مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 11:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة اسامة عبد الجليل محمد(Abomihyar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-27-2007, 08:07 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو

    مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة!

    فتحي الضــو
    [email protected]

    يُمكن القول إن أسوأ مؤسسة عقابية إبتدعها الإنسان (لحيّونة) أخيه الإنسان هي السجن، رغم إدعاءات الذين يُصِرّون علي أنها مؤسسة إصلاحية، تهدف إلي (أنسّنة) المجتمع بفصل أخياره عن أشراره. وحتي إن أسلمنا جدلاً بهذه الرسالة المثالية، فقد لا يجد المرء مسوغاً يبرر وجود سياسيين في أقبية السجون، لكن ذلك ممّا لا يعُوزّه حُوّاة الحكم وهُوّاة السياسة في النظم الفاشستية، فهم حينما يزمعون التنكيل بخصومهم المعارضين يزجّون بهم في المعتقلات، وكلما سألهم الناس إلحافاً عن تسريحهم بإحسانٍ أو محاكمتهم بعدلٍ، تزرّعوا بعدم إكتمال التحريات! ولربما من أجل هذا قيل أن السجن يمتحن أقدار الرجال! رغم أنه تعبير معلول من وجهة نظرنا، لأنه يُحرّض السجين علي الصبر، عوضاً عن المثابرة في مناهضة السلطة الغاشمة التي رمت به خلف القبضان، ولربما هذا هو الذي إستفزّ المتنبىّ تحديداً، حينما حثّ سجناء الضمير مثل (أصحابنا الحاليين)، بتجنب عار (الميتة أم رماداً شح) إن لم يكن ثمة بداً منها! لكنّ قيل أنه شاعر مجنون لم يجد غاوٍ يتبعه في هذا الوطن العريض، سوي شيخ سبعيني أسمه محمود محمد طه، نحرّه خفافيش الظلام - قبل عقدين أو يزيد - في لحظة غفأت فيها عين التاريخ، والمفارقة أن ثلاثية أسمه المنسوبة أصلاً لأسماء النبوة لم تشفع له يومذاك في تهمة الردة التي حوكم بها!
    من خلف الحدود كان هناك غاوٍ آخر، شديد الولاء لجدلية الموت والحياة، صمد في سجنه حتي تململت عظام أبي الطيب في قبره، أسماه والده (روليهلاهلا)، والذي يعني بلغة الهوسا (قلاّع غصن الشجرة) أو (مسبب المتاعب) في تفسير آخر، (لعله أصبح كذلك فيما بعد)، إلا أنه إشتهر بإسم نيلسون مانديلا، الزعيم الذي ملأت سيرته الدنيا وشغل الناس، بجدلٍ لن ينتهي حتي لو رحل للدار الباقية، ذلك لأنه ببساطة - تشبه بساطة قمصانه التي درج علي إرتدائها - سخرّ حياته في الدعوة لمجتمع أفلاطوني يتسع تنوعه لشعبه وجلاديهم معاً، وناضل من أجل تكريس قيم الحرية والمساواة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية الليبرالية وإحترام حقوق الإنسان، وجراء ذلك إقتطع من عمره ما يناهز الثلاثة عقود زمنية في السجون، بصمود أسطوري منح رفاقه القدرة علي مواصلة المشوار، إلي أن تحقق الحلم الذي ظنه الكثيرون مستحيلاً، وأجبروا أعتي الأنظمة العنصرية في التاريخ البشري إلى التسليم والإمتثال لإرادة شعبهم بعد ثلاثة قرون من حكم القهر والظلم والطغيان!
    أصبح مانديلا رمزاً عالمياً ومثالاً مُلهِماً للبشرية، وكان قد منح جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس الأسبق فردريك دكليرك،، وفي أغسطس الماضي أُزيح الستار عن تمثاله الضخم في ميدان البرلمان الكائن في قلب لندن، إلي جانب أبراهام لنكولن وأوليفر كرومويل وونستون تشرشل، وما زال يواصل إسهاماته الهادفة إلي توطين القيم التي ناضل من أجلها في بلاده، وإمتدت هذه المساهمات إلي خارج الحدود، تحاول إطفاء الكثير من نيران النزاعات المسلحة وبؤر التوتر، وفي هذا الإطار لا يخالجني أدني شك أن الكثير من تعساء العالم منّوا النفس بطلّته علّها تتساقط عليهم رطباً سياسياً!
