تجربة الصين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 06:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-09-2009, 12:47 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تجربة الصين (Re: adil amin)

    الحلقة(2)
    سائح فى الصين
    كانت الفكرة الشائعة فى عقولنا أن الصين بعيدة جدا، وربما تكون أبعد بلاد الدنيا بالنسبة لنا.. هذه الفكرة من رواسب العصور القديمة التى كانت فيها المواصلات والاتصالات بدائية وبطيئة.. وكان الذهاب إلى الصين يستغرق شهورا والاتصال بالتليفون شبه مستحيل، وربما يكون من أسباب تعمق هذه الفكرة فى عقلنا الباطن وجود سور الصين العظيم الذى يعطى الحديث عنه الإحساس بأن الصين بلد معزول ومحاط بالأسوار، وربما يكون من الأسباب أيضا أن الصين عاشت سنوات طويلة منغلقة، ومعزولة عن العالم، ولم تكن ضمن سياساتها التوسع فى العلاقات مع العالم الخارجى، إما لمشاكل داخلية، وإما لتخوف من الأجانب، وإما رغبة فى التفرغ لحل مشاكل مئات الملايين من البشر الذين يعيشون فيها ويعانون من آثار الاستعمار والتخلف.
    ومهما تكن الأسباب، فلم تعد الصين بعيدة ولا معزولة الآن، ولكنها فتحت أبوابها، وبدأت تدعو الوفود من جميع دول العالم لزيارتها، وتنظم رحلات سياحية إلى معالمها المتميزة ذات الطابع الخاص جدا، والمحملة بعبق التاريخ السحيق، وفى السنوات الأخيرة أصبح قطاع من الشعب الصينى يخرج إلى العالم للسياحة، وأصبحت الصين مدرجة ضمن الدول المصدرة والمستوردة للسياحة.
    وكانت ضمن الأسباب التى جعلت الصين تبدو بعيدة، أن المواصلات إليها كانت صعبة، فلم تكن هناك خطوط طيران مباشرة كافية إليها، والمطارات كانت صغيرة وقديمة والإجراءات فيها معقدة، وخصاصا إجراءات التعامل مع البنوك وبطاقات الائتمان والدخول والخروج بالعملات الأجنبية، وكانت هذه كلها عوامل طاردة للسياح، وكذلك كانت المواصلات الداخلية متعبة والقطارات قديمة، وباختصار لم يكن هناك ما يشجع المرء على تكبد كل هذه المشاق من أجل زيارة الصين، ولم يحدث التطور إلا بعد التسعينات، فحدثت طفرة فى خدمات هيئات السياحة، والطيران المدنى والمطارات، والسكة الحديد، والموانى، وبعد أن كانت فى الصين شركة واحدة للطيران أصبح فيها اليوم 23 شركة طيران منها 17 شركة للطيران الداخلى، وأصبح هناك 94 خطا دوليا مباشرا بين الصين و53 مدينة فى 30 دولة، وأصبح فيها 139 مطارا حديثا، وتمتلك شركات الطيران الصينية 450 طائرة بوينج وإيرباص وغيرها من طائرات المسافات الطويلة أمريكية وأوربية الصنع، وتصنع الصين طائرات لنقل الركاب اسمها》 يوان – 7 《 للمسافات المتوسطة.. ومع تزايد حركة السياحة والتجارة اعتبرت شركات الطيران العالمية أن الصين هى السوق الواعدة بالنسبة لها.
