تأريخ الجاذبية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 09:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة تاج السر حسن محمد الملك (Tagelsir Elmelik)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2009, 10:53 PM

Tagelsir Elmelik
<aTagelsir Elmelik
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 4028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تأريخ الجاذبية

    تأريخ الجاذبية

    تباطأت خطوات أمي حين أدركها الونى و نحن على مشارف الضفة، ينحدر الشاطئ دون بشارة فيصيبك الدوار، و تتهيأ سيقانك لعدو متعجل دون ضابط او كوابح، ثم انهار جرف الطمي الجاف تحت ثقل جسدي، فهبطت قسرا ، وكدت أعيد الكرة حينما أدركت قبسا من وجهها، سانحة من سحر عتيق، فانهار جرف آخر، تسارع سقوطي باتجاه نقطة التقاء النهر الساكن و الظهيرة الساكنة، مررت على عظام حيوانات نافقة، و أوعية صدئة، و زجاج مهشم، تقاربت سحنته و سحنة الرمل، و عشب يابس و صدف، وجيف الأسماك و عيونها الخرز الذي يعاين السماء، مددت ذراعي نحو الهواء الثقيل، أتشبث به، فانثنى عني يحمل طيور السماء في رفقته، و طائر البقر يجلس في استرخاء على عجيزة ( أم حقين) وهي تتهادى في مؤخرة القطيع، صحت من يأس أخطب ود النخلة التي تجاذبتني سيرة اللقاح، فرايت رجال ( النوبة) يحملون عليه بالعصي المغلفة رؤوسها المضببة بجلد الثور، على رأسه، و حينما اتقي وقع السلم على هامته بيديه، تدبروا صدره و ساقيه و ركبتيه بالعسف، هشموا عظامه، فلم تدرك صلواته بالنجاة ابعد من حفر الطمي اللزج، و عظام البهم النافقة، و الصدف المبتل بالرمل، و الطفلة حملت دمها و ماءه المهين بين ساقيها، بكت من عذاب قهره ساعة، مرق فيها الى احشاءها، فتداعت في ثيابها المرتقة ، ولولت أمها من عجز و حسرة و غضب، فتوقفت ( النقارة) عن دفع الصدى، همدت الحركة حتي انصرف الغبار. دقت ( النقارة) ، فنضج الغضب في عروق الرجال، عاركوه، فعاركهم، و هو مجهد، تصيدوه مثل ضفدع في خنادق الطمي اللزج، و حاصروه حتي انكفأ على ظهره مثل سلحفاة، و أجهزوا عليه مثل فأر.
    أستبان وجهها الذي انطفأت ملامح الطفولة فيه، غمزتني بعينها و انا اطالع التقاء سكون الظهيرة بسكون الماء، و قالت
    ( ود الحاجة... ما داير شي؟؟؟)
    و حينما حانت مني التفاتة، كان خيال امي قد مضى مثل مضى الغبار، فعاود الرجال دق عظامه، حتى تساوت في لزوجتها و ثقل الهواء، صاح خيال امي ( سجم امه!!).

    قلت لأمرأتي من هو، قالت لا أحد، و في أنسان عينها، رأيته، وددت حصاره حصار الضفدع، و لكن الرجال عادوا إلى مزاولة رقصهم، عادوا الى دين ( النقارة)، انعقد الغبار فوق رؤوسهم التي تزينت بقرون الثيران، تهيأ لى الخبث و الهزأ في ابتساماتهم، فقمت إلى العصا، حملت عليه، فاختبأ في طيات ثوبها و كحل عينيها، طرقته، فصدر الأنين عن صدرها، و قالت ( أحد).
    أشتد نقر الرجال على الطبل، فذاب صوتها و تبدد في هدير صباح المدينة، صحوت أجاهد في فتح عينين تلسعهما حرقة السهد، فتبدت صور التلفاز الذي ظل مفتوحا طوال الليل، غائمة، أتاني الضوء عجلا ، قبل أن تتحرى أذناى طعم الصوت
    I know all the games you play, Because I play them too,…, Cause I gotta have faith…

