يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 00:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالغني كرم الله بشير(عبدالغني كرم الله بشير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-13-2008, 06:31 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Sabri Elshareef)

    Quote: قطعا أستاذ مدثر أن الجنون والسحر -
    بمفهمومهما الذى تحدثت أنا عنه عاليه -
    ليسا ملاذ العقل العاجز، فالعقل العاجز يسلّم
    لما عليه عامة الناس ويسايره
    ولكن العقل الرافض، ناشد التغيير
    هو من "ينبذ" المسيرة فى القطيع
    ويطرق الطريق البكر وإن نبذه الناس
    ولكنهم قطعا سيئوبون الى طريقه
    "ضحى الغد" وعند "منقلب الرعاء تسبق الشاة العرجاء"
    و"فاز باللذة الفاتح المثابر"
    "الرافضون" بفكر هم "عزّال" هذا العالم

                  

04-13-2008, 07:16 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: doma)

    Quote: النار (تطهير)
    لكن، هل كانت الكتب، كتب ابن رشد لتحتاج تطهيرا؟
    مم؟
    أقول لك، قتلوا ابن رشد أيضا!!
    قتلوا السهروردي وابن عربي!
    قتلوا كل من سولت له نفسه بكتابة حرف (مارق) عن سياقاتهم.
    قتلوا خليل عبدالكريم والصادق النيهوم.
    أليست (الأحكام المعلبة) و(دعاوى الحرق) هي القتل بعينه؟
    أنا يعن لي أحيانا أن أحرق كل ما كتبت.
    لا أمزقه ولا أذروه، بل أحرقه.
    الحرق فعل مجيد.
    والكتابة كذلك.
    هم يحبون التناص.
    ونحن نحب المشي بمحاذاة النار، واستراق النظر، بل والامعان في النظر بين العقل والقلب.
    لا عليك !
    فـ(بول ريكور وسبينوزا ونيتشة وابن رشد) رجال، و(الحلاج وابن عربي والشبلي والبسطامي) رجال!!
    فليبتسم محمودا.
    لأن النار نور.
    وهي سر أزلي.
    فليبتسم.
    فليبتسم على صليبه، مثلما ضحك الحلاج.
    هل جربت يوما أن تعلو رؤوس الجلادين بحذائك؟
    ستصيبهم بـ(آلام) حادة في ظهورهم !!
    هي (فكرة)!
    هي فكرة يا صديقي.

    يا الله ما لهذا الدمع لا ينقطع
                  

04-13-2008, 07:54 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: doma)



    يالها من رحلة كتابة..

    (رحلة صعبة، رحلة جبلية، قالت عنها فدوى طوقان في مذاكراتها الصادقة جدا (كالخبز الحافي)، ..

    ياااااااه ماهذا ياعويس:

    Quote: ومن متعة القراءة، تحولت إلى القراءة الناقدة.القراءة التي تستشف ما بين السطور، وتميّز اللغة عن المعنى، والكلام عن النص، والاقتصاد عن التدفق (أو) المجانية.
    الموسيقى تخفرني، واللون، ألوان الطبيعة الزاهية.المجرى الذي يجف ثم يفيض بالماء - في دنقلا - في أوان الفيضان.الخضرة التي تنبت على أطراف الجروف، وألوان الأبقار والسماء والصحف.الأصوات والروائح.التفاصيل، حين يذهب (إبراهيم عويس) لـ(الحجامة)، فيحلقون له شعر رأسه، ثم يمررون الموسى على عنقه - من الخلف - فتنبجس نقاط الدم، ويضعون كوبا حاميا بعض الشيء، فيزول الصداع.
    الباعة في سوق دنقلا، وروائح الخضار واللحم والبهارات.طريقة جلوس (عبدالعزيز القوصي) أمام محله الكبير، وشربه الشاي.رجل مهيب، يزيده الثراء مهابة.لاحقا، حين ألتقي بالطيب صالح - في الرياض، للمرة الأولى – وإبراهيم الكوني - في دبي - سأدرك أن ثمة أشياء أبعد غورا من المهابة.
    أرش الحوش في العصر، وأحبّ رائحة التراب حين يحضن رشاش الماء.أنثر الذرة للحمام، فيحط على الأرض.أمضي أسوي التربة لنبتات الكركديه، وأحاذر أشواك شجيرة الليمون لأقطف.
    يبرد الجو قليلا، فأضع التلفزيون على الطاولة، ونسهر - إبراهيم عويس وأنا – لنشاهد (سينما سينما) و(فيلم الأحد).
    نذهب - مروان بابكر، ابن خالتي زكية محمد ساتي - إلى سينما (عمر) أو (قرشي) في دنقلا، بعد أن نملأ بطنينا بفول (علي الصائغ)، لنستمتع بأميتاب باتشان ودهرامندرا.
    تملأ خيالاتي صورة حبيبة تماثل الممثلات الهنديات.
    نعود إلى البيت بحذائين مدهونين بطبقة ناعمة من التراب. (أستاذ توبي دبل دي) الإنجليزي الشاب يهتم لأمرينا، ويزورنا أحيانا ليناقش (إبراهيم عويس) في أمور كثيرة.
    ينصحنا بالقراءة، ويوافقه (إبراهيم عويس).
    مروان وأنا نقضي على مكتبة المدرسة.أستمتع بسخرية (بيرنارد شو) وأتعرف إلى فولتير وروسو.
    (كمال الدين عووضة) يعرفني إلى بيرتراند راسل.
    راسل، أدونيس، أمادو، و..يعرفني (الكارب المحامي) إلى إبراهيم الكوني.
    الفضاء يتسع أكثر.
    (كمال..) يعرفني إلى الحلاج.
    يااااااااااااه
    الفضاء لا نهاية له.
    كلّ واحد يسلمني إلى آخرين كثر!
    وأبدأ أكتب.
    (الرقص تحت المطر)
    (إبراهيم العوام) يقول لي إنني لا أصلح أبدا للشعر، لكن (فلنتوكل على الله ولنذهب إلى الدكتور زهير لينشر لك الرواية)
    هناك أتعرف على (كائنات مجنونة)..الصادق الرضي، عاطف خيري، هالة المغربي، محمد جلال هاشم.
    تبدأ الرحلة.
    كانط، سبينوزا، دريدا، فوكو، نيتشة، الصادق النيهوم، جورج طرابيشي، برهان غليون، خليل عبدالكريم، نصر حامد، وأبوحامد، فرج فودة، نعوم تشومسكي، روبرت فيسك، بورخيس، يوسا، الليندي، وود وورد، كيتس، وود وورث، النفري، ابن عربي، ميشيما، مورافيا، كزانتزاكس، كافكا، ادوارد سعيد، درويش، الجواهري، البياتي، ماياكوفسكي، منيف، مينا، شكري، زفزاف،هيغل، ياااااااااه.....!
    و...(لويس أراغون)
    الله يخرب بيتو !!
    هلكني تماما طيلة ثمانية أشهر.
    يخرب بيتو!
    كل عبارة.كل سطر.كل صفحة!



    فعلا، حروفك، لم تولد إلا من جماع مع كل هذه القوى، وأكثر.. وأكثر... ألهذا حروفك (تتحدث منذ ولادتها، بل تحمل برحمها النبوءة، والفرح)، ككلمات المسيح الأولى...


    أسعدك الله ياعويس، وأسعدنا بك..
                  

04-13-2008, 08:25 AM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: doma)

    Quote: ماالتهمت الروح سطر الا وسال لعابها ..

    انا غايتو ما ابقيت دمعا لباكر
    يا ودرمليه
    قل لي الجابك هنا شنو يا الشقيه
                  

04-13-2008, 08:43 AM

Rasha Hatim
<aRasha Hatim
تاريخ التسجيل: 05-01-2006
مجموع المشاركات: 1681

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: doma)

    خالد وضيوفه.. ما احلى دفق كلماتكم على نهر الحنين...


    قول لي متين ديك السجم..

    خلا الصياح..

    وقت الصباح..

    والنسمة سايقاها الرياح..

    والفرحة ديك..

    في كل بيت لاقية ارتياح..

    حبوبة شديتي الملاح؟؟؟

    يا بنية هووووووي سوقي المراح..

    ادوني مفراكة وكنش..

    وبصلة وكمان حبة تبش..

    وشرو البرش..

    ابويا ابريقك هداك..

    جهزت ليك عود الاراك..

    صليت وراك..

    سبحت باللالوب معاك..

    جر يا كلب..

    امرق امش..

    خلي اليخش..

    هدااااااااك ملاك..

    طاحونة عيش..

    دقق بشيش..

    يا حليلا طيبتك يا بلد..

    بعمل جناح..

    ادوني ريش..

    بس كيف اعود ليكي واعيش..
                  

04-13-2008, 09:14 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: doma)

    Quote: يا سيدي، رفقا بي، فأنا قطرة في بحاركم، ولست إلا ذبابة تحوم فوق إناء العسل.
    ويكتبون: دراسة في (..) و(..)
    الولايات المتحدة، السودان، السعودية، بلجيكا، أستراليا !!
    من ؟
    من هذا؟
    تشعر بالزهو التافه، ثم حين تعود إلى كزانتزاكس مثلا، تشعر بالضآلة والخجل.تشعر أنك لا تساوي ذرة.
    تعود إلى الحلاج:
    ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !
    يغشى عليك.
    تنتابك الحمى.
    أين أنت، وأين هم ؟
    أنت متطفل وقح على عالم تحاول أن تنتمي إليه، وتشعر - بعد هوانك هذا كله - بالزهو ؟
    يمدون أرجلهم حين يقرأونـ(ك)
    يمدونها حين تتحدث.
    فـ(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)
    أين الرؤية يا ابن آدم؟
    يا ابن الطين؟
    أين أنت منـ(هم)



    ياله من هوان.. فيك..
    كحال فتى قريش، وهو يتعثر في الخطو، خارجا من الطائف...

    اللهم اشكو إليك قلة حيلتي،
    وضعف قوتي،
    وهواني على الناس..



    ....
    .....
    ...


    احساس الضآلة، أحساس مبارك، وحقيقي، في كون غامض، عظيم، مترامي بل مجهول الأطراف....

    طوبى لنا، بهوانك الجميل...

    فنبي الحقيقة قال عن نفسه

    (أعلم عالم، أمام الله، أحمق من بعير)...

    أحمق من بعير....
    فلم (الغرور)، بقولى عطشى..

    الخالد، لك حبي..
                  

04-13-2008, 09:56 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    عزيزي، خالد..

    لم أثرت الحنين، لأيام مضت، لطفولة هي الجنة، حيث الفرد محبوب، مرعي، متفائل، يبحث عن كيانه، وسعيدا به، ويرى (امه اجمل ام)،وابيه أفضل أب، وهو أجمل واسعد طفل الكون..

    هل ترى الحياة تنازلت عن هذا الحلم، والوعد..

    لا أظن...

    إليك، وإليكم احبابي، بعض من ذكرى، لأيام خلت، حيث الطين والحلم والبراءة:

    باسم

    (بتتعلم من الأيام)....






    ....
                  

04-13-2008, 09:59 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    "بتتعلم من الإيام" ..!!..


    (1)

    ود حاجة بنت المنى، بت العوض عدلان، عملت في طفولتي (طالبا، ومزاعا، وراعي، وحطاب)، وكنت غير مرغوب في حصة الدين، أما في حصة الجغرافيا، كنت الطفل المدلل، فكل الخرائط التي كانت تزين جدار سنة خامسة، (للسودان، والهلال الخصيب، والعالم)، كانت بأناملي الصغيرة... وخريطة (نهر النيل، من المنبع إلى المصب)، كنت اسبوع كامل ارسم فيها، وعلى ضوء فانوس، ومحني على الارض (لا طربيزة، بل على تبركوة ابي، كنت ارسم)، (الجنة ده راكع ليهو ساعتين)، هكذا رآني خالي مصطفى، في عتمة الليل، وانا ارسم خريطة نهر النيل، وللحق، (النيل يستحق السجود، والركوع، والافتتان)!!، توفي أبي مبكرا، فتوثقت علاقتي بالغيب، كان أبي هناك، وأمي هنا، فأي سعد هذا...

    حين انهيت رسم نهر النيل، رشفت جرعة منه، لم تكن مالحة، بل عذبة، فتأكد من روحه، هو الذي يجري جنوب قريتي، رأيت شعيعات القمر ترقص فوق الموج، كل شعيع امتطى موجة، وظل يتزحلق عليها، ورأيت اسماك متهورة، ابعدتها برفق عن صنارة الصياد، التي تتربص بها، عن طعم كاذب، ما أكثر الأكاذيب، ما أكثر الخوف..

    وتصاعدت رائحة الطمي، من رسمتي، أم من النهر؟ ، فأمتلا البيت:

    رائحة الطمي تملأ البيت.
    حنان أمي يملأ البيت.
    بخو الند يملأ البيت
    وضوء القمر يملأ البيت.

    كلها، وفي آن واحد، مع صوت اخواتي، وغناء بعيد، ونجوم ابعد، تظهر وتختفي، مترددة بين البقاء والفناء، كولي محتار، بين بقاءه بالله، مع الله، لله، في الله..


    وفي إجازات (الثانوي العام)، كنا نحمل الطوب، في بناء دار (سعد، وجلي، أثرى اثرياء القرية)، كي نشتري مع ابن اختي "جماع" (الالغاز، واجاثا كريستي، ويوسف السباعي)...والبلح واللالوب..

    في الخرطوم القديمة، كنت احضر حصة، واغيب ثلاثة حصص، كي اتسكع في جامعة الخرطوم، ومكتباتها، وشارع النيل، (كان أعز اصدقائي طالب مسيحي)، وكان استاذ التربية الدينة يتصور بأني مسيحي، (كنت أحب سارتر، وطبعا المسيح)، ولاشك (عبدالقادر الجيلاني)، وغوثيته، التي يدندن فيها (لم أظهر في شئ كظهوري في الإنسان)...

    أمتع لحظاتي حين اشاهد أخي الكبير وهو يرسم، وأخي الاصغر منه وهو يكتب، أو ينحت، وحنان امي العظيم، لا يفارق أرنبه أنفي، أرنبة حروفي، تجاه كل الكون، كل الوجود، كل الأشياء، بلا فرز... حتى تصورت الإله أم عظيمة، مطلقة الحنان والجمال والكمال، تحب كل ابنائها، بلا فرز، و(القرد عند أمو غزال)، فانتفى التميز بين المخلوقات، على مستوى حنان أمي، والذي أسقطته على الإله في سمائه العظيمة، وهو كما كان (عصى الفهم، عصى التفسير)...

    وفجأة يسكن البيت، كله، وكأن هناك مايسترو خفي، هزه عصاه، ثم انزلها فجأة، فأطاعته أخواتي الشقيات، والماعز، والصرصير، ونبض قلبي!!...

    الوحيد الذي لم يطيع المايسترو هو نقاط الزير، بدأ واضحا، وكأنه كان يصرخ منذ حين، كطفل في عرس، ولا حياة لمن تنادي... وهو يقنص الفرصة.. طق طاق طق طاق..

    (2)
    كيف أدخل اللوحة!!؟


    كان أخي الكبير (عبد العزيز)، يرسم في لوحة وهو جالس تحت ظل الدار، كانت اللوحة جميلة، مثل كل الأشياء التي تحيط بي، والتي لاتحيط بي، وهي عبارة عن قلعة على قمة جبل، ويتدفق من عل نهر جميل، واشجار جميلة على الشاطئ (كنت اسمع زقزقة العصافير، مجرد أن تودع ريشة أخي اللوحة)....

    داير ادخل اللوحة؟!!

    نظر لي أخي بتمعن، وكأنه يراني لأول مرة، ثم واصل الرسم، (يارب يوقف اسئلته)، ثم رش لون برتقالي، وبكل بساطة، فبدت الشجرة تحمل ثمار برتقال جميل، أهكدا يخلق البرتقال (حتى في السماء!!!!)، ريشة اخي ترسم طعم البرتقال، بل حتى ومض الشعور، الذي يقشعر له القلب من رؤية قشر البرتقال، ترسمه ريشته كما لو انه جزء من اللوحة..

    أشرت إلي شجرة بعيدة، في اللوحة، تحتاج لعجلة للوصول إليها، ولكني سأركض، كانت الشجرة بعيدة، بالقرب من القلعة، بعد النهر مباشرة، بل على الشاطئ المقابل،)كيف اقطع النهر، وأنا لا أجيد السباحة)، وللحق لم أفكر في عبور النهر، كانت الشجرة تشغلني، فلم أفكر في الوسائل (وللحق لاشي، على الإطلاق، يمنعني عن رغبتي، حتى الاستحالة، لا تمنعني)... كان ظل الشجرة ساحرا، وهناك بقايا برتقال.. وأخاف ان يصابه العطن، قبل أن تلتهمه شفتاي!!

    يا غني، دي لوحة، يعني بعدين، طول وعرض بس، والبعد الثالث خيال، وهو الأهم مجرد خيال، البعد الثالث ما موجود، كماء السراب.) رد اخي علي، وهو يخاطبني ب (غني)، دائما، (حتى في قمة غضبة مني)، يظل يدلعني (كان البكر، وكنت الصغير)..


    أصريت على دخول اللوحة، والجلوس في الشجرة، (طبعا بكيت داير عجلة عشان الشجرة بعيدة في اللوحة)....


    وللحق اخي لا يزجرني من الاسئلة، ولكنه يمضي في سبيله، وكأن الأسئلة لم تكن....


    ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....


    والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..


    (أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....


    كل ردود أخي، لم تعجبني، أود الدخول في اللوحة، كما يدخل الضوء من خلال الزجاج، وكما تتدخل الأغنية إلى القلب!! لن أفسد عليك لوحتك، هل يكسر الضوء الزجاج؟!!....

    صرخ أخي، مذهول، لأخواتي، وأمي، وهو يراني داخل اللوحة، ألعب مع الفراشات، وأجري هنا وهناك...

    (3)

    الجاذبية الأرضية الشريرة

    قبيل عيد الفطر المبارك!!
    وبالضبط مساء التاسوعة، وأنا اقف عاريا، كما ولدتني الحاجة بتول، فوق سرير الياي، كي أجرب قميصي الجميل والجديد، وكعادتي، تساءلت:

    (الله بلبس قمصان؟).
    فقال أخي الأكبر (عبد العزيز): لا
    فقلت متعجباً: الله عريان.

    صمت أخي، وتعجب خالي، وزجرتني أختي (فاطمة)...

    واصلت قفزي فوق سرير الياي، مستمتعاً بمعاندة الجاذبية الأرضية الشريرة، كنت أهوي، ثم يقذف بي (يايي السرير) مرة أخرى، إلى عالمي الأرحب، وعلى وجهي ارتسمت كل الأسارير المفرحة، ولم يطفئ (صمت أخي، وتعجب خالي وزجر أختي) نار تساؤلي، ونور دهشتي!!..

    (لم يتابعني القمر، حيث أسير؟
    من هي (أم) القمر...
    وابكي بحيب حا، وانا (داير القمر، داير القمر)، وأنا محمول على كتف اخي الأكبر..
    منو البحرك قميص وامي وهو مشرور بالحبل، لا أرى شي؟
    داير ازرع شجرة قروش..)


    أدرت ظهري لهم، انهم اشد قسوة من الجاذبية الارضية، الشريرة، واصلت نظري لظلي في الحائط الطيني، الخشن، انه يقلدني باتقان، احسست ببطولتي، فارس لا يعصى، انحنيت، فأنحنى، استدرت، نصف استدارة، فأستدار نصف دورة، فرأيت صلبي، أخذت أمي الفانوس، إلى ركن الغرفة، كي تبحث عن جزمتي الجديدة، فتمدد صلبي على الحائظ، متجاوزا صلب فاطمة الصومالية، أما انا فقد انفقعت من الضحك، وأخوتي هزوء روسهم، المشدودة دوما بالجاذبية الأرضية، وغيرها، لن أقول لهم بأني اشم رائحة ظلي، فقد ابتعدوا كثيرا عن طفولتهم، نسوها، كما نسيت حبوبتي تقاليدهم، بل نسيت بأنها متزوجة، بل فتاة صغيرة، تبول مثلي، في أي مكان يحلو لها..أنت إنسان جديد، دوماً...تولد من لحظة لأخرى..

    ياااااه، يالجمال ظلي..

    (4)

    ظلي ... !!

    كم اعجب منه، معه احس بالبطولة، ، وبأني فارس لا يعصى، ، ارفع يدي، فيرفعها أيضا، لا فاصل زمني، بين أمري وتنفيذه له، لا وقت وقت بين الأمر والتنفيذ..(لا وقت، ماذا يعني هذا لخاطري، العدم؟!!..)!!..

    ومعه احس بالضآلة، حين يطول ويطول، ويفوق المئذنة طولا، وأنا كما انا، يحسسني بالهوان، وحين تغرب الشمس، يطول ويطول، بل يصل حدا لا نهايه له مع غروبها، أين وصل، ياله من براق، ليتني أصل رأسي في الظل، في أي شي يحدق الآن؟
    هل رأي المطلق؟
    كيف يبدو له؟
    أأصابه مس من يقين؟
    أم لم يزل يركض في مسافات، هي الآخرى لنهاية لها، مثله، ... ظلي بطل.. لم أعد أرى رأسي في الظل، ماذا يفعل الآن، وإين وصل؟!!..

    له قدرات سحرية، يلقي جسده الرخو على الارض، ولا يشكو من الحصى، والشوك، بل يسبح في النهر، حين امر به، ويتسلق في الجدران، بل يحبو جزء منه هنا، ويتعلق جزء منه بالحائظ، ويستلق الحائط للغرف القريبة، ... حاوي عظيم..

    يغير مواقعة، حسب مزاجه، تارا، يكون خلفي، فأحس بدور القائد، وتارة يتقدمني، يؤمني ... وتارة يمنيي، شمالي، تحتي، وتارة يطول ويطول، ويخلق صورة باهته، مشوهة لجسدي، ورأسي، وملابسي.

    يختفي في غياب الضوء، غياب الشمس، ومجرد أن تشعل شمعة، يظهر، إنه يحب الضوء، فالضوء يعطيه كينوته، وجوده، علاقة جدلية، لم أفهمها حتى الآن، بينه وبين الضوء... يتلاشى في الظلمة، لا أثر له،... ومع عود ثقاب يعود.... يعود كماهو..

    يبعثر شكلي، احيانا يتمواج في الحائظ، يكبر اعضاء، ويصغر أخرى... تمتد أنفي أمتار، وأمتار، رسام كاركاتير بارع.. مهرج عظيم..، يسخر من شكلي، كما يسخر الزمن (تجاعيد، انحناء، وتحلل، وموت)..

    احاول قبضه، اجثو، لا شئ، أجده لا شي، ظل لا يقبض، كفكرة مجردة، وله ظاهر، ولكنه باهر، أحس بمعاناة النساك، والعباد والمفكرين والفلاسفة، يحسون بشي ما، بداخلهم، بظلال، ترى ولا تقبض، أي وهم هذا،... إذا كانت النفوس كبارا، تعبت بمرادها الاجساد..

    يقلدني جيدا، لا ينسى حركة على الإطلاق، ممثل ذكي، لا ينسى حركة الوجه، والاصابع، بل حتى الشعر، شعرة شعرة، يقلدها.... ياله من متابع ذكي، لي... ينصت لي، لحركتي، لحركة يدي، لحركة شعري (شعرة شعرة)، لا يشغله شأن، عن شأن... انه يجيد الرقص، يحاكيني، يتلصص على، ما يدور بخلده الآن، وأنا ارقص لوحدي، (لا يبوح بشئ، نفسي أسأله)، ما رأيه فيني، فهو يلازمني، طوال اليوم، لا يمل صداقتي، ولا يمل تقليدي، ولا يملك عشرتي، ولا يملك شكلي، بل يقلده دوما، وإن كان بعض المرات، يسخره منه، ويمد بطني كثيرا، وكأني حامل بفريق كرة قدم.....

    يكون معي، في الشارع، فجأة يتسلق الشجرة، ثم ينزل منها، ولا أثر لصوت، أو أنين...أقف، فيقف، أحيانا، أحس بأني أقلده، هو الأصل، وانا الظل..


    رخاوة
    لا شي صلب في الوجود، كل الاشياء رخوة، حتى اعمدة الكهرباء الاسمنتية، بمقدروي ان اتكلم معها كما اشاء، لا وقت عندي لا احسب الوقت، لم احسبه، كي يودع كي يمضي، لا انظر للوقت، بل ابحلق في جريان قطاره، والاشياء تتغير، هل تثبت الاشياء امام قطار متحرك، قطار لا يكف عن الحركة، هل توقف قطار الزمن، ولو لحظة، لينظر لقتلاه، أو مواليده، أنه يجري وبس، أنا أعبد جسدي، أكثر من الراقصات، وتتمرن حواسي، كي تغوص كالضوء في قعر الماء، قعر الخمر، المبثوثة في ملامح الوجود، أغني بجمسي كله، كما يعرق جسمي، كذلك يحلق، حتى الخيال، ادخله كضريح، واشم رائحة مداد قديم، ....

    للحق، أنا مسكون بالتساؤل عن الله، (وهل للطفولة هم أكبر وأجمل من ذلك) أرهقت أهلي في طفولتي، عن أمه! وأبيه!، وأين يسكن!، وحجمه!، (لماذا لا يموت، إن كان لا يأكل إطلاقاً)... ولم يعطيني ايا منهم أي إجابة مفيدة، بل يزوقن بنهري، وزجري، وأرهقني في مراهقتي، فقد كنت مهدد بالجنون، فالأسئلة تتعقد كل يوم، مثل حيرتي، ولا جواب يشفي الغليل، وللحق، استحالت هذه الحيرة، إلى أجمل لذة يقشعر لها جسدي، ويلين لها قلبي!!...

    وللحق أيضا، هذه الحيرة هي التي جعلتني من أحب التلاميذ للمعلم العظيم (أحمد سعد)، والذي نحت بيديه صنم عقلي، (إنه نهر من الصفاء والعمق والجمال)، كان يلقى حجر على بركة فكري، كي تنهض حوريات الأسئلة من سمائها، فتحس بذلك الومض من الضآلة، والحيرة، وكأن سقراط يقطن عقله، مع الحلاج وكانت وبوذا وشكبير، كان شفوقا، وكأني خرجت من رحمه، مثل أمي معاً، كان يحب أن يعلمنا شئ أكبر من الحروف والمعلومات والدين، شئ لا علاقه له بدنيا السبورة المحدودة....

    (على الإنسان يقشعر جلده طربا من رؤية كل شئ يحيط به، أو بداخله).. قال لي هذا الكلمة، وأنا أمر على قبر أبي، وقد انمحى جزء من أسم أبي على شاهد القبر، بفعل مطرة غزيزة، والتي سقت حقلنا، وشربت منها عشرات الطيور، ومحت جزء من اسم أبي، معا، أما أنا، فقد صنعت من طينها مجموعة من المعزة وراعي (كان الراعي بشوش، ويحب الإغنام كما لو انه تيس)..

    - هل بكت الأمطار من أجل أبي؟
    - نعم، وبحرقة، كما تذكر!!
    - ولكنها سقت الحقول، وروت الأرض، وهدمت حوش سعد.
    - الأمطار لا يشغلها شي عن شئ، ألم تأتي من السماء!!

    ( وللحق كانت الأمطار تبكي بحرقة، وتومض حزنا على أبي، حزن نبيل، لا اثر للامتعاض، ولكنه رحيل، رحيل لعوالم بهية، والبرق يضئ لأبي طريقه الجديد، الفريد)..

    وفي طريقي للمدرسة، أمر بالمسيد، مسيد شيخ يوسف، وفي عقلي الرخو تصور الإله، (وقد أثارته رائحة البخور، ورمال المسيد وأوجه الدواريش الصبوحة):

    لا بيت له...لا ينام..
    لا ينسى...لا يعرق...
    لا يلعب
    لا يحاط...
    لا يخاف....
    لا عين
    لا يمرض.....
    لا أم له.. ولا أب.. ولا يحب الدوم والبلح..

    كيف يمكن ان اتصوره، ليس لدى أدنى فكره عنه......

    في الفصل أكون نعسا، متعبا، من خوف الغول، وتلكم الأسئلة، فيصلني صوت التلاميذ المتعب، وكأنه جزء من الحلم وهم يجيبون على سؤال (ماذا ترغب أن تكون؟):

    معلم، هكذا قال بركات ود عشه..
    فراش... (رد سعيد)..
    سواق بص...( الطيب، والذي لايرى إالا وهو يتشعلق في ظهر البص)..
    وحين افقت، والمعلم واقفا امام رأسي قلت :
    أريد أن أطير كالسنبر...وأكون (الله)

    ضحك الاستاذ، وقال (ممتاز)...
    لم يضربي، (كما تتصورون) فقد كنت محفوظا، بل محظوظ جدا، مع هذا الاستاذ الجميل، والذي يعرف أكثر مني بأن الطفولة، لا حدود لها!!... وبأن تصوري للإله، مهما سما، فإن بمقدوري ان احققه في اللحم والعظم، ولهذا السبب خلق الله الزمان والمكان، إنها جسر طويل، توصل إليه، ومع هذا، يظل ذلك الإطلاق بعيدا، بعيدا، عن التصور...


    (5)

    موسيقى المكنسة

    "كش ... كش .... كش، "....


    هل تحبون مثلي صوت المكشاشة (المكنسة)؟!!، إنها تعني لي الأرض، تغوص شعيراتها في تراب وطني الصغير، دارنا، كي تمسح عنها بقايا حياة يوم كامل، آثار حيوانات، ودجاج، وإنسان، ووضوء خالي (دفع الله)، وأثار ترابيز وسراير، بقايا طعام، وفوضى رياح (جلبت معها اوساخ فطرية، ورقيات نيم وبعر وقش وشعر مشاط سعدية)، وبول وبراز وخربشات (مدثر الصغير)... فهو يفعل ما يحلو له، (حر من كل القيود التي تكبلني مثلكم) كعادة الطفولة المقدسة... (بل هاهو عاريا، أمام البوابة المتهالكة ويلعب بشحمه ذكره، وكأن شئ لم يكن)!!. بل مستمتع برؤية كارو (هيبات)، وهي تحمل الماء لحوش الناظر، وقد أخرجت له لسانها وهي تصيح (دثوري العريان كلب الجيران)...

    (كش ... كش .... كش)
    (... دو .. ري .. مي ... فا)...

    يبدأ عزف المشكاشة في الصبح، حين يعلو بالون الشمس الذهبي من الشرق، كعادته كل فجر، وينتهي طرف المكشاشة الأعلى بيد (رشا)، او (سوسن)، أو (سارة)، حسب وردية كتبها عرف تالد، (أعباء للفتاة، وبراح للأولاد)....

    تزيح بشعيراتها، كفراشة الفنان، ضباب الفراغ والاوساخ، تجلو الصدأ عن تراب بيتنا، وتسمح، كالبشاورة من السبورة، بقايا حياة يوم كامل، وقد غرقت، وللأبد في فم الماضي، كما مسحت معها بقايا كوم تراب لعبة (السيجة)، ودفنت معها ضحكات خالي (صديق) المنتصر، وتأوهات جدي (سعد) المنهزم دوما في السيجة، ولكنه ينتصر (في قتل فراغ عريض في حياة قرية ساكنة ومسالمة)....

    والآن، تبدو الارض نظيفة، ساحرة، كي تقبل شعيعات الشمس وجه الدار، وكي تسير على اديمه كالملوك، أمي، وأخواتي، وأهلي، وكي نكتب عليه، أحداث يوم عادي آخر، ومعنا الدجاجات والاغنام والرياح والمطر...

    (كش ... كش .... كش)...

    حين تكنس الدار (رشا)، ترى لوحة متسقة من الزخرفة الفطرية، ترسم شعيرات المكشاشة على أرض حواشنا، الماهل، الحنون، موجيات ترابية، تبز في سحرها، موجيات النهر، إنها مويجات ساكنة (نهر تراب متجمد)، بلا هدير أو أنين، متداخله، فيبدو الحوش وكأنه سجاد من تراب، وقد تهيأ ليوم ملئ بالعادية والمعاناة والفطرة...

    ثم تأتي الأقدام، والنسيم، والحيوانات، كي تطبع على الأرض بصماتها، وزخارفها، لا أحد يشبه الآخر، حتى في مشيته، إنها سفمونية الحياة، فهدا مركوب خالي (دفع الله)، فهو يسير بصورة متعرجة، وتلك سفنجة سعد، وتلك قمزات نعال (سعدية جارتنا)، فهي في عجل، ودايما، كي تنقل (شمار حار وطازج) وهدا المجرى الصغير، الصغير جداً، لدجاجة شقية، وقعت فريسة في شبك من شعر أختي (محاسن)، فعلقت في بقايا شعرها المتساقط، فتكوت في نهاية الشعرة قطعة طين كروية، (لا أدري لمادا تحب الفيزيا والميكانيكا الشكل الكروي)، وللحق كلما نطارد الدجاجة لكي نخلصها من هدا الأسر، تجري خائفة منها، وللحق فهي (لا تأمن بني آدم، وهو في قمة فضائلة)....

    (كش ... كش.... كش)..

    اسمع هدا الايقاع وأنا شبه نائم في الحواش الوسيع، يالها من فنانة كبيرة، تكنس الدار بأحساس عظيم، تستشف من كل شئ جمالا، تنسج خطوط متوازية، ثم تكوم الأوساخ في زاوية بعيدة، ثم تجلس، ولمدة طويلة، غارقة في تأمل ثروة بسيطة، أخرجتها المكشاشة من باطن الأرض (بينسه، حبة سبحة، ريال، وخبايا أخر، رخيصة)، وغالية جدا، جداً!!....

    وأحيانا يتوقف ايقاع المكشاشة، وقد انتظمت ضربات قلبي معها، فأرفع الغطاء عن رأسي لأرى ما جرى، فأرى (رشا) منحنية، تنظر بعمق لشي في الارض، أنها بلا شك ثرؤة كبرى، وحية، (قد تكون حشرة غريبة الشكل، فهي لم تمد يدها لحملها، بل أكتفت بتقليبها بطرف المكشاشة)، وحين حركت رشا رأسها كي تتابع اكشتافها السعيد، ايقنت بأنها حشرة، وما أكثرها في دارنا، ثم تبدأ عزفها، فيبتعد عني صوت المكشاشة، فالدار وسيعة، وحنونه!!.

    للمرة الثالثة يتوقف ايقاع المكشاشة، مادا جرى؟ إنه راديو جارتنا سارة، فقد تسللت منه اغنية (فرحانة بيك كل النجوم لا نام بريقه ولا أنطفأ)، فتوقفت رشا عن القش، وهي منحنية، لم ترفع راسها، بل كانت منحنية وهي تسمع الأغنية، أحسست بأنها في صلاة، في سجود، ورأيت بأم عيني، سحب خضراء وبرتقالية تخرج من الراديو وتدخل عين وقلب رشا، وتنصب لها، قصر لا وصف له،...

    إن الحياة لوحة كبيرة، والكل يحمل فرشاه، تزخرف اخواتي البرندة، والفضية ببقايا الجرايد، وتزخرف رشا الحوش (بفرشاة) المكشاشة، ويزخرف (مدثر الصغير) البيت بصراخه، وفوضاه، وتزخرف امي الدار، بصوتها، بسمتها، بسكونها، بعاطفتها الريانة، والتي تملأ كالهواء، سماء وارض الدار....

