(ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 08:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الفاتح يوسف جبرا(الفاتح يوسف جبرا)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2007, 04:55 PM

الشفيع عوض شوشتا

تاريخ التسجيل: 10-24-2006
مجموع المشاركات: 1655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار (Re: ناذر محمد الخليفة)

    فاروق /ناذر ....؟

    العدد الأسبوعى – صحيفة السودانى
    الجمعة الموافق 26 يناير 2007م


    (الباشا) شاب فى منتصف العمر .. صحيح أن مستواه الأكاديميى كان طيلة حياته الدراسية يتراوح بين الوسط و(دونه) وأن (شخصيته) تخلو من أى نوع من (المواهب) ألا أنه قد كان لديه (طموح) يرقى إلى مستوى (الوهم) بأنه سوف يصبح فى يوم من الأيام شخصاً مشهوراً ونجماً يشار إليه بالبنان فى كل (مجالات) الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فهو يرى فى نفسه مشروعاً ضخماً لشاعر وفنان وصحفى ومقدم برامج تلفزيونيه ومعد برامج إذاعية ومذيع مباريات !!
    جاء إمتحان الشهادة السودانية وبذل (الباشا) جهداً مقدراً فى تحضير معينات النجاح من بخرات (ميكروسكوبية) لا ترى إلا بالعين (المقعرة) مدعمة بإستنباط طرق جديدة (للشف) و(اللفح) كانت حصيلتهما أن تحصل (الباشا) على نسبة نجاح مئوية زادت على النصف بقليل .. أهلته بعد عناء و(مجابده) أن يلتحق بإحدى الكليات الأدبية بجامعة (أم جلافيط) ..مرت سنوات الجامعة سراعا وتخرج (الباشا) بتقدير (مقبول) لتبدأ رحلة البحث عن وظيفة تناسب مقدراته (الإبداعية) إلا أنه كان دائما ما يتم إقصاءه فى الكشف الأول من (المعاينات) التى تتطلب مهارات إبداعية غير (متوهمة) .

    وجدتها :
    فى ظل إنسداد كل طرق التعيين لوظائف فى وجه (الباشا) والتى تحتاج إلى (معاينات) ومنافسة فقد فكر (الباشا) أن يقوم بالدخول إلى (ساحة الشهرة) و إثبات (وجوده الإبداعى) عن طريق بوابة (الشعر الغنائى) الذى لا يحتاج إلى أى (معاينات) أو (يحزنون) بل إلى (الإلهام) فقط فأغنية واحده يغنيها له فنان الشباب (عادل أبوكراع) أو الفنانه (حليمة دكوة) كفيله بتلميع (إسمه) ووضعه ضمن مصاف (المبدعين).
    قام (الباشا) من فوره بشراء (دفتر 65 صفحة) وقلم PIC ثم طفق ينتظر الإلهام مستلقيا على (قفاه) ليال عديدة ينظر إلى سقف الحجرة مما دعى (والدته) مخاطبه (أبيه) قائلة :
    - سجم أمى والله (الولد) ده يا حاج ما نصيح
    - مالو؟
    - مالو شنو؟ اليوم كلو راقد (مقهى) يعاين للسقف
    - يكون أولاد الحلة علموهو يشرب (الهباب) ده ؟
    بعد أسبوع قضاه (الباشا) مقهيا فى (السقف) فتح الله عليه بمطلع أولى (أغنياته) والذى جاء كما يلى :
    - طيرى يا عصفورة
    بعد فترة قصيرة لم تتجاوز الاسبوع قضاها (الباشا) ساهماً (ينظر إلى السقف) منتظرأً (فيض الإلهام) فجأة تهلل وجه الباشا وقام من (رقدته) مستبشراً واخذ (ينطط) فرحاً بعد أن من الله عليه بعجز البيت ليصبح المطلع مكتملا كالآتى :
    - طيرى يا عصفورة
    وركى فى الماسورة
    أصيب الباشا بتصلب فى (السلسلة الفقرية) وبعض (التقرحات) على ظهرة نتيجه ذلك الوضع (الإستلقائى) وهو يرقد فى مواجهه (السقف) فى إنتظار الإلهام من أجل (إكمال) القصيدة الغنائية التى لم ولن تكتمل (طيرى يا عصفورة) !! وبدلا أن ينتهى به الأمر إلى (لجنة إجازة النصوص) فقد إنتهى به المطاف إلى (مستشفى العظام) !!

