الأحزاب السياسية في العالم الثالث

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة مجدي عبدالرحيم فضل(مجدي عبدالرحيم فضل)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2010, 02:33 PM

مجدي عبدالرحيم فضل
<aمجدي عبدالرحيم فضل
تاريخ التسجيل: 03-11-2007
مجموع المشاركات: 8882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)

    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    الاستقرار وانتشار العنف والفساد ; ما لم تتم موازنة واستيعاب عمليات
    التعبئة الاجتماعية وا 4شاركة السياسية ; ‰ؤسسات سياسية قوية وفعالة.
    والأحزاب السياسية تقع على رأس تلك ا 4ؤسسات وأكثرها أهمية ; وتضحى
    نشأتها إذن ; في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; إحدى ضرورات التحديث.
    وبشكل أكثر تفصيلا ; يؤدي التحديث- ‰ا ينطوي عليه من تعبئة ا 4زيد
    وا 4زيد من أفراد اﻟﻤﺠتمع للعب أدوار جديدة-إلى أيجاد مجتمع أكثر تنوعا ;
    لا يقوم على مجرد الجماعة »الطبيعية « ا 4تمثلة في العائلة ا 4متدة ; أو
    القرية ; أو العشيرة ; أو القبيلة. ولأن حدود اﻟﻤﺠتمع تشكلت غالبا بناء على
    ظروف جغرافية ; أو بفعل الاستعمار فإن اﻟﻤﺠتمع الآخذ في التحديث غالبا
    ما يكون مجتمعا »تعدديا « يشتمل على تجمعات دينية وعنصرية وعرقية
    ولغوية متعددة. وهذه التجمعات قد توجد في اﻟﻤﺠتمع التقليدي ; ولكن
    ا 4ستوى ا 4نخفض للمشاركة السياسية يقلل من ا 4شاكل التي ترتبط بالدمج
    أو التكامل. ولكن مع امتداد مجال التعبئة الاجتماعية في مثل تلك اﻟﻤﺠتمعات
    إلى ا 4ستويات الأدنى من اﻟﻤﺠتمع ; تتكثف التناقضات بينها. وتصبح مشكلة
    دمج القوى الاجتماعية البدائية في مجتمع سياسي قومي أكثر صعوبة.
    كذلك فإن التحديث يدفع إلى الوجود ; وإلى مجال الوعي والنشاط السياسي R
    جماعات اقتصادية واجتماعية ; إما لم تكن موجودة في اﻟﻤﺠتمع التقليدي ;
    وإما كانت خارج نطاق السياسة في اﻟﻤﺠتمع التقليدي. وتلك الجماعات إما
    أن تستوعب في النظام السياسي ; وإما أن تصبح مصدرا للعداء والثورة
    ضد النظام السياسي. وعلى ذلك ; فإن تحقيق الجماعة السياسية Political
    Community في اﻟﻤﺠتمع الآخذ في التحديث- Modernizing Society ينطوي
    على كل من: الدمج »الأفقي « للجماعات ; وعلى الاستيعاب »الرأسي « للطبقات
    الاجتماعية والاقتصادية. والعامل ا 4شترك الذي يؤدي إلى ظهور مشكلات
    الاندماج القومي ; والاستيعاب السياسي إ …ا هو توسيع ا 4شاركة السياسية ;
    والوعي السياسي الذي ينجم عن التحديث( ١٢ ).
    وينطلق هنتينجتون من هذا التحليل ليقرر »أن الوسائل ا 4ؤسسية الرئيسة
    لتنظيم اتساع ا 4شاركة السياسية هي الأحزاب السياسية والنظام الحزبي «
    و »أن تقليل احتمال عدم الاستقرار السياسي الذي ينتج عن اتساع الوعي
    السياسي والانغماس السياسي ; يستلزم خلق مؤسسات سياسية حديثة ;
    82
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أي: أحزابا سياسية ; في بداية عملية التحديث .«
    وإذا كانت ا 4عضلة التي تواجهها البلاد ا 4تأخرة في التحديث هي أنها
    »تواجه-في وقت واحد-ا 4شكلات التي سبق أن واجهتها البلاد الأقدم في
    التحديث بشكل منفرد ; وعلى فترات تاريخية طويلة «فإن هنتينجتون يدعو
    إلى خلق الجماعة السياسية أولا قبل مواجهة مشكلات ا 4ؤسسية وا 4شاركة.
    ويعيد هنا تأكيده على ما تفعله النظم الشيوعية ; من إعطائها الأولوية
    للتنظيم السياسي ; قبل أن تشرع في عمليات التحديث الأخرى. ويؤكد
    كلامه هذا بقوله إن الاتحاد السوفيتي اهتم في العشرينات ; وفي فترة
    السياسة الاقتصادية الجديدة ببناء الحزب الشيوعي-وتدعيم سيطرته.
    وبفضل هذا ; أمكن للتنظيم السياسي الذي ¥ تشكيله أن يقوم-في الثلاثينات-
    بعمليات التصنيع والزراعة الجماعية ; بل والحرب ; وان يستوعب نتائج هذا
    كله. ونفس الأمر ينطبق على الص R حيث أعطت أولوية قصوى لبناء الحزب
    الشيوعي ; وفقط في الخمسينات بدأت التنمية الاقتصادية تأخذ وضعها
    في الأولويات ا 4تقدمة للحزب. أما في خارج البلاد الشيوعية فيضرب
    هنتينجتون مثالا بتركيا ; حيث وضع مصطفى كمال اتاتورك أولا الأساس
    القومي والسياسي للمجتمع قبل أن يشرع في الإصلاح الاجتماعي والتنمية
    الاقتصادية ; وكذلك ا 4كسيك ; حيث شغلت في الفترة ب R ١٩١٠ و ١٩٤٠
    ب »تنمية الشروط الأساسية للدور الجديد للدولة ; حيث استعادت الدولة
    سيطرتها على الأمل ; وبدأت في صياغة وتحديد فلسفة جديدة لوجودها ;
    ودورا جديدا لها في سبيل تحقيق أهدافها ١٣) « ).
    على أن الأحزاب في البلاد ا 4تخلفة لتنشأ ﻟﻤﺠرد »الضرورة التحديثية «
    وتأتى ا 4عارضة لنشأة الأحزاب في تلك اﻟﻤﺠتمعات ; كما يرى هنتينجتون ;
    من ثلاثة »مصادر « مختلفة:
    ا 4صدر الأول ; هو القوى المحافظة التي ترى في الأحزاب تحديا للبناء
    الاجتماعي القائم. فمع انعدام وجود الأحزاب تستقي القيادة السياسية
    وضعها من التدرج التقليدي للحكم واﻟﻤﺠتمع ; في ح R أن الأحزاب mثل
    تهديدا لقوة النخبة ا 4ستندة إلى ا 4يراث ; وا 4كانة الاجتماعية أو ملكية
    الأرض. لذلك غالبا ما ينظر النظام ا 4لكي إلى الأحزاب السياسية كقوى
    »انقسامية «. إما لأنها تهدد سلطته ; وإما لأنها تعرقل جهوده لتوحيد وتحديث
    83
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    البلاد. وكما يقول ديفرجيه: »فإن نظاما بلا أحزاب هو-بالضرورة-نظام
    محافظ ١٤) « ).
    وا 4صدر الثاني 4عارضة نشأة الأحزاب يتمثل في قوى الإدارة
    ;Administration وفي ح R أن الشخص المحافظ ا 4تعصب يرفض كلا من
    الجانب الترشيدي للتحديث ; وكذلك جانب ا 4شاركة في التحديث السياسي ;
    فإن رجل الإدارة ا 4عارض للأحزاب يسلم بالحاجة إلى ترشيد الأبنية
    الاجتماعية والاقتصادية ; ولكنه لا يقبل ما ينطوي عليه التحديث من توسيع
    نطاق ا 4شاركة في الحياة السياسية. إن …وذجه هو …وذج بيروقراطي:
    فالهدف هو الكفاءة ; وتجنب ا لصرا عات. والأحزاب تضفي-من وجهة
    نظره-اعتبارات غير رشيدة ; وفاسدة على الأهداف التي ينبغي أن يتفق
    عليها الجميع.