    ولا يزال القطار هو الوسيلة المفضلة للمسافات المتوسطة والقصيرة، وخطوط السكك الحديدية تبلغ 60 ألف كيلومتر، وهى ليست طويلة بالنسبة لمساحة الصين، وتصل إلى كل المقاطعات والمناطق فيما عدا التبت. وهناك قطرات سياحية خاصة سريعة ومزودة بتسهيلات لا تجدها فى القطارات العادية، فيها تليفويون يعرض مشاهد ورامج ومعلومات عن أهم المواقع السياحية، وفى بعض القطارات تجد البوفيه والبار، ودخلت مؤخرا خدمة السيارات الليموزين التى تطلبها بالتليفون وتنقلك إلى أى مكان فى الصين، وقد ظهرت نتائج عمليات الاهتمام بإنشاء الطرق الحديثة، وتطبيقا للمبدأ الذى وضعه الحزب وهو أن》 بناء الطريق أول خطوة على طريق الثروة《 تعبيرا عن إدراك العلاقة بين المواصلات وتنمية الاقتصاد القومى، ويقولون لك بفخر إنهم أنشئوا طرقا حديثة طولها مليون و 21 ألف كيلومتر بخلاف الطرق السريعة لا تقل عن مثيلاتها فى الولايات المتحدة، ويلفت النظر أن تجدعليها سيارات مرسيدس وشيفورليه، وبى. إم. دبليو المستوردة وسيارات فولكس فاجن، وأودى التى تنتج فى الصين بالتعاون مع ألمانيا.
    ***
    ولم يعد صعبا أن تجد سيارة تاكس فى كل مكان وفى أى وقت وكذلك لم يعد غربيا أن تجد بعض الطرق معلقة كما فى بكين وشنغهاى، أو أن تجد خطوط المترو تجرى تحت وفوق الأرض كما فى بكين وشنغهاى وتيانجين، أو تجد المترو يسير بك فى أربعة أنفاق تحت قاع النهر فى شنغهاى، ويقولون لك إن خطوط المترو أوشكت أن تنتهى فى مدن أخرى جديدة.
    وكل ذلك يعتبر بالنسبة للصين نوعا من الخيال تحقق فى وقت قصير نسبيا.
    كذلك لم تعد الاتصالات مشكلة، فالصين الآن تستخدم التكنولوجيا الحديثة من الألياف البصرية والاتصالات الرقمية والميكرويف، والأقمار الصناعية، والتليفون المحمول ويمكنك الاتصال بسهولة بأى مكان فى العالم.
    ويدهش الزائر للصين يجد أفكارا سياحية حديثة لم تكن موجودة منذ سيوات قليلة، مثل برنامج》 زيارة الأزقة《 فى بكين، ويركب فيه السائح عربة مكشوفة ذات ثلاث عجلات ليتجول فى الأزقة القديمة الضيقة التى يرجع تاريخها إلى مئات السنين، ويمكن للسائح أن ينزل من العربة ويدخل بعض الأماكن التاريخية ليشرب شاى الياسمين المشهور أو يتناول الطعام، وفى شنغهاى برنامج طريف اسمه》 كن مواطنا فى شنغهاى ليوم واحد《 وفيه يمكن للسائح أن يقيم فى بيت مع سكان شنغهاى فى الشوارع والأزقة والأحياء القديمة أو فى بيوت حديثة مع أبناء الطبقة المتوسطة الجديدة، ويخرج السائح فى الصباح مع صاحب البيت لتوصيل حفيده الصغير إلى الخضانة أو المدرسة، ثم يذهب معه إلى السوق لشراء ما يلزم البيت، ويعود معه ليشارك أهل البيت فى إعداد الطعام، ويستطيع أن يتعلم طريقة إعداد بعض الأكلات الصينية المعروفة.. وبعد الظهر يشرب السائح الشاى مع صاحب البيت ويخرجان فى نزهة فى بعض الأحياء والحدائق والأسواق، ثم يتناول العشاء مع الأسرة ويشاهد معهم التليفزيون، ويعود بذكريات 24 ساعة مع أسرة صينية تعايش خلالها معهم فى كل شئونهم وتعرف على الكثير من أفكارهم وعاداتهم وأسلوب حياتهم.
    وقد يكون من حظ السائح أن يتصادف وجوده فى أحد الأعياد أو الاحتفالات الكثيرة فى الصين مثل عيد الربيع أو عيد منتصف الشهر الثامن القمرى ليشاهد أكبر وأجمل مهرجانات الصواريخ والألعاب النارية ويرى الأطفال فى الشوارع بملامس وقبعات جديدة، وعروض الطبول والرقصات الشعبية فى الشوارع، ومهرجانات الفوانيس.