    الغريب أنه رغم هذا الصيت الذي يحيط بسيرة الرجل، لكن يبدو أن هناك من لا يرغب في إستلهامه حتي ولو علي الورق، فبينما كنت أقرأ للمرة الثالثة في كتاب السيرة الذاتية لهذا الزعيم التاريخي، إلتقطت عينيّ مذكرة رفعها السيد مبارك الفاضل من معتقله بسجن كوبر، بواسطة مديره صلاح عبدالله للمستشار ياسر أحمد محمد رئيس اللجنة المكلفة من وزير العدل بالتحقيق معه، وعلي النسق نفسه توالت بعدها مذكرات المعتقلين الآخرين، ويتراءي للناظر بدايةً أنهم جميعاً إستيئسوا أي فعل يمكن أن تقوم به القوي السياسية المختلفة لإطلاق سراحهم - بما فيها أحزابهم - ففضلوا خوض معركتهم بأنفسهم، وطفقوا يكتبون تلك المذكرات، غير أن ما يلفت الإنتباه فيها انها جميعاً كانت علي قلب رجل واحد في شرح الظلم ودحضه، إلا مذكرة السيد مبارك فقد سبحت في فلك آخر، وفارقت إجماعهم فراق الجفن للعين!
    كنا قد كتبنا علي صفحات هذه الصحيفة (الأحداث5/9/2007) مقالاً تعرضنا فيه لموضوع تلك الإعتقالات السياسية، وخلصنا فيه إلي أنها مجرد أكذوبة درجت عليها عصبة الإنقاذ، وأكدنا فيها سفاهة السيناريو، وقلنا عنها أنها لم تكتف بخواء الفكرة، ولا إفلاس المنطق، ولكنها إزدرت وإستخفت بعقول كل الذين يعلمون أنها ما فعلت ذلك إلا لتمرير أجندة خاصة بها، بغاية صرف الأنظار عن أزمة إستحكمت وضاقت حلقاتها!
    من جهة أخري قلنا أن الإعتقالات نفسها كشفت عجز وضعف وخيبة القوي السياسية المعارضة بشكل عام، والأحزاب التي ينضوي تحت لوائها المعتقلون بشكل خاص، فالطرفان وفق وقائع ردود الفعل الخجولة التي بدرت، واجها القضية بفؤاد أفرغ من جوف أم موسي، بل أن المتربصين منهم تعاملوا مع القضية بعقلية الثأر والشماتة والتشفي! وعزّ عليهم أن يعدوها إنتهاكاً صريحاً للدستور، وكنّا قد طالبنا أيضاً بضرورة إطلاق سراحهم فوراً، وليس بمحاكمتهم كما يقول البعض، وذلك لإنتفاء الحيثيات في الأصل، وقلنا ريثما يفرج الله كربتهم، علي المعتقلين أنفسهم أن يعلنوا بصدق وطني وشفافية حل تنظيماتهم السياسية، أو الإستقالة منها، ليس لأنها فشلت في الإمتحان الماثل، ولكن لأنها أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنها مجرد خيالآت مآته، مثلما هو الحال في حزب السيد مبارك، أو كما هو الوضع في حزب السيد حسنين، أو الرفاق القادرين علي التمام الذين ينتمي لهم اللواء محمد علي حامد برباط العقيدة العسكرية!
    جاءت مذكرة السيد مبارك المؤرخة 3/9/2007 إثر رفض المستشار المذكور مذكرة من محاميه طالبت بإطلاق سراحه، إستناداً علي نص المادة 37(ج) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 وكذا رفضه إطلاق سراحه إحتياطياً بالضمان لحين البت في الأمر، مشيراً إلي أن «التحريات مع الأمن واللجنة الموقرة أثبتت أنه لا علاقة له بموضوع الإتهام» وفنّد سيادته الرفض هذا بأربع نقاط، كانت الأولي إجرائية خاصة بملابسات الإعتقال والتحري والتحقيق معه، ونري من الضروري إيراد الثلاث نقاط الأخري بإعتبار أنها محور هذا المقال:
