المدينة القديمة.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 10:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمود الدقم(محمود الدقم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-31-2007, 03:56 PM

محمود الدقم
<aمحمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 8829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المدينة القديمة.

    نص يبحث في اللاشيء/ وفي كل شيء:

    عندما رحلتُ عن شُرفاتك المعبقة بأريج عطر الياسمين قبل ان ينكح الفجر الدورب والازقة الملتوية مثل دود صارقيل نافِق، احسستُ وقتها ان الخطيئة اخيرا وجدت طريقها الى مسام محرابي اليتيم المجدب، وهيكل تأملي المقِفر، وبساتيني المصفرة (بتشديد الصاد)، الذابلة العطشى لرشقات المطر، وعندما وقع بصري على المراكب الملونة على فخذ شواطئك العذراء قبيل الرحيل المُر عندما كانت طيور النوارس تسافر الى ضفاف اخرى، ادركتُ تماما انني اسلُك طرقا ملغومة مفتوحة النهايات وبلا حدود، ومنافيء مفعمة بالضجيج والحزن واللا مبالاة، يا مدينتي الوحيدة التي فيك اقام القمر بضوءه لا يبالي بنحيب الفصول والمواسم، ولطالما غَسلت اشعة الشمس ظهرِك المموسق مثل عود البان، يا شوقا ولد في مفاصلك غير مكترثا بدماميل الغيرة الجائعة على طول خطوط كنائسك والمآذن والحوانيت والمقابر والعنوانين التي تبحث عن هوية، الان فقط ادركتُ تماما ان صوت المغني حزين.

    الجسر المعلق، ام السلالام الرُخامية المتعرجة مثل خيوط نول في سجادة كشميرية لم تتم؟ السُوق القديمة ام محطات المترو المكتظة بالبشر مثل قناديل ذُرة؟ ام الشاطيء الاصم الذي تحطمت عليه امواج الازرق بغضب لذيذ ذات شتاء مكتئب، ام خرائط النجوم في سماءك وهي تعبث بجسد الليل البهيم عز الصيف؟ الناس الطيبين المتسكعين في الاسفلت المرمري الطويل وسط سوق المدينة مثل حقل من خيال مرح فيه الخيال، مثل حبات ودع لعرافة غجرية؟ ام المشردين الذين يعزفون قيثارة الفرح الذي اقسم بالازلام كلها ان لن يطوبهم ببركة الامل المتبقي؟ المشاوير التي لم تولد بعد، ام مدارات الالم التي تنتاب جزيئيات المساء عندما يضاجع السكون حدقات العمارات الشواهق؟ القطارات التي تفض رحم الفلوات بهدير ممض من الشرق الى الغرب كل ساعة؟ ام السفن البيضاء الغادية والآيبة مثل حجيج يغدو بين الصفا والمروة؟ حدائق الوهم المعلقة في جيدك مثل تعويذة ساحر عجوز؟ ام دور السينما التي يرتادها العشاق بحثا عن تماهي مع صدى الحُلم؟ ام الجبال التي تحرس اطرافك مع اشجارالصنوبر التي تتمايل في دلع على كف النسيم؟


    - كَالا مَييرَا، افتو ابو.. بو.. سِيا؟ ( انت من اين؟).
    - آغُوُ ابُو سودان ( انا من السودان)
    -تُورَا اسِي كُالا؟ ( هل انت الان في احسن حال؟)
    - اغُو تُورا بُولِي كَالا. (انا الان تمام التمام)
    -بَارك اللا وو.. بارك اللا وو ( شكرا.. شكرا)
    -بُولِيي بَارك اللا وو.. اميغو ( شكرا كثيرا لك صديقي).

    (عدل بواسطة محمود الدقم on 10-31-2007, 03:58 PM)

                  

10-31-2007, 03:57 PM

محمود الدقم
<aمحمود الدقم
تاريخ التسجيل: 03-19-2004
مجموع المشاركات: 8829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المدينة القديمة. (Re: محمود الدقم)

    واتبسم وانا على ضهر السفينة المُبحرة صوب المغيب كمتشرد ضليل، اتذكر ذلك الحوار، اكرمني فيه فصل الربيع بنفحاته، مع شرطي بالقرب من المرفأ الشمالي القديم، في النصف الاخير من الليل، كنت وحدي فقط مع معية القمر والنجوم الهاربة، والرصيف الشبقي المتمدد مثل عانس وحيدة.