    ويجذبون السياح بالطعام الصينى الذى أصبح شائعا فى أوربا وأمريكا، وليس هناك مدينة كبرى فى العالم ليس فيها مطاعم صينية، ولكن الطعام الصينى فى الصين ذاتها له طعم خاص ومختلف جدا عن الطعام الذى تقدمه المطاعم الصينية فى الخارج. وتكتشف أن الطعام الصينى ليس واحدا، ولكنه جزء من الثقافة الصينية، وينقسم إلى أربع مجموعات رئيسية: مطبخ شاندونج، ومطبخ شيشوان، ومطبخ فوانجدونج، ومطبخ هواييانج، ولكل منها فروع مختلفة، ويقولون: إن الأطباق المسجلة رسميا خمسة آلاف طبق بخلاف الأطباق الأخرى الخاصة بكل قومية من القوميات وهى 55 قومية، ولكل منها أكلات خاصة بها. ولذلك تجد أن ما تعرفه عن الطعام الصينى كما نجده فى أى بلد كان خارج الصين ليس طعاما صينيا حقيقيا. ولكنه متأثر بما هو سائد من عادات غذائية فى كل بلد، أما الطعام الصينى الحقيقى فلا تجده أبدا إلا فى الصين.. لذلك يقولون إن السائح لن يعرف الصين إذا لم يشاهد سور الصين العظيم وأوبرا بكين وعروض الأكبروبات، وتناول الطعام الصينى التقليدى فى المطاعم التقليدية وخصوصا مطاعم البط البكينى.
    والسياحة فى الصين شهدت فترات من الصعود والهبوط، ولم تبدأ السياحة فى العصر الحديث إلا مع بداية العشرينات فى مدينة شنغهاى عندما أنشأ أحد البنوك التجارية قسما للسياحة فى عام 1923، وأصبح هذا القسم بعد ذلك مكتبا مستقلا للسياحة يقدم خدماته للسياح المحليين والأجانب، وبعد سنوات أصبح لهذا المكتب عشرون فرعا فى المدن الرئيسية، ثم توسع أكثر فامتد نشاطه إلى الخارج وأصبح له مكاتب فى بعض دول جنوب شرق آسيا. وكانت الصين متخلفة اقتصاديا وتعانى من الحروب، ولذلك لم تكن بها قاعدة اقتصادية لتنمية السياحة، ولم تبدأ فى تنظيم قطاع السياحة إلا بعد عام 1949، بعد أن زادت أعداد الصينيين المغتربين الذين يترددون على وطنهم ومعهم من المال ما يكفى للقيام برحلات للسياحة الداخلية، ثم بدأت بعض وفود من الأجانب فى زيارة الصين بحثا عن الأماكن والآثار التاريخية القديمة، وللتعرف على هذا العالم الغامض من الجبال والمعابد والطقوس والأطعمة والعادات التى تبدو مدهشة للأغراب، وبدأ فى عام 1956 إنشاء أول مكتب للسياحة الدولية، قام بتوقيع اتفاقيات لجلب سياح من الاتحاد السوفيتى السابق ودول شرق أوروبا وفرنسا، وبعض دول أوروبا الغربية، وكان أكبر رقم وصل إليه عدد السياح بين عامى 1956 و1958 لا يزيد على عشرة آلاف سائح، وفى الستينات تحسن الوضع السياسى والاقتصادى فى الصين، وقام رئيس الوزراء الشهير شواين لاى بزيارات إلى 14 دولة فى آسيا وأوروبا وأفريقيا فى عام 1964 وحده، وأقامت الصين علاقات دبلوماسية مع فرنسا، وبدأ تشغيل خط طيران مباشر بين الصين وباكستان، فازداد عدد السياح نتيجة لذلك حتى وصل عددهم ِإلى ثلاثة عشر ألف سائح أجنبى عام 1965 بعدها أنشأت الصين هيئة السياحة، لكن الثورة الثقافية التى استمرت عشر سنوات من 1966 إلى 1976 أوقفت كل مظاهر النشاط والعمل.. وتحولت الصين إلى فوضى عامة شملت البلاد فتوقف النشاط السياحى، ولم يعد السياح إلا عندما بدأت وفود سياحية محدودة العدد تصل إليها من رومانيا، ويوغسلافيا، وبعض دول شرق أوروبا واعتبر وصول 30 سائحا أمريكيا فى ذلك الوقت حدثا تاريخيا فى تاريخ الصين..