    أولاً: إعتقالي بداية جاء علي خلفية إتهام جهاز الأمن للأخ عبد الجليل الباشا عضو حزبنا لإتهامه بأنه علي صلة بنشاط مع معاشيي القوات المسلحة برئاسة اللواء معاش محمد علي حامد وإشتباه جهاز الأمن بأنه ربما أنا كنت علي علم بهذا الشأن.
    ثانياً: إن معلومة زيارة اللواء معاش محمد علي حامد لي في مكتبي العام الماضي تبرعت أنا بها لجهاز الأمن ولم تكن متوفرة لهم من مصادرهم، وقد تحري جهاز الأمن مع محمد علي حامد وعبد الجليل الباشا، وإتضح له تطابق أقوالهم مع ما أدليت به في التحري، وأنني بالتالي لا علاقة لي بنشاط المعاشيين، وقد تأكد لهم بأنني إعتذرت لهم عن دعمهم مادياً قبل عام من الزمان.
    ثالثاً: لقد تحريت أنت معي بحضور لجنتكم الموقرة، وإنحصرت تحرياتك معي حول إجتماع اللواء محمد علي معي في مكتبي قبل عام، ولم يتطرق التحري لأي فعل عسكري أو تخريبي لقلب نظام الحكم ولم توجه لي أي سؤال عن العسكريين المتهمين، وقد تأكد لي من خلال المواجهة أمام اللجنة بيني وبين الأخ عبد الجليل الباشا من جهة أخري صدق أقوالي، وقد تأكد لك بأنني قد رفضت طلب اللواء م. محمد علي حامد بالدعم المالي لنشاطه السياسي في إطار معاشيي القوات المسلحة، ليس ذلك فقط بل تأكد لك أنني حذرت الأخ عبد الجليل الباشا من أي علاقة مع المعاشيين العسكريين، لأنها مصدر شبهة في ظروف التوتر السياسي الذي تعيشه بلادنا.
    كنت أتمني أن يهزم السيد مبارك سجانيه ويسمو في أعين مناصريه، بمذكرة غير هذه التي قرأتها، ولا أعتقد أن عيناً واحده يمكن أن تخطيء منهجها القائم علي نظرية تخليص الذات بتوريط الآخرين، وهو أمر لا يليق بسياسي في قآمته، ولا ينبغي أن يتشرف بها حتي وإن أفلحت في إطلاق سراحه، ونضيف أيضاً الملاحظات التالية علي ملاحظاته تلك، بإيمان لا يتزعزع في عدالة قضيته، وبعزيمة لن توهن في مواصلة دعمه بهذا السلاح الوحيد الذي نمتلكه كلما وجدنا لذلك سبيلا:
    1- لا شك أن النقطة الأولي أجابت بطريق غير مباشر علي تساؤلنا في المقال الماضي، حول الكيفية التي ذاب بها حزب السيد مبارك في الظلام بمجرد إعتقال رئيسه، فالسيد عبد الجليل الباشا الذي يعيش محنة الإعتقال جنبا إلي جنب معه، إستكثر عليه منحه صفته الإعتبارية في الحزب فهو الأمين العام، وأسبغ عليه عوضاً عن ذلك تعبير (عضو حزبنا) وهو أقل درجة تنظيمية، علاوة علي أن التعبير يؤكد أن الحزب ملكية خاصة للمتحدث، وإن قال البعض أن تلك شكليات لا ينبغي الوقوف أمامها طويلاً، فما بال السيد مبارك يعتبر إعتقال أمين حزبه السيد الباشا بأنه جاء علي خلفية (إتهام) جهاز الأمن له في التعامل مع معاشيي القوات المسلحة، بينما في حالته هو فإن إعتقاله جاء علي خلفية (إشتباه) جهاز الأمن فيه، وشتان ما بين الكلمتين، وعضّد مبارك (إشتباهه) بإضافة (ربما) وهي كما نعلم ترفع الإثم عن ظن الجهاز المعني!
    2- فليتمعن القاريء الكريم في إطار النظرية المذكورة لذلك الكرم الحاتمي الذي حدا بالسيد مبارك أن يجعل من نفسه شاهد ملك Tender of Pardon لجهاز الأمن في مدّه بالمعلومات، في ظل ما أسماه بقصور مصادر الجهاز، فهو يتبرع بأشياء كأنه لا يعلم أنها حينما تبدي للجهاز فستسوء الطرف المعني حتماً، وبالطبع لن يصدق المجبولون فيه علي الشك الدائم أنه ليس وراء الأكمة شيء يبعث الإرتياب ويثير الشكوك!