    ا 4صدر الثالث 4عارضة الأحزاب يأتي من أصحاب الاتجاهات الشعبية
    Populism أي أولئك الذين يقبلون ا 4شاركة ولكنهم لا يسلمون بضرورة
    تنظيمها ; فهم ذو واعتقاد »شعبي « يذكر بأفكار »روسو « عن الد „قراطية
    ا 4باشرة. فا 4عارض المحافظ للأحزاب يعتقد أن البناء الاجتماعي القائم
    يكفي لربط الشعب بالحكومة ; وا 4عارض الإداري يرى أن البناء البيروقراطي
    يلبي تلك الاحتياجات. أما ا 4عارض »الشعبي « فهو ينكر الحاجة إلى أي بناء
    يقع ب R الشعب ; والقادة السياسي R. إنه يريد »د „قراطية لاحزبية « وهكذا
    يرى »المحافظ « في الحزب تحديا للتسلسل الاجتماعي القائم ; والإداري
    يرى فيه تهديدا للحكم الرشيد ; في ح R يرى الشعبيون فيه عقبة أمام
    التعبير عن الإرادة ا لعامة.
    ولقد عبر »جورج واشنطن « في تحذيره الشهير عن الأحزاب ; عن تلك
    اﻟﻤﺨاوف كلها ; عندما حذر من »الآثار ا 4ؤ 4ة للروح الحزبية « على نظام
    الحكم الأمريكي. قال واشنطن: »يؤدي الحزب دائما آلي الهاء اﻟﻤﺠالس
    العامة ; وإلى أضعاف الإدارة العامة. إنه يحرض الجماعة على مظاهر
    أتغيره غير ذات أساس ; ويولد ذعرا زائفا ; ويلهب العدوات ; ويثير الشغب
    والاضطراب. إنه يفتح الأبواب للنفوذ الخارجي ; وللفساد ; اللذين يصلان
    بسهولة إلى الحكومة نفسها من خلال القنوات التي تتيحها الأهواء الحزبية.
    ولذا ; فإن سياسة وإرادة البلاد تخضع لسياسة وإرادة بلد آخر ١٥) « ).
    84
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    إن هذه ا 4لاحظات من جانب واشنطن تلخص الاتهامات الأربعة الرئيسة
    التي لا تزال توجه اليوم إلى الأحزاب:
    - إن الأحزاب تؤدي إلى الفساد ; وانعدام الكفاية الإدارية.
    - إن الأحزاب تقسم اﻟﻤﺠتمع على نفسه ; وتثير الصراعات.
    - إن الأحزاب تشجع على عدم الاستقرار السياسي ; والضعف السياسي.
    - إن الأحزاب تفتح الباب للتأثير والاختراق من القوى الخارجية.
    في مواجهة تلك الحجج يرى هنتينجتون أنها ترتبط بلحظات تاريخية
    معينة ; تعكس ا 4راحل ا 4بكرة من التحديث السياسي ; وهي-بناء على ذلك-
    حجج ضد الأحزاب الضعيفة أكثر منها حجج ضد الأحزاب في ذاتها.
    فالفساد ; والانقسام ; وعدم الاستقرار ; والتعرض للنفوذ الخارجي ; كلها
    أمور mيز النظم الحزبية الضعيفة وليست القوية. بل هي-بالطبع-ملامح
    للنظام السياسي الضعيف عموما ; والذي يفتقد مؤسسات الحكم القوية
    والفعالة. فقد تؤدي الأحزاب إلى تشجيع الفساد ; ولكن وجود حزب قوى
    هو الذي يضع الأساس 4صلحة عامة في إطار مؤسسي بدلا من ا 4صالح
    الخاصة ا 4شتتة. وقد تبدو الأحزاب في مراحل …وها الأولى ككتل أو
    أجنحة منفصلة ; مؤدية إلى الصراعات والتشتت ; ولكنها عندما تبالغ درجة
    معينة من النمو والقوة توفر رباطا ب R القوى الاجتماعية بعضها البعض ;
    وتخلق أساسا للولاء والهوية التي تتجاوز الجماعات المحدودة. وبا 4ثل ; فعن
    طريق تنظيم عملية تعاقب القيادات ; واستيعاب الجماعات الجديدة في
    النظام السياسي ; توفر الأحزاب أساسا للاستقرار وللتغيير ا 4نظم ; أكثر
    منه لعدم الاستقرار. وفي ح R أن الأحزاب „كن بالطبع أن تكون أدوات
    للقوى الخارجية فإن الأحزاب القوية توفر-بدرجة عالية-الآليات ا 4ؤسسية ;
    والدفاعات لحماية النظام السياسي ضد النفوذ الأجنبي. وبعبارة أخرى ;
    فإن الشرور والآثام التي تعزى إلى الحزب السياسي هي في الواقع سمات
    السياسة ا 4شتتة وا 4هترئة للأجنحة والكتل ألي تظهر في غياب الأحزاب ;
    أو عندما تكون الأحزاب ضعيفة للغاية. وعلاج هذا كله يكمن في أيجاد
    التنظيم السياسي الذي لا يعني-في الدولة الآخذة في التحديث-سوى التنظيم
    الحزبي( ١٦ ).
    وإذا كان عديد من البلدان الآخذة في التحديث ترفض الأحزاب ; بشكل
    85
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    أو بآخر ; فإن هذا لا ينفي أنه كلما تقدم التحديث في تلك البلدان كلما
    تزايدت حاجتها إلى ا 4شاركة السياسية. وإذا كانت النظم السياسية فيها
    تبدي-في بعض الحالات-علامات على الهدوء والاستقرار ; إلا أن جهودها
    ا 4ستمرة 4نع آو إعاقة …و الأحزاب يجعلها في النهاية عرضة لعدم الاستقرار
    وكلما زادت فترة الفراغ التنظيمي كلما أصبحت الأوضاع فيها أكثر قابلية
    للانفجار. والواقع أن الحكومات ; في أغلب البلدان الآخذة في التحديث ;
    تتبع-في وقت أو آخر-سياسة مناهضة للأحزاب ; ففي مراحل تاريخية معينة
    يسمح للأحزاب بأن تتكون إما في إطار بر 4اني تقليدي ; وإما في شكل
    تجمعات شعبية ; وإما في …و غمار الكفاح ضد الحكم الاستعماري. وفي
    مرحلة أخرى تالية ; قد تبذل جهود للحد من ا 4شاركة السياسية ; ومن
    التنظيم السياسي ا 4رتبط بتلك ا 4شاركة. وعادة ما يصطحب قمع الأحزاب
    ببذل جهود لتقليل مستوى الوعي السياسي ; والنشاط السياسي( ١٧ ).
    المبحث الثاني:
    الأشكال المتغيرة لنشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    بالرغم من أهمية المحاولات التي تطرح لتفسير نشأة الظاهرة الحزبية
    وتطورها في ظروف البلاد ا 4تخلفة في العالم الثالث فإن الاختلاف والتمايز
    اللذين يطبعان تلك النشأة وتطوراتها ; بالإضافة إلى محدودية الأدبيات
    حولها ; تجعل من ا 4هم mاما التعرف على الظروف المحددة لكل منطقة في
    العالم الثالث على حدة ; بل ولبلدان بذاتها على وجه التخصيص.
    في ضوء ذلك ; „كننا-مبدئيا-الحديث عن نشوء وتطور الظاهرة الحزبية
    في الأقاليم الأربعة ألي سبق تحديدها ; داخل إطار »العالم الثالث « أي:
    أمريكا ا للاتينية-وآسيا-والشرق الأوسط-وأفريقيا.