    تعلق الصبية و الصبايا بالمراجيح، و أنشدوا من فرح بعطية العيد، أغنيات بائرة، كعكا و حلوى و ياقات بيضاء منشاة و نقود، و في الضفة المقابلة، استتر اطفال و عريهم، بأعواد الذرة الجافة، و انتثروا في سكون النهر و الظهيرة، يلعقون غيظهم في صمت، ارتعدت فرائصنا عندما عثرنا على وجوههم الكالحة، منتصبة أمام أعيننا، في أياديهم ( المطارق) وقد سملت عيونهم مراود النقمة، قايضنا غضبهم بعطايا العيد حتى انفثأ، فانصرف الهواء الثقيل عنا، و عدنا نحمل احذيتنا الى النهر، و عادوا الى القرية جوعى، غضبت صديقتي الصغيرة، غضبا حقيقيا و هي تشهدنا نقايض صبية الذرة عن غضبهم، بعطايا العيد، لم تعد تحدثني الا حديثا نادرا متقطعا، كانت تخفي حنينها الى تحت غطاء من كبرياء مزيفة، فتصمت عن مخاطبتي ، و تحرمني يقين الحنين. لم يقنعها شرحي، فطفقت ابحث عن صديقة، حتى عثرن بي نسوة الحى عند المراجيح، متلبسا بالتلصص على سراويل البنيات، شددنني من أذنى ، و هددن بأبلاغ امي، فما اكترثت.

    جلست تحت ظلال عرشها تتقي جحيم أسئلتي المشرعة المباشرة، تتقيها بيديها و حجاب رأسها، و عندما أدركني النصب، أسبغت على روحي و أفاضت من عطف رقيق دقيق، و شوق وخاز متشابك مثل شجر الشوك، قلت لها أنني أحبها، فقالت هات الدليل، ثم أردفت كأنما استدركت معنى ما قالته، و ما الذي سأفعله بالدليل ؟؟ كانت أوهن من بيت عنكبوت في ملاقاة اعاصير الحب، كانت اكثر من طاقة رجل واحد على الحب، و اقل قليلا من أن تكفي حاجة رجلين.
    نظرت أطفالي و هم راقدون في أسرتهم، فواتتني لحظة من صفاء الحقيقة، تبين لي فيها بأنني لا أحب هؤلاء الأطفال بالضرورة، و لكنني في حالة حب مع الفكرة في أساسها، فكرة أن يكون لديك أطفال و أسرة، سوى ذلك فأنني كنت سأبدلهم بغيرهم، أذا قدر لى أن أختار.

    تواصل فعل الهبوط منذ عهود انهيار الجرف، شهدت صديق التمساح الذي لا تعرف الفكاهة سبيلا الى روحه، ينظف اسنانه، لا يتحدثان لغة واحدة، و لكن شيئا ما يجمعهما في نهاية الأمر، أما أن الطائر لا يعلم معنى أن يكون التمساح تمساحا، أو أن التمساح لا يدري بأن هذا الطائر طائر، و لكنهما يفعلان ما يفعلان وفق شريعة محكمة التنظيم، يشبع الطائر، و يدخر التمساح ثمن المرآة و فرشة الأسنان الهائلة، يذهبان كل الى سبيل حاله، دون وداع، دون أسماء، دون عناوين الكترونية، دون حساب في كتاب الوجوه، سوى أن مجد الحرية يبقى في أن تأكل من فم الوحش دون أن يقدر على ابتلاعك، حتى و أن أراد ذلك.

