مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 06:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2010, 12:55 PM

مركز الخاتم عدلان
<aمركز الخاتم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-21-2008
مجموع المشاركات: 3485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . (Re: مركز الخاتم عدلان)

    ورقة (مكونات الهويّة في دارفور
    أوضاعها ودورها في مسألة التعايش) , قدمها دكتور كمال جاه الله .

    1072.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    د. كمال جاه الله

    تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على مكونات الهوية في دارفور( العرق واللغة والدين ) من منظور أوضاعها، ودورها في التعايش في ذلك الإقليم المتعدد الإثنيات واللغات والآحادي الدين.
    وتنطلق الورقة من فرضيّة مؤداها أن لأوضاع مكونات الهوية الرئيسة( العرق واللغة والدين) أثرا في عملية التعايش التي تنعم بها التركيبة السكانية في دارفور، على الرغم من الصراعات التاريخية بين القبائل على الموارد والنفوذ، وهي لا شك صراعات تختلف عن الأزمة التي يعيشها الإقليم منذ عام 2003.
    تبدأ الورقة بالوقوف عند مفهومين جوهريين، هما مفهوما الهوية والتعايش، ومن ثم تفرد حيزا لتناول أوضاع مكونات الهوية في دارفور ودورها في التعايش، عبر تناول المحاور التالية:
    أولا: دارفور، خلفيات جغرافية وتاريخية وديمغرافية مختصرة.
    ثانيا: القبيلة وأوضاعها في دارفور( مقرونة بذكر بعض اللغات).
    ثالثا: اللغة وأوضاعها في دارفور.
    رابعا: الدين وأوضاعه في دارفور.
    خامسا: دور مكونات الهوية في دارفور في مسألة التعايش.
    حول مفهومي الهوية والتعايش:
    من الضرورة بمكان التعرف على ما يقصد بمفهومي الهوية والتعايش، لارتباطهما العضوي بما نهدف إلى تحقيقه من هذه الورقة، وذلك على النحو التالي:
    أولا: مفهوم الهوية:
    على الرغم من حداثة مفهوم الهوية، وكثرة تداوله في المحافل العلمية المختلفة في العقود الأخيرة، إلا إن العديد من تعريفاته تفصح عن اتساع هذا المفهوم الذي يحتضن كل ما هو تاريخي وثقافي ونفسي واجتماعي... إلخ، فلا غرو إذن أن تتعدد هذه التعريفات بتعدد المنطلقات التي يرتكز عليها المنظرون في هذا المجال في الفكر الغربي والعربي.
    ولعل من أهم تعريفات مفهوم الهوية في الفكر العربي ذات الصلة بموضوع ورقتنا تلك التي تعرفها على أنها مجموعة من السمات العامة التي تميز شعبا أو أمة في مرحلة تاريخية معينة(1)، أو بتعبير آخر: هي ظاهرة تاريخية تجد تفسيرا لها أو قاعدة، أو أنها العملية التي بواسطتها تنتقي جماعة من الناس سمات معينة من ذخيرتها الثقافية في فترة زمنية محددة، ثم تلبس تلك السمات رداء منه الرموز(2). بينما يرى البعض أنها التمثيل الرمزي لمجموعة متجانسة كبرى من الأفراد من شأنها أن تعرف التعبير عن هوية جماعية ترتبط بهذه العبارات: إجماع الأمة، خطاب الأمة، النظام الاجتماعي الأساسي للأمة، أولوية الأمة إزاء المصالح الفردية لأعضائها وإزاء الأمم الأخرى، كما ترتبط بها ممارسات اجتماعية، وتمثيلات رمزية في آن واحد(3)، وغير ذك من التعريفات في هذا المضمار.
    وبعيدا عن تعدد تعريفات الهوية، وعن الخوض في تفاصيلها، ولأغراض هذه الورقة، فإننا سنتبنّى ذلك التعريف الذي أورده فرانسيس دينق، الذي ذهب فيه إلى أن الهوية تعد تعبيرا عن الكيفية التي يعرف الناس بها ذواتهم، أو الكيفية التي يوصفون بها تأسيسا على العرق، الإثنية، الثقافة، اللغة، والدين، وكيف يمكن لمثل هذه الانتماء أن يحدد ويؤثر على مساهمتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبلادهم(4).
    أما مكونات الهوية التي يمكن أن تفهم من تعريف فرانسيس دينق أعلاه، فهي متعددة حصرها في العرق، والإثنية، والثقافة، واللغة، والدين، وسنختار في ورقتنا هذي ثلاثة منها لتناول أوضاعها ودورها في قضية التعايش في دارفور، وهذه الثلاثة هي العرق واللغة والدين.
    ثانيا: مفهوم التعايش:
    يعد مفهوم التعايش من المفاهيم الحديثة نسبيا، إذ حيث أخذ حظه من الاستخدام والتداول بصورة مكثفة في الأوساط العلمية، وغير العلمية في العقود الثلاثة الأخيرة. وهذا لا يعني، بأية حال، أن الأصل اللغوي لهذا المفهوم لم تكن تعرفه المعاجم العربية والأجنبية، فالمتصفح لهذه المعاجم يسهل عليه الحصول على هذا الأصل في شيء من التفصيل.
    وكعادة كثير من المفاهيم المرتبطة بالعلوم الإنسانية، كثرت التعريفات التي تحاول تبيين مفهوم التعايش وتفسيره. وقد تصدر قاموس علم الاجتماع، في عالمنا العربي، فيما نعلم، قائمة المؤلفات التي أفردت حيزا معتبرا للوقوف على تفسير هذا المفهوم. ومن تلك التعريفات، التي أوردها القامــوس، أن مصطلح معايشة( = تعايش ) استخدم في الأيكولوجية البشرية ليشير إلى علاقة تقوم على التعاون والتنافس معا، بين الذين يشاركون في تقسيم متكامل للعمل(5). ومنها أيضا أن بيرجل E. Bergel قد اعتبر مصطلح المعايشة (= التعايش) صالحا لتحليل بناء الطبقة الاجتماعية حينما تلاحظ صلات التآلف والمودة التي تنشأ بين الذين يتقاربون في الهيبة بقوة. ولهذا لا يتعامل أعضاء الطبقات العليا مع أعضاء الطبقات الأدنى بنفس النظرة(6).
    كما أورده القاموس نفسه أن مصطلح المعايشــــة قد استخدم اســتخداما دقيقا في مؤلف هاولي " الأيكولوجية البشرية " على أساس أنه يصف العلاقات بين الأفراد الذين يشغلون أوضاعا تخصصية متماثلة كمنتجين أو مستهلكين في بناء تقسيم العمل(7).
    وبغض النظر عن تقارب وتداخل مفهوم التعايش مع مفاهيم أخرى عرفتها العلوم الإنسانية( والعلوم الاجتماعية)، مثل التكامل والاندماج والتكافل وغيرها، وبغض النظر عن الأبعاد الوظيفية التي يعبر عنها مفهوم مصطلح التعايش، التي أدت إلى تفرق معانيه بين مؤلفات الباحثين وطبيعة تخصصاتهم، فإن هذه الورقة تتبنى تعريفا إجرائيا لهذا المفهوم باعتباره واحدا من مستوياته، ذلك التعريف الذي أورده عصام أحمد البشير حين يشير إلى أن المستوى الأول من التعايش يحمل في صورته الفكرية السياسية معنى الحد من الصراع، أو ترويض الخلاف، أو العمل على احتوائه، أو التحكم في إدارة هذا الصراع بما يفتح قنوات الاتصال، والتعامل الذي تقتضيه ضرورات الحياة المدنية والعسكرية(8). وواضح من هذا التعريف أنه لا ينفي كون الصراع والخلاف موجودين في حياة البشر متى ما كان هناك احتكاك وتنافس وتدافع. فيأتي التعايش للحد من الأول وترويض الثاني، وفي الوقت ذاته يأتي لفتح قنوات الاتصال والتعامل حتى تستمر حياة البشر.
    بعد أن تناولنا مفهومي الهوية والتعايش في شيء من الاختصار، فإننا نحتاج إلى سرد خلفية مبتسرة عن دارفور، تعطينا فكرة عن الجغرافيا والتاريخ والديمغرافيا، وذلك تمهيدا لمعرفة مكونات الهوية، أوضاعها ودورها في قضية التعايش.
    دارفور: خلفيات جغرافية وتاريخية وديمغرافية مختصرة:
    يقع إقليم دارفور(ولاية شمال دارفور، وولاية جنوب دارفور، وولاية غرب دارفور حاليا) في أقصى غرب جمهورية السودان بين خطي عرض 10و15 شمالاً، وخطي طول 22 و27 شرقاً. وقد هيأ له هذا الموقع أن يشترك في حدود دولية مع كل من ليبيا في جهة الشمال، وتشاد في جهة الغرب، وإفريقيا الوسطى في الجهة الجنوبية الغربية. كما هيأ له أيضا أن يحده من ولايات السودان كردفان من الشرق، وبحر الغزال من الجنوب. وتبلغ المساحة الإجمالية لدارفور 114 ألف من الأميال المربعة. بينما يقدر سكانها بما يزيد قليلاً عن أربعة ملايين نسمة، تحديداً (4.024.795) حسب تقديرات التعداد السكاني لعام 1993م. وقد ارتفع العدد في تعداد 2008 إلى 7.515.445 نسمة.
    تمتاز دارفور بتعدد المناخات حيث يسود في شمالها مناخ صحراوي، ويتدرج جنوباً إلى شبه صحراوي، ثم سافنا فقيرة، ثم سافنا غنية(9). وقد تتبع هذا الأمر الباحث البريطاني ريكس أوفاهي حتى خلص إلى أن دارفور تتفوق على غيرها من مناطق السودان بالتباين الجغرافي والعرقي(10).