    أولا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية
    ر ‰ا كان الاستقلال ا 4بكر لبلدان أمريكا اللاتينية هو الذي يبرر البدء
    بها ونحن بصدد الحديث عن نشأة الظاهرة الحزبية وتطورها في العالم
    الثالث. فقد بدأ ظهور الأحزاب في أمريكا اللاتينية منذ حوالي مائة
    وخمس R عاما ; مع تحقيق الاستقلال عن أسبانيا. كما أن النمط الذي
    86
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تطورت به تلك الأحزاب منذ البداية انطبق أيضا على الدول التي تأخرت
    في استقلالها هناك مثل البرازيل وبئ وينما وكوبا. وفي ح R أنه لا يوجد
    أي مجال للحديث عن »نشأة بر 4انية « للظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية
    فإن التحليل الاجتماعي والاقتصادي-من ناحية ; وتحليل علاقات الاستعمار
    والتبعية من ناحية أخرى-يساعدان مباشرة على تفهم أصولها ; وا 4ؤثرات
    التي تحكمت في تطورها ; منذ أن …ت ; عقب الانفصال عن الدولة ا 4ستعمرة
    جماعات سياسية تعكس مصالح كبار ملاك الأراضي ; والعسكري ;R والكنيسة
    واضعة البذور الأولى 4ا أطلق عليه ; منذ ذلك الح ;R »أحزاب سياسية .«
    وقد انطبقت هذه الحقيقة ليس فقط على النشأة الأولى لأحزاب أمريكا
    اللاتينية ; وإ …ا على طول مسارها التاريخي. فعلى عكس الدور المحدد ;
    وا 4عترف به للهيئة التشريعية أي البر 4ان في العملية السياسية في أوروبا
    وأمريكا الشمالية ; والذي mارس الأحزاب السياسية دورها في تنظيم وتتأمل
    معه ; فان موقع ودور الهيئة التشريعية في بلدان أمريكا اللاتينية كان ذاتها
    أقل بكثير في قوته أو فاعليته. وبالرغم من القواعد الدستورية ا 4نصوص
    عليها عن فصل السلطات ; ومراعاة الشكليات الدستورية في صنع السياسة ;
    فإن السلطة السياسية الحقيقية ظلت في يد الهيئات التنفيذية التي سيطرت
    على »أحزاب سياسية « لم تكن في الواقع سوى تجمعات شخصية( ١٨ ).
    وفوق ذلك ; فإن …ط النظام السياسي لعديد من بلدان أمريكا اللاتينية
    والطابع »الكوربوراتي( « (× له وضع قسطا كبيرا من مسؤولية تشكيل
    السياسات العامة في أيدي ما „كن أن يسمى ب »الحكومات الخاصة «
    Private Governments مثل الغرف التجارية والصناعية ; واتحادات ا 4صارف ;
    وجمعيات التجار وا 4زارع ;R بل حتى نقابات العمال. فالقرارات ا 4تعلقة
    با 4صالح التي mثلها أي من تلك الهيئات ; قد لاتصل أبدا إلى الهيئات
    الحكومية ا 4تخصصة ; وإذا حدث ذلك فهي تقدم باعتبارها حقائق حاصلة
    للتصديق عليها أكثر منها مجرد اقتراحات للتنسيق مع اعتبارات السياسة
    العامة ككل. في هذا الإطار يضحى دور الأحزاب السياسية ضعيفا ومهملا ;
    ×) ) نسبة إلى ال Corporatism أي: انتشار الاتحادات والنقابات والجمعيات في اﻟﻤﺠتمع ;بتشجيع
    ودعم من الدولة ; واضطلاعها بدور رئيس يفوق دور الأحزاب أو ا 4ؤسسات السياسية الأخرى.
    ولا توجد ترجمة عربية دقيقة متفق عليها لهذه الكلمة في الكتابات السياسية العربية.
    87
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    كما تصير إجراءات مثل الانتخابات وا 4ناورات الحزبية أذاي أهمية محدودة
    في عملية صنع السياسة. أما من زاوية »أزمات التنمية السياسية « فإن
    الأمر لم يقتصر على مجرد ارتباط نشأة الظاهرة الحزبية بوجود تلك
    الأزمات ; وإ …ا أيضا بحدوثها في وقت واحد أو متقارب ; وهو ما „يز كافة
    مجتمعات العالم الثالث ; بدرجات متفاوتة( ١٩ ).
    في هذه الحدود ; نشأت الظاهرة الحزبية في أمريكا اللاتينية استجابة
    لحاجات مجتمعية مختلفة عبر التطور التاريخي ; وبعبارة أخرى: فإن تطور
    الأحزاب السياسية ; وتنوع أ …اطها ; في أمريكا اللاتينية ; يعكس تطور »التنمية
    السياسية « في ا 4نطقة ; حيث ظهرت الأحزاب غالبا عند نقاط تحول حاسم
    في تاريخ بلادها.
    والتنظيمات الأولى التي أطلقت على نفسها اسم »الأحزاب السياسية «
    لم تكن تزيد عن كونها مجرد زمر أو تجمعات نابعة من النخبة الحاكمة
    تنافست على ا 4ناصب العامة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر.
    ولم تختلف فيما بينها كثيرا حول هوية القوى التي يجب أن تحكم ; فكلها
    كانت تؤمن بحكم النخبة ; ولكنها كانت تختلف حول السياسات التي كان
    ينبغي على الحكومة أن تتبعها. فمن ناحية ; كان هناك الذين أطلقوا على
    أنفسهم اسم »المحافظ «R وهؤلاء أتوا أساسا من ب R ملاك الأراضي ;
    ورجال الدين ; ولم يروا للحكومة دورا يزيد عن مجرد الحفاظ على الهياكل
    الاجتماعية والاقتصادية السائدة. أما معارضتهم ‰عارضتهم الذين أطلق
    عليهم اسم »الليبرالي «R -فقد كانوا أكثر طموحا حيث كانوا يدعون إلى قيام
    الحكومة بتنمية الزراعة التجارية ; والتصدير السلعي من خلال إعادة توزيع
    أراضي الكنيسة ; وأراضي الهنود (أي السكان الأصلي R) على ا 4ستثمرين
    في الريف. ولم تتعد نسبة ا 4شاركة في الانتخابات التي يتنافس فيها
    »المحافظون « و »الليبراليون « عشرة في ا 4ائة من السكان.
    وفي عدد قليل فقط من البلدان استطاعت الأحزاب المحافظة والليبرالية
    خلق ولاءات عميقة ساعدت على بقائها حتى اليوم ; ولكن أغلب بلاد القارة
    شهدت تحطم احتكار تلك الأحزاب تدريجيا ; إزاء ظهور أحزاب جديدة في
    بداية القرن العشرين ( ٢٠ ). فمع سيطرة النخبة على السياسات الحزبية ;
    وجد الجيل الجديد من ا 4هاجرين ; ورجال الأعمال في ا 4دن ; وا 4هني ;R
    88
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    وصغار ا 4زارع R التجاري R الذين ظهروا في البلدان الكبرى في أمريكا
    اللاتينية ب R عامي ١٩٠٠ و ١٩٢٠ أن ليس لديهم سوى أمل ضئيل في أن
    يكون لهم صوت في شؤون بلادهم ; حيث كانت رغبتهم تلك تلقى ا 4عارضة
    من الأحزاب التقليدية. ولذا كان الطريق الوحيد ا 4فتوح أمامهم هو تكوين
    أحزاب سياسية خاصة بهم ; واستعمالها للدعوة إلى إدخال إصلاحات
    انتخابية „كن أن توفر لهم الفرصة للتنافس مع الأحزاب القائمة. ولقد
    نجحت هذه القطاعات »الوسطى « في عدد من البلدان ; ليس فقط في
    تحقيق الإصلاحات ا 4نشودة ; وإ …ا أيضا في الوصول إلى ا 4ناصب العامة.
    وسواء سموا أنفسهم »راديكالي «R كما في شيلي والأرجنت ;R أو أي أسماء
    أخرى ; فقد استعمل هؤلاء التنظيمات الواسعة في ا 4دن ; والجاذبية الشعبية
    لأشخاص قادتهم ; في مواجهة الأحزاب التقليدية ; وفي شغل ا 4ناصب العامة.