    3- لايخفي علي قاريء الفقرة الثانية أيضاً أن تبرؤ سيادته بتلك الصيغة التي وردت من زميله في الضراء (لا علاقة لي بنشاط المعاشيين وتأكد لهم بأنني إعتذرت عن دعمهم مادياً قيل عام من الزمان) يمكن للموجهة لهم الرسالة الإدعاء بإشتمام رائحة تورط ما، حتي دون أن تكون لديهم حيثيات تعينهم علي إستجلاء الشك، وتثبيت الظنون!
    4- الفقرة الثالثة مضت إلي أبعد من ذلك، فمن بعد التبرؤ والإعتذار عن الدعم يقول أنه حذّر السيد الباشا من أي علاقة بأولئك المعاشيين العسكريين لأنهم ببساطة (مصدر شبهة في ظروف التوتر السياسي الذي تعيشه بلادنا)، فإن لم يكن هذا هو منهج تخليص الذات بتوريط الآخرين، فكيف هو إذاً!
    الغريب في الأمر، تزامناً مع أعلاه أرسل اللواء حامد في 2/9/2007 مذكرة أخري لنفس الجهة بلغة مختلفة تماما، قال فيها بعد أن تأكد له رفض المستشار الإستماع لأقواله مجدداً وتسجيل إعتراضه «أعبر عن ما سبق إن قلت بأن النشاط الذي كنا نقوم به نشاطاً متعلقاً بحقوق العسكريين المهضومة، ويناقش الطرق والوسائل السلمية لإسترداد هذه الحقوق الشرعية كما نصت علي ذلك إتفاقية القاهرة، وكان الإتصال ينشد مساعدة السياسيين الذين تم الإتصال بهم في هذا الخصوص وين الإستنارة بآرائهم وتجربتهم في تكوين حزب سياسي جديد كان العسكريين ينوون الإعلان عنه وقد تم بالفعل تسجيله بإسم الواء الأبيض» ونفي ما قيل عنه أو زميله النقيب (م) شرطة صلاح الفحل من إستلام مبالغ مالية من سياسيين أمثال علي محمود حسنين نائب رئيس الحزب الإتحادي لتمويل أي نشاط سياسي، وختم بقوله «أطلب من سيادتكم أن توقف اللجنة إجراءاتها، وأن توصي وتقرر إطلاق سراح جميع المعتقلين في هذه القضية فإنهم أبرياء وأنا أشهد ببراءتهم» وأيضاً شتان ما بين شهادتين!
    في ختام القضية التي إشتهرت بـ (محاكمة ريفونيا) والتي واجه فيها مانديلا ورفاقه أقصي عقوبة وهي الإعدام، فعلي الرغم من نظرات الهلع والخوف والقلق التي ملأت وجوه الحاضرين، وعلي الرغم من رائحة الموت التي سيطرت علي مناخ قاعة المحكمة، إلا أن مانديلا وقف كالطود الأشم وقدم مرافعته بنفسه، والتي إستغرقت أربع ساعات قال في خاتمتها: «لقد وهبت نفسي خلال حياتي للكفاح من أجل الشعب الأفريقي، فقد ناضلت ضد سيطرة البيض وناضلت ضد سيطرة السود، وتعلقت بالمجتمع الديمقراطي الحر المثالي الذي يعيش فيه كل الناس معاً في إنسجام وبفرصٍ متساويةٍ، وهو الهدف الذي أتمني أن أعيش من أجله ويتحقق، وإن تطلب الأمر فهو الغاية التي أنا علي إستعداد للموت في سبيلها» وفي 12/6/1964 نطق القاضي (كوراتس دي ويت) بالحكم فإستبدله من الإعدام إلي المؤبد، وبموجبه نُقل مانديلا ورفاقه إلي سجن جزيرة (روبن) الرهيب ليقبع فيه نحو 27 عاما ونصف.
    ثم أنظر إليه وهو في السجن بعدئذٍ، وكان قد قضي فيه أكثر من عشرين عاماً، وحدث أن تفاقمت المقاومة الداخلية التي يقودها المؤتمر الوطني الأفريقي، وكذلك زادت الضغوط والإدانات الخارجية علي نظام بوتا العنصري، والذي أبدي إعتدالا جزئيا، بدر عنه أثناء مناقشة برلمانية أواخر يناير1985 فقدم عرضاً بالحرية لمانديلا إذا «رفض العنف دون شروط كأداة سياسية» ورغم أنه كان يعد العرض السادس المشروط خلال عشر سنوات، إلا أن مانديلا أصرّ علي الرد عليه فأعدّ مذكرة وسلمها لمحاميه (اسماعيل أيوب) مقتنصاً فرصة تجمع جماهيري يقام في