أبّكر آدم إسماعيل ....

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 10:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.أبكر آدم إسماعيل(أبكر آدم إسماعيل)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-18-2005, 10:59 PM

الصادق اسماعيل
<aالصادق اسماعيل
تاريخ التسجيل: 01-14-2005
مجموع المشاركات: 8620

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أبّكر آدم إسماعيل .... (Re: عشة بت فاطنة)

    هنا مجموعة القصائد الاخري الموجودة في صوت الوتر السادس



    1

    إلى كل أصدقائي وصديقاتي
    الذين كانوا لي بيوتاً في أيام الشتات..
    وإلى "سلمى"، ذلك النهار الصبي، الذي كان يسألنا:
    لماذا لا ندع الناس يختارون ملابسهم وأديانهم؟
    ليوقظ في دمي حمى الشعر بعد سباتٍ طويل.












    صوت الوتر السادس

    قمرٌ لبابٍ واحدٍ
    ومهاجرٍ بالعشقِ، منقطعٍ لدربٍ قاصدٍ،
    القلبُ زكَّته الخيولُ لعرسها يوم الرحيلِ فكان ميلادُ المطر،
    هكذا…
    سحبٌ، دخان،
    برقٌ، رذاذ،
    وزفير ماعزتي وراء "التُّكْل"
    النار والأبنوس، مدفأتي ..
    وعصيدة الدخن العتيقة "والكَوَلْ"
    بكاء أخي الصغير،
    فنِلّتي الشوهاء،
    سروالي الممزق من مطاردة السحالي والورل.
    وزجاجة السمن المخبأ في السياج، ولم يزل؛
    في صدر أمي أمنياتٌ أن تسوّي قطعة الجاتوه من دخن العصيدة والحليب
    وأنا أحددُ طاقة الإمكان في كتب الدراسة والحديث،
    ومزاعم الحلوى،
    وهوهوة الضرائب
    والعشى الليلي، ونقص الفايتمين.
    سألتُ أمي:
    كم توازي قطعة الجاتوه من دخن العصيدة؟
    لم تجبني… ساعةً،
    ففتحتُ عيني موقظاً في الجهر زندقة التوقع قائلاً:
    "إني أرى شجرا يسير"
    أراه في صدر المدى
    وأرى المدينة في احتراق جحيمها
    وبفوقها عربٌ تدق خيامها بين المطامير، العمارات، الشوارع..
    ليس ثمة من سؤالٍ عن مواقيت الرحيل.
    وأرى التفاصيل العويصة في اشتعال السوق،
    في كيميا التحلل والذبول.
    والنوقُ ترتع، ثم ترجع، ثم تبعر فوق أسفلت الشوارع،
    والنعامة تستغيث،
    وتدفنُ رأسها في شنطة البوليس،
    وأراكِ هاربةً من الدكان يا أماه.
    أرى…
    أرى….
    "يا ولد، أمسك لسانك.. يا مشوطن"
    أو لا أرى..
    وسكتُّ ممتشقاً رؤاي،
    أراقب الملكوت، دوران الكواكب
    والنواميس العظيمة والورى..
    عشرون قصّرتِ الخطى
    والشمس تطلع، ثم تغرب،
    ثم تطلع، ثم تغرب،
    ثم تطلع، ثم تغرب،
    ثم تطلع بعد عام..
    ويفوت عامٌ آخرٌ حتى المساء..
    هناك يكبر في دمي نبض الفصول.

    الخرطوم (1)
    الدرس الأول: التاريخ
    المهديُ نخاسٌ شهير
    "شوله"
    عبد اللطيف: لم يكن في مسرح الوطن الجميل،
    بل كان منهمكاً يخطط لانقلابٍ عسكريٍ..
    كي يعيد إلى أُميّةَ أصلها القرشي والنسب النبيل.
    عبد الفضيل:
    كان نشالاً ولصا موغلا في الاحتراف
    "نقطة، سطر جديد"
    الخليل:
    كان يسكن فيّلا،
    ويبيع أغنيةً تزيف طعم ليمون البلاد،
    ويقاسم السلطان قعدته الخليعة، واحتمالٌ أن يكون مجنداً في الأمن..
    احتمال!!
    ومهيرة:
    بائعة المريسة،
    أول سلطة للغيب تمتهن الغناء المستغيث دعارةً،
    وتمارس التعريص في الليل البهيم،
    ونكون أولاد الحرام!
    طوبى لنا!
    فالله في هذي المدينة ضابطٌ في الجيش،
    وبطانة الشعراء من جنس الطحالب والكلاب
    ولا تثق بالجامعة
    واللافتات اللامعة
    والوزن والشعر المقفى والصدور القانعة
    إرفق بنفسك من غباء اليافعين
    ومن تفاصيل التدحرج للوراء،
    إن الوراء مقسمٌ بين القيامةِ والعدم،
    بين الترقب والذهول..
    والليلُ أوغل حين طال لكي يطول.

    الدرس الثاني: السلطان
    بأي أشكال العبارة انتهينا سيدي،
    تجد انبهارك في الخضوع..
    لك القيام
    لك الجلوس
    لك التهجد والصيام.
    لك الفطور
    لك الغداء .. لك العشاءُ وما تبقَّى من فتات
    وكل ما فينا من التبجيل..
    ما يوازي خوفنا الأبدي منك.
    ترِبَتْ يداك..
    تربت يداك ..
    أنا صبيٌّ؛
    أعشق الكتب الأناقةَ والجلوسَ على الرصيف.
    وتجاوز الوجع المعلب في الجرائدِ، كلهم مثلي:
    يحبون التغاضي عن إجابات التساؤل في عيون الشارع المسكون بالحمى ورائحة العرق.
    تربت يداك بجهلهن، بجهلنا، بطفيلة هيفاء تنضح بالندى
    بشقائق النعمان ترفل، أو تبدل حليها تبعاً لمرسوم النهار وتنجلي في الليل،
    تربت يداك بزندها والمعصمِ.
    فأرسم لنا
    خطاً رقيقاً، أو صراطاً نحو أفقكَ
    كي نجيئك عابرين دماءنا
    والبحر فليكن الصديد
    والجرحُ أغنيةٌ تُجددُ في فضاء الذاكرة،
    طوبى "لست الشاي"
    طوبى لها والموت لي
    فأموت منقسماً إلى شيئين:
    حنجرتي الصياح، وللولادة في فصول الجنس آلية جديدة.
    ليس لي أدنى احتفاءٌ بالرحيل مع انتظارك، فلتكن..
    في الأفق .. أو عندي..
    ورائي..
    ليس لي وجعٌ لأسألك المضامد والدواء،
    ليس لي قلبٌ ليدخله الشجن
    ليس لي إلا أنا،
    وأنا المسافرُ في غدٍ من برزخٍ
    وإن غداً حتماً لناظره قريب.