    إن سكان دارفور خليط من عدة أعراق، حيث ساهمت الهجرات التاريخية المتصلة التي قامت بها جماعات إفريقية، وجماعات من شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى الأحداث السياسية والظروف البيئية في تكوين صورة معقدة للهوية العرقية، والتوزيع السكاني في دارفور، وقد أدى انتشار الإسلام إلى تعزيز العلاقات بين المجموعات العرقية المختلفة(11).
    إن أغلب سكان دارفور يعملون بالزراعة التقليدية، وتربية الحيوان، كما أن بعضهم يشتغل بالحرف اليدوية. ولوحظ أيضا أنه، وبرغم الموارد المتاحة والظروف المشجعة إلا أن هذا الإقليم لم يحظ بالحد الأدنى من مشروعات التنمية، حيث يعتبر من أكثر أقاليم السودان تخلفاً من حيث التنمية الاقتصادية، وعدم التخطيط(12). وهذا في رأينا انعكس أثره في التكوين الديمغرافي للمنطقة، حيث أدت موجات الجفاف والتصحر إلى هجرة متزايدة من الريف إلى المدن.
    1074.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    ولعل موجات الجفاف والتصحر التي كانت تضرب دارفور من حين لآخر، ناتجة من قلة مياه الأمطار، ومعروف أن مياه الأمطار تعتمد عليها دارفور في المقام الأول كمورد لمياه الشرب للإنسان والحيوان، وأغراض الزراعة؛ الأمر الذي جعل الحياة فيها مرتبطة بهذا العنصر المهم، مما أدى إلى تكاثف السكان في المناطق الغربية والجنوبية من هذه الولاية، حيث تكثر الأمطار وتصلح الأرض للزراعة والمرعى(13).
    ويرى أحمد آدم بوش أن هناك علاقة تبادلية بين معدلات هطول الأمطار، وبين النزاعات القبلية في دارفور، وقد توصل إلى أن النزاعات والصراعات في هذا الإقليم تكثر وتزداد كلما كانت معدلات الأمطار متدنية أو دون الوسط(14).
    ويمكن أن نقول إن دارفور بحسب الهجرات العربية إليها من شمال إفريقيا، ومن انسياب العرب نحوها من الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل السادس عشر، وبما كان يقطنها من قبائل إفريقية ذات كيان سياسي واجتماعي أدى هذا- كما يرى عبد الحي عبد الحق(15)- إلى أن تكون منطقة دارفور غنية باللهجات العربية المتنوعة من جانب، وباللغات الدارفورية من جانب آخر. هذا بالإضافة إلى لغات غرب إفريقيا التي لم يضمنها عبد الحي عبد الحق.
    ولم يكن أثر الهجرات العربية إلى دارفور وقفاً على التنوع في اللهجات العربية فحسب، وإنما بالإضافة إلى ذلك أنها وبالاتحاد مع السكان المحليين، مثلث الهجرات العربية الأساس والعامل الرئيس في نشر العروبة والإسلام والثقافة العربية والإسلامية(16). وهذا بالطبع لا يغمط دور السكان المحليين في ذلك وريادتهم، بل ودور القبائل القادمة من غرب إفريقيا، إذ ظل تأثيرها قائماً منذ قيام الممالك الإسلامية في دارفور.
    لقد استفادت دارفور من موقعها الاستراتيجي حيث إنها أصبحت ملتقى طرق تجارية، وحلقة وصل تربط بين الممالك الإسلامية المنتشرة في الحزام السوداني، شرقه وغربه، من النيل وحتى المحيط الأطلنطي. كما أنها أصبحت معبراً مهماً لنقل الحجيج شرقاً وإلى الشمال. وقد ازداد الطريق الذي يمرّ بدارفور أهمية عندما أنشأ السلطان عبد الرحمن الرشيد عاصمته في الفاشر الحالية، والتي تقع على بعد 21 كليومتر جنوب كوبي المرفأ الجنوبي لدرب الأربعين. ويذهب إبراهيم موسى محمد إلى أن عبد الحمن الرشيد بذلك يكون قد سيطر على أهم مدن دارفور التجارية التي كانت تنعقد فيها طرق القوافل الواردة إلى دارفور من كل الاتجاهات، وتنفصل عنها متفرعة إلى كل الاتجاهات(17).
    وبعد أن تقلد السلطان عبد الرحمن الرشيد زمام الأمر في سلطنة الفور، بلغت دارفور أوج عظمتها، وشهدت عهداً جديداً، وأصبح يشتهر بالعلم والعدل، وانفتحت البلاد في عهده لمؤثرات خارجية كثيرة، إذ شجع السلطان هجرة سكان وادي النيل من الجعليين والدناقلة الذين أصاب حياتهم بعض الفتور من جراء التدهور الذي أصاب مملكة الفونج في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. وقد اشتغل هؤلاء بنشر تعاليم الدين الإسلامي والعمل في التجارة(18).
    وقد هيأ هذا الموقع الاستراتيجي لدارفور مجالاًَ واسعاً للتأثيرات الإسلامية القادمة من عدة اتجاهات، من بلاد النيل عبر كردفان، ومن مصر عبر درب الأربعين، والواحات الغربية، ومن المغرب العربي عبر دروب الصحراء ، ومن بلاد السودان الغربي(19).
    ولا شك أن تأثير بلاد السودان الغربي على دارفور يعد أقوى الاتجاهات تأثيراً، مما يبرهن على أن هذا الجزء من السودان ذو ارتباط قوي وقديم ببلاد السودان الغربي، ولعل جانباً من هذه التأثيرات قد أخذت طريقها إلى أواسط السودان منذ حقب بعيدة، بالأخص تلك الناتجة عن علاقة هذا الإقليم بمملكة كانم( برنو ) قديماً، وانتشار الطرق الصوفية(التجانية على وجه الخصوص) حديثاً. وقد أهمل هذا الجانب في كثير من الدراسات التاريخية وغيرها، وإن ذكر فإنما يذكر على أساس أنه ذو تأثير ضعيف، وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية ومستفيضة ليس هنا مقامها.
    يفهم مما استعراضه من هذه الخلفيات المختلفة عن إقليم دارفور، أن هذا الإقليم يتسم بكثافة سكانية واضحة، ذات مرجعيات إثنية مختلفة، لم تعقدت من قضية الهوية فيه. كما يتسم أيضا بتعدد مناخي متباين، جعل من حرفتي الزراعة والرعي حرفتين غالبتين، غير أنهما مثلتا، بفعل تذبذب الأمطار من عام لآخر، مادة حية للصراعات التقليدية التي شهدها الإقليم قديما، وفي العقود الأخيرة من القرن الماضي، لكن سيتضح لنا لاحقا أن هذه الصراعات لا صلة لها بمكونات الهوية الرئيسة: العرق واللغة و الدين، وإنما مرتبطة بأسباب محلية ذات صلة بشح الموارد، وضعف الإدارة الأهلية، وامتلاك الأراضي والحواكير... إلخ، كما سيتبين لنا لاحقا.
    وبما أننا قدمنا بعض الخلفيات، تمهيدا لتناول أوضاع مكونات الهوية في دارفور، يجدر بنا أن نفرد حديثاً خاصاً عن القبيلة وأوضاعها، ثم عن اللغة وأوضاعها، ثم عن الدين وأوضاعه، وصولا لمعرفة دور هذه المكونات في التعايش في هذا الإقليم الذي شهد عبر تاريخه صراعات ومصادمات، ومن ثم أزمة شاملة ابتدأت منذ عام 2003.
    القبيلة وأوضاعها في دارفور( مقرونة بذكر بعض اللغات):
    ارتبط تاريخ دارفور ارتباطا عضويا بالقبيلة، وارتبطت جغرافيتها بتقسيم أراضيها إلى" دارات "، والدارات هي مفردة محلية تعني ديار تحمل أسماء القبائل، كدار مساليت، ودار زغاوة، ودار قمر، ودار فلاتة...إلخ، ولا يكاد يوجد شيء من هذا القبيل في عدد من مناطق السودان. فالقبيلة هنا لها سلطتها وسطوتها، ولها وجودها التاريخي الفعلي المتوارث كابراً عن كابر.
    وبعيداً عن مزاعم النقاء العرقي الذي يصعب إثباته عموماً في مجمل السودان، وبصفة خاصة في منطقة دارفور، التي تميزت بكونها معبراً ثقافياً بين الشمال والجنوب والشرق والغرب لعدة قرون، ولم تكن ظروفها البيئية تساعدها على العزلة، بعيداً عن ذلك كله يمكننا فيما يلي أن نقدم عرضاً سريعاً يشمل أهم التجمعات القبلية في هذا الإقليم، على أساس النشاط الاقتصادي(المهنة)، وفقاً لتقسيم أورده موسى آدم عبد الجليل(20)، وهو تقسيم فيه شيء من الإجمال، وسنحاول من خلال عرضنا أن نفصل ما أجمله خلافاً للعرض التقليدي للقبائل، كل على حده، ومتجنبين كثرة اختلاف العلماء في ردهم لأصول القبائل ما استطعنا.