    ***
    لم تعرف الصين السياحة بمعناها الحقيقى إلا بعد أن بدأت تطبيق سياسة الانفتاح والإصلاح، وفتحت أبوابها على العالم كضرورة للنهوض بالاقتصاد والاستثمار.. ومع نهاية السبعينات بدأت تستقبل أفواجا سياحية، ووضعت الدولة خطة لتطوير المرافق السياحية والتوسع فى تقديم خدمات متميزة لجذب السياح، واستعانت بخبرات متخصصة فى السياحة وإدارة الفنادق وتنظيم الرحلات، وفتحت باب الاستثمار الخارجى ومنحت المستثمرين فى قطاع السياحة إعفاءات وتسهيلات كثيرة..
    وشجعت الدولة السياحة من منطلق سياسى، واعتبرت السياحة نافذة للانفتاح على الخارج؛ لكى يعرف العالم الصين بصورة أفضل، ربط المغتريين الصينيين بوطنهم الأم، وبدء تنفيذ برامج جديدة بالنسبة للصين مثل السياحة فى الأنهار وخصوصا النهر الأصفر حيث تسير السفينة فى النهر فيشاهد السياح معالم القرى والجبال والترارى.. وسياحة طريق الحرير لمن يريد أن يتعرف على الطريق الذى كانت تسلكه قوافل التجارة القديمة محملة بالحرير من الصين مارة بالجبال إلى أفغانستان إلى أن تصل إلى العالم العربى. ونظمت حملات للدعاية للعلاج بالأعشاب الصينية وبالإبر الصيينية وتمرينات تشيقسونج، وسياحة تسلق جبال التبت، وفى مروج منغوليا.. وتنوعت أشكال الفنادق السياحية من الخيمة المنغولية إلى التبت الصينى التقليدى القديم بالخيزران، أو فى الكهوف، وازدادت صناعة المنتجات الصينية التقليدية، التى يقبل عليها السياح مثل الحرير والخزف، والتماثيل، كما ازداد عدد الأماكن التى تقدم الغناء والرقص وألعاب الاكروبات والفنون الشعبية لكل قومية من القوميات، واهتمت الدولة بإنشاء وتجديد المتاحف.. متحف الحرير.. ومتحف الشاى.. ومتحف التقاقير والأعشاب والطب الشعبى الصينى.. ومتاحف التاريخ والفنون القديمة والحديثة وقرى يعيش فيها السياح حياة صينية بالكامل.. ومقبرة جنكيز خان.. وشلالات هوانجقوشو..