    الخرطوم (2)
    كان الصباحُ بهيَّاً كوجه "سلمى"
    في أول ساعةٍ تبصر فيها شمس أفريقيا…
    وأنا..
    حذائي مثقلٌ بالطين والوسخ، الشوارع والهروب..
    لغتي حوار بالبنادق في زوايا العهر في زمنٍ عجيب..
    في تقاسيمي سرابٌ دخليٌ.. مُضغةٌ من انبهارٍ رابضٍ خلف الجدار
    وغارقٍ في شبر ماء..
    وأكون طاحون الهواء،
    ومهبطاً للحابلين، النابلين،
    مركّباً من خصلتين تدلتا فوق الجبين،
    مرارة الرقص المداري المحاصر بالتصحر،
    واستراتيجيا الصراع.
    وأدور في فلك الجهات الأربع.
    احتاجُني وطناً جديداً أو إلهاً عادلاً
    بين الرصيف وبين هاتيك السماء ـ
    أو سمِّها ذات البروج.
    وأريد وجهاً أخراً
    لحبيبةٍ تجتاز بي
    نهر الضبابات الصبابات المتاخم للخروج..
    أكونها بالحب أول خارجٍ من حبل مشنقةِ العصور الغاربة.
    لأدوزن الوجع المخبأ في غضون الأزمنة؛ لوناً لعشقٍ غامقٍ..
    متشردٍ في ليل أوعية القرون..
    أو لا أكون ..
    وهكذا .. للشمس في عليائها سفر الدعاء
    وضراعة الشجرِ الحزين إلى النبي..
    أنا وطيفكَ في ديالكتيك عشقٍ صامتٍ،
    ودمي توزع في النهارات الصبية ثم ضاع..
    ثم ضاعَ على ملايين الفراسخ من ترانيم الجياع.
    وعلى العبارات المسماةُ انتقاءً بالحدائق، والهوى، والمهرجان..
    بيني وبينكَ ريحُ أفقٍ محتوى..
    بيني وبينك ألفُ بحرٍ قاصدٍ.. صخبٌ.. قصيدُ... وألف امرأةٍ نشيد.
    يا أيها الوطن المحاصر بالعبارات التوابل والوعيد.
    من أين يبتدئ انتماؤك للجذور؟
    أم ليس للجذر انتماءٌ للتشكل في امتداد الحيز في البصر الحسير؟
    إذ كلما صعدت إلى عينيك أغنيةٌ لها معناك ـ
    أسقطك انتماءٌ في وعاء البرجواز..
    وكل ما أوجزت ترتيب الحكايات القديمة في المسافة؛
    احتواك الريح، أو ألقى حذاءك في عميق الارتواز..
    فإلى متى …
    ستظل رابعة الأثافي موقعاً حتماً لمنطقِ سيركَ الأزلي؟
    وإلى متى…
    سيظل صبرك واحتمالك مستبداً بالهوى خلف الشبابيك العصية؟ فليكن..
    بيني بينك ما تبقى من مدادٍ في دمي،
    وسموم زندقة العصافير التي ..
    شرِبَتْكَ في زمن الغناء..
    أرتاحُ فيك على الفصول القادمة،
    وأفوتُ عندك كل يومٍ..
    مثقلاً بالهم والحمى..
    أراقب طلعة الشمس البهية،
    أو أمارسك انسجاماً ـ حرفة التنجيم في طرف الشوارع ـ كي أوزّع من ألاقي ـ خلقك المشحون بالسحنات ـ في كل المنافي، كي أنام.
    وأنامُ في صفٍ طويل…
    متوسداً نعلي أكونك يا رماد الحب ملتحفاً ترابك حاضناً تلك السماء،
    وفاتحاً بابي كبيراً للرياح القادمة.
    متوسماً فيك الشفاعة الضراعة
    والمواجيد العظيمة والقِرَى..
    وأشيل سرك راحلاً بين الغيوم،
    يا أيها الوطن المحاصر بالهموم…
    للشمس في عليائها سفرُ الدعاء،
    وضراعة الشجر الحزين إلى النبي
    أنا وطيفك في ديالكتيك عشقٍ صامتٍ
    ولوجه سلمى والنهارات الصبية ما سيأتي من غناء
    شكراً لكم يا سيدي..
    وغداً نعود.


