|
الكيد السياسي والمحكمة المهزلة
|
لا يزال البعض يرفع حكم مهزلة "الردة" التي عقدها الرئيس المخلوع نميري وسدنته كلما ذكر اسم الأستاذ محمود محمد طه ، عن جهل أو عن سوء قصد ، مما يستوجب القاء بعض الضوء على خلفية تلك المحكمة المؤامرة ودوافعها وماتم بشأنها من الغاء لحكمها الجائر عندما هب الشعب هبته الجبارة وكنس ذلك النظام المشئوم الى مزبلة التاريخ .. ولن احتاج لبذل مجهود كبير لفعل ذلك فقد كتب الجمهوريون كتيبات تكفلت بهذا العمل ، سأقوم بعرضها منجمة هنا حتى لاينسى الشعب ممثلا في قراء هذا المنبر الكرام ماكان يجري حينها على أيدي المهووسين .. ولنبدأ بعرض كتاب "الكيد السياسي والمحكمة المهزلة" والذي نشر بعيد الانتفاضة في مايو 1985 .. عمر
الإهــداء:- الى المستضعفين من أبناء هذا الشعب!! الذين واجه الأستاذ محمود محمد طه حبل المشنقة، من أجلهم مبتسما!! نهدى هذا الكتاب اليهم، كما أهدى هو إليهم كتاب المقاومة، بقوله:- (الى المستضعفين من أبناء شعبنا، الذين لم يروا من الإسلام على يد قوانين سبتمبر 1983 غير السيف والسوط!!) لقد إختاركم هو، وأنحاز اليكم، حين أختار نصرتكم فى وجه جلادكم، فتعرّض الى ما تعرّضتم اليه من إعتقال، ومحاكمة، وسجن، وشنق!! فلم يستأنف، ولم يسترحم، ولم يقبل المساومة فى قضيتكم.. فلقد آذاه أن يرى المرأة المكسورة الجناح تجلد على مشهد من الرجال، والشيخ الضعيف يجلد على يد شاب جلد!! آذته مهانة الشعب ومذلّته!! بينما المجرمون الحقيقيون محميّون وموفورون، فرأى أنّ أقرب القربات الى الله هى نصرتكم أنتم.. نصرتكم أنتم هى الدين ..
بسم الله الرحمن الرحيم (وقال فرعون: ذرونى أقتل موسى، وليدع ربه، إنى أخاف أن يبدل دينكم، أو أن يظهر فى الأرض الفساد * وقال موسى: أنى عذت بربى وربكم من كل متكبر، لا يؤمن بيوم الحساب * وقال رجل من آل فرعون يكتم إيمانه: أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟؟ وإن يك كاذبا، فعليه كذبه، وإن يك صادقا، يصيبكم بعض الذى يعدكم، إن الله لا يهدى من هو مسرف كذّاب) صدق الله العظيم
المقدمة:- هذه الآيات الكريمات تخبر عن صنيع الفراعين، حيث وجدوا، بالمصلحين، حيث وجدوا .. ذلك أن الباطل المستطيل، والحق الصادع لا يتعايشان .. غير أن وعيد الحساب يظل يلاحق المبطلين، الفاجرين بالخصام: (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله؟؟) .. إننا نكشف فى هذا الكتيب أن محاكمة الأستاذ محمود محمد طه، برمتها، ليست سوى مكيدة سياسية، تستّرت وراء ستار العمل القضائى المزيّف، لتصفيته جسديا.. ذلك أنه صادم سلطة مايو بصمامة فريدة، فى آخر معاقلها التى لجأت اليها، بعد أن مادت بها الأرض، وهو تزييف الدين لإسباغ شرعية دينية زائفة على سلطتها الفردية، وممارساتها القمعية، بها ترهب الشعب، وتنّكل بالمعارضة .. ولقد أعانها على هذا التزييف للدين شركاؤها فى المصلحة والمصير، من الأخوان المسلمين وصنائعهم، فشاركوها أيضا فى هذه المكيدة السياسية وهم يواجهون معا خصما واحدا!! ونكشف فى هذا الكتاب الضعف القانونى وهو يكتنف محكمة المهلاوى (محكمة الموضوع) وتهافتها على إعلان الحكم المبيّت بالإعدام، والذى سرعان ما أيدته محكمة المكاشفى (محكمة الإستئناف) بعد أن حوّلته لحكم بالردة، فأوسعت فكر الأستاذ محمود محمد طه تشويها منكرا، ثم أيدته (محكمة نميرى) بتشفّ وتشويه أنكر .. اننا اذ نطالب بالإدانة السياسية لهذه المحكمة، وبإلغاء حكمها قضائيا، انما نسعى لنبرىء ذمة هذا الشعب، وساحة قضائه، من هذه الجريمة المنكرة التى هزّت ضمير الشعب السوداني وضمير العالم