استاد (جابولاني) بسويتو لتقرأها بنته (زيندزي) عليهم في 10 فبراير1985 وأكثر ما لفت الإنتباه فيها تلك الروح المُتدثّرة بالصمود والكبرياء والمتزمّلة بالمبادئ والآمال: «إنني أعزّ حريتي كثيراً ولكنني مهتم أكثر بحريتكم، فقد مات الكثيرون منذ أن ذهبت إلي السجن، وإن عاني الكثيرون بسبب الحرية، فإنني أهديها لأراملهم ولأيتامهم ولأمهاتهم ولأبائهم الذين ظُلموا وبكوا من أجلهم، لست وحدي الذي عاني خلال هذه السنوات الطويلة الموحشة، ولست بأقل حباً للحياة منكم، ولكنني لا أستطيع أن أبيع حق مولدي، كما أنني لست مستعداً أن أبيع حق مولد الشعب في أن يكون حراً، فما هي الحرية التي تُعرض علينا بينما تبقي منظمة الشعب محظورة؟ وما هي الحرية بينما يكون من الممكن اعتقالي علي جريمة مضت؟ وما هي الحرية التي تُعرض عليّ لأعيش حياتي كأسرة مع زوجتي العزيزة التي ظلت منفية في (براندفورت)؟ وما هي الحرية التي تُعرض عليّ حينما لا تكون مواطنتي كجنوب أفريقي بالذات غير محترمة؟ إن الرجال الأحرار فقط هم الذين يستطيعون التفاوض، أما السجناء ليس بإستطاعتهم الدخول في إتفاقيات، لذا لا أستطيع طالما أنا وأنتم غير أحرار، فحريتكم وحريتي لا يمكن فصلها»
    إن نظرية تخليص الذات بتوريط الآخرين، ليست حكراً علي السيد مبارك وحده، ففي مايو 1994 أعتقل النظام البروفسير حمّاد بقادي والسيد عبد الرحمن فرح وبعدهما بفترة قصيرة إعتقل السيد الصادق المهدي أيضاً، بنفس السيناريو الحالي، حيث إدعي النظام أن المذكورين متورطون فيما أسماه (مؤامرة إجرامية) بالإشتراك مع إستخبارات دولة أجنبية، وفي يوم 19/6/1994 ظهر المهدي علي الشاشة (البلورية) بعد إطلاق سراحه، ليدلي للناس بشهادته التي أدانت قطبيّ حزب الأمة المذكورين، ولم تجد تبريراته اللاحقة نفعاً «وافقت علي البيان في إطار صفقة محدوده تحقق الإفراج عن بقادي وفرح».
    قد يعجب المرء لظاهرة الصفقات التي دخلت القاموس السياسي السوداني، وذلك أيضاً ما إستلهمه السيد مبارك في محنته الراهنه، إذ أرسل مذكرة أخري في 13/9/2007 خاطب فيها وزير العدل والنائب العام «بحق زمالة النضال من أجل الديمقراطية التي جمعت بيننا بمواجهة نظام مايو وإنقلاب الإنقاذ..الخ» يلفت النظر فيها كشفه ملابسات صفقة خلف الكواليس، وذلك بعد يوم واحد من الإعتقال، وإن لم تؤت أُكلها «بعد الإستجواب يوم الأحد 15/7/2007 بدأ لي أن رجال الأمن قد أدركوا خطأ إعتقالي نتيجة لحصيلة التحريات معي ومع الأخ اللواء حامد والأخ عبد الجليل، كلاً علي حده حيث تأكدت صحة أقوالي فجاءني رئيس لجنة التحقيق في جهاز الأمن وعرض عليّ لملمة الأمر سياسياً فقلت لهم قدموا عرضكم»! بالطبع ليس غريباً علي عصبة الإنقاذ المساومة في الحريات العامة، لكن المدهش تجاوب المجني عليه مع العرض، مما يؤكد أن ميكافيلليتة التي يعرفها عنه الناس جبّت ميكافيللية الجاني نفسه!
    إن آلية الصفقات والمساومات التي دخلت القاموس السياسي، سبقتهما ظاهرة معروفة حيث أن السيدين إبتدعا ظاهرة خصمت من رصيدهما السياسي وأرثهما المهدوي يوم أن هربا وتركا النظام الذي يتسنمان فيه المواقع الرفيعة يترنح تحت سنابك خيل بني قينقاع، تلك واقعة لم يقدم عليها سياسي قبلهما سوي الشريف حسين الهندي، وإن خفف من وطأتها بثباته علي مبدأ هروبه حتي إنتقل إلي الرفيق الأعلي.!!