    أغسطس 1992م



    الرصيف
    (الحبُّ يبدؤكم صلاةً في نشيد)
    زمهريك في جليدٍ  من صقيع في وريدٍ  لرصيفٍ مستغيثٍ  من سقامٍ ورغيفٍ  بين حمى ونزيفٍ في صباحٍ ذات عيد ويدمدمُ ظلُ ربكَ في المدينة أيسويني سخينا؟  أم دثاراً؟ أم بلاطاً ناعما؟  ماذا إذاً؟ خمراً؟ فإنكَ شاربُ!  جمراً؟.. فإني قابضُ!  ويحاً!! .. فإنك ساقطُ  وأنا باسم الرب منسحقاً تماماً في الرصيف إن الرصيفَ هو المرايا والصدى كلا إذا انطلقت عيونك في المدى  طهِّر جنابك واستتر  إربط إزارك ثم هدد واشتهر  ضع احتمالك ضدنا  وعلى بساط المنقلب  نمنم وعدد في خصالك ثم دَبْ  دب في الأرضِ منتعلاً لشعب  سمِّ نفسك بعد ذلك لجنةً أو فانبثق  أو سمِّ نفسك ازدهاراً في التجارة وانزلق  في قمح ربك احتفالاً  بالحكومةِ بيعةً  فالقمح سيدنا جميعاً..فوقنا كلا إذا المطر الحصار  وتحتنا الصيف الدمار  فهل في ذلك مبتهجٌ لديكم وانتصار؟ خطر إذن لغتي ونارٌ موقدة  ألم تر كيف قانون المسافةِ واحدا؟ حتى إذا انقلب النهار وجدتمونا ضدكم والبحر يبدؤكم طوافاًأو بظلي اعترافاً  إن ظلي عاشق للشمس لي أو عابد للرب فيكم بالمواقيت الأمينة كان يشبهني كثيرا واختلفنا في تفاصيل المدينة  استلفنا شارعاً في الضوء خضنا  أو توغلنا قليلاً في أزقته، ضحكنا  وغرقنا في التفاؤل واقترحنا  أن نغني ما تراكم في سنين الابتهال كي نسدد ما تبقى من ديون العاشقات الباسقات، فنمنم الوترُ الأنوثةُ لوحةً والبرقُ شال لكنها لغة العساكر في تربصها القديم  وإذا المدينة في ضجيجٍ وانشغال  شهرٌ ونرجع للترانيم العقيمةِ فألُنا لغة الهروب إلى الحريق وضريبةٌ أخرى ستُدفع من حساب القلبِ ـ حارسنا الأخير ـ على مواعين الدقيق كلا إذا انتصب الطريق فسيركبنَّكَ طِبْقُ أصل النازلات  ويسحقنَّك ما تبقى من غرور المنزلات  ومن بكارات النساء، مشاش ليلى العامرية، والدموع خريرهن إلى البحار الصاخبة  سهرٌ وأمك غاضبة  سفرٌ وبيتكَ منتهاك  تمتعنَّكَ بهجةُ اليوم الطوارئ بالتثاؤب والتقهقر نحو ذاتك تستريحك من ضجيج السابلة  الله من تلك الجباه الواجلة، الله من تلك الجباه الواجلة  سببٌ وندخل مترفين بمالنا  سببٌ ونخرج راكضين بحالنا!!  ولنا الرصيف إن الرصيف هو المحصلةالأخيرة للنزيف  وعلى صعيد المرحلة  فالشعر قد يبقى سجيناً في فضاء الذات في "أبهى" فصول المهزلة  أو ساكناً حساً سجيناً في التوازن بين طقسك والعيون الفاتنات القاتلة  عفواً إذن، عفواً حبيبي.. لا عليك أنا وحبك قبلتيك  سقط النشيد على دمي فخرجت في شظفٍ خرافيٍ إليك ليس لي إلا عصاي، وقصعةً من غير زادٍ حاملاً عشقي لوجهك أشتهي طعم المفازات المرابط في حنايا مقلتيك  وهكذا سفر البحار إلى النسيم: حديقة أخرى وفصلٌ اشتعال  وحقيقة العكس المبين: وليمةٌ أخرى لسبر الاحتمال  ورنين منطقة التجاوز مرةً: لغةٌ لكشف الانتقال  ووظيفة الحب الأخيرةِ أن نموت  مات الرصيف  الله يا وجعي ويا ظلي الوريف  الليل طال  الليل أوغل ثم طال  الليل أفنى وجه ربك ذي الجلال  صبر ابن آدم ثم صلى في خشوع  كفر ابن آدم حين نام ممزقاً ما بين مسغبةٍ وجوع  مات ابن آدم واثقاً في حبل مشنقةِ السؤال 
    أغسطس 1992م