    العائلة تتدخل :
    فى إحدى المناسبات الأسرية إجتمع (أعمام) و(أخوال) (الباشا) فأخذوا يناقشون حالتة وكيف أنه يعيش فى وهم كبير هو أن يصبح (أعلامياً ) أو حتى (شاعرا) مشهورا على الرغم من كونه (عاطل الموهبة) تماماً .. تنحنح أكبر أعمامه قائلاً :
    - والله أنا بفتكر نشوف للولد ده (فيزا) يمشى يغترب أحسن ليهو من (الصياعة) و(الوهم)
    العايش فيهو ده
    - والفيزاء نجيبا ليهو من وين؟؟
    - نشتريها ليهو عديل من السوق
    - لكن تفتكر هسع يا حاج ح يلاقى ليهو شغل هناك؟؟
    - هو غايتو عاوز يكون (إعلامى) لكن إن شاء الله لو ما لقى شغل يشتغل (رئيس مجلس
    إدارة) !!
    وتم شراء (فيزا حرة) للباشا وتسفيره ) إلى (المملكة ) مباشرة بعد خروجه من (المستشفى) بعد (إستعدال عموده الفقرى( ومعالجة (التقرحات) التى أصابت ظهرة جراء إستلقائه ومداومة النظر إلى (السقف )حيث قام بالسكن مع مجموعة من (المعارف العزابة) ريثما يجد عملا مناسبا حتو لو كان (خبيراً فى اليونسكو )... مرت أشهر عديدة دون أن تلوح فى الأفق أى بارقة لأى فرصة عمل مهما صغرت .. شعر( الباشا) بأنه يجلس عالة على هؤلاء الذين قاموا بإستضافته فقرر أن يقوم بالمساهمة معهم بمجهوده حيث لا مال لديه فأخذ يقوم (بغسيل العدة) ونظافة وترتيب (الشقه) بعد خروج الجميع للعمل ثم شراء الخضار واللحمة من (السوبرماركت) حتى إذا ما عاد الجميع من العمل وجدوا (الباشا) وقد قام بتحضير (الحلة) و(تظبيط) السلطة ووضع (كفتيرة الشاى) على البوتوجاز ولم ينس (الباشا) وهو يقوم بكل هذه الأعمال المنزلية أن يمارس (موهبته الشعرية) الغنائية فى محاولة لنظم قصيده ليعطيها (طلال مداح) أو حتى (محمد عبدو ) يقول مطلعها :
    - يا عصفورة طيرى .. وع الماسورة ركى .. إيش لونك إنتى ؟؟!!

    نضارة ومصاريف :

    بعد مرور سته أشهر بالتمام والكمال قضاها ( الباشا) وهو يتصفح يوميا كل الجرائد اليومية باحثاً عن (إعلانات) وظائف (مخرجين) أو (معدى برامج) أو حتى (مخبرين صحفيين) حمل إليه البريد الرسالة التالية من (والده) :


    الإبن العزيز الباشا
    بعد السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته :
    نتمنى من الله العلى القدير أن تكون ومن معك فى أحسن حال وبعد :
    مضت حوالى ستة أشهر منذ أن غادرت البلد ولم يصلنا منك خطاب .. نرجو أن ترسل لنا أى مصاريف فالحاله هنا صعبة والظروف سيئة ..
    ملحوظة:
    وأنا أركب أحدى الحافلات وقعت (نظارنى) الطبية وداس أحدهم عليها و(تكسرت) وقد ناشدت الأهل والمعارف والمسئولين أيما مناشده وإستجديتهم أيما (إستجداء) التبرع لى بنظارة لكنهم لم يستجيبوا .. لذلك أكون شاكرا لك يا إبنى لو أرسلت لى نظارة (إضافة للمصاريف) مع أول شخص قادم .. مرفق ورقة الكشف !!