    على أن الكساد العام الذي ميز الأزمة الاقتصادية العا 4ية في عام ١٩٢٩
    شكل ضربة قاسية لأحزاب القطاعات الوسطى لأنه كشف عجزها عن حل
    ا 4شكلات التي أثارتها تلك الأزمة ; فتعرضت تلك الأحزاب للهجوم من
    جانب المحافظ ;R كما ¥ إقصاؤهم إقصاءهم في حالات عديدة بعديدة
    على أيدي العسكري R. وبعد الحرب العا 4ية الثانية أترغم الراديكاليون على
    الدخول في منافسة ; لكسب التأبيد الشعبي ; مع حركات سياسية جديدة
    فجرتها ظروف الكساد وكان أهمها الحركات »الشعبية « التي ظهرت في
    الأرجنت R والبرازيل. ولقد قامت تلك الحركات »الشعبية « على عاتق عناصر
    مدنية وعسكرية اتسمت بالطموح وا 4هارة ; وتجاوزت دعاوى الراديكالي ;R
    عن طريق تعبئة وتحريك الطبقة العاملة الحضرية ; ودفعها إلى ساحة
    العمل السياسي ; وهي الطبقات التي عانت من الحرمان الشديد أثناء فترة
    الكساد. وكان أبرز أولئك القادة »الشعبي «R خوان بيرو »في الأرجنت ;R
    »وجيتوليوفارجاس « في البرازيل( ٢١ ).
    لقد ا استفادت الحركات »الشعبية « من التصنيع السريع الذي ¥ في
    بلادها في الثلاثينات والأربعينات ; ومن الآمال ا 4تصاعدة للبروليتاريا
    الحضرية ا 4تنامية ; آلتي لم تلق سوى التجاهل والإهمال من جانب القوى
    الراديكالية والليبرالية والمحافظة. ولكن التنظيمات الحزبية للاتجاهات
    الشعبية لم تكن محكمة على الإطلاق ; واعتمدت-بدلا من ذلك-على الجاذبية
    89
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    الشخصية لقادتها ; وعلى قدرات عدة تنظيمات فرعية وليس على تنظيمات
    جماهيرية قوية ; و ‰جرد أن وصل »الشعبيون « للحكم استعملوا قوتهم ;
    ليس فقط لتوزيع الغنائم على مؤيديهم ; وإ …ا أيضا 4ساندة فئة من ا 4نظم R
    المحلي ;R ولدفع عجلة التصنيع. ولكن الشعبي R لم يكونوا أبدا محل قبول
    من جانب أغلبية ا 4ثقف R وا 4هني R الذين استاءوا من د „اجوجيتهم
    واستعمالهم للوسائل العنيفة. ونتيجة لذلك ; وفي نفس الوقت الذي أخذت
    تنهض فيه الاتجاهات الشعبية كان سياسيون آخرون ; من الرافض R أيضا
    للوضع القائم ; يسعون لخلق نواة أحزاب إصلاح د „قراطية ذات أساس
    جماهيري ; وكان هدفهم هو شق طريق للد „قراطية عن طريق ربط ا 4ثل
    الد „قراطية للراديكالي R مع الجاذبية الجماهيرية للشعبي ;R مع التنظيم
    الحزبي المحكم ألذ طوره الاشتراكيون والد „قراطيون والاجتماعيون في
    أوروبا. وقد استهدفوا ضم ليس مجرد القطاعات الوسطى مثلما فعل
    الراديكاليون ; وإ …ا أيضا الطبقات العمالية. وكان العنصران الأساسيان
    في حملتهم هما: تنظيم قومي محكم يتغلغل إلى أدنى ا 4ستويات ; وتعبئة
    الناخب R الريفي R من خلال استعمال ا 4نظمات الفلاحية ا 4رتبطة بحزبهم
    السياسي. كذلك قدموا 4واطنيهم التزاما بإصلاح ا 4ؤسسات الاقتصادية
    التقليدية ; وبتخطيط التنمية( ٢٢ ). وقد بذلت المحاولات لتكوين »أحزاب
    الإصلاح الد „قراطية « تلك في معظم بلاد أمريكا اللاتينية ; أثناء الأربعينات
    والخمسينات ; ولكنها لم تصادف النجاح سوى في حالات قليلة مثل شيلي
    وفنزويلا ; حيث لم تكسب الاتجاهات الشعبية موضعا لقدم أبدا ; وحيث
    كان الفلاحون في متناول يد الأحزاب.
    ويقسم بعض الدارس R أحزاب »الإصلاح « إلى نوع R: علماني وديني.
    و „كن نسبة النوع الأول إلى حزب آل Aristae الذي نظمه في بيرو راؤول
    هايادي لاتور ; والطلاب ا 4نشقون في الثلاثينات ; والذي شجعه فلاسفة
    اصلاحيون من بيرو ; واشتراكيون معاصرون. ولكن أعضاء ال Aprista تعرضوا
    للاضطهاد في أغلب تاريخهم ; ولم يسمح لهم أبدا بحكم بيرو إلا بالتآلف
    مع أحزاب أكثر محافظة. أما »حزب العمل الد „قراطي « في فنزويلا فكان
    أكثر نجاحا ; حيث حكم لفترة قصيرة في أواخر الأربعينات ; ثم حكم طوال
    الفترة منذ عام ١٩٥٨ ماعدا فترة رئاسية واحدة. وبا 4ثل ; فإن حزب التحرر
    90
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    القومي في كوستاريكا تقلد الرئاسة في أربع مناسبات ; منذ تشكيله في
    عام. ١٩٤٨ . إن نجاح هذه الأحزاب-في أواخر الخمسينات-دفع بعض ا 4راقب R
    الى استنتاج-في حينه-مؤداه أن أمريكا اللاتينية قد وجدت أخيرا الوسيلة
    التي تحتاج إليها لبناء الد „قراطية فيها ; وهو ما لم يحدث في الواقع.
    أما النوع الثاني من أحزاب الإصلاح الد „قراطية فتعتبر دينية (أو:
    لاهوتية) Theological بسبب توحدها مع الد „قراطية ا 4سيحية ; وهي الحركة
    التي بدأت في أوروبا ثم انتشرت بعد ذلك إلى البلاد الكاثوليكية الأخرى
    وبتأثير من الفكر السياسي للفيلسوف الفرنسي جاك مارتان سعى ا 4سيحيون
    الد „قراطيون إلى بناء مجتمع د „قراطي ليس اشتراكيا ولا رأسماليا ;
    وإ …ا يربط ما تنطوي عليه الاشتراكية من اعتقاد بالخير العام ; ‰ا تتضمنه
    الرأسمالية من احترام للفرد. هؤلاء ا 4سيحيون الد „قراطيون ا 4عتدلون
    mاما في أهدافهم وفي أساليبهم السياسية ; بدأوا-تدريجيا-في تبني العديد
    من سمات منافسيهم في أحزاب الإصلاح العلمانية ; وفي مد وتوسيع
    تنظيماتهم لتضم العمال والفلاح ;R والتبشير بالإصلات الزراعي ; وتخطيط
    الدولة. ومثل الإصلاحي R العلماني ;R فقد أقام هؤلاء أحزابا في أنحاء
    أمريكا اللاتينية ; ولكنهم نجحوا فقط في شيلي ; حيث تولوا الحكم في
    منتصف الستينات ; وفي فنزويلا حيث تقلدوا الرئاسة 4دة واحدة في أوائل
    السبعينات ; كذلك فقد نظر إليهم أيضا كأداة رئيسة للحكم الد „قراطي
    ولسياسة الإصلاح. ولكن باستثناء هذين البلدين لم توفق تلك الأحزاب
    فيما كان متوقعا منها( ٢٣ ).