    هييه... هه، دُنيا، كيف لي ان انسى تلك المقاهي التي تعج برواد يبحثون عن صديق يبثون له اطنان الهموم؟ (انتم.. انتم ملائكة، والسيد المسيح.. انتم ملائكة) قالت لي امرأة ثلاثنية العمر وهي تقهق من السعادة تدفن يديها وسط خِصر زوجها، كنت يومذاك اخاطب الفراغات الفارغة بالقرب من حي (سِن- داغاما) المخملي، بعد انتصاف الليل، كيف لي ان انسى تلك الحانات التي تحيل الليل الى نهار والنهار الى الليل؟ وبلُغة عربية محطمة يسألني صديقي الخواجه العجوز للمرة الرابعة في اقل من ساعة في مقهى الاكربول:
    - سَفة تُمباك.. اميغو، لو عندك سفة تُمباك.. اميغو!!

    ولا يقتنع ابدا صديقي العجوز ذو الشعر الاشقر المجدول مثل حِبال مهملة في ميناء مهجور، بانني لا اتعاطي التُمباك او اي مُنِبه اخر، يمضي وهو يترنح مثل طفل صغير، مشيرا لي باصبعه باشارة لا.. لا.. لا اصدق، يهز رأسه مثل متهم مخفور في قاعة محكمة.

    انظر خلفي بشفقة وحزن، وانا قابع في الطابق الرابع في سطح سفينة التي تمخر عباب البحر الاسود من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب الغربي، انظر الى المدينة القديمة التي فيها سكبت كل ما املك من زكريات واماني وخيبات، والليل ينتعل شيئا من سواد، ويتكحل بسمفونية موغلة في العته، ويلبس اثواب من حداد، ويتغنج مثل مومس محترفة، ليل يترنح مثل عازف ناي مخمور، وسط امواج تمضغ صفحة البحر وبدأت السفينة ترقص وسط هدير الموج كدرويش وسط نوبة ذِكر، ومن بعيد تبدو اضواء المدينة الملونة مثل ساحات المولد، تلك الاضواء التي تبصق على صفحة البحر لتحيله الى مسرح حكواتي من الاساطير التركية اواليونانية اوالهندية القديمة، واشجار الصنوبر ما زالت خلف المدينة ترقص وحدها تندب الرحيل.

    اتذكرها، بل تذكرتها الان، جُوانا كوستا ديمتري ، المرأة العجوز التي تنتظرني حذاء بوابة البناية العتيقة حيث اسكن، وفي الرمق الاخير من الليل، وهي تغسل الزقاق الضيق بعينيها الحادتين مثل عيني صقر بحثا عن لحظة مجييء، وهي تمسك بين يديها نسخا من نشرة ووك آب (استيقظ) باللغة العربية تحلم بان اكون انا احد (شهود يهوة) تلك الجماعة المسيحية المثيرة للجدل، اخطف منها النسخة ودون ان اعيرها مثقال ذرة من اهتمام، اتمتم هامسا في اذنها اليمنى بفتور:
    -انتِ تخاطبين صخرة، تتحدثين مع حائط، تغازلين تمثال من غرانيت، جلد النمر لن يكن يوما جلد زراف، وانحشر في غرفتي في الطابق الخامس عشر انام، تحفني الفوضى، ثياب مهملة هنا، اكواب من الشاي المتسخة هناك، خبز ناشف مضى علي وجوده ثلاثة اسابيع ملقي على الكتب، وقِطة دخلت الغرفة خلسة، وتثكلت -بتشديد الكاف- لانها لم تعثر على شيء يؤكل، وجرزان هاجرت من البناية تلعنني وتلعن فقري، وكلس يتساقط من سقف غرفتي نتيجة لتكلس السقف من الماء المالح، وصوت تلفازي الوحيد الذي نسيت ان اطفئه منذ الاحد الماضي، واحلم بمستقبل مليء بالزهر والورد.

    والان، باي باي يا متحف التاريخ الشفوي والقصائد، يا بلاط موزاييكي مموه في كياناتي الرتيبة، وستائر من غد لا اعرفه ترفرف حول سويعاتي المجمدة بين بهلوانيات الموج الازرق وبين (البوم صور) الذي طفح بذكرياتي السرية، يا مدينتي القديمة، يا..

    وحدي انا والسماء، وزرقة المحيط، والليل الغاطس في الظلام حتى أُذنيه، على سطح السفينة، ممدا هناك بالقرب من الصاري الضخم، اخلع حذائي الضخم اتوسده، اتكوم حول نفسي ككرة ثلج، وصوت محركاتها يصخب باللعلعة، مبتعدا وبعيدا عن الشاطيء وفي بطن اللُجة اغني بصوت صاخب ولا اهتم:

    - (الفات الفات..
    وفي ديلو سبعة لفات..
    عمي علي...
    بياع الزيت..
    وساق مرتو، وداها البيت..
    والجُبُة، وقعت في البير.
    وصاحبها، واحد فقير..
    والصول
    واقف صنفور
    تمتمتم تتتمتتم
    ترلم تترلااام، ترلم تترلاااام تراا رررا للام.)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de