    أوصاف عادية للطريق

    مطرٌ ببابكِ واحتمالٌ أن نموتَ بغير زاد.
    المدينةُ أيقظت أطلالها..
    في البدء جهرٌ مفتعلْ.
    وبكِ المدارسُ ـ ما تُلقّنُ من تواطؤَ ـ علقمت صحن اشتهائك،
    زمزماتك بالعصير المُخْتَبَلْ.
    إذ استغيث من اكتمالك ـ ما احتسيناه تواريخاً مزيفةُ المذاق ـ،
    عنكِ بابٌ مدخلٌ صعبٌ
    وبابٌ احتراقْ.
    …قُلْتِي أحسن أدخُلك؟
    ما إنتي مانعاني الدخل!
    برضي أحسن أدخلك؟
    ما إنتي شيدّتي الضباب في رؤيتي وْودرتي همي على ظنونك ألف ميل من التسكع في تفاصيل المدن.
    سِبْتَ في الحِلَّة الحلم
    خبّيتو في شجر "العرد" .. جِيتك..
    أجيك؟ .. كيفِن أجيك؟ ما كل يوم عزة بْتعزز في احتمالا وما بْتجي!
    مسكين قطار الشوق معاي في سكتك..
    يدخل مطار.. يمرُق رصيف .. يصعد طريق.. يكمَل غُنا..
    وأفوت وراك ..
    كايس معاك لون الفرح فيكي ومساكن دهشتك.
    لكني في بحر الحروف،
    من وين أجيب ليك الفرح وأنا مِنِّي كان بِبْدا النزيف؟
    كُوني.. أكون..
    وعلى مشاوير الغناء المستحم بنارنا
    حمى الطواحين احتوتني شارعاً للكهرباء القاطعة.
    فرجعتُ في سيل الرجوعِ مرتَّقاً عكس الفصول الناصعة
    فاقد هياكل دمي مصلوب في فراغ
    غادرني هم الارتحال لي غربتي وزمنك موطد في سراب الفاجعة
    سماني بيْ إسمو القديم "عبد الجحيم"
    ماسك عصاك من نصها وساجد مكرس في محاريب التجلي بغني ليك عشقي الحميم..
    لغةٌ لهم أن يفهموك صراحةً
    "إني أحبكِ عارية"
    سامع كلام الناس عليك
    عارف تناقض ما يقال عنك وسرِّك في وضوح إيقاع خطاك تحت المطر ـ
    مردوم.. كرنق.. صفقة .. ورصاص ـ لاكين رصاصك ما قصاص.
    وستعلمين..
    ستعلمين إذ اندغامك في المساءات النقية مرغمٌ بالاستحالة واحتباس الأسلة:
    سيان أن نبقى بغيرك أو نموت،
    ألا بغيركِ قد تغادرنا البيوت؟
    ما أي مدخل لي سماك مرسوم غلط!
    وبحكمة الشبح المعاكس ضُلُّو مسموم الظلط
    ولعله لغطُ الشوارع قد تنامَ إلى حضيض،
    فإذا احتشادٌ بالتوجُّسِ خيفةً،
    وإذا الصرامةُ باحتشادٍ قد تفيض،
    وإليك نُلحقُ بالقراراتِ احتشاداً في احتشادٍ في احتشاد.
    والنيل شرب خمر البلد،
    وشربتي إني النيل زبد،
    خمَّرتِ في صمتِك كلام
    واتسربت في سحنتك سحب الضلام.
    لو في الهجير دولة عبير
    ما ياكي في الزمن الكفاف ملفوفة في توب الجفاف
    يا دولة.. خمراً.. يعشعش في التوقع بِسْمِنا،
    قرباننا أن نشتهيك
    يا عكس ما نشتاق تأخذنا المآذن والصلاة.. يا عكسما!!.
    هذا أنا..
    والملقيات بذكرهن سبقنني بالخمر طرحاً من غياب.
    ورجمْنني بالنهر ميلاداً لأصعدَ تائباً حتى السمو..
    وأفوت وراك،
    كايس معاك لون الفرح فيكي ومساكن دهشتك.
    لكني في البحر الحروف من وين أجيب ليكي الفرح، وأنا مني كان ببدا النزيف؟
    ما حتى لمَّن بسمتِك تفتح مصباتي اللفيك،
    بغرق بفيض، تشرق حبال صوتي وغناك يطلع بكا..
    ما بقدرِك … ما بقدرِك.
    فرحِك:
    مخبأ في صدور أهلي العبيد الغرقو في بحر الزمان،
    فرحِك:
    محاصر في ضلام الحلة في حلم البنات الما قَرَنْ،
    فرحِك:
    بنفسج في قلوباً في الخلا
    نبض السنين فيها انكتم
    وِكتين عِرَتْ في إنتظار توب البنفسج للمروق..
    أهو ده الطريق…





    سبتمبر 1992م






    وصفة من زمن "الجوالي"

    إضاءة:
    زمن الجوالي ـ حسب رواية الحبوبات ـ هو أيام إحدى المجاعة، حين اضطر الناس بسبب الجوع أن يتركوا ديارهم وبيوتهم وخرجوا في رحلة البحث عن الغذاء، فكانوا إذا وجدوا في طريقهم بعض الحبوب، قسموها إلى قسمين:
    نصف يطبخونه ويأكلونه ليواصلوا رحلتهم، والنصف الآخر يشتتونه في الغابة على أمل أنه إن عاد المطر تنبت هذه الحبوب، وتصبح لهم "تيراباً" عند عودتهم. وهذه هي الوصفة:
    حبة للأرض الليبست
    وحبّة للبطن البتوقد
    وشدي حيلك يا القطاطي
    ويا بيوت الطين أقيفي
    واقفة وين،
    جاييك… مشيتك،
    وشايلة مين،
    بلقاك وصوتك في دواخلك وانكتمتك
    خاته فيك عنوان سرابك وطرحتك
    وأنا خاتي ليك حلم السفر في وجهتك
    بس وين أقيف شان أرتديك يا عورة الخاطر جواي
    أو أبدا ليك مشوار عناكي أكمِّلك
    قبل المراجيح تنفطم في الحلة والخطوات تموت
    مشتهيك بس تستري المطر الدموع
    لو جفت السكة بوراك
    بقتفيك مليون طريق أو سكة في وش الضلام لو أوصلك،
    يا صامته زي حلم الشجر في الحلة يا مليون سؤال
    قدرك تواريخ التواصل والرجوع
    لو تستري المطر الدموع.
    لالوبه يا… لالوبة في صحرا العنب!
    يا غصة اللالوبه في صحرا العنب!
    يا عورة الشُّرف المرفهة بي عرق حيل القطاطي!
    وشدي حيلك يا القطاطي
    ويا بيوت الطين أقيفي،
    وأرجي ديلك في المقيل
    لو يكون بينا التلاقي المستحيل في الغيمة والزمن الجميل
    لو نكون،
    لو تشرقي وتتبللي
    سكرانة يا ست والوجع اتزملي
    في صدفة لو يطلع مداي ..دورانك المسفوك بِرَمِّل غنوة للمطر اللجاي
    غنوتك تاريخ ملامحك واحتفالك بالشجر
    شجرك مواعين الحريق
    شرقانة لو كسرك بحر
    أو صوت مزاميرك نشيد
    أو إبتدت لغتك تبرهن سكتة الزهر البليد في إفتراض
    قالوا امتحان!
    لو امتحان؟ ما سنقرأ في فصول الحرب حينا
    ما يقول الله فينا حين نمتهن التواطؤ ضد ما كان صريحاً في العلاقة بالمصير؟
    لو امتحان؟
    ماذا سنكتب في فصول الشعر أو فصل الخطاب؟
    لو شاعراً:
    هاك القوافل، والنوافل،
    والهوى الممضيُّ بسمكِ،
    ما على الطرق، الشواهد من ملل:
    قل إذن رحل المساء … رحل المساء … رحل المساء.
    لو داعراً أو عاهراً:
    هاك النساء بعطرهن الخاص،
    وعلوم تعبئة الدخان،
    واللغة السخية بالتبدل واحتراف التسمياتِ وقل إذن يبقى المساء.. يبقى المساء…
    لالوبه في صحرا العنب!
    وصداك رجع محكوم بإلفة حزنك الكايس بريد
    مجروحة في قلب الهزيع والليل نسف تعب المصابيح والشموع،
    يا لاحتمالك للفوانيس!
    القصائد احتملنكِ والكراريس،
    القصائد لم تعد سفراً قليل التكلفة،
    فأمام من نلقى تراب الأرض مشتهراً بأسماءٍ لنا
    قد يكفهر بنا السماء
    ونموت من قهر التراب..
    في صيفنا الأبدي، أحلام الظهيرة، حين للإسراء شأنٌ في تعاريج الدروب،
    وعلى الدروب،
    نشرح بدايتِك للمسافات الملونة بالحزن،
    تسمع حكايتِك باحتياط، أو حوش ظنون، تفهم خطأ،
    نختم نهايتِك باحتمالات الرحيل،
    تتمدى جواك الفصول
    يا سكة السفر الطويل..
    شدي حيلك يا القطاطي
    ويا بيوت الطين أقيفي
    وشدي حيلك
    وشدي حيلك
    شدي حيلك.
    نوفمبر 1992م











