من شعراء الدويم- الشباب- / أحمد محمود الشايقي(الجزء الأول)

التقطت هذه القطعة بالصدفة ، من بوست آخر وأحببت أن انشرها، كما هي، بدون استئذان، وبدون تعليق وسأتبعها بغيرها إن شاء الله.

جدي ود بعشوم

جدنا (ودبعشـوم) معروف كأفضـل (اسطى) جالوص بين كل المهاجرين من الشمالية إلى وسـط السـودان,

والرجـل مشهور لأسباب عديدة , فـ الـ (طــوف) الذي يبنيه ودبعشوم ليس كمثله طوف لاي اسطى أخـر في عرضه الماهـل وفي علوه الشاهق وفي استقامته المذهلة التي تتحدى اية (ميزان مويـة) يحمله بدلال أسطوات الأشغال في الزمـن الجميل حينما كان القطاع العـام يمثل شيئاُ لا تدانيـه وسيلة كسـب في بلادنا, ولذلك كان الأسطى ود بعشوم كالصبية النادرة, دائما محجوز.. وكان كعادة اهل السافل مهيبا قليل الكلام, لم أره مـن زمـن طويل أسال الله له الرحمـة حيا وميتاُ

الذي يميز ود بعشـوم أكـثر هو الفريق من (التربالـة) الذي يسعى في رزق اليوم باليوم معـه, كانوا مميزين في كل شئ , حتى في (دلالــق) البقنية التي تعدها لهـم مستورة وكنا نرسـل كالريح لمناداة الترابلـة للتمتير والقياس ولجر العجنة في ملطم التزبيل, (يا لها من أيام).

لأن أجر ودبعشوم كان مميزاُ فكذلك كان ترابلتـه مميزين, كانوا صـدر مجلـس الشـراب, في بيت السيدة مستـورة, وكان شرابهم (شراب أهل السافل) لا جلبة فيه ولا ضوضاء ولا (حداء (دوبيـت) ). كما لا يستطيع كائنا من كان أن يخرق صمتهم المهيب بنبس ذات شفـة إذا لم يتفضلوا بجرجرة طواريهـم بعد مسـح الشوارب الآهلـة بشعر ناعـم مبروم أســود طويـل مشـرب بحمـرة,

كانـوا ترابلـة بالفعـل لكنهـم كانـوا (حرفاء) في مهنتهـم, كان جر الواســوق مدرســة عندهـم تزحزح ما لا تحسبه يتزحزح, من أكوام مهما دككهـا متعكلـت من (طــور الجمال) أو (خبوب ) الأبقار.

وكان الكواريك لديهـم رباعيـة من دق الورش المصريـة المختومة (باب اللوق) وكانت طواريهـم موسمـة بحروف أنجليزيـة محفورة بعنايـة وهي طواري (حكوميـة) حينما كانت الحكومـة في ذلك الزمان تمتلك كل الجيد من الادوات المغريـة بالإنتاج.

ود سـعـد تربال لكنه في سمهرية قامـته المديدة وحدة نظراتـه وتفتيل عضلاته البادية من تحـت العراقي (المشنوق) وبروز أوردتـه بطلاُ يحيـل نظرات الحسـان إلى تامـل طويـل لا يكاد يحيـد عن الأسطى وهـو ذاهـل عن كل هـذا بجــر الطورية (لا ورا) محدداُ الحــوض وخالطاُ الرمـل فيه بالطفـل الأســود و (الســيـوة) التي جمعت من (سفاية خيران) (الـدرت).

الذي اريد أن اسجـلـه هـنا هـو أن (طاقـم) ود بعشــوم (رحمـه الله حيا أو ميتاُ) كانوا جميعاُ ترابلـة,

لكنهـم كانــوا يجيـدون التربلـة هـذه واصولها ويعرفون التراب المعرفة اللصيقة ويفهمون أصــول الخلطات الجالوصيـة التي لا يأتي علي (طوفهـا) شــق ولا تزحزح,

جميل أن يكون المــرء مجيدا لمهنتـه, راضيا بها ومعترفا بأفضـالهـا عليه

وهــو أمــر نادر في هـذا الزمــن أيها الحبيب ود عقيـد,

(كل ما ذكرته من شخوص وحقائق هي من ذاكرة عزيزة ذاخـرة فانا لا ألامـس المفترى من الاقوال)

لكم جميعا الـود

أحمـد الشايقي