|
جمهورية الناس العسل
|
جمهورية الناس العسل
تاج السر الملك
أقترن أسم السودان فى عقلى بسوء الحظ و بؤس الطالع , لا لسبب يتعلق بالناس و الأرض , و لكن لسبب يكمن فى الأسم , و قد تأكدت لى حتمية الغاء هذا الأسم او بيعه فى (Ebay),ان دعا الحال , و طرح الأستفتاء حول اسم جديد , أو على اسوأ الفروض , نفض الغبار عن أسمه القديم ( كوش) أو ( تانهسو ) .
و قد ظللت لسنوات عديدة مثلى و مثل غيرى , مرتبط بعاطفة كليلة أو قل عمياء , بهذا الأسم , حتى انتشلتنى حقيقة أن الوان الطيف غير مقنعة فى تأكيد هوية البشر , و لا تستأهل بالضرورة عزف السلام الجمهورى لأجلها , فالناس فى هذا الدنيا يضحون فى سبيل المبادىء و القيم والمعتقدات اكثر جدوى من استشهادهم فى الذود عن شرف اللون!!!و بشهادة اسم دولتنا فنحن اناس سود و كفى!! و بالبحث فى دلالة الأسود ( كلون) , لم أعثر فى كل تاريخه على أكثر من تعريفه بالظل ( ليس لون حتى) , يبرز الى الوجود , حال غياب الضوء , و أنحسار الرؤية..فتأمل !! و حتى لو أعتمدنا اللون كمرجع صالح لتأصيل البشر, فأننا لم نسمع فى تاريخ شعوب الأرض و قوائم عضوية الأمم المتحدة , بدولة الصفران أو الحمران أو البنفسجان؟؟؟
و تسمية السودان بالسودان , أمر به شبهة و بعض من رائحة مكيدة , و قد أعيانى البحث عمن أطلق هذا الأسم على بلادنا , بجانب (الف ليلة وليلة) وأشاراتها المبهمة الى( بلاد العبيد و السودان), والتى لا تزال تطبع بمطابع مدبولى بمصر الشقيقة , وودت أن أعرف أسم ( الشليق ) الذى بادر بأختيارهذا الأسم , زاعما ان هذا الأسم ( عاجبنا) , دون مشورة او استخارة كما يحدث دائما فى النموذج الديموقراطى الكوشى , و تمنيت لو علمت ببقية الأسماء التى طرحت للمفاضلة فى تلك الليلة التعيسة , ثم لماذا التغيير من كوش و تانهسو ؟؟ فكليهما اسم (كشفة) , على الأقل فأن الأخ المصرى لم يكن ليجرؤ على تذكيرى بأن ( اسم بلدكو وحش) , وبرغم كل مخاطر التبرير فأننى لم أجد مسوغا واحدا لأختيار أسم السودان الحالى , الا اذا كان الغرض وراء ذلك درء العين و الحسد , وأقصاء الروح الشريرة عن أهلنا الحلوين بطلائهم بالقار و الزفت , و فى هذه الحال فانه كان بالأمكان على الأقل أختيار اسم أخف وطأة و أقل ظلمة ,و أعظم شاعرية و طعامة, مثل ( السمران) , أو ( الخضران) , أو على الأقل ( دولة الناس العسل) , و غير ذلك من الصفات الحلوة الغامقة كالشوكولاتة , و الكاكاو (أغنية جنى الكاكاو شعارا) , و العرديب, و حتى القهوة (جمهورية قهاوة) , الديمقراطية او الشعبية او الأصولية , حسب المد السياسى السائد!!
و قد تجلى لى أخفاقنا الشديد فى تعريف الأشياء بمسميات يسهل هضمها و فك شفرتها بوضوح أشد حينما أستهلت المذيعة المصرية لقاءها بفناننا الشعبى الفحل بسؤال ( ازاى تئبل حد يئولك ابن السافل؟؟)
و قد ازدهرت علاقتنا غير الموفقة مع الأسماء و التسمى , بعد الأسم ( الصبغة ) لبلادنا ,و شملت المناحى و المناطق والقرى و الحضر, ووصل الأمر ترك بعض المدن دون أسم حتى, والأكتفاء بالأشارة اليها بما هى عليه من حال , مثل ( بورسودان) !! ( أها و بعدين ميناء السودان شنوتانى؟؟)., و ذلك أخف ضررا مما حدث للبقية , أسماء ما أنزل الله بها من سلطان , لا معنى لها و لا مزية , برغم الأجتهادات الباسلة فى أستخراج معان و ذكر مناسبات و مفارقات , و حجج و شروحات لهذه المسميات, فأن شرحا مقنعا واحدا لم يقترب من حدود حقيقة معنى ( الغدمبلية )/ كركوج/ الفششويا/ قبوجة / كراع حمار / الكلاكلة!!/ فطيس/ الحصاحيصا / كادوقلى/ بيكة / أم دغينة / مقرات / العيكورة / كردقيل / مارنجان / برتبيل / الشكينيبة / الكوة / أم برمبيطة / كاب الجداد / برى / شمبات / الدروشاب وحتى الدريشاب / توتى / سخخينة / الصبابى / حلة زنقو / و حتى كسلا و سعد قشرة !! و بعض أسماء أجبرنا الحياء عن ايرادها, تلكم التى تومىء الى مناطق حساسة فى جسد الأنسان. .أما الأغرب من كل ذلك فأننا قبلنا الأشياء على علاتها , بفضل الألفة السماعية المتصلة بالود و الحب لهذه الأمكنة , و الولاء لها , دون أن نفكر فى الثورة على أسماءها بتجديدها و رونقتها و اضفاء الدلالة و المعنى عليها . كأن نغير أسم الجزيرة ( مقرات) الى جزيرة الكنز مثلا. و قد تدهورت أمكانات التسمية الأبداعية , لدينا حتى تخثر ذوق الفنانين , فتسما واحدهم بالترباس و ما شعر بذنب و لا تقريع ضمير , و تسمى البقية بالمناطق و فضول الجغرافيا , فأستقام بذلك جواز أستخدام اسم فيصل على سبيل المثال لكل من يوده بأضافة ( الزون)..صحافة..كمبو ستة الخ الخ , حتى أدركنا صباح أصر فيه ( حمادة ) أن ينادونه (بالبت)!!
تاج السر الملك
(عدل بواسطة Tagelsir Elmelik on 02-05-2007, 04:18 PM)
|
|
|
|
|
|