    يذهب موسى آدم عبد الجليل إلى تقسيم السكان في دارفور إلى ثلاث مجموعات رئيسة بحسب النشاط الاقتصادي الغالب في المنطقة. ويشتمل كل قسم على عدد من المجموعات القبلية ذات الانتماءات المختلفة. كما أنه يبين أن هذه الأقسام عبارة عن أحزمة جغرافية أفقية، تمتد شرقاً وغرباً، ومتدرجة من الشمال إلى الجنوب. وهذه الأقسام يمكن استعراضها في الآتي:
    أولاً: رعاة الإبل والغنم في الشمال: وهؤلاء يسكنون المنطقة الشمالية شبه الصحراوية، حيث تقل مقومات الزراعة نسبة لقلة الأمطار، وأكبر هذه المجموعات القبلية عدداً من سكان هذا الحزام هم الزغاوة، والبديات الذين هاجروا إلى دارفور في العصور الغابرة من منطقة الصحراء الليبية في شمال أفريقيا(21). وقد اتجه الزغاوة حديثاً، خصوصاً من استقر منهم بالمدن كالفاشر، إلى التجارة. ووجودهم بمدن دارفور كثيف بعد أن تضررت مناطقهم بفعل الجفاف والتصحر، لا سيما في مفتتح الثمانينات من القرن العشرين. ويلي قبائل الزغاوة إلى الشرق قبائل البرتي، وهؤلاء لا يعرف أحد منحدرهم، لكن سحنتهم وأشكالهم تبدو وكأنهم خليط من الفور والعرب المتأثرين بالزغاوة(22). ثم يأتي الميدوب، ويقولون أنهم نوبيون من شمال السودان. أما التنجر الذين أسسوا مملكة كبيرة في شمال دارفور وفي ودّاي أيضاً (قبل القرن السادس عشر الميلادي)- فيسكنون الجزء الجنوبي لهذا المنطقة ويمارسون الزراعة. وهناك مجموعة من القبائل العربية التي اشتهرت برعي الإبل، وهي الرزيقات الشمالية، والزيادية وغيرها.
    وتبرز لنا لغة الزغاوة Beri كأهم لغة في هذا القسم، وللزغاوة اهتمام خاص بلغتهم، وهم قوم سعوا، وما زالوا يسعون لكتابتها أبجدياً(23)، ولذلك تجدهم يصرون على تعليمها لأطفالهم، ويحافظون على التحدث بها فيما بينهم. كما يلاحظ أن بهذا القسم قبائل غير عربية ليست لها لغات خاصة بها، والراجح أنها انقرضت كالتنجر والبرتي، والأخيرة لهذا السبب ضللت كثيراً من الباحثين في سعيهم للاهتداء لأصلها.
    ثانياً: المزارعون في الوسط: ويعتبر الفور(قبيلة إفريقية الأصل) أهم وأكبر القبائل عدداً ليس في هذا القسم فحسب، بل على مستوى الإقليم، وهم يسكنون في الأساس في هضبة جبل مرة والسهول المحيطة بها من الغرب والجنوب، وتنتمي الأسرة المالكة التي أسست آخر مملكة في دارفور" الكيرا " إلى قبيلة الفور. وقد اطلق على الإقليم نفسه اسم هذه القبيلة اعترافاً بأهميتها. كما أن المساليت يعيشون في الجزء الغربي من هذا القسم، ويجاورهم القمر(وهؤلاء لا يتحدثون غير العربية)، والتاما ، والمراريب. وتعيش في القطاع الشرقي لهذا الحزام قبائل الميما، وقد وفدت إلى ودّاي، ثم دارفور من تمبكتو حيث كانوا يجاورون الطوارق(24)، بالإضافة إلى قسم كبير من البرتي، والتنجر.
    وفي هذا القسم تسود لغة الفور بلا منازع، وهي لغة حضارة لممالك سادت فترة طويلة، ولغة أم لغير الفور عن طريق التزاوج والمصاهرة. ويلاحظ أن أغلب القبائل غير العربية في هذا القسم لها لغاتها الخاصة بها عدا قبيلة القمر التي لا تتحدث غير العربية.
    ثالثاً: رعاة البقر في الجنوب: ويتكون سكان هذا القسم بشكل رئيس من القبائل العربية التي تمتهن رعي البقر(ويسمون إجمالاً بالبقارة )، وأشهرها قبائل الرزيقات، والتعايشة، وبني هلبة، والهبانية، والمعاليا. كما تسكن في هذا الحزام أيضاً قبائل إفريقية الأصل أهمها الداجو(ويعتبرون أول من أسس مملكة في جنوب دارفور قبل انتشار الإسلام وهجرة القبائل العربية)، والبرقد، علاوة على جماعة من الفلان من رعاة البقر الذين هاجروا من غرب إفريقيا.
    إن كثرة القبائل العربية في هذا القسم تشير إلى أن العربية بلهجاتها وتنوعاتها تسيطر عليه، وتوجد بها قبيلة غير عربية لا تتحدث غير العربية وهي البرقد، وقد فقدت لغتها (النوبية الأصل) لعقود مضت. كما نجد قبائل أخرى ما زالت تحتفظ بلغتها الخاصة كالداجو، وجزء من الفلان.
    ويمكننا أن نلاحظ وفقاً للتقسيم السابق أننا إذا اتجهنا من الشمال إلى الجنوب نجد الآتي:
    1. قلة القبائل العربية تقابلها كثرة واضحة للقبائل الإفريقية الأصل.
    2. قلة واضحة للقبائل العربية تقابلها كثرة للقبائل الإفريقية.
    3 كثرة القبائل العربية وقلة واضحة للقبائل الإفريقية.
    كما أن التقسيم يعكس لنا صورة أقرب لصدق التوزيع التاريخي والتقليدي للقبائل في دارفور، وبالتالي اللغات. غير أنه لا يعكس الصورة الحقيقية لانتشار اللغة العربية. وإذا استندنا على تاريخ منطقة دارفور، وقربها النسبي من غرب إفريقيا، وتفاعل الممالك التي قامت آنذاك في تلك المنطقة، يتوقع أن يكون هناك وجود واضح لقبائل وسط وغرب إفريقيا بدارفور، انطلاقاً من تلك الهجرات التي كانت تتم بصورة فردية وجماعية، ولكن يبدو أن هذه المنطقة لم تطب لأغلبيتهم بتلك الصورة التي نجدها في وسط السودان(الجزيرة، والنيل الأزرق، والعاصمة، وشرق السودان(كسلا على وجه الخصوص). وربما يرجع ذلك لأسباب متنوعة، منها زيادة نسبة الرعاة بين السكان الأصليين (الدارفوريين) فضلاً عن البعد عن المناطق التي في حاجة إلى الأيدي العاملة، وزيادة نسبة الزرَّاع في شرق السودان عنها في الغرب. ومن ثَمّ كانت فرصة أهالي غرب إفريقيا للاستقرار في شرق السودان أكبر منها في غربه(25). ولعل أهم من ذلك كله موقع " الشرق " في وجدان مسلمي غرب إفريقيا، بحسبانه اتجاهاً نحو الحرمين الشريفين، وهما مقصدهم الأساس في هجراتهم عبر القرون إلى هذه المنطقة.
    ومجمل القول إن دارفور يسكنها خليط من الأجناس، والمجموعات الإثنية، بعضها ينتمي للمنطقة نفسها (محلية)، وأخرى وافدة عبر فترات تاريخية مختلفة، تقف من وراء هجرتها إلى هذه المنطقة عدة عوامل. وقد تداخلت مع بعضها، وتصاهرت حتى أفرزت النسيج الحالي لسكان دارفور.
    وإذا تحدثنا عن التكوين الاجتماعي لهذا الخليط من السكان، نجد أن البناء التقليدي لمجتمع دارفور يقوم على أساس هرمي، قاعدته الأسرة، وقمته زعيم المجموعة العرقية المعنية، كل مجموعة عرقية تمثل كياناً اجتماعياً قائماً بذاته، يعرف محلياً بالقبيلة، وتكون مجموعة تلك القبائل السكان بدارفور، وكانت لكل قبيلة منطقة مخصصة تعرف باسمها يطلق عليها الدار(26).
    من خلال مما ذكر يتضح لنا أن منطقة دارفور– عدا المنطقة الفقيرة الطاردة وهي المنطقة الصحراوية الواقعة في أقصى شمالها– بما توفر لها من تنوع قبلي، وتباين جغرافي، وانفتاح حدودي .. أصبحت تستوعب خليطاً من الأجناس. فقد كانت وما زالت منطقة جذب لكثير من العناصر البشرية منذ عصور، سحيقة، هاجرت إليها من مختلف الجهات. وهذا التنوع في المجموعات العرقية بصورة آلية يتبعه تعدد وتنوع في الناحية اللغوية، وهو بدوره يفتح الباب واسعاً للاصطراع بين اللغات بالمنطقة.
    الحق أن ما يذكر عادة بأن تاريخ دارفور، قديمه والحديث، مليء بالصراعات القبلية، ينبغي الأ يفهم في إطار أن السبب من وراء هذه الصراعات قبلي، وإنما لا صلة لها بالقبيلة مطلقا، فهذا علي أبو زيد علي يرصد لنا هذا الأمر، فيشير إلى أن النزاعات القبلية في دارفور في الفترة من عام 1932 إلى عام 2002 بلغت 45 نزاعا(27)، ليس هنا مجال لسرد تفاصيلها. والذي يستنتج مما أورده مفصلا في هذا المضمار، الآتي:
    أولا: أن هذه النزاعات شملت جميع مساحة إقليم دارفور، وساهمت فيها كافة المجموعات الإثنية بالإقليم.
    ثانيا: أن هذه الصراعات لا يمكن تصنيفها ضمن إطار إفريقي عربي، أو " عرب وزرقة " بالتعبير الدارفوري المحلي، إذ تأتي ضمنها صراعات عربية عربية، وصراعات إفريقية إفريقية، وصراعات عربية إفريقية.
    ثالثا: أن هذه الصراعات كانت محددة الزمن، ومحددة المكان، ومحدودة الأثر، مقارنة بالأزمة التي يشهدها الإقليم في السنوات الأخيرة التي ترتبت عليها حركة نزوح ولجوء وموت ودمار لا حدود لها.
    انطلاقا مما تم ذكره لا يمكن تصور أن للقبيلة أو العرق صلة مما جرى في الإقليم من صراعات قديما وحديثا، بل إن الأزمة التي الحالية بالإقليم، رغم ضراوتها وشدتها، بعيدة كل البعد عن إرجاعها إلى أسباب ذات صلة بالقبيلة أو العرق.
