا عن البحث عن حل في تغيير مسارات النزاع المسلّح بأن يصبح صراعا بين جماعات الرحّل والجماعات المستقرّة. والواجب الثالث أمام الحكومة هو أن تهب لإغاثة وإيواء الآلاف من النازحين من كُتم بسبب عمليات القتل والنهب والتدمير الانتقائية التي تمّت هناك. إنّ استخدام العنف لا يمكن أن يكون مدخلا لتحقيق العدل بقدر كون النظر في تمرّد دار فور باعتباره محض جنون هو الجنون ذاته. هذا غير أنّ مسؤولية النخب في المركز التي تقود مجتمع دار فور هي أن ترتفع فوق قاماتها القبلية بحيث لا تكون هي ذاتها الحطب الذي يزيد النار اشتعالا. أوقفوا هذا الجنون . . أوقفوه!
|
|
|
|
|
|
|
|
|