    حين تكنس (رشا)، تكون اللوحة منتظمة، (فهي تستمتع بكل شئ)، وحين تكنسها (سوسن)، أو (سارة)، ترى لا مبالاة، وخطوط شائهه، وشرود كمن يفكر في اللحظة المقبلة...ناسياً لحظته الحاضر تماماً...

    تنظر رشا بحبور خلفها حين تسمع (رشا رشا مششيني)، يقولها مدثر وقد افسد عليها نظافة البيت، فتعود جزلى (فلا نضج ولا نثور)....
    (دو...ري... مي...كش .. كش ..كش.).....
    تقترب شعيرات المكنسة من وضوء خالي مساء الأمس، كثبات صغيرة وجداول، اتخذت شكل يليق بغموضها، خلقها الماء المنزلق من كف خالي، وهو غارق في تأنيب ضميره من الخطايا، خطايا جسد لم يشبع، ولن يشبع حتى يدخل من باب القبر، لعالم مجهول، مثل أغلب احداث هذه الدنيا، والأخرى، بعد حين ستختفي اثار الوضوء، وتنتمي للذكرى، يبتلع الزمن، مثل المكنسة بيد رشا، أشياء، واشياء، قتل صديقي عبدالرزاق، غرقا، ، وخلق لهيبات العروس طفل أخر، في ذات الأمسية، ليت جرابه يسع الجميع، كي لا يفرغه في حفرة النسيان، والمحق والمحو... حتى لا تحتشد الحياة في اللحظة الحاضرة فقط، بل تمد رجليها، للماضي والمستقبل معاً، فنركض، من الماضي للمستقبل، وبالعكس، كي لا تستأثر اللحظة الحاضرة بحصتها كاملة، بمحو الأمس، وطمس الغد، بمقدور الحياة أن تفعل أكثر من هذا، هكذا تقول دندنة العيعاسيب، لو كنا نعقل لغتها، ولغات كل الأشياء، مسحت المكنسة أثار الوضوء من الحوش، فأنتقل لعالم الذكرى ضحية جديدة، تقبر بين تلافيف العقل، وفتح الحوش قلبه لغناء جديد، أثار أخرى، ابن هيبات الصغير، لكائنات تتحرك وتتانسل، وتتحرك، بغزيرتها، وبالرياح، واخواتها، فالمسلمة الوحيدة، هي المعجزة، في خلدي...

    (6)

    صمغ الضوء


    (مثل صورة أبي، وأية الكرسي المغبرة)...لا شي يمكنه أن يتعلق في الجدار بدون (صمغ أو مسمار!!!)....

    هكذا تقول البديهة، وحتميات أخرى، ولكن طالما أن النار لم تحرق جسد إبراهيم (فلا تقسم بشئ، فكل الأشياء عرضة للتبدل).. أنها حزمة طنون فلا تقسم بها (ولو كان ماثلاً أمامك، فمريض الهذيان يرى أشياء لا وجود لها بحواسنا)..

    ولكن الضوء، ضوء شمس قريتنا خاصة (هل تشبه شموسكم، لا أثر للتعصب في فرحي هذا!!)، يتواضع شعاعها على اديم الأرض، بدون أي قامة تفصله عن الأرض، وأحيناً يلتصق الضوء بجدار الحائط (بلا صمغ أو مسمار).. بل يلتصق بسقف الدار، (مثل الضب والجير)... ومثل عطر علق بعنق فتاة..

    ياله من كائن غريب، ذو مواهب عظمى (أهو شاعر.. مل الحياة فلبس طاقية الاختباء)، وأحال جسده إلى كائن هلامي (كقلبه)..

    يغوص ضوء الغروب في صفحة النهار بيسر تام، ويمر خلال كباية شاي الصباح (بلا كسر أو صوت تهشم، ليته التهم رشفة، وترك صومه الصمدي)...إنه قوي (رغم هوانه وهلاميته).. ألهذا الشعراء أقوياء!!؟...

    بل بمقدوره أن يحلق كالحمام، وأن يرقد على اديم الأرض (كجثة ملاك جميل)، وأن يجري في كل الجهات (الست، بل السبع)، فإنه يتوغل في جهة الروح، ويضئ جنان مغمورة بسويداء القلب..

    أنه عجول، ومع هذا لأثر لإقدامه، ، ولا وقع لها، ليس بمقدور الملائكة قص اثره، أيخفي ملامحه كعاشق، ويملأ في ومض سريع سماء الغرفة والاثير، كخوف لذيذ يملأ جسد فتاة وقد ذكر اسم حبيبها الغائب بغته..

    إن أشعة الشروق، كلها، في قريتي، هم في الأصل تلاميذ نجباء (كالأنبياء والشعراء)، أرسلتهم الشمس، كي يصبغوا الحوائط والأشجار والبيوت بروح شاعرية، أمومية، فتحس بأن الاشياء هي امتداد لك، كأطرافك، كجوارحك، كأسرتك، كوطنك، كماضيك، كغدك..

    فتقسرك، هذه السطوة الطبيعية، كي تفكر في ذاتك (ذاتك فقط).. فتحس بذلك الومض من الشعور الغريب، وكأنك نسيت نفسك تماماً، وكأنك لا تعرفها، أصلا، مثل صديق قديم.. غاب عنك من أمد بعيد.. بعيد... (أبعد من كل ماضي يتذكر..أو يتصور)..

    في الظلام يختفي لستك الكارو، وشجرة الجيران، وشباك ناس فوزية، ووجه آمنة وهي تكنس حوش الجيران... (وهذه كل مملكتي).. وقد ابتلعها جوف الليل البغيض...
    في الظلام يختفي لستك الكارو، وشجرة الجيران، وشباك ناس فوزية، ووجه آمنة وهي تكنس حوش الجيران... (وهذه كل مملكتي) وتنبع أساطير جدتي، حيث يسل الغول قرونه، ويتجول البعاتي في الفسحة التي نعلب به الكرة، ويقوم ابسرورة من قبره، إنه الظلام وقد ابتلع مملكتي، وفرش عباءته، المطرزه بالخوف، والخوف، معاً..




    وبتتعلم من الايام، مصيرك بكرة، تتعلم..


    بكرة تتعلم..


    تتعلم..

    ....
                  

04-13-2008, 10:43 AM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    هذا هو نهر النيل الحقيقى ! يتدفق الآن , ويفيض ليغمر كل الأماكن !

    خرير من المعانى النبيله الجميله الجزله ينداح على هذا المكان !

    تدفقوا ياشباب , هذا هو السيل بتياره العظيم , وقوته الجارفه !


    خالد , عبدالغنى والجميع :

    أقترح , بل أتمنى من كل قلبى أن يتحول هذا إلى كتاب !

    كتاب ضخم كبير !

    هذا تأريخ حقيقى

    للأرض , للحياه

    للإنسان !
                  

04-13-2008, 01:55 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    العزلة يا عبدالغني !
    العزلة الباذخة المجيدة.
    أن تبعد يعني أن تحبّ أكثر !
    كلما ابتعدت و(غبت) ازددت شوقا ووجدا !
    أن ترحل عن الناس يعني أن تحبهم أكثر.
    الغياب/الحضور.
    أن تشيد كوخك الحقير على حواف قماشة الصحراء، مكتفيا بالتمر والماء، توقد نارك الكبرى من حطب الروح، وتضع قهوتك المرة على جمرها المتوقد، وتروح تنصت لصوت السكون، وكلام الريح.
    أن ينوء كتفاك بالحمل الإنساني الثقيل.أن تشعر بالقحط الكامل لتعرف خضرة القلب.
    يانع هو القلب كصبية في ليلة عرسها.
    وحدك، تعمر الصحراء بالصحراء لترقى إلى واحتك الكبرى.
    وحدك.فالأصل واحد.والطريق.والشجرة.والعتبة.والصحراء.
    وحدك !
    تروي عطش رمالها بدموعك وتأسى للإنسان.يتفصد جسدك حزنا.تتفصد روحك.تلوذ بالحمى.
    الحمى !
    وتهذي لسنوات.صحوك سكر، وسكرك بوح، وبوحك شطحات، وشطحاتك طريق !
    تلمّ جسدك وكتبك، وتشعل فيها النار المقدسة.
    النار:طهر.
    النار: تطهير.
    بالنار نحبّ أكثر.
    وفي هذه البيداء، لا صديق ولا حبيبة ولا رفيق !
    إلا الكتب !
    هي إخضرارها وماؤها ونخيلها وغرسها السماوي.
    هي عرش الحياة.
    فـ..
    (يا موت! انتظرني ريثما أنهي
    تدابير الجنازة في الربيع الهش،
    حيث ولدت، حيث سأمنع الخطباء
    من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
    وعن صمود التين والزيتون في وجه
    الزمان وجيشه.سأقول:صبوني
    بحرف النون حيث تَعُّبُ روحي
    سورة الرحمن في القرآن)
    خضراء، أرض قصيدتي خضراء !
    أخضر هو محمود درويش، والموت !
    تشف - يا عبدالغني - تشف حتى تكاد لتذوب في حشاشة روحك.تشف حتى تكاد لتصبح قطرة ماء على برعم، أو ملاكا يغسل جناحيه في بركة الضوء.
    ..
    فصار يحسدني من كنت أحسده
    وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي
    تركت للناس دنياهم ودينهم
    شغلا بحبك، يا ديني ودنيائي !
    ما لا مني فيك أحبابي وأعدائي
    إلا لغفلتهم عن عظم بلوائي
    أشعلت في كبدي نارين:واحدة
    بين الضلوع وأخرى بين أحشائي)
    خضر هم الذين نبتت أجنحتهم في سويدائهم، فكتموا، وباحوا بعض البوح، فبكوا، ثم ضحكوا، ثم بكوا، فضحكوا !
    (طاسين الصحراء) كطاسين النقطة وطاسين الدائرة.
    لتشتاق ابتعد !
    لتحب ابتعد !
    لتعرف الخلق ابتعد !
    لتعشق الوجود ابتعد !
    فأبعد البعد أقرب القرب !
    وأقرب القرب أبعد البعد !
    إزار بال، وإبريق، وروحك وكتبتك.
    العزلة !
    العزلة:الابداع !
    الاختلاط:الاتباع !
    وما زال الليل والنهار يسيلان صكوك غفران.وما زال (الاختلاط) ينضح كراهية وتحريضا.وما زالوا في أرديتهم الطينية يتقصون الابداع، ويطرحون ثمرا مرّا.
    يفتشون في الضمائر، ويوغلون في التفتيش، و(لا يدعون الخلق للخالق) !!
    فـ...تأمل !
    يتوعدون ويرغون ويزبدون.
    من يدفع أكثر ؟
    من يدفع ثمنا لـ(الرأس) ؟
    لـ(الرؤوس) ؟
    ...(الاتباع) !
    العزلة يا عبدالغني..العزلة الجايدة !

                  

04-13-2008, 02:30 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    محسن يا عبدالغني طيف غائب حتى ذاته.متوحد بأعماله، ولي أن أضيف – كصديق – (عمايله) !!
    هذا الـ(محسن) ..(يشغّل) حواسه كلها، يشغّل (مجسات) روحه لتتذوق وتشم وترقص ...أشبهه بـ(زوربا).خليط من كيمياء الجنون والعبقرية المتوهجة.
    هنيئا له بجنونه، وهنيئا لنا بجنونه !
    ...
    ..
    يا عبدالغني ألتقينا !!
    ألم تلتق مرات ومرات بأرسطو والنفري وابن رشد؟
    وهنيئا ثم هنيئا إن قدرت على ابن عربي !!
    ألم تلتق بالتجاني يوسف بشير وعلي المك و...(ود ضيف الله)، بيدبا الفيلسوف؟!
    قل له التقينا.
    التقينا في النقطة والتنقيط.
    ...
    ..
    وفعل (بوذا)، فعل المسيح، فعل محمد !
    من كان منكم بلا (خطيئة) فليرمها بحجر !
    اذهبوا فأنتم الطلقاء !
    (ورحمتي وسعت كل شيء) !!!!!!!!
    الله
    الله
    هذه الروح الإنسانية الجبارة التي لا حدود لرحمتها هي قبس من نور الله!
    ...
    ..
    يا عبدالغني، جدي (عووضة القارح) مزروع في بطن (الطبقات).وعشيرتي كلّها تطوف بكعبة عشقه.هو كان مفتاحي إلى (الطبقات).يأخذني تارة إلى لألاء ذلك العالم المتسع، ثم يطفق سبينوزا وهيغل وديكارت وعشيرة (الجن) هؤلاء يطرحون أسئلتهم: لماذا، كيف، أين، متي، هل، ..فـ....؟
    ...
    ..
    ستيلا عاشقة كبيرة
    ستيلا قايتانو لها سطوة رهيبة على القلم.تلك هي سطوة روح جبارة.روح متشربة بالإنسان.
    ستيلا تسكر بالخلق حتى تسيل جوانحها خلقا.
    والله إني لأشفق على روحها.وأحبها في الله لله !
    لم ألتق بها كفاحا !!
    ألتقت روحانا مرات ومرات. (زهور ذابلة) عمل مسكوب من أعماق الروح والتجربة.مسكون بالروعة.
    يا الله يا عبدالغني، (البنت مقصوفة الرقبة) هذه تبكيني.تبكيني على الشخوص الذين تخلقهم من دم ولحم، معذبين، وتائهين، ومحزونين.
    تمزج الواقع المرير. (المرير؟) كم هي المصطلحات – أحيانا – ثياب ضيقة جدا (نعود تارة أخرى إلى المعنى يا عبدالغني، المعنى العميق، كالروح الباتعة في جسد ضئيل)، تمزجه بالأساطير العظيمة، أساطير لعنات الجدات، والمطر والبرق!!
    ستيلا تنسج عالمها، عالمها هي.
    بلغوا روحها محبتي اللا نهائية.
    فأنا – يا ستيلا – دمعة في طرف منديلك الموشى بالدموع.
    ..
    ...
    صبري
    دوما

    لكما مساحات البياض كلها في القلب.
    ..
    ...
    يا عبدالغني..
    الكتابة نتاج كلّ شيء !
    خمر الخلق، وجمر القراءة.حواسك كلها، أدق التفاصيل، والتجربة.(المجسات)، مجسات الروح، وفورانها.البحث المضني – بل والعبور – من اللغة إلى المعنى.
    ...
    ..
    رشا
    ذاك دفق حنين.
    الدفق:حياة في الحياة.
    ..
    ...
    عبدالغني..
    يا الله
    ياااااااااااااااا الله
    Quote: حين انهيت رسم نهر النيل، رشفت جرعة منه، لم تكن مالحة، بل عذبة، فتأكد من روحه، هو الذي يجري جنوب قريتي، رأيت شعيعات القمر ترقص فوق الموج، كل شعيع امتطى موجة، وظل يتزحلق عليها،
    ...
    ..
    وفجأة يسكن البيت، كله، وكأن هناك مايسترو خفي، هزه عصاه، ثم انزلها فجأة، فأطاعته أخواتي الشقيات، والماعز، والصرصير، ونبض قلبي!!...

    الوحيد الذي لم يطيع المايسترو هو نقاط الزير، بدأ واضحا، وكأنه كان يصرخ منذ حين، كطفل في عرس، ولا حياة لمن تنادي... وهو يقنص الفرصة.. طق طاق طق طاق..
    ..
    ...

    ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....


    والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى.
    ...
    ...
    قبيل عيد الفطر المبارك!!
    وبالضبط مساء التاسوعة، وأنا اقف عاريا، كما ولدتني الحاجة بتول، فوق سرير الياي، كي أجرب قميصي الجميل والجديد، وكعادتي، تساءلت:

    (الله بلبس قمصان؟).
    فقال أخي الأكبر (عبد العزيز): لا
    فقلت متعجباً: الله عريان.
    ...
    ..
    له قدرات سحرية، يلقي جسده الرخو على الارض، ولا يشكو من الحصى، والشوك، بل يسبح في النهر، حين امر به، ويتسلق في الجدران، بل يحبو جزء منه هنا، ويتعلق جزء منه بالحائظ، ويستلق الحائط للغرف القريبة، ... حاوي عظيم..
    ...
    ..




                  

04-13-2008, 02:36 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    مأمون
    من ناحيتي يشرفني ويسعدني أن يصدر هذا الكتاب.
    لكنه يحتاج لجهد مضاعف.
    ما رأيك عبدالغني؟
                  

04-13-2008, 02:57 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    عمتي (ستنور عويس) كتاب ما زلت أقرأه !
    حنونة جدا، حتى حين أهاتفها تبكي بمرارة.تذكر أخاها (إبراهيم عويس).
    اختارت لحفيدها اسم (إبراهيم).
    بالنسبة لي، هي (الأسلاف).روحهم وحكمتهم الفطرية ورزانتهم ومحبتهم.
    صوفية غارقة في عالمها السري المسكون بالسحر والنجوى ساعات الفجر.
    الله يحبها !
    وتهبط إليها الملائكة في الليل.
    أحب أن أشرب (القهوة) عندها.أمانع أن تصنع لي (تيسير) أو (حرم) القهوة.أحبها من يدها، أو من يد (فوزية) بنت عمي (تاج السر).
    أجلس على (بنبر) واطيء قبالتها وهي ترج (السعن) المملوء بالحليب، لتستحلب (السمن البلدي).أحب أن أندس في ثوبها، لأشم رائحتها.هي رائحة جدي وجدتي وأسلافي و...الأرض.
    نخلة نبتت منذ (كن فيكون).
    حين ذهبت إلى الحج (1980) جلبت لي معها لعبة عجائبية.تندس في حجرة مظلمة، وتنظر عبر الثقبين إلى عالم ملوّن جميل، تحركه بأصبعك.
    تحب (إبراهيم عويس)، وحين رحل – وكانت هي في الخرطوم، وهو في القولد – كادت تجن.
    كيف ترحل يا إبراهيم دون وداع؟
    كيف؟
    كيف يا حبيبي؟
    روحها ذائبة في الإنسان على الدوام.
    وحين رحل – قبل ذلك بسنوات – ابنها (عصام) ذلك المخلوق الطيفي الذي يتقطر وداعة وصبرا، غشيت عينيها سحابة حزن لم تمحها السنوات.حزن يضاف إلى قلبها العامر بالحزن على شقيقيها (تاج السر) و(حسن).
    تخبيء لي أجود أنواع التمر.وأغشى بيتها القريب كل صباح لأفطر عندها.
    أمّ وملاك يمشي على الأم.
    كم أنا مشتاق – الآن – لثوبها ورائحتها ودموعها.
    هي جزء من (إبراهيم عويس)، مني، من روحي.
    صوتها أغان وتراتيل وصلوات.
    صوتها كون !
    كون دافيء وحنون.كون تندغم في أكوان مزخرفة.
    ولحكاياتها – في طفولتي وصباي – وقع مثير.تحكي بحب عن (علي بن أبي طالب) و(الفرسان).تحكي عنهم حكايات من يعشق النبل والنبلاء.
    تحكي عن جدتي التي قدمت من (كبكابية) التي كانت قد ذهبت إليها مع أشقائها، فلما قتلوا في حرب اندلعت هناك، عادت إلى القولد.
    تحكي عن تفاصيل (القولد) القديمة.
    آه يا عبدالغني، لماذا يعذبنا الله بالحب ؟؟


    (عدل بواسطة خالد عويس on 04-13-2008, 03:07 PM)

                  

04-14-2008, 05:34 AM

بدري الياس

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    Quote: يا بدري
    يا بدري
    فكّ السلاسل حول معصميك وأدن، فلا عقل إلا في الجنون!
    وهذه رفقة لا تعوض ولا تركن إلى الطين، فتعال.

    ؟
    عذراً صاحب المقام، فقد جئت إلى هنا "شلاقة" و"بكامل زينتي" وعتادٍ يَخْبٌرُ الغثّ مما هو دون ذلك.
    كما لست "بمستوزر" أحتاج أن أبيع خمراً لأصادف "حضرة من أهوى".
    وجئت لا مستأذناً أحداً، فأنا "على كيفي" بلا جبةٍ تسميني ولا "سيد".
    ،
    مستمتع بالكثير مما يكتب هنا.
    وسأبقى،

    "فالعقل مع عقل آخر يتضاعف، ومن ثم يزداد النور، ويتضح الطريق." أو كما قال العارف بالإنسان جلال الدين ابن الرومي.
                  

04-14-2008, 07:23 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: بدري الياس)



    عبدالله ود الطاهر

    كيفنك، والله الفول المصلح، وتلك الونسة الكاربة، عن الحال والمآل، لا تنسى... كانت الونسة طويلة، ولم نشعر بالوقت، العيش في اللحظة الحاضرة بركة من بركات الحياة، ....


    بالله كيفنك، ومن الزمن ده، شوف الحياة وقدرها، اهو جيت البحرين، وابتعد الوطن عن ارنبه القلب، كي تراه، كما هو، وليس كما يتراءى لنا، حلوا، غامضا، مسجونا، ومتخبطا، ونرجو له، الشفاء العاجل والآجل، من كل شر، فهو موطن قديم، رسم اجدادنا على الكهوف، وفي سوبا بنى المهندسين اكثر من مائة كنسية، ونسجت البنات الثياب، وكتب الشعراء الغزل، فتاريخ الكتابة في بلدي تجاوز الخمسة آلآف عام، وياله من ميراث، يستوجب الحكمة للقلم السوداني، ويستجوب التروي، فقلم بهذا القدم، عليه ان يرعوي، وأن يرنو ببصره لوجه الحقيقة المتقلب، فهو قلم كان له عده وجوه من التدين، كان يعبد الشمس، وعبد الاجداد، وعبد الغروب، كانوا شعراء اجدادنا، وقلبوا وجههم في شرائع الارض والقلب، ...

    فهذا القلم، ليته يسطر غد باسم، غد مجيد، مستفيدا من حنكة الشيوخ وعنفوان الشباب وبراءة الاطفال، قلم صاف، سليم، يشخص داء وطن، مستفيدا من ذاكرة الحرب، ومن خيال السلام الجامح، يدفر غبار الجهل، ويرسل غيم الفكر والمحبة، وهو قادر على ذلك، قلم قديم كتب الطبقات، والانسان الكامل للشيخ الطيب، وكتب على معابد كوش، وعلى رقع، وخلق بأيدي بسيطة الكنتوش والحلة والزير، في غابر الايام، حين كانت الارض غابة، وتأمل الشمس، وغروبها، وغذائها، ونومها في الليل، فشكرها، وعبدها، ثم صحى في قرن آخر، مقلبا طرفه، وخرير النيل يجري فوقه، وكثبان الرمال تشكل مع الرياح ربوة ونهد وسلسلال من الفن الساحر، وفي الغابة يقفز القرد، وتغني النساء، وتنمو الزهرة..

    القلم السوداني عجوز، برزت التجاعيد على وجهه، ولكن قلبه طري، شاب، يتأسى بالصبر، وينظر في المرآة، من نحن، من أي طين وصلصال، من مرجع ونبت، من نحن؟...

    عشمي كبير في القلم السوداني، وهو ملئ بحبر الحكمة، حبر المعاناة، حبر التقلب في معرفة الله، وهيهات، حبر موسم الهجرة، وحبر حمى الدريس، حتى حبر جنائن الهندسة... حبر ساكن، وطاف..

    لن ينسى الوطن، وستعود له العافية، أخي عبدالله...

    والله مشتاق، ليك، ولونسة كاربة، كعادتك...

    أعمق المحبة، اخوي عبدالله ود الطاهر،

    اخوك عبدالغني
                  

04-14-2008, 11:15 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: بدري الياس)

    Quote: عذراً صاحب المقام، فقد جئت إلى هنا "شلاقة" و"بكامل زينتي" وعتادٍ يَخْبٌرُ الغثّ مما هو دون ذلك.
    كما لست "بمستوزر" أحتاج أن أبيع خمراً لأصادف "حضرة من أهوى".
    وجئت لا مستأذناً أحداً، فأنا "على كيفي" بلا جبةٍ تسميني ولا "سيد".
    ،
    مستمتع بالكثير مما يكتب هنا.
    وسأبقى،

    "فالعقل مع عقل آخر يتضاعف، ومن ثم يزداد النور، ويتضح الطريق." أو كما قال العارف بالإنسان جلال الدين ابن الرومي.


    و..
    (حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق).
                  

04-14-2008, 12:54 PM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    جني و جن يروح مني بوست وسط زحمة البوستات دي
    انا متابع هنا اول زول
    بتداخلي ده ممكن اجيب البوست ده تاني من الواق واق
    الله يرفع القلم و نرمي سهمنا معاكم
    شكرا عويس و ضيوفه .. تابعوا رجاءَ
                  

04-15-2008, 05:36 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خدر)



    العويس، كيف حال الكتابة معاك..

    اخوك الايام دي مشغولة بأمراة افريقية، تربط طفلها على ظهرها وتحوم البلاد، تغسل الملابس، وتكنس الدار، الطفل مربوط على ظهرها، الغد مربوط على ظهرها...

    انكهني النص، والله تعبت منو، والله ياعويس، مر على ليل، تركت النص، وبكيت على حال المرأة، وعلى شقاوة الطفل، وهو يغوص في هرم ملابس،ك انت تغسلها، يختفي في اوساخ الناس، وعرقهم، ودوراتهم الشهرية...

    ولكنه ذو انف قريب، اكثر غونوي، بطل العطر الشهير، لا يشم سوى المحبة، وهو يتسكع في القصور التي يرتادها، كملك له، أليس السماء له، وكذا الارض....

    والام السمراء، السوداء، المنهكة، والتي تخاطب في ظلمتها (النبي نوح)، وتسلم على الموتى في قبورهم، جعلت الطفل يقف، ويسلم بدوره على اي جماد او طائر، او كلب..

    هي تسعى في قدرها ورزقها، وهو على ظهرها يتفرج على عالم دهش... لا تناقض بين سياقات الحياة، ...

    طبعا، انهنكي مدخل النص، باب النص، وكما يقول الحكاء العظيم ماركيز، الباب صعب، ومربك، ومنهك، وكذا اسم النص، كيف اختار اسم يليق به، كالجلد على الجسم، وهيهات..

    وفي النص حزن، جرني معه، وفيه فرح جرني معه، لقد كتبني النص، حين تمثلت أمي، السوداء، وهي تحمل طفلها على ظهرها، وتجوب الشوارع، الجوامع الكنائس، انه وطني، يحملنا على الظهر، وهو يئن، ويبكي...

    أدعو لي ببركة الإلهام، وصدق الكتابة..

    مع فائق حبي.. وشوقي,,,
                  

04-15-2008, 07:17 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    عزيزي، واخي
    صبري الشريف...


    كيف حالكم، اعمق الشوق والمحبة، ,,,,...

    نعمل شنو ياصبري، الكتابة بقت زي تفريغ الهم، زي الطريق للوصول للبيت، للخيال الزعلان من الواقع، ومن الواقع الزعلان من هروب الخيال منه، وعدم تمعنه، فهو جميل، وبس نشوف كيف، اعطوا اعينكم حظها من العبادة، من الفرح، من الدهش..

    والكتابة صارت علاج، وتوقف في اللحظة الحاضرة، وخلق وطن بديل، أو همز وقمز الواقع، كي يبدل ملابسه المهترئة، فسيدنا غرامشي يقول (بأن القديم يحتضر، والجديد يتعثر في الولادة)، ودي مرحلة الفوضى، واعراض الاهمال والظلام، والكون كله يمر بهذا المخاض العجيب، بعد فشل قوى التغيير الشرقي والغربي، فالحرب لا تزال، وامراض النفس صارت اشتراكية، كآبة، وقلق، وسرحان، وجوع ومرض وسرقة عينك ياتاجر، دول تسرق دول، وشعوب تستغل من السلطان ....

    والله سعيد بك، وسلامي لحواسك المغردة، وأسعدك الله، واسعدنا بك،.. فروحك الخيرة معنا، هنا في دوحة أمي آمنة، وسرب من قلوب عظيمة، وعقول نقية، تغرف من مادة الفكر، التي خلق الله منها (الكون)... فطوبى لنا بهم.. وما اسعدنا بهم..

    عميق محبتي، وشوقي
    اخوك ابدا عبدالغني


    ..
                  

04-15-2008, 08:00 AM

كمال علي الزين
<aكمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    (*)
                  

04-15-2008, 12:27 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: كمال علي الزين)


    كيفك يا خدر يا (مخضّر) دايما ؟!
    كيف المدام والأولاد ؟ بالله سودانيز أون دي مش حاجة جميلة عرفتنا على بعض ..كفاحا؟!
    نجلاء دائما تقول: إنت دايما تسافر لوحدك..هولندا، مصر، إثيوبيا، لبنان، بريطانيا، واق الواق ليييييييييه ما بتاخدنا معاك ؟!
    :يا ستي ده كلو شغل
    :طيب مالو ؟؟؟
    أها، هي مصرة الآن تلبي دعوتكم،بس عندنا عفريتة صغيرونة غايتو الله يستر على هولندا كلها منها.. وكلمتك من هسع.. (شفعكم لموهم وكان لقيتوا طريقة سووا ليهم درقات) !!
    جاينكم يا خدر..جايين.
    ..
    ..
    كمال
    في الصمت كلام كثير و(حكيم) !
    ..
    ..
    يا عبدالغني، كلّ شيء يفضي إلى الكتابة !
    السحر المرشوش على الواقع هو في عقل ماركيز وروحه.هو يرى الأشياء - في هذيانه الكتابي - هكذا.
    إنه سحر الوجود الذي لا يراه الآخرون !
    البهاء الأزلي الذي يجلل هامات الأشجار، وبلورات الضوء التي تذوب في الماء، والقطرات على ريش الطيور!
    الشجرة ليست (شجرة) !!
    إنها (ألوان) متدرجة ومتسقة، وبناء جمالي فادح في معماريته الأنثوية الفريدة، و(أصوات)، أصوات، حين يداعب النسيم الأغصان والأوراق، فتروح تغني، أو حين يرشها المطر.الشجرة (سر) ! سر تعرفه الأرض.ومن سرها الباتع تستمد حياتها.
    ..
    الموسيقى مثلا !
    كيف نختصرها في (تعريف) أكاديمي (باهت)؟
    هل بوسعك أن تعرّف الموسيقى؟ موسيقاك أم موسيقا(ي)؟
    الموسيقى التي تنبعث من الآلات، أم الأخرى التي تضج بها أجسادنا؟
    أليست أجسادنا تحوي قدرا خرافيا من الموسيقى ؟
    وكلما اكتشفت لونا موسيقيا، ارتدت بك روحك إلى أزلها، وعبّت من النبع الخالد.
    حين عرّفني – قبل سنوات – صديقي وخلّي، عمر الأنصاري (الطارقي، مؤلف كتاب:الرجال الزرق) على الموشحات الأندلسية، يؤديها عبدالرحيم الصويري، والحاج بوجدوب، دخت ألف مرة:
    (أنا أملي في إيش
    إيش علىّ مني
    نقلق من رزقي ليش
    والخالق يرزقني) !!
    يا الله يا عبدالغني، حين تروح كل تلك الآلات (الحية) تذوّب حشاشاتها فيّ.الناي والطبل والدفوف والكمانات وصوتا الصويري وبوجدوب !
    ثم هل رأيت الصليب المتدلي بين نهديها يرقص؟
    كأنما روح ما، روح كونية معذبة، مدقوقة على يديها مسامير غير مرئية، معلقة هناك، تخفي في أعماق عينيها حزن وجودي يتدفق كبحر.أعني الروح التي في الصليب !
    صليب ذهبي يبرق تحت الأضواء، ويغفو بين نهديها.يمسهما وكأنه يقبلهما.
    هم على المسرح.هي وخمس فتيات أخريات، وفتى، إلى جانب ستة آخرين.الأول يمسك بالغيتار كحبيبة دائخة بين ذراعيه.يروح يرفعه ويخفضه، ويعبث، بروحه، في أسلاكه.والذي يليه، يمس بأطراف أصابعه، بمهارة وخفة، كون الموسيقى الرابض أمامه.والثالث يمضي يميل رأسه إلى الخلف وهو يرفع الساكسفون إلى أن يلامس السماء.يتوّحد معه، ويبكيان.وذاك يدق بعصاتيه الرفيعتين على الطبول المكومة أمامه.والأخير يقرّب جدا الغيتار من جسده، ويغيب تماما في حضرة أنغامه الآتية من بعيد.
    تغني – غالبا أغنيات أستير أويك وأغنيات التراث - وكأن مجهولا سرق منها حبيبها إلى الأبد.تغني بلوعة ووجد.والأخريات ينتظمن في صف، كعقد لؤلؤ على جانبيها.يرفلن في ثيابهن المطرزة يدويا، والمصنوعة من القطن الخالص، تزين بياضها، خطوط عريضة باللونين الأحمر والأسود.وعلى صدورهن تتدلى مسابح كبيرة سوداء وبنية.
    ينتعلن أحذية بيضاء من الجلد، ويحطن معاصمهن بأساور منقوشة ببراعة.
    الآن سيبدأن !
    سيبدأن الفقرة التي لطالما جمدت الدم في عروقي، ودعتني للصراخ، ككائن معذب وسعيد في آن، يصرخ في البرية، وهو يرتعش ارتعاشة الكشف الأول !
    ها هن يبدأن !
    الموسيقى تنساب بنعومة، ثم تتصاعد تدريجيا.وصوتها يعانق بذرة الفناء والوجود..يتقطر من شجرة سماوية، ويفصح عن المجهول الغامض.يطوي، في لحظة، المسافة بين الإنسان، في عذابه الأبدي، والسماء في جلالها المهيب.
    وهنّ، أرواحهن تدوخ، وتتحفز.تسيل، نورا على أجسادهن، وتؤرجحها في الهواء. وكحمامات ذبحن للتو، ينتفضن على الإيقاع.كلّ خلية، تخبئ الإيقاع المجيد، ثم تتفجر كقوس قزح. أرواحهن تتشرب اللحن إلى أن تترع به تماما، وتهبه الكون.يضحي الكون كلّه، لبرهة، لحنا أزليا.
    وعلى أعشاب الجنة، وخضرتها الفاتنة، يحركن أقدامهن التي ترتفع ببطء فوق غلالة النور تحتها.
    يا الله..يرقصن (الواللو) !!
    الأنثى في تمام روحانيتها وتوقها الأزلي للمجهول المخبوء في أعماقها حين تلامس بروحها حواف الموسيقى المزركشة فتتجسد لحنا على الأرض!
    الرغبات كلها تتبخر إلا رغبة التاىهي في كون الموسيقى والرقص ذاك !
    ثم الفتى المسكون بالموسيقى.ترتعش روحه، وينتفض جسده، تنتفض كلّ خلية في جسده.
    يرقص بروحه لا جسده !
    يا لطيف !
    يغمرني صوت (إفريم تامارو) بقشعريرة.
    أرأيت (تلاهون قسي) حين عاد إلى الهضبة (الموسيقية) من رحلة استشفائه، فاختلطت دموعه بصوته الـ(....ماذا)، بالله عليكم كيف يمكن (وصف) ذلك الصوت، صوت تلاهون قسي؟
    من مات ولم يسمع تلاهون قسي، مات وهو غريب على الحبّ والعشق، حب الأرض/الحبيبة، الحبيبة/الأرض، مات غريبا على جوهر الإنسانية في أعماقه !!
    ...
    (عازة ما سليت وطن الجمال).. آهههههههههههههههههههه !
    يتدفق صوته كـ(النيل الخالد) حين ينحدر من جبروت الهضبة مدمدما وعذبا يحمل الحياة !
    يا عبدالغني..لهم سلامي، لهم حبي، لهم إنحناء روحي..
    لها.. هي، ذلك الجوهر الفني المدهش الذي ينبض في عروق الفنانة البكر: إثيوبيا، وإلى كلّ مبدعي تلك (القارة الفنية) الذين ينحدرون – في المساء – حاملين صلبان أغنياتهم وموسيقاهم ورقصاتهم، لينشدوا للكون والريح !
    لـ..تلاهون، وإفريم، وأستير، وتيدي أفرو، وقسي، لصديقتي هيلين، لصديقتي سانيتا، لصديقي جمال، لصديقتي إيليني، لصديقي أبّنّت، لـ... يااااااااااااه !
    كنت قريبا من المسرح حين غنى خوليو إيغلاسياس، وحين غنت ماريا كاري !!
    يا الله !
    يا عبدالغني الموسيقى عالم مدهش.
    كنت قريبا من النجوم والمطر والأزهار، قريبا من السماء!
    وكانت دموعي قريبة حين غني (سيف الجامعة):
    (ونغني لك يا وطني
    كما غنى الخليل
    مثلما غنت مهيرة
    تلهب الثوار جيلا بعد جيل
    ونغني لحريق المك في قلب الدخيل
    للجسااااااارة حينما استشهد في مدفعه عبدالفضيل) !
    رحت أتأمل صفحة النيل على وجه (وردي) الجالس قبالتي.وحين ترقرقت الدموع في مقلتيه، تداعت روحي، مثلما تداعت حين أمسك (ود اللمين) بالعود وراح (ينشّف ريقنا) بــ(لو بهمسة) !
    يجتاحني حزن غامض أبدي حين يغني:
    (وكان تعب منك جنااااااااح
    في السرعة زيد )
    يا الله !
    و(جيت تايب..جيت تايب يا حليلك..والفؤاد ملكوهو غيرك)!
    وأبكي، دائما أبكي حين ينزف:
    (نحن أبناؤك في الفرح الجميل
    نحن أبناؤك في الحزن النبيل) !
    الموسيقى بكاء الروح يا كرم الله !
    وهي نارها أيضا !
    و..(مسامحك يا حبيبي) !
    أبوعفان، ومصطفى، وعثمان الشفيع، و(الكاشف أخوي) والنور الجيلاني، ..(جيلاني فعلا) وعبدالرحمن عبدالله..ناس (يا تومي طرينا) ووو...!
    ويااااااااااااه حين يضع الهدندوي حد السيف في فمه ويروح ينثني كنخلة صبية، أو كأوزة تسبح في بركة من النور.
    .... في حده الحد بين الرقص والطرب !
    أدفع نصف عمري، أقول لك :عمري كله، عمري كله، وأتعلم هذه الرقصة بالسيف !
    هذا انتحار جميل في كون الموسيقى !
    أو (البالمبو) هذه الآلة الملعونة المجنونة التي توقظ فيك كلّ النائمين. وحنان الطنبور/الأم المتلهفة:
    (يا يمّة يا يمّة رسلي لي عفوك
    ينجيني من جور الزمان)..ترن ترا..ترن ترا !
    هذا يسيل دما من القلب إلى القلب !
    و..(عديلة..).. (من عندينا) ! وعبدالقادر سالم، وأغيب تماما مع (الهادي عثمان) وهو يقبل (الفلوت) ويهمس في مطلع (أعز الناس) !!
    ياه يا عبدالغني موسيقى هائلة تتغرغر في دمي وتؤلف مسرحا متراميا في روحي.موسيقى نبتت في أعماقي واستطالت وفرّخت وشادت مدنا تسكنها ألحان من كل حدب وصوب، متآخية متصالحة صوفية، متسامحة، تعرف قدر الإنسان وقدره !
    والموسيقى عزلة !
    (يا عبد أنت رق ما أستولى عليك) - النفري.
    ثم إني - والله يا عبدالغني - أتعجب من ذلك الجنون الذي يلهم هذه الألحان !! وردي والكاشف ومحمد الأمين وبليغ حمدي والأخوان رحباني وووو... كيف صاغوا تلك العوالم الخفية التي بوسعها أن تلسع قلوبنا بشكّات الوجع والفرح في آن ؟
    يعني كيف لحّن مصطفى - رحمه الله - مريم الأخرى، ولمحتك ..مثلا ؟
    كيف لحّن وردي المستحيل والطير المهاجر وخاف من الله ؟
    (الناس ديل بي صحهم ؟؟)
    وتقول لي أنا أبدع وأكتب ؟!
    مايكل أنجلو، أو (بيكاسو) وهو يقطر روحه في (غرنيكا) ؟ وسلفادور دالي (انت الزول ده كان نصيح؟) بالله ألم يكن لفان غوخ ألف حق في أن يقطع أذنه ؟
    يا الله نسيت موتسارت !
    ستقول لي بتهوفن ورحمانوف وتشايكوفسكي ووو!
    أنا يدوخني موتسارت !
    ولسلفادور دالي (شطحات)، فهو يروح يقول لسائليه إنه هو نفسه يجهل جوهر ما رسمه !!
    الزول ده بيعرف ناس البسطامي والجيلاني والشبلي ورابعة من وين ؟
    حكمته بالغة !!
    هو يقول: (مهمتي أن أشقلب العالم بإتقان). يا لدالي المجنون !!
    مجنون ؟ ألم يشر (أب) السريالية أندريه بروتون بشكل أو بآخر إلى أن البعد والقوانين السيكولوجية تؤلف الصورة التي يراها ؟
    و..أليس (الطبق) الذي نغطي به أطعمتنا جنونا؟
    ثم أليس كلّ ذلك (قراءة) ؟
    وارتعاشات الكون كلّه حين ينصت في سكينة إلى (شغل) الذين توارثوا جنونهم ذاك عن (مولانا) جلال الدين الرومي؟
    يلفون حول ..(ماذا)
    يتداعون
    يهجعون.
    أليس ذلك قراءة؟