    وتتبقى أخيرا الأحزاب »الثورية « آلتي لفتت في العقدين الأخيرين الكثير
    من الانتباه ; ولكنها-بالتأكيد-ليست جديدة على القارة. لقد كان هناك-بشكل
    أساسي-نوعان من الأحزاب الثورية في أمريكا اللاتينية ; أولهما أقامه
    ا 4اركسيون والنوع الآخر غير ا 4اركسي. ومن ب R الأحزاب الأولى هناك
    عدد من الأحزاب الاشتراكية والأحزاب الشيوعية الصرفة. فقد شكل
    الاشتراكيون أولا الأحزاب في أواخر القرن التاسع عشر بتوجيه ا 4هاجرين
    الأوروبي R خاصة. وبعد الثورة الروسية عام ١٩١٧ أخذت تتشكل أيضا
    الأحزاب الشيوعية ; واندمج بعضها مع الأحزاب الاشتراكية ; في ح R أصبح
    بعضها الآخر منافسا لها ; بسبب رفض الاشتراكي R قبول القيادة السوفييتية
    91
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    للحركة الثورية الدولية. وبذلك ; ففي نفس الوقت الذي كان الراديكاليون
    فيه ينظمون القطاعات الحضرية الصاعدة ; فإن الأحزاب الاشتراكية
    والشيوعية ; بقيادة ا 4ثقف R والقادة العمالي ;R كانت تحاول تكوين اتباع لها
    ب R الطبقة العاملة. وكانت قضيتهم الأولى بالطبع هي الثورة البروليتارية
    والعدالة الاجتماعية ; وأسلحتهم هي الإضرابات وا 4ظاهرات ; وتعليم
    الجماهير. ولكنها نادرا ما وحدت جهودها بسبب ا 4نازعات ا 4ذهبية
    وا 4نافسات الشخصية. وفي خلال الثلاثينات والأربعينات ظل أغلب تلك
    الأحزاب هامشيا بالنسبة لسياسات بلادها ; وغالبا ما أرغمت على أن تظل
    تحت الأرض ; أو في ا 4نفى ; بسبب مطاردة الحكومات. ثم إنها واجهت
    منافسة الحركات الشعبية في الأربعينات ; والإصلاحية الد „قراطية في
    الخمسينات والستينات ; حول كسب البروليتاريا خاصة ; وأبدت دائما ضعفا
    في مواجهة كلتا الحركت R. أما أبرز الاستثناءات فتمثلت في شيلي ; حيث
    استطاعت الأحزاب ا 4اركسية أن تضمن التأييد العمالي في العشرينات ;
    وشاركت في حكومات الجبهة الشعبية في الثلاثينات ثم وصلت إلى الرئاسة
    على يد سلفادورألليندي عام ١٩٧٠ . وهذا بالطبع إلى جانب قيام النظام
    الشيوعي في كوبا على يد فيدل كاسترو.
    أما الحزب الثوري غير ا 4اركسي ; فيقصد به الحزب ا 4ؤسسي الثوري
    PRI في ا 4كسيك ; ولو أن بعض الدارس R لا يوافقون على إطلاق صفة
    »الثوري « على الحزب ا 4كسيكي ; على أساس أنه كان ثوريا بالاسم فقط ;
    »وينصب اهتمامه على الاحتفاظ بالسيطرة السياسية على الناخب R في
    ا 4كسيك ;« وفي خلق اقتصاد رأسمالي مختلط ; وليس عمل ثورة اقتصادية
    واجتماعية. ومن ناحية أخرى ; يشير ا 4دافعون عن الحزب إلى أنه أتنجز
    الكثير من أجل الحد من نفوذ طبقة »اللاتيفونديو « والكنيسة وا 4ستثمرين
    الأجانب ; أكثر من أي حكومة أخرى في أمريكا اللاتينية ; قبل الثورة الكوبية.
    كما قام الحزب بتنفيذ إصلاحات زراعية هامة قبل وقت طويل من اهتمام
    أي حكومة أخرى بتلك ا 4سألة. وإلى جانب هذا كله ; تشمل الظاهرة الحزبية
    في أمريكا اللاتينية أ …اطا حزبية أخرى ; مثل الأحزاب الانتقالية أو
    الشخصية آلتي ترتبط بأشخاص بعينهم ; ثم تتلاشى مع هز „ة مرشحيها.
    ومع أن »الشخصانية « mثل سمة سائدة في كل الأحزاب اللاتينية الأمريكية
    92
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تقريبا ; بدءا من أكثرها محافظة إلى أكثرها ثورية ; إلا أن بعض الأحزاب
    تحتفظ بوجودها بعد ذهاب مؤسسيها ; في ح R أن ما يسمى »بالأحزاب
    الشخصية « تختفي باختفاء زعمائها. وفي خلال القرن التاسع عشر ; وأوائل
    القرن العشرين ; ظهرت أيضا أحزاب إقليمية في أمريكا اللاتينية ولم يكن
    هدفها هو الوصول للسلطة بقدر ما كان mثيل وجهة نظر إقليمية في
    الهيئات التشريعية ; الجبار الحكومات المحافظة والليبرالية على قبول مطالبها
    بالحكم الذاتي. وأخيرا ; ظهرت أيضا أحزاب فاشية من نوع آخر ; مع نشأة
    الحركة الفاشية في إيطاليا وأسبانيا وأ 4انيا ; إلا أنها ظلت على هامش
    السياسات القومية في بلادها غالبا( ٢٤ ).
    ثانيا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في آسيا
    تجد الظاهرة الحزبية في آسيا جذورها في التراث التاريخي للمجتمعات
    الأسيوية من ناحية ; وفي تأثيرات الوجود الاستعماري في تلك اﻟﻤﺠتمعات
    من ناحية أخرى. وقد خلص »روسيان باي « في دراسته للنظم السياسية
    التقليدية في آسيا إلى أن الاتجاهات وا 4مارسات التي وفرت بيئة صالحة
    لخلق أحزاب »منفردة ;« هي نفسها العوامل الرئيسة التي أعاقت …و »نظم
    حزبية « فعالة. ففي الهند-على سبيل ا 4ثال-أدى التفاعل ب R قيادات الطوائف ;
    وب R طبقة ا 4وظف R إلى بروز مهارات في النواحي ا 4رتبطة بالتنظيم الحزبي
    والاستراتيجية الحزبية. كذلك فإن ا 4شاعر اليابانية التقليدية حول
    الالتزامات ا 4تبادلة والعلاقات ب R الصغار والكبار سهلت-بالضرورة-من
    عملية بناء ا 4لاءات الحزبية. ولكن بالرغم من هذه التقاليد التي تدعم
    الولاء للجماعة ; ومن السعي الجماعي للسلطة ; فإن النظم الأسيوية التقليدية
    اتجهت نحو خلق اتجاهات لا تتماشى مع التسيير الفعال »لنظام « حزبي
    تنافسي( ٢٥ ).
    ويقسم »باي « اﻟﻤﺠتمعات الأسيوية ; من حيث تراثها السياسي وتأثيراته
    على نشأة الظاهرة الحزبية فيها ; إلى ثلاثة أ …اط يسميها: النظم
    الإمبراطورية التقليدية (التي تتمثل أساسا في الص R)الص R ثم النظام
    الإقطاعي الياباني ; ثم النظم »التنافسية المحدودة :«
    - النظم الإمبراطورية التقليدية Traditional imperial Systems هذه النظم
    93
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    وفرت فرت كما يقول بآي آي أقل البيئات ملاءمة لظهور اتحادات طوعيه
    قادرة على صياغة سياسات عامة. فالهوة ب R عالم النخبة ; وعالم الجماهير ;
    كانت من الاتساع بحيث أن مطالب ومصالح الشعب العادي لم تكن لتصل
    إلى الحاكم إلا في ظروف شديدة الصعوبة ; وعادة مآ ¥ هذا فقط بواسطة
    العنف. ولم يعترف أبدا بالحاجة إلى مؤسسات واضحة لتجميع مصالح
    الشعب ; بل كان يفترض أن الحكومة تحتكر الحكمة ا 4ناسبة والضرورية
    للحكم العادل والناجح للمجتمع ; وكان ا 4وظفون يدربون على فن التلاعب
    بالجماعات والكتل ضد بعضها البعض لخفيف العبء عن الحكومة ; ولكن
    لم يكن هناك أي افتراض بأن على الحكومة أن تستجيب دائما 4ا يسفر
    عنه صراع القوى ب R الجماعات ا 4ستقلة. فالسماح بالتفاعل العلني ب R
    ا 4صالح سوف يكون في مقام التنازل عن مسؤوليات الحكم ; والسماح للأمور
    بأن تخرج من يدها.
    ومع ذلك فإن السمة الأساسية ا 4ميزة للنظام الإمبراطوري كانت هي
    »الاحتكار « حيث سعى الحكام للاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على النخب ;
    كما سعت الحكومة إلى منع ظهور أي مركز قوة مستقل. وفي نفس الوقت ;
    وجدت جماعات مستقلة ; واتحادات عالية التنظيم ; أسهمت في استقرار
    مجمل النظام. فعلى سبيل ا 4ثال ; وجدت في الص R القد „ة اتحادات
    معترف بها قائمة على العشيرة والقرابة ; ونقابات حرفية شديدة الانضباط
    في أغلب أنشطة التجارة الهامة. كما وجدت جدت فوق ذلك بذلك جماعات
    سرية امتلكت سلطة تصل إلى تقرير الحياة وا 4وت بالنسبة لأعضائها. وفي
    الهند تكرر الكثير من ملامح نفس الوضع فيما يتعلق بالطوائف ; كما ظلت
    هناك قدرة واضحة على بناء التنظيمات في ا 4دن في فترة ما قبل الاحتلال
    البريطاني.