    1076.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    وإذا كانت القبيلة (أوالعرق ) بعيدة عن الصراعات في إقليم دارفور، فمن المنطق أن تكون واحدة من دعامات السلم والتعايش بين جماعاته الإثنية. وهذا يعضه النسبة العالية من التزاوج والانصهار بين مكونات دارفور الإثنية، لا سيما في مدن الإقليم الكبيرة.
    اللغة وأوضاعها في دارفور:
    إن الوضع اللغوي في السودان بتعدده، وتباينه، وعدم تكافئه في التوزيع الجغرافي، وعدم استقراره على حال، وهو امتداد لمثيله الإفريقي، استطاع أن يجذب اهتمام علماء اللغة الأجانب كشفاً ودراسة، بما توافر له من تعدد وثراء. فكان الاهتمام باللغات النوبية في الشمال، واللغات المحلية المختلفة في الجنوب، ثم انتظمت الدراسة لتشمل أغلب أنحاء القطر تدريجياً بما في ذلك لغات دارفور، مع الإشارة إلى بعض أوضاعها، وإن كانت الدراسات اللغوية صمتت عن دارفور قبل الربع الأول من القرن الماضي.
    وإذا اطرحنا الحديث عن الوضع اللغوي في السودان بكافة مناطقه، واستحضرنا حالة دارفور، فسنجد أنها تمثل منطقة تقليدية تاريخية لتوزيع لغات بعينها، كلغة الفور، ولغة المساليت، ولغة الداجو، ولغة الزغاوة وغيرها، على الرغم من أن هناك جيوباً لهذه اللغات تقل وتكثر خارج منطقة دارفور، تمت بفعل الهجرات الفردية والجماعية، لا سيما التي استوطنت بوسط السودان، والعاصمة القومية، وكما هو الحال في ولاية القضارف.
    1075.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    وإذا كانت دارفور تسود بها لغات حية استطاعت أن تصمد في ظل صراع حضاري طويل، كالتي ذكرناها قبل قليل، فهناك لغات أخرى ذكرها بول دورنبوس عجزت عن مواصلة مسيرتها عبر حقب التاريخ، وانقرضت، لتفسح المجال للغات أخرى أكثر فاعلية للحياة، وأقدر على العيش بين رصيد كبير من اللغات واللهجات. ومن لغات دارفور التي انقرضت البرتي، والبرقد، والبيقو ، والقيلي (الفونجورو)(28). بل إن إقليم دارفور يمثل أكثر مناطق السودان التي شهدت انقراضا للغات، وفي هذا دلالة واضحة على تقبل عملية التعريب، تقبلا طوعيا، في الغالب الأعم، يتجلى في السلوك تجاه اللغة وسط متحدثي اللغات المحلية بالإقليم (29). فقوة العامل الديني في دارفور جعلت من سكانه المسلمين يقبلون إلى تعلم العربية وتبنى ثقافتها، مقرونة بالثقافة الإسلامية، ومن أجل ذلك ضحّوا بخصوصياتهم اللغوية والثقافية إلا قليلا. تسود دارفور فصيلتان لغويتان رئيستان، تشمل الأولى اللغات الدرافورية، وأهمها لغة الفور، والمساليت، والزغاوة، والميدوب، بينما تشمل الثانية العربية بلهجاتها المختلفة(بني هلبة، هبانية، ماهرية، معاليا...). هذا إلى جانب بعض لغات غرب ووسط إفريقيا كالفولاني، والهوسا، والمبا (لغة البرقو).
    يرى ثيلوال أن هناك على الأقل ست عشرة لغة محلية غير العربية( الحق أنها أكثر من عشرين لغة ) يتحدث بها في دارفور عند إجراء دراسته، وهي الفورية، والزغاوة ، والبدياتية، والداجوية (لهجتان)، والميدوبية (لهجتان)، والبرقدية، والبرتية، والتامية، والمساليتية، والمبوية، والرونجوية، وقد ربطها بنسبة المتحدثين بها كلغة أم. ويستنتج مما ذكر أن أهمها أربع لغات، وهي: العربية 55%، والفور21%، المساليت12.5%، والزغاوة 5% من مجمل سكان دارفور(30).
    ولا شك أن هذه النسب المختلفة التي انجلت عنها دراسة ثيلوال السابقة تصبح مرآة عاكسة لتلك الفترة التي أجريت فيها الدراسة، أما الآن وقد مرَّت على دراسته ثلاثة عقود فقد حدثت فيها تحولات كبيرة، أهمها المجاعة، والجفاف، والتصحر، التي ضربت دول إفريقيا جنوب الصحراء عام 83-1985م ، بالإضافة إلى ظروف دارفور الخاصة بها من زحف صحراوي، وحروب وصراعات قبلية، وأزمة شاملة أدت، مجتمعة، إلى عدم استقرار الإقليم، فكانت الهجرة نحو المدن الكبيرة كنيالا، والفاشر، والجنينة. بالإضافة إلى هجرة متزايدة نحو كردفان، ووسط السودان، والعاصمة، ولا شك أن لهذا أثره على الوضع اللغوي بالإقليم.
    وقد أورد يوسف الخليفة أبو بكر والأمين أبو منقة، في مؤلف مشترك لهما عن أوضاع اللغة في السودان، اثنتين من لغات دارفور المحلية ذات الأكثرية المتحدث بها في السودان، هما: الفور (913.663)، والمساليت (310.406)، وذلك ضمن ثلاث عشرة لغة سودانية محلية- غير العربية- تتميز بأكثرية المتحدثين بها، بعد أن اهتديا بما قدمه سيد حامد حريز وهيرمان بيل (1975)(31)، ثم حولا نسبة المتحدثين وعددهم من تعداد سكان السودان عام 1956م إلى تعداد 1993م حسابيا (32).
    وبما أن كثيراً من الدراسات التي تناولت الأوضاع اللغوية في السودان أفضت إلى اكتساح اللغة العربية لمساحات كبيرة كانت مرتعاً للغات سودانية محلية، فإن تلك الظروف البيئية، وغيرها في إقليم دارفور تكون قد ساعدت في زعزعة التوزيع التقليدي التاريخي للقبائل بالمنطقة، كما أشرنا، وعليه يتوقع أن تكون العربية قد كسبت أرضاً جديدة خلال العقود الثلاثة الماضية في مقابل انحسار للغات الدارفورية وغيرها. وإثبات هذا يحتاج إلى عقد عدد من الدراسات التي نأمل أن ينتبه الباحثون اللغويون وغيرهم إليها. وعلى الرغم من أن العربية تؤدي بصورة جلية دور اللغة الوسيطة بكل أنحاء ولايات دارفور، نجد أن لغة الفور تقوم أيضاً بهذا الدور في منطقة غرب وجنوب جبل مرة. وقد نوه إلى ذلك ثيلوال(33)، ومثل لهذا الوضع بأن أفراد قبيلتي الداجو والسنيار القاطنتين بوادي كاجا، ووادي أزوم بدارفور يتحدثون لغتهم المحلية، بالإضافة إلى لغة الفور، واللغة العربية، وقد ردّ ذلك إلى عملية التزاوج بين القبيلتين الصغيرتين مع قبيلة الفور. وتذكر لنا كتب التاريخ ما سبق أن ذهبنا إليه من أن لغة الفور تستمد أهميتها من كونها كانت اللغة المتحدثة واليومية عند سلاطين الفور إبان سلطنتهم، وبالتالي أجبرت العامة والخاصة للتحدث بها؛ مما مكن من انتشارها بين عدد كبير لا ينتمي لهذه القبيلة. بالإضافة إلى ما يسمى بالجماعات الإثنية المحلية، لا سيما بعد تجدد الحرب الأهلية بالجنوب عام 1983م، فإن في محافظة أم كدادة التابعة لولاية شمال دارفور وحدها ما لا يقل عن 35 ألف مواطن جنوبي، أغلبهم من الدينكا، يعملون بالزراعة حسبما تورد الجهات الرسمية، والعدد في تزايد مستمر( خلاصة عمل ميداني قام به صاحب الورقة في عام 1999). هذا بالإضافة إلى مجموعة من الطوارق التي استقرت في الفاشر، وبالقرب منها، والتي أتت هاربة من قوات المستعمر الفرنسي في فترة مبكرة من القرن السابق، فأضافت بذلك مع من لجأ إلى الولاية من بحر الغزال إلى حصيلة اللغات الموجودة أصلاً بالولاية، إذ إن كلا يتحدث لغته الخاصة به. وهذا يضيف عناصر جديدة للتنوع اللغوي الموجود بالمنطقة.
    وبما أننا نتناول الوضع اللغوي بدارفور يتوجب علينا أن نشير إلى السياسة اللغوية المتبعة في هذه المنطقة، والسياسة اللغوية كما يعرفها عشاري أحمد محمود(34) تعني التحديد بواسطة الدولة وأجهزتها المختلفة، لتنظيم استخدام الموارد اللغوية في مجالات التعليم والإدارة والمجتمع، وتكمن أهمية هذه السياسة اللغوية بالنسبة للتخطيط اللغوي في أنها تؤثر على السلوك اللغوي. والذي يلاحظ في هذا الشأن أنه ليس هناك سياسة لغوية خاصة بدارفور كما هو الحال– مثلاً بجنوب السودان على الرغم من أنها منطقة تعج باللغات المختلفة، وإنما تعامل معاملة السياسة اللغوية العامة للدولة. وبالتالي استبعدت خصوصية دارفور في هذا المنحى، وهذا يقود بصورة أو بأخرى لهيمنة العربية، وإحداث التعريب وسط القبائل الدارفورية وغيرها، ويعمل على إلغاء الآخر، أي تحجيم اللغات المحلية بالمنطقة، مع ملاحظة أنه لا توجد اعتراضات جوهرية على هذا الوضع.