                  

04-15-2008, 12:49 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عبدالغني
    هذه هي محنة الكتابة وآلامها العظمى.
    يحكى أن (الفنان) أحمد زكي - رحمه الله – حين فرغ من تجسيد شخصية عبدالناصر، لم يستطع طيلة ثلاثة أشهر فصل الشخصية عنه.ظل يتعامل مع المحيطين به على أساس أنه عبدالناصر.
    هذا هو الجنون بعينه.
    وأنت الآن – أكيد – ممزق بين عبدالغني/المرأة الإفريقية، وعبدالغني/الطفل الذي على ظهرها، وعبدالغني/الشخوص الأخرى في النص!
    أحسّ آلامك تماما.
    بعض النصوص، غير أنها تسكننا سنوات قبل الكتابة، تسكننا أيضا بعد الكتابة.
    أنا ما زلت في هذيانات (كياح) ومخاضاتها.
    إن لم تكن أنت:هم، لن تكتب. وهم يسكنون في أعماقك.وهم متشاكلون مختلفون.وأنت متشظ إلى عشرات الذرات وعشرات الشخوص.
    هل الروائي يعاني حالات فصام في أثناء الكتابة؟
    والمدخل:الباب !!
    ياااااااااه يا عبدالغني.
    كلّ باب جحيم.
    كم باب كسرت وأحرقت؟
    كم بداية لرواية كتبتها ثم بصقت عليها لتفاهتها !
    وفي لحظة ما تتجلى، تكتب (الباب) ينفتح أمامك بسهولة، تتقدم حثيثا، تشتعل بحمى الكتابة، تروح تكتب (بلا هوادة)، تسيل روحك، يتوهج عقلك، وتمضي – آخر الليل – إلى الفراش منهكا، كأنك عاشرت مرات ومرات ألف إمرأة !!
    لا، وكـ(زوس، إله الحب:كزانتزاكس/زوربا) تهب من نعاسك فجأة حين تخطر ببالك فكرة إن لم تسارع إلى كتابتها، طارت إلى الأبد.زوس كان يهبط إلى الأرض – حسب المجنون كزانتزاكس – ليرضي إي إمرأة تتقلب في فراشها وحيدة.هو هكذا، إله حنون، يبصرهن من سماواته، ويسمع آهاتهن فينفطر قلبه – المسألة لا علاقة لها برغبة الجسد – هو هكذا، يفهم آهاتهن على أساس الحنين الموجع، والعاطفة المتقدة، العطاء الذي ينتظر من يقطفه، فيهبط إلى الأرض – يكتب عبارة أو عبارتين – ثم يصعد إلى السماء – يخلد إلى فراشه – فيسمع ثانية أنين إمرأة وحيدة تشتاق رجلا !!
    (زوربا يقول إن الرجل الذي يعرف أن ثمة إمرأة تنام وحيدة ومعذبة ولا يعاشرها، يظل ملعونا) !!
    زوس يا كرم الله، جراء هذه الرحلات اليومية العصية، تكأكأ، وسال لعابه، وأصبح كالتيس العجوز، وانحنت مؤخرته، وبات يسعل دون توقف.. ومات !
    إله الحب مات !!
    يا كرم الله كلما أذكر ما سطره كزانتزاكس في هذا الخصوص تجتاحني موجة من الضحك لا أقدر عليها، يا الله !
    لكن، أليس حالنا – مع الكتابة – كحال (زوس) الصاعد النازل، النازل الصاعد ؟

                  

04-15-2008, 02:28 PM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: كمال علي الزين)

    طارق ...
    الصديق والاخ، الرجل الحبوب... وجلابية توب، وهم وجودي، ....

    وترقي، وفهم، وتواضع، ومحبة..

    سأعود لك، وليتني افي بوعدي في حبك..
                  

04-15-2008, 05:28 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    يا كرم الله !
    وهذا الذي اتسع فتقه على الراتقين جميعا، ..(الأحياء منهم والأموات) !!
    هذا الذي ..(عليه السلام) ؟!
    لإبراهيم الكوني في (فصوص حكمته) عبارة:
    (أعظم الأوطان التي بوسعها أن تعطي بسخاء حتى الآخرين) !!
    لتعرف عظمة هذا (الشيخ الصابر الحزين)، انظر في عيون (أهلنا وأحبابنا) الإثيوبيين والإريتريين !
    (عارفون) به أكثر منّا نحن الجهلاء، نحن الجهالة تمشي على أقدام كسيحة !!
    تعرف..لأنهم (عايشوا) عبارة الكوني، عايشوا ..( أعظم الأوطان التي بوسعها أن تعطي بسخاء حتى الآخرين) !
    تعرف يا عبدالغني.. الأكثر حزنا ..الأكثر وجعا فينا، هو !!
    أذكر مظفر:
    (من ذاك ؟
    وأجبت كنار مطفأة في الحقل: أنا يا وطني ؟)
    يا الله !
    هو كـ(أبي) كجميع الشيوخ الطيبين المحزونين.
    يا عبدالغني، أحسّ بحزنه العميق.
    عيناه !
    هل رأيت عينيه ؟
    عيناه ذابلتان من فرط الحزن والوجع.
    ما أقسى عقوق الأبناء والبنات وانشغالهم عنه؟
    ما من أحد يملأ له الإبريق بالماء ؟
    ما من أحد يجلب عصاه، ليتوكأ ويذهب للصلاة في (المسيد) القريب !
    لا أحد يقرّب له زجاجة العطر ليتعطر ويغشى الكنيسة أيام الأحد !
    (العراقي) المتسخ التصق بجلده يا كرم الله.(مركوبه) ممزق، والسعال يفتك بصدره !
    ومع ذلك يا كرم الله، حين يعبر به سائل، يدس يده في جيبه ويمنحه (البركة) !!
    يرقد طوال النهار على (عنقريبه) التي تدلت حباله ومسّت الأرض، يرقد صامتا ومحزونا، يتأمل شجرة (النيم) فوقه.لا يسأل (بناته) عن الطعام.ينسينه – كثيرا – كثيرا ينسينه يا كرم الله، فيقضي سحابة نهاره جائعا.حسبه من الدنيا شربة ماء وتمرات يلوكها على مهل بعد أن تساقطت أسنانه.
    من يهتم لأمره ؟
    كم أنجب من الأبناء والبنات ؟ ومن يذكره في شيخوخته ومرضه ؟
    لكنه يحبّ، يحبهم، يحبهن !
    تخيّل يا عبدالغني، لا يستطيع أن يذهب إلى (المستراح) لوحده ! وما من أحد يقوده إلى هناك !
    ما من أحد !
    وفي الآونة الأخيرة، ساءت حالته أكثر، صار على (عنقريبه) يغصّ بالدموع، تسمعه في ساعات السحر يناجي الله:
    خذني يا إلهي وأرحني من هذه الحياة، فباطن الأرض خير من ظاهرها !
    حتى عندما يتعب ويحجزه الطبيب في المستشفى، يكون وحيدا، لا أحد معه إلا البياض، بياض الأسرة، وبياض قلبه.
    لماذا هو دون وطن (في قلوبنا) يا كرم الله ؟

                  

04-15-2008, 09:42 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    هل قلت إنني أحبّ (أولاد حاج الماحي) و..مصر المؤمنة ؟
    ..
    و...الأربعة
    ....الأربعة
    ....الأربعة
    (سر الأربعات) ..(سر التربيع)
    لكل (شكل عميق) سر
    سر التثليث والتربيع و(التخميس).
    سر التثنية والتسبيع والأصل الفصل هو النقطة !!
    وهل قلت إنني أحب صوت (أسرار بابكر) هذه (الشافعة) التي تفيض (صوتا) ؟؟
                  

04-16-2008, 11:58 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    يصادرون أحلامنا يا كرم الله !
    يصادرون (الحرف) !!
    ماله هذا (الحرف) ؟
    هل يؤذي؟
    وأي أذى ؟
    هل لبس الحرف – يوما – رداءا عسكريا وراح يعيث (اخضرارا) في الطرقات ؟!
    كم أمقت ذلك (الاخضرار) وأشفق عليه !
    يصادرون كل شيء، إلا أرواحنا. و(الحرف) في خلوة سجنـ(هـ) متأمل !
    يتأمل الوجود وكنهه، يتأمل الحياة والأحداث، ويخرج أكثر عافية !
    فقه المصادرة.فقه الرقابة يقزّم الإنسان ويجفف المحابر.يكبّر الحلاقيم ويشعل النار في الأوراق!
    ما أسوأ أن تكبر الحلاقيم وتحرق الأوراق !
                  

04-16-2008, 05:17 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    هل تجزعون من حروفنا، أغانينا، ألواننا على قماشة النيل ؟!
    نحن، يا (الذين في متاهتهم)، همنا في البرية طويلا، طفقنا نلوّح بأيدينا، ونرسم أشكالا لا معنى لها، وأخرى لها معنى، درنا حول أنفسنا، ورغبنا أن نفصح!
    كانت أجسادنا قلمنا الأول، وكانت الأرض والكهوف ورقتنا الأولى.وكانت الفكرة، الفكرة كانت الفضاء المفتوح.صرخاتنا ظلت حبيسة دهرا طويلا إلى أن تجلّى لنا (نور) الكلمة، فخررنا صرعى، واندك طيننا !
    بدأت رحلتنا من المجهول وإلى المجهول، نتوكأ على عصا الكلمات.تناسلت.تكاثرت.يا الله، الكلمة الأولى تناسلت.
    جيش جرار من الكلام.
    كشلالات الضوء.
    نقطنا – بالدم – على البياض.بنينا جبالا من الكلام.
    قافلة سماوية مرت من هنا يا أيها (الذين في متاهتهم).قافلة من الضوء.
    قافلة متعبة مشتاقة عبّت من النبع الأول، وتغذ السير إلى النبع الأخير.
    كم يا كرم الله من الحروف والكلمات والمعاني:أرسطو، سقراط، افلاطون، البحتري، الجاحظ، اندريه بروتون، كارل ماركس، دريدا، ابن عربي، فوكو، الطيب صالح، و......!
    قافلة طويلة طويلة.
    وما يزال (الذين في متاهتهم) يحاولون منع الضوء!
    يصادرون الحروف.
    يصادرون الأغنيات !
    غنّ يا صديقي !
    غنّ يا أباذر، فالابداع خالد.
    أقسم إنه خالد، خالد جدا.
    سنموت وتمّحي آثارنا، ويأكل الدود أجسادنا، لكن كلماتنا وأغانينا ستبقى.
    ستبقى رغما عن أنف الظلام، و(كلاب الشرطة المدربة) !
                  

04-17-2008, 05:46 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    الحجارة ياعويس..

    كان فتى قريش، قبيل الدعوة، وقد احتشد بالروح، مترقبا فجر الطلق الأعظم، لميلاد فكرة، شيبت رأسه الحنون، بسرها، ومظهرها ، و(حقيقتها)، ...
    كان الفتى، في طريقه للغار، يسلم على الاحجار، وتسلم عليه...

    ازيك يانبي الله..
    ويرد الفتى.. التحية بأحسن منها..
    وعليك السلام..

    أدركت (الحجارة) سره، قبل العقول (........)، أسلمت به قبل (خديجة، وأبوبكر ... كمان).... كما ركعت البقرة الهندوسية في الاصطبل بميلاد نبي الهند العظيم، وبفعلها السابق، الرائد (أي البقرة الذكية)، صارت موضع تقديس، وتقدير، عبر أجيال الهنود، حتى يوم الناس هذا...

    وأدرك الحجر، سر (ولاية النبي)، وليس رسالته، أدرك اللغة المشتركة بين الاشياء والاحياء، تلك اللغة، التي تسوق السحب برفق، من جنوب الاطلسي، للقولد، ولأم ضبان، وللتكنية، ولفداسي، ولملكال، ولكتم، تلك اللغة الأم، والتي يجيدها الأمي، والذكي والساذج... لغة تشرح للعقل كمياء الفرح، وتشرح للقلب النشوى، فيضحك الأطفال بلا معلم أو سبورة، وتضاجع الخراف إناثها، بدفق غامر (بلا سبورة، أو شهادة تخرج معلقة على الجدار، وعلاها الغبار).... ويخلق الرحم الأطفال، وتخلق الخمرة النشوة، وتخلق القصائد النشوة، وتخلق الصداقات النشوة، وتخلق الحروف والمعاني المدسوسة فيها النشوة,,
    ويخلق الموت النشوة..
    وكذا الحياة.. ألم يقل د.هـ لورنس (مها يعرف الموتى، فإنهم لن يعرفوا أفراح كون الإنسان حياً في الجسد)..

    لغة الكون بسيطة، مثل الموسيقى، لا تحتاج للحروف، بل أنغام، تأتلف، وتؤلف، من أي (أضان)، في الكون، مثل نظرة أمي، لا تحتاج لشرح، أو حتى تأويل...

    هل تتصور، يا ابن إبراهيم، صديق (صلاح جاهين، ورباعياته، وحكمته)... بأن مكتبي ملئ بالحجارة، هنا، وهناك... أحبها، في تكورها، في نتؤاتها... في صمتها، وتكورها، (بين جاذبية الذرات لبعضها), وبين تفاعلها مع الآخرين... القوى النووية,...

    (جبل أحد، نحبه، ويحبنا)... أخوة في طريق المعراج، نحو الطلسم القديم، والعرش الكبير...

    في التأويل الحجارة هي العقول (فعجله دكا دكا),,, والدك (في خلد العقل القديم)، لا علاقه له (بتصوراتنا الساذجة)... في السحق والمحق، (أليست مقامات في القرب)، لو عرفته (لم يكن هو)، ولو جهلك (لم تكن أنت)، كما يقول سيدي ابن العربي..

    الكون إنسان، إنسان كامل، إنسان سوى، محجوب بفكرة (الزمان)، أليس قلبي من لحم، واللحم من خراف ومعاز ودجاج، والدجاج من قمح وجرير، والجرجير من تراب..
    فلم لا نفهم الإشارات، والمآل... هذه الإحجار في الطريق، ومن سار على الدرب وصل، بل الطريق لمن صدق، وليس لمن سبق...

    والاحجار، تسبق... وتدرك..

    بالامس وانا راجع ياعويس بالقرب من الكورنيش، من أجمل منح الله اني اسكن قربه، رأيت نجيلة مخضرة وبها احجار مغروسة وسط الحشائش الخضرا، وقد لطخني الغروب برذاذه، فبدأت روحي ذهبية كسجدي، تملع تحليقا، وأسى، فأحسست بالحجارة، الحجارة ترقد على الأرض، في حلم يقظة جميل، تسترق السمع لوجدانها بصمت عجيب، أخرس الدهش لسانها، فأغمضت عينيها، وأذنيها، وفمها، للأبد، وأصغت جميعتها لصوت النشيد الداخلي، لنبض قلبها، وحده النسيم يجري حولها، لم يقوى على الصبر، فأنتشى مهرولا، هنا، وهناك، يود الاختباء، نكران ذاته، فلم يجد مأوى، فأختبأ في لونه اللامرئي الجميل، (كما يحلو لاستاذ عيسى الحلو)، في قصته الرائعة (ذلك الوجه اللامرئي الجميل)...


    الحجارة ياعويس، برضو تقتلنا بجمالها وصمتها، وصبرها، واختيارها هذه الهوية الصامتة، حين جرت مراسيم الاختيار الأولى، هناك، هناااااااااااك، قبل ان يخلق العقل القديم، اكبر سجن (سجن الزمان والمكان)...

    طوبى لنا، جميعا... بحداء ذلك العقد القديم، المربك، الذكي.. الغامض..

    العويس حبي وحبي



    .....
                  

04-17-2008, 06:14 AM

تماضر الخنساء حمزه
<aتماضر الخنساء حمزه
تاريخ التسجيل: 10-13-2006
مجموع المشاركات: 5215

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    سلامات..

    خالد عويس..هذا ال عبد الغني تحييني كتابته في السطر..مرّة..
    فله الشكر على الحياة المتجدّدة..ولك.

    مودتي.
                  

04-17-2008, 10:22 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: تماضر الخنساء حمزه)

    سأعود
                  

04-17-2008, 10:35 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    اخوي خالد، وبرضو بعود زيك..

    انت عارف ياخالد، اخواني عبدالعزيز وعبدالواحد كرم الله، الاتنين كتاااااااااااابين شديد، وهم نقلوا لي جرثومة الكتابة، وعبدالواحد عندو قصيدة بقول

    بعود
    واكتب، وسط المدائن (مدينة دي حبيبته وزوجته حاليا، اسعدهما الله هنا وهناك)..

    مكسي بي حزم الضنى المابهمكم
    بعود واكتب واسوق لفح السمو الحار يحرق زيكم,,,,


    وعارف عندو مسرحية اسمها (القمر المنحوس وبوادر التنكيل)...

    أما اخي الراحل (عبدالعزيز)، فهو رسام وكاتب وقارئ عظيم (اقسم بانه قارئ عظيم)...



    وان شاء الله لو مد الله في العمر برجع لكلامك المتفرد، الاصيل:

    عن الموسيقى
    عن اسرتكم
    عن تداعيك الخلاق في كل شئ يمر بخاطرك، بعينك، بخيالك..



    وعن (الكوني)، الكوني ياعويس بتعرفو عديييييييييييييييييييييييل... الكوني درويش الصحراء، ونبيها...


    ولنا عودة، بالمحبة، والشوق
                  

04-17-2008, 01:18 PM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    عويس التحيات لله يا فنان
    سودانيزاونلاين ممتاز و مُحكم والله شكرا ليها كتير و الله يقدرنا علي جزاها
    قول لي نجلاء نحن في انتظاركم و جيبو معاكم الدرقات انتو
    لانو عندنا بت بتحب حاجتين بس في الدنيا دي
    الشكل و البوس
    حا تشاكلكم و طوالي بعدها بتعتذر ليكم و تبوسكم
    اظن ثمة علاقة دم بينها و المغفور له بإذن الله ياسر عرفات
    راجينكم و حبابكم الف





    كرم الله ..
    طارق انا ؟
                  

04-17-2008, 03:03 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خدر)

    في الأزل، خرج (الحجر) عاريا يصيح: وجدتها !
    الحجر (رائي) ..وحكيم جدا.
    تدثر – منذ أزله – بثوب الصمت، أليس الصمت (ضيق بالغ في العبارة إلى حد طمسها؟)
    هو ابن الوجود.هو بكره.وهو عاشق كبير، وصبور.عاشق للوجود.
    حين تغيب الشمس خلف عهن منفوش من السحب المثقلة، يصرخ شوقا إلى المطر.تتفتح مسامه، ويستحم طويلا جدا.تسيل القطرات على حوافه.يلتصق – أكثر – بالأرض/أمه.يتفتح مثل وردة، ويتفتح عن وردة.
    يروي عطشه الحارق، وينتصب كمسلة، يقاوم الحركة.سكونه سكون وحركة.حركة كونية.يراقب في سكونه ذاك المجرات والفضاءات فوقه.يراقب النجوم.
    في الليل، يغتسل بضوء النجوم.يتلألأ عشقا ووجدا.وحيدا في البرية.وحيدا في عزلته الأبدية.
    الحجر أعظم متأمل.
    عريه الأبدي بعض من حكمة أسلافه.
    تغمره الشمس بدفئها فيختزن الدفء.يغني.يرقص بلا حركة.ترقص روحه.يصلي في الخلاء، ويناجي !


    تماضر
    عبدالغني كون !

    خدر
    جاينكم !

    عبدالغني
    لك محبتي
                  

04-18-2008, 10:59 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    ما أسوأ أن تخسر صديقا عظيما قام بتربيتك، وترعرعت في كنفه، كشجرة ضخمة تمدّ ظلالها في النواحي كلها، تقيك الهجير، وتبقي أغصانها وأوراقها في العراء تحت المطر وفي زمهرير الشتاء !
    صديق كنت تخشى دائما فقده !
    يكاتبني:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    القولد
    الأربعاء
    17/5/2000
    (هذا قبل رحيله بشهر واحد فقط)
    الابن العزيز/خالد إبراهيم عويس
    التحايا الخالصة والأمنيات الطيبة لكم جميعا آملين أن تكونوا بخير وصحة جيدة ونحن بحمده على خير حال ولله الحمد والشكر.
    بعث لي الابن (نصر الدين حسون) لأجهز لك خطابا ليأخذه معه، وها نحن نفعل ولما يمض على خطابنا السابق لك إلا أيام قليلة لتطمئن.وكذلك جميع الأهل بحمد الله بخير.
    من الأخبار التي لم تعرفها، نقل (صالح عثمان) لدنقلا مديرا لمرحلة الأساس الولائي وتم نقل (مدثر) لدنقلا وحضر ملازم أول من الدامر، خريج الآداب واستلم النقطة.قفل أو سيقفل يوم 20/5/2000 بنك المزارع فرع القولد ليدمج مع بنك المزارع بدنقلا، ونقل جميع العاملين به، وتجري محاولات للابقاء على البنك في موقعه.
    والدة (عبدالعزيز محمد أحمد) توفيت قبل أسبوع وسوف يصل هو بطائرة اليوم عن طريق دنقلا وقد ذهبت عمتك و(فوزية، [ابنة عمي]) اليوم للمبيت والعزاء، والبقية سيذهبون غدا بالمشيئة.
    (عبدالرحمن) اشترى تلفزيون 21 بوصة ملون مع "دش" وناس محمد مستمتعين ولربما نذهب يوما ما بالمشيئة إن ظهرت برامج ممتعة.
    الوابور الكهربائي [في منزلنا] تولى أمره (قلولة) ولا يكلفه شيء، إذ أنه يحضر اللبن مساء ويدوّر الوابور فلا يكن لك شاغلا.
    الحالة هنا كما تركتها فقط كنا نتوقع منك كم شركة قدمت لها وما هي نتيجة الانترفيوهات وهل ظهرت النتيجة.
    ونسأل الله عز وجل أن يوفقك بمشيئته.التلفونات نتوقع توصيلها في أواسط الشهر القادم، شهر 6، أو بداية 7 وقد أعلنت سوداتل أنها ستطرح حوالي ألفين خط تلفون من (دمبو) وحتى (كنكلاب) ونحن من أوائل المقدمين وسنخطركم بالرقم بالمشيئة.
    (محمد علي أحمد) عاد لـ(كريمة) ليبيع منزله والعودة نهائيا للقولد وقد قضى جل وقته معنا ولو أنه أشتكى من عدم وجودك وقال كان بوده أن يشاغلك في الأمور السياسية !!؟ وفي الحقيقة أن البلدة كلها بالتقريب بتسألنا عن أخبارك.
    تقبلوا تحيات الجميع
    المخلصون
    والدكم إبراهيم عويس وبخيتة
    "احتجت والدتك على عدم كتابتي لكلمة والدتك !؟"
    ملحوظة: اشتقنا لخطاباتك خاصة ونحن نتوقع أول خطاب أن يكون حاويا لكل صغيرة وكبيرة منذ أن وطئت قدماك الأراضي المقدسة.
    انتهى.
    كتابته (طاعمة) ! لكم اشتقت إليها، وكأنني أنتظر مغلفا لن يأتي أبدا ! خطه جميل جدا، له أناقة تتسرب من خلالها روحه إلى الأوراق فتحييها.أتخيله جالسا إلى طاولة حديدية كبيرة، حولها مقاعد، مكب على الأوراق، واضعا نظارته الطبية.يسيل قلمه دفقا حميما، يشع على كونه ذاك، البسيط، الصوفي، المتواضع.
    يهيم بالناس، ويرى في كل شيء وجودا مفعما بالحيوية والجمال.يضحك حتى تغرورق عيناه بالدموع، فيمسحها بمنديل.
    عالمه هذا البسيط، الذي يأبه لأمر اغلاق بنك سيؤدي حتما إلى خراب بيوت، ولشراء صديقه (عبدالرحمن الطاهر) جهاز تلفزيون، ربما..أقول ربما سيذهب لاحقا لمشاهدة بعض البرامج، هذا إن كانت ممتعة، ولـ(اللبن) و(الوابور الكهربائي)، هذا العالم المنسوج من الوداعة والاهتمام لأمر الناس، كبيرهم وصغيرهم، يحادد عالما آخرا، لا يقل اتساعا وبهاءا، عالم (ميكي سبيلين) و(سومرست موم) و(العقاد) و(طه حسين) و(الرافعي) و(أندريه جيد) و(ألدوس هكسلي) و(وليام فولكنر).
    كم كان يحب (أندريه جيد) و(ميكي سبيلين) !
    سأدرك لاحقا أن تأثيره علىّ كان الأكبر، وأن طعم خسارته لن يزول إلى الأبد.
    تأمل يا كرم الله، كم تفعل بنا المنافي، وكم تقسو علينا الأوطان حين تكون في قبضة من يقايضون حياتنا ومتعنا البسيطة بأحلام تذروها الريح، وهتافات خرقاء !
    تأمل، كم نسفّ المنافي، وكم تسرق أعمارنا وأعمار من نحب.يرحلون مرغمين على بعدنا.وكأن قربنا كان حياتهم.وكأننا ذبالة قناديلهم !
    هي المنافي يا عبدالغني، هي المنافي الجبرية التي نزح إليها الوطن بأسره، لتلحق بنا الأحزان الأبدية.
    كم تشتاق أن تسند رأسه على يدك لينام نومته الأبدية وهو قريب جدا منك، من قلبك، لا وحيدا، حتى لو كان الخلق كلهم إلى جانبه !
    كم تشتاق أن تسوّي له قبره بيديك، وترش عليه ماء الزهر، مع شطر كبير من روحك !
    هي المنافي يا كرم الله، هي المنافي كسرت قلوبنا، وأهدتنا، إلى جانب جرح الكتابة، جرحا في الروح.
    قيلولته، والنسيم يهبّ من الأنحاء كلها، يحمل إلينا رائحة الحقول البتول، و(قهوة أمي) !
    أين ذاك العالم ؟ كيف انطفأ؟!
    حين يقوم لأداء (لذة الفجر)، وصوته يدغدغ جوانحي:
    (فبأي آلاء ربكما تكذبان)
    الله ! الله !
    يعنّ له أن يلقي على مسامعـ(نا) بيتا أو بيتين أثيرين:
    (تمتع من شميم عرار نجد
    فما بعد العشية من عرار).
    والآن، لا عرار نجد ولا عرار القولد، فما من عرار أبدا، وما من رائحة نشمها في المنفى.


                  

04-18-2008, 02:48 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    حبات المطر تنقر على الزجاج المموّه.تلفحه بقوس قزح.
    على جانبي الطريق، تنمو الخضرة الوحشية على أطراف أصابع الجبال.تسيل شلالاتها على السهول، المخصّبة بالمطر..والموسيقى والأزهار الموسمية، أزهار (الأدّي).
    صوت غاسيي مغسول بالضوء والحزن، وممعن في الهرب إلى دمائنا، يسري كغمامة بنفسجية.يقطع نفس الغيتار، ويستحث الساكسفون على النشيج.يمشي صوته على أصابعه الزهرية على حبال الصمت.يموسق الكون.تنضح كلّ خلية بالموسيقى الفاتنة الساحرة.
    هي، إلى جانبي.الموسيقى الموشحة بالحزن والفرح، تستنفر حواسها.توقظ فيها حزنا غامضا.
    تومض عيناها بلحن أبدي، لا يرقد إلا هناك..في بقعتي ضوئها الأزلي..في انحدارات الهضبة، وموج عشبها.يسيل، كالماء السماوي، على طينتها السمراء، ويقبّل خديها العسليين.يمشّط ضفائرها بمسلّات من كمانة النور، ويمسّد جبينها اللؤلؤي.
    صوت غاسيي، نافورة ضوء.تنزلق على وجهها، وتفتح مساماته بالحنين.
    هي، إلى جواري، في تمام أنوثتها وسحرها.في كمال بهائها وخلودها.تهتز روحها وتختلج.
    روحها النافرة الضاجة بالموسيقى، تطير، كسرب فراشات.
    صوته، يطلق آلاف العصافير الملوّنة.وروحها، هي، روحها، تأتلق وتضيء.تمشي رعشة الضوء والأنغام الحلوة في خلاياها.يشتعل شوقها الأزلي.ترتج روحها..تعانق الأنغام.تلصق ذراتها الحارة على جدار روحها.تندغم فيها.تلونها.تفجرها.يضج جسدها - الأسمر - بالشهوة الخلاقة.الشهوة المبدعة.تلامس بقدميها خلايا الأرض، ويحلّق جسدها في فضاء ملوّن.تسقط الشمس – لاهثة – على شعرها.تذوب أصغر الأنغام في أصغر برعم نابت في قلبها.
    سانيتا ترقص !
    يا الله !!
    يا إلهي !
    تذبح نفسها قربانا في هيكل حبّ عاتي.تزحف على حشاشتها في حقول القرنفل والقهوة.يخفق جناحاها الخضراوان في فضاء الألحان.
    يا إلهي..إنها ترقص..!!
    شهية الروح، وطازجة الدهشة.
    كحمامة مرّت سكين الموسيقى على عنقها الجميل.يغمى على جسدها، وتبقى روحها منفلته خارج مدار الكون.تشكّل كونها الخاص:الرقص.
    يمور شلال شعرها الأسود
    تكاد روحها - روحها تحديدا - تخترق قفصها الصدري
    تنفر حمامتاها
    تطيران
    تنقران على شبابيك الكون
    سانيتا ترقص
    يتشكّل الكون كلّه، الكون الضاج بسحرها وفتنتها:فتنة الرقص
                  

04-18-2008, 03:30 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    (هذا طينك ..طينك..طينك.. تتقاذفه الطرقات
    بليل المنفى والامطار
    دلتني الاشعار عليك
    فكيف ادل عليك بجمرة اشعاري
    جعلتني الدمعات كمنديل العرس طريا
    لا اجرح خدا
    خذني و امسح فانوسك في الليل
    نشع بكل الاسرار) – وتريات ليلية / مظفر النواب رضي الله عنه

    والمنفى – يا عبدالغني – كتاب لا ساحلين له.كتاب حارق، لا تقرأه إلا في الليل، وبساتين الحزن تنمو بأطراف قلبك.
    والقلب دغل.
    القلب دغل من حرّ البساتين.
    القلب يفليه الحزن، وينعس فيه.
    ليل المنافي طويل، و(ليل العاشقين طويل) !
    في الليل تضيء فوانيس القلب المتعب..في الليل.
    الليل نفسه حزين.
    و..آهـ (كان تعب منك جنااااح في السرعة زييييييييييد)
    مشتاق لوطني النيل، جدي النيل.مشتاق أن يربت على وجعي.مشتاق أن يذرف دمعة على غربتي ووجدي.
    مشتاق لوطني النيل.
    في الغربة نقتات الثلج.حتى الدفء الثلجي ثلج.
    وقناني العمر تفرغ.تتقطر فوق رمال الصحراء.تتبخر قطراتها بفعل الهجير.
    وحشة النهارات وسأمها تحطّ كحشرة سامة على تفاحة القلب.وفي الليل، تنهشنا الرغبات النيلية.يقتلنا خمر النجوم التي تدليّ أغصانها على النيل.تسبح فيه، وتورق ضوءا.