    وفى كل مدينة من المدن الكبرى يجد السياح من الأماكن والأنشطة مايكفى لقضاء أيام كاملة يتعرف خلالها على تاريخ وحضارة الصين وفنونها المتميزة لكل قومية.. ونتيجة لكل ذلك ازداد عدد شركات السياحة، فأصبحت الآن 45 شركة بعد أن كانت ثلاث شركات فقط، معظمها للقطاع الخاص الصينى والمشترك، وعرفت الصين السياحة الرياضية وتسلق الجبال، وسباقات رالى الدرجات البخارية والسيارات، وأصبح لديها جيش من المرشدين السياحيين يجيدون كل اللغات من الإنجليزية والتايلاندية والعربية والفارسية والرومانية والبرتغالية والسويدية. وبعد أن كان عدد الفنادق فى عام 1949 لا يزيد على 19 فندقا فى كل الصين أصبح فيها الآن أكثر من 16 آلاف فندق من مختلف المستويات منها 2500 فندق بالاستثمار الصينى والأجنبى وأصبحت بعض فنادق》 خمسة النجوم《 ضمن الفنادق المشهورة عالميا فى سجلات السياحة، فندق بالاس أو تشينا، أو ورلد أو شيراتون السور العظيم، أو تشان فوقون، أو قوى بين فى بكين لا تقل عن أشهر فنادق نيويورك أو باريس، وعشرات الفنادق مثلها فى شنغهاى، وقوانجتشو ونانجينج، وكلها تعمل بإدارة قيادات صينية اكتسبت الخبرة فى أوروبا وأمريكا، والآن فقط أعلنت الصين أنها مستعدة للدخول فى المنافسة فى سوق السياحة الدولية بالبرامج والفنادق والخدمة المتكاملة..
    وحتى بداية الثمانينات فقط قامت الدولة بإنشاء أول كلية وأول مدرسة للسياحة، والآن أصبح فى الصين 850 مدرسة و170 كلية ومعهدا، وتمنح الكليات درجة الماجستير فى فروع السياحة المختلفة، وتستعين بخبراء وأساتذة أجانب للتدريس، وترسل بعثات إلى الخارج بالآلاف لتكوين أجيال من خبراء ومديرى السياحة، ومنذ عام 1978 وقعت حكومتها اتفاقات للتعاون السياحى مع 23 دولة، منها مصر، وأنشأت مكاتب للسياحة فى نيويورك ولوس أنجلوس وتورنتو، ولندن وفرانكفورت ومدريد وكل العواصم والمدن الكبرى فى العالم تقريبا، وللصين الآن 55 شركة سياحية فى أنحاء مختلفة من أوروبا واليابان واستراليا وأمريكا..
    ***
    هذه باختصار هى قصة السياحة فى الصين، بدأت من الصفر وسارت خطوة خطوة حتى أصبح عدد السياح 67 مليون سائح.. وأصبح دخل الصين من السياحة 15 مليار دولار سنويا ويقولون هذه هى صناعة 》 الشمس المشرقة 《 والمواصلات والفنادق الجيدة والخدمة المتميزة التى تشعر السائح أنه ملك متوج.. وبعد أن كان المصدر الأول للسياح إلى الصين هو اليابان وأمريكا وكان نصف السياح منهما حتى عام 1988، تصاعدت أرقام السياح من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وسنغافورة والفلبين، ثم ازداد عدد سياح استراليا وكندا..
    والدعاية السياحية فى الصين قائمة على دعوة السياح إلى زيادة أماكن غريبة بالنسبة لهم ولا يعرفها كثيرون فى العالمم، وتجربة أسلوب للحياة لم يجربه إلا قلة، واكتساب تجارب تختلف عما اعتاد عليه الزائر فى بلاده..
    وكانت مشكلة المشاكل بالنسبة للسائح هى صعوبة التفاهم، فلا أحد يعرف اللغة الصينية، والذين يعرفون اللغات الأجنبية من أبناء الصين كانوا قلة، أما الآن فلم تعد هذه مشكلة، لأنك تستطيع أن تذهب إلى أى مكان وستجد من يعرف لغتك يرشدك، وبعض السياح يرون أن اختلاف اللغة ليس حاجزا يمنع التفاهم.. بل هى دليل على أنهم تركوا بلادهم ويعيشون فى بلاد لم يعرفوها، ولذلك يعد غريبا أن تجد مجموعات أو أفرادا من السياح الأجانب يقومون برحلات فردية ويضعون لأنفسهم برامج خاصة بهم، مستعينين بالخرائط والكتب والدليل السياحى والانترنت..
    الجديد أيضا أن الشعب الصينى بدأ يعرف السياحة الداخلية فى بلده