    إن الإعلام، وهو أحد أجهزة الدولة، والذي يتمثل على الأقل في الإذاعة والتلفزيون، يقصر برامجه فقط على البث باللغة العربية، دون مراعاة للغات المحلية بما يوحي بأن المنطقة ليست بها لغات أخرى ذات بال، ولا يلجأ إلى اللغات المحلية إلا عند حدوث أمر جلل، أو كرب ماحق (مشكلة قبلية، أومشكلة أمنية...)؛ مما يعني توظيف اللغات وفقاً للإرادة السياسية. وإذا اتخذنا إذاعة ولاية شمال دارفور بالفاشر مثالاً للإذاعة الولائية نجد في عام 2001م لم يكن بها برنامج يبث باللغات المحلية، بل عهدها به يرجع إلى عام 92/1993م للأسباب التي ذكرناها آنفاً، غير أن بهذه الإذاعة في تلك الفترة برنامجين موجهين يبثان بعربية دارفور العامية، بيد أنهما يجدان معارضة كبيرة من المثقفين بالمنطقة (استقى الباحث هذه المعلومات من زيادة لإذاعة وتلفزيون ولاية شمال دارفور بالفاشر، ولقائه بالمسؤولين بهما بتاريخ 27/10/1999م). ومع اندياح الأزمة الحالية وتمددها يتوقع أن تكون هناك استعانة مستمرة باللغات المحلية الكبرى في دارفور من قبل الإعلام في مدن دارفور الكبرى، كما هو الحال في إذاعة السلام(موقعها أم درمان) التي توجه بعض برامجها بلغات دارفور ذات الثقل، وبعامية دارفور العربية. وعلى الرغم من ذلك فإن إبعاد اللغات المحلية بدارفور عن أداء دورها في مجالات التعليم، والإعلام، والتوعية الصحية والثقافية، ومجال محو الأمية، وما شابه ذلك، أو إهمالها أو الخوف مما تحدثه من مشكل سياسي– قبلي، بالإضافة إلى عوامل أخرى، فإن ذلك يساعد في تقوقع هذه اللغات وانزوائها، وربما انقراضها في المستقبل غير البعيد.
    إن الاهتمام باللغات المحلية في دارفور أمر يفرضه، ما يمكن أن تقوم به هذه اللغات من أدوار متعددة في مضمار التوعية الاجتماعية والصحية والسياسية والثقافية، ومن أدوار في مجال محو الأمية، وباعتبارها تراثا إنسانيا يستحق الترقية والتطوير والصون، وهذا أمر يكفله دستور السودان الانتقالي لعام 2005.
    إن خلاصة القول فيما يخص اللغة وأوضاعها في دارفور، تتمثل في أن هذا الإقليم رغم التعدد اللغوي فيه يشهد عملية تحول لغوي- اجتماعي كبيرة، مثل بقية مناطق السودان الأخرى، من اللغات المحلية تجاه اللغة العربية، ومن الثقافات المحلية تجاه الثقافة العربية الإسلامية. وهذه العملية هي نتاج لما ظل يمرّ الإقليم من كوارث بيئية وطبيعية وصراعات وحروب أهلية وسياسة لغوية، أدت، مجتمعة، إلى خلخلة الوضع الإثني- اللغوي التاريخي التقليدي. وتتمظهر هذه العملية في جوانب عديدة، لعل أهمها السلوك تجاه اللغة في دارفور، وأن الإقليم يشهد انقراضا كبيرا للغات، بالإضافة إلى وجود لغات كثيرة مهددة بالانقراض.
    هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن اللغة العربية تقوم بصورة جلية بدور اللغة المشتركة الوسيطة في أنحاء الإقليم المختلفة، مستفيدة من التعدد الإثني واللغوي الذي يسود في الإقليم، ومستفيدة، أيضا، من السياسة اللغوية التي تطرحها الدولة، ومستفيدة من العامل الديني الذي وجد قبولا كبيرا بين الجماعات الإثنية في دارفور، ترتب عليه أن تتخلى عن خصوصيتها الثقافية واللغوية، وهذا فيما نرى يدعم بصورة مباشرة عملية التعايش في الإقليم، الذي لم يدخل عامل اللغة، وقد بلغت الصراعات والأزمات فيه ما بلغت، باعتباره واحدا من المحركات الأساسية للصراع حتى اليوم.
    الدين وأوضاعه في دارفور:
    سكتت كثير من المصادر التاريخية التي أرخت لما يسمى حاليا بإقليم دارفور قبل الإسلام- عن نقل صورة حية تصف لنا الوضع الديني الذي كان يسود ذلك الإقليم، وعلى الرغم من ذلك فإن تخيل وافتراض انتشار الوثنية قبل الإسلام أمر يفرضه المنطق والعقل.
    والحق أن الوثنية وحدها لم تكن سائدة في ذلك الإقليم لا سيما بعد امتداد مساحات وأثر الممالك النوبية المسيحية القديمة التي اتخذت من شمال السودان مسرحا لها. وفي هذا المضمار يحدثنا الأب ج. فانتيني بأن هناك عددا من آثار المسيحية على تقاليد وعادات أهل دارفور، وعضد ما أشار إليه بعض المؤرخين العرب مثل الإدريسي وابن سعيد عن هجرة بعض الأمراء من وادي النيل إلى غرب السودان. ومن ثم ربط فانتيني عددا من الطقوس في مناطق دارفور بالطقوس المسيحية في النوبة. وذكر ضمن ذلك وجود ما يشبه ذكر المعمودية والإكرام لجرحات المسيح، وذلك في عين فرح بدارفور غرب مدينة كتم، وهي طقوس تعود، فيما يرى، إلى تقاليد مسيحية(35).

    ولم يكتف فانتيني بذلك إذ أورد أن هناك احتفالات أخرى عند بعض أهالي دارفور بمناسبة الزفاف وموسم الأمطار. وذكر، ضمن ذلك، أن الأهالي في جبال ميدوب يذهبون إلى الصخرة المقدسة لتنصيب ملكهم الجديد، ويذبح كاهنهم ضحية، ويرسم بدمها إشارة صليب على جبهة الملك، وعلى الصخرة، ثم يقوم الملك الجديد بنفس الحركة على جبينه وعلى الصخرة(36). كما ذكر أيضا أن هناك قبيلتين، هما برتي وبرقد بدارفور لديهما نفس الطقوس التي لدى الميدوب، مثل تلك الطقوس لجلب الأمطار التي ما تزال موجودة عند المسيحيين في كثير من الأقطار(37).
    وينبغي ألا يفهم مما أشار إليه فانتيني أنه كانت للمسيحية أقدام راسخة في إقليم دارفور، وإنما هي بقايا ثقافة مسيحية منتشرة في جميع أنحاء السودان حتى اليوم، إضافة إلى ذلك فإن ما ذكره من قبائل، باستثناء البرتي، هي في الأساس قبائل ترجع إلى الأصل النوبي. وترجح كثير من المصادر التاريخية واللغوية أنها قدمت إلى دارفور في هجرات عبر حقب التاريخ، فلم يكن لها إلا أن تأتي، على الأقل، بما كانت تعتقد مسبقا.
    أما فيما يخص تاريخ الإسلام في هذا الإقليم فتلك قصة طويلة، إذ حيث أخذ الإسلام، وفقا لخليل محمود عساكر ومصطفى محمد مسعد، يشق طريقه على هذه البلاد منذ حوالي القرن الثاني عشر الميلادي على الأقل، حيث أخذت تنهال عليه الهجرات العربية من الشمال والشرق والغرب... ولكن هذا الدين لم يصبح دينا رسميا للبلاد إلا حين تولى سليمان سولونج عرش سلطنة دارفور سنة 1640م(38)، أي حوالي منتصف القرن السابع عشر الميلادي، بما يعني أن الإسلام ظل طيلة خمسة قرون يتلاقح، ويتصالح مع الأعراف المحلية حتى تحققت له المنعة، وتمكن من قلوب الأهالي.
    ويذهب محمد إبراهيم أبو سليم إلى أن من حسن(حظ ) الإسلام (في دارفور ) إنه يدخل كدين ومعتقد لحضارة أرقى وأسمى ولم يكن مسنودا بهجرات عربية واسعة، كما هو الحال في إقليم النيل، ولو فرض الإسلام على الفور من الخارج، أو جاء بتأثير هجرات قبائل عربية لكان للإسلام في دارفور قصة أخرى. ولكن هذه الواقعة الملائمة يسرت تلاقحا ثابتا بين الإسلام وبين الأعراف المحلية، ويسرت بقاء الجانبين في تركيب المجتمع دون اصطدام أو تعارض صارم(39). لقد كانت عملية التلاقح بين الإسلام والأعراف المحلية في دارفور عملية حضارية وفريدة وذات أعماق واتساع وعناصر تتشابك وتتدخل(40).
    وإذا تجاوزنا التفاصيل الدقيقة حول كيفية انتشار الإسلام في دارفور، فينبغي إيراد ملاحظة مهمة كاد يتفق حولها جميع الذين تناولوا تاريخ هذا الإقليم، فقد أجمع الباحثون، أو كادوا، على أن انتشار الإسلام في دارفور لم يشهد فصولا من اللجوء إلى العنف طريقة لتذليل عقبات الدعوة الإسلامية، بل إن التفاعل الاجتماعي كان الآلية الرئيسية لانتشار الإسلام والثقافة العربية في السودان بصورة عامة، ودارفور على وجه الخصوص(41). وعن هذا المعنى، أو قريب منه، يذكر رجب محمد عبدالحليم أن التداخل بين العرب والفور في مناطق السكن والإقامة، أتاح الفرصة لعملية اجتماعية في غاية الأهمية أخذت تتفاعل على مدى القرون والأزمان، تلك العملية هي الاختلاط والمصاهرة والتزاوج بين العرب وسكان البلاد الأصليين. وقد أتيح لهذه العملية أن تنجح لأسباب عديدة، منها أن العرب الذين دخلوا إقليم دارفور لم يدخلوه كغزاة، ولم يدخلوه في شكل جيوش حربية مسلحة، وإنما دخلوه في شكل هجرات جماعية وفردية بطريقة غاية في السلمية والهدوء، ولم يعملوا فيه الحديد والنار والسيف كما قال بعض الأوربيين(42).