الحر .. إن الجريمة على بشاعتها قد لفتت نظر العالم الى قيمة أصيلة فى هذا الشعب، إستطاع الأستاذ محمود، بموقفه الفريد، أن يبرزها إبرازا تاما، وهى قيمة المقاومة السلمية الصامدة التى تأبى الضيم، وتنتصر للمستضعفين .. وقد أبرزها هذا الشعب فى ثورته الشعبية فى مارس وأبريل، بصورة بوّأت هذا الشعب مقام الأستاذية فى أدب الثورات .. هذا الكتيب الموجز، يصدر بإذن الله، بين يدى كتاب وثائقى شامل حول تلك المحاكمة، كما يصدر فى أعقاب هذا الكتيب كتيب آخر بما قاله العالم بتفصيل فى إدانة هذه الجريمة، ويصدر كذلك كتاب مفصّل عن قوانين سبتمبر 1983، ومفارقتها للشريعة والدين، وتعارضها مع حقوق الإنسان.. والله نسأل أن يتقبل عملنا خالصا لوجهه، وعلى الله قصد السبيل..
خلفية المكيدة السياسية لتصفية الأستاذ محمود محمد طه لقد عارضنا، نحن الجمهوريين، إتجاه سلطة مايو الى الهوس الدينى، والى إستغلال الدين فى الأغراض السياسية، منذ نشأة هذا الإتجاه، معارضة قوية شجاعة .. فعارضنا (لجنة تعديل القوانين لتتمشي مع الشريعة الاسلامية) وذلك على أساس أن البعث الاسلامي لا يقوم بمجّرد سن القوانين وتطبيقها، وإنما هو يقوم بإشاعة الوعى الدينى، والتربية الدينية، حتى لا يجىء القانون الاّ ليسد ثغرات التربية، لا ليكون بديلا عنها، أو سابقا لها .. كما عارضنا إتجاه اللجنة الى تجزئة الشريعة بحجة التدّرج، وذلك أن بناء الشريعة قد تكامل بإكتمال نزول نصوصها القرآنية، فلا يمكن لأى جزء منها أن يخدم أغراضها العامة الاّ فى تفاعل مع سائر الأجزاء الأخرى .. وعارضنا (بنك فيصل)، وهو يستّحل الربا بإسباغ شرعية زائفة على معاملاته، ويقع تحت الإستغلال الحزبى للإخوان المسلمين.. وعارضنا شعار السلطة الزائف (أسلمة الإقتصاد)، بينما هى تثقل كاهل الشعب بالديون الأجنبية ذات الفوائد الربوية الطائلة .. ثم واجهنا الهوس الدينى، كما يمثله النائب الأول، ورئيس جهاز الأمن الدولة، عمر محمد الطيب، بكتابنا (الهوس الدينى يثير الفتنة ليصل الى السلطة)، والذى بسببه أعتقل عشرات الجمهوريين بسجن كوبر وسجون السودان الأخرى .. فرفعنا قضايا جنائية ضد عمر محمد الطيب تتهمه بإثارة الهوس الدينى والفتنة الدينية، وبإعتقالنا ومصادرة ممتلكاتنا بوجه غير مشروع، وبالتهجم علينا، وإستخدام القوة معنا، مستغلا سلطته فى الكيد والتشّفى، فوئدت هذه القضايا فى مهدها .. ولم يكن الغرض من رفع تلك القضايا الاّ الدخول فى مواجهة مع سدنة النظام تكشف تعسفهم مع خصومهم السياسيين.. ولعب نميرى بآخر ورقة تبقت له فى يده، وهى التستر بستار الشريعة، تزييفا لها، بعد أن فقد كل مقومات البقاء والإستمرار، وذلك لإرهاب الشعب، حيث أخذ السخط الشعبى يتعاظم، ولتصفية المعارضة الحزبية والنقابية، التى أخذت تخطط للعصيان المدنى – ففرض نميرى قوانين سبتمبر 1983، التى شوّهت الشريعة وأبرزتها فى صورة ردعية قامعة.. وعارض الجمهوريون من المعتقل تلك القوانين بكتابهم (الموقف السياسى الراهن) بتاريخ 2 مارس 1984 والذى قالوا فيه:- (إن القوانين الأخيرة ليست إسلامية!! بل إنها ليست شرعية!! وهى عمل ضد الإسلام وبصورة محزنة!! فإنها قد شوّهت الإسلام فى نظر الأذكياء من شبابنا، وفى نظر العالم، وجردت الإسلام من حكمته، وأظهرته بصورة قسوة تنصب على المساكين والمستضعفين لحماية الأقوياء والأغنياء...) وقالوا:- (ويكشف التطبيق العملى لهذه القوانين الجديدة عن مفارقات واضحة للنهج الإسلامى الصحيح الذى يقتضى أن يكون التطبيق للقوانين الإسلامية الصحيحة على أديم أرض ثابتة من إستقامة أمر الناس على جادة التربية