أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 11:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حسين يوسف احمد(حسين يوسف احمد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-21-2006, 06:58 AM

حسين يوسف احمد
<aحسين يوسف احمد
تاريخ التسجيل: 08-17-2005
مجموع المشاركات: 4490

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان (Re: حسين يوسف احمد)


    رؤيــة نقديــة وإستنتاجات
    حول أزمة الجبهة الاسلامية...

    إن اخطر مظاهر الانهيار العقائدي لمحرري هذا الكتاب هو انهيار منظومة المطلقات القيمية التي كان يتغلف بها التيار الاسلامي السياسي في السودان زمناً طويلاً .
    فالخطاب السياسي لهذا الكتاب ( الاسود ) يخضع الحقائق الى قيم نسبية لا تقف عند حدود الثوابت الوطنية ، وانما تنحدر الى مستوى جاهلي غارق في التخلف والبدائية ومفارق الى حد التناقض مع قيم الاسلام المطلقة برغم تمسح محرريه مسوح الوعاظ ولباسهم ثياب العرافين ليقدموا لنا شروط الفهم الصحيح لحل مشكلات البلاد بعد عشر سنوات من تجربة الاسلام السياسي الفاشلة في الحكم .
    ورغم الجنوح الواضح نحو اللاموضوعية والتطرف والافتئات على الحقيقة وخط الاوراق ..
    عن قصد أو غير قصد ، يقدم محرري هذا الكتاب الاسود انفسهم كطلاب " حق وعدل " متناسين ان قيم الحق والعدل هي قيم مطلقة وهي تقع خارج كل تصنيف فهي فوق الملل والنحل والاجناس والعشائر والقبائل ، وفوق الاعراف والمذاهب .
    لذلك قال القائد المؤسس ميشيل عفلق :
    (( الحق فوق العروبة الى أن يتحقق اتحاد العروبة بالحق )) مؤكداً الطابع الانساني الرفيع للعروبة الحديثة ورسالتها الانسانية الخالدة .
    وهذا هو المعنى الذي عناه الرسول (ص) عندما عدّل مضمون الشعار الجاهلي " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً " حينما سئل (ص) : (( كيف ننصره ظالماً يا رسول الله ؟ قال ان ترده عن الظلم )) ، أي ان ترده الى طريق الحق .
    لذلك فان الفرق بين دعاة الحق والباطل هائل .
    لقد حاول محرري هذا الكتاب ان يعتقلوا قوة عقل القارئ الاصيلة لكي لا يدرك مهازل حكم الجبهة الاسلامية في السودان ، فيجب ان نلغي عقولنا لنصدق ان كل ما يروى لنا في هذا الكتاب ليس من مسؤولية الترابي وجبهته الاسلامية .
    إن الذكاء كما يقال هو ان تعرف وجه الشبه في الاشياء التي تختلف ووجه الخلاف في الاشياء التي تتشابه ، لذلك فان أي قارئ سليم العقل لا يمكن ان تنطلي عليه المغالطات والاكاذيب التي وردت فيه حتى لو " وافق شن طبقة " ..
    فالمنطق الدعائي القائم على تكتيك " خلط الاوراق " واثارة " عاطفة الكراهية " أي ما يسمى في ادبيات الدعاية الغربية " شيطنة الخصم " هو المنهج المعتمد في خطابهم الغوغائي .
    فمحرري هذا السفر " الأسود " يحاولون اخراج اهلنا الكادحين الذين اكتوا بنيران حكمهم الاسود على مدى عقد كامل من الزمن ، اخراجهم بالغضب عن الحق وادخالهم بالرضى في الباطل .
    ولكن عندما تغيب النزاهة لا تعوضها كل حزلقات اللسان ! .