    هذا، وقد برزت الخلوة باعتبارها واحدة من المؤسسات الإسلامية التي تجذرت في الإقليم ولعبت، وعلى رأسها الفقيه، دورا بارزا في حياة المجتمع المحلي، إذ لم ينحصر نشاطها في الوظيفة التعليمية فحسب، بل أضافت إلى ذلك وظائف تربوية، وطبية، واقتصادية، وسياسية، ووظيفة الاتصال الاجتماعي الثقافي(43). كما مثلت الخلوة بوتقة انصهرت فيها جميع إثنيات دارفور فأضفت عليها مسحية دينية قوامها التسامح والعيش في وئام وتعاون.
    ومن الملاحظ حاليا أن إقليم دارفور يختلف عن مناطق السودان المختلفة التي تغلب عليها التعددية الإثنية واللغوية– يختلف في أنه يمارس آحادية دينية منذ أن ولج الدين الإسلامي أرضه، سوى بعض الكنائس العتيقة التي تحتضها من الإقليم الكبرى( وهي الفاشر ونيالا والجنينة ). وهي كنائس لا علاقة لسكن دارفور الأصليين بها. وسوى آلاف عديدة من الوافدين إلى الإقليم من سكان جنوب السودان المسيحيين، ومعتنقي الديانات المحلية، الذين دفعت بهم الأوضاع المأسوية التي ارتبطت بالحرب الأهلية التي سادت جنوب السودان، المتجددة في العام 1983م، وأغلبهم من قبيلة الدينكا(وقد تمت الإشارة مسبقا إلى هذا الأمر )، وقد عاش هؤلاء المسيحيون في أرياف ومدن دارفور دونما مضايقات، تذكر، بسبب الدين وغيره.
    والمطلع على تاريخ دارفور لا سيما الحديث والمعاصر منه- ليجد أنه مليء بالصراعات القبلية المستمرة حتى يومنا هذا الذي يشهد صراعا بين الرزيقات الشمالية والمسيرية بالقرب من مـدينة زالنجي( يونيو 2010 ). وقد أشرنا من قبل إلى أن الفترة من 1932- حتى عام 2002م شهدت على الأقل 45 صراعا في ولايات دارفور المختلفة، ولكنها صراعات ذات أسباب محلية تتعلق بالموارد الطبيعية الشحيحة، وامتلاك الأرض والحواكير... إلخ. والواقع أنه لم يرصد صراع واحد لأسباب تتعلق بالدين.
    والشيء نفسه يمكن أن يقال عن الأزمة الحالية التي يشهدها الإقليم منذ عام 2003م، إذ حيث لم يبرز فيها العامل الديني كسبب من أسباب الأزمة، وفي هذا دلالة واضحة على الدين باعتباره واحدا من مكونات الهوية قام ويقوم بدور مهم في التعايش بين التركيبة السكانية في دارفور، لا سيما وأن دارفور تنتشر فيها الطريقة التجانية، وهي نمط من الطرق الصوفية التي تتسم بالهدوء والسكينة في شعائرها، وتسعى دائما إلى غرس روح التسامح والتعايش بين مريديها ومحبيها الذين ينتشرون في ربوع دارفور المختلفة.
    وبجانب الدين تقف الثقافة الإسلامية القادمة من وسط وغرب إفريقيا إلى إقليم دارفور باعتبارها مصدرا مهما للتعايش بين مكونات دارفور الإثنية، فهي والدين ارتبطت في أذهان الدارفوريين بالدخول والانتشار السلمي المحبب. وقد ترتب على ذلك أن تنازلت كثير من الجماعات الإثنية الدارفورية عن خصوصيتها اللغوية والثقافية، طوعا، وأصبحت لا تعرف غير الثقافة الإسلامية واللغة العربية، ثقافة ولغة، ونخص بالذكر من هذه الجماعات البرتي والبرقد والقمر، وذلك دعما لعملية التعايش في أنحاء الإقليم.
    دور مكونات الهوية في دارفور في مسألة التعايش:
    في الجزء المتقدم من هذه الورقة تم استعراض أوضاع مكونات الهوية الرئيسـة في دارفور، وهي العرق( القبيلة )، واللغة، والدين. أما الآن فسنسعى للإجابة عن سؤال مركزي يدور حول، هل من دور لهذه المكونات في قضية التعايش في هذا الإقليم، الذي حفل تاريخه بصراعات عديدة، ويحفل، حاليا، بأزمة شاملة تختلف كما ونوعا عمّا عرف بهذا الإقليم من نزاعات تاريخية تفرضها طبيعة المنطقة التي تمت الإشارة إليها.
    قبل الإجابة عن هذا السؤال لدينا جملة من الملاحظات التي قد تساعد في استبصار الدور الذي يمكن أن تقوم به مكونات الهوية في دعم قضية التعايش في دارفور، ولعل أهم هذه الملاحظات، الآتي:
    أولا: إن أسباب الصراعات التاريخية في دارفور، القديمة والحديثة والمعاصرة، بل إن أسباب الأزمة الحالية في الإقليم، ليس لمكونات الهوية من عرق، ولغة، ودين، دور مباشر فيها. وفي هذا المجال يرى علي أحمد حقار أن الحروبات بين القبائل في دارفور أخذت أشكالا متعددة، منها ما تعلقت بالغارات التي يشنها فرسان القبائل فيما بينها كسبا للمال، ومنها ما يتعلق بالاقتتال حول المراعي والحواكير(44).
    أما ما يتعلق بالأزمة الحالية في دارفور، التي يمرّ بها الإقليم منذ عام 2003، فقد أرجعت أسبابها إلى:
    1- الصراع المستمر والمتطور بين القبائل على الموارد الطبيعية الشحيحة.
    2- محاولة امتلاك الأرض والحواكير.
    3- تمسك وإصرار بعض قبائل دارفور ذات الأرض بالانفراد الكامل بملكية الأرض، وعدم السماح بمشاركة آخرين.
    4- تسييس هذه الصراعات، واستغلالها للوصول إلى كراسي الحكم، وتحقيق بعض المكاسب الشخصية.
    5- انفتاح الحدود بين دارفور وتشاد، والتداخل القبلي الكبير بينهما، والانتشار الكبير لحملة الجنسية المزدوجة(45).
    هذا، بالطبع، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بضعف الإدارة الأهلية التي حلت إبان عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميري، وتمركزها في المدن، وبالإضافة إلى أسباب ذات صلة بالكوارث البييئة والطبيعية من موجات للجفاف والتصحر والزحف الصحراوي، التي ضربت الإقليم فخلخلت التركيبة السكانية واقتصادياتها.
    المهم في الأمر أن مكونات الهوية ظلت بمنأى عن أي دور في تعكير صفو الحياة التي كانت تعيشها مختلف الجماعات الإثنية في دارفور.
    ثانيا: إن هناك ظاهرة ظلت تحكم طبيعة الزواج في دارفور، تتمثل في أن الزواج في الغالبية العظمى من حالاته كانت تتم خارج القبيلة ( أو ما يسمى بالزواج الاغترابي )، خصوصا في المدن، ومناطق الاستقرار في الحواضر. وعن هذا المجال يحدثنا أحمد عبدالقادر أرباب بقوله أنه ورغم اتسام التركيبة السكانية في دارفور بتعددية الكيانات العرقية، فإنها شهدت عبر المصاهرة درجة من الانصهار، شكلت شخصية سودانية جامعة(46). ويوغل أحمد علي حقار في التاريخ ليحدثنا عن أنه ومنذ أقدم العصور تشكل العنصر السكاني لولايات دارفور الكبرى، من مزيج بشري ناتج عن التصاهر الزنجي الإفريقي مع العنصر البربري الوافد من شمال إفريقيا والعنصر العربي الإسلامي(47)، بالإضافة إلى عنصر قادم من وسط وغرب إفريقيا فاكتملت الصورة لهذه التركيبة. وقد أوردنا من قبل أن رجب محمد عبد الحليم يوضح بأن التداخل بين العرب وسكان دارفور الأصليين في مناطق السكن والإقامة أفرز عملية اجتماعية في غاية الأهمية انجلت عنها عملية اختلاط ومصاهرة وتزاوج.
    وقد استمرت صورة التزاوج على النمط الذي كانت عليه، حتى وقت قريب، عندما تخلت الدولة عن القيام بواجباتها، فانكفأ كل أفراد قبيلة إلى قبيلتهم طلبا للأمن، وبحثا عن الحماية، بل وتعشما في الخدمات.
    لقد كشفت لنا جولات ميدانية سابقة في دارفور، وفي ولاية الخرطوم، أن ظاهرة التزاوج من خارج القبلية هي السمة الغالبة في دارفور، تاريخيا، وربما حتى وقت قريب، لكن شهدت العقود الأخيرة ردة في هذا المجال لا سيما في الريف ( القوز )، وهذا الانكفاء فرضته عملية رفع الدولة يدها عن جانب الحماية والخدمات، فأخذ كل أفراد قبيلته يطلبون منها الحماية والخدمات، وأقلها التعليم الذي تدعمه القبيلة بغية تحسين أوضاع أفرادها.