    الـذكـرى

    زوله
    حسّتْ بالصقيع، بالغربة والليل، ونادت..
    صوتا كان مليان سفر…."حكاية".
    وزول
    دخل سكة، ورفض يمرق، وراح..
    آخر كلمة قالا بقت وطن لزوله ما شربت معاهو الكاس!
    قالوا الفراشات جات تفتش ليهو في اللمبة،
    إتحرقت..
    وجات قمرية تتَّريق على الشجر الوقف مشدوه،
    وغنت: "الحجر ما بِنْبَلْ…والشبكة ما بتشيل موية"
    وسكتت.
    سكتت وسمعت في حفيف الريح نغم مشدود
    وصوت مدفون ورا الدنيا،
    وقالت في قفا الأسرار:
    ده كان صوتو! أتاريهو الزمان صاحي!
    ده كان صوتك..
    رحل صوتك وفات
    سدد دروب الموت فتح شباكو في عمقو
    وْشرِب منك رحيق البحر واتمدد،
    ملا الدنيا بْطواحينك
    فلا برد الزمن قادر يطامن بيك رماد الذكرى في حزنو
    ولا الصفصاف قِدِر يرجاكا شان توصل
    رحيل إنتَ وْوقود الريح وهيكل جسمها اللادن وتمثالا..
    مضامينك شموس الحب لو تفهم مضامينك،
    مضامينك سكك تتلاقى في الآخِر تكون سكة
    ومواعينك تبيت في النهر من جُوَّه وتصابح جمرك الموقد بدون تسأل،
    فلا سائل ولا مسئول..
    وتدَّفق .. على ضفة حوار النهر والمستقبل المجهول،
    وتلقى الغابة خط فاصل يجدد رغبة الأمواج على صوتك،
    وخط مستني يوم تطلع،
    وخط مجبور يوازي النهر شان يعبر،
    وخط النار..
    هناك ضُل الصبر يتمادى في شرحو لهامش سكتك والموت
    رحل صوتك وكاس عنوانو في الرحلة
    وكان بيكوس موازينك لحدّي الخوف
    ولمَّن ما وجد عنوان ولا ميزان؛
    مسك جمر الغنا وقبَّل على ذاتو
    وشان حبل المدد مقطوع، فضل يديهو من ذاتو .. عشان يفضل،
    يشيل يديهو من ذاتو.. عشان يفضل،
    يشيل يديهو شان يفضل ..
    وخاف يكمل، فأسس فكرة الأوتار،
    وتر أول:
    صباح الخير يا أمي
    مساء الخير يا أمي
    ضمير الكون سكن دمي
    بقيت اللقمة للفقرا
    وقُلتَ أكون مصابيحم كِتِر همي
    خفتَ أموت وإدَّسيت ورا الأشجار
    وضو القمرا والصِّقّيط،
    حفيف الريح وصمت الليل
    خرير الموية والأنفاس،
    ولون أشياء، وطعم أشياء،
    وكان بيتك أهو المقياس،
    صباح الخير يا أمي
    مساء الخير يا أمي
    ضمير الكون سكن دمي
    بقيت اللقمة للفقرا
    وقلتَ أكون مصابيحم كتر همي.

    وتر تاني:
    صباح الخير يا يابا
    مساء الخير يا يابا
    سكبتَ الشوف على الكراس
    قريت مجد السفر في النار،
    قلبتَ الصفحة فوق اللون، وطقس الشوف،
    وإتأملتَ في الشارع،
    قعدت أروِّض الترتيب على كفك،
    أوازن بين مصابيحك
    وبين قدر الكهارب ضو
    وإنتَ مشيت…مشيت على مهلك،
    رِجِيت سكان قرى الماريق،
    فلا لحقوكا ما مرقوكا من ضلمة سكون وجدك وكِت جفت مصابيحك،
    بقيت واحد قصاد الله،
    وما رجعت بعد فوتك شرافاتك، مفاتيحك لشد الحيل،
    ولا دفتّنا نيرانك،
    قعدنا هِناكا راجِنَّك،
    على برد الهوى والنو.
    وتر تالت:
    18،
    واحد،
    85،
    19،
    ويوم جمعة، وضجيج الناس على الشارع،
    وصمت الشمس، ليل الذكرى، مركز حسها المليون على صوتك،
    رحل صوتك على صوتك،
    دخل صوتك على صوتك،
    مرق صوتك على صوتك،
    علا صوتك على صوتك، علا صوتك.. علا صوتك…علا صوتك….