    والدك

    أظلمت الدنيا فى وجه (الباشا) فهو حتى تلك اللحظة التى وصله فيها (الخطاب) (عاطل عن العمل) يجلس (عالة) مع هؤلاء (المعارف) إلا أن (الموقف) جعله (يستدعى) ملكاته (الإعلامية) و(الإخراجية) ليقوم (بتدبيج) خطاب إعتذار (مكرب) لوالده يقول فيه :

    الوالد العزيز
    طبعا نحنا جينا فى (رمضان) وهنا (رمضان) كلو ما فيهو شغل و(المؤسسات) كلها (قافلة) وبعد (رمضان) جاء (العيد) والبلد كلها (مأجزة) عشان كده يا بوى لسه ما نزلت الشغل وداير ليا شهر شهرين عشان أرسل ليكا ( النضارة) والمصاريف وتحياتى للجميع وحتى رسالة قادمة

    إبنكم الياشا

    الباشا يتألق :

    تكررت مناشدات وخطابات أسرة (الباشا) لإبنها حتى بلغت 70 خطاباً وتكررت معها (إعتذارات) الباشا حتى بلغت 70 إعتذارا وذلك قبل أن يكمل (الباشا) عامه الأول ، مرة يتعلل بسفر (الكفيل) لقضاء إجازته بالخارج ومرة بأن أحدهم قد قام بنشله أثناء إستلامه (للقروش) من البنك وتارة أخرى بأن الشخص الذى أعطاه (المصاريف) لإرسالها قد (صدمته) حافلة وهو فى طريقه (للمطار) و ...
    ذات يوم وعندما كان ( الباشا) جالسا فى غرفته يحاول كتابة الرد على الخطاب رقم 71 دخل علية (أب كرنك) والذى يعمل (ميكانيكى سيارات) ويسكن فى الشقه المجاورة لهم وهو يبدو عليه الزهج والضيق :
    - شنو يا (أب كرنك) مالك مبوز كده؟؟
    - والله ناس البيت رسلو ليا عاوزين مصاريف والظروف ذى الزفت
    - بسيطه
    - بسيطه شنو ؟؟ بقول ليكا عايزين مصاريف
    وقام الباشا بشرح الأمر (لأب كرنك) حيث عرفه بأنه –أى الباشا- أصبح (أستاذا وخبيرا) فى كتابه رسائل الإعتذار وأن المسألة بالنسبة له فى غاية البساطة وكلها شوية (سطرين) مقنعين و(كده) وبالفعل فقد قام (الباشا) بتملية (أب كرنك) رسالة إعتذار (مكربة) ومؤثرة لدرجة أن أفراد أسرة (أب كرنك) قد قاموا فور تسلمهم للرسالة بجمع مبلغ من المال وتحويله له كأول سابقة من نوعها تحدث فى دنيا الإغتراب .
    ذاعت شهرة الباشا بين (المغتربين) وخاصة ذلك القطاع منهم الذى لم يفتح الله عليه بعمل أو الذى يعمل عملا هامشيا لا يمكنه من أرسال (مصاريف) لذويه أو أولئك الذين تقف (رسوم تجديد الجواز) أو (الضريبة) أو (المساهمات الإلزامية) حجر عثرة فى طريق (عودتهم) للبلد :
    _ والله قالولك فى واحدن إسمو (الباشا) ساكن فى حى (الدخل المحدود) بس توريهو (ظروفك)
    يكتبلك جوابن لمن (ناسك) يآمنو؟؟
    - ده مش (الزول الكتب) لى واحد جواب (أعذار) قامو أهلو حولو ليهو القروش من (الخرطوم)
    - بس ياهو ذاتو
    ثم لا يلبث ذلك الشخص (الممكون) أن يقوم بالذهاب ومقابلة (الباشا) الذى يبتدره قائلاً :
    - أها إنت مالك؟؟
    - والله بس ليا 4 شهور .. وإنت عارف الحالة يا أستاذ
    - فى الفترة دى ما رسلت ليهم ولا جواب
    - أرسل كيفن عاد (جواب) بلا (ريالات) ؟
    - أبوك وأمك حيين؟
    - أمى ميته لكن أبوى حى
    - طيب أمسك الورقه دى أكتب :
    - الوالد العـــزيز
    - الإخوة الأعزاء
    أتمنى من الله تعالى إنكم تكونو بخير وعلى أتم صحة وعافية :
    ويبقوم (الباشا) بتملية (الشخص) خطاب إعتذار (مكرب) ملئ (بالمكنات) التى (تدير) رؤوس ذويه وتجعلهم (مصدقين) و(مؤمنين) بما خطه يراع الباشا من (أعذار) !!