    ثالثا: إن هناك تنازلا، يمكن وصفه بالطوعي، عن الخصوصية الثقافية واللغوية وربما الإثنية، ويشهد على ذلك أمور عديدة منها لعل أهمها:
    1- السلوك تجاه اللغة والثقافة في دارفور. وخلاصة القول في هذا المجال أن الغالبية العظمى من الجماعات الإثنية في دارفور لا ترى غضاضة في تبني الثقافة العربية، والثقافة الإسلامية، واللغة العربية. والدليل على ذلك أن منطقة دارفور تقف على رأس قائمة مناطق السودان التي شهدت انقراضا للغات، وبالتالي انقراضا لثقافات.
    2- العامل الديني. وخلاصة القول في هذا المجال أن الدين الإسلامي والثقافة المرتبطة به قللت من الجانب السلبي للانحياز للخصوصية اللغوية والثقافية والعرقية، كما أن الدين لم يقف موقفا حادا مع الأعراف السائدة في الإقليم، بل تكاملا معا لمزيد من التعايش، يقول أحد الباحثين إن الثقافة الإسلامية هي العمود الفقري وقوام العادات والتقاليد، الأعراف السائدة في مجتمع دارفور، وليس الفرق شاسعا بين أعراف المجتمعات حيث القاسم المشترك الأوحد هو الإسلام(48). وبعبارة محمد إبراهيم أبوسليم، التي ذكرت من قبل، فإن عملية تلاقح الإسلام والأعراف المحلية( في دارفور ) يسرت بقاء الجانبين في تركيب المجتمع، دون اصطدام، أو تعارض صارم.
    انطلاقا من الملاحظات الثلاث التي استعرضناها أعلاه، وارتكازا على عدد من النقاط التي تمت الإشارة إليها عند تناولنا لأوضاع مكونات الهوية في دارفور- يمكن أن نستنبط أن هناك دورا مهما لمكونات الهوية في دعم مسألة التعايش بين عناصر التركيبة السكانية، وهذا الدور يكاد يفهم في الآتي:
    1- إن هذه المكونات لم تقم بأي دور في مضمار أسباب الصراعات والنزاعات التاريخية التي مرّت بالإقليم. وينطبق هذا القول على الأزمة الحالية التي تضرب الإقليم بشدة، على الرغم من أن بعض الحركات المسلحة التي تناهض الحكومة، تتسم بالصبغة القبلية. ولو قدّر لهذه المكونات أن تكون من جملة أسباب هذه الأزمة، لقضت على الأخضر واليابس في هذا الإقليم الذي تتمتع فيه القبيلة بأعلى سلطة في مجتمعاته. ويفهم من ذلك أن مكونات الهوية إما تقف موقف الحياد مما يجري في الإقليم، أوتدعم التعايش فيه، وهي أقرب إلى الحال الأخير، وفي كلّ خير.
    2- إن هذه المكونات بالإضافة إلى مكوّن الثقافة، التقى معظمها ليشرب من بحر الإسلام وثقافته، فانجلى ذلك عن ثقافة إسلامية( دارفورية الطابع) منسجمة مع الأعراف المحلية، وهي ثقافة شارك في صنعها الجميع، ثقافة تدعو للتعايش بمعناه الواسع، الذي يحد من الصراع، ويروض الخلاف، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بعد أن هذبت تلك الثقافة الخصوصية الدارفورية من الانحياز السلبي للعرق واللغة والدين. واستطاعت الخصوصية الدارفورية، عبر العصور، أن يكون لها طريقتها الخاصة في آليات فض التزاع من الأجاويد وغيرهم. وكل هذا يدعم عملية التعايش في الإقليم.
    3- إن هذه المكونات اكتسبت عبر التاريخ المتصل، والتجارب الواقعية، أنماطا معينة من ثقافة الندية، دعمتها عملية التزاوج المفضي للانصهار، فهيأت بيئة قوامها التعايش الذي لا يعكر صفوه إلا النزاعات، التي تظهر من حين لآخر لتبدأ مسيرة جديدة للتعايش.
    خلاصة الورقة:
    نخلص من تناولنا لموضوع هذه الورقة، الذي يختص بمكونات الهوية في دارفور، أوضاعها ودورها في مسألة التعايش- إلى جملة من النقاط، لعل أهمها:
    أولا: تبين الخلفيات المختلفة عن إقليم دارفور، أن هذا الإقليم يتسم بكثافة سكانية واضحة، ذات مرجعيات إثنية مختلفة، لكنها لم تعقد من قضية الهوية فيه. كما يتسم أيضا بتعدد مناخي متباين، جعل من حرفتي الزراعة والرعي حرفتين غالبتين، غير أنهما مثلتا، بفعل تذبذب الأمطار من عام لآخر، مادة حية للصراعات، النزاعات التاريخية التقليدية التي شهدها الإقليم قديما، وفي العقود الأخيرة من القرن الماضي، لكن هذه الصراعات لا صلة لها بمكونات الهوية الرئيسة: العرق واللغة و الدين، وإنما مرتبطة بأسباب محلية ذات صلة بشح الموارد، وضعف الإدارة الأهلية، وامتلاك الأراضي والحواكير... إلخ.
    ثانيا: يتضح أن دارفور يسكنها خليط من الأجناس، ذات المرجعيات الإثنية المختلفة، بعضها ينتمي للمنطقة نفسها (محلية)، والبعض الآخر قدم إلى دارفور عبر فترات تاريخية مختلفة، تقف من وراء هجرتها إلى هذه المنطقة عدة عوامل. وقد تداخلت مع بعضها، وتصاهرت حتى أفرزت النسيج الحالي لسكان دارفور.
    ثالثا: يشهد هذا الإقليم، رغم التنوع اللغوي الذي يتسم به، عملية تحول لغوي- اجتماعي كبيرة، مثل بقية مناطق السودان الأخرى، من اللغات المحلية تجاه اللغة العربية، ومن الثقافات المحلية تجاه الثقافة العربية الإسلامية. وهذه العملية هي نتاج لما ظل يمرّ الإقليم من كوارث بيئية وطبيعية وصراعات وحروب أهلية وسياسة لغوية، أدت، مجتمعة، إلى خلخلة الوضع الإثني- اللغوي التاريخي التقليدي. وتتمظهر هذه العملية في أن الإقليم يشهد انقراضا كبيرا للغات( وثقافات )، بالإضافة إلى وجود لغات كثيرة مهددة بالانقراض.
    رابعا: يختلف دارفور عن مناطق السودان المختلفة التي تغلب عليها التعددية الإثنية واللغوية– في أنه يمارس آحادية دينية منذ أن ولج الدين الإسلامي أرضه، سوى بعض الكنائس العتيقة التي تحتضها من الإقليم الكبرى( وهي الفاشر ونيالا والجنينة ). وهي كنائس لا علاقة لسكن دارفور الأصليين بها. وسوى آلاف عديدة من الوافدين إلى الإقليم من سكان جنوب السودان المسيحيين، ومعتنقي الديانات المحلية، الذين دفعت بهم الأوضاع المأسوية التي ارتبطت بالحرب الأهلية التي سادت جنوب السودان، المتجددة في العام 1983م، وأغلبهم من قبيلة الدينكا، وقد عاش هؤلاء المسيحيون في أرياف ومدن دارفور دونما مضايقات، تذكر، بسبب الدين وغيره.
    خامسا: تقف الثقافة الإسلامية القادمة من وسط وغرب إفريقيا إلى إقليم دارفور باعتبارها مصدرا مهما للتعايش بين مكونات دارفور الإثنية، فهي والدين ارتبطتا في أذهان الدارفوريين بالدخول والانتشار السلمي المحبب. وقد ترتب على ذلك أن تنازلت كثير من الجماعات الإثنية الدارفورية عن خصوصيتها اللغوية والثقافية، طوعا، وأصبحت لا تعرف غير الثقافة الإسلامية واللغة العربية، ثقافة ولغة.
    سادسا: يتضح أن مكونات الهوية في دارفور لم تقم بأيّ دور في مضمار أسباب الصراعات والنزاعات التاريخية التي مرّت بالإقليم. وينطبق هذا القول على الأزمة الحالية التي تضرب الإقليم بشدة، على الرغم من أن بعض الحركات المسلحة التي تناهض الحكومة، تتسم بالصبغة القبلية. ولو قدّر لهذه المكونات أن تكون من جملة أسباب هذه الأزمة، لقضت على الأخضر واليابس في هذا الإقليم الذي تتمتع فيه القبيلة بأعلى سلطة في مجتمعاته. ويفهم من ذلك أن مكونات الهوية إما تقف موقف الحياد مما يجري في الإقليم، أوتدعم التعايش فيه، وهي أقرب إلى الحال الأخير، وفي كلّ خير.
    سابعا: تلتقي مكونات الهوية، بالإضافة إلى مكوّن الثقافة، لتشرب من بحر الإسلام وثقافته، فانجلى ذلك عن ثقافة إسلامية( دارفورية الطابع) منسجمة مع الأعراف المحلية، وهي ثقافة شارك في صنعها الجميع، ثقافة تدعو للتعايش بمعناه الواسع، الذي يحد من الصراع، ويروض الخلاف، بعد أن هذبت تلك الثقافة الخصوصية الدارفورية من الانحياز السلبي للعرق واللغة والدين. واستطاعت الخصوصية الدارفورية، عبر العصور، أن يكون لها طريقتها الخاصة في آليات فض التزاع من الأجاويد وغيرهم. وكل هذا يدعم عملية التعايش في الإقليم. كما أن هذه المكونات اكتسبت عبر التاريخ المتصل، والتجارب الواقعية، أنماطا معينة من ثقافة الندية، دعمتها عملية التزاوج المفضي للانصهار، فهيأت بيئة قوامها التعايش الذي لا يعكر صفوه إلا النزاعات، التي تنشب من حين لآخر لتبدأ مسيرة جديدة للتعايش في الإقليم.
