يوميات الثورة السودانية – الجزء الثانى

Quote: اللقاء الذي جمع بين المشير البشير والإمام الصادق المهدي بمنزل الأخير جاء في وقت يشهد فيه الوضع السياسي والاقتصادي والإنساني في السودان تأزما وتعقيدا بالغين، لقاء وصفه الإمام المهدي بالأخوي بينه وبين المشير اللقاء الذي لا يستحق وصفه أكثر من(اجتماع ثنائي) ولقاء عادي لم يكن ولن يكن الأول ولا الأخير وفي كل مرة يخرج للعلن مثل هذا اللقاء بأشياء خلاف تلك التي تم نقاشها بداخله، المهدي من جانبه يطمع كثيراً في هذا اللقاء خاصة مع إقتراب تشكيل الحكومة الجديدة التي يعلن عنها المؤتمر الوطني ، وحزب السلطة الحاكمة يريد من هذا اللقاء كسبا إعلاميا يظهر فيه بمظهر الحريص علي التشاور مع القوي السياسية الأخري، ولكن غرضه الأساسي هو محاولة البحث عن مخرج لأزمة ـ من صنع يديه ـ استحكمت حلقاتها مما يهدد وجوده خاصة مع التدهور الاقتصادي الفظيع، اجتماعا قال منظموه أنه ناقش قضايا سياسية قومية. إذن السؤال الذي يفرض نفسه كيف للقاء ثنائي أن يناقش قضايا قومية، وللسودان تجارب في مثل هذه اللقاءات الثنائية والاتفاقيات التي ذهبت ادراج الرياح، وهي تحمل في طياتها(الجرثومة الثنائية القاتلة) …وسؤالا آخراً يفرض نفسه بقوة بعد الحديث عن القومية من قبل الطرفين…من بيده المقود…؟ حزب الأمة الذي أصبح يستجدي فتات السلطة أم المؤتمر الوطني الذي (فقد كل شيء) سياسيا وجماهيريا واقتصاديا. لقاء المأزومين …وتجريب المجرَّب: لقاء البشير بالصادق جاء هذه المرة والطرفين المتحاورين يعيشان أزمات داخلية في حزبيهما، حزب الأمة من جهة تتنازعه التيارات داخله كل تيار يريد أن يلعب لصالح أوراقه، تيار الإقتراب من الحكم والذي أصبح الآن على رأسه الإمام الصادق الذي ـ رغم تباين مواقفه ـ إلا إنه وفي ظاهر الأمر يبدو أنه قنع من مسألة معارضة النظام وتذكرته التي يسميها بتذكرة الرحيل التي تطالب برحيل النظام؛ والتي لم تجد صدا واسعا كما روَّج وتوقع لها حزب الأمة وهو الآن قد حزم أمتعته مستعداً للذهاب حيث المؤتمر الوطني وهو يحلم بتبعات هذا الأمر من حيث الإستوزار والمناصب، والصادق نفسه يريد من هذا اللقاء إرسال رسالة للتيار الرافض للمشاركة في الحكم داخل حزب الأمة مفادها أنه يجد القبول من النظام الحاكم، ويمكنه الدخول معه في أي حكومة في لعبة تكتيكية يعتقد الصادق أنه يجيدها تماما، المؤتمر الوطني من جانبه استحكمت عليه الأزمة الوطنية التي صنعها بيده ويريد من الآخرين مشاركته في وزره هذا وهو قطعا لن يجد غير الصادق المهدي بخلفيته المعروفة في هذا الأمر ـ وقد جربه النظام ـ ووجده سريع النهمة في كل مرة لم ولن يتمنع عن الحوار مع النظام من أجل مصالح شخصية وذاتية ضيقة، ولكن والمستشفى من هذا الأمر وكل أمر تتعدد لقاءات الطرفين وكل طرف منهما يعرف الآخر تماما، ومثل هذه اللقاءات هي عبارة عن لقاءات تجريب المجرَّب ومعروف ما آل من يجرب المجرب. الحزب الشيوعي …التمترس خلف الموقف الصحيح: الحزب الشيوعي من جانبه قطع بعدم الدخول في أي تفاوض مع السلطة الحاكمة خارج نطاق شروط قوى الإجماع الوطني وشدد على رفضه لأي حوارٍ أو تفاوض لا يضمن هذه الشروط وقال القيادي بالحزب