                  

05-04-2008, 10:28 AM

Tareq Siddiq

تاريخ التسجيل: 07-17-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: إن أشعة الشروق، كلها، في قريتي، هم في الأصل تلاميذ نجباء (كالأنبياء والشعراء)، أرسلتهم الشمس، كي يصبغوا الحوائط والأشجار والبيوت بروح شاعرية، أمومية، فتحس بأن الاشياء هي امتداد لك، كأطرافك، كجوارحك، كأسرتك، كوطنك، كماضيك، كغدك..


    يااااااااا الله

    الأنيق عبد الغني كرم الله

    يا رجلاً من زمانٍ جميل .. يتراءى لي من بعيد ولما لم أكن قد بلغت سن التأمل يومذاك انتظرت ربيع عمري حتى تآكل كله بلا صقيع ...!!

    التقيتك يوم كان لبغداد العرب مجدٌ أثيل وصولجان .. !!

    مذ عرفتك يومها كنت أنت صوتاً والصدى خلفك لا يردد ما تقول بل يختلق من وجده حرفاً جديد .. !!

    شكراً للسماوات التي منحتنا لك مرةً أخرى بعد طول غياب ...!!

    كل المودة والتقدير ..!!


    طارق صديق كانديك ..

    (عدل بواسطة Tareq Siddiq on 05-04-2008, 10:29 AM)

                  

04-18-2008, 03:44 PM

لؤى
<aلؤى
تاريخ التسجيل: 06-01-2003
مجموع المشاركات: 14343

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    عزيزي الأديب الأريب خالد
    تحايا بقامة أهل هذه السّاحة

    إن كان موتسارت وكما قيل بأنّ الشياطين هي التي كانت تلحّن له
    فأنا على يقين بأن هذا العبد الغني كرم الله تكتب له الملائكة

    الرّجُل لفتت نظري له شقيقتي لمياء
    وقد كانت تلك أثمن هداياها لي




    صادق الحُب والإعزاز

    ـــــ
    أنا في البعيد مشتاق لهمسة من الوطن يا نسمة

                  

04-18-2008, 04:10 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: لؤى)


    لؤي (الفنان)
    أنا في شك من أمري، أهي الملائكة وحدها أم معها الشياطين (أيضا) !!

                  

04-20-2008, 05:18 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    Quote:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    القولد/الأربعاء 17/5/2000
    الابن العزيز/خالد إبراهيم عويس

    التحايا الخالصة والأمنيات الطيبة لكم جميعا آملين أن تكونوا بخير وصحة جيدة ونحن بحمده على خير حال ولله الحمد والشكر.
    بعث لي الابن (نصر الدين حسون) لأجهز لك خطابا ليأخذه معه، وها نحن نفعل ولما يمض على خطابنا السابق لك إلا أيام قليلة لتطمئن.وكذلك جميع الأهل بحمد الله بخير.
    من الأخبار التي لم تعرفها، نقل (صالح عثمان) لدنقلا مديرا لمرحلة الأساس الولائي وتم نقل (مدثر) لدنقلا وحضر ملازم أول من الدامر، خريج الآداب واستلم النقطة.قفل أو سيقفل يوم 20/5/2000 بنك المزارع فرع القولد ليدمج مع بنك المزارع بدنقلا، ونقل جميع العاملين به، وتجري محاولات للابقاء على البنك في موقعه.
    والدة (عبدالعزيز محمد أحمد) توفيت قبل أسبوع وسوف يصل هو بطائرة اليوم عن طريق دنقلا وقد ذهبت عمتك و(فوزية، [ابنة عمي]) اليوم للمبيت والعزاء، والبقية سيذهبون غدا بالمشيئة.
    (عبدالرحمن) اشترى تلفزيون 21 بوصة ملون مع "دش" وناس محمد مستمتعين ولربما نذهب يوما ما بالمشيئة إن ظهرت برامج ممتعة.
    الوابور الكهربائي [في منزلنا] تولى أمره (قلولة) ولا يكلفه شيء، إذ أنه يحضر اللبن مساء ويدوّر الوابور فلا يكن لك شاغلا.
    الحالة هنا كما تركتها فقط كنا نتوقع منك كم شركة قدمت لها وما هي نتيجة الانترفيوهات وهل ظهرت النتيجة.
    ونسأل الله عز وجل أن يوفقك بمشيئته.التلفونات نتوقع توصيلها في أواسط الشهر القادم، شهر 6، أو بداية 7 وقد أعلنت سوداتل أنها ستطرح حوالي ألفين خط تلفون من (دمبو) وحتى (كنكلاب) ونحن من أوائل المقدمين وسنخطركم بالرقم بالمشيئة.
    (محمد علي أحمد) عاد لـ(كريمة) ليبيع منزله والعودة نهائيا للقولد وقد قضى جل وقته معنا ولو أنه أشتكى من عدم وجودك وقال كان بوده أن يشاغلك في الأمور السياسية !!؟ وفي الحقيقة أن البلدة كلها بالتقريب بتسألنا عن أخبارك.
    تقبلوا تحيات الجميع

    المخلصون
    والدكم إبراهيم عويس وبخيتة
    "احتجت والدتك على عدم كتابتي لكلمة والدتك !؟"
    ملحوظة:
    اشتقنا لخطاباتك خاصة ونحن نتوقع أول خطاب أن يكون حاويا لكل صغيرة وكبيرة منذ أن وطئت قدماك الأراضي المقدسة.
                  

04-20-2008, 06:14 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    عزيزي،عويس،
    هذه بعض، من كتابات قديمة، ... خواطر،وخربشات، ومواضيع لم تكتمل، وطوى النسيان صفحتها..


    Quote: شكوى شاب
    من وطن مهاجر

    هاجر المهندس الناجح ليبني بيوت برلين
    وهاجر الطبيب الناجح لعلاج مرضى سيدني
    وهاجر التشكيلي الناجح إلى جاليرات امستردام
    وهاجر الفلاح الناجح ليفرش النبق في ثرى المدينة
    وهاجر المفكر الناجح لواشنطن
    وهاجر المعلم الناجح ليدرس تلاميذ سلطنة عمان
    وهاجرت بائعة الهوى الجميلة لتسعد أزقة طرابلس
    وهاجر اللص الماهر ليسرق شوارع دمشق
    وهاجر الصعلوك إلى حواري روما
    وهاجرت المربية الناجحة لترعى أطفال الخليج
    وهاجر الولي الصالح إلى صومعته النائية
    وهاجر المخلص إلى البرزخ
    فأي وطن بدون هؤلاء..
    .........
    ولكن تركوا لنا الدكتاتور الغاشم ومعلمي الهوس وأسراب البعوض، وصحف صفراء، وحرب ضروس، وديون طائلة، ويتم كبير.
    .........
    رددت بأسى...

    طوبى لمن أكلوا خبز الوطن في الزمان الحسن، وأداروا له الظهر يوم المحن
    (أمل دنقل)..



    هذه الخواطر، كتبتها، قبل أكثر من عقد من الزمان، كنت في الخرطوم وذهبت لفلان (من حركة القوى الوطنية في بلدي)، وذهبت لعلان (قاص واديب كبير)، وذهبت وذهبت، كنت ضالا، مرهقا..
    وكل الإجابات كانت...

    سافر برة..

    والله والله حزنت حزن مبالغ فيه،...




    مع فائق حبي..
    وأعاد الله كل هؤلاء للوطن..


    ...

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 04-20-2008, 07:27 AM)

                  

04-20-2008, 06:21 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    كيف تتذكرون الوطن؟؟....

    من وقائع الهوان، التي تعتيرني، في الغربة، ملكة "التذكر"، كيف أتذكر وطني، كيف تتذكرون الوطن؟؟،
    أحس بأنها ملكة ناقصة، ضيقة، إضيق من إطار الوطن، ناهيك عن جوهرة، لا تخزن ما جرى، كل ما جرى وغاص في الماضي من احداث وانفعالات، كما ينبغي.
    كيف اتذكر الوطن كله، صورته، ذاته، جلاله، فالذكرى قوى دفع، لسهم الزمن من الماضي للحاضر، للغد، ينسج الغد، من حرير اليوم والأمس، بل والأمس البعيد، ومن هنا يأتي الاعتداد بالتراث، والأطلال، والأيام السالفة،...

    صورة وطني في ذهني باهته، أحس بأن مرآة التذكر لم تعكس حقيقته، جوهره، كما ينبغي، حين تعجز عن عكس صورته "كماهو" ... هانذا اتذكر الوطن، الخرطوم، لا... الحركة الوطنية، لا، طفولتي، .... اخواتي... أريد صورة في ذهني تصهر كل شئ، تصهر التاريخ مع الحياة ، مع والفرح والمجد القديم والاخفاق، صورة تجسد معنى الوطن، صورة تعيد لي (كل الماضي)، كما أحس بالحاضر..، بل أبهى، وقد ابتعد الماضي عن أرنبة الأنف، كي يرى بصورة صادقة، ومحايدة، وتحليلية، كي أحس به، ليس على مستوى الحاضر، بل الآن،

    نعم الآن، وأنا جالس في كرسي، أرغب وأعمل على تذكر وطني، على رسم صورة في خيالي، في ذاكرتي، كيف حال وطني، كله، أهله، النائم منهم، والصاحي، الحرامي، والبسيط، أحاول تقمصهم، الاقتراب من ذواتهم، بل أكون هم، وهيهات، تفر الذكرى، ويفر الخيال، ويتركوا الذهن حزينا، منكسراً، عاجزا...

    أحيانا، أحس بأن ذكريات الطفولة أكثر انصافا، وقربا من قلب "مفهوم الوطن"، وشاعريته، أحس بأني والوطن شئ واحد، نبض واحد، في الصحراء، كما في الغابة، لي علاقة حميمة، وجدلية، مع دينق، مع آدمو، مع الشرق، مع أمي، مع احلام المتصوفة، وقدراتهم في بلوغ الاستحالة "الواقعية"... مع أحلام الطفولة، والتي كانت تتخذ شكل الممكن، والمقدور عليه، قبل أن تسافر للاستحالة، و(ياخي مستحيل)، حين مضى "الاكسير"، وخاتم المنى، بعيدا، عن متناول القلب الطفولي العظيم..

    أحيانا، أحاول التحايل على التذكر، فأشغل اغنية وطنية، مثلا (معبد القدسي، وداعا، بصوت حنان النيل)، أو أنا سوداني "للعطبرواي، وأحيانا، (وطن النجوم، حدق اتعرف من أنا)، لا أكذب، تجعل الاغنية صورة الوطن قريبة من التصور الحقيقي للوطن، تغدو احاسيسي شبه ناضجة عن الوطن، بل يحصل سكر موقت بكيان الوطن، وحبه، كل ذلك تحت ضرب طبول الاغنية، ولحنها ومعانيها، ولكن ايضا تفشل، في عرض صورة الوطن في الخيال كما هي، أنحن نتصور اشياء ضامرة، بعيدا عن الأصل، أنحن نتصور أوهام،..

    أحس بأن عملية التذكر أكبر من صور ذهني الحاضرة، التذكر إدراك لقوى فكرية وروحية ونفسيه، تصيغ جينات خيالي، وقدرة حواسي على تمثل الماثل، وهضمه، وتوظيف " قوى دفع الماضي"، كي اجري مع تيار "وعي الماضي"، وعثراته، وهفواته، و"بركته"...

    شلال الزمن يمضي، في طريقه القديم، نحو الغد، والغد ينسج في غياب "جزئي لعيون الحاضر، والماضي"، هناك من يرون ذلك، ولهم الحق (لا انكر شئ على الإطلاق)، بحواس كل يوم اشك في قدراتها، وجهلها، وعلى رأسها (ملكة التذكر)، أو قل غريزة التذكر..

    قرأت، وشاهدت بعض المحاولات "الدينية، والعلمية"، لاستدعاء الماضي "مثل التنويم المغناطسي، أو الخشوع، أو جلسات التأمل"، كي ترى شريط نفسك (في كل حيواتها، وماضيها العريق)، امامك، متخذا من وصية العالم/العارف "من لا يعرف من أين جاء... لا يعرف إلي أين يسير"، ...

    من أين جئت.. (ماهي رسالتي)، التي أرسلت لجلبها من دكان الحاضر والمستقبل، أذكر في طفولتي بأني كنت كثير النسيان، حين أرسل لجلب (الباكنبودر)، فأنسى الأمر، وأعود للبيت بشئ غيره، أو ألعب في الشاعر..

    والآن، نسيت رسالتي، لم أعد أذكر شئ، (وإن كان هناك حنين داخلي، أو قل ضوء، بل صوت يحثني للمضي لذلك الشي، والسهر على اكتشافه)، ولذا تجي ممارسة الكتابة، كمعراج لذلك الشئ الخفي...

    نعم اذكر اشياء عن وطني، خارطته كالقلب، مجده، رجاله البسطاء، ولكن الصورة في ذهني ناقصة ناقصة مبتورة، مشوهة، (ليس تشويه سياسي معاصر)، أقصد مفهوم "الوطن"، كتجلي في النفس، كما تتجلي عبقريات آخر في الحس والتذوق، على خارطة الجسد..
    نموذج، حاليا أحاول تذكر (أخي الراحل)، عبدالعزيز، شخص فريد، صوته، بشاشته، حبه الاصيل للادب، نقاشي معه عن الروس، والفرنسين الجدد، آلان روب، وبورخيس، ولكن الصورة شائهة، هذا ليس آخي، أقصد في ذاكرتي، كم ناقصة هذه الملكة، كيف اطورها، حتى أرى أخي كما هو، بل كما اشتهي، أهي الجنة، حين تتعالى ملكة التذكر، وأختها ملكة الخيال..
    تجربتي مع التذكر، تتخذ ايقاعات مختلفة، من وقت لآخر، حينا، يبدو الوطن كله، ماثلا في تلك الصورة الذهنية، بصورة من الصور، وحينا تبدو المعاناة لوحدها، وحينا يبدو شكل طروب، فكيف استخلص من هذه الصور، صورة الوطن، وهذا يقود للمعضلة الكبرى (الواقع كما هو، والوعي به)،..... وهنا تتدخل الحواس كمعيار...
    كان الله في عوني، غير قادر على تذكر الوطن، على الإطلاق.. لا اكذب، هناك فترات صغيرة، أضيق من (الفيمتوثانية)، بل بكثير، أحس بومض ما، بصورة للوطن كله، كله، ما كان وما سيكون، ولكنها صورة ذهنية اسرع من البرق، تمر، تاركه خلفها حيرة كبرى، ودهشة أكبر، وليس قادر على اجترارها، وإعادتها لإطار الذهن، كي أتأمل صورة وطني..
    اغرب الاشياء، ان الجينات تتذكر طريقها، فالانف تم تشكيله، والساق، والجمجمة، بخريطة سير واضحة، من الحيوان المنوي والبيوضة، وهكذا سارت تلك الجينات، سواء في ظلمة الرحم، أو خارجه، حتى اكتمل الشكل الإنساني المعروف، وقد نفذت الجينات الوصية، وسارت في خريطة طريق تعرفها هي، رسمتها اقدار ووقائع قديمة، قديمة (لا أذكرها، كحال وطني اليوم)..
    تذكر امي، روحها "ذلك الدفء العظيم"، ولاشك صنو التذكر هو الخيال..
    كيف اتخيل وطني، هناك خيالات كبرى "سياسية"، ودينية، وفكرية، فنقد يتخيل السودان المقبل، وكذا الشهيد جون قرنق، وكذا الاستاذ محمود، وكذا الصادق، والترابي، الجميع يتخيل الوطن (بريشة وأقلام مغروسة في عقولهم، وقلوبهم)... للخيال علاقة جدلية بالتذكر، بالذكرى، بتاريخنا القديم كله، بوقائع الحياة الماضية، ....

    تمارين التركيز، محاولة ترك الذكرى تسير بيدها، كما هي، تعتني بنفسها، كسحابة في سماء الخيال...

    بربكم، كيف تتذكرون الوطن، وهل الصورة عندكم كاملة، وواضحة، وجلية، بحيس تحسون بالمريض بالمستشفى، وتحسون برمال الصحراء، وتحسون بالاشجار المحيطة بجوبا ورمبيك، وبالمقابر، وباللذة المحرمة ببيوت العاهرات، وبأنفاس الذكر في خلوات الثلث الاخير، أي تحسون بالوطن كله،..

    أم الصورة شائهة، مثل صورتي، ومبتورة، ومع هذا اتكلم عن "معنى الوطن، وسره، و دفقه، وغده الباسم"..

    فعملية التذكر، على مستوى الوطن، أو النفس، تجلي الكثير من الغموض للنفس واننفعالاتها، وخجلها، وقوتها، فصدى التربية ينعكس على مرآة اليوم، بصورة من الصورة..

    كيف اتذكر وطني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كما هو... وليس كما يتراءى لي...




    ...
                  

04-20-2008, 11:51 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    Quote: بربكم، كيف تتذكرون الوطن، وهل الصورة عندكم كاملة، وواضحة، وجلية، بحيس تحسون بالمريض بالمستشفى، وتحسون برمال الصحراء، وتحسون بالاشجار المحيطة بجوبا ورمبيك، وبالمقابر، وباللذة المحرمة ببيوت العاهرات، وبأنفاس الذكر في خلوات الثلث الاخير، أي تحسون بالوطن كله،..

    أم الصورة شائهة، مثل صورتي، ومبتورة، ومع هذا اتكلم عن "معنى الوطن، وسره، و دفقه، وغده الباسم"..

    فعملية التذكر، على مستوى الوطن، أو النفس، تجلي الكثير من الغموض للنفس واننفعالاتها، وخجلها، وقوتها، فصدى التربية ينعكس على مرآة اليوم، بصورة من الصورة..

    كيف اتذكر وطني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كما هو... وليس كما يتراءى لي...

                  

04-20-2008, 01:32 PM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    يا لهذا الخيط لو تم تفصيله كتابا
    يتداوله العشاق والمتصوفه والفقراء
                  

04-20-2008, 04:20 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Mohamed Abdelgaleel)

    Quote: طوبى لمن أكلوا خبز الوطن في الزمان الحسن، وأداروا له الظهر يوم المحن
    (أمل دنقل)..



    محمد
    بعد فراغنا من هذا النزف/الكتابة/الجراح/اللذة/الطريق/الكشف/ ربما نفكر - هذا عن نفسي - في الكتاب.

    كرم الله
    ياأخي أنت (تسوط) بأصبعك الروح حتى تصرخ بأعلى جراحها !!
    الوطن !!
    الوطن؟!
    تعرف، أحيانا أتخيل أن الذين يدورون حول (الحلقة) يرقصون على ضوء النار، يماثلونني (فيه) !!
    الوطن والذاكرة !!
    وكم ترهق المنافي الذاكرة.تشوشها.تطمسها!!
    تومض الأشياء والأحداث فجأة.تتروح تتجمع كالسحب، ثم تهطل مطرا صرفا للحزن والأسى درجة أن تشرق بالبكاء !
    أيّ وطن هو ذاك ؟
    أي وطن، وطن الطفولة أم الصبا والشيطنة، أم وطن الشباب؟
    والمؤسي حقا يا كرم الله أن الأمل يتضاءل.
    كحبيبة أسطورية يفتك بها (السرطان)، و(الأطباء) في شغل عنها.
    تود لو تشتمهم جميعا وتسب (سنسفيل) أهلهم.
    ألم يروا عينيها؟
    ألم ترقص الشموس على وجنتيها؟
    ألم تذوب الأزهار في شفتيها ؟
    مالهم ؟
    فليذهبوا جميعا ولنداويها بقلوبنا.من قال إن الحب لا يشفي؟
    من قال إنها لا تستحق الحب ؟!
    أحزن أكثر - يا كرم الله - حين أعود إلى (هناك).أحزن حين أرى اللا مبالاة في عيون المتنفذين.أن هذا كله لا يعنيهم، ولا يمثل لهم شيئا، سوى (الشعارات).
    أوتعلمون ما هو الوطن؟
    والله إني لأشفق على هذه الصفحة من كتابة هذا..(الوطن) !!
    يا الله !
    الوطن ؟
    هذا الذي - كسيزيف - نحمله صخرة/وردة على أكتافنا، ولا يثقل كاهلنا أبدا، إلا بالحب والوجع والحزن!
    ..عازة ما سليت وطن الجمااااااااال
    ولا ابتغيت بديل غير (الكمال) ..
    تخيل يا عبدالغني، هذا الـ(خليل) كم هو نبي نبيل.
    لا يبتغي له غير (الكمال) !!
    أخشى يا عبدالغني أن نموت منفيين، وندفن بعيدا عنه.
    في هذه الحالة لن ندخل الجنة !!!
    وهل يدخلها من لم يغسل جسده بماء النيل، ومن لم يسند رأسه ليغفو طويلا على ترابه؟!






                  

04-21-2008, 11:37 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    الأخوة الأعزاء
    المامون، ومحمد عبدالجليل..

    والله، من البوست ده حسيت بأنو درب الكتابة وعر، وبأنو اهلي كتاااااااااااابين شديد، وبأنو الزول بحبو امامهم، وهم ابطال مارثوان عظام، وبس اجر المناولة، والله يسعدني، بل افرح، ان أكون أخ مع مجموعة اخوة في طباعة كتاب مشترك، نتغازل فيه، ونبكي، ونطرح الهموم والاسئلة، ونترك لقائد السفين الاخ العزيز خالد عويس، اختيار الاسم والمواضيع التي تعجبه وتسره في البوست كله....

    وله مطلق التصرف،


    عميق سلامي ومحبتي..
                  

04-21-2008, 02:48 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    ***
    كل كتاب لذة على نحو ما !
    كل كتاب يفتح كوة على عالمه الخاص !
    قرأت باكرا جدا (بيدبا الفيلسوف) و(دبشليم الملك).قراءة مرتعشة على حواف عالم مدهش – في ذلك الوقت، وإلى الآن -! عالم لا حدود له.وهو الوقت الأنسب لقراءته.فالقلب طري، والعقل كذلك.والفواصل لم تقم بعد، الحق إنها لم تقم أبدا، ربما، بعد ذلك.
    كتاب من هذه الشاكلة يلتصق بالروح، وتتماهى معه عوالمك.يضحي بأسره جزءا من عالم الطفولة الملوّن.تروح تحاول اكتشاف عوالمه المجسدة بالفعل أمامك.الأبقار التي ترعى وسط خضرة زاهية، ولا تتحدث كثيرا.الأبقار كالأمهات على نحو ما، بسيطة وطيبة.جربت كثيرا أن أشرب اللبن من الضرع مباشرة.دافيء وحلو.أليس في ذلك نوع من علاقة مركبة ومعقدة، علاقة (اللبن) ؟!
    كان يروقنا أن نتابع الأخاديد على الأرض بحثا عن (الورل) ! نزق وكثير الهياج.لا يأمن أحدا.له (سيكولوجية) معقدة، ربما أملتها علاقته بالإنسان والحيوان !
    لكنه جميل حين ينزلق على الأرض المشعوشبة ساحبا ذيله وراءه ليختفي في حفرة كبيرة ونحن نطارده.
    والكلاب ! عشيرة وفية وتنطوي على سجايا سمحة.(أعجبني تتبع بابلو نيرودا للنباتات في سائر أرجاء أمريكا الجنوبية في أناشيده العظيمة، يا الله كيف استطاع هذا المجنون رصد كل تلك العوالم شعرا؟ ).
    والإبل ! حكيمة جدا وصبورة، لكنها تفيض أنفة.تحدق في البعيد، وتخفي في أعماق عيونها حزنا أبديا.حتى الحمير، وإن بدت سطحية إلا أنها في كهولتها تصبح أكثر حكمة وترو، وبوسعها أن تحدثك في عبارات موجزة عن خبرتها الغنية في الحياة، وعن أسرار زهدها!
    ويقتلني نبل الخيول. في (دنقلا) المئات منها تجرّ عربات الكارو، وتعيش حياة بائسة !! (سبحان الله ألم يقولوا لنا إن بعانخي غزا مصر بسبب الخيول؟). وعلى الرغم من فقرها المدقع ومعيشتها الضنكة، كانت تلك الخيول كأمراء جار عليهم الزمان، لكنهم لم ينسوا طقوسهم الملوكية !
    يا الله، أكان سينفتح كل ذلك العالم أمام ناظري لولا (بيدبا الفيلسوف) و(دبشليم الملك) ؟
    ويقولون في بساطة لا تخلو من السذاجة (هذا إن لم أقل سذاجة مفرطة): يا هندي، كناية عن الضعة والغباء !!
    وهل من أمة في الأرض – بما في ذلك أمم الحيوان والنبات والأحجار – ليس لها من العلم والمعرفة نصيب ؟!
    من يقول لهم ؟ من يقول إن هذا الـ(هندي) سليل بوذا وشيفا والـ(نيرفانا) ومهاتما غاندي وحتى (الكاماسوترا) ؟!
    كم هذا الكون شاسع وكم نحن نرى في ضآلتنا شأنا وأيّ شأن !!
    (بيدبا) يا عبدالغني هو (معلمي) الأول، وإن شئت الدقة، فإنني ألمح في عطر كتاباتك نفحة منه.هذه الرؤية المتشربة روح الوجود وينابيعه الأزلية، الساعية لفحص الموجودات وبثّ الحب منها/فيها.
    فالأصل هو الحب، وهو المنتهى!

    (عدل بواسطة خالد عويس on 04-21-2008, 03:39 PM)

                  

04-21-2008, 02:53 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    ***
    ثم..
    (ليت شعري هل دروا أي قلب ملكوا
    وفؤادي لو درى أي شعب سلكوا
    أتراهم سلمو أم تراهم هلكوا
    حار ألباب الهوى في الهوى، وارتبكوا) – سيدي محي الدين.
    أترانا هالكين يا كرم الله أم سالمين؟ وكيف لنا أن (نعرف) ؟
    ثم أليس هذا الشوق المعربد للتي (حتى الطير يجيها جعان) هو شفافية ما بعدها شفافية، أن يحنّ الطين إلى تربته، والماء الخالد الذي مزج منه ؟!
    أيّ طير يا كرم الله (يجيها جعان) الآن، وطيورها ذبيحة، وريشها منتوف؟!
    ترى هل تمر بسمائها الآن أسراب (الرهو)، يا الله يا كرم الله أسراب الرهو !!
    ياااه تلك (المسبحة السماوية التي تتلون بالشمس وتغمر الإنسان بمشاعر صوفية، حرة، كونية، وعذراء في كل مرة) !
    كم أسكر بها، وكم أبكي في حضرتها، وفي غيابها.
    (لو شغلت بالخلد) عنها، لأخترتها هي.
    ألعن ذاكرة يا عبدالغني هي التي تتوق إلى تشكيلها وما من سبيل إلى ذلك.فالشعرات البيضاء تنمو على أطراف القلب.ألعن ذاكرة هي التي تحلم بنظمها حبة حبة، و..تبكي، كأنك على البرزخ.
    يا حبّها يا عبدالغني، يا الشوق إليها، يا ...الله !
    ما أسوأ أن تحب حسناء جافية، وما ألعن ذلك، ما أمرّه.أنثى، (فدا لها العمر)، مجللة بالجمال، مرشوش عليها السحر، مرشوشة الفتنة، تناجيها كلّ ليلة، تتوسل إليها، وتدرك أن قلبها لم يقدّ من حجر، أن قلبها يسع العالم، حنونة، بهية، مغسولة بالضياء، متوردة، وردة، زاهية، لكن ..!
    ما بالها يا عبدالغني ؟
    (لماذا تركوها؟
    هل كانوا عشاقا؟)
    ونحن، ألسنا عشاقا كبارا، نتوضأ بماء عينيها، ونسقي قلبها/الزهرة بأرواحنا، ونلثم أطراف ثيابها، ونسيجها بالأغنيات والنيل؟
    ألسنا مقتولين – ألف مرة – في عشقها ؟!
    هذه التي تسامر النجوم، وتدلي القمر من شرفتها الليلة، وتغازل الكون ببهائها، وتسكر بنا ؟!
    هذه الحلو(ة) المر(ة)، التي وهبتنا بعض الأسرار، فلما دخنا احتجبت !
    أشتهيها يا عبدالغني، أشتهيها، و(إملأني بها علنا يا مولاي، فما أخرج من حانتها الكبرى إلا منطفئا سكران) !
    أشتهيها، ولكم أن تخبروا عني، فقط فكوا اساري، لا تفكوه بالله عليكم، قيدوني أكثر، مرجحوني على جبينها، واحفروا لي قبرا في قلبها الأخضر.
    يا هؤلاء، دقوا مسامير على يديّ ورجليّ، وأصلبوني على حائطها، لأكون (مسيحها)، لأكون (حلاجها).
    ونم بقربي يا عبدالغني، فما يهجس بها إلا العشاق/المريدين الكبار أماثلك.
    أتلُ نشيدك أو نشيجك يا عبدالغني، فأنا/أنت أ(ت)شتهيها وأ(ت)شتهي أن يشتهيها الكون بأسره !
    ولندنُ قليلا من سيدي محجوب شريف، (الشيخ الأكبر) محي الدين في عشقها.
    يا سيدي..
    (علمنا..) !
    يا مفتري!!
    كيف تعشق – وحدك – أنثى بكل هذا الجلال؟ إمرأة بهذه العظمة؟ كيف طفت – وحدك – حول كعبتها، ودنوت حتى وقف بباب الـ...؟ كيف؟
    سيدي محجوب
    يا أيها العاشق الذي (باح) و(شطح) ثم هام هياما كاملا، وحمل عصاه وضرب في البرية، علمنا !!
    ويا عبدالغني، مرة أخرى ستصيبني الأسماء بالجنون، فتأمل ..(محجوب) (شريف) !!
    يا محجوب سرك باتع.يا محجوب المسير إليك/إليها/إليكما طويل طويل، والدرب شاق، الدرب شاق.
    يا نبي !

                  

04-21-2008, 05:01 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    I am following this juicy post
    dear khalid, sorry for writing in english, I sent you a message in the messanger, please check it
    abdalla
                  

04-21-2008, 09:39 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالله عثمان)

    عبدالعزيز وعبدالواحد كرم الله !
    ليتك تكتب عنهما أكثر.فروحك لا شك مملوءة بهما، بالنقش الدقيق الذي خلفاه على جدرانها.ذاكرة الطفولة البيضاء الرائقة كماء زلال التي اختزنت صورا كثيرة لهما.
    حدثنا يا عبدالغني، حدثنا عن هذا العالم الفسيح الذي شكّل هذا العالم الفسيح المسمى مجازا:عبدالغني كرم الله !
    ...
    (الكوني) يا كرم الله كوني فعلا.
    يا الله، هذا (العارف) البسيط الغني، كنز، الاقتراب منه، اقتراب من نبع ونار.قلب كبير يحنو على الإنسانية كلها، ورؤية واسعة جدا، تضيق معها العبارة إلى أقصى مدى، حتى لتكاد تنطفيء في (ناره) !
    تعرف يا كرم الله، بعض (الكبار..الكبار) حين تقترب من عالمهم، ويسعدك الزمان أن يعدوك ضمن دائرة ضيقة من الأصدقاء، تنفتح أمامك عوالم تزداد اتساعا وفسحة.
    معه، الوقت ليس الوقت، والمكان ليس هو المكان.
    حتى بحر (دبي) يستحيل في حضرته إلى بحر حكيم جدا، يدلي موجه بأقوال عميقة !
    إبراهيم الكوني كشف واكتشاف وطريق. هو هبة في طريقي، والله، هبة كبيرة جدا، أعرف قيمتها الآن، وسأعرفها لاحقا أكثر.
    هو كتاب ضخم.وما من أحد حرضني وحثني على (العزلة) كما فعل هو.وما من أحد ألقى في روعي بشكل لا يقبل الجدل، أن طريق القراءة العميقة والكتابة يمر بـ(الاعتكاف) و(الاعتزال) كما تدبر ذلك الكوني، من طرف خفي.
    والله يا كرم الله إني لأقبل أن أدير ظهري للعالم كله، لأسير حاسر الرأس، رث الثياب، حافي القدمين، قائما على خدمته، كحوار يتعلم ويصعد ويتكبد ويكابد.
    هذا عالم يغني عن العالم.
    ...
    أما الكتاب يا صديقي، فأنا طوع أمرك، ويسعدني أن أتشرف بوضع اسمي إلى جانب اسمك في كتاب.
    دعنا نتدبر الأمر.
                  

04-22-2008, 10:55 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    *
                  

04-22-2008, 11:12 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عزيزي عويس،

    بالأمس، ياريت لو كنت معنا، كنا في حمى الافلام التسجلية، في مهرجان الجزيرة الرابع، كان العرض جميل، ومؤثر، افلام حقيقية، ابطالها هم الاصل والفصل، مش ناس هوليود، وبوليود، حين تكون يدهم في الماء البارد، ويد (تمثيلهم في النار)، يمثلون ادوار الفقراء وهم أغنى الناس، والنائحة الثكلى، ليست كالمستأجرة، وأن ناحت وصاحت..

    كان مساء جميل اخي عويس..
    إليك ما سطره القلم على عجل، وعلى نيه للعودة لذات الموضوع، بتروي اكبر، ودراسة اتم..



    ---------------------------------

    روضة أطفال
    مهرجان الجزيرة الدولي الرابع للأفلام التسجيلية
    الاثنين 21/4/2008
    (معا)
    together
    فندق شيرتون، قاعة المجلس


    يصور الفليم حياة مجموعة من الأطفال داخل الروضة، وتغيرات سلوكهم خلال فترة التعليم...