    توصيات:
    بعد تناولنا لموضوع مكونات الهوية في دارفور، أوضاعها ودورها في مسألة التعايش، نوصي بالآتي:
    1- اتخاذ كافة التدابير للحيلولة دون إدراج مكونات الهوية من عرق، ولغة، ودين، وثقافة، ضمن مسببات الصراعات والنزاعات الدارفورية، عموما، والأزمة الحالية، على وجه الخصوص.
    2- العمل على تقوية ثقافة التعايش عبر الاهتمام بمكونات الهوية، واستثمار الجانب الإيجابي من الخصوصية في هذه الهوية.
    3- البحث عن المشترك في عادات وتقاليد وأعراف دارفور، والتركيز عليه في حل مشكات الإقليم.
    4- محاربة الأمية والجهل والفقر والتخلف عبر التعليم، وعبر المشروعات سريعة العائد، قليلة التكلفة.
    الإحالات المرجعية:
    1- نديم البيطار( 1980)" مفهوم الهوية القومية والمستقبل العربي"، الباحث، العدد 1(13)، سبتمبر أكتوبر، ص 10.
    2- Khalid Nakhleh ( 1975): " Cultural Determinants of Palestinian Collective Identity “, New Outlook , Vol.18,No. 7 ,p.(23).
    3- عمر إبراهيم( 1981 – 1982)" مفهوم الأمة بين لغة وأخرى "، ترجمة: أدونيس العكرة، الفكر العربي المعاصر، العدد (17)، ديسمبر/ يناير ، ص 64.
    4- فرانسيس دينق( 2001 ): صراع الرؤى، نزاع الهويات في السودان، ترجمة: عوض حسن، مركز الدراسات السودانية، القاهرة: ( د. ن )، ص(22).
    5- محمد عاطف غيث وآخرون( 1979 ): قاموس علم الاجتماع، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص (70).
    6- المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
    7- المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
    8- عصام أحمد البشير(2007 ):" نماذج للتعايش الديني في التاريخ الإسلامي، ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي للحوار الإسلامي/ المسيحي، وزارة الإرشاد والأوقاف (السودانية)، 4-6 يوليو، ص 1.
    9- الطاهر حاج النور أحمد(1995):التعليم الأساسي في دارفور،1994-1956،الخرطوم: دار جامعة إفريقيا العالمية للطباعة والنشر،ص(13).
    10- O’Fahey ,R.(1980): State and Society in Dar Fur ,London: Anckor Books , pp1-2
    11- موسى آدم عبد الجليل (1998م): " خلاوى دارفور– دراسة في وظائفها وخلفيتها الاجتماعية، دراسات إفريقية، العدد 18، ص 55-91، ص65.
    12- التجاني سيسى وإسحق آدم بشير(1990م): مشاكل التنمية الاقتصادية في إقليم دارفور، مالية الحكم الإقليمي والمحلي بإقليم دارفور، تحرير: العجب أحمد الطريفي، الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للطباعة، ص54.
    13- وزارة الثقافة والإعلام (1974م): مديرية دارفور، قصة الإنسان والأرض ، الخرطوم: مؤسسة القرشي للإعلان والطباعة، ص. ص 5-6.
    14- أحمد آدم بوش(2003):" جدلية العلاقة بين العوامل البيئية والنزاعات في دارفور "، ملف السلام(2)، الملف الدوري، مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، الخرطوم، نوفمبر/ ديسمبر، ص(12).
    15- عبد الحي عبد الحق (1967م): " مدخل إلى دراسة اللهجات العربية في دارفور"، الخرطوم،عدد مايو، ص 17-20، ص20.
    16- حامد أحمد عثمان وآخرون (بدون تاريخ): قبيلة الميما عبر التاريخ، الخرطوم: دار التاكا للطباعة والنشر، ص70.
    17- إبراهيم موسى محمد(1997م):" المظاهر المبكرة للإسلام في دارفور وتأثيراتها المحلية،
    دراسات إفريقية، العدد 17، ص 51-80، ص ص 63-64.
    18- يوسف فضل(1972م): مقدمة في تاريخ الممالك الإسلامية في السودان الشرقي(1450-1821)، الخرطوم: الدار السودانية للكتب، ص92.
    19- محمد إبراهيم أبو سليم (1975م): الفور والأرض، وثائق تمليك، الخرطوم، دار التأليف والترجمة والنشر بجامعة الخرطوم، ص ص 15-16.
    20- موسى آدم عبد الجليل، مرجع سابق، ص. ص 65- 66.
    21- عون الشريف قاسم(1996م): موسوعة القبائل والأنساب في السودان وأشهر أسماء الأعلام والأماكن، ج 2، الخرطوم: شركة آفروقراف للطباعة والتغليف، ص 1017.
    22- موسى المبارك الحسن (1970م): تاريخ دارفور السياسي (1882م-1898م)، الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، ص. ص 15-16.
    23- آدم تاجر وعثمان إمام عثمان (1995م): شجرة الزغاوة النموذجية، الفاشر: (د.ن).
    24- موسى المبارك الحسن(1970)، مرجع سابق ص 20.
    25- محمد عبد الغني سعودي( د.ت ): السودان، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، ص 213.
    26- سليمان يحيى محمد (1999م): انعكاس صورة المرأة في المثل الشعبي مقرونة بدورها في مجتمع دارفور، رسالة دكتوراه، معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم،ص 69.
    27- علي أبو زيد علي(2005):" النزاعات القبلية في ولايات دارفور"، أعمال الحلقة النقاشية حول أزمة دارفور، الأصول والمواقف وسيناريوهات الحل والتدخل، معهد البحزدوث والدراسات الإفريقية(جامعة القاهرة )، مركز البحوث والدراسات الإفريقية (جامعة إفريقيا العالمية )، ص. ص(415- 425)، ص. ص(417- 419).
    28- Doornbos , P. (1984): Language use in Western Sudan , a paper presented to the International Linguistics Conference, Khartoum. IAAS, p1.
    29- انظر: كمال محمد جاه الله (2005):" السلوك تجاه اللغة وانعكاساته على مسألتي الوحدة الوطنية والاندماج القومي في السودان، دراسة مقارنة لحالتي الأزمة في جنوب السودان ودارفور، أعمال الحلقة النقاشية حول أزمة دارفور...، مرجع سابق، ص.ص(104-126).
    30- Thelwall,R.S.( 1978): Aspects of Language in the Sudan, Coleraine: The New University of Ulster , p8-9
    31- Hurreiz, S.H. & H. Bell (1975) (eds): Directions in Sudanese Linguistics and Folklore, Khartoum : Khartoum University Press.
    32- Abu-Bakr , Y.A.& A. Abu-Mange (1997) : Language Situation and planning in the Sudan, a paper presented to the intergovernmental Conference and Language Polices in Africa , Harare ,p3
    33- Thelwall,R.S( 1978),Op.cit,p9
    34- عشارى أحمد محمود (د. ت):" أطلس لغوي "، الملتقى الدولي الثالث في اللسانيات، تونس: مركز الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، ص. ص 545-546.
    35- فانتيني، ج ، ( 1978م): تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث، الخرطوم: ( د. ن )، ص ( 203).
    36- المرجع نفسه، ص (204).
    37- المرجع نفسه، ص . ص( 405 – 206).
    38- انظر: تصدير كتاب تشحيذ الأذهاب بسيرة بلاد العرب والسودان، لمحمد بن عمر التونسي(1965): تحقيق خليل محمود عساكر ومصطفى محمد مسعد، القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والبشر، ص (7).
    39- محمد إبراهيم أبو سليم( 2006):مرجع سابق، ص(16).
    40- المرجع نفسه، ص( 17).
    41- موسى آدم عبدالحليل ( 1998)، مرجع سابق، ص (67 ).
    42- رجب محمد عبدالحليم( 1991 ): العروبة والإسلام في دارفور في القرون الوسطى، القاهرة ( الفجالة ) : دار الثقافة ص (188)
    43- للاطلاع على الوظائف التي تؤديها الخلوة في دارفور، انظر: موسى آدم عبدالجليل(1998م )، مرجع سابق، ص. ص (75- 86).
    44- أحمد علي حقار(2003 ): البعد السياسي للصراع القبلي في دارفور، الخرطوم: شركة مطابع السودان للعملة، ص (117).
    45- تقرير آلة حفظ وبسط هيبة الدولة بدارفور، ولايات دارفور الكبرى، قدّم أمام المجلس الوطني، مايو 2003م، ص ( 2 ).
    46- أحمد عبدالقادر أرباب( 1998م ): تاريخ دارفور عبر العصور، الخرطوم: مطبعة جامعة الخرطوم، ج 1، ص. ص ( 21- 23).
    47- أحمد علي حقار ( 2003)، مرجع سابق، ص (127).
    48- المرجع نفسه، ص (158).
                  

العنوان الكاتب Date
مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-18-10, 11:48 AM
  Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-18-10, 11:56 AM
    Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-18-10, 12:07 PM
      Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 09:02 AM
        Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 09:34 AM
          Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 09:57 AM
            Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 10:32 AM
              Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 11:16 AM
                Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 12:17 PM
                  Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-19-10, 12:42 PM
                    Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-20-10, 09:39 AM
                      Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-20-10, 11:25 AM
                        Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-20-10, 01:01 PM
                        Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-20-10, 01:09 PM
                          Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-21-10, 11:51 AM
                            Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-21-10, 12:55 PM
                              Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-21-10, 01:43 PM
                                Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-22-10, 09:11 AM
                                  Re: مؤتمر دارفور السنوى الثانى تحت عنوان (البحث عن سلام دائم بدارفور) . مركز الخاتم عدلان07-26-10, 09:36 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de