    إن هذه المجموعة التي اعترف الترابي بتبعيتها له ، بل دافع عن صنيعها ، تستخدم اسلوب " رمتني بدائها وانسلت " أو " داوني بالتي كانت هي الداء " عندما تنهى عن خلق وتأتي بمثله ، فيصبح الحق في عرفها نسبي جاهلي زميم لتقول لنا نعم فلان سارق لكنه يحب عشيرته او يؤيد شيخه الترابي .
    فكيف يصدق عاقل مزاعم هذا الكتاب الذي يساوي بالمنطق الجهوي بين فساد علي الحاج وادريس السنوسي ، من قيادات الجبهة الاسلامية مع ضحيتهم ادريس يحيى بولاد ، ويساوي هؤلاء جميعهم مع دريج وحتى منصور خالد مع أمين بناني الذي انحاز مع البشير وعلي عثمان " لأن الصلاة مع علي أثوب واللقمة مع معاوية أدسم " ، يضع هؤلاء جميعهم في جبهة مقابل فساد عمر البشير وعلي عثمان وصلاح ادريس وجار النبي واللواء الحسيني ..
    ومادام المنطق جهوي ومعيار الحق هو هذا المعيار يضاف اليهم الميرغني والصادق المهدي ونميري وحتى ربما احد ضحاياهم من الشمال !! .
    فالكتاب الاسود يعترف صراحة بفساد علي الحاج والحسيني في فضيحة طريق الانقاذ الغربي لكنه لا يتورع عن الدفاع عن فساد جهوي ضد فساد جهوي آخر ..
    هكذا انحدر الاسلام السياسي في منطق النسبية حتى في الفساد ؟!
    والمواطن المسكين بدلاً من أن يدين المفسدين جميعهم يطالب بالانحياز لفساد ضد فساد آخر ؟! .
    ودون الخوض في مجاراة المنطق الرقيع والانحطاطي لجناح الترابي المنشق بل والمطرود من سلطة الجبهة الاسلامية والذي يحاول ابتزاز جماهير شعبنا الكادحة في القطاع التقليدي والتلاعب بقضية الصراع السياسي والاجتماعي في السودان بمنهج مغلوط ومنهج تفتيتي مثير للفتن ومهدد للوحدة الوطنية ، والشئ الذي يلتقي بالنتيجة ان لم يكن بالنوايا مع المخطط الاستعماري الصهيوني الغربي الذي يستهدف وحدة البلاد الوطنية وهويتها الحضارية العربية الاسلامية الواحدة .
    والشئ الذي يجري تنفيذه في القارة الافريقية كلها خاصة في منطقة البحيرات والقرن الافريقي وهو ذات المنهج الذي يستمر فيه الجناح الحاكم والذي يقوده الثقل الاساس لتنظيم الجبهة الاسلامية رغم طرده لشيخه من السلطة بضغوط امريكية واقليمية بهدف تجميل النظام وتأهيله للاندماج فيما يسمى بالنظام الدولي الجديد وتوسيع قاعدته عن طريق صفقة المصالحة المطروحـة ليضـم قـوى لا تختلف عنه من حيث البرنامج ، وهي القوى التقليدية ذاتها الممثلة في زعامتي الصادق والميرغني .
    والشئ الذي يهمنا في هذا الصدد ليس تحليل ابعاد الازمة الشاملة التي يمثل النظام بجناحيه جزءاً لا يتجزأ منها وانما مغزى انهيار تجربة الاسلام السياسي العقائدي في السودان ..
    والاجابة على السؤال هل تمثل ازمة انقسام هذا التنظيم وخروج مؤسسيه ومنظريه من السلطة عملية تجديد وتجاوز لهذه الازمة ام هي عملية سقوط نهائي لتجربة الدولة الدينية والظاهرة السياسية الدينية في السودان ؟ .
    للاجابة على هذا السؤال نذكر الحقائق التالية :

    * إن التكوين الاساسي لتنظيم الجبهة الاسلامية منذ تأسيسه قد تركز في القطاع الحديث ، واقتصر على قطاع الطلاب الى عهد قريب ، وعندما توسع خارج هذا القطاع ، تركز في نطاق النشاط البرجوازي الطفيلي مع ظهور الدعم السعودي الخليجي ممثلاً في البنوك الاسلامية .
