|
حين وقعت فى غرام الروصيرص
|
جنوب النيل الازرق ..سحر الطبيعة الفاتن الذي يغويك فتنساق خلف الخضرة والماء والوجه الحسن ..تنساق فلا تود العودة ابداً .. هواء يعيد للوجوه القها الذي لفحته شمس الخرطوم وصهرتها فالشمس هناك تمتلىء باحتها بالسحاب فلا تكاد تراها سحب تسحبك بين رحيلها فتصنع لك فردوساً في ظلال التبلدي والنيم والمانجو... تستعذب المشهد بين لون السماء الاكثر زرقة في بعض المساحات التي رحلت سحبها لتؤاخي بين اللون الازرق للنيل الازرق واللون الرمادي للقطاطي المنتشرة على طول المسافة بين الدمازين والروصيرص .. اغواء اللون الرمادي للارض وجاذبيته للنظر حيث لا تحس باصطدام بؤرة العين الخشن الذي يحدث لك في مناطق اخرى حرقت الشمس ارضها واحالتها الى حراقة. تؤذي العين ..لاتود رد البصر بين شجرة واخرى، لان الاشجار تكون علامات ساحرة تدعوك لكتابة رواية بكاملها عن سحر الروصيرص التي اشهدها لاول مرة واقع في غرامها. المسافة بين الرصيرص والدمازين مرصوفة بالشوارع انخفاضاً وعلواً «خيران وجداول هيمانة» واكوام بيوت النمل الابيض تعلو وتنخفض محدثة تألفاً بين لون الارض ولونها «الاسود - الازرق كما يحلو لاهله تسميتها» المياه رغم النيل الازرق تتلقاها القرى عن طريق روافع المياه من الآبار.. شهدنا اطنان من الاشجار مقطوعة حتى لينفطر قلبك لمشهدها وتبادر للسؤال هل تم زراعة بديل لما تم قطعه؟وسؤال آخر لماذا تلتقط ا لعين مساحات شاسعة «بور» ولا ترى الى ابعد او اقرب نقطة من احد سوى الرعاة العابرين هنا وهناك؟ الشارع رأسي ووحيد ذلكم الرابط بين الدمازين والخرطوم .. شارع مهترئ كالخرقة البالية تعتريه الثقوب يتعرج على نحو ثعباني وليس له من رصيف افقي كأنما المدينة منبتة عما جاورها من الاتجاه الآخر. عبرنا الكبري الفاصل بين الدمازين والروصيرص مشهد يحتاج الى «نفس» عميق تجذبه لترى وقع الجمال على روحك تخشى عليها من شهقة الموت لفرط الجمال .. تشهد الخزان وامتداد النيل الازرق ضارباً بموجه الصاخب على صخور الخزان لتخرج الكهرباء التي لا تصل الى أهل الدمازين والروصيرص .. امر يزعجك حين ترى القرى لابسة ثوب الظلام بدون امل حتى لترى اعمدة الكهرباء زاحفة باتجاهها.. لكن طبيعة المشهد الساحرة تحيلك الى سؤال مركزي لماذا لاتنشط السياحة في تلك الاماكن التي هي اهل لذلك النشاط الاقتصادي فحين ترى مشهد الغروب ، الشمس توزع خيوطها الذهبية على الربوات المخضرة لتندغم الالوان الخضراء والذهبية ضاربة على اعلى الاشجار خاصة المانجو ومزارع الموز ..هالله مشهد روائي لم يكتبه احد لكنك تقرأه وتهلل له ..تود لو كان العالم ملكك اذن لحزت تلك البقعة وحدك واحتضنتها وناديت كل العالم من حولك ليشهد روعتها... مشهد حزين: كنا باتجاه المدينة.. صبي في الثامنة او يقل ، لاتعرف له تحديداًعمرياً .. فهو صغير على اية حال، التقت اعيننا في لحظة عبور الباص كنت احس جوعاً كاد يعصف بمعدتي لكنني حين التقت اعيني به كور يده باتجاه فمه فما وسعني العالم لفرط الحزن الذي رأيته ورأيت مأساة تتحرك نحوي رميت بنظرى مكان وقوفه فاذا هو باحة للفقر ، استباح الفقر أهلها، ورأيت مشهد البيوت «الغبشاء» وماحوله من سهول بور، تيقنت لحظتها لماذا حول يده باتجاه فمه معلناً جوعه الذي رمى بجوعي الى متاهة الغضب واحسست بشبع لان هناك من هو احوج مني للقمة يسد بها رمقاً ربما استمر لعدة ايام..
|
|
|
|
|
|
|
|
|