    ولكن هذه الاتحادات والجمعيات ; وخصوصا بسبب حقوق الاحتكار
    التي mتع بها قادتها ; لم تكن-بأي شكل-صورة من الأحزاب السياسية ; أو
    جماعات ا 4صالح ا 4عاصرة. لقد عملت كتجمعات حمائية ; ر ‰ا تحمي
    أعضاءها من بعض »شرور « الحكومة ; ولكن لم يكن بإمكانها أن تضغط
    على الحكومة ; ومن ا 4ؤكد أن ذلك لم يحدث أبدا بأي شكل علني. لقد كان
    مفترضا أن القوى الديناميكية التي تشكل السياسة العامة تقع-بشكل كامل-
    94
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    داخل إطار الحكومة الرسمية وطبقة ا 4وظف ;R وبالتالي يكون من قبيل
    الحماقة البالغة أن يناضل ا 4واطن العادي-أيا كانت ثروته ونفوذه-بشكل
    علني لطرح مطالبه على الحكومة.
    إن هذا الرفض للاعتراف بوجود حاجة إلى روابط صريحة ومؤسسية
    ب R »الاتحادات الخاصة « و »الهيئات الحكومية « يعني أن كافة الصلات ب R
    العامل R إ …ا خضعت للعلاقات الشخصية ; ووقعت-بالتالي-في إسار انعدام
    الكفاية والفساد ; والخداع. وانطلاقا من هذا التحليل ; يصل »بآي « إلى
    افتراض أن »اﻟﻤﺠتمع ا 4فتوح « الذي ظهر مع الحقبة الجمهورية لم يكن ذا
    جاذبية خاصة لأغلب ا 4تعلم R الصيني ;R الذين أرادوا-بدافع من الخوف
    من عواقب الفوضى والتنافس-إقامة حكم موحد وحكومة احتكارية. »وإذا
    كان لابد من وجود أحزاب سياسية ; كاستجابة » « للموضة « السائدة ; فقد
    أجمع الصينيون تقريبا على تحبيذ نظام الحزب الواحد ; الذي لا يتميز فيه
    ذلك الحزب عن الحكومة الرسمية بقدر الإمكان. لقد كانت تلك هي الروح
    الكامنة وراء حكم الكومنتانج ; كما أنها هي نفسها الروح الكامنة وراء حكم
    الحزب الشيوعي ٢٦) « ).
    النظام الإقطاعي الياباني: توصف اليابان القد „ة بأنها-من نواح عديدة-
    كانت أقرب في بنائها وتنظيمها لأوروبا الإقطاعية منها للص R الإمبراطورية.
    ويرصد »بآي « سمت R هامت R لليابان القد „ة سوف تؤثران على نشأة
    الظاهرة الحزبية هناك ; وهما: وجود درجه عالية من التعددية والتنافسية-
    على عكس ماهو شائع-تختلف عن الإمبراطوريات التقليدية الأسيوية. وكذلك
    تبلور الفاصل ب R مجالي الاقتصاد والسياسة ; وعدم السماح للسياسة
    بالأضرار با 4صالح الاقتصادية. فبالرغم من أن نظام »التوكوجايا « القد ¡
    اتسم بالعديد من مظاهر الحكم ا 4ركزي إلا أن استقلالية السادة الإقطاعي R
    »الدا „يو Daimyos « بإقطاعياتهم وشؤونهم الداخلية ; وباتباعهم من طبقة
    الساموراي المحاربة ; وفر إطارا تنافسيا في السياسة اليابانية. وأدى الصدام
    ب R أولئك السادة ا 4تنافس R إلى أيجاد تقليد ياباني مستمر بأن السياسة
    تنطوي-شرعيا-على تفاعل مصالح أطراف رئيسة لكل منهم أساس للقوة
    وللتنظيم ا 4ستقل. وهكذا فإن روح السياسة اليابانية mثلت في مزيج من
    الولاءات ا 4كثفة وا 4طلقة لنظم تدرج محددة ; وقدرة على بناء التحالفات
    95
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    والتوفيق وا 4ساومات بواسطة قادة تلك الجماعات.
    وفي أواخر فترة آل »توكوجايا « تداخلت ا 4صالح الاقتصادية مع
    السياسات التنافسية ; وقبل القادة فكرة أن السياسة „كن أن تستعمل ;
    بشكل ملائم ; لتقدم وحماية الرفاهة الاقتصادية للجماعات وا 4شروعات.
    وحدث هذا-على وجه الخصوص-عندما بدأت الإقطاعيات اﻟﻤﺨتلفة في
    التخصص في إنتاج مصنوعات مختلفة متميزة ; وفي بيع بضائعها ا 4نفردة
    في أسواق أكثر اتساعا. وبانتقال الوحدات الإقطاعية من حالة تقترب من
    الاكتفاء الذاتي إلى حالة من التخصص ا 4تزايد ; وبالتالي إلى شكل من
    أشكال تقسيم العمل ; فإن الاستراتيجيات السياسية ومناورات السادة
    أصبحت أكثر حساسية لضرورات دعم وحماية ا 4صالح الاقتصادية.
    في غمار هذه العملية للتنمية القومية فإن ذوي السلطة الياباني R لم
    يتعلموا فقط كيفية استعمال السياسة 4ساندة ا 4صالح الاقتصادية ; ولكن
    ما هو أهم من ذلك هو أنهم تعلموا أيضا أن اﻟﻤﺠال الاقتصادي إ …ا هو-من
    نواح معينة-مجال متميز له قواعده الخاصة التي يؤدي انتهاكها إلى إحداث
    أضرار شديدة بكل الأطراف ; وبالتالي فإن السياسة يجب أن تظل محلا
    للمراجعة لأن القيم الاقتصادية يجب أن تحترم ; وأن يذعن 4قتضياتها( ٢٧ ).
    إن هذا الاعتراف بشرعية الأسس ا 4نفصلة للقوة ; وبالحاجة إلى احترام
    ا 4تخصص R والفني ;R إ …ا ترسخ قبل عودة ا 4يجى ; كما يساعد على تفسير
    الإيقاع السريع الذي تقدمت به اليابان نحو تحديث مؤسساتها السياسية
    والاقتصادية.
    وعلى عكس ماشاه في الأدبيات الغربية كثيرا عن مظاهر السلطوية
    والعداء للد „قراطية في اﻟﻤﺠتمع الياباني والسياسة اليابانية ; فقد اتسمت
    السياسة اليابانية دائما بدرجة من التوزيع أو التشتت في القوة تفوق ما كان
    قائما في البلاد ا 4تخلفة ; وانطوت-منذ مراحلها الأولى ; وحتى عودة ا 4سجى-
    على مراكز متعددة للقوة السياسية تضمنت-على وجه الخصوص-
    البيروقراطية ; والعسكري ;R والقضاء ; والقادة ا 4الي R والصناعي R
    (الزايباتسو) وساسة الأحزاب ; ومسؤولي الحكومة البارزين. وبالرغم من
    أن تلك اﻟﻤﺠموعات عملت مع بعضها ; إلا أن كلا منها أيضا كانت لها
    مصالحها الخاصة ; ومطالبها الخاصة من النظام ; ولم يكن بإمكان أي
    96
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    مجموعة أن تعمل بدون أن تحترم-لدرجة معينة-حقوق الآخرين ; وتوفرت
    بذلك دائرة للقيادة أكثر انفتاحا وأكثر تنافسية ‡ا هو شائع في النظم
    السلطوية في البلاد ا 4تخلفة عموما.