    إذن هو تنظيم راسمالي طفيلي أخذ الطابع الحديث بحكم تكوينه التاريخي .
    لذلك فهو ضعيف تنظيمياً في مناطق القطاع التقليدي ، وحتى العناصر التي انحازت للترابي وادعت الانتماء للغرب او الشرق ليس لها علاقة حقيقية بهذه المناطق وانما هم من مواليد العاصمة او من سكان المدن الكبيرة في القطاع الحديث .( يس عمر الامام ، علي الحاج .. الخ ) ..
    والتفسير الوحيد للطابع الجهوي والقبلي الهستيري الذي ظهر في الكتاب الاسود ، هو محاولة الترابي ومجموعته الاحتماء بقبائل الغرب بالتباكي عليها ، خوفاً من ضربة كانت محتملة من جناح علي عثمان والبشير وهو ايضاً جناح طفيلي ينتمي للقطاع الحديث ، لذلك فــان الجبهـــة الاسلامــــية بجناحيها هي آخر من يحق له الحديث عن التنمية وتوزيع الثــــــروة .
    * إن الاقليم الشمالي يعد من المناطق التقليدية الفقيرة وهو منطقة طاردة وما فيه من اراضي تهيمن عليه طبقة الاقطاع الطائفي ، وهو تاريخياً طريق عبور الهجرات العربية من مصر بما فيها القبائل التي استقرت في مختلف اقاليم السودان الاخرى ..
    حاول الكتاب تصويره وكأنه قطاع حديث يحفل بالمصانع والجامعات والمشاريع ، بل ويوهم القارئ وكأن هناك تنمية انجزها نظام الجبهة الاسلامية في هذا الاقليم ، ويظهر الطابع الجهوي بل والعنصري البغيض في الكتاب الاسود عندما يحاول ان يظهر بمظهر الدقة والعلمية حين يحسب جميع الساكنين في القطاع الحديث تقريباً وينسبهم الى هذا الاقليم بما فيهم الحكام والوزراء ..
    بسبب انحدار جذور بعض رموز تنظيمهم المنشق من الطفيليين الى هذا الاقليم ( علي عثمان ، البشير .. الخ ) رغم ان بعضهم ولدوا وعاشو منذ مئات السنين في اقاليم اخرى في القطاع الحديث .
    ولأن المنطق القبلي والعنصري هو الذي اعتمد عليه الكتاب فانه يخلط بين الجماهير الكادحة في هذا الاقليم وبعض الطفيليين والبرجوازيين منه او حتى المنتمين له .. والغريب في منطق الكتاب انه يحاول قسراً صب لعناته للجغرافيا ومن ورائها التاريخ الذي يعني حضارات كوشي ونبته ومروي والممالك المسيحية والعربية الاسلامية التي شهدتها هذه المناطق بحكم عوامل الجغرافيا الطبيعية ، ليجرد ابناء الاقاليم الاخرى من انتسابهم بل اعتزازهم بكل ما هو مضئ في تاريخهم الوطني الذي لم يكن تاريخ قبيلة بعينها وانما هو مزيج فريد من هجرات وجماعات متنوعة المشارب ومتمازجة الاعراف والثقافات .
    بما فيها ممالك سنار والفور والبجا وتقلي والمسبعات واربجي وغيرها .
    إن هذا المنطق القبلي والجهوي يحاول تجريد الوطن من نسيجه التاريخي والثقافي والديني المتفاعل لذلك فان التدقيق في هذه الجداول يكشف حجم التزوير والتلفيق والمنطق العنصري الاستئصالي المريب ..
    ويبدو الجهل واضحاً في محرري الكتاب وكأنهم لم يسمعوا بكتاب طبقات ود ضيف الله ، أو كتاب تشحيذ الازهان بسيرة بلاد العرب والسودان ، أو تاريخ مدينة امدرمان أو الخرطوم ؟ أو كيف تكون ما يسمى بالقطاع الحديث ؟
    هكذا سقط جناح الترابي في هذا الدرك السحيق ، وتناقض مع ابسط مبادئ الاسلام .