    نقطة تحول وشهرة:
    لقد إتضح (للباشا) أن الشهرة الإعلامية التى ينشدها فى سبيلها إليه لا ريب فى ذلك فهو الآن على لسان معظم أفراد (الجالية السودانية) بل أن أفراد بعض الجاليات العربية الأخرى قد جاؤوا إليه يطلبون العون (الإعتذارى) ولولا أنه (أى الباشا) لا يعرف للإنجليزية (صرفاً) ولا (عدلا) لقام بإستقبال أعضاء الجاليات (الأنجلوسكسونية) أيضاً .
    درج أصحاب بعض الحالات (الإعتذارية) أن يقوموا بإعطاء (الباشا) بعض (الريالات) (كعطية مزين) عبارة عن (بقشيش) أو ما شابهه نظيرالجهد المضنى الذى يبذله فى تحضير (الأعذار) وصياغتها حسب الحالات التى تمثل أمامه والتى تختلف حجما وشكلا وموضوعا غير أن (الباشا) أحس بأن ذلك (الأجر) لا يتناسب مع ما يبذله من (مجهودات) بلاغية وإنشائية و(إقناعية) فقام بوضع (تسعيرة) تتناسب وعدد ونوع الأعذار التى (يبتدعها) إضافة إلى ما يحتويه الخطاب من (كلمات) . وقد قام بكتابه تلك (التسعيرة) على (كرتونة) بالقلم الشينى على تربيزة (أب كرنك) الذى قام بتعيينه (مساعدا) له فى تسجيل إسماء (المعذورين) وحفظ (الدور) وإستلام (الرسوم) !!

    الفنجرى حاله خاصة :
    (الفنجرى) قدم إلى المملكة قبل أكثر من عشرة سنوات كسائق بإحدى شركات الطرق ولم تلبث (الشركة) بعد أشهر قليلة من حضورة أن أفلست وتمت تصفيتها ليجد (الفنجرى) نفسه بدون عمل وبدون (مؤهلات) تعينه فى التقديم لأى وظيفة كانت الشئ الذى جعله يسكن متنقلاً من (جمعية) إلى (أخرى) ومن (بيت عزابة) إلى آخر غير قاطع (للعشم) فى أن يجد أى وظيفه يستطيع من خلالها أن يقوم (بتحويش) شوية (ريالات) تجعله قادراً على (تجديد) جوازة ودفع ما عليه من إلتزامات (ضريبية) إضافة إلى قيمة (تذاكر السفر) عائداً للبلد !!
    اليوم تسلم (الفنجرى) خطابا من (أم الأولاد) تفيده بأن زواج (إبنته الكبرى) من إبن خالتها سوف يكون فى بداية الشهر القادم وإن عليه إرسال بعض المصاريف لذا فقد قرر والحزن يكسو ملامحة أن يذهب (للباشا) لتسطير خطاب إعتذار (مدنكل) .
    بعد قام (الفنجرى) بتسجيل إسمه لدى (أب كرنك) قام بالدخول لمقابلة (الباشا) والذى بعد أن (إستوعب) موضوعه تماماً قام بإعطائه ورقة وقلماً ليملى عليه الخطاب إلا أن (الفنجرى) كان بعد كل فقرة من فقرات الخطاب يقوم بالبكاء بصوت مؤثر الشئ الذى حدا بالباشا بأن يقوم بإحضار (جهاز تسجيل) ثم وضع عليه شريطاً فارغا وجعله فى حالة الإستعداد للتسجيل قائلاً للفنجرى :
    - حالتك دى يا خوى ما حالة (كتابة) دى حالة (كلام)
    - (وهو يقشقش دموعه) : يعنى شنو؟؟
    - يعنى ذى (البكاء) و(الخجخجة) و(المؤثرات الصوتيه) دى لازم تتسمع – ثم مواصلا- أقيف قريب من (المكرفون) بتاع المسجل ده وأنا ح أمليك تقول شنو وإنت تتكلم .. يبدأ الباشا بتملية (الفنجرى) بصوت هامس و(الفنجرى) يقوم بالتسجيل وفجأة يقوم ( الباشا) بإيقاف جهاز التسجيل ويخاطب (الفنجرى) قائلاً :
    - الحته دى بالذات أنا عاوز فيها (العبرة) تخنقك .. لازم تسمعهم صوت (العبره) هنا وهى قاعدة تخنقك
    يقوم (الفنجرى) بأداء حته (خنقت العبرة) كما طلبها منه (المخرج) الباشا تماماً ثم يستمر (الباشا) فى عملية التلقين الهامس حتى إذا قام (الفنجرى) بأداء أحد المقاطع الباكية قام (الباشا) بإيقاف التسجيل وهو يقول له :
    - حتة البكاء دى أنا عاوز معاها شويت (شهنفه) وبعدا داك طوالى عاوزك (تتمخط) تمخيطا
    كبييييره عشان يعرفوك بتبكى جد !!