    كذلك فإن هذا النمط من التنمية اليابانية كان مناقضا mاما للنظم
    الإمبراطورية في آسيا ; حيث كانت السياسة والحكومة هي العليا ; وكانت
    طبقة التجار هي ا 4قهورة والواقعة تحت السيطرة ; كما لم تحترم ا 4صالح
    الاقتصادية ا 4نفصلة ; ولا تكامل السوق مع الاقتصاد ككل. ( ٢٨ )
    النظم التنافسية المحدودة: ParochiaI CoIHpetitive systems . يشير
    »بآي «بذلك التعبير إلى النظم التي قامت في بقية مناطق آسيا ; وجمعت
    ب R شكل التقاليد الإمبراطورية وروح النظام الياباني. ففي أغلب مناطق
    ا 4لايو ; حرص القادة المحليون ; سواء كانوا من الرؤساء أو السلاط R أو
    ا 4لوك ; على ضمان احتكار كافة السلطات لتنظيم مجتمعاتهم بشكل هيراركي
    يضعهم-هم فقط-على قمتها. ولكن عجزهم جعلهم حكاما متنافس R
    وإقطاعي ;R منغمس R في صراعات مع غيرهم من القادة الصغار الذين
    تجاوزت طموحاتهم الاستراتيجية با 4ثل قدراتهم التنظيمية. وعلى سبيل
    ا 4ثال ; ففي القلب ;R قبل الحكم الأسباني ; نظمت الحياة الاجتماعية
    والسياسية في شكل تجمعات محلية مستقلة صغيرة ; كان لدى قادتها الكثير
    من مظاهر الأبهة والعظمة ; ولكن اعتمد أمنهم بشكل كامل على مهارتهم
    في مواجهة التهديد من اﻟﻤﺠتمعات اﻟﻤﺠاورة.
    في هذه الثقافات إمبراطوريات ; وإ …ا ظهرت نظم غامضة التعريف
    ذات قوة تنافسية. فالقادة كان عليهم توفير الحماية والأمن لاتباعهم ; وتوقع
    الرعايا دائما أخطار الغزو ومغامرات السلب والنهب من جانب الآخرين.
    وبسبب الحروب الصغيرة اللامتناهية ظهرت الحاجة إلى أيجاد حدود
    ملائمة للتنافس السياسي ; ولقبول قواعد للتحالف ; ولوجود مصالح ذاتية
    متبادلة. وبذلك فإن عملية »السياسة « كانت تعني عمليات الخداع والاحتيال
    من أجل تحقيق القوة والنفوذ ب R قادة مستقل R. لقد كانت روح السياسة
    تنافسية ; بغرض الحفاظ على مصالح مشتتة( ٢٩ ).
    على أن التأثير ا 4باشر في نشأة الأحزاب والنظم الحزبية الحديثة في
    آسيا إ …ا يرتبط-في الواقع-بالسيطرة الاستعمارية ; وآثارها. والنقطة
    97
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    المحورية لهذ ا التأثير هي أن الاستعمار ; وما ترتب عليه من رد فعل في
    شكل حركات قومية مضادة ساعدا على دعم جوهر السياسات التي ارتبطت
    بالتقاليد الإمبراطورية ; حيثما وجدت تلك التقاليد و …ت في الحقبة السابقة
    على الوجود الأوروبي. وبناء على ذلك تدعم الاتجاه نحو »الاحتكار « في
    اﻟﻤﺠال السياسي ومعارضة التنافس ; والحيلولة دون السماح باختلاط صراع
    ا 4صالح مع التنافس من أجل السلطة والنفوذ. وبصرف النظر عن الحالات
    القليلة التي اهتم فيها الحكم الاستعماري بتقد ¡ التفسير لقراراته ; وتجنب
    ا 4ظهر الاوتوقراطي التحكمي ; فإن روح الحكم الاستعماري ظلت هي روح
    التعامل مع »الحكومة « وكأنها »كاملة ا 4عرفة ; كاملة الحكمة ; ومحتتكرة
    لعظمة والأبهة والقوة. ونشأت أجيال بأكملها من الأسيوي R. وهي تعتقد أن
    لاشيء أروع من أن يجد الشخص طريقه إلى السلك الحكومي .«
    وفي أغلب مناطق آسيا ; ظهرت أهم الآثار ا 4باشرة للاستعمار في
    مجالات الإدارة العامة ; و »القانون والنظام ;« وفي إدخال بعض إجراءات
    الرفاهة الاجتماعية ; أما النمو الدستوري ; وتشجيع الأحزاب السياسية
    فقد تخلفا-بصفة عامة-عن عملية بناء الخدمة ا 4دنية. وفي ح R أن بعض
    البلدان ا 4ستعمرة الهامة ; أفسح فيها مجال مع R لتكوين الأحزاب السياسية
    التنافسية ; إلا أن الحركات القومية ا 4ناهضة للحكم الاستعماري رأت أن
    أجراء انتخابات تنافسية لن يكون سوى مصدر للشقاق ب R أبناء الشعب
    ا 4قهور: ففي الهند البريطانية ; على سبيل ا 4ثال ; كان هناك تاريخ راسخ
    للانتخابات المحلية يعود إلى أربعينات وخمسينات القرن التاسع عشر وكانت
    جماعات وتكتلات مختلفة قد بدأت في التنافس في تلك الانتخابات بل
    ور ‰ا بدأت بالفعل في تكوين أحزاب سياسية ; ولكن التقاليد التي ارتبطت
    بتلك البدايات في الحكم المحلي ; نحيت جانبا بفعل الحركات القومية التالية.
    وبالرغم ‡ا للهند من تراث طويل في الانتخابات المحلية ; إلى جانب أنها-
    بحزب ا 4ؤ mر الذي أنشئ عام ١٨٨٥ - كانت mتلك واحدا من أقدم أربعة أو
    خمسة أحزاب سياسية هامة في العالم كله ; فلم يكن هناك أي دمج فعال
    لكلا التقليدين أثناء الحكم البريطاني. وبالرغم من آن حزب ا 4ؤ mر كان
    يتنافس في الانتخابات المحلية إلا أنه ركز طاقته الرئيسة في السعي لبناء
    »هند جديدة ;« وتزويد الشعب الهندي بتوجهات أكثر حداثة. ولا شك في
    98
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    أن الكثير من هذا التكوين الأيديولوجي لحزب ا 4ؤ mر كان بعيدا عن ا 4طالب
    وا 4صالح ا 4باشرة للقطاعات اﻟﻤﺨتلفة من اﻟﻤﺠتمع الهندي في ذلك الوقت ;
    ولكن ظلت الرابطة الأساسية ب R حزب ا 4ؤ mر والشعب الهندي تتمثل في
    ا 4طالبة بالاستقلال ; وكذلك في صبغ الخدمات الحكومية بالطابع الهندي.
    وعلى الرغم من اختلاف السياسات الاستعمارية في مناطق أخرى من
    آسيا إلا أن المحصلة العامة ظلت واحدة ; وهي تدعيم الاتجاهات الواحدية
    حيثما كانت موجودة من قبل في ظل النظام الإمبراطوري التقليدي. ولقد
    سعى الفرنسيون في الهند الصينية ; والهولنديون في إندونيسيا إلى أن
    يلحقوا-في النمو الدستوري 4ستعمراتهم-أدوارا خاصة للمصالح الوظيفية
    الأساسية في الاقتصاد واﻟﻤﺠتمع في تلك ا 4ستعمرات. وفي كل من هات R
    ا 4ستعمرت R وجدت مجالس استشارية ومؤسسات شبه تشريعية مكونة من
    ‡ثل R لكافة ا 4صالح الوظيفية الهامة ; بدءا من مزارع ا 4طاط والغرف
    التجارية إلى ا 4هن اﻟﻤﺨتلفة وجماعات الأقليات ; وأدان القادة القوميون في
    كلتا ا 4ستعمرت R مثل ذلك التمثيل »الوظيفي « وأصروا على الحاجة إلى
    أحزاب سياسته تنافسية باعتبارها الوسيلة الوحيدة ا 4لائمة لصياغة وتجميع
    ا 4صالح المحلية. ولكن ‰جرد أن تولي أولئك القادة السلطة لم يستطيعوا
    مقاومة التوجه نحو السياسات الواحدية ; وقاموا بإلغاء كافة الأحزاب ; بل
    إن »سوكارنو « عاد بإندونيسيا إلى ا 4فهوم الهولندي القد ¡ حولي التمثيل
    الوظيفي( ٣٠ ). أما التجربة في القلب R فيقدمها الدارسون الغربيون على أنها
    …وذج 4ا أدى إليه تفاعل »التراث التنافسي المحدود « من ناحية ; »والحكم
    الاستعماري « من ناحية أخرى ; من أيجاد نظام حزبي قوي ; وتنافسي ; من
    وجهة نظرهم.