    اللعنة على جاذبية الأرض و على خواتيم التنفس تحت الماء، و على المشاعر التي نذرفها بسخاء على ما نعشق و من نحب، دون أن نجد أجابة على تساؤلات عقولنا، لماذا نحب من نحب ، و لماذا لا نرى في الوجود أجمل ممن نحب؟؟ هل هي رغبة اثبات الذات أم الرغبة في ذات الأثبات؟؟؟ و لكن الشمس تعشق هذه الأرض، لا تعشق كوكبا غير هذا الكوكب، تعشقه في صمت، تدور بلا انقطاع حوله، دون ملل و بلا اضطراب، تنشأ اجيال و تمضي أجيال، حروب و فنون و لقاء ووداع ، ظلم و ظلمات و مسغبة و حنين لا يني يتدفق، تشرق عند ملاقاتها ، و تلتهب حينما تتوسطها، و تتضرج حين تودع نصفها الأستوائي، تغدق عليها ماء السحاب حين تستنهضه بالبخر، تهبها الدفء و الخضرة، و لا تنتظر من الأرض شيئا سوى انطواءها في محاذير خفرها، و لا الشمس يدفعها اثبات الذات، و لكن لكى تحيا الأرض بها و تخضر، و بضوئها يسفر حسن الأرض، يهب المحب حبيبه دون من، ففي بهاء المحبوب يكمن سر العاشق على الضياء الدائم.
    أوحت أمرأتي الى القوم بجنوني، و كنت كلما حدثتهم عن الحمائم تخرج مذعورة من تحت وسادتي في الصباح، تغامزوا صراحة و علنا، و استأذنوني في الأنصراف، ثم لا يتلبثوا أن يغرقوا في الضحك، كانت فارعة سمراء شغفت بها، خضراء مثل فاكهة تقطع نيئة لتنضج في غير أوانها، حتي لا يستبيحها طير السماء، أو من عجلة لتذوقها، رزقنا بتوأمين، ملأن حياتنا حبورا و غبطة، ألا أنها أمعنت في عشقها للرسمي الذي كان يجوب طرقات حارتنا بسبب او من غير سبب، تخرج عند سماع صوت سيارته الرسمية، تتعلل بالماء الآسن تحمله في سطل صديء، لتصبه في مجرى الزقاق الضيق حتى تراه و يراها، يبتسم في رعونة لمرآها، و هو يمسح العرق المتصبب على قفاه، أوصد على الباب في سجن عقلي، فلم أعد أخرج الا للتبول ليلا، سكت عن سيرة الحمام الذي يخرج من تحت وسادتي حين لم يصدقني أحد. و في ليلة زفاف زوجتي اليه، أجلست بنياتي على حجري، و جاء القوم يهنئونني دون حياء على زفاف زوجتي، فشكرتهم و أنا أحسدهم في سري على معقوليتهم و حكمتهم الصائبة.
    و حين أدركت سكون النهر الذي يلتقي بسكون الظهيرة، و جدتها تغسل الرمل عن قدميها، و جلست في هدوء تنتظر سماع قصتي، و لكن وجهها لم يكن وجه امي، و لكنني عشقته رغما عن ذلك.
                  

العنوان الكاتب Date
تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-26-09, 10:53 PM
  Re: تأريخ الجاذبية محمد الطيب يوسف08-26-09, 11:18 PM
    Re: تأريخ الجاذبية Osman Musa08-27-09, 06:47 AM
      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 03:21 PM
      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-28-09, 06:39 AM
      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-30-09, 01:49 PM
      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-02-09, 10:15 PM
    Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 03:16 PM
      Re: تأريخ الجاذبية محمد الطيب يوسف08-27-09, 05:01 PM
        Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 10:13 PM
  Re: تأريخ الجاذبية rosemen osman08-27-09, 01:12 PM
    Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 03:40 PM
      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 03:46 PM
        Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 04:04 PM
          Re: تأريخ الجاذبية عبدالوهاب علي الحاج08-27-09, 10:30 PM
            Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-27-09, 11:26 PM
              Re: تأريخ الجاذبية حبيب نورة08-28-09, 07:17 AM
                Re: تأريخ الجاذبية حافظ حسن ابراهيم08-28-09, 08:01 AM
                  Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-28-09, 04:31 PM
                Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-28-09, 02:40 PM
                  Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-29-09, 02:42 PM
                    Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-29-09, 04:22 PM
                      Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik08-31-09, 04:30 PM
                        Re: تأريخ الجاذبية انعام عبد الحفيظ09-02-09, 11:33 PM
                          Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-04-09, 03:34 PM
                            Re: تأريخ الجاذبية ibrahim kojan09-06-09, 08:36 AM
                              Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-07-09, 11:56 AM
                    Re: تأريخ الجاذبية Osman Musa09-06-09, 05:48 PM
                      Re: تأريخ الجاذبية د.نبراس09-07-09, 04:57 AM
                        Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-07-09, 03:15 PM
                          Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-07-09, 04:08 PM
                            Re: تأريخ الجاذبية mustafa mudathir09-09-09, 00:40 AM
                              Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-09-09, 05:33 PM
                                Re: تأريخ الجاذبية mustafa mudathir09-09-09, 11:11 PM
                                  Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-10-09, 05:51 PM
                                    Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-13-09, 03:48 AM
                                      Re: تأريخ الجاذبية عوض أبوجديرى09-16-09, 04:11 AM
                                        Re: تأريخ الجاذبية Tagelsir Elmelik09-19-09, 04:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de