    وتتم إعادة (المشهد) الباكى الذى قام (الفنجرى) بأدائه بتلقائية وعفوية لا ينافسه فيها إلا (مكى سناده) فى مسلسل (خطوبة سهير) ..
    بعد الإنتهاء من تسجيل شريط (أعذار الفنجرى) قام (الباشا) بإرجاع الشريط من البدايه حتى يستمع له (الفنجرى) وحتى تكتمل له الرؤية الفنية الإخراجية .. كان (الفنجرى) يستمع للشريط وهو يقوم بالبكاء والنحيب عقب كل فقرة حتى إذا ما إكتمل الشريط (إستغفر الفنجرى الله) وقام بمسح وجهه بطرف (جلابيته) وهو (يتشهنف) قائلاً للباشا :
    - ول ول والله يا يا يا أس أس أستاذ ما عارف أشكرك كيف
    - تشكرنى دى شنو ؟؟ هسع الأعذار بتاعتك بدل (كتابة) خليناها ليكا (أوديو) ؟
    - يعنى شنو يا أستاذ؟
    - يعنى عاوزين ميتين ريال .. المسألة فيها رؤية (أخراجية) وبعد (تشكيلى) و(مؤثرات
    صوتية) وكده !
    وبعد نقاش طويل قام (الجماعة) الذين جاؤوا بالفنجرى بالتدخل وإعطاء الباشا (ميت ريال) بعد أن أكد لهم الباشا بأن (الميتين ريال) ذاتم شويه على شاعر وفنان وصحفى ومقدم برامج تلفزيونيه ومعد برامج إذاعية ومذيع مباريات و(خبير إعلامى) فى قامته !!

    كانت حالة (الفنجرى) حالة خاصة أضافت لتجربة (الباشا) فى كتابة الاعذار بعداً (صوتياً) جديداً وبالطبع رسوم (إنتاج فنى) أعلى ، الشئ الذى جعله يقوم بعمل بعض الترتيبات فى الغرفة التى يقيم فيها مع (العزابة) منعاً (للضوضاء) من أجل (نقاء التسجيل) كما قام بتدعيم (الأستديو) وذلك بشراء واحد مسجل إستيريو يابانى أصلى DOUBLE DECK (من دخل العيادة) لنسخ أشرطة الأعذار وذلك فى حالة طلب (المعذور) لأكثر من (نسخة) !!
    جرت (الريالات) فى يد (الباشا) بعد أن تفتقت موهبته (العاطلة) فى مجال (الإعلام) لتختزل إلى (كاتب أعذار) جوابية وصوتيه ، قام بالإنتقال من (شقة العزابة) التى آآوته حينا من الدهر كان فيها نسيا منسيا غاسلا (للصحون) ومظبطاً (للسلطة) ومسبكاً (للحلة) بدعوى أن (منزل العزابه) هايص ومزعج ولا يتاسب مع (الحالات الإبداعية) التى تعتريه كما لا يستطيع أن يستوعب (أعماله الفنيه) ، إنتقل إلى شقة فى أحد الأحياء الشعبية كتب على بابها الخارجى لافته بالحبر (الشينى) – (الباشا كاتب أعذار) !!