    ثالثا: نشأة وتطور الظاهرة الحزبية في الشرق الأوسط
    مثلما كان الحال في أمريكا اللاتينية وآسيا لم تشهد منطقة الشرق
    الأوسط مجالس تشريعية وتقاليد نيابية تسمح بالحديث عن أمول بر 4انية
    للأحزاب ; مثل أوروبا. وإذا كان التراث الثقافي الذي ساد في ا 4نطقة هو
    التراث الإسلامي. فلا مناص من التسليم مع الكثير من الباحث R بأن هذا
    التراث لم يقدم-في جانبه السياسي-ما يربط فكرة »الشورى « بنظرية محددة
    99
    نشأة الظاهرة الحزبية في العالم الثالث
    للتمثيل النيابي ; أو حكم الأغلبية. وانصب جوهر النظرية السياسية
    الإسلامية ; في العصور الوسطى ; على الصفات الواجب توافرها في شخص
    الحاكم ; والقواعد التي يجب أن تحكم سلوكه استنادا إلى الشريعة الإسلامية ;
    ا 4ستقاة بالأساس من القرآن الكر ¡ والسنة النبوية. ولسنا هنا في معرض
    تقييم السمات الد „قراطية أو ألاتوقراطية ا 4ترتبة على تلك ا 4مارسات ;
    ولكننا نشير فقط إلى أن عدم وجود تقاليد التمثيل النيابي والحكم البر 4اني
    ينفي علاقة نشأة الظاهرة الحزبية بها.
    وفي ظل سيطرة الإمبراطورية العثمانية على منطقة الشرق الأوسط
    تدعمت السلطة ا 4طلقة للسلاط R العثماني R التي لم تكن تتحداها أي
    مراجعات أو توازنات مؤسسية. ثم حملت فترة أواخر القرن التاسع عشر
    وبداية القرن العشرين الحكم الاستعماري الأوروبي إلى ا 4نطقة ; سواء في
    شكل احتلال عسكري مباشر أو في شكل »حماية « أو »انتداب «. وفضلا
    عن الجزائر-التي احتلت عام ١٨٣٠ - احتلت تونس عام( ١٨٨١ ) ; ومصر
    عام( ١٨٨٢ ) ; وليبيا عام( ١٩١٢ ) ; والهلال الخصيب عام( ١٩٢٠ ). وأعاق
    الاستعمار-في ألوأق-فرص النمو العضوي للمؤسسات النيابية في تلك البلاد
    فكان الاحتلال البريطاني 4صر عام ١٨٨٢ - على سبيل ا 4ثال-سببا مباشرا
    في عرقلة التطور الدستوري والنيابي فيها وكان »القانون النظامي « الذي
    صدر في أول مايو ١٨٨٣ ‰ثابة نكسة للتطورات التي تحققت من قبله( ٣١ ).
    واتفقت بريطانيا وروسيا على تقسيم إيران إلى مناطق للنفوذ في عام ١٩٠٧
    بعد أن كانت إيران قد تبنت دستورا نيابيا ; وأقام الفرنسيون انتدابهم في
    سوريا عام ١٩٢٠ بعد ضرب دمشق بالقنابل في أعقاب إعلان الجمعية
    الوطنية هناك عن أتشاء حكم دستوري مستقل في سوريا( ٣٢ ).
    وعلى أي الأحوال فإن »الحزب السياسي « كتنظيم سياسي طوعي كان
    ‰ثابة ابتداع جديد في منطقة لم تعرف من قبل سوى التجمعات القائمة
    على القرابة ; أو العقيدة الدينية ; أو ا 4صالح الاقتصادية ; أو العلاقات
    الشخصية. وشهدت كافة بلدان الشرق الأوسط (باستثناء النظم التقليدية
    في السعودية واليمن ; وكذلك الكيانات الصغيرة في الخليج العربي) ; نشأة
    الظاهرة الحزبية أساسا كتعبير عن ا 4عارضة أو التحريض ضد الحكم
    ا 4طلق الأجنبي أو المحلي أكثر منها تعبيرا عن تكتل تصويتي في جمعية
    100
    الأحزاب السياسية في العالم الثالث
    تشريعية أو دستورية. ولذلك فغالبا ما كانت الأحزاب مهتمة بالوصول إلى
    السلطة ; أو توجيه السياسات داخل إطار النظام السياسي أقل من اهتمامها
    بتأكيد الهوية القومية ; أو إقامة نظم جديدة. وباستثناء إسرائيل-التي تخرج
    عن إطار التطور العام الثقافي والسياسي للمنطقة ; لأسباب كثيرة-يجمع
    دارسو الأدبيات الحزبية الغربيون على أن »تركيا « mثل البلد الوحيد في
    الشرق الأوسط الذي أصبحت فيه الأحزاب السياسية منذ وقت مبكر هي
    الأداة الرئيسة للتنافس حول السلطة ; واتخذت الأحزاب فيها شكلها منذ
    ما يزيد عن قرن من الزمان ; بحيث أصبحت سمة مركزية ; بل ومسيطرة ;
    للحياة السياسية هناك منذ عام ;١٩٠٨ ‡ا يجعلها تقدم أخصب مادة
    لاستجلاء آثار ا 4تغيرات التاريخية والاجتماعية في الشرق الأوسط على
    التطور الحزبي. فعلى عكس أغلب البلاد ا 4تخلفة ; لم تفقد تركيا استقلالها
    على الإطلاق ; وكانت الجمهورية التركية التي أنشئت عام ١٩٢٣ وريثة سبعة
    قرون من التقاليد الحكومية العثمانية ; ولذلك أبدى الأتراك تقديرا
    للمسؤولية الحكومية ; وا 4هارة التنظيمية ; ولحقائق السلطة والقوة السياسية ;
    الأمر الذي انعكس على فعالية الأحزاب التركية ; وقدرتها على الاستمرار.
    ومن وجهة نظر مفاهيم »التنمية السياسية « سارت تركيا في سلسلة من
    ا 4راحل ا 4نتظمة وا 4تداخلة: أولها ; إعادة بناء السلطة السياسية ا 4ركزية
    وتشكيل هيكل فعال للخدمة العامة( ١٨٠٨ - ١٩٠٨ ) ; ثم عملية لتشكيل
    الصعب للهوية الإقليمية للدولة وظهور إحساس بالتضامن القومي في داخل
    حدود مقبولة ( ١٨٢٠ - ١٩٢٣ ). وأخيرا ; اتجاه أعداد متزايدة من ا 4واطن R
    إلى ا 4شاركة النشطة في العملية السياسية (منذ عام ١٩٠٨ خاصة.)( ٣٢ ).
    في هذا السياق تقدمت الأحزاب السياسية لتلعب دورا أساسيا فيما
    يتعلق. بتوسيع نطاق ا 4شاركة السياسية خاصة. وكانت البدايات الجنينيه
    للأحزاب ا 4عاصرة-أي: العثماني R الجدد ; وجمعية الاتحاد والترقي-عبارة
    عن تجمعات صغيرة في داخل النخبة البيروقراطية-العسكرية ; بدأت في
    استنبول ثم أبعدت إلى ا 4نفى ; ثم عادت لتنتشر في عدد من ا 4دن الواقعة
    في ا 4ناطق ا 4تقدمة ثقافيا من الإمبراطورية العثمانية مثل مقدونيا وسوريا.
    وبعد عام ١٩٠٨ أصبح التنظيم الحزبي علنيا ورسميا ; ومنتشرا ; إلى أن
    شمل قطاعا واسعا من الطبقة ا 4تعلمة ضم الضباط ; وا 4وظف R ا 4دني ;R
    101
                  

العنوان الكاتب Date
الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 09:03 AM
  Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 09:07 AM
    Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 09:13 AM
      Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 09:18 AM
        Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث NGABY AJOOZ04-11-10, 09:26 AM
          Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 12:27 PM
            Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 12:35 PM
              Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 01:46 PM
                Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 02:09 PM
                  Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث مجدي عبدالرحيم فضل04-11-10, 02:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de