    عن جريدة الأحداث العددين 15 و16
                  

09-27-2007, 08:06 PM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    Free Image Hosting at allyoucanupload.com

    فتحي الضو..
                  

09-28-2007, 04:40 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    يرفع للمزيد من الإطلاع
                  

10-01-2007, 04:54 AM

Elmontasir Abasalih
<aElmontasir Abasalih
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 240

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    فوق
                  

10-01-2007, 05:20 PM

Elmontasir Abasalih
<aElmontasir Abasalih
تاريخ التسجيل: 07-07-2006
مجموع المشاركات: 240

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Elmontasir Abasalih)

    أيضا للاطلاع والتأمل، شكرا ابو مهيار
                  

10-09-2007, 07:34 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Elmontasir Abasalih)

    شكرا لك يا أخي العزيز منتصر

    على المرور ورفع المقال المكرب

    للصديق الكاتب فتحي الضو.
                  

12-02-2007, 11:51 PM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    مكرر

    (عدل بواسطة Abomihyar on 12-03-2007, 00:07 AM)

                  

12-02-2007, 11:51 PM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    أرفع هذاةالخيط بمناسبةإطلاق سراح مبارك المهدي


    للمزيد من الإطلاع ولعلاقته الوثيقة بالحدث.
                  

12-03-2007, 01:35 AM

نصار
<aنصار
تاريخ التسجيل: 09-17-2002
مجموع المشاركات: 11660

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    العزيز ابو مهيار
    الاستاذ فتحي الضو مصدر ضو ساطع في
    عتمة واقعنا المذري الحزين..
    الف شكر..
                  

12-03-2007, 04:28 AM

HOPEFUL
<aHOPEFUL
تاريخ التسجيل: 09-07-2003
مجموع المشاركات: 3542

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: نصار)

    Quote: فليتمعن القاريء الكريم في إطار النظرية المذكورة لذلك الكرم الحاتمي الذي حدا بالسيد مبارك أن يجعل من نفسه شاهد ملك Tender of Pardon لجهاز الأمن في مدّه بالمعلومات، في ظل ما أسماه بقصور مصادر الجهاز، فهو يتبرع بأشياء كأنه لا يعلم أنها حينما تبدي للجهاز فستسوء الطرف المعني حتماً، وبالطبع لن يصدق المجبولون فيه علي الشك الدائم أنه ليس وراء الأكمة شيء يبعث الإرتياب ويثير الشكوك!
    3- لايخفي علي قاريء الفقرة الثانية أيضاً أن تبرؤ سيادته بتلك الصيغة التي وردت من زميله في الضراء (لا علاقة لي بنشاط المعاشيين وتأكد لهم بأنني إعتذرت عن دعمهم مادياً قيل عام من الزمان) يمكن للموجهة لهم الرسالة الإدعاء بإشتمام رائحة تورط ما، حتي دون أن تكون لديهم حيثيات تعينهم علي إستجلاء الشك، وتثبيت الظنون!
    4- الفقرة الثالثة مضت إلي أبعد من ذلك، فمن بعد التبرؤ والإعتذار عن الدعم يقول أنه حذّر السيد الباشا من أي علاقة بأولئك المعاشيين العسكريين لأنهم ببساطة (مصدر شبهة في ظروف التوتر السياسي الذي تعيشه بلادنا)، فإن لم يكن هذا هو منهج تخليص الذات بتوريط الآخرين، فكيف هو إذاً!
                  

12-03-2007, 06:25 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: HOPEFUL)

    الأخ العزيز هوبفل

    أين أنت يا أخي ??

    آصبحنا نادرا مانرى مساهماتك في المنبر.

    تحياتي وأمنياتي الطيبة لك وشكرا على المرور.
                  

12-03-2007, 06:19 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: نصار)

    شكرا جزيلا للأخ الصديق نصار علي مرورك على المقال.
    وزي مابقولوا أهلنا (أهل الميز مايرحوا).

    سلمت يا أخي.
                  

12-03-2007, 08:29 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو

    اسوأ وخذة تلك التي تأتيك من رفيق نضال!

    شكراً على المقال الشجاع
    أنور
                  

12-05-2007, 08:10 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مانديلا والمهدّي.. قواسم غير مشتركة! فتحي الضــو (Re: Abomihyar)

    شكرا على مرورك ياأنور كنج

    يبدو أن أمر اطلاق سراح مبارك المهدي له مابعده.

    تحياتي يا ملك.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de