    يبدأ الفليم بمشهد معهود، وهو (انتزاع الطفل من حجر امه)، وزجه في جحيم الروضه (كما يتراءى له)، وهو يتشبث بأمه عند الباب، وكانه شاب سوف يزح حرب قاتلة، يظل الطفل يتلوى عند الباب ويصرخ ويصرخ، لا تتركيني يا اماه، لا .. لا... (العادة.. آفة كل عبادة)!!

    ثم تتحول الكاميرا لأحدى الفصول بالروضة، الفصل الأول، وصراخ الطفل لا يفارقنا طرفة عين، الاطفال يلعبون، والطفل يبكي، يرسمون، والطفل يبكي، أحيانا تتذكره الكاميرا (وكأن عيون المعلمة هي الكاميرا)، ثم تزوق منه لمشهد آخر (للحب وقت، للموت وقت، وللبكاء وقت، كما يقول الانجيل الشريف)...
    يستمر البكاء لساعات لم أكن اتصور بأن دموع الطفل تكفي لإدرارها..

    وفي الإفطار، تترصد الكاميرا الفضولية أرجل الأطفال، وليس اياديهم، ولكن أن تتصور الحساء والرز، واللحلم، تملأ الورك، والشراب، والارجل، وفجأة تتذكر الكاميرا وجه الطفل الباكي، وللحق استطاع الطفل ان يمارس الأكل والبكاء معا..

    ثم جرت الكاميرا لاصيطياد أجمل مشهد في ساعة الإفطار وهو (دلو من ريالة، من مخاط سائل من فم أحد الأطفال، وكاد أن يصل الصحن امامه)، والعجيبة، لم نرى كلمة : أف من الأطفال، أو (طممطة بطنا)، أهم الأولياء الذين شاهدوا معجزة تاج الدين البهاري، وهو يسلك الهميم وصحبة (لا خاوف ولا عواف)...
    ثم سقطت الريالة على الصحن..
    بدأ صوت الطفل الباكي يخف، ثم تلاشى، ثم اعقبه فرح، وكأن الماض لم يكن، في رمشة عين.. نسى أمه، وابيه، وبيته، وغرق في الكرنفال امامه، أطفال اطفال اطفال..

    ومشرفة الروضة، ذات السوابق، تفهم الامر جيدا، وتبدو هادئه امام صراخه، وتمرغه..

    (لاشي يحدث في القاعة، صمت عجيب، وسكتت الجوارح، ولم يعد سوى أطفال، لا يمثلون، بل يعكسون الواقع كما هو، يتبولون، يتلاكمون، ويبكون، وقائع تعكس إرث جيني، ووقائع تدعو للتساؤول، ووقائع تؤكد حيوانية الإنسان، وأخرى ملايئكيته)..

    الاطفال لا يتشابهون، كل يغرد لوحه، في نظراته، تعابير وجهه، صخبه، او هدوءه، أو الشكل الحالم، هناك طفلة تبدو كبيرة، كلما تمر بها الكاميرا، تبدو أكبر وأكبر من سنها، وكأنها تمثل دور الطفولة، والاغنية الجميلة، ذات اللحن الصيني تربط احداث الفلم، وهي عن زهرة ياسمين ترقص على الغصن، وتفتح وجهها الابيض الملائكي، للجميع،..

    بحضور (استاذة اسماء محمود، عبدالرحمن نجدي، طه العطا، عواطف حسين رقية، وسيسة، وضيفة)...

    الضحكات تملأ القاعة، هههه ههههه هاهاهاها،
    الحمام، والاصلاب، والوقوف الصف،
    النوم والايدي المتكورة، والوجوه البريئة، هناك من ينام على ظهره، وأخرى جنبه، وأخر متكور، حتى النوم شأن (فردي عظيم)، وهناك من يهمس كي لا يزعج الآخرين...
    وجوه الاطفال تبدو عريضة، كبيرة بالنسبة لأجسامهم، وهناك تعابير في الوجه ناقصة، كأن عضلات الوجه والتي تأتمر بأمر القلب لم تعيش بعد بعض الانفعالات (الخوف من الموت، إشكالية الوجود، هجر الحبيب، ماهية النفس، الله، وهلم)... فالوجوه تعبر عن انفعالات بسيطة، خوف، فراق ام، جوع، لهو...


    الفلم ممتع، ممتع، ممتع، تبكي، ثم تضحك، ثم تحتار، أهكذا كانت طفولتنا، وربي الحديث النوبي (الجنة تحت اقدام الامهات)، حديث صادق، وقاله النبي، رغم انف ابي البخاري...

    ياخي الاطفال ديل شقاوة، ومنظر الطفل، وقد ايقظته المعلمة، كي يتبول آخر الليل، والقاعة الكبيرة مظلمة، والسراير الصغيرة تغط في نوم عميق، والطفل سائر وهو نائم، وهو يترنح، وهو يصوب (بوله)، نحو جردل نصب أمامه..

    لأول مرة أرى وجه طفل يتوارى خجلا من العشق، بصورة جميلة، حين سألته المعلم..
    من تعشق من فتيات الروضة..
    تبسم الطفل وادار وجه شمالا ويمنا خلجلا..
    ثم ضحك تلك الضحكة التي تأتي من الانف، حيث الفم مطبق خجلا، وهو ينظر تحته،..

    لن أخبرك، إنه سر.. قال الطفل
    قالت المعلمة: من هي، انا اعرفها.. ثم اردفت
    قل لي من هي:
    رد الطفل (السقراطي)،: ألم تقولي انك تعرفيها، فأنت تعملي، فلم أخبرك...

    وطفل آخر:
    ماذا يعمل أبوك:
    مركز شرطة..
    ماذا؟
    مركز شركة..
    ثم بدأ يصرخ : أبوي مركز شرطة مركز شرطة..


    من سلبيات الفلم، ولا علاقه له بالطفال، التربية الحربية، وخلق عداء لليابان، لأول مرة احس بالعداء السافر بين الصين واليابان، وامريكا..

    ولكن نصيب اليابان من العداء لا يتصور، وهو لاشك من الآلة الإعلامية والتربية داخل البيت..

    شاهد الاطفال الفريق الصيني، في كأس العالم، المباراة ضد تركيا، لبس الاطفال الزي الاحمر، وعصبوا رؤسهم بشالات حمراء، وعلى خدودهم الغضة رسم العلم الصيني، وأمسك كل منهم ببطاطم حمراء (الطماطم شيوعية كبيرة)..
    ورقصوا، ومجدوا الصين، ولكن حين هزم الفريق، تحول جزء منهم لتشجيع الفريق التركي، وقال ا حد الاطفال، بأن الكرة في الصين ضعيفة، وفي اسياء ضعيفة، (وتركيا لها نصف في اسيا ونص في اروبا)، عشان كدة اختارت اللعب في اروبا، لقوة الفرق هناك..

    وطفل ساخط جدا، قال بأن تركيا هزمن الصين:
    3 أصفار
    بل 5 اصفار
    ستة أصفار..
    ولأول مرة في حياتي، وأنا الذي لعب كرة القدم، وسجلت اهداف مبكرة بكرة الشراب، المخلوقة من شراب اخي الاكبر، أدرك بأنك هنا أصفار، تسجل، ....

    انتظار الاب نهاية الدوام، من طفل ينظر للباب، ثم للباب الثاني، بأسى يدعو الآبا، العجلة في الوصول لهؤلاء الملائكة الصغار..

    وضع الكرسي، رص الكراسي..

    الزوغان، والدس تحت الكراسي لمواصلة الغداء، اندس طفل شقي تحت الكراسي وواصل غداءه، حين خلت القاعة سوى منه، وهو ينظر بين الحين والآخر، يترصد كغراب ذكي، هل اكتشف امره، وعلى وجهه ارتسمت علامات الترقب والتلصص..

    هدوء البنات، هدوء يدوعو للتأمل، أمام صخب الأولاد..

    وفي الحمام.. وهم عرايا، كلهم عرايا، البنات والاولاد، فالسيدة الرغبة الجنسية، والتي تلوي الفرد، وتنزل بسببها الأديان، وتولد الشحناء والبغضاء في القلوب والعقول، لم تولد بعد، فالتعرى مبارك، وفطري، كلهم، ولكن كان العداء للصابون، لا يحب الاطفال (إغماض عيونهم)، إلا في الفنون، مقسورين بسلطانه، ولكن الحياة لهم دهش وجمال، وهم يحبون رؤية انفسهم عراة، ورؤية رزاز الدهش، ولذا فشلت كل محاولات المعلمة في إغماض عيونهم، فظلت مفتوحة رغم (شطة الصابون)، ورغوته الخطرة، وهناك طفل ظل يصرخ ويصرخ، ويحاول الافلات من يد المعملة، وهو يفتح عينيه، ثم يجد كثبان من الرغوة فوقها، ثم يستشيط غضبا، وصراخا..

    طفل كسر لعبة احد الأطفال، وياااااه من الآسى في وجه الطفل الذي كسر اللعبة، وبكاء الآخر، وطلب منه اصلاحه، وهو معجز، وظل الطفل يحاول لصق القطع المسكورة بأسى عظيم.. ويحاول الاستحالة، هو لا يعرف الاستحالة، بل يتصور بمقدور القطعة المسكورة ان تلتصق بأختها، كما يلتصق اللبان، أو الماء مع بعضه، هكذا تسول له روحه الغضة، الملائكية، وذاك يصرخ لذات السبب اصلاح السيارة المكسورة..

    هناك اطفال تظهر عليهم متلازمة التوحد، أو الذكاء المبكر، أو التفكر والتأمل، يجلسون بهدوء، ويغرقون فيي الخيال أو التذكر، أو التأمل في (لا أ دري ما يدور بخلدهم، ليتني كطبل موسم الهجرة، : أدرك ما يدور بخلد الإله، هذه اللحظة)..

    هناك ذكاء موروث، عنف موروث، تعاون غريب،..


    سئلت طفلة..
    هل تحبي يان: قالت نعم
    هل تحبي يانج، قالت لا..
    قيل لها لم؟
    قالت انه قبيح (أهكذا يبدأ تذوق الجمال، مبكرا جدا جدا)..


    ومن وجوه الاطفال الكثيرة، يجري الخيال لتصور مستقبلهم، هناك طفلة أحس بأنها مصيرها لن يخرج عن ثالوث (ممرضة، عالمة نفس، أو شاعرة)، أمن هنا تمتد يد الحنان، وجهها يشئ بهذا الثالوث العظيم..

    وهناك طفل هو مقاول، مقاول بناء ضخم الجثة... صارم، وبارد الانفعالات..

    وأنا نعود لعنوان البوست:
    كيف تصبح امرأة، صديقي الرجل، (الأمر ساهل جدا..)

    وأروع مافي الفلم، وكله روعه، حين سألت المعلمة احدى الاطفال، هل يرغب ان يكون بنتا..

    فقال ايوه
    فقالت له كيف..
    بعض التغيرات الجسمية بس..
    قالت كيف..
    قال: أجعل شعري طويلا، كي اكون بنت..

    كانت 70 دقيقة، رائعة، رائعة، رائعة، وجعلتني احس بأن الحياة تستحق الرصد بكاميرا، فالواقع هو اعظيم تمثيل لانفعالات الانسان، وقهره، وفرحه، وجنونه وتهوره وتعدده،وانفصامه، ...

    فمنظر الطفل وهو يغير ملابسه، وحين يفشل، ويوشك على البكاء، فقدأ بدأ الدرس، وخرج التلاميذ وهو لم يتمكن من اللبس، يدخل يده اليسرى في الكم الايمين، يجذب جانب القميص الايمن في الايسر، يرتسم الاخفاق في عينيه، يغضب، يرفس القميص، ثم يعاود اللبس مرة أخرى،...

    وطفل آخر، جلس على الأرض لأرتداء الحذا، مشاهد لا تنسى، من اطفال، ومن فلم واقعي، .... فالحياة أحلى، والواقع أغرب من الخيال، فالحياة خلقت من مادة الفكر، مادة شفيفة، ذكية، خلقت الزهر، والغيم، والشعر، والشعور، والاطفال، والذكاء، والغريزة، ألا تستحق الرصد والتسجيل....

    الفلم عرض في حفل الافتتاح..
    باسم روضة أطفال kindergarten
    إخراج: يكينغ زانغ
    تلفزيون هوباي
    الصين
    مدة الفيلم : 70 دقيقة



    حضرت الفلم بمعية الاستاذة:
    استاذة اسماء محمود/ عبدالرحمن نجدي/ طه العطاء، عواطف حسين،سيزا الحاج، رقية شر وصديقتها...
    وجمهور كبير... امتلأت القاعة به، وبفرحه، وضحكاته..
                  

04-22-2008, 11:26 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    (رسالة لأستاذ عبدالله عثمان، عن أخي الراحل عبدالعزيز)!..

    التاريخ 10/5/2007م


    عزيزي، وأخي الجميل عبد الله...
    صباحك حنون، وهادئ، ومشرق...


    كل حروفك هذه، والمعاني التي تضمها، أحسست بها، كما يحس الطفل بدفء الشمس، عيانا، بيانا، بل أحسست بالحزن يتضوع منها كبخور نبيل، تستنشقه الحواس كلها، فللجميع، بلا شك تجربة مع الحزن، ولي شخصيا، تجربة مع أبي (رحل مبكرا)، ومع أخي وصديقي وحبيبي (عبدالعزيز ......)..

    وكي اقرب لك صورته، ما أمكنني ذلك..

    قد أقول كان (بشوشا)، تجاه الجميع، تحس معه بأنك (مقدس ومقدر)، بالأدق (تحس بذاتك)، معه، وتولى تربينا (حتى على مستوى الفن والرسم، ومحبة الكتابة كرسالة، كنبوءة)، كان رساما، فاز بعدة جوائز في طفولته (من اليونسكو، ومنظمات صينية)، ويكتب الشعر والقصة والمسرح، (لم ينشر، حتى مضت كتاباتا بالإهمال، متجاوزا، كافكا في ازدرائه للسطور)، كان يلبس الناظرات، وحين اتسكع معه في طرق كسلا، او بورسودان، أو الخرطوم، كان يرى ما لا نرى، يتوقف كثيرا عن الظلال، بل يتوقف كي ينظر للسحب خلل الاشجار، ويقول لي ركز، كي ترسم هذا الشارع، ولا تنسى شئ، حتى خواطر النمل...

    في طفولتي، كنت امكث ثلاث ساعات، وأنا اراقبه يرسم تحت ظل البيت، كانت ريشته تنفث الروح فيني، قبل بياض اللوحة، وكان دؤوب في القراءة، بمقدوره انهاء (الحرب والسلام)، في بعض أيام، رغم مشاغل اسرته، وتربينا، والعمل...

    وأسعد أوقاتي، حين يناديني في الصالون، وقد أكمل قصيدة، كي يتلوها على (أنا الطفل)، فأحس (بذاتي)، ويأخذ رأي فيها..

    "ياسواقي الجحيم..
    دقي الطبول في وجه زائرك الدميم..
    ياسواقي...
    أي شي قد يكون..
    قد نشرب الخمر في المحراب..
    ونرتاد السجون
    ..."

    كتب هذه القصيدة، في حدث حقيقي، حين تلاعبت الحياة برجل فاضل، واستغل رجال الشرطة التناقض الطبيعي في بني آدم (بين سيرة وسريرة)، كان يترصد وقائع الحياة، ووقائع الوجود، كي يرسم، وكي يكتب، وكي يتأمل...


    في كسلا، كنا نمشي خلف الجبل (السواقي الجنوبية)، كي نرى رهبة الحياة، فالجبل والخضرة والصمت، تولد احاسيس خاصة في النفس، لكل فعل رد فعل، رد شعور....

    لا أطيل عليك... كل هذا كي اقرب لك عظم الفقد...
    وحين رحل (أحسست بأن الموت ميلاد جديد)، هذا الأخ لن يموت، بل مضى في سبيله، مضى (كبذرة)، لباطن الأرض، لرحم الأرض..

    وحينها أحسست بعظمة (الحزن)، هذا الكائن ا لاسطورة من الشعور، والذكرى، والشوق والجوى معا، أي مزيج هو الحزن، عشرات الانفعالات سكنت دواخلي، وطهرتني الدموع، وبكيت، وبكيت، والآن... عشرات الاحداث تذكرني به، صوته، الاغاني التي يحبها، الشوارع التي سلكنها، الحوارات الكثيرة في الفكر، والتصوف، والوجودية، والصدق، والتجربة......

    وعندها أحسست بكلمة (الحزن النبيل)، .....وبكيت مرة أخرى (حين نشر كتابي "آلام ظهر حادة)، فأحسست بأنه هو كاتبه، لقد بذر في دواخلي عشق الادب، عشق يخرج به كأدب، إلى بحث عن الذات، بحث بصدق وتجرد وسذاجة....

    كم أحب أخي، وكم حزنت عليه، وكم ازور قبره كولي، كشهيد، كعظيم...

    عميق محبتي، أخي وصديقي عبدالله، فقد اثارت شاعريتك، وتلك الفتاة، وذاك الراحل شجن جميل، وللحق وأنا اكتب لك الآن، أحس بهذا الشجن الجميل، والحزن البيل...

    مع حبي وشوقي.. 10/5/2007م




    ......
                  

04-22-2008, 11:37 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

                  

04-22-2008, 08:05 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: كان يرى ما لا نرى، يتوقف كثيرا عن الظلال، بل يتوقف كي ينظر للسحب خلل الاشجار، ويقول لي ركز، كي ترسم هذا الشارع، ولا تنسى شئ، حتى خواطر النمل...

    في طفولتي، كنت امكث ثلاث ساعات، وأنا اراقبه يرسم تحت ظل البيت، كانت ريشته تنفث الروح فيني، قبل بياض اللوحة، وكان دؤوب في القراءة، بمقدوره انهاء (الحرب والسلام)، في بعض أيام، رغم مشاغل اسرته، وتربينا، والعمل...

    وأسعد أوقاتي، حين يناديني في الصالون، وقد أكمل قصيدة، كي يتلوها على (أنا الطفل)، فأحس (بذاتي)، ويأخذ رأي فيها..

    "ياسواقي الجحيم..
    دقي الطبول في وجه زائرك الدميم..
    ياسواقي...
    أي شي قد يكون..
    قد نشرب الخمر في المحراب..
    ونرتاد السجون..."

    كتب هذه القصيدة، في حدث حقيقي، حين تلاعبت الحياة برجل فاضل، واستغل رجال الشرطة التناقض الطبيعي في بني آدم (بين سيرة وسريرة)، كان يترصد وقائع الحياة، ووقائع الوجود، كي يرسم، وكي يكتب، وكي يتأمل...


    في كسلا، كنا نمشي خلف الجبل (السواقي الجنوبية)، كي نرى رهبة الحياة، فالجبل والخضرة والصمت، تولد احاسيس خاصة في النفس، لكل فعل رد فعل، رد شعور....

    لا أطيل عليك... كل هذا كي اقرب لك عظم الفقد...
    وحين رحل (أحسست بأن الموت ميلاد جديد)، هذا الأخ لن يموت، بل مضى في سبيله، مضى (كبذرة)، لباطن الأرض، لرحم الأرض..

    وحينها أحسست بعظمة (الحزن)، هذا الكائن ا لاسطورة من الشعور، والذكرى، والشوق والجوى معا، أي مزيج هو الحزن، عشرات الانفعالات سكنت دواخلي، وطهرتني الدموع، وبكيت، وبكيت، والآن... عشرات الاحداث تذكرني به، صوته، الاغاني التي يحبها، الشوارع التي سلكنها، الحوارات الكثيرة في الفكر، والتصوف، والوجودية، والصدق، والتجربة


    يا الله يا عبدالغني ما أروع هذه الكتابة ما أعمقها ما أشد التصاقها بالروح وما أكثر تعذيبها للأعماق.
                  

04-22-2008, 09:06 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    بيننا (سر) يا عبدالغني !
    إنه المكان !
    ..
    الأمكنة
    (..)
    كــسلا !
    ثمّ
    واو
    وهي فعلا..(وااااو)
    فـ(القولد)..
    دنقلا
    الخرطوم
    وأمكنة أخرى.
    سأعود إليها تفصيلا.
                  

04-23-2008, 02:51 AM

Yahya Fadlalla
<aYahya Fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2002
مجموع المشاركات: 699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    شركاء الكتابة ، ذلك الهذيان المتعب الجميل
    خالد عويس وعبد الغني كرم الله
    اتابع هذا التدفق المنداح و المتداعي و النابش في مسام الروح و المبحبت في تفاصيل ذاكرة الاماكن الحميمة و الاليفة و من بين نسيج هذا الكرنفال من الكتابة تحتشد بتنوع ثر من الشخصيات الموحية و المحرضة علي التأمل
    شكرا لكما
    و اشهد أنني قد مسني طرب شفيف كثيف
    و لي قدام
    [
    /B]
                  

04-23-2008, 06:16 AM

ودرملية
<aودرملية
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Yahya Fadlalla)

    سلامات
    وعوافي
    والله اني "لخايفٌ شديد" ..
    ماهذا ؟!!
    او الكتابة سحر ؟
    ولئن رددت الي "احلامي" الف مرة لما وجدتها احلى من نطفة من هذا البوست ..
    صعاليك مجانين ..
    ترفقوا بنا ايا "حماكم الله جميعا" ..
    فما اوهن حالنا حين "قرأة" ..
    وما اوهن دمعنا اذا "صادفنا تصوراتنا"..
    ما اطعم هذه المساجلات ..
    المساجلات ..
    سوف تموتون ونموت ..
    عندها اذا التقيتكم والله العظيم "لاجضمنكم تجضيما" ..
    كونكم تأخرتم في المجيء الي "خواء حياتنا" ..
    بالله عليكم تعالوا الًي ..
    كيف يكون المجيء ..
    ان تأتو هنا ..
    او هناك ..
    او حتى لو اذهب اليكم ..
    هكذا "حافي اللهم الا نظارتي "عتبتي" التي ادخل بها الي جحيم القرأة"..
    وبضع وريقات اقم بهن صلب المزاج اذا ما دعت الحاجة الي تخاريف ثم"كيس صعوط" ..
    ثم اذا كان الحال وسيرا "سيرمسا ليل قهوة" ..بعدها والله الغرق حلال في بهاء موج هذه التداعيات ..
    لا حولا ...
    بئس الدقائق "البخسة" هذه ..
    ما الزمن الضيق هذا ..?
    وليعلم قلبي انني ما حكمته قط في زيف ..
    وما فرضت عليه قط ما اباه عقلي ..
    وما تنزل قط شيئا اليه الا وايدته الخلايا جميعها ..
    لذا لكم الحب ..
    الحب الذي لا ينقطع ..
                  

04-23-2008, 06:45 AM

ودرملية
<aودرملية
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3687

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: ودرملية)

    فوق
    .
    .
    سلامات
    وعوافي
    لكل من تقع عينه علي هذا البوست الان .. الان .."الذين احبهم الله فاكرمهم بالدخول هنا"..
    .
    .
    هو هديتي لكم هذا الصباح ..
    .
    .
    فوق..
                  

04-23-2008, 10:33 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: ودرملية)

    Quote: الأمكنة
    (..)
    كــسلا !
    ثمّ
    واو
    وهي فعلا..(وااااو)
    فـ(القولد)..
    دنقلا
    الخرطوم
    وأمكنة أخرى.
    سأعود إليها تفصيلا



    واو، وفعلا واااااااااو... في انتظار تفاصيلك على أحر من الجمر..
    الأمكنة... أنها العش..
    فالقلب (مكان)..
    والرئة مكان..

    ونهدي الحسناء، مكان..

    أمطرنا.. بالأمكنة.. (بروحها اللامرئي الزمان)..


    ...ألم يصرخ حلاجنا الجميل..

    وأي أرض تخلو منك؟؟


    ...
                  

04-23-2008, 11:45 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    Quote: وأي أرض تخلو منك؟؟


    يا الله يا عبدالغني
    وأنا أقرأ، حين وصلت هذه العبارة/الشطر، صرخت!!

    ..حتى
    ..
    تعالوا يطلبونك في السماء !!
    يا الله
    يا الله.

    صديقي الكتّاب/الروح المبدعة يحيى فضل الله
    مشتاق والله لكتاباتك الطاعمة وتداعياتك.ويبدو أنه مقدر علينا جميعا أن نتواصل - من منافينا شرقا وغربا - بهذه الكتابات.كم هي أرواحنا قريبة جدا يا يحيى.

    ودرملية
    هو بعض بوحنا، بوحكم. نكتب بصدق والله بصدق.ونتوغل أكثر، لكن هل نرفق بأنفسنا فعلا، بكم؟
    والله يا ودرملية أنا في حيرة من أمري، هل بعد القراءة والكتابة رفق بالنفس؟؟
                  

04-23-2008, 03:27 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عذرا لصديقي صمويل شمعون ولـ www.kika.com فأنا مضطر لنقل هذا النص المجنون النازف:



    ألبرتو فوجيه: كم يمر الوقت سريعا
    ترجمة أحمد يماني
    إنها تثلج. يتساقط الثلج هذه الليلة فوق ولايتي فيرجينيا وميريلاند وفوق مقاطعة كولومبيا الصغيرة لكن النادرة. غدا هو عيد الشكر. في الحقيقة ليس هناك من أحد ، المبنى فارغ. ذهب الجميع لزبارة عائلاتهم. وأنا لا عائلة لي ولا شئ أقدم عنه الشكر. أو ربما يكون لي: قضيت هنا اثنتي عشرة سنة في وظيفتي هذه نفسها. أعلي أن أقدم الشكر؟ اثنتا عشرة سنة لهو زمن طويل. أطول مما ينبغي. إذا لم أكن أقتل نفسي ، فماذا إذن؟ البقاء ملزوقا بغراء، ملتقطا أنفاسي مهدئا خطوتي، إنها كذلك طريقة أخرى للهرب. هذه ليست بلادي ، ربما كانت مرة، ربما تكون بلادا لابني، لكنني أحدس أنها لم تعد بلادي.

    مرة، في إحدى الحفلات، وكنت سكرانا، قلت لأحد الأشخاص الذين أحتقرهم إن تشيلي أصبحت ضيقة علي. بدلا من أشتمه مباشرة، شتمت بلاده، والتي هي بلادي كذلك. في كل تلك الأعوام التي عشتها بالخارج، محتكا بخفة مع عديمي الوطن بأفضل وأسوأ ما فيهم، وصلت إلى حقيقتين: لا أحد يغادر بلاده هكذا (الناس لا تغادر، بل تهرب، تنجو، تفر)، وعندما يبدأ المرء في التحدث بشكل سيئ عن بلاده، فذلك لأنه يكره نفسه، وفي كثير من الأحيان لا يكون واعيا.

    اثنتا عشرة سنة، بالإضافة إلى سنة أخرى في منحة تبادل طلابي في هذه القرية الصغيرة في إنديانا، جون كوجار ميلينكامب. أيكون أفضل عام في حياتي؟ من الممكن؛ على الأقل، 1981 هو عامي المفضل، كان أكثر عام زنيت فيه، وليس هذا بالتحديد ما يجعله الأفضل، لكن لم يكن الأمر سيئا. كذلك، كنت شابا. عندما يكون الواحد شابا فإنه يرى الأشياء بطريقة أخرى. في الواقع، لا يرى شيئا. يحس كثيرا ويفعل كثيرا لكن لا يرى ولا يفكر. الأميريكيات وجدنني غرائبيا، لاتينيا، cool. أكنت مرة cool؟ كنت Foreign Exchange Student ، اللعبة الجديدة. كان هذا أفضل من أكون في ثانوية سانتياجو في الثمانينات.

    Just a young latin american kid living as hard as he can.

    اللعنة، كم يمر الوقت سريعا. لماذا يترك القليل جدا إلى حيث يذهب.

    فكرت مرة أن كل هذا، أعني التواجد في جميع الحفلات، قد يصنع مني شخصا أفضل. النظرية كانت واضحة وسهل تطبيقها: كلما كانت هناك فتيات أكثر كانت هناك غزوات أكثر، كلما شربت أكثر وسكرت أكثر، كلما سمعت موسيقى أكثر وكلما كنت نحيفا أكثر كلما كان أفضل. أن تكون الأول في الوصول إلى الهدف . يقاس النصر بعدد الأشخاص الذين يحسدونك ويتمنون أن يصبحوا مثلك. لكن المرء لا يفوز، على الأكثر، يتعادل.

    الأمر الآخر المزيف، الكذبة القاسية، أن اللذة التي تعاش تحميك من المستقبل. زيف. الحياة ليست صندوق توفير. لا شئ يدوم إلى الأبد. الذكرى يتم تثمينها بزيادة.

    ما زالت تثلج وأنا للآن جالس إلى مكتبي.
    بالأمس فعلت شيئا دون تفكير: تنازلت عن نقود الضمان وألغيت عقد إيجاري. اتصلت ب Goodwill*

    ووهبتها كل ما عندي. لم يكن بالشئ الكثير. سأنام هذه اللية في فندق يقع أمام البيت الأبيض. غدا أرحل، أترك كل هذا العالم الذي لم يكن أبدا لي. ستتزوج أختي كونستانسا خلال بضعة أيام وسأذهب. قبلت دعوتها. كتب لي لوكي سكيواكر كي يقول بإنه لن يذهب إلى الاجتماع ما لم أذهب أنا. “ لست بقادر، يا مغفل. أنا

    خائف أن ألتقي بها". بالإضافة إلى أنها مشمسة في سانتياجو. انقلب الربيع إلى صيف.

    سأصل بشكل فجائي، لكن المفاجأ هو أنا.

    إنها تثلج هذه اللية فوق عاصمة الامبراطورية، فوق بيوت البيروقراطيين والدبلوماسيين والموظفين الدوليين. إنها تثلج هذه الليلة فوق واشنطن، وأنا، أخيرا، أرحل.


    *مؤسسة خيرية أمريكية للتأهيل والتدريب والتعليم ومن بين ما تقدم خدمات لذوي الاحتاجات الخاصة.م

    ألبرتو فوجيه، مواليد 1964، كاتب وسينمائي من تشيلي ويعد واحدا من أعمدة السرد الجديد في أمريكا اللاتينية، من كتبه:

    جرعة زائدة 1990

    أفلام حياتي 2002

    قصار 2004

    ومن أفلامه

    النمل القاتل 2004

    للإيجار 2005

    أحمد يماني، شاعر مصري مقيم في اسبانيا
                  

04-23-2008, 08:30 PM

صديق الموج
<aصديق الموج
تاريخ التسجيل: 03-17-2004
مجموع المشاركات: 19433

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    كل الناس هنا..ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

    ليس هذا ببوست ولكنه مشفى للامراض العقليه كبير...
    النزلاء من كل لون وصنف..
    عنبر كبير يا للدهشة مختلط...
    ليس هنا عنبر مجنونات ولا عنبر مجانين
    كل الناس هنا فى نعيم الا انا..
    كم تمنيت ان لو نوع هذا الجنون يعدى!!
    لكن هيهات هيهات لا جن ولا سحرة..
    اى عناكب التى تسكن هنا؟؟
    تغزل خيوطها بحذاقه..
    هذا بوست مسكونون.. مسكونون.. مسكونون ..يا ولدى..
    تقرير طبى:
    كل ذى لوثه يلبث مكانه..
    اشهد ان لاخروج لاحد ابدا.. لا مستثنيا احد من المجانين..
    انتهى،،،،
                  

04-23-2008, 09:02 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: صديق الموج)

    عزيزي صديق
    أهلا وسهلا بك.
    ليتنا نشفى يا أخي ليتنا.

    يا جماعة في واحد مجنوووووووووون اسمه محمد عثمان فتح (فضاء قدر الدنيا) في بوست اسمه
    وردى... من تسجيلاات اياام زماااان (2)

    يااااااااااا الله.
    يا عبدالغني
    (ناس) خاف من الله والمستحيل وبعد ايه كلهم بي هناك.
    غايتو أنا سكرت وبكيت وانتشيت ودخت وصحيت وعملت كل الجن الممكن.
    غايتو وردي ده ما ممكن ابدا.
                  

04-24-2008, 06:20 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأعزاء في البوست..
    والذين تشرق انوارهم طربا، وحروفهم ألقا في النفس، فأحس بمتعة القراءة، وأود الصمت وتأمل ما تأوي الحروف من نبل، وعمق، وجمال..
    اخوي خالد.. اهلنا كتاااااااااااابين، وربي، .... آخير القراية كان كدي..

    ود عويس، صباحك سكر..
    كيفنك..
    ياخالد دي كان رد، في بوست كتبته الاخت (الغائبة الآن)، هوزي، وان شاء الله المانع خير، كتبت بوست عن صديقة لها، "هربت من البيت"، وتساءلت هوزي ما العمل..
    والله مشهد البت الهاربة سكنني، وادرك جزء من دوافعه، وعارف اوضاعنا، وعتبه الباب، والتحريم، وجرائم الشرف في الشرق المنهك..
    وده كان الرد، وطبعا كان رد سريع واخوي ومسح يد الفتاة الهارب، وكتفها..

    Quote:
    العزيزية هوزي

    والله، نحن كلنا الوضع ما عجبنا، والله الجاذبية الارضية دي عندنا منها موقف، ولكن كيف العمل، الامراض النفسية والفكرية تملأ الكون، الجوع وانظمة الحكم، وأفكار التعصب، والمناخ الحار، كلو شئ شين وقبيح.. وهذه المشكلة قطرة صغيرة من بحر كبير، والمسافات، هذا الغول الجديد، يفصل الام عن الابن والوطن عن العاشق، والقمر عن الشاعر.. والصحة عن الجسد، والحكاوي عن خشوم الحبوبات.. ووبال من كلمندو عني..

    طيب نهرب وين؟ ...
    هل يأبق الإنسان من ملك ربه ويخرج من أرض له وسماء؟

    هرب الفارابي لمدينته الفاضلة، وهرب أفلاطون كذلك، وربين هود للغابة، وربنسون كرزو لجزيرة، رسم فيها ملامح وطنه المنشود، وصمويل بكيت، وبطله جودو (أقسم بأنه هو، ولكنه خاف، من تعصب الدين)، فخلق شخصيته، في حقل الورق، وحركها كدمى العرائس، كي تقول قوله، ويلبت وراها، (فصاح صحيته المشهورة (لا أحد يأتي، لا شئ يحدث، هذا شي فظيع)..

    الجميع ، لا يزال ينتظر فرح خاص، لم تصل قورابه، فنهرب من الواقع للخيال، ومن الحاضر للماضي، للمستقبل، نجري هناك وهنا، بأجسادنا وبعقولنا، وبخواطرنا، نهرب من أم وأب شكلوا جيناتنا.... وزي ما بقول العزيز ويلسون (في اللامنتمي)، أي مجتمع اما ان تسايره، او تتمرد عليه، او تنبذه، أو تغيره (وهذا هو المحك)، تغير المجتع، بصبر وجلد، ودي مهمة بقدر ما هي شاقة، ولكن ليست مستحيلة، يكفي الانياء والرسل و(دون كيخوت).. وبالو كيهلو...، كلها محاولات تغير، ولكن تختلف في المقدار، والكيفية، والطريقة!!!!

    أم نرحل كالنسدباد، لأراضي غريبة، (غريب اليد واللسان، والمناخ والوجدان)، فنتزوج مثلة، كي نتكيف مع الوضع الجديد، و(حين تموت زوجته، يفاجأ بسحر التناقض الثقافي)، ستدفن معها (هكذا تقول أعرافنا).....ففر السندباد بجلده، وقاربه، وترك بضاعته (فالروح انفس من اللؤلؤ والمرجان والصندل)..