    طيفور وحكايتو :
    كان يمكن لمراحل تطور (كاتب الأعذار الباشا) أن تقف عند هذا الحد لولا (طيفور) سائق الشاحنات والذى جاء مغترباً قبل زهاء العشرين عاما لم (ينزل) فيهم البلد مرة واحدة ولم يرسل فيهم (ريال واحد لأولاده) حيث تعرض فى بداية عامه الإغترابى الثانى إلى حادث حركة أدى إلى أصابته بكسر فى (فخذه) كما أصيب (بداء السكرى) نتيجة (للخوفه الدخلتو) مما جعله (عاطلاً) عن العمل طوال تلك الفترة ..
    بعد أن قام الباشا بتفهم حالة (طيفور) وقام بتصنيفها كحالة (صوتيه) قام بوضع (جهاز التسجيل) فى حالة التأهب وطلب من (طيفور) أن يقوم بترديد ما يقوله له :
    الوالد العزيز موسى
    الوالده العزيزة أم الحسين
    الزوجة العزيزة نعمة
    كيف حالكم وأحوالكم إن شاء الله تكونوا كويسين وطيبين ..
    وإستمر (التسجيل) سلساً بين أعذار (الباشا) التى يهمس بها وتدرجات الصوت الباكية (لطيفور) التى تتطلبها (رؤية الباشا) الإخراجية حتى جاءت لحظة إنخرط فيها (طيفور) فى البكاء وهو يدخل يده فى جيبه ويخرج بعضاً من علب (الأدوية) وهو يقول :
    - لو ما مصدقنى يا جماعة أهو ده دواء (السكرى) وأهو ده دواء (الجلطة) –ثم ويرفع
    (الجلابية) مشيرا لجرح قديم فى فخذه – وأهو ده (الجرح) بتاع الحادث و.. هنا قام
    الباشا بإيقاف التسجيل وهو يقول لطيفور :
    - هم هسع شايفنك ؟؟ هم هسع شايفنك ؟؟ شنو بتطلع فى العلب دى من جيبك؟؟ وبترفع فى
    جلابيتك ؟؟
    - (يمسح دموعه) : لكن يا أستاذ
    وهنا لمعت فى ذهن الباشا فكرة وهتف كمن وجد شيئاً :
    - إنت حالتك دى (فديو) !!
    - (فى إندهاش) : يعنى شنو يا أستاذ؟
    - أيوه إنت لازم ( الأعذار) بتاعتك دى (تتصور)
    - ما مشكلة يا أستاذ ممكن نتصور !!
    حيث أن الباشا لم يكن لديه (كاميرا تصوير) فقد طلب من (طيفور) الحضور غداً فى ذات الموعد لتصوير (الأعذار) ريثما يقوم بإحضار (كاميرا تصوير) وبعض معينات (الإخراج) الأخرى كالإضاءة و(الديكور) و(المكياج) !!
    فى اليوم التالى كان الباشا قد قام بمساعدة (أب كرنك) بإعداد (الغرفة الأستديو) للتسجيل و(إعداد وكتابة) السيناريو والذى قضى فى كتابته (الليل مساهراً) حتى يقوم بتمثيله (طيفور) الذى حضر فى الوقت المحدد ..أمسك (الباشا) بالورقة التى كتب عليها (السيناريو) وقام بتلقين (النص) لطيفور الذى بدأ فى أهبة الإستعداد (للأداء) بعد أن قام (أب كرنك) بعمل بعض (المكياج ) له ليبدو (طيفور) أكثر (تعاسة) وغماً وذلك بصب بعض (البوهية البيضاء) على (شعره) ودهن (شوية زيت فرامل) على (جضومه) .