    وتر رابع:
    جات السكة وانتبهت،
    إنتبهت لناس إتشرَّدت فيها وعلى كونا وبدت تسأل:
    "تسأل عن لقاءٍ كان مفترضاً بين أن تبتل الحجارة وأن تحمل الشباك الماء…ولكن، ليس ثمة شيءٍ غير الرحيل"
    وكان البحْرِ قِدَّاما وتر خامس:
    غناء….
    كورال……..

    ديسمبر 1992م






    الكريسماس

    يا أنتِ
    يا امرأةً من الحمى وآلهة الدوار،
    أعودُ، حين أعود لا أعلو على شجرٍ يقاسمني انتحائي في مواقيت الحصار.
    ومثلما قد كنتُ مزدحماً بمزماري، أُرنِّمُ إذ أُلاقيك اشتهائي للمطر،
    بللتُ كفّكِ بالرياح،
    والحزن ما كسبتْ يداي.
    لليلِ عندك ما يشاء إذ انبعثنا برهةً
    وقتامة الأشياء في كفيَّ ما سكبت دماؤكِ من مشاشٍ عاقرٍ ـ
    ما عاقرتكِ النمنمات بسور قبعةِ الأمير ـ فكل سقيفةٍ في الأرض مقصلةً لنا،
    وبكِ التثاؤبُ في الفصولِ جريمةُ الإخفاق في نومٍ عميقٍ، فسحةً،
    وسواء شذّبنا تثاؤبنا براحاً، أو ركضْتِ وما فتئتِ تلاحقين ـ من الرحيق ـ فراشةً في السر؛ تُجهر ضفتيك بعار ليلتنا الأخيرة!
    لا أواخر في نداك لوردةٍ وثقت بأنساق العناق وحدقت في لونها بعد العشي لتستعير من الفرائض ليلةٍ أخرى، ولا أخر تُضاجعُ بعد مريم كي تلدني.. ألف زنديقٍ وخمرٍ وتراب،
    لحنما أعطيك عزفاً صارخاً؛
    برداً سلاماً نار عشقي.
    كيف كانت نار عشيقي؟ كيف كانت؟ بِتُّ لا أخفيكِ عشقاً لا يقاس بك استناداً بالرواة على مواقيت التجمهر واشتباه البرتقال.
    وسجنما دخلت حروفي بيت عظمٍ دون لحمٍ، كان وجهي،
    مزعةً من جلد إفريقٍ نبيٍ أحرقته يد الصلاة،
    وبعض مُنجلَبِ الغزاةِ،
    وبعض ما حلب الفريق،
    وبعض دفءٍ في شرايين الرقيق.
    وزِّعي دفئي لآلهةٍ ستبقى خلفنا بالسدر!
    أعلم أنها سكرى
    وأعرف قد تخون،
    لكن سنبلةً بأرضٍ لا تجاهر بالمناسك،
    خير مئذنةٍ وقبرٍ وكتاب،
    واتركي الآن احتطابك،
    إن هذا الليلَ متسخٌ تماماً بالدماء، وقوتِ أولاد الذين، مهرجلٌ جداً،
    تعالي..
    الآن تنطفئ السجارة في يدي.. ألقاك..
    إذ ألقاكٍ في شبقٍ كيفٍ قابليني..
    كي أصلي صوب نهدكِ اقتراباً،
    كي أوقِّتُ نبض ملحكِ عند جرحي،
    إذ أدوزن همهمات الروح في ألقِ النفير على الكريات الحفية والنسيج،
    ثم أسمع لحن قارعة المسافة في دمي..حمى.. خروج..
    "إذن أعدني .. لا تمأزقني حبيبي عند أصقاع الرحيق"
    وهكذا تلد الحديقة وردة أخرى
    تُرجِّعُ سُنَّةَ الإصغاء للنهر القديم وللمروج…
    بنصف مزمارٍ وصمتٍ
    جاء داؤود يغني..
    حيز بركان التصالبِ وانقسام الأفئدة،
    ليقيم هندسة الحياة وراءه،
    وهناك..
    أرقد مستحما بالندى، متأرجحاً،
    ما بين بر الوحدة الكبرى، وبحر حديقة الإغناء والسر الكبير بليل امرأة العزيز،
    ـ الله ـ يا امرأة العزيز!
    شبقٌ ووجهكِ ترجمان العاصفة،
    سهرٌ بغرفتكِ الأنيقة ثم يولد يونس..
    من رشيحٍ من دماء البحر يمضي،
    في طريق القصة الأخرى لعشقٍ قد يُفسَّرُ استناداً بالرواةِ على مواقيت التجمهر واشتباه البرتقال.
    ويعود تاريخ التَّزمُّنِ عند شقشقة العصافير الحفية بالصباح
    ونمور في فجر طويلٍ ..
    أيُّ شمسٍ غير عينيك سنلقى.. أي شمس؟
    وحديني.. وحديني كي أكون
    ـ الله ـ
    بعدكِ سوف أبدو طيباً، طيباً جداً،
    وأُعيدُ ترتيب الفصول على اتساق الأسئلة،
    سوف أجعل ما لقيصر ضد قيصر،
    سوف أعطي كل امرأة بلا معنى حديقة ورد.
    لا تسمي بعد ذلك احتفاء الرب بالأنثى اعترافاً بالخطيئة،
    كلها الأسماء محرقةٌ لعشق الهاربين إلى فلاة الحزن مثلي:
    "حينما غرقت سميحةُ بنت عبد الله بنت الوردة الزرقاء ما مُدَّت بقشة"
    لا وضاءة للمناسك في فضاء الروح،
    برهنت المراصد أنها وقفت بصف الليل والحمى طويلاً،
    وطويلا كان شارعنا عقيماً يوم ميلادي، ومهترئاً بيافطة وطوفٍ من سرايا حارسي دور العبادة، يومها قد خاصمتني ثدي أمي باقتراحٍ من فطور
    الأمسِ محقوناً بسمٍ طارفٍ، وغثاءُ سيلٍ جارفٍ.. من بين مَن رقصوا عشيتها الخلائف والدواوين الخراب… لكني نجوت، وها أنا أعطيك وصفاً آخراً لفداحة الأشياء ما حُفرت بذاكرتي وفي عمق التراب.