والترشيد الإسلامى، ومن رسوخ أقدام العدالة الاجتماعية...).. وأصدروا بتاريخ 11 أغسطس 1984 منشورهم الذى يكشف عن صور لمخالفة تلك القوانين للشريعة نصّا وروحا وتطبيقا.. من ذلك أن قانون الإثبات الجديد أباح الأخذ بالبيّنة حتى ولو جآءت بوسائل غير مشروعة!! وحرّف قانون العقوبات الجديد حد الزنا للمحصن من الرجم الى الإعدام، مما يعد تعديا على حدود الله (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) .. ومن ذلك أيضا أن بعض محاكم تلك القوانين قد قطعت يد السارق من المال العام، مع أنه ثابت فى الحديث النبوى (لا قطع لمنتهب، ولا خائن، ولا مختلس). وذلك مما أبرز تلك القوانين ومحاكمها كأدوات للتجريم، والتنكيل، والتشهير!! وعارض الجمهوريون فى المنشور التعديلات التى اقترحها نميرى فى الدستور والتى تنصبه خليفة مدى الحياة وله الحق فى إختيار خليفته من بعده!! ورفع القانونيون الجمهوريون قضايا دستورية تطعن فى دستورية تلك القوانين، وذلك بعد أن جردوها من صفتها الإسلامية، وعالجوها كقوانين وضعية جائرة.. فطعنوا فى دستورية قانون الإثبات لإشتراطه الذكورة، والإسلام، لكمال عدالة الشهادة، وهو أيضا مما لا يخوّل للمرأة ولغير المسلم ولاية القضاء، وذلك مما يهدر حق المواطنين فى المساواة أمام القانون .. وطعنوا فى دستورية قانون أصول الأحكام القضائية لإعطائه الحق للقاضى فى الحكم حسب إجتهاده الفقهى فى القضايا غير المنصوص عليها فى القانون، وذلك مما يخرم مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية .. كما طعنوا فى قانون العقوبات لتمييزه فى العقوبة بسبب الدين.. ولكن تلك القضايا الدستورية وئدت فى مهدها، أيضا .. ولم يكن الجمهوريون يستهدفون من هذه القضايا الدستورية الاّ كشف مفارقة تلك القوانين للشريعة، وللدستور، معا .. فبرز الجمهوريون كمقاومة قوية فعّالة للسلطة..
نواصل ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-18-06, 11:38 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | محمد أبوجودة | 03-19-06, 09:01 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-19-06, 11:58 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-19-06, 12:02 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | kamalabas | 03-19-06, 12:09 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-20-06, 09:44 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Sabri Elshareef | 03-19-06, 12:39 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | adil amin | 03-20-06, 06:17 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-20-06, 10:06 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-20-06, 09:52 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-21-06, 11:44 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-21-06, 07:57 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-22-06, 09:57 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Haydar Badawi Sadig | 03-22-06, 04:19 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-23-06, 01:46 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-23-06, 01:49 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | خالد عويس | 03-23-06, 02:14 PM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-24-06, 11:48 AM |
Re: الكيد السياسي والمحكمة المهزلة | Omer Abdalla | 03-24-06, 11:57 AM |
|
|
|