    (المشهد الوحيد) ليلى – داخلى (غرفة طيفور) :
    وبدأ التصوير) (الكاميرا) تتجول فى الغرفه التى تحتوى على (سرير) فقط وأمامه (تربيزة) خشبية عليها (أصناف) متعدده من (الحبوب)و (الأدويه) ، يسير (طيفور) نحو (السرير) وهو يتأبط (عصا) يتوكأ عليها وهو يئن ويقول :
    - يا الله ... يا الله ... يا معين ... يا معين
    ثم يجلس فى السرير (على مراحل) وهو فى إتجاه (الكاميرا) وبعد أن يجلس تماماً يقوم
    بتناول صندوق أحد (الأدوية) من (التربيزة) يفتحة يأخذ حبتين يضعهما على فمة وهو
    يقول :
    - يا شافى إنت الشافى
    ثم يتناول (جك) الموية ويصب على احد (الأكواب) ثم يرفعه مزدردا (الحبوب) ثم يردد مرة أخرى :
    - يا شافى إنت الشافى
    يستعدل (طيفور) فى جلسته وهو يبدى علامات الألم عند كل حركة يتحركها ثم (يتنحنح) فى صوت (خافت) وهو ينظر صوب (الكاميرا) قائلا :
    بسم الله الرحمن الرحيم ..
    الوالد العزيز موسى
    الوالده العزيزة أم الحسين
    الزوجة العزيزة نعمة
    كيف حالكم وأحوالكم إن شاء الله تكونوا كويسين وطيبين .. ذى ما شايفين أنا بالحالة دى (هنا يوجهه الباشا من خلف الكاميرا أن يجهش بالبكاء فيفعل ) - ثم يواصل بعد أن يكفكف دمعه بطرف جلابيته – أها ليا كم سنه وأنا بعد الحادث )الباشا يشير إليه بإبراز الجرح الذى على فخذه ليأخذ له لقطة close-up) !!
    يستمر تصوير (المشهد) والذى يبدع فيه (طيفور) إيما إبداع بصورة (تقطع نياط القلوب) ساعدت على تجسيدها (لمحات) الباشا (الإخراجية) !!

    قام الباشا بإطفاء (كشافات الإضاءة) بينما كان (طيفور) يقوم بالتخلص من (المكياج) الذى قام (أب كرنك) بوضعه بداية (بالطلاء الابيض) الذى يمثل (الشيب) الذى ملأ به (رأس) طيفور كناية على الوهن والتعب والتقدم فى العمر مروراً بزيت (الفرمله) الذى رسم به (التجاعيد الإصطناعية) إنتهاء (بالصلصة) التى قام بسكبها على (الجرح) ليبدو (متقيحاً) وغير ملتئم .
    بعد أن إنتهى طيفور من إزالة (المكياج) وإنتهى (الباشا) من إعادة تشغيل (الشريط) والتأكد من أن (كل شئ تمام) قام (الباشا) بإخراج (الشريط) من (الكاميرا) وتسليمه لطيفور الذى أخرج من جيب (جلابيته) مائة ريال مدها (للباشا) الذى بدأ عليه الإندهاش :
    - ده شنو؟؟
    - ده حق الشريط يا أستاذ؟؟
    - بس معقول ؟؟
    - شنو الما معقول يا أستاذ؟
    -(فى حالة زعل) : بس معقول الكلام ده كلو بى (ميت ريال)؟؟ المكياج بتاع (أب كرنك) ده
    بس بى (ميتين ريال) !!
    - (فى إندهاش وزعل) : يعنى شنو؟
    - يعنى حقى أنا وين ؟؟.. وين حق .. الكاميرا والشريط وكتابة السيناريو والتصوير
    والإضاءة والديكور والمونتاج .. والأعذار ؟؟؟ !!
    - (فى ضيق) : يعنى هسع عاوز كم ؟؟
    - (فى جدية) : يعنى لو جاملتك خلاص أدفع (سبعميت ريال)
    - إنت يا زول (مطرطش) هو أنا كان عندى (سبعميت ريال) كان جيتك هنا ؟ ما كان رسلتها
    للأولاد من زمان وإنتهيت !!
                  

العنوان الكاتب Date
(ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار الفاتح يوسف جبرا01-26-07, 06:02 AM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار فاروق حامد محمد01-26-07, 09:35 AM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار ناذر محمد الخليفة01-26-07, 01:05 PM
    Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار الشفيع عوض شوشتا01-26-07, 04:55 PM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار alrasikh01-26-07, 05:14 PM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار Adel Sameer Tawfiq01-26-07, 09:50 PM
    Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار محمد عمر الفكي01-27-07, 10:02 AM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار الفاتح يوسف جبرا01-28-07, 05:27 PM
    Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار ابوبكر يوسف إبراهيم01-29-07, 09:31 AM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار الفاتح يوسف جبرا01-29-07, 04:50 PM
    Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار عثمان سيد أحمد01-29-07, 07:53 PM
  Re: (ســـيناريوهات) : الباشــا كـاتب أعـذار الفاتح يوسف جبرا01-31-07, 02:02 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de