    24 ديسمبر 1992م







    هجرة الرماد

    الأسطورة:
    سيزيف يدحرج الصخرة من السفح إلى القمة، يتعب فتسقط الصخرة إلى السفح، فيعاود المحاولة… وهكذا..
    ما وراء الأسطورة، أي فضاء النص:
    هو أنه، في عملية المراوحة بين السفح والقمة، نشأت قصة حبٍ بين الصخرة وسيزيف، هي، تغني له أغنية الريح والمطر، وهو، يصغي إليها ودوران الفصول.
    ولكن في ظهيرة يومٍ، مات سيزيف، فتخلت الصخرة عن سجيتها ـ أي ظلت ثابتةً لتخرق قانون الجاذبية ـ ولم ترجع إلى السفح.
    صادف ذلك مجيء رحلة المجوس، فأحرقوا جسده بالإله النار، فهاجر رماده في صدى أغنية الريح والمطر.
    جملة اعتراضية:
    قال طاغور: يمكنكم أن تحكموا على الزهرة، أو الفراشة من مظهرها، ولكن ذلك لا ينطبق على الإنسان.
    الفصول:
    سرٌ بأغنية المطر
    والريح مرحلة بإيقاع التتابع والهطول
    ريحٌ، ثم ريحٌ، ثم ريحٌ، ثم ريح…
    واتمد بيك ليل الرحيل وقعدت تنزف في الحنين والموج وذاكرة الفصول.
    ختيت رمادك حنة في كف البَرِقْ
    في الضلمة شالك واحتمل،
    ساعات هروبك من موات الأرصفة وعشق التراتيل واكتمل..
    صاقط رمادك في مخافر حنة الليل والتراب،
    مدَّسِّي في جوقة غبار منداس على وطأة نعال الناس شجن..
    هاجر رمادك في الشجن،
    ختَّاك على وتر السكون ونساك،
    وقدت لا خيل لا وطن،
    فسفكت ما يبدو تبقى، أو كما يبدو تبقى،
    في فضاء الرحلة الكبرى إلى طاغور… كُنْ،
    كن واقفاً بالبحر في أقصى محاذاة التفاصيل الفضول،
    مقاتلاً للأرض في أقسى خريف.
    أنت سيزيف
    أنت سيزيف،
    ركَّبَتْكَ المعضلاتُ بصخرة الإفشاء بالأسرار للأنثى على وترٍ نبيهٍ كان أضعف ما خُلِقْ،
    حدِّث فلا طيرٌ غرق!
    لو عاقبتك المسقطات على فلاة الرغبة الأولى وكانت في خلاياك النبية سُنَّةُ الطير، اتسامك بالحضور؛ فلا سغام الغدّ لكْ.
    أغداً ستكمل هجرتك؟
    هاجر رمادك في الشجن،
    ختّاك على وتر السكون ونساك،
    وقعدت لا خيل لا وطن.
    من شاء؟
    من شاء أن تلد الفجيعةُ نفسَها في نفسِها،
    وتُرتِّب الفقر اليجيء مع الرذاذ الليل والمطر السخي،
    من شاء أن ترتاب،
    كل الأغنيات الرقص في أثر اقتفائك للتي فيك اختباءً في البنات؟
    كن واقفاً بالبحر في أقصى حذاء الريح،
    هاجسك المقابل ساعديك بما تبقى أو كما يبدو تبقى من مشيمة ما تخثر من عرق.
    حدّس،
    فلا أرضٌ ستحمل ساعديك بغير ما تعطيه للجسد النقي من المقاصل والزبد،
    يا بحر قم،
    يا بحر قم من بين صمتك والنساء المسكرات بطعمهن البرتقال ـ الجنة الدنيا ـ فصمتي عادة ناديتكم..
    لو أن أتيت بشارعٍ مني إلى حانات صوتي عابراً شظف الوصول إلى غنائك: نُمْ.
    الريح يا امرأة، تشيل بحضنها لهب الغناء على كتوف الجمر: أين رمادنا؟
    في الليل؟
    لا..
    في البرق؟
    لا..
    في البحر؟
    لا..
    في الرحلة الأخرى إلى طعم النساء المسكرات بطعمهن البرتقال ـ الجنة الدنيا؟
    نعم… أو ربما يا خيل هجرتنا الأخيرة ما لنا هو ما لكم!
    إنَّا لبيتٍ
    داخلٍ في البين عند الله عند الغربة القصوى وشاهدة النهار ـ الشمس ـ نكون في كل المشاهد تربةً للداخلين إليه،
    مدخلٌ صدقٌ لمعركة التشظي وانعدام الوزن،
    في طقس التماسك عند بابٍ أنثويٍ..
    ما عبدنا إذ عبدنا غير نافذة وقبرٍ أنثوي.
    إنَّا لصخرٍ إذ يدحرجنا لنبكي ملحنا للأرض ـ يا تباً لها،
    الطيرُ يعلم ما يدور بخاطر الأنفاس والصدأ المذكر، ضد أنثى الملح في قدر اللقاح، إزاء ذروتنا لنصعد نحوها وصلاتنا بالقاع أم لا تجاذبنا الحديث لنستقيل عن المواكبة الرتيبة للفراغٍ وانهزام الاقتراح.
    أنتم لصخرٍ،
    إذ يدحرجكم إلينا عند مرقدنا الوثير ـ البحر ـ زرقته بنا،
    ضدان إذ نبتاعكم إلا غناءً مثقلا بالصخر إنَّا لا نجيء.
    البحر يا..
    وطن الرماد المر يا…
    ملحُ الفجيعةِ يا..
    وخفضت ليك صوت القلم،
    فتحتِ شباكِك عليّ،
    مِنُّو جاني النيل محنط في صدي الخرطوم
    وغيم الليل نزل في الذاكرة..
    وحِلِمتَ..
    حلمت بي نهديك مواكب،
    وطرحتِك دمور، وتوبك: زفة الخيل والمراكب..
    وفِرْكَتِكْ مطرة ونزيف مني وبكابد..
    ذروة إحساس إنو إنك..
    مربط الفجر المهجن بالتساكين والبهار،
    شبطِك حنين للأرصفة وشجن النهار..
    وصرختَ في جوة الحلم..
    صدى..
    صدى…
    ومرقتَ،
    شايل فيني صوتِك،
    إلا صوتك كان شراع
    واقف على آخر ضفاف الليل،
    وأنا لِسّه راجيك
    تلحقي الزفة وتنمنمي للصباح منديل،
    يا أيها الـ….
    قد يخرجون وراءنا بسجية الصهوات للعشق الغناء،
    تراهق الكلماتُ في سمع البنات إذا احتكمن لنومهن،
    وبؤرة التصعيد من طرفٍ يطابق في الوراء،
    شيئاً يسمى أي شيءٍ
    لن تصالحنا المطاهي، والمقاهي
    والـ (هنا)
    أهلاً بنا
    نتصعلك، الطرقات تأخذنا إلى صخرٍ جديد.
    يونيو 1993م
                  