    * إن النزوع نحو تركيز السلطة او الدور القيادي في جهة معينة او قبيلة معينة لم يكن بدعة حتى في تاريخ الاسلام ، رغم رفضه للنزعة القبلية او العنصرية او العصبية الجاهلية فالكثير من الفقهاء والمجتهدين اشترطوا في الامام أو الخليفة بان يكون من قريش او من آل البيت ولكن بشروط الاسلام ..
    ولما جنحت الخلافة في عهد الراشد عثمان بن عفان عن هذه الشروط ادى ذلك الى ثورة المسلمين عليه مما اودى بخلافته ..
    فبدلاً من ان يكون محرري الكتاب الاسود مثل ابي ذر الغفاري الذي لم يقابل الباطل بالباطل وانما تمسك بجوهر الدين وكان يذكر بالقرآن الكريم ولم يلجأ الى عشائرية
    لهذا فان مسألة السلطة وقيادتها لا يمكن تصورها في أي نظام ديني أو مدني بمنطق قبلي أو منطق توزيع الحصص ، وانما بمنطق العدل اذا كانت تقوم على عقيدة صحيحة ..
    لذلك فإن مشكلة السلطة في السودان لا يمكن تصور حلها بهذا المنطق المتخلف ، وانما بمنطق البرنامج والسياسة التي يعتمدها الحاكم بصرف النظر عن الاقليم الذي ينحدر منه او العائلة او القرية التي ينتمي اليها ، لانه لا يمكن تصور حاكم مقطوع الجذور عن أي عائلة او قرية او اقليم ..
    وإنما السؤال هو على أي مبادئ يحكم واي برنامج وسياسة ينتهج وأي مصالح طبقية يمثل ، فمثلاً عندما استلم القائد المجاهد صدام حسين كامل القيادة في مؤسسات الثورة في العراق .. بدأ الاعلام الصهيوني والغربي يردد عبارة " صدام حسين التكريتي " فرد عليهم بكامل مبادئه الوطنية والقومية ( أنا ابن البصرة والسليمانية وابن الانبار وميسان وابن بردة والنيل .. الخ )
    لكل ذلك فان السلطة في السودان ليست موضوع مساومة واقتسام عل حصص قبلية جهوية ، وانما هي اما سلطة وقيادة وطنية او عميلة ورجعية كسلطة الترابي .
    إن فشل وسقوط نموذج الجبهة الاسلامية في الحكم الى هذا الدرك الجاهلي هو سقوط لنظرية الدولة الدينية التي حاول الترابي تأسيسها ، وهي سلطة بشرية دنيوية اجتهادية حاول ان يغلف طبيعتها الدنيوية بالغلاف الديني ليتهم كل من يختلف معه في سياستها بالكفر والخروج على الاسلام ..
    وعندما طردته هذه الدولة من مؤسساتها اتهمها بالردة والكفر وهي لم تغير حرفاً واحداً من دستورها وما تسميه ثوابتها ..
    هكذا انتهت الدولة المزعومة بنهاية فيلسوفها حسن الترابي ليرتد بتنظيراته وبدجله الى هذا المآل السحيق الذي تقيأه الكتاب الاسود رغم محاولة محرريه التمشدق بعبارات الشورى والاستخلاف ، وحكم الاسلام .. الخ .
    إن مسألة اعادة توزيع الثروة وتحقيق التوازن في التنمية والعدالة الاجتماعية وانقاذ اهلنا الكادحين في القطاع التقليدي لا يمكن تحقيقه بطريق التطور الرأسمالي واقتصاد السوق الذي عده الترابي من الثوابت في دستور دولته ( الدينية ) المنهارة .
