|
في رحاب قلم الجنرال معاش حسن ضحوي
|
في رحاب قلم الجنرال معاش حسن ضحوي
بالفعل أنه عهد المهازل ، الطبيب في عهد الإنقاذ يتحول إلي رجل أمن ، يتخصص في خلع الأظافر والضرب والتعذيب ، ومن المفارقات أيضاً ، أن يتحول رجل الأمن إلي طبيب ، فيشرف على علاج نوع مميت من الأمراض وهو مرض القلب ، ويدير مستشفى يعج بالأطباء ، فكلمته مسموعة لأن للرجل ماضياً يفتخر به في مجال التعذيب ، فهو الوحيد الذي يجعل ضحيته تبكي وتولول ليومين من دون إنقطاع ، ولا نعلم فهل يشفع لهذه الضحية البكاء والعويل أم على القلوب أقفالها ، بل هي كالحجارة أو اشد قسوة ، وإن من الحجارة ما يتشقق ويخرج منه الماء . فقد قرأت ، إن صح التعبير ، مقال اللواء معاش حسن ضحوي ، هذا الرجل الذي كسب سمعة سيئة في مجال زهق الأنفس وتعذيب الأبرياء ، وحزنت أشد الحزن ، وتأسفت أشد الأسف ، عندما ذكر بأنه يتولى شئون مرضى القلب في مستشفى السلاح الطبي ، من بلا قلب يشرف على مرضى القلب ، بالفعل هذا هو زمن المهازل ، لكن الجنرال الوفي أهانته الإنقاذ ، فسيفه الذي يقطع الحديد لم تعد في حاجةٍ إليه ، بالفعل هو موظف إداري يعيش على فتات الترهل الوظيفي ، بعيداً عن السلطة والأضواء ، لا يجد في قبر العزلة الموحش سوى قلم لعله يصطاد به خصوم الأمس القريب الذي أعيوه بالبقاء على قيد الحياة ، هذه المرة لا يملك الجنرال سكيناً أو سيفاً ، ولا يملك سوطاً كهربائياً ليمزق به جلد الضحية كما كان يفعل في السابق ، فقد كان بساديته يتلذذ بصوت الضحية وهي تولول وتنوح ، فلا يعير ذلك إنتباهاً ، ويعتبر هذا العمل رجولة وشجاعة . وبما أن سعادة الجنرال قد أصبح من رواد القلم ، وبما أن طائرته هذه المرة لم تهبط في أويل أو ملكال في أيام السلطة والنفوذ ، فقد هبطت في موقع سودانيز أون لاينز ، فعلى سعادة الجنرال أن يحترم خصومه ، فمن يعيش على حفنة الدولارات الغربية أفضل من يعيش على مال الغلابة في السودان ، ليس هناك أمريكي يشكو من الملاريا ، ولا يوجد أمريكي يعيش في معسكرات النزوح ، ولا يعاني الأمريكان من الإسهال المائي والكوليرا ، وهم أعرف – وأعني الأمريكان – بالوجه الذي يصرفون به أموالهم ، فعندهم مشرعيين منتخبين من قبل الشعب يحددون تلك الأوجه مسبقاً ، ليس كحالنا عندما نشتري يختاً من أجل النزهة بينما نُغلق المستشفيات في وجه الفقراء . نعم سعادة الجنرال مزهواً بنفسه ، فهو ضابط الجيش المتقاعد الذي يجلس من دون إذن على عرش الطبيب ، يحس بأن رتبته لا يدانيها أحد ، وأخلاقه مثل الأنبياء في الطهر والإستقامة ، فهو كنز من المعرفة التي تدخل إلي عقول الناس ، فهو قد نسى بأنه لا يقود لواءً مدرعاً في الفاشر أو الجنينة ليقيم به سداً بيننا وبين القوات الدولية ، بل هو يقبع في مكتب مكيف ، يستشنق رائحة الفورمالين و يتبختر بين جمهور الأطباء الذين يتعاملون معه كأمر واقع ، فهو عالة على المستشفى والمرضى ، ويا ليته كان مثل الفريق عبود الذي أفتتح طاحونة من مال المعاش حتى لا يمد يده لمال السلطة ، والجنرال ضحوي لن يماثل الفريق العبود ، لا في الرتبة العسكرية ، ولا في الأخلاق والطهر والإستقامة . ويا ليت سعادة الجنرال لم ينقب في ملفات زملاء المهنة في القوات المسلحة ، ليستخدمها كنوع من الحجج ، هذه الملفات هي سر بين الطبيب والمريض ، وليس من المفترض أن يطلع عليها احد سواهما ، لكن سعادة الجنرال فعل ذلك ليثبت أن خصية غريمه ضاعت قديماً تلفاً قبل أن تأتي الإنقاذ ، فها هي الملفات الطبية لضباط القوات المسلحة بين يدي الجنرال ، يعيث فيها ، و يستخدمها في ترويض وإبتزاز خصومه كيف شاء ...فهل يا ترى سوف يفعلها مع رواده من مرضى القلب ؟؟ الذين يدعي بأنه يشرف على علاجهم ؟؟ سارة عيسى
|
|
|
|
|
|
|
|
|