|
بناء المسجدين (قبا والمدينة) بين المعقول والأوهام ///غالب حسن الشبندر
|
ملاحظة منهجية: تتجه هذه القراءات إلى نبش الموروث فيما يتعلق بفترة التكوين الإسلامي، أي صدر الاسلام التي احددها من البعثة الكريمة وحتى سنة مئة للهجرة، وهي قراءات تشكيكية بكل صراحة، وتحتل مكانة مركزية من إهتمام الكاتب، وسبب الاهتمام أن هذه الفترة هي أس التاريخ الاسلامي، وأس التشكل المذهبي الواسع العريض،وهذا الصراع الدموي الهائل الذي شغل المسلمين يرجع في أسبابه إلى الموروث المزعوم عن تلك الفترة، وهي الفترة التي تعد عند الكثيرين أوثق قطعة زمنية من تاريخ المسلمين، وتشكل قطعة التألق الديني والروحي بل والعاطفي، فيما هي عند الكاتب أكثر الأزمنة الإسلامية غموضا، وتشوشا، واضطرابا. تعتمد قراءاتنا لهذه الفترة على جملة مصادر، أولها الكتاب الكريم، ومن ثم الروايات الشفاهية المزعومة عن نبي الرحمة، وكتب السيرة التي هي الاخرى نقلت شفاها في البداية، ويشكك العلم اليوم بوثوقية الشفاهية، على أقل تقدير، لا يوجد دليل أن اللاحق ينقل عن السابق عينا، ونصا، من يدرينا؟ فكيف إذا تعدد الرواة، من يدرينا أن ما ينقله الراوية في وسط السلسلة هو عين ما نقله الراوي في صدرها؟ وذلك حتى لو أن الرواية ثقة حسب معايير علماء الدراية. على أن الشفاهية تفتقر إلى مصدر كتابي للاحالة عليه، فيما مصادرنا الكتابية هي لاحقة للشفاهية، أصلها شفاهي. لا أريد هنا أن اطيل بهذه القضية، وسوف التقي مع قراءي الاعزاء على مائدة بحث حول تدوين الحديث النبوي في عصر النبوة الكريمة، حيث سنلتقي بمفارقات كبيرة، تحتم علينا أن نتعامل مع فترة التكوين بشك كبير، حتى حادثة السقيفة! وهي الحادثة التي سأتناولها بالتفصيل لاحقا، مع احتفاظي بحق علي بن أبي طالب عليه السلام بأن يكون القيادة البديلة للنبي العزيز. أرجو من القاري أن لا يستعجل، ولا ينهال بالسباب والشتائم، فالمسلمون اليوم يمرون بمحنة طاحنة، ليس الخروج منها إلا بالنقد أولا. وفي عقيدتي أن فترة التكوين غامضة، مبهمة، سوى ما جاء في الكتاب الجميل، ولكنه لا يغني كما نعلم، وإن ما نقل لنا من موروث حول هذه الفترة محل شك عميق، وريبة كبيرة، رغم ما تسبَّب به هذا الموروث من بلاء ما زلنا نعاني منه، نحن ضحايا موروث مشكوك فيه إلى حد اللعنة، نحن ضحايا وهم، وأي وهم...؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|