    وإنما يتحقق ذلك عن طريق الاشتراكية وتحرير المجتمع من هيمنة الطبقة الرأسمالية والطفيلية وشبه الاقطاع الطائفي والقبلي .
    بما في ذلك المفسدين وسارقي قوت الشعب من جماعة الترابي في جناح السلطة او المطرودين منها ..
    لهذا فان الصراع السياسي والاجتماعي ليس بين قبائل واقاليم وانما هو بين الجماهير الشعبية الكادحة في الريف والمدينة وطلائعها الثورية ضد هذه الطبقة الرجعية الكسيحة الجاسمة على صدر الشعب ..
    هذه هي وجهة الصراع الحقيقية ، لذلك لن تنطلي على جماهير شعبنا الكادحة والمسحوقة أكاذيب الكتاب الاسود ومحاولاته تزوير هذا الصراع وحرفه عن وجهته الحقيقية .
    والقضية الاساسية ليست مجرد توزيع غنائم وثروة هي غير متحققة وانما خلق التنمية والثروة من خلال التغيير الجذري والشامل على طريق التطور اللا رأسمالي .
    فالكتاب الاسود يتحدث عن تنمية موهومة في اقاليم على حساب اخرى ويتحدث عن عائدات النفط متجاهلاً انه مملوك لشركات واحتكارات محلية واجنبية ...
    ولكي لا يكشف محرري الكتاب عن هذه الحقيقة ركزوا على شركة ( كونكورد ) وجار النبي دون الحديث عن شركة تاليسيمان وغيرها من الشركات الاجنبية التي تنهب موارد البلاد تحت شعار الخصخصة وتحرير السوق والعولمة .. الخ .
    إن نموذج النظام الفدرالي الذي طرحته الجبهة الاسلامية في ميثاقها عام 1987 وطبقته بعد انقلابها عام 1989 ساهم في تعزيز النزعة الجهوية والقبلية التي عبر عنها هذا الكتاب .
    حيث افضى تطبيق الفدرالية الى خلق جيش جرار من الموظفين والنواب والوزراء وما يشكله ذلك من ارهاق للميزانية العامة من صرف ورواتب وعربات مع غياب أي تنمية ذاتية للولايات وفشل الحكومات الولائية في توفير أبسط الخدمات للمواطنين في ولاياتهم رغم تضخم الجهاز الاداري ( 26 ولاية ، عشرات المحافظات ومئات المحليات والمجالس .. الخ ) .
    وهذا ما عكسته التظاهرات العنيفة في القطاع التقليدي في أواخر سبتمبر / ايلول 2000 الماضي ..
    وهذا ما دعى بعض رموز النظام الى الدعوة الى العودة الى النظام الاقليمي السابق ( 9 أقاليم ، 26 محافظة ، و80 محلية ) .
    إلا ان محرري الكتاب الاسود يتمسكون بهذا النظام الفدرالي الشائه دون تقديم معالجات جدية لمشكلة نظام الحكم وعلاقة المركز بالاقاليم رغم خطورة هذه القضية .
    والسؤال الاخير الذي يطرح نفسه هل تجاوز الاسلام السياسي الحاكم أزمته ؟؟
    الاجابة البسيطة التي يمكن استنتاجها من مراقبة تداعيات هذه الازمة هي ان استجابة الجناح الحاكم من الجبهة الاسلامية الذي يقوده البشير وعلي عثمان واستسلامه لشروط النظامين الدولي والاقليمي بقيادة امريكا ، وذلك بابعاد الترابي عن واجهة الحكم .. يبدو انها تسعى الى تأهيل النظام للانسجام الشكلي مع مقتضيات هذا النظام مع تكريس بقاء النظام في السلطة أي التمسك بقاعدة النظام وثوابته مع العمل على توسيعه فقط ليشمل قوى أخرى لا تختلف عنه في البرنامج والمصالح والارتباطات ( الصادق والميرغني ) لهذا فان القرارات التي اصدرها البشير بابعاد الترابي لا تعني ان تحولاً جوهرياً قد حدث في السودان .