    كأن الوطن داخل راحة اليد، داخل راحة القلب، لذا نحمله معنا إلى (جنة القبر).. جنة الفكر، جنة الشعر، جنة التأمل، وكلها (داخل جسد الإنسان الشهي، الجميل)...

    فلتهرب، كما تشاء، فسيأتيني (خراجك)، كم قال المنصور، لتلكم السحابة الضالة، المهاجرة بعيدا عن حقوله (ان كانت ذاكرتي محقة)...... فلا شئ يعدل الوطن..............

    نعم... أتخيلها خرجت من البيت، غضبانة لحبها المقتول، وتأمر ابيها وأمها، خرجت من البيت، ستحس بالوحشة له، مجرد أن تخرج، ستحس بأن القديم لم يأتي من فراغ، وبأن الجديد عليه ان يرفق بالقديم، نعم خرجت، تقودها طاقة للتغير، للثورة، (ولكن الحكمة في التغيير الوئيد، الموزون)... هاهي خارج البيت، ستحس بإلفة مفقودة، ستحس بأن الصحة كائن مقهور، لا يدرك إلا بالمرض، ستحس بأن اللوحة باهتة (هي تضحك، وحبيها يضحك، وأمها تبكي وأبيها يبكي)، بمقدروها ان تضحكهم جميعاً، (فالبقاء للأصلح)، هكذا تقول الفيزياء والحياة، وإلا لما مات الديناصور، وعاشت الفراشة الواهنة...

    وأهلنا بقولوا (البدو القلم ما بكتب نفسو شقي)، كأن القلم بيدنا وبغير يدنا، وطالما كان هروب فليكن هروب لشئ جميل، عميق (فطعم الموت في .... كطمعم الموت في امر نبيل)....


    عالم كئيب، مجمل تاريخه، عبارة عن فصل ملئ بمراهقين، كل يدعي بأنه الأجمل والأفضل والأذكى، على وزن (عقلي أحسن من عقلك، ولوني افضل من لونك، وربي افضل من ربك)، ألخ هذه المأساة القديمة، زي حرب طروادة، حين وقعت التفاحة الذهبية من جبال الألب (كأنه الألهة تتمنحن الانسان)، ومكتوب عليها، ستهدى لأجمل امراة في الوجود، فتصارعت افردويست واثنياء وفينوس، عليها، إلي يوم الناس هذا، بل إلى غد الناس ذاك،

    ولكن كيف العمل، من الصباح في رطوبة، والمناخ خانق، والزملاء في العمل عابسين، والبلد أسعارها في العالي، يعني هناك مشاكل كتيرة شديد، (هل نهرب منها، مثلا، ام نصبر ونستعمل الحكمة)....

    انظمة العالم كلها غلط، لا شرق ولا غرب، الانسان مهمش، شنو يعني كرة قدم، لاعب بمليار وشفع عرايا، شنو يعني تشدنا الجاذبية الارضية وتترك الملائكة يجرو وينطو من عالم لعالم، شنو يعني الزمن يجري كعادته من الماضي للحاضر، وبمشي وين الماضي، والمستقبل بجي من وين.... والله الكون كلو عبارة عن سؤال، والأعمار، والمعدلات المتناقصة، تعيش السلحفاة اكتر من 180 سنة، وعمكم الصغير، ابو القاسم الشابي رحل قبل أن يكمل أنشودته، زي جماع والتجاني...

    والكلاب نحيفة، ومجاعات الصومال، ناس زي الرهاب، والحوت الازرق في اعماق البحار وزنو 200 طن، لسانو اتقل من الفيل، وقلبو بحجم سيارتين اتوز... وعايش ملك تحت الموية...

    والله ياهوزي، هناك حياة في الخارج، وحياة في القلب، أي بين الأمل والواقع، ولكن كيف نكسر الامر دي، وكيف نبني جسر، عشان تخرج الأحلام لأرض الواقع، جسر كبير وقوي ومتين، (أذكر قصة للأطفال كتبها حميس جويس، عن مدينة محاصرة بجسر، والناس فشلو في البناء، وهم ضعاف ما بقدورا حتى يستعمروا شعوب عشان تبني ليهم، زي بريطانيا العجوز)،

    مرات بحس بأنو كلام المجنون القذافي كويس وتمام، حقو العالم يدفع لافريقيا ديونها الكبيرة، سرقوا ثرواتنا، بما فيها الإنسان الافريقي العظيم، والله كل المدن الاوربية الجميلة دي، تحتها جماجم اجدادي العظام، وعرقهم المبارك...

    وعشان التغير العلمي، في ناس عملوا احزاب، تغير جماعي مدروس، وفي ناس شغل فردي، وفي اولياء عملي باطني، وفي وفي وفي، وفي كتاب، وفي رسل (شعراء وهم جسر بين الارض والسماء)، ولكن بعد ده الصورة لسه مشوهة، ومخربشة...


    أه، كيف الحل.... ندير الظهر، ام نصبر ونصبر ونقاوم ونغير الامور، بتروي وفهم وصبر، عشان ما نكون نخلة حمقا، نغير اوضاعنا بس، وبعدها (لست مثمرة إلا على ثقة، ......، ومفصلة ظلي على جسدي)

    وبيني وبينك الواحد بحب الحور العين، والكمال، ولو في طريقه الواحد يهرب من الدنيا دي، (ما اكثر مثالبها)، ولكن هناك تحدي جميل، بل للحق خلق هذا التحدي كي يرتقي بالإرادة البشرية، كي تقاوم، كي تصمد (مرات بتحس بسريالية، بتحس بسزييف، يصعد ويقع يصعد ويقع)، ولكن في ده لذة، وتلقى سيزيف وصل القمة بعد موتو... (فالحياة مستمرة، كنهر، يغوص منبعه في الماضي، ويختفي مصبه في المستقبل، ولكنه موجود)، يعني القلب بشوف الاشياء الجوهرية، في الضلمة بشوف، وللحق القلب شغال طول اليوم، في ضلمة الصدور، هو شغال، يوزع في الاوامر للملكة الجسد...

    هل خرجت عن الموضوع، ممكن، ولكن المشاكل تحف بالناس، ومشكلة صديقتنا لها ملاييين الامثلة، في أي بيت سوداني، وللحق في أي بيت في العالم، نحن لسة ما بنعرف الاختيار، ففي الفكرة الجمهورية رأي غريب وجميل عن الزوجة، هي فكرا امتداد لك، يعني منذ الازل لك حواء، وستظل تبحث عنها، بالقلب والعقل، والامر الصعب بتاع القلب، كأنك محتاج لفانوس واكسير خاص كي تكتشف صنوك، وهي من لحمك ودمك، عشان كدة اللقاء بينهم بكون جنة (جنة حقيقية)...

    معليش، لكن الامر ارقني، مجرد ان تطلع في الشارع ممكن تعمل حاجة، بقابلك طفل امي (داير سبورة، وهدوم وأم، وإرث جميل)، شاغله، فذلك اضعف الإيام، والله البشوف المشاكل، ينسى رجف القلوب حاليا، حقو نشعر بالحب التاني، الحب الكبير، بالجوعى، بالمشردين، بالام والاب الجهال، وما اكثرهم، وهم محكومين بمفاهيم قديمة، ومن الحب ما قتل....

    (لا تسب الظلام، أن تشعل شمعة خير من ان تسب الظلام)..
    (لا تستحي من إعطاء القليل فالحرمان اقل منه)..
    ان اذنبت فتطهر بالعمل..

    الحكمة ثمار تجارب الشعوب...... تجارب الإنسان مع بيئته...

    لكل داء دواء...

    ليس النجاح أن لانسقط، ولكن النجاح هو هو ان تقوم من السقوط)...
    (عقلك في راسك تعرف خلاصك)،




    وشوقي ومحبتي..
    عودة للكوني، عودة للموسيقى، عودة لتداعيات الطفولة.

    حلق بي ياخالد، أحساسك ب (وأي أرض تخلو منك)...
    الشوق والريد....


    ...
                  

04-24-2008, 06:36 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    ود رملية.....

    كم مريحة الكتابة لك... تحس ببراح، وبتداعي حر، لا يضيق برهبة، أو تردد، أو خوف، كأنك تخاطب ذاتك، في حوار لذيذ مع سريرتك، أمام بحر بلا ساحل، (ألهذا خلق البصر محدودا؟ مثل كل الحواس)، تعود عصافير الحواس لسفينة الجسد بلا يقين، أو يابسة، كل الأفاق رخوة، ومائعة، دهشة آدم الأولى :
    (بلا أم أو أب، أو ماضي أو غد، أو عادة أو تقليد)، عليك الله شوف دهشته البكر، ألهذا ظل السرحان مصيرنا، السرمدي، وهل أجبنا على تسائله الأولى، آدم تعب، وورثنا التعب معه..
    وجد الارض والذهن بكر، فصاغ نفسه بنفسه، محاكيا إيقاع بداخله، فظل ينحت ذاته، بإزميل فكره وعاطفته، وحيرته... (بيده، لا بيد عمرو)......
    حقا، كم ممتعة الكتابة لك، ننقر حافة طاولة الوعي، كي نخلق صوت بكر، صوت يعيد لنا الحياة، الحياة الذاتية المغيبة في ضجيج القطيع والروتين، كم أحب هدم هذه المدن، كلها، وبما فيها من صور ووعي وشعور، (ألسنا أطفال نبني على رمل التصور وحصى الرغبة، نبني تصورات، وتهدمها الحقيقة، ولا نضج ولا نثور)، ...

    يالها من مدن تشوهت، وتنكرت لإيقاع القلب، حيث الحب والحنان، والفهم المطلق... وأريحية التقبل والتمثل... حقا..لا يحس الذهن بالجدران والحدود والقيود، مجرد الكتابة لك تحس بومض الحرية، الحرية المطلقة،..مخاطبة ذهن جميل... لم يتلوث بإملاءات الماضي، وضباب الوراثة، وفجاجة التقليد، قلب مفطور على حقيقته الأزلية، حداء ذهن كبير، يفتح باب أكبر من اللغة والتصور، ويترك التداعي الحر يسيل كلعاب طفل على خد الدهشة والتطلع... لذا نتعرى امامكم، من سجن العادة، وقيود الوراثة الحسية المعنوية، ونشطح بإملاء الغرائز الأولى، (العقل والقلب) والتي خلقت كي تشبع ذاتها، من بحور الإثم والفضيلة والرزيلة، معا، بلا تفاضل، أو تطفيف، فالميزان (معكم عادل، خارج إطار المفاهيم المورثة والمكتسبة معا)، إنها الشحنة الأولى (رعشة التجلى الأول)، والتي صبت في إناء الجسد، كي ينبض ويخاف ويعشق ويتمرغ في حضن الحبيب، وحضن القبر، وحضن الإطلاق، كم شهية مخاطبتكم، نخاطبك كما نخاطب الجبل والشجرة والماضي، كلها ذوات حية، اختبأت عن المجاز والتأويل لشي في نفسها... أحس بأنك طعم الجوافة، (والكتابة هي اللعاب السائل بفعلها)، لكل رائحة .. لعاب... صدى، (يردد رغم انفه الصوت الأول)، أنحن صدى... لموسيقى اختفت خلف إزار الزمان ولباس المكان...تتوغل الكتابة أكثر فأكثر، في جب يوسف، كي ترخي حبلها لقاع ماله قرار، كي نستخرج يوسفنا من لدن الذوات المعذبة بالشعور والتأمل والفكر...

    نهز الكلمات، وحروفها، كي نخلق سمن من عصارتها، نهز المعاني كي تصحو حقائقها، تطاردنا التصورات، وتبقى جذوة عصية الفهم، يتراقص لهبها المقدس في الذات، ونظل نحدق فيها طوال الليل واناء النهار...يتدفق حليب الذات وعسلها مع نبض القلب، ونرتل في صمت عميق اغنية بلا صوت، ولا وتر ولا أذن، إنها الذات الإنسانية، تخبئ في حقيقتها لحن شجي، ونبيل وخارق... يحس ويعاش، فنغفو في سريرها الناعم، وتداعب القلب رؤى وخيالات وأفكار وأحلام باهرة، ساحرة، غائرة...

    ملحوظة:
    (جواب سابق، كتب في رد أحد بوستات المنبر)..


    ود رملية... حبي...


    24/4
                  

04-24-2008, 02:30 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    الموت !
    لربما هو البهاء.هو المجهول (الجميل) الذي نتظره كآخر المغامرات.
    يا عبدالغني، بعض الناس – لا نعرفه، لم نلتق بهم – حين يرحلون يفجرون فينا مشاعر غريبة.كنت في غرفة الأخبار – قناة العربية، حين كلفت باعداد خبر.عدت لوكالة رويترز لاعداد اللقطات التلفزيونية.غمرني حزن قاتل.بعد فراغي من اعداد الخبر، كتبت:
    ..
    سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد
    اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة.
    (غارثيا لوركا – مرثية إغناثيو ميخياس سانشيز)
    لماذا يكون الثوار بهذا الجمال ؟
    ولماذا يموتون بكلّ هذا البهاء، والابتسامة الوضيئة تغمر وجوههم ؟
    إيفان ريوس..توسّد حقول البن، ونام.
    كوردة على غيتار.أوكنجمة سقطت من السماء.
    كوردة، تناثر الرحيق فوق بتلاتها، فسقت الأرض.
    كوردة، عادت إلى الأرض..إلى أمّها الأرض.
    اختارته حقول البن، ليعجن دمه بطينها، ويبقى إلى الأبد، رمزا للأرض والشعر والثورة.
    ليبقى أغنية على شفاه الحسناوات الكولومبيات، وتنهيدة في صدورهن التي تكتنز الغضب.
    ويبقى طائرا في سماوات لطالما رصفها بابلو نيرودا، وبورخيس، وغيفارا، وسلفادور الليندي بالأغنيات والشعر والنجوم.
    إيفان ريوس..أغنية جديدة.
    ووشم على جلد الأرض.
    إيفان ريوس.
    ستقص الكولومبيات جدائلهن الطويلة، وسيحملن البيارق في حقول البن، والدروب المترعة بالأزهار، والمشبعة بالرطوبة، ليبلغن تلة الأغنيات، ويتسامرن على شرفات الأقمار المتلألئة.
    إيفان ريوس.
    ليس الأغنية الأخيرة في أميركا الجنوبية.
    لكنه قطعا، نشيد من أناشيد نيرودا.
    ................................
    إيفان ريوس..ثائر كولومبي في القوات المسلحة الثورية الكولومبية ..قتلته القوات الحكومية الكولومبية اليوم (الجمعة 7 مارس 2008) في حقول للبن شمال غرب البلاد

    خالد عويس
    الجمعة 7 مارس 2008

    الآن، أعود إلى هذا النص متسائلا متعجبا.ما الذي حرضني على الكتابة؟
    الموت ؟
    أم ذلك الحزن الوجودي الكبير في أعماق عيني إيفان ريوس، حزن رجل يدرك أنه سيعبر سريعا جدا.هل نرى في موت بعض الأشخاص موتنا ؟ هل نرى في حياتهم وأعمالهم في الحياة بعض حياتنا ؟
    عيناه عكستا يقينا غرائبيا بأنه راحل.بأنه لن يلبث أن يمضي.وهو – للحق – فيه ملامح من غيفارا.
    الذين يدركون أنهم سيرحلون سريعا يكونون أكثر إنسانية وأكثر رهافة في الحس.
    هل قرأت أعمال غيفارا ؟!
    يا الله ! هذا المخلوق كتّاب فعلا. مذكرات دراجة نارية، وأعماله الكاملة، فيها لغة أدبية رفيعة، واحساس (مؤلم) بالناس والحياة، وقدرة على التصوير وارسال المجسات في الاتجاهات كلها للاستبصار و(اعتقال) التعبيرات.

                  

04-24-2008, 02:46 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة..
    (..)
    كسلا
    أولى ثلاث سنوات في حياتي.
    الذاكرة كطحلب طاف فوق الماء.أجدني الآن، ممدا – فعلا – على الماء، أبصر – كما في حلم – الضفتين.
    (تلك الرائحة) !
    رائحة القهوة.ذاكرة الروائح بدأت هناك. أمّي تضعني على نافذة المطبخ المطلة على فضاء عريض ينتهي بـ(حامية الجيش).الجنود يصيحون ويجرون منذ الصباح.تمارين يومية كنت لا أعي شيئا منها سوى الكلام المنغم والأصوات العالية.
    فاض (القاش).غمرت المياه بيتنا، فانتقلنا إلى بيت على تلة مرتفعة.
    تناولني أمّي – عبر السور – إلى (حجة علوية).هناك في بيتها، أحصل على الحلوى والبسكوت.لا أذكر ملامحها الآن، أذكر خوفي من السقوط من بين يديها أو يدي أمي وأنا فوق السور.
    ما زلت إلى الآن مسكونا بفوبيا الأماكن المرتفعة (وليس الطائرات)، وهذه الفوبيا، زادت بعد 11 سبتمبر.أتمنى الموت بأي وسيلة، إلا السقوط من برج يعانق السماء.
    طحلب الذاكرة يرشح مادة خفيفة عن جسر ما، وبساتين الموز.(السواقي) أذكرها مشوشة تماما.للغرابة لم أعد إلى كسلا أبدا، لكني موعود برحلة مع صديقي (الجنرال أحمد طه) يا لهذا الرجل !
    الجبل. آه الجبل، جبل (توتيل).أحبه.هو شيء ما (في ذاكرة الطفولة المبكرة جدا).رغبتي أن أتسلقه لأرى ما هناك.كما هي رغبتي في الدخول إلى أقصى نقطة في (ضريح سيدي الحسن).
    الأشياء كلها غامضة جدا.يعني ما معنى هذا ؟ يقولون الجبل.لكن، ماذا يعني؟
    ثم، ما هو الضريح؟ أخاف الضريح، لكن الناس يحبونه.إذن لا بأس، لن يؤذي، بل على العكس، لعل (سيدي الحسن) يمنحني الحلوى، وربما لديه ألعاب زاهية الألوان.
    كنت طفلا شقيا وهادئا في آن.مرة، تسللت من البيت وقطعت مسافة طويلة جدا، لأبلغ أحد أصدقاء والدي، أن والدي يريده حالا لألم ألمّ بوالدتي.سألني باستغراب – هكذا قالوا لي، فأنا لا أذكر من الواقعة إلا نشاطي في الذهاب إلى بيته -: كيف جئت؟ لوحدك ؟
    المهم، حققت مرادي – على ما يبدو – في ركوب سيارته والتوجه إلى دارنا، وهناك، كانت أمّي بخير، ووالدي لم يطلب حضوره ولا يحزنون، بل على العكس، كادا أن يذهبا إلى قسم الشرطة للتبليغ عن فقداني !!
    كانت كسلا مكانا حميما على نحو ما.وبقيت نقشا بارزا في القلب.

                  

04-26-2008, 12:20 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    *
                  

04-26-2008, 04:25 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة
    (..)
    (إن الأيقاظ ينتسبون إلى عالم مشترك
    أما النائم فينصرف إلى عالمه الخاص فحسب)
    هيرقليطس
    واو
    واو هي مرضعتي !
    إن كانت القولد أمي التي أنجبتني، فـ(واو) هي الأم التي ألقمتني ثديها الغني.
    هل أقول إنني، قبل أن أقرأ بنديتو كروتشه، مثلا، بسنوات، فتحت عينيّ على الجمال، واختزنته عميقا في القلب وجدران الروح؟!
    آه الأمطار.الأمطار التي لا تتوقف.اعترف، أنا كائن (مطري).كالفراشات التي تحوّم في الفضاءات في أعقاب المطر.لا تنبت أجنحتها الملونة إلا في طقوس المطر.
    وأيّ طقوس للمطر هناك في واو؟!
    المطر هناك يغسل الرح.روحي الطفلة.روحي التي تنصت بكل جوارحها إلى تلك الأصوات الكونية الغامضة.نداءات الطبيعة التي تحنّ إليها النفس على نحو غريب.
    أمطار – يا عبدالغني – تهطل لما لا يقل عن تسعة أشهر في العام.
    صوت الماء على سقوف الزنك، ومرأى الطيور الملونة التي تلوذ بالشبابيك لتنفض ريشها المبلل، وروائح الأزهار البرية، والأشجار.رائحة يهيجها الماء.
    العشب ينمو حتى على الحيطان الحجرية.
    المدينة فتنة.المعمار الإنجليزي إلى جانب المعمار الإفريقي منقوشان في الذاكرة.
    كنيسة (واو)، وسوقها، وحامية (قرنتي)،والسجن، ومبنى البريد والبرق، وبيوت الموظفين.
    بيتنا قبالة السجن.
    أمّي تضعني منذ الصباح في الشارع مع حراس السجن الذين يجلس بعضهم تحت أشجار المانجو العملاقة أمام بيتنا.وحين تنتهي فترة حراستهم، يطرقون الباب:
    : أخدي (جركوك) بتاعك ده !
    كانوا يغدقون على الحلوى، ونراقب معا الفراشات الملونة والعصافير.
    قاتل الله الحروب وقاتل الله الاستعلاء والتجبر والتكبر !
    والنهر !
    نهر الجور.وعليه ذلك الجسر الصغير.يا الله !
    الناس يعبرون عليه على دراجاتهم، وراجلين.وتحتهم، تروح أفراس النهر تلاعب بعضها بعضا.
    لم يكن (إبراهيم عويس) من طينة الذين يحذرون أهل المدينة الطيبين.لم يكن موسوسا بالفروقات بين البشر.لذا، كنت ضيفا دائما على ذينك الشابين اللذين يجولان – بسيارة البريد والبرق – على القرى المزروعة وسط الأدغال، وفي البرية، لتوزيع البريد.
    يا الله، يا لها من رحلات أخذتني باكرا جدا إلى قلب (كليلة ودمنة) و(ألف ليلة وليلة) و(بلاد العجائب) !
    يا لفتنة واو، ويا لجمالها.
    ومايكل !
    دوناتو مايكل !
    من منكم يعرفه بالله عليكم ؟!
    فلتدلوني على مكانه.
    مايكل أخي الذي لم تلده أمّي !
    انقطعت أخباره عنّا منذ 1982 !
    هل تصدق يا عبدالغني، مايكل ذهب معنا إلى (القولد) وأمضى هناك نحو ستة أعوام، أكمل خلالها الابتدائية، وانتقل – بتفوق – إلى المتوسطة.
    نهلنا – سويا – من نبع (واو) و(القولد) !
    سمعت أنه صار ضابطا بالجيش الشعبي.سمعت أنه هاجر إلى الولايات المتحدة.
    قولوا له إن أباه (إبراهيم عويس) رحل !
    أقسم أنه سيبكي بكاءا مريرا، وسيود لو يعانقني طويلا لنبكي سويا، والدا لنا عرفنا رحمته وحنانه وإنسانيته.
    ويستغربون – حتى بعض أفراد أسرتي - كيف لي أن اتعاطف كل ذلك التعاطف مع (الجنوبيين) ؟
    لماذا ؟
    لأنني نشأت هناك.ولأنني لم أعرف – والله – أي فارق بيني وبينهم إلا بعد عودتي إلى الشمال.وحتى بعد العودة، أبت فطرتي أن تقيم ذلك الحاجز بيني وبين من نشأت بينهم، ولم أحسّ – بفطرتي الطفولية – إلا بالحب من قبلهم.
    وكيف لي أن لا أتعاطف مع (واو)، واو المكان والإنسان والذاكرة ؟
    بالله عليكم هل يخون المرء ذاكرته ؟
    أنا منهم.من الإنسان فيهم.من بعض ذاكرتهم.من بعض جراحهم وأحزانهم.
    هل بوسعي أن أفرح – أو أكون محايدا – لو علمت أن مايكل قتلته الحرب، أو أن بعض أفراد أسرته ماتوا محروقين ؟!
    هل كان بوسعي أن أرفع سلاحا في وجه مايكل ؟!
    لماذا ؟
    ما من مبرر واحد لقتله عوض الارتماء في حضنه، حضن (واو).
    ثمة ذاكرة مموهة ملتبسة غامضة مشبعة بالحنين بين الجنين ورحم أمه، هي ذاكرتي المشبعة بواو.
    (واو) ليست (مجرد) مكان.هي ذاكرة مترعة بالمكان والناس.واو هي أبي وأمّي والناس – ذاكرة الطفولة بريئة ونقية، لا تقيم أيّ فروقات بين البشر، ولا بين المسجد والكنيسة !! - وأشجار المانجو والمطر والنهر والعشب والحيطان الحجرية وقطعان الأبقار والسماء الملبدة والعصافير والفراشات.
    كنت صفحة بيضاء، رشت (واو) عليها سحرها وفتنتها وألوانها الطبيعية المعتقة وروائحها وأصواتها.
    أقول لك يا عبدالغني، حين حلقت بي الطائرة فوق سماء الجنوب، في الصباح الباكر – أغسطس الماضي – في رحلة عمل لفائدة قناة العربية، اغرورقت عيناي بالدموع.وحين حطت في مطار جوبا، والسماء فوقي مرصعة بالسحب، والخضرة، كأنها خضرة كونية، تفرش الأرض بخضرة يانعة، والرائحة، و(الروح)، كدت أن أعانق جميع في المطار.كدت – يا عبدالغني – أقبل العشب، ووجوه الناس، ورقصة الأرض حين تستقبل المطر.كدت أقبل تلك العيون التي تلتمع في أعماقها معان كبيرة لإنسانية وفيرة حصلت – أخيرا – على قسط من كرامتها المهدورة، وآدميتها.كدت أقبل (أناي) فيهم، أليسوا قومي؟أليست مدينتي؟أليست مكاني؟أليست أخت (واو) ؟
    بكت روحي هناك طويلا.فهذه الأرض، بعبقها وبخورها الأزلي، معجونة منها طينتي.تشربت بخورها، واحتفظت ببعض أسرارها.
    أنا القادم من أقصى مكان يسمونه (شمالا) إلى أقصى مكان يسمونه (جنوبا)، من أنا؟! تتلفت روحي في الأمكنة، فتعثر على شتاتها في كلّ مكان.
    يا مايكل عُد !
    وإياك إياك أن تكون تحت الثرى، فأنا لا أحتمل موتا آخرا.
    عُد يا مايكل، فالحرب انتهت، ولم يكن لنا فيها، لا أنت، ولا أنا، لا ناقة ولا جمل.الحرب انتهت، ولنبك قتلاك وقتلانا، ولنضعهم في قبر واحد، علّ عظامهم تعي أن هذا الثرى الذي نتوسده واحد !
    علّ عظامهم تعي أن الجلد حين تأتي عليه الديدان، وتتشرب الأرض الدم، لا يبقى غير (لون) واحد للعظام !
    عُد يا دوناتو مايكل، يا ابن أمّي، (واو)، فهناك متسع للحديث، وللرقص، وللغناء، وللحب أيضا.لطالما كان هناك متسع للحب، تعرف ذلك يا مايكل، فكل ذلك لم يغير فيك أبدا.
    عُد وسنذهب إلى (واو) سويا.
    عُد، والأسرة التي عرفتها، لم يبق فيها إلا أنا وأمّي و...أنت !
    وتزوجتُ يا مايكل، وأنجبت (رند)، لابد أن تراها، وتحملها بين ذراعيك، وتقبلها، وتبتاع لها الحلوى.
    إياك إياك أن تموت قبل أن تراها يا مايكل.
    سنضحك كثيرا يا مايكل، وسنوقد (فانوسا) تجتمع حوله الأسرة للسمر الليلي في (القولد)، فقط (إبراهيم عويس) سيكون غائبا، لكن بوسعك أن تزور قبره وتترحم عليه.
    سنضحك كثيرا يا مايكل، سنضحك (عليهم) حتى لو بنوا جدارا كجدار برلين، سنهدمه بقلبينا، وسأزورك في (واو) رغما عن أنف العالم كله، أليست مدينتي؟ وستزورني في (القولد)، أليست مدينتك؟
    وحين أموت يا مايكل، ستدفنني في (واو)، قريبا من النهر، قريبا من الأماكن التي أذوب هياما بها.
    حاشية: يا عبدالغني، أعثر على كتاب اسمه (الكأس المقدسة وحد السكين) لـ..ريان إيسلر، وأقرأه..يا الله !
    تعرف، كلما فتحت كتابا ازددت يقينا بجهلي المطبق.أيّ كتاب يتركني كذرة تراب وسط هذا الكون الفسيح، الفسيح إلى درجة يصعب تصورها إلى درجة أن يفكر المرء في الصمت التام خشية افتضاح جهله !!
    وأكاد أصيح: كم أنا جاهل فعلا !
    وإليك أخيرا عبدالغني بعض (السهروردي)
    وارحمة للعاشقين تكلفوا
    ستر المحبة والهوى فضّاح
    بالسر إن باحوا تُباح دماؤهم
    وكذا دماء البائحين تباح
    وإذا هُمُ كتموا تحدّث عنهمُ
    عند الوشاة المدمع السفّاحُ
    ..يا عبدالغني، لماذا (كلهم) يقتلون ؟!

                  

04-26-2008, 04:27 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة
    (..)
    المرأة مكان !
    والمكان أنثى !
    أليست الأنثى هي سر الحياة ؟ الأنثى، الإنسان، والحيوان، والنبات ؟!
    أمّي مكان فسيح.بروائحها وثيابها الغيوم، وعيناها الشمس والقمر، وصدرها النيل.
    الإله، أو قل الآلهة في البدء كانت أنثى.أسلافنا في العصور الحجرية الأولى والمتأخرة، توجهوا روحيا إلى الإلهة الأنثى، في هضبة الأناضول، وفي سهول سوريا، وسومر، وفرنسا والهند والصين.بل إنهم في الصين، ما زالوا إلى يومنا هذا يعبدون إلهات.
    والحضارة في معناها العميق المتصل بالفنون والعمارة والعلاقات والتنظيم، هي كذلك أنثى.
    من قال إن أسلافنا كانوا بدائيين متوحشين؟ الحقّ إن البدائية – بدائية النزعات الإنسانية – بدأت بشروع الرجل في (الصيد)، فراح يصطاد حتى نفسه !
    لطالما استهوتني علاقة الجنين بالمشيمة والرحم.ذلك الكهف الأسطوري الأول.ما الذي يتبقى في ذاكرتنا منها؟!
    لماذا نعثر على رائحة الأم فينا من بين آلاف النساء ؟!
    هي (بخيتة محمد ساتي)، باعت حليها – في الزمن الإقطاعي الجديد الذي سحل الطبقة الوسطى، وأبقانا متشبثين بالكاد بالطبقات الدنيا – لأكمل تعليمي الجامعي.يا الله، كفاح رهيب خاضاه هي و(إبراهيم عويس) لأحصل على قسط من التعليم.
    (إبراهيم عويس) بعد المعاش، كان لزاما عليه أن يتدبر عملا آخرا لكي نعيش، لكي أدرس.يواظب على عمله منذ الصباح إلى ما بعد الظهر، لا تثنيه آلام الرطوبة في ركبتيه، ولا الصداع النصفي.
    علمتني في (واو) أن أحبّ محمد وردي حتى الثمالة.تغني بصوت رخيم:
    (من فريع البان
    البسوح نديان
    الله يا سلام)
    تغني:
    (يا نور العين
    يا نور العين انت انت
    انت وينك وين)
    أحيانا أحب أن أرقد على رجليها – على سجادتها، وأمامها المسبحة -، حتى وأنا كبير، من قال إننا نكبر على أمهاتنا ؟!
    دموعها (قريبة) !
    وبارة بأبويها.أذكر، حين غادرت إمرأة جدي لبعض شأنها في الخرطوم، - تزوجها بعد وفاة جدتي – كان يغشانا يوميا من بيته القريب ليمضي القيلولة والعصر معنا.أحاديثه وحكاياته شيقة.
    يحكي لي – وأنا في إجازة الجامعة – عن سنواته في (البوليس) حين كان ضمن حرس الشرف الذي يرافق (الحاكم العام).عن سراي الحاكم العام، وحدائقه وأروقته.(محمد ساتي)، رجل نحيل، و(ختمي) معتدل.الحق إنه كان معتدل في حياته كلها.لكنه يغضب من جدتي حين تناديه ويكون قد بلغ باب الحوش، لتذكره بأن يجلب الطماطم – مثلا – من السوق، فيتصنع عدم السمع، يلتفت ناحيتها وهو في أشد حالات التذمر:
    : (ست النساء) ! قلتي شنو ؟ انتوا الواحد يكون قاعد جنبكم اليوم كلو ما تفتحو خشمكم بس الواحد يوصل الباب تقعدوا تكوركوا! آى ! طماطم ؟! ما بجيب. جيك جاك..جيك جاك ما عندكم غير الحجة ! علي الطلاق ما أجيب طماطم !
    أمّي تحبه.وأنا.حين أعتقلت وأذاعت إذاعة التجمع – من أسمرا – النبأ، وراح الرشيد سعيد وأسامة إبراهيم أحمد (رحمه الله) ليبلغانهما – هي ووالدي، رحمه الله - كاد يغمى عليها.
    وحين عدت إلى القولد، بعد الاعتقال الذي لم يدم أبدا طويلا، انخرطت في بكاء مرير، ومضت تتحسس جسدي كله، لتتأكد،ربما، أنهم أبقوه على حاله.
    أروع مكان رأيت فيه أمّي، المدينة المنورة، حين أتت حاجةً.
    ترفل في الأبيض، وقلبها مضيء، وروحها متماهية في المكان.وعند قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) استكانت روحها طويلا، وكانت دموعها لؤلؤا روحيا منثورا في حضرته.طيلة أيام وجودنا هناك، لم تبارح الحرم النبوي.تأكل قليلا، وتصلي كثيرا.حتى نزلة البرد لم تأبه بها.
    وهي الآن – لسعادتي يا عبدالغني – معي منذ ثلاثة أعوام ونيّف في دبي.لكنها تحنّ إلى قولد(ها).تحن إلى أهلها والنيل والسماء هناك.

                  

04-26-2008, 04:30 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة
    (..)
    جوليا
    جوليا من كلّ مكان ! من الأرض والأزهار والأغنيات والروائح.
    لماذا نتحاشى دائما ذكر حبيباتنا، وإن حدث، إنقلبت الدنيا.ذاك شاعر يهمس بكلمات حبّ إلى حبيبته، فهل اقترف جرما ؟!
    فليكن !
    ما أعظم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عزل واليا حتى قبل تثبيته لما دخل عليه الدار ورآه يلاعب طفلا أو طفلة فأنكر عليه (مشاعره الإنسانية الراقية)!
    جوليا ! ما أعظمها وأطيبها وأنقاها !
    وما أجملها !
    ياااااه هذا (المحجوب) سرق منا كل ما يمكن أن نقوله:
    (لما عرفتك اخترتك سعيد البال
    وختَ شبابي متيقن
    عليك آمال
    لا جيتك قبيلة
    ولا رجيتك مال
    ولا مسحور
    ويوم ما كنت في عيني
    أجمل من بنات الحور
    جيتك عاشق أتعلم من الأيام
    ومن سأم الليالي البور
    ومن أسر الولف كتال
    لقيتك في طشاشي دليل
    وفي حر الهجيرة مقيل
    ركزت على ضراكِ عصاي)
    هذه الصبية أنفقت كل رهاناتها عليّ، حين كنت (مشردا)، وهائما على وجهي، ومطاردا كمهرب مخدرات.حتى صويحباتها،أو قل بعضهن، راهنّ ضدها ورحن يحرضنها أن تلك تجارة كاسدة وأرض يباب!
    واليوم، مهما يكن النجاح الذي أحققه ضئيلا وتافها، فلها منه نصيب وافر جدا.
    معلق على أهداب عينيها، أرى العالم ملونا من خلالهما.
    صبية لوقت الشدائد، ولأوقات الرخاء.
    والألفة أن تصحو باكرا – لتتوجه إلى عملك – فتجدها سبقتك إلى المطبخ لتعد لك قهوة الصباح، ولتجهز لك ملابسك.الألفة أن تختار هي ثيابك وعطورك، وأن تتسامرا ليلا حول خليل عبدالكريم وإبراهيم الكوني وماركيز ومظفر النواب !
    الحياة أن تراك كما أنت، لست مبرأ من العيوب، ولست مجللا بها.
    وأنت تراها كذلك.
    جوليا هي (طعم) الحياة.مفتاحها.بابها.
    جوليا هي تجلياتها وتمثلاتها.هي استكناه عمق علاقة الكائن بالكائن بحثا عن مصائر مكملة.