العنوان الكاتب Date
أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-08-05, 12:12 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Ishraga Mustafa01-08-05, 12:30 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... معتز تروتسكى01-09-05, 01:56 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... وليد محمد المبارك01-08-05, 12:33 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-08-05, 01:09 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... ودرملية01-08-05, 03:03 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-08-05, 04:25 PM
          Re: أبّكر آدم إسماعيل .... SARA ISSA01-11-05, 03:39 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Nada Amin01-08-05, 05:10 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-08-05, 07:04 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... osama elkhawad01-08-05, 06:21 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-08-05, 07:02 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... خالد أحمد عمر01-08-05, 10:39 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:20 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Marouf Sanad01-08-05, 10:39 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:22 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... almulaomar01-08-05, 11:14 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... atbarawi01-09-05, 00:27 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:24 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:24 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... سامي صلاح محمد01-09-05, 00:41 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:26 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... abuarafa01-09-05, 01:40 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:27 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... بشري الطيب01-09-05, 01:57 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... tmbis01-09-05, 02:22 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Sidig Rahama Elnour01-09-05, 04:29 AM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:35 AM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... SARA ISSA01-12-05, 03:42 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:34 AM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... tmbis01-09-05, 09:20 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:29 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... خضر حسين خليل01-09-05, 05:31 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:37 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... محمد عبدالله محمود01-09-05, 06:14 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:39 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... محمد أبوجودة01-09-05, 06:50 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Omayma Alfargony01-09-05, 09:02 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... الجندرية01-09-05, 09:06 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... لنا جعفر01-09-05, 11:18 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-09-05, 11:32 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-09-05, 11:21 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... إيمان أحمد01-09-05, 12:49 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... سامي صلاح محمد01-09-05, 12:17 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-09-05, 12:38 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... democracy01-09-05, 12:42 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-09-05, 01:10 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 01:19 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... tariq01-09-05, 01:32 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-09-05, 01:46 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... د. بشار صقر01-09-05, 02:20 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... yasir Abdelgadir01-09-05, 02:46 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... ترهاقا01-09-05, 02:59 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Sabri Elshareef01-09-05, 03:09 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Hani Abuelgasim01-09-05, 05:06 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... unixo01-09-05, 06:15 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-09-05, 06:36 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبنوسة01-09-05, 10:58 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Marouf Sanad01-10-05, 00:25 AM
          Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Imad Khalifa01-10-05, 00:56 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... قصي مجدي سليم01-10-05, 02:53 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Adil Isaac01-10-05, 06:19 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... democracy01-10-05, 08:40 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... awadalla agabna01-10-05, 03:06 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-10-05, 03:09 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Maha Bashir01-10-05, 06:49 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... فارس موسى01-10-05, 08:11 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Imad Khalifa01-10-05, 11:05 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abo Amna01-11-05, 00:16 AM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... yasir Abdelgadir01-11-05, 05:37 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... فارس موسى01-11-05, 05:45 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-11-05, 06:56 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Imad Khalifa01-12-05, 00:02 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... democracy01-12-05, 08:42 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Imad Khalifa01-12-05, 12:08 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... democracy01-12-05, 01:55 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Imad Khalifa01-12-05, 02:28 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... democracy01-13-05, 02:56 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-14-05, 04:58 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-16-05, 01:29 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... خالد عويس01-16-05, 01:32 PM
          Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-16-05, 01:48 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Faisal Salih01-16-05, 01:52 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... أبكر آدم إسماعيل01-16-05, 01:58 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... خضر حسين خليل01-16-05, 02:05 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... عشة بت فاطنة01-16-05, 02:43 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-16-05, 05:47 PM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... الصادق اسماعيل01-18-05, 10:59 PM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... luai01-16-05, 05:39 PM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Elawad Eltayeb01-17-05, 06:33 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Mohamed Adam01-17-05, 10:27 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... حاتم الياس01-17-05, 10:54 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... ahmed abdelati01-17-05, 10:43 AM
    Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Abdel Aati01-21-05, 05:05 AM
      Re: أبّكر آدم إسماعيل .... munswor almophtah01-22-05, 12:59 PM
        Re: أبّكر آدم إسماعيل .... تاج السر01-23-05, 02:42 AM
  Re: أبّكر آدم إسماعيل .... Shams eldin Alsanosi02-04-05, 06:50 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de