    كما ان الضجة التي اثارها جناح الترابي ومزايداته على الجناح الحاكم لا تدور حول مبادئ وانما هي مجرد صراع حول السلطة ..
    لهذا فان أزمة الاسلام السياسي بجناحيه لازالت قائمة رغم انهيار هذا النموذج في الحكم بالمعايير التاريخية والسياسية لان جناح الترابي قد أثبت انه غير مبدئ ، ولم يقدم جديداً يختلف عن جناحه الحاكم في السلطة هذا اضافة الى تداخل الخنادق بين الجناحين بشكل مريب ومسرحي أشبه بمسرحية الانقلاب نفسه وما صحبه من أكاذيب مفضوحة ..
    وتتجلى هذه الازدواجية في المواقف التالية :
    1- جناح التنظيم الاسلامي السياسي الذي كونه الترابي بعد الانقسام باسم المؤتمر الوطني الشعبي قدم طلباً لمسجل الاحزاب وحصل على الموافقة بالعمل السياسي رغم وصف الترابي للنظام بالعمالة لامريكا واتهامه بالردة..
    وعندما سئل الدكتور علي الحاج نائب الترابي في هذا التنظيم الجديد عن الفرق بين تنظيمهم والجناح الحاكم ، قال :
    (( في الحقيقة ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحزب المؤتمر الوطني الشعبي ( جناح الترابي ) هما حزب واحد جزء منه شعبي والاخر حكومي .
    فحزب البشير يعتمد على الحكومة ، وحزبنا يعتمد على القواعد الشعبية من حيث التمويل والمواقع ، والحكومات دائماً الى زوال ، هكذا تقول حقائق الاشياء ، ويكون البقاء للارادة الشعبية لانها تمثل ضمير ووجدان الامم والشعوب في كل بقاع الدنيا ))..
    واضاف :
    (( لم يكن هناك اجماع بين الاسلاميين حول مسألة قيام الانقاذ نفسها حيث كان هناك ما بين 3 الى 4 أشخاص يرفضون قيام انقلاب الانقاذ – في عام 1989 – وهم الان داخل حكومة البشيـر ولا اريد ذكر اسمائهم )) (1).
    2-في انتخابات اتحاد طلاب جامعـة النيليـن ( القاهرة الفرع سابقاً ) التي جرت في اغسطس / آب 2000 قرر المؤتمر الوطني الشعبي ( جناح الترابي ) التحالف مع المؤتمر الوطني الحاكم ( جناح البشير وعلي عثمان ) وهذا يعني فعلاً ان جناح الترابي لا يختلف عن الجناح الحاكم رغم اتهام الترابي له بالسعي الى فصل الدين عن الدولة ، والعمالة لامريكا ، والردة والفساد .. الخ .
    وهذا يعني ايضاً ان جناح الترابي يفصل بين الدين والسياسة ، وعندما تكون المصلحة في الميل للسياسة يضحي بالدين ..
    وقد علق الرفيق عبدالله رزق في عموده " جراب الرأي " على هذا الموقف بالقول :
    (( ان المؤتمر الوطني الشعبي المشحون دائماً بمعاناة فطام السلطة لن يبقى في أكثر أحواله بعيداً عنها غير مجرد ( لوبي انقاذي ) مشدود بحبل سري الى حيث السلطة والجاه )) (2) .

    إنتهـت الدراسـة ..

    أكتـوبـر 2000
                  

العنوان الكاتب Date
أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-20-06, 03:06 PM
  Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-20-06, 03:15 PM
    Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-20-06, 03:22 PM
      Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-20-06, 03:35 PM
        Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-20-06, 03:46 PM
          Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-21-06, 06:09 AM
            Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-21-06, 06:26 AM
              Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-21-06, 06:58 AM
  Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان مجاهد عبدالله11-21-06, 07:30 AM
    Re: أزمـة الاسـلام السـياسـي فـي السـودان حسين يوسف احمد11-21-06, 08:16 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de