محمد جبارة نغم الحزن الذى يغسل الوجدان

Quote: ثم يا سلمى عندما لم أعد أقوّ على حمل الهوى وحدي .. قلت فهي أمي إذن , وحدها في الكون التي أشترك و إياها في تلمس مواطيء خطو الروح . قد اعتادت على ذلك إذاعة غريبة هنا يا سلمى .. إف إم مية .. ما أن يفلل الليل حتى تصرعنا بالإمتحانات . قبل ليلتين زارنا شتاءٌ ماهل يا سلمى .. و كنت دافئاً أسمع للراديو , و أغذ في فلوات نفسي سيراً منقبا .. حتى احتضنني صوت السر عثمان الطيب .. حميمٌ هو الرجل في سرده , و يشف حين الكلام يلامس السيرة العطرة لمحمد جبارة .. السر يطعم الكلام بلكنته المغرقة في محنتها و صدقها .. ثم .. يجيئك بأثقاله محمد جبارة .. ما ستطعت له سبيلاً فتكه ذاك بي - و الليل أبرد ما يكون - قلت فلأستجر بأمي النائمة علي يساري .. ناديتها : يُمه .. يُمه أسمعي .. فانتصب منها القلب و أصغت : ( الله الله يا جلابة .. الله الله يا جلابة .. يا جلابة جيداً جيتو .. ما شفتوهو لي يا اخواني ساعة للرحال شديتو ) .. الله يا سلمى .. الله .. ثم في نعايم و برحة في النفس و سلام غريب يتلونا : ( ضل الغيمة ) .. نغّمها صوته و الطنبور , فصرعنا محمد جبارة كلينا .. أنا و امي .. ترين قلبك أمامك يفطفط مذبوحاُ حين يعقّب ود جبارة كلمة ( يا غيمة ) .. و يتماسكان : صوته و غرودة الطنبور .. و يلتحمان في سيولة تقطع الحشا . حتى أشفقت على أمي من جرعة النشوة العالية و الأشجان التي فتح لها محمد جبارة فوهة الذكرى .. فطافتها و أغدقت . و رضيت أمي .. رضيت عليه و على السعادة التي منحنا صوته .. و نامت على : يرضى عليك يا وليدي إشا لله .. أمانة ماك غناي و كلامك يكيّف . الله يا سلمى .. من أين للرجل هذا الصوت الذي يسحق الروح ثم يعيدها لخلقها الأول .. ثم يهرس ثم يرفع ثم يخفض كلما أندغم في شرايينك و احتلها و أوقف شعر جزيئاتك عشبة عشبة !! ثم يا سلمى عندما لم أعد أقوّ على حمل الهوى وحدي .. رأيتك عندي .. معي هنا .. هل تقرأ روحك خلجات الخلايق ؟؟ أم أن محمد جبارة يوحد العالمين في أقداس صوته ؟