                  

04-26-2008, 10:14 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    *
                  

04-27-2008, 05:42 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    يااااااه يا ودرملية
    أنت نثرت روحك هنا ومضيت.
                  

04-27-2008, 07:09 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    العويس،
    كيفنك..

    صباحك اخضر، وخصب..

    ود رملية، مجذوب، من مجاذيب الحقيقة، من تلك الومضة الغائبة، والمستترة، والظاهرة، معا، تلك الروح التي تدفع للجنون، وتدفع للسكر، وتدفع للنشوة، وتدفع للعبقرية، وتدفع للإدمان، تلك الروح الغامضة، والأكثر وضوحا..

    في ومض، تحس بأنك تمسك بها، ثم يكون سلامها توديعا...
    عجيب أمرنا..
    يقول جدنا سقراط، بأن الحياة لذيذة، وتستحق التأمل، والتفكر، ويقول الاستاذ محمود (من مادة الفكر خلق الوجود).. وياله من فكر، إنه فكر العقل القديم، لذا اوصى فتى قريش، المهذب التفكر.. (فكر ساعة خير من عبادة ..)...

    الحياة تسفر عنها وجهها في عدة لبوس (المادية، الروحية، الديالكتك، الصراع الطبقي،)، تسفر عن نفسها في العقول الكبيرة، والصغيرة معا..

    إنه المكان، وروحه الزمان..

    والله ياعويس بحب الامكنة، قدسيتها، الارض (البيت الكبير)...
    تظل الامكنة هي المسارح الحقيقية لوقائع الحياة..

    المقبرة..
    الروضة
    الفصول الدراسية
    ميدان كرة القدم، (حين أمر به، تتداعى نشوة الاهداف التي سجلتها، وأدخلت نشوة النصر في قلبي، وفريقي)، والجمهور، والعرق، والارجل الحافية، والانهاك، والراحة بين الشوطين... والاستلقاء المتعب على الارض، والبلل في الظهر من العرق والطين والانهاك..

    النهر ، النيل (..............)...
    المسيد (مسيد الشيخ يوسف)...


    الامكنة الحية _وجوه البنات، الخالات، العجائز)....

    أمكنة..
    أمكنة..


    سنعود لها، فهي الأم والحجر، والحضن، والقبر..


    هل قلت جوليا؟...

    .... طاب الذكر...



    سنعود... كأطفال لحضن الارض... لحجرها، وروضها الدافئ..


    ... عودة، بإذنه، وبحبه، وبجماله..

    ..
    ....

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 04-27-2008, 07:11 AM)

                  

04-27-2008, 10:33 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    عزيزي، عويس..


    الأمكنة، يالها من وجه له، ...

    من المناظر التي خلقت رهبة، وجوى، وظمأ للتماهي مع الطبيعة، ورغبة للذوبان فيها، منظر الجبال شمال مدينة محمد قول، كعادة وطني، بعد الجامعة، والجلوس في تحت النيم، وقهر العجز، ومرأى الأم وهي تحتاج ولا مناص، عملت بالتجارة لمدة 21 يوم، ومنيت بخسائر، لا يعلمها سوى الله..

    كنت اذهب مع التجار لمدينة شلاتين، شمال بورسودان، مثلث حلايب، والطريق بري، وعري، وعبر لواري البت فورد القوية، تتحرك اللواري من حي ولع، شرق جنوب المدينة..

    ثم نصوب الاتجاه نحو اربعات، ثم يتجه اللوري شرقا نحو البحر، وهو يحبو في الطرق المتلوية، خلف الجبال وبينها، ومن ورائها..
    ويجري اللوري، ولا تعود سوى جبال، ومرات يظهر البحر، ويلوح من بعيد، من بين الجبال الشامخة، الغامضة، ثم نمر بقرى للهدندوة، قرى بسيطة، من خشب، أو لحى الاشجار،... وهم يعمرون الجداول التي تنساب من الجبال للبحر..

    ومن تلك المناظر كان هذا المشهد..
    بعد تعب وانهاك عظيم، وأنت عليم بما يفعله التعب، من فتح باب الشفافية، والنعاس، وتذوق المحيط، وصل اللوري لوادي عظيم، رملي، تحيط به الجبال كلحقة ذكر، والرمال ناعمة، كسجد من حرير رملي، وأشجار الأراك وقفت كحشم وخدم للسلاطين، وهم نحن البسطاء، أي منظر هذا، وكان معنا في اللوري بعض النساء الهدندويات، ومجموعة من اجناس شتى.. (تذكرت رحلة الراوي في موسم الهجرة، من الشمالية للخرطوم)، جلسن وبدأن في عمل القهوة، واخوك بدأ ينظر للعالم العظيم حوله، لا أثر ليد انسان هنا، الطبيعة صاغت نفسها بنفسها، مواقع الاشجار اختارتها يد الطبيعة، عظمة واشكال الجبال العملاقة، اختارت شكلها هي، والبحر يلوح من بعيد في بساطته الاسطورة، وأمواجه تهتز (كأنها ملاءة تحت تمارس لذة ما)، لا أدري قائل هذه العبارة، ولكني تذكرتها للتو..

    ثم النساء البسيطات، ما قاله الراوي هناك، أقوله هنا (:كأنهن قبيل من الجن الجميل)، ورائحة القهوة، ونعومة الرمال، بدأت أتجول في المكان، الخيرات الصغيرة التي تخلقها المياه المنسدلة من الجبال (منسدلة، وليست مندفقة، فالماء شعر، وشعر "من الشعور، والأولى شعر النساء).... اخاديد وتعرجات خلقتها الماء في قلب الرمل... حشائش تتخلل اللون الذهبي للرمال....

    لا صوت، سوى صوت الطبيعة، أحسست برغبة جامحة في الدفن، أن ادفن هنا، أن اذوب هنا كملح، كسحر، كخمر، أن تشربي هذه المناظر كلها، والله ياعويس فكرت الهروب والذوقان في هذا المشهد، تذكرت رحلة الفتى محمد للشام، تذكرت رحلة رامبو لليمن، وافريقيا، تذكرت حوافر الحمار الطيب وهو يحمل العذراء والمسيح وخلفهم يوسف النجار في صحراء سينا..

    وتذكرتي (الكوني)، ياعويس...
    الكوني قتيل الصحراء ياعويس..

    الصحراء ذهب..
    بل الذهب صحراء...
    الصحراء عجيبة، تشكل نهود للنساء، وتشكل ظهور الابقار، وتتلوى كأفعة، وتصمت، وتثور..
    الصحراء تغري العين بالصمت، والرهبة...
    لكل فعل رد فعل، مواز له، مقدس له، عجيب له....

    تجولت هناك، وابتعدت عن اهلي التجار الصغار، البسطاء، ومن هناك رأيتهم، قلب الصحراء هم، منهم من نام، ومنهم من سرح في تذكر اولاده في الريف ا و الابيض او كسلا، ومن يسبح، ومنهم من يصلي،
    سئل أين القبلة..

    فقلنا له، أينما تولى هنا.. فهو يراك..

    رهبة جميلة،
    رهبة عجيبة...

    ثم مالت الشمس للغروب...
    ونفثت دمها البرتقالي بريشتها العجيبة على الجميع، رؤس الجبال ورؤس الاشجار ووجه النساء والرجال، صرنا ذهب، صرنا ذهب حي، ... أحسست برهبة دينية عجيبة، ماهذا... لم المدن قاسية ومادية..

    إحساس عجيب، سكنني، ويراودني إلى اليوم، عصي التسفير، والوصف..


    إحساس عجيب، فأحببت الكوني.. ياعويس...


    ونعود للكوني...
                  

04-27-2008, 10:19 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)


    Quote: ثم مالت الشمس للغروب...
    ونفثت دمها البرتقالي بريشتها العجيبة على الجميع، رؤس الجبال ورؤس الاشجار ووجه النساء والرجال، صرنا ذهب، صرنا ذهب حي، ... أحسست برهبة دينية عجيبة، ماهذا... لم المدن قاسية ومادية..

    إحساس عجيب، سكنني، ويراودني إلى اليوم، عصي التسفير، والوصف..



    الله الله
    سأعود
                  

04-27-2008, 11:53 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    يا واقفان على شفرة الأسئلة ..
    قاتلني الله و محاحاتي للطيور التي تُنهضوها هنا .. هكذا , جناح ٌ في إثره فرفرة ..
    و كنت حمدت الله أن مرقني من جنس الهبشة هذه ..
    فتجنبت دخولاً ههنا ما وسعني ( و الوسيعة بتضيق بيك يا عبد كلما حريت فيها فَرَقه ) ..
    لكنه لا فكاك .. فقد استفحل ما عندي من المزازاة .. فدخلت نهلتُ .. ثم نعتكما بنعوتٍ تفثأ غيظي ..
    و عدتُ خرجتُ .. دخلتُ قرأتُ حمدتُ .. خرجتُ لعنتُ .. طربتُ و طبتُ ( و السعي جاوز أشواطه .. و الترعة كَسَرَت ) ..
    حتى صار أمري فرطا ..
    يقول واسيني الأعرج في شأن الكتابة ( هذه اللعنة الطيبة ) :
    Quote: كثيرا ما لامني بعص الأصدقاء على هذا الكلام: نكتب لنشفى.
    مازلت مصرا على أن الكتابة دواء الروح ، وحدها قادرة على لملمة شظاياها الممزقة وترتيبها لا مثلما كانت ومثلما خلقت , ولكن مثلما نشتهي . وربما كان هنا رهان الكتابة في علاقتها العظيمة بالحرية . ولكن .. في مقابل ذلك يجب أن نقبل بالكثير من التنازلات , أولاها أن نضع الكتابة في القمة . الكتابة لا تقبل الشريك لأنها فعل كلي وانتحاري بامتياز ، اي قيمته في الفرادة وليس في التشابه مع الآخرين . في اللحظة التي نصير فيها صورة أخرى لواقع موجود ، تتخلى عنا الكتابة . واقول هذا عن تجربة وسبق إصرار وترصد . من أجل الكتابة تركت النقد ، وتركت القصة القصيرة لأنها كانت فعلا تشويشيا على حالة فيها من الاتساع والحرية ما يمكنها من أن تضم إليها كل الخطابات . هذا أنا كما أقول دائما . لقد خسرت النقد والقصة القصيرة ولكني ربحت ما هو أهم : الكتابة التي أشتهي .
    ولهذا كله أخجل من تقييم كتابتي لأنها ليست ملكي . منذ اللحظة التي تصبح فيها ( كتابة ) فهي ملك للآخر القارئ . هو وحده يملك هذا الحق . ولكني أعرف طبعا منغصات الكتابة وأولاها هي الجبن عن قول ما تراه الكتابة حقيقة , ونصر أنه غير ذلك . السهولة والرضى الدائم هما واحدة من المنغصات الأخرى التي تمنحنا للحظة القناعة المفرطة بأننا صرنا علامة . لسنا علامة لأي شيء , و لكننا رحلة في سياق صنع العلامة التي ستنبني على التراكم . لم تكن هناك رواية في البحث عن الزمن الضائع لمارسيل بروست لو لم تسبقها نقاشات الجيل الكلاسيكي ، لم تكن الف ليلة وليلة لو لم يكن السرد العربي العظيم وهكذا . التواضع في الكتابة ليس كلمة ولكنه فعل يومي وصراع مستميت ضد ما تمنحه لنا وسائل الإعلام من وهم خطير وأننا صرنا فجأة أنصاف آلهة . والنضال ضد الأوهام لا يقل قيمة عن نضال التغيير . انا أعمل على تهديم الأوهام بما في ذلك الوهم اللغوي واحاول أن أمنح القارئ وهما أكثر تواضعا ، لحظة إنسانية ربما استطاع تقاسمها مع شخصياتي ، من يدري ؟ الأدب أحيانا هو أجمل الكذبات القريبة إلى عمق الحياة .
    و هكذا ..
    فأنا أحبكما هكذا : شاهرا الروح و .. هباشان .
    هذا .. و فوضت الأمر فيكما لله .

                  

04-29-2008, 11:28 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Emad Abdulla)


    عماد أيها الفنان المتعب المتعب (الأولى بفتح العين، الثانية بكسرها)
    Quote: قاتلني الله و محاحاتي للطيور التي تُنهضوها هنا .. هكذا , جناح ٌ في إثره فرفرة ..
    و كنت حمدت الله أن مرقني من جنس الهبشة هذه ..
    فتجنبت دخولاً ههنا ما وسعني ( و الوسيعة بتضيق بيك يا عبد كلما حريت فيها فَرَقه ) ..
    لكنه لا فكاك .. فقد استفحل ما عندي من المزازاة .. فدخلت نهلتُ .. ثم نعتكما بنعوتٍ تفثأ غيظي ..
    و عدتُ خرجتُ .. دخلتُ قرأتُ حمدتُ .. خرجتُ لعنتُ .. طربتُ و طبتُ ( و السعي جاوز أشواطه .. و الترعة كَسَرَت ) ..
    حتى صار أمري فرطا ..


    غايتو عليك جنس جنّ يا عماد ومكابدة !!
    شعشعت يا عماد ؟؟
    أنا - والله - كذلك، بك.
                  

04-30-2008, 06:26 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    العماد، نفسي ألقى الوقت، كي أتمرغ في رؤاك، الغريبة، مشغول هذه الأيام،
    ولأسبوع كامل، أسرى الشغل القاهر، أنظمة رأسمالية، لا تعرف هل خلق الله ماركس أم لا، هل خلق الله النقابات أم لا.. هل خلق الله فكرة العدالة الاجتماعية أم لا.. وهل خلق الله الحديث النبوي الحنون (ليس منا من بات شعبان، وجاره جائع)، وجاره مهموم، وجاره مذموم، وجاره صايع.. وضائع..

    ونعود بإذنه، وبجماله، وبرعايته..


    العويس، مسكون بالكوني للآن، وبالصحراء..

    وعشمي بعض يوم، لمشاغل صرفتني عن سنى عمرك الذهبية، وهي تتمرغ في حقول حروفك المتفردة..


    الحب ياعويس..
    والشوق الاكيد..
                  

04-30-2008, 03:24 PM

حامد بخيت الشريف

تاريخ التسجيل: 12-28-2007
مجموع المشاركات: 49

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عبد الغني وعويس : الف سلام.
    حاولت مراراً ان اتفرج واقرا واستمتع ، وهذا بالضرورة يعني أن لا أقول (ولا بغم) بكسر الباء ولكن يبدو انكما ستورطانني في كتابه لا أعرف لها بداية ولا نهايه . غايتو انا استمتعت بمزااااااااااااااج ويلا لي قدام يمكن أجيكم بكتابه ويمكن لا
    مع الموده :
    حامد بخيت
                  

04-30-2008, 03:47 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: حامد بخيت الشريف)


    حامد يا ودي أمي
    تعال هابش زي ما نحن بنهابش.
    بالله خلي اليمكن التانية دي تعال بالأولى.
    (يمكن أجيكم بي كتابة)
    فليكن موسما للكتابة.
                  

05-01-2008, 10:43 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    غريب أمرنا يا عبدالغني !
    لم نتهاتف طيلة هذه الفترة !
    لعلنا استوينا على طود الكتابة فما شئنا غير ذلك.
    هاتفني - أمس - صديق يحثنا على نشر هذا النزف في كتاب.ترى هل يستحق فعلا ؟!
    يا الله ها نحن نعود إلى دائرة الأسئلة القلقة تارة أخرى، الكتابة !!
    ...
    في واو، عرفتني (بخيتة) على (النور الجيلاني) قدس الله سره.
    الحق، إنها زرعت فيّ صوته.وإلى الآن أنا أطوّف في فضاءاته.
    تعرف النور الجيلاني مثل شيوخ الصوفية، أو كـ(ابن عربي) لابد أن (تتهيأ) له، وإلا ضعت !!
    صوته، صوت قمم النخل حين تبكي بفعل الريح، والسواقي حين يهزها الحنين وحده، والنواقيس التي تعرف الله، والمآذن التي تخبيء أسرارها في معمارها.
    صوت (البرش) و(الفركة) والقماري، والأبنوس والتبلدي.
    هذا (النور) ..نور.
    هذا (النور) له احساس مجنون تماما.يدس في أعماقك طاقة هائلة للحزن والوجد والأسى.صوت مفجوع يلونه احساس كوني هائل.
    يا الله !
    هذا (النور) مكان !
    مكان هو الآخر، كواو والقولد وكسلا.

                  

05-01-2008, 11:25 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة
    (..)
    جدي (عويس) مات فوق التسعين، وهو يقرأ القرآن على ضوء القمر.هو حفيد (الشيخ عووضة القارح).
    أشك أن إنسانا أحبني – بعد والديّ – كما فعل هو.كنت أجد فسحة لا نهائية في بيته.الكتاب المقدس مفتوح دائما على (فروته)، فروة بيضاء ذات حواف سوداء.فروة كبيرة هي مكانه الأثير، إضافة إلى مسبحة عملاقة من (اللالوب) انتهت إلىّ أخيرا !
    رجل حييّ وورع.لا يتحدث كثيرا ويضحك في صوت خفيض غالبا.لا يأكل كثيرا.ويهتم جدا لأمر النظافة.داره فسيحة.أذكر البئر وأشجار (النيم) العملاقة، و(بيت الحمام)، وأمام الحوش، تمتد إلى غاية النهر، الحقول المزينة بأشجار السنط والهشاب والدوم والنخل.
    كأن هذا الفضاء امتداد لروحه.يمسح على رأسي، ويقرأ آيات عليّ.حين أجيء داسا كفي في كفّ والدي، يفتح ذراعيه ليحضنني طويلا، ثم يصطحبني إلى غرفته المكدسة فيها الكتب ليمنحني الحلوى.الحق إنه يبتاع الحلوى خصيصا لأجلي.لم يزجرني يوما، ولم يدع أحدا يزجرني.وأنا كنت أتملص من شياطيني في حضرته لئلا أغضبه يوما ما.ولم أفعل.
    حين مات، في حدود 1980، أيقظتني أمّي ليلا لتقول لي:
    جدك مات !!
    امتلأت مقلتاي بالدمع، وانخرطت في بكاء مرير وكأن عالمي كله رحل.الحق إنه كان عالما فسيحا.رحنا نقطع البلدة كلها لنبلغ داره.الكون كله في هدأة، لكأنه يبكي سرا.هكذا خيّل إلىّ.وهناك، حيث كان والدي وعمّي وعماتي وأهلي إلى جواره في الساعات الأخيرة، واجهت الموت للمرة الأولى.
    كانوا كلهم يبكون.باب (الديوان) موصد، وكبار الأسرة في الداخل يغسلونه.أراد والدي أن أراه مرة أخيرة، لكنه فضّل أن يجنبني هذا الموقف.في الساعات الأولى من الصباح، خرج نعشه محمولا على الأكتاف في موكب مهيب جدا.خلق كثيرون جاءوا لوداع (الشيخ).والشمس تطلّ من قمم النخل، من وراء النهر، وترمي بأشعتها على خضرة الحقول، راحوا يمشون على عجل باتجاه المقابر.
    لسنوات طويلة جدا، كنّا – والدي وأنا – نذهب لزيارته.وحتى الآن، لا أغشى القولد، إلا وأزوره.
    صفّ من القبور، هو، ثم عمّي حسن، فتاج السر، وجدتي (حرم إدريس)، وأخيرا إنضم إليهم (إبراهيم عويس).
    صفّ من الأزهار، نسقيها بدمعنا وأرواحنا.ترى يا عبدالغني، هذا القرب في الموت، هل يقرّب أرواحهم.وهل عثرت روح أبي على روحه؟
    وهل ستعثر روحي على روحيهما؟

                  

05-01-2008, 12:30 PM

عزاز شامي

تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 5933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    بعض الاشخاص لهم خاصية الأماكن !
    لهم عناوين و ألوان و رائحة و مواقع على خريطة الزمن و الشعور
    و بوصلة ما تقودك نحوهم رغما عن انفك!
    زيكم كده يعني!
    و في حضرتهم، ترتب هندام الفكر تشد اطراف اكمامك تمسح عرق باطن ايدك
    تنصت ..
    تنتبه ...
    و تطرب بقلبك
    وعلى نغم الكلام تنتشي تقول الله الله الله!
    خالد، كرم الله وباقي القعد الفريد ... بالله زيدونا!
    زيدونا اماكن .. زيدونا أدب!
                  

05-01-2008, 03:43 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عزاز شامي)

    عزاز
    مساء/صباح الخير
    للبشر (خواص) !!
    و...
    للأماكن فعل السحر في نفوسنا.
    بعض الأماكن تقتلنا ضجرا، وبعضها تقتلنا شوقا وحنينا.
    بعضها - كبعضنا - معطاءة وإنسانية جدا، وبعضها - كبعضنا - قاحلة جافة.
    بعضها إنسانية وغنية حتى لو كانت خلاءا ما بعده خلاء، - يا عبدالغني - مثل صحراء سيدنا إبراهيم الكوني.
    تعرف، أفكر وأدبر وأخطط تخطيطا (آثما) - فبعض التخطيط إثم - للذهاب إلى (هناك)، تمبكتو وكيدال وكثبان الرمل التي تخفي عوالم وتظهر أخرى.
    مناطق الهقار وسلاسل الجبال الغامضة التي تلوح فجأة وسط أودية الرمال.
    يحكي - هو - عن احدى رواياته، أن شقيقه الأكبر - وهو عالم - حكى له عن ذلك الطارقي الذي ارتقى جبلا عاليا جدا ولم يستطع العودة إلى السفح !!
    راح يتأمل الجمال والناس والأشجار والصحراء من عل !!
    تأمل ذلك كله، كم يبدو الكون (المنفوش، المغرور) تافها صغيرا !
    ابتعد، فرأى (بعض) الحقيقة !!
    لكنها آلمته أيضا.
    يا الله يا عبدالغني، هذا الكوني يأخذ بتلابيبنا عنوة إلى الفلسفة.
    تأمل: أن تصعد قمة ما ولا تقدر على الهبوط.مرغما لا تقدر على الهبوط.تعيش عزلتك الإجبارية، فتضحك على أولئك المغرورين في الأسفل، وتبكي على حالك، وتحاول أن تتدبر أمرك !

    (عدل بواسطة خالد عويس on 05-01-2008, 03:54 PM)

                  

05-02-2008, 04:29 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الكتابة ألم ممض.
    كلها ألم.
    اعتصار الذهن، والأسوأ، اعتصار الروح لاستحلاب البخار المتخمّر. والرواية هي أسوأ أنواع الكتابة.هي ليست (سردا) محضا، ولا بعث عوالم موازية متشعبة وحسب.هي أبعد غورا من ذلك.في (كياح) أدركت أن التماهي مع شخوص مثقفة، كما فعلت في رواياتي السابقة، هي مهمة يسيرة نوعا ما.الأصعب أن تتماهى مع شخوص ليست كذلك.
    ولأشهر، بعد كتابة (وطن خلف القضبان) تلبستني روح صوفية راحت تفرض علىّ مواقيتها الصباحية، ونزواتها الليلية، فكنت أذرع - مع الشياطين - شوارع (الرياض).تترع روحي كلّ ليلة بفيوض وأنوار متلألئة.
    في (كياح)، الأمر جد مختلف.وأظن، أن الروائي، بعد روايات عدة، يصبح في خضم متاهة الشخوص.من أنا يا عبدالغني.أناي متشظية في عشرات الشخوص والأمكنة والحيوانات والنباتات.
    من (أناي) ؟
    ومن هم ؟
    ....
    أهاب (درويش) يا عبدالغني !
    أهاب تجربته وآلامه.أخشى تسكعه في أروقة التاريخ و(الأسفار) والأمكنة، هو الذي يحمل (اللا وطن) على كاهله، ويكحل عينيه بالوطن في عيني كلّ أنثى ليلية أو صباحية ترشف القهوة ببطء أمامه.
    يفلّي القمل عن الكلمات ويمشط جدائلها راصفا طريقه نحو السماء.
    أقف على عتباته في خشوع ومهابة.مهابة أن أحترق في الضياء:
    ( لم يسألوا:ماذا وراء الموت ؟ كانوا
    يحفظون خريطةَ الفردوس أكثرَ من
    كتاب الأرض، يشغلهم سؤال آخر:
    ماذا سنفعل قبل هذا الموت ؟ قرب
    حياتنا نحيا، ولانحيا.كأن حياتنا
    حصص من الصحراء مختلف عليها بين
    آلهة العقار، ونحن جيران الغبار العابرون.
    حياتنا عبء على ليل المؤرخ: "كلما
    أخفيتهم طلعوا عليّ من الغياب"....
    حياتنا عبء على الرسام: "أرسمهم،
    فأصبح واحدا منهم، ويحجبني الضباب".
    حياتنا عبء على الجنرال: "كيف يسيل
    من شبح دم؟" وحياتنا
    هي أن نكون كما نريد.نريد أن
    نحيا قليلا، لا لشيء....
    بل لنحترم القيامة بعد هذا الموت.واقتبسوا،
    بلا قصد كلام الفيلسوف:"الموت
    لا يعني لنا شيئا.نكون فلا يكون.
    الموت لا يعني لنا شيئا.يكون فلا نكون.
    ورتبوا أحلامهم
    بطريقة أخرى.وناموا واقفين) – لم يسألوا:ماذا وراء الموت / درويش
    ..
    يمضي (يقيس المسافة) ما بين (الأجساد) و(القذيفة) بـ(الحاسة السادسة).
    يقيس ذروة أحاسيسنا حين ينهمر الشعر، ونقف تحته عراة - يا عماد - لنتبلل تماما، يقيسها بمجسات من اللازورد.
    يمسّد نهود النساء تحت شمس شعره.يستنبت الزيتون على تلال القلب، والتين !
    يستدعي الأساطير الهوميرية، و(الأسفار) والمقدسات، ليوقد من زيتها قناديله السماوية.

                  

05-02-2008, 03:22 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    الأمكنة
    (..)

    همز حماره واقتحم الباب الدوار لتنساب امواج النيل إلي داخل الفندق الفخم , بت مجذوب كانت تكركر بضحكتها وتهجم علي رقبته , هتفت في عنج : والله يا ود فاطمة تعجبني شيطنتك دي !!.
    سألني عن دخان انجليزي معلقا : أنا لا احب السجائر الأمريكي ! بشرته السمراء شذبتها انامل لندن . حكي لي عنها . مولع بنايتس بريدج وبيلغرافيا وساوث كنغستون واشعار روبرت فروست وامبسون ودون . يغمس قدميه في غبار الحكايات العتيقة ويتجرأ علي تأمل وجه مصطفي سعيد . عيناه عميقتان , وفمه يحكي عن سخرية نابهة . القوم يقودون حميرهم باتجاه سوق الخميس , ثمة رجل يلوي عنق حماره ليكحل عينيه بذلك الكائن الخرافي الممتد ، يستمتع باشعة الشمس ويغرق في طوفانه , كائن لا مثيل له ،خارق فاحش الجمال حتى ابان سطوته , هل بدا لك ان تستقر بأعماقه لتكشف كنهه ؟ يبلل ريقه بمزيد من الجمال والغموض , تتهادي عليه قطع الاخشاب المنفلتة , ربما رحل !! ينسل من نسيجه ليلجم ود حامد بالدهشة , يختن فيها ويعشق امرأة سمراء , قلبها من الماء , تشبه الكائن الغاض بألحانه وجنونه , علي رمل الأيام المنسية أحاديث غامضة , وهمسات تناغي قمر الصحراء وملامح النهر .
    يؤذن رجل بهي فنهرع جميعا نركض , نستحم في صوته , انادي الرجل الغريب بعد الصلاة . أضعته , لم يروه , هل كان هذيانا ؟ .
    ذهب إليه في قلعته المسكونة بأرواح اسطورية . تندغم الحواس , تتشابه المشاهد , تنتفي خطوط الزمن , يكون الصوت من اعلي المئذنة قادما من كل الكون , "واحد كاباتشينو من فضلك" , وأنت تطلب شنو ؟ قهوة تركية ! نمشي مسافة قصية , ندور في الأسواق _( احب القمصان المصنوعة من الصوف الإنجليزي) ! يمازح البائع اللبناني , نبحث عن عراقي وسروال , ومحل عبدالله محمد خير , مرحبا بك أستاذ الطيب , والله عبدالله مشي السودان في إجازة , خلاص قوليهو نحنا جينا مالقيناهو .
    السوق مزدحم بالخلق ... سحنات بيضاء و صفراء وسمراء , عمائم وجلاليب : يا حليلم الناس ديل طيبين بالحيل .بهو الفندق غاص بالجماعات التي تناقش الشأن الثقافي والرياض تتوشح برودة خفيفة . يسري صوته كماء النيل : في حضرة من اهوي .. عبث بي الأشواق .. حدقت بلا وجه .. ورقصت بلا ساق .. وزحمت براياتي وطبولي الآفاق .. عشقي يفني عشقي .. وفنائي استغراق .. مملوكك لكني سلطان العشاق . عميقا ودافئا يلامس صوته مواويل الغربة وتواشيح الحزن الابدي , تنفلت آهة حبيسة من صدري , الله الفيتوري دا شاعر عظيم .
    أسأله :لماذا اخترت هذا المقطع في تصدير إحدى رواياتك ؟ أنا كنت احب شعر التفعيلة , القصيدة دي لما كتبها الفيتوري قبل عشرين او تلاتين سنة شدتني بقوة وخلتني احس بان التفعيلة فيها شيء جميل .
    يركض الليل. وتتماوج الأشرعة اللازوردية فوق نيل آخر , تشرق الشمس , ولا تنمحي ذكريات الليلة الفائتة . حد رهيف بين الصحو والسكر , الوقت يصبح مثل آنية تستفيض بمائها وتدلقه علي الوجوه , اغسل وجهي , واستريح من اللهاث قليلا , وازحف نحو الفندق مقطوع الأنفاس ... الله ما احلي الصحافة !
    سخرية خالد القشطيني مع قدح قهوة ثم الزول الأسمر يحيط به سودانيون يستمع ولا يتحدث , شحيح الكلام , أولاد حاج الماحي يتسللون إلي الحديث عنوة فتدوي الطبول ونغرق في شجن صوفي .. جورج امادو يستحق نوبل اكثر من غارثيا ماركيز!! .
    ماذا عنك استاذي ؟ يا أخوانا انتوا عاملين جوطة ما بستحقها , انا مجرد تربال بسيط قال ليهو كلمتين وخلاص ! وجه آن همند والحجرة العجيبة , ود الرواسي , كيف تقتل زوجها ثم تنتحر ؟ استغفر الله قالوا .. معقول ؟ تنطوي القرية علي اسرارها وتدفن فجيعتها , ليتك تزوجتها . اما كنت تحبها ؟ تري أين هم أبناء الفاجرة الآن ؟ المحكمة . تفاصيل يستسخفها , وإدانة محققة تتواطأ عليها الحضارة بزعم العبقرية التي ضلت الطريق ! ايزبيلا سيمور , وجين موريس ! علي ضوء الشمعة يبدو وجهها مستفحلا في سحره , كان يكتب عن الاشتراكية والتحرر الأفريقي .
    انثي تستحق ان ندفع عمرنا لها , لقاء ماذا ؟ يخطر له ان يدعونا لتناول الفول المصري في مطعم سوداني , نتسلل , يحتوينا ليل الرياض , شاي ساخن ثم سيجارة , قلت لي ابكر ادم لفت نظر جمال الغيطاني والله السودان دا فيهو عبقريات كبيرة خلاص ! يتحدث عن الشيخ المجذوب , يا اخي دا شاعر فحل ! وروايات إبراهيم الكوني وشعر احمد مطر والدوبيت .. يا اخي انا اتعبتكم معاي !! اتجرأ : انت عندك رأي في الأنثى السودانية ... لي شنو عرست خواجية ؟؟؟ يضحك (والله يا اخوي انا مرقت من البلد بدري وما كان في طريقة ارجع عشان افتش مرة سودانية ) . يهوم في الأجواء الاسكتلندية , يصفهم بأنهم بدو الإنجليز ، يسبغ عليهم أوصافا غير مألوفة ...كرماء بعكس ما يشيع عنهم الإنجليز , (بعدين يا خالد انا زوجتي دي ما كنت حالقي احسن منها . فاهماني وفاهمها ومرتاح معاها) , ابنته الكبري زينب التي اكتفت بتأليف مسرحية واحدة باللغة الانجليزية وانصرفت بعدها لعملها الأكاديمي , يهوي البذلات الداكنة والقمصان الرمادية يصعد إلي غرفته في الحادية عشر , ويتحاشي الصحافة يا أخوانا نحن اخدنا فرصتنا كفاية امشوا للشباب بعد كدة) ! قال ان اروع أمانيه حوش كبير وزير موية وشجرة نيم هناك في الشمالية , تتوقف اللواري وينحر العربي ذبيحة فينزل الرهط وتخرج قناني العرق ثم يدب النشاط في اجساد الجميع فيهبوا للرقص , شرفة تنفتح علي كون مضيء فسيح يترامي بين النهر وحدود الصحراء , حين يهطل الليل , يتبدى كون آخر .... ثغاء الأغنام وخوار الأبقار وغناء حزين , تنقل الريح العابثة حمحمات الدلوكة وبكاء السواقي , الموج يلطم خد محبه برفق , لا تقاوم , فللنهر سحره الغريب ساعة الشفق ربما تلاوين الغسق علي صفحة الماء ....حذار , الرجل الشامخ الذي يتحدي الموت لأنه لا يسرف في الحياة ! جلسة الندماء علي الرمل البارد .. ما أروع العشاء باللبن وسط الصحاب ولعق الأصابع والتمرغ في تراب القرية النيلية .. مريوم .. آه .. قبرها حكاية قلب موجوع اثقله الاسي وفاض به الحزن , اضمها إلي صدري وارقدها في شق ضيق , اودعها , كانت تذهب إلي مدرسة الأولاد , وتتنكر في جلباب مهتريء , الحنين يغازل الكون بترفع ويطوي أسرار قرون مضت . قالوا انه قتلها بدافع المرض النفسي ! هكذا تفسر الجرائم المركبة عندهم تراجع عن حرق الغرفة . ود الطريفي يحكم خطته , يتقاعس الناس عن نجدة نمر هرم , وتستمر الحياة كأن شيئا لم يكن . صحونا علي صراخها , حسبت بت مجذوب ان الفتاة تبالغ في غنجها , لكن .. لا عليك فالليل يستر الجريمة . ولن تعرف الحكومة الامر . علم القرية زراعة التبغ واستحالت الحقول إلي مروج من ذهب . ذهب ! هذه النخلة هي أنا وأنت ... التاريخ !!. حين عاد من لندن , كان السر محفوظا في جوانحه , أدارت الخمر رأسه , فباح بخليط من العربية والانجليزية , شعر! ليشنوا بتحب جون كيتس ؟ والله انا بستمتع بشعراء كتار . زي منو ؟ عندك امبسون مثلا . يتلفت ببطء ويشعرك بحميمية دافئة . يتحدث علي مهل وترف ابتسامة عذبة علي طرف فمه . ابونواس , البحتري وجماعة الاكبريين في الجامعة الانجليزية العتيقة . هل يسهل علي الإنسان الاعتراف بعجزه عن فهم بن عربي ؟ يرشف القهوة ويتابع , انا بسمع احمد المصطفي وعثمان الشفيع ووردي وابو داؤود ! ايوة بثينة خضر مكي قابلتها في القاهرة وافتكر انها زولة مبدعة . يجلس في طاولة جورج سمعان وسعد البزاز وعبد الله المعراوي وعرفان نظام الدين , غير بعيد يدير منح الصلح نقاشا فكريا . تعرف انا عندي روايات نشرت في إسرائيل , أخوانا الفلسطينيين لو وصلوا لي اتفاق وسمحوا لينا بي زيارة إسرائيل انا حأمشي أطالب بحقي ! البرد عاصف , يتوقي بمعطف شتوي ثقيل , ويخطر في ردهات الفندق . سيجارة اخري , وربما نزهة حول الفندق مع خالد القشطيني . إضاءات من كليلة ودمنة , تراءي لي جالسا علي الشفق يفرد جناحيه علي الدنيا زول , دنيا لا يملكها من يملكها

    ......!!
    شتاء 2001م
    ..
    ثم
    ..
    ..
    ..
    أبريل 2008
    حين قرأت - قبل أشهر - الخبر، شعرت بجزع بالغ.هاتفته.ردت كما هي عادتها بإنكليزية تكاد تكون شكسبيرية.سال صوته البهي - متعبا -.زاد خوفي عليه.توالت الاتصالات، ثم جاء.
    كان معه الأستاذ الفاضل/محمود صالح.ذهبت.
    ياااااااااه
    هو هو، لم يتغير ولم يتبدل.ذلك الإنسان الباذخ الراقد في أعماقه، وطيف ابتسامة تسخر من كل شيء ترف على طرف شفتيه.لم تهده المحنة.لم تهد روحه أبدا.هو هو، مطمئن وغير جازع.راح طيلة ساعة ونصف يتحدث في كل شيء - إنما باختزال، كعادته - الآداب والفنون والصحة والحياة والشعر.
    إنه مكان.مكان يشبه الأماكن الوادعة البسيطة التي تسكننا منذ قرون.مكان متسع لكل شيء، وبوسعه أن يصبر على كل شيء، على المطر وعلى القحط وعلى العواصف وعلى الربيع !!