وقوى الإجماع الوطني صديق يوسف في تصريحات لـ(الميدان):( إن شروط قوى الإجماع التي توافق عليها الجميع في التحالف تشتمل على قيام وضع انتقالي كامل في ظل حكومة قومية تضمن الانتقال للديمقراطية، وإشاعة الحريات العامة وإيقاف الحرب في دارفور والمنطقتين وذلك إضافة لإعتراف المؤتمر الوطني بالأزمة وتسببه فيها والعمل على حلها بايجاد بدائل جديدة لسياساته التي عمَّقت من الأزمة زائداً وجود حل شامل وعادل لأزمة ابيي علاوة على حل شامل للأزمة الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ رافضاً التنازل عن أي شرط من الشروط التي ذكرها وقال:( إن موقف الحزب من موقف قوى الإجماع) لافتا إلى بعض الأحزاب داخل التحالف تريد أن تفاوض المؤتمر الوطني بعيداً عن هذه الشروط وقال إنها ترى الجلوس مع المؤتمر الوطني لدعوة الأحزاب للمشاركة في حل الأزمة، مبينا أن هذا هو الفرق بين مواقف هذه الأحزاب وموقف الحزب الشيوعي وقوى الإجماع الوطني، مؤكدا على أن التحالف ذكر شروطه وعلى المؤتمر الوطني أن كان جاداً أن يوافق ويعمل على تنفيذ هذه الشروط حينها يكون لكل مقام مقال. قوي الإجماع: حزب الأمة يعطي المؤتمر الوطني أكسجين إضافي: تحالف قوى الإجماع رأيه مثل رأي الحزب الشيوعي في قضية الحوار مع النظام حيث يقول الناطق الرسمي باسم التحالف كمال عمر لـ(الميدان): إن التحالف لديه موقف ثابت من قضية الحوار مع النظام ضمنه في وثيقة البديل الديمقراطي فيما يتعلق بالعلاقة مع الحكومة أن لا تفاوض أو حوار مع النظام إلا عبر الشروط المتفق عليها، وقال كمال: ( إن التحالف كله يطرح قضية إسقاط النظام بينما حزب الأمة يطرح شعار التغيير عبر الوسائل التي يسميها بالناعمة) مشدداً على أن هذا لقاء لا يمثل المعارضة، ويعتبر انتهاك لما هو متفق عليه في وقت الإجماع وإنه لما يأت بجديد والتأكيد فيه تم على قضايا بديهية أصلا وليست منحة أو هبة من أحد، ويرى كمال أن حزب الأمة أعطى المؤتمر الوطني أكسجين إضافي هو يفتقده لافتا إلى أن الأزمة لا يمكن أن تحل بلقاءات وصفها بطريقة(القطاعي) مؤكدا على إن كل رؤساء قوى الإجماع متفقون على عدم الجلوس مع المؤتمر الوطني إلا عند قبوله بالوضع الانتقالي الكامل مطالباً كل القوى السياسية برفض مثل هذه الدعوات من قبل الوطني، وقال: إن النظام يبحث عن شرعية جديدة يفتقدها واصفا لقاء المهدي بالبشير بلقاء العلاقات العامة، رافضا أن يكون حزب الأمة وصيا على أحد أو يمتلك فيتو ضد الآخرين. متهما النظام بمحاولة خلق ربكة وسط قوى المعارضة، وقال ساخراً:( هل حزب الأمة تنازل عن فكرة الرحيل؟) مشدداً: على موقف التحالف الثابت بـاللا حوار مع الوطني، إلا في ظل الشروط التي وضعتها قوى الإجماع مؤكداً على مضي التحالف في طريق إسقاط النظام وأنه لن يلتفت لمثل هذه الأحداث، وقال: إن الخاسر في النهاية هو حزب الأمة وليس التحالف أو المعارضة أوالشعب لأن الشعب والتحالف لن ينتظرون أحدا وسيمضون في طريقهم، مشيراً إلى أنهم يراهنون على القوى الحية في المجتمع صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، وقال ):إن الفيصل في أوزان الأحزاب هو إلتزام خط الجماهير والتغيير وليس التاريخ).