    (عدل بواسطة خالد عويس on 05-02-2008, 03:32 PM)
    (عدل بواسطة خالد عويس on 05-02-2008, 10:12 PM)

                  

05-03-2008, 05:05 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    **
                  

05-03-2008, 07:23 AM

حامد بخيت الشريف

تاريخ التسجيل: 12-28-2007
مجموع المشاركات: 49

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)

    عويس سلام : بداية المجيء هنا


    سيرة محكية البحر والتراب


    هي ليست سوى سيرة ما كلفتني الحياة – حياتنا طبعاً بنقله تماماً كما حدث وليس لي في الأمر من شيء ، هو البحر إذاً ذلك الذي خصني بسماع محكيتة وأسرار التراب وعمدّني راويتها ، (خور الحاجز ) هكذا عرّفه القدماء ولكنا من فرط جسارتنا ونكاية بالطبيعة أسميناه (البَحَرْ) ، هادئاً حيناً غير أن أغلب أحواله هياجاً ، شدني إليه وعرفني بالحكاية ، حكاية الوجود ، لم يكن بيننا من مسافة إلا قاب انتعل (حاجه كافره) خاصتي وحين يغافلني ويبدأ سرد حكاياته لا أجد من الوقت ما يكفيني لانتعال حذائي فأهرع نحوه .
    قال أصحابي : هو أمهر المغنين الذين عبروا أمسيات قريتنا ، كونه لا ييأس من ترداد أغنياته ولنفس السامعين . قلت: بل هو ابرع الرواة ، أنا اعرفه جيداً ، فكثيراً ما وقفت بناصيته وهو يروي حكاية ميلاده على آذان شجيرات( العوير ) التي لا تمل فهي لا تمكث بمكان ما مقدار ما يؤهلها حضور التحولات ، كانت تبكي حينا وأحيانا تريني أسنانها بيضاء لشدة ما راق لها قوله .
    في تمام الغي بدأته بسرد محكيتي ، اعرف أنها كانت مبتذله واعرف كذلك أن ليس ثمة من يمكنه سماعها فهي تمام الملل ، قال: الحكاية اشد إيلاماً وأقرب رحماً من الأغنيات ، ما كان لي أيها المحشو بالخوف أن اروي عنهم لولا اني عرفتهم ، ثم أطلت بقاءاً في مضغ ذاكرتي حتى صارت قبالة مدخل الابتلاع .
    إذاً أنت ترهقني تمهلاً : قلتها وبكيت .
    قال : دونك البحر -كما تجاسرت على التعريف- واسع الصدر وأعمق من بئر أقوالكم المعطلة ، أطرح عليه ما ثَقُلَ على قلبك ، وتخير دربك
    قلت: أنا إذاً أعلمهم بسرِّك حين أطلقت البحر وهم ينادونك (خور الحاجز) اعرف انك اختزنت أسرار المكان جميعها وطويتها وحين أثقلت عليك لحاحاً طرحت بعضها في عمق جوفي .
    مدّ لسانه هازئاً ومضى ، عدت مراراً ، ولكنه ما أن يراني حتى يكف عن القول ويمكث في الصمت ، صرت أتلصص غفلاته وأتسمع ، سمعته ! يسرد الآن أولا ليعود فيما مضي ، عرفت مما حكى كل اسرار القبيلة واين خبأت سر اسرار جدها .
    لم يكن بالطبع ممكناً أن اروي عنه كما روى هو عن نفسه ، ولكني بدأت ،كانت (التواكي) أول قطر الحكايا والحياة هناك ملعباً واسعاً ، اذاً ما الذي يمنعني ويحدني أن أكون مثالها ، بدأت مُذْ كون قلم الكوبيا مختوناً لتوه في صناعة امثولة ، قاربتها بما أعطيت من سر الي حياتنا هناك ، فنادت الأرض أن عُدْ لي بطينتى ، وإدّعت علي بتشويه جلدتها .
    عليّ اذاً ان اظفر بلحظة غفلان الأرض عن طينتها ، وحين نامت عشية أفاض جدي قطر (أوراده ) عليها ، اختلستها صوتها بل سرقته ولم اكتفي لحظتها بالطين ، صنعتها ثانية فيما عرّف ( القشوش والسكر) ومن ثم كانت (كدروكه) و( يا عظمتك يامويه) كانت أول فتنة صناعة الحوار . اذ صنعتهن جميعاً مما تبقى علي جبتي من فتات صوت الأرض الذي سَرَقتْ .
    لم أكن لأعلم انها ستعلن ظفراني بعشقها ولكنها عرفّتني ( غَنْايْ) ، اذاً لسني سوي صوتها ، وأنا ارويها لا تَلِتْنِي من اسرارها شيئاً ، والمكان شاهد يذكرني به كلما غفلت عن حُسْنِ طويته ، اشجار العرد في تمام شموخها تحضني على السير في اتجاه رفعها فوق مقام (النخل) .
    تبدؤني الحكاية دائماً حين منام فتمور وتمور وتتناسل لتروى ما سبقها وما ينبغي أن يجيئ وهي اشد حرصاً على ألآّ ينفرط عقدها ، حين بدأ الحكاية أراهم جملة قد وقفوا أمامي – اعني اجدادي- وكلهم يروي ما يليه من الحكاية ويستحلفونني بحق (البَحَرْ) الذي أطلعني علي السر أن لا أخون الحكاية ، ولا أنقصها شيئاً .
    أنا الورقة إذاً حين الكتابة ، وهم مدوني وقائع سيرة البحر والتراب عليّ (ببوص ) الصدق و(دواية) غرائب ما عُلِّموا ، قالوا: لا تتخيل فهو ليس بذي شأن بخبايانا ولا يعرف نصرنا أو هزائمنا فهي ليست مما قُدِّر له أن يدرك ، حقائقهم أغرب من حِلاب ضرع الغول ، وهي لا تدرك إلا بتحقق عينها .
    وانا حين أرويها ، لا أكون سوي من يُمْلى عليه ، ولا حق لي في صناعة محلابة وقتيه لإدرار ضرع غولهم هذا ، فهو مجلوب لهم ومحلوب بهم وليس من درك عقلي .
    هم إذاً خزائن اسرار الحكايا وأنا مفتاحها .
                  

05-04-2008, 05:47 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: حامد بخيت الشريف)

    Quote: الأمكنة
    (..)
    جدي (عويس) مات فوق التسعين، وهو يقرأ القرآن على ضوء القمر.هو حفيد (الشيخ عووضة القارح).
    أشك أن إنسانا أحبني – بعد والديّ – كما فعل هو.كنت أجد فسحة لا نهائية في بيته.الكتاب المقدس مفتوح دائما على (فروته)، فروة بيضاء ذات حواف سوداء.فروة كبيرة هي مكانه الأثير، إضافة إلى مسبحة عملاقة من (اللالوب) انتهت إلىّ أخيرا !
    رجل حييّ وورع.لا يتحدث كثيرا ويضحك في صوت خفيض غالبا.لا يأكل كثيرا.ويهتم جدا لأمر النظافة.داره فسيحة.أذكر البئر وأشجار (النيم) العملاقة، و(بيت الحمام)، وأمام الحوش، تمتد إلى غاية النهر، الحقول المزينة بأشجار السنط والهشاب والدوم والنخل.
    كأن هذا الفضاء امتداد لروحه.يمسح على رأسي، ويقرأ آيات عليّ.حين أجيء داسا كفي في كفّ والدي، يفتح ذراعيه ليحضنني طويلا، ثم يصطحبني إلى غرفته المكدسة فيها الكتب ليمنحني الحلوى.الحق إنه يبتاع الحلوى خصيصا لأجلي.لم يزجرني يوما، ولم يدع أحدا يزجرني.وأنا كنت أتملص من شياطيني في حضرته لئلا أغضبه يوما ما.ولم أفعل.
    حين مات، في حدود 1980، أيقظتني أمّي ليلا لتقول لي:
    جدك مات !!
    امتلأت مقلتاي بالدمع، وانخرطت في بكاء مرير وكأن عالمي كله رحل.الحق إنه كان عالما فسيحا.رحنا نقطع البلدة كلها لنبلغ داره.الكون كله في هدأة، لكأنه يبكي سرا.هكذا خيّل إلىّ.وهناك، حيث كان والدي وعمّي وعماتي وأهلي إلى جواره في الساعات الأخيرة، واجهت الموت للمرة الأولى.
    كانوا كلهم يبكون.باب (الديوان) موصد، وكبار الأسرة في الداخل يغسلونه.أراد والدي أن أراه مرة أخيرة، لكنه فضّل أن يجنبني هذا الموقف.في الساعات الأولى من الصباح، خرج نعشه محمولا على الأكتاف في موكب مهيب جدا.خلق كثيرون جاءوا لوداع (الشيخ).والشمس تطلّ من قمم النخل، من وراء النهر، وترمي بأشعتها على خضرة الحقول، راحوا يمشون على عجل باتجاه المقابر.
    لسنوات طويلة جدا، كنّا – والدي وأنا – نذهب لزيارته.وحتى الآن، لا أغشى القولد، إلا وأزوره.
    صفّ من القبور، هو، ثم عمّي حسن، فتاج السر، وجدتي (حرم إدريس)، وأخيرا إنضم إليهم (إبراهيم عويس).
    صفّ من الأزهار، نسقيها بدمعنا وأرواحنا.ترى يا عبدالغني، هذا القرب في الموت، هل يقرّب أرواحهم.وهل عثرت روح أبي على روحه؟
    وهل ستعثر روحي على روحيهما؟


    أكم أغبط الأسرة الممتدة، أطفال ورجال وجدود..
    يمتد النهر من شغب الأطفال وعنفوان الشباب وحكمة وحنكة الشيوخ، كلها تزخرف دار وسعية، مبنية من الطيب والمحبة.. تتداخل الحيشان، هنا وهناك داخل الحوش الواحد، بيت للاخت وللاخ، ولمة ناس في الفطور والغداء..

    يسعى العالم للوحدة، للأسرة الصغيرة، وترك حميمة العصريات، وحميمة ا لحكي القمري الساحر، يسعى لفتى وموبايل، ولفتى ولاب توب، ولفتى، وريشة..

    أضلت البشرية طريقها للخلاص.. هل وصلنا الطريق المسدود...

    جدك عويس... مدفون مع ابوك، ياله من لقاء، ياله من غناء.... (نفسي اسمع حوراهم، وكلامهم عنك، وعن امك، واخوانك)... من تلك القمة تكون الرؤية أحلى، وأنضر....

    .. الحبوبة علمتنا الحكي..
    والجد، يصبر على شقاوتنا، ... نركب على ظهره، ورأسه، ولا يضج ولا يثور...
    تعملنا منه المحبة، والصبر، والحكمة، أمثلة حية، وتماثيل عظيمة للتعليم المباشر، الحي...


    الأسرة اليوم ناقصة... يفسد صوت التلفزيون بركتها، يشتغل طوال اليوم، سوى كان هناك مشاهد أم لا..
    صوت الآلة، حجب الحجوة، والتغريد، وثغاء وتلاثغ امواج..

    ...
    كان الله في عوننا، (مجتمع جديد أو الكارثة)...


    ...
                  

05-04-2008, 07:36 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)



    الذاكرة، !!..

    الذاكرة، كفم القمر، ...
    يصفر بالضوء وهو مغمض شفتيه، كعين عذراء في قبلتها الأولى، في قبتها الاولى، ...
    الذاكرة كائن أناني جميل، تلتهم الحاضر على عجل، تقضمه سريعا، ثم تسحبه لمعدتها، بل قلبها، ، ثم تجتره كعنزة فرحة، في ركن الدار، تجلس على جنبها، وترنو لداخلها، متوجة بقرون مسالمة، وقد ألتهمت بقلبها الحنون، عشب ذكريات، ووقائع بيت صغير بسيط، (خطوط المكشاشة على الارض كشلوخ غزيرة، في خد حبوبة، أطربها "الشاب كرومة"، والفتى زنقار، وبركة وضوء خالي، وضوء ماهل، تخلل اصابعه من غدر الخطايا، ومسح رأسه الاشيب، هكذا خالي يتوضأ، من هم الرزق، والرازق كريم وأصيل.. فلم الهم والخوف، و(كيف يكون طلبك اللاحق، سببا في عطائه السابق)، كما يقول السعيد ابن عطاء الله..

    الحاضر قاهر، حار، وحين يبتعد عن ارنبة الانف، ويمضي ويتداعى للأمس، ويتخذ لقب (الماضي)، يبدو أحلى، وأنضر، فالحاضر يفسده الخوف من الغد..
    أسكين بيد الغد؟،
    أم وردة؟
    لم نخافه؟
    أليس حسن الظن عبادة ذكية، ومرحة..

    ولكن الماضي مضى، لا قدرة على الغد باغتياله، أو تشويهه، مضى ملكا، وشحاذا، وتعود الذكرى كنهر من مشاعر، حتى الوقائع المريرة، والحزينة، تعود بأكسير الذكرى أكثر بهاء، وتألق... وبحزن نبيل، يكسى المتذكر حلاوة التذكر.. فالوقائع تختمر في قدر الذاكرة، تتفاعل، ينام الفرح مع الحزن، تطبخ برتقالات الأسى، مع موز الترقب، والذاكرة صبورة، تطبخ ما التهمته، ببطء، وتروي، كفنان أصيل، مستغرق في عمله، في جنه، في شعره، في رسم، لا يعلم هل خلق الله الزمن أم لا، الذاكرة ذكية، كالمعدة، تلتهم البطاطس، واللحمة والجرير، ثم بهدوء ذكي تحيلها لجسد الإنسان، بلا دعوى أو غرور..
    هكذا الذاكرة، معدة كبرى، لا ضفاف لها، تلهتم خبز الحاضر، بل توقعا الغد، ثم تجلس في معلمها العظيم، وتضع بهدوء جميل قوارير الواقع كلها، ثم تخلق اكسير عجيب، يسمى مجازا (الذاكرة)!!...

    ملح هي.
    سكر هي
    وكلبك يطارد (فالذكرى السيئة)، كالظل، تطاردك، حيث كنت..
    والذكرة النبيلة)، كأرنبه فتاة جميلة، تتقدمها، وتلفت العيون إليها..
    الذاكرة بركة من بركات السماء....
    الخرف عدو الذاكرة..
    والذكرى نهر ممدود بعيد، لا حد للذكرى، نحن أقدم مما نتصور، لم يتذكرنا الإله بغته، بل كنا في عقله القديم الحنون منذ الأزل، فهل من (مدكر)، قل سيروا في الارض، فإنظروا كيف بدأ الخلق، بدأ الخلق بنا، كل على حدا، العقل القديم لا ينسى، وذاك الوجود القديم هو الذي يسوق خرافنا، أنا هناك، وهنا، ومرأة قلبي تود عكس حقيقتي هناك، لذ تسوق النفوس الجسد، وتعبت بمرادها الأجساد، الجسد مسيكن تقود النفس، يجوع فيتألم، يعشق فيتألم، يطرب فيقشعر، مسكين ابن مسكين، أسير لروح قديم، يحس، ولا يوصف..

    الذاكرة كائن غريب، عالم من غرابة ودهش وإطلاق، في جرابها ارانب خضراء وبنفسجية وخضراء، وافاعي تطير، وتنفث العطر، الذاكرة كالخيال، كالحلم، تصيغ علسها من وقائع عادية، كما تخلق الزهرة عطرها من الصلصال النائم تحتها، هكذا الذاكرة..

    كم احبها، كم احترامها، هذه الذاكرة، انها الكراس القديم، الذي دونا عليه خربشة الماضي، وغرور الحاضر، شريط سينمائي بطله أنا، والكاميراء متوجه نحوي، طوال الوقت، بطل أنا في عين الذاكرة، فأي مسرح هذا، بطل كل فرد، يا لعدالة الذاكرة، انجزت ما عجز عنه العقل الحالم والعقل الذكي في الوجود الماثل، والماض..

    الذاكرة تعيد حلاوة الاحداث، وتعيد الاحزان بدموع أقل، وشعور أعمق بالحزن، وتترك اسى جميل، وخبرة رصينة، تشد العضل، وتقوي الحس، وتصحنك من عوادي الحياة، كرقية ولي، في عنق الحاضر والغد...

    بارك الله في الذاكرة، والتي تمتد كنهر من حياة، لا نبع له، سوى هناك، حيث لا حيث، وعند لا عند...



    ...
                  

05-04-2008, 11:54 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    الحامد أخوي،
    ليك رجعة ، وبي مهل تب..
    تصبح على خير، وعسل، وصحة..
    حديث الشجرة ماثل، وعاطر، ليوم الناس هذا...
                  

05-04-2008, 03:47 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    سأعود.
                  

05-04-2008, 04:31 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    و الموت يا خالد ..!!

    أهرطق ثانيةً .. !! حسناً , هي الأسئلة و طنينها ..
    ما أزال أقصيه و أدني ما أفلحت - و لا أفلح أبداً في الأمرين -
    ما استقامت لي الفكرة كائناً ما جبتها يمين شمال ..
    و ما استكان رعبي من فرط الغموض اللحائي الكبير القابع هناك ماداً لسانه لي .
    أقرأ و أستمع و أجرب و أستنكه .. و أعرف و أعرف , ثم ... لا أعود منها إلا أكثر رهقا ..
    فارتد لمحارة جدتي : ده كلو فوق كم ؟؟

    ما الموت ؟؟
    يا عبدالغني .. و لماذا ؟
    ماذا هناك عنده .. ؟ أو ربما في آخر نفقه ؟؟
    ماذا يُرادُ بنا ؟؟
    ما المُستَغلق علينا في الأمر ؟؟

                  

05-05-2008, 09:56 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: Emad Abdulla)


    عماد !
    يا عماد، ما هذا المأزق؟! ألا ترعوي !
    لماذا هي الكتابة قريبة جدا من الموت؟
    تعرف، أنا متصالح جدا مع فكرة الموت، ربما، لأنني أدرك أنني لن أبقى طويلا.ما يؤرقني هو أن أذهب قبل إكمال رواية ما.
    الحق إنني لم أكن متصالحا مع الفكرة.بعد رحيله - إبراهيم عويس - عشت كآبة منقطعة النظير.ما عاد هناك ما يغري.ما عاد هناك صمغ في أسفل قدميّ يشدني.تعرف، أحسست بأنني حر.حر تماما، وقادر على تحدي هذا المجهول العريض.الحياة ثقل يا عماد.الحياة قيد.
    سيدي الحلاج يهمس، هم يطوفون حول البيت يطلبون البقاء، وهم (الآخرون) يطوفون حول العرش يطلبون اللقاء !!
    لكن هذا السيد المعجزة المسمى الموت، لا يزورك حين تنتظره !! حين تعد ملابسك الأنيقة، وترسم ابتسامة على شفتيك، ابتسامة ساخرة منه ومن الحياة، حين تتملّى لمرة أخيرة لون الشفق وهو يرسم أبهى لوحة على الكون، وتراقص حبيبتك للمرة الأخيرة، وتبلّ عروقك بقطرة أخيرة، وتتناول وجبتك الأخيرة – بالمناسبة هل كان السيد المسيح حزينا، كما يتراءى لي، في العشاء الأخير لدافنتشي؟ - وترش العطر الذي تحب، ثم لا يأتي أبدا !!
    ربما هي لعبة السخرية التي يمارسها كلانا.وكلانا ساخر جدا.لكن، سيأتي بغتة.في اللحظة التي تترك للغد اشتهاء ما.حين تُبقي في قنينة العطر ما يفيض على جسدك غدا.حين لا يسترعي انتباهك الشفق ولا القمر.حين تدع حبيبتك تفلت من التفاف يديك حول خصرها أملا في رقصة في الغد.حين لا يكون العشاء عشاءا أخيرا على ضوء الشموع، وربما موسيقى رائعة للإسباني المجنون خوليو إيغلاسيس !!
    قلت لها يا عماد، قلت لها رافقيني لكي نمشي على رمل البحر حافيين تحت شرفة القمر، ربما لأن البحر باق، والقمر معلق هناك على الدوام، أما أنا فـ....!
    هذا هو قدر الإنسان، والمرء إذا شفّ ربما يستبصر أقداره !!
    أهجس بالحوار مع الموت.فليكن رغم عدائيته صديقا، وليشاركنا همّ الكتابة.فليدخن معنا لفافاتنا إن رغب، وليحتسي من فنجان قهوتنا، فنحن، كما إغناثيو سانشيز، المصارع الإسباني البارع، الذي (خلده) لوركا العظيم، منتصرون في النهاية، حتى إذا انتصر، كما هو باد للعيان، الثور جذلان القلب !
    منتصرون يا عماد بالحرف الذي يبقى طويلا ..طويلا جدا.لذا، فليزورنا أصدقاؤنا متى شاءوا.
    لطالما يا عماد لطالما تأملت تلك اللحظة الفارقة التي بمقدور الإنسان خلالها أن يعانق الموت.حين يرقى عتباته.حين يشمّ تلك الروائح (الأخرى)، ويبصر تلك السهول والجبال والسماوات التي لم يبصرها طيلة حياته.ويعيش مخاضا خاصا.لطالما تأملت الذين واللواتي أقبلوا وأقبلن على تلك التجربة الفريدة بـ(شغف) !
    كيف نواجه أصدقاءنا مبتسمين ؟! كيف نسعى إليهم في إشتياق؟!
    (يطوفون حول العرش يطلبون اللقاء)
    يا الله يا الله من حلاج المحبة !!
    لعل البشر في أعماقهم يتوقون إلى نموذج (غير بشري) لا يهاب المجهول العريض، يسخر منه، يروح يلاحقه، مثلا من (سانتا كلارا) إلى تخوم (هافانا) إلى أدغال (الكونغو) إلى أحراش (بوليفيا) !!
    و(باتريس) يا الله باتريس !!
    وهم يعذبونه على الطائرة إلى أن وصلت (تشومبي) ! كيف واجه (صديقه)، ليلا، قرب شجرة ربما لقيت حتفها هي الأخرى.
    كان مبتسما، أقسم، كان مبتسما.
    يا عبدالغني، لهذا سحرتني الابتسامة الساخرة على وجه (إيفان ريوس) !
    هي ذاتها ابتسامة الرضا و(الخلود) التي صبغت سماء (محمود) و(السهروردي) و(الحلاج) و(لوركا) وحتى (سلفادور الليندي).
    ترى يا عماد هل يعرفون قاتل السهروردي ؟!
    كلما زيفوا بطلا، قلت قلبي.....!
    (ودادي صحيح فيك يا غاية المنى
    وقلبي من ذاك الوداد عليل
    تعاليت من بدر على القطب طالع
    وليس له بعد الطلوع أفول
    فديتك يا من عزّ حسنا ونخوة
    فليس له بين الحسان عديل) – الشيخ الأكبر محي الدين.
                  

05-05-2008, 11:21 PM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)


    Quote: عليّ اذاً ان اظفر بلحظة غفلان الأرض عن طينتها ، وحين نامت عشية أفاض جدي قطر (أوراده ) عليها ، اختلستها صوتها بل سرقته ولم اكتفي لحظتها بالطين ، صنعتها ثانية فيما عرّف ( القشوش والسكر) ومن ثم كانت (كدروكه) و( يا عظمتك يامويه) كانت أول فتنة صناعة الحوار . اذ صنعتهن جميعاً مما تبقى علي جبتي من فتات صوت الأرض الذي سَرَقتْ .
    لم أكن لأعلم انها ستعلن ظفراني بعشقها ولكنها عرفّتني ( غَنْايْ) ، اذاً لسني سوي صوتها ، وأنا ارويها لا تَلِتْنِي من اسرارها شيئاً ، والمكان شاهد يذكرني به كلما غفلت عن حُسْنِ طويته ، اشجار العرد في تمام شموخها تحضني على السير في اتجاه رفعها فوق مقام (النخل) .
    تبدؤني الحكاية دائماً حين منام فتمور وتمور وتتناسل لتروى ما سبقها وما ينبغي أن يجيئ وهي اشد حرصاً على ألآّ ينفرط عقدها ، حين بدأ الحكاية أراهم جملة قد وقفوا أمامي – اعني اجدادي- وكلهم يروي ما يليه من الحكاية ويستحلفونني بحق (البَحَرْ) الذي أطلعني علي السر أن لا أخون الحكاية ، ولا أنقصها شيئاً .
    أنا الورقة إذاً حين الكتابة ، وهم مدوني وقائع سيرة البحر والتراب عليّ (ببوص ) الصدق و(دواية) غرائب ما عُلِّموا ، قالوا: لا تتخيل فهو ليس بذي شأن بخبايانا ولا يعرف نصرنا أو هزائمنا فهي ليست مما قُدِّر له أن يدرك ، حقائقهم أغرب من حِلاب ضرع الغول ، وهي لا تدرك إلا بتحقق عينها .
    وانا حين أرويها ، لا أكون سوي من يُمْلى عليه ، ولا حق لي في صناعة محلابة وقتيه لإدرار ضرع غولهم هذا ، فهو مجلوب لهم ومحلوب بهم وليس من درك عقلي .


    يا للهول يا حامد !!
                  

05-06-2008, 05:51 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: خالد عويس)



    الموت... !!


    يقال ..

    أمام باب دكانه البسيط، كان هناك رجل يحلم، (حلم يقظة)، وكان في حلمه يسير في حديقة جميلة، وهادئة، كانت سطوة الحلم قوية، بحيث لم يعد يسمع صوت الرقشة، وأمجاد، وثرثرة المارة... أحس بقوة صوت الخواطر، والحلم، والخيال!!..
    وظل يتسكع في الحديقة كالشعراء، يمعن النظر لكل شئ، ويحس بحياة كل شئ..(وهو لا زال جالس امام دكانه)، يالروعة أحلام اليقظة (تجزأ فرة فطر عند أربعين فد مرة)!!..

    وفجأة دهسته عربة مسرعة (دهست الرجل الجالس أمام دكانه)، لم يمت الرجل المتسكع في الحديقة، ظل كما هو، يتجول في هدوء وصفاء،، ولم يرجع للرجل الحقيقي الميت أمام دكانه، والذي دفنه أهله في المقابر، وكتبوا عليه (كل من عليها فان)، وعلت رفوف الدكان الغبار...

    بل شعر الرجل في الحلم، بأن هناك حبل ووتد كان يربطه بدنيا معينة، قد انقطع، وصار بمقدوره، ان يسبق الضوء، ويرى الروح، ويقبض كل الوجود بيديه،وقلبه.. ويرتزق بدون دكان، أو شقى..

    اشتاق الرجل في الحلم، إلى الرجل الميت، كما يشتاق بخار الماء للثلج، كي يتجسد بكثافة، رآه مدفون تحت التراب، فدخل فيه، كما يدخل الحب الصدر، بسلطان اللطيف على الكثيف، ورقد معه ، بل داخله، في ظلمة الطين، ولأن الحلم لا يحتاج لأرجل كي يمشي، ولا إضاءه، كي يرى، لأننا نحلم في ظلمة الليل، ونتجول بدون ارجل في الحلم ، رقد الرجل في القبر، وتجول في كل العوالم، وفي قلوب العوالم، كما يتجول الخيال بلا أرجل، أو دابة، أو سيارة، وحين تحسس جسده المدفون وجده مخلوق من طين الخيال وصلصال الحلم، ووجد قوانين الارض (الاجتماعية منها والفيزيائية)، لا تؤثر فيها، كما لا تؤثر النار على أصبع رجل منوم مغنطيسيا، قال في نفسه، (لم؟)
    وتذكر بأن الإنسان في الحلم يقرأ في ظلمة الغرفة، وكان يجري وهو ساكن في سريره، ويمارس الجنس بلا أثنى قربه، .. فالمعجزة عادته!!..

    نسيت أن أقول إن الرجل في القبر، لم يكن ينوم، ولا يأكل، ولا يحقد، ، كان يستلذ بممارسة الجنس مع نفسه، (بويضته وحيوانه المنوي كانوا داخله، أليس للحلم قدرات أعظم وأجل من ذلك.)، بل يمارس الجنس بأسلوب غريب، الجنس بين (الماضي، والمستقبل)، وكانت اللذه هي (اللحظة الحاضرة)، (وتراه معربدا بالناس)... هذه الحركة (الحاضرة)، هي الومضة، بين إلتقاء جسده الماضيوي، ، وروحه المستقبلية، في آنيته،... في حاضره، جعلته منفعلا، بالجنس، بالنسيم، بالحركة، بالذوق والفهم، لذا ظل يرتعش، وترتعش الارض،وتخرج العشب، والصراصير، وبني آدم، و الخيال والحلم والموت..

    كان الرجل في الحلم

    يحب الرجل الحقيقي.. لأن الحلم كان (بخار الماء)، والرجل الحقيقي كان (الثلج)، .. كان، وما سيكون!!

    الحلم يسعى للخيال، والخيال لا حده، لا حد، خيال علمي، وخيال علماني، وخيال ديني، وخيال أحلام، وخيال تذكر، وخيال توقع، وخيال ابداع.. سراج، يتوكأ به الجسد كي يصل للإنسان الحلم، الإنسان الخيال..

    يجد الخيال نفسه في النوم، يتجسد، ويتكثف، بل ويخاف الجسد من خيالاته في النوم ويفرح بها أيضاً...يجد الخيال نفسه في الموت، يجد نفسه هناك،ويطلق قدراته المطلقة، في عالم مطلق، وزمان مطلق، ...

    رأى رجل الحلم كل ذلك، وكان سعيدا بخروجه من القوقعة، و عدم عودته لقيود الجاذبية،و المرض و الواجابات.. رغم أنه عاد للقبر، ولم يعد...

    الرجل في الحلم هو الأصل، ...... وذاك الواقف امام دكانه، أو الميت في قبره بعد ذلك، كان ظله، مجرد ظله...

    أحس الرجل في الحلم، والمخلوق من مادة الخيال، وصنوه رجل الدكان، والمخلوق من مادة التذكر، بأنها واحد..

    وبأن (ملاك الموت)، هو قابلة، تخرجنا من رحم أصغر، لرحم أعظم.. إنه ملاك (ملاك الموت)، ونموت من رؤية جمال، كنسوة يوسف..
                  

05-06-2008, 07:03 AM

حامد بخيت الشريف

تاريخ التسجيل: 12-28-2007
مجموع المشاركات: 49

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    راجع ليكم تاني
                  

05-06-2008, 10:09 AM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !! (Re: حامد بخيت الشريف)


    Quote: لم يمت الرجل المتسكع في الحديقة ، ظل كما هو ، يتجول في هدوء وصفاء ،، ولم يرجع للرجل الحقيقي الميت أمام دكانه ، والذي دفنه أهله في المقابر ، وكتبوا عليه ( كل من عليها فان ) ، وعلت رفوف الدكان الغبار ...
    بل شعر الرجل في الحلم، بأن هناك حبل ووتد كان يربطه بدنيا معينة ، قد انقطع ، وصار بمقدوره ، ان يسبق الضوء ، ويرى الروح ، ويقبض كل الوجود بيديه ، وقلبه .. ويرتزق بدون دكان ، أو شقى ..
    تصورتُ الإله - و أنا عسراً أعالج قصر حال عقلي - و أكابد ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) فكينونتنا و الحال كذلك ماهي إلا إرادة قادرة على تشييئ حالها , طيب ..
    فماذا لو أننا محض ( تصور ) إلهي .. محض كينونةٍ طيف تماماً كما أطياف الخيال أو الأحلام التي نعرف ..
    و ماذا لو ان القدرة المطلقة المُنشِأة سئمتنا يا عبدالغني .. هكذا !!
    ملت منا و من سخفنا و فوضانا و حروبنا و ضغائننا و سوءاتنا المُقَبّحة ..
    فأبدلتنا - بمشيئة كُنْ - بحلمٍ آخر .. !!
    تصور آخر - ربما - أهنأ شأناً و أبهج .. أنقى .. أحلى .. أحق بتصورات الآلهة .. أدعى للخلق .. أجدى , أرحب فكرة .. !!!!! هكذا .

    الآلهة تمل .. أليس ؟؟؟
    تشاء .. فيكون ..
    فـ .. نعود ( لا شئ ) !!!


    ....
    Quote: التسكع في الحديقة ..!!
    و الله فكرة يا عبدالغني .

                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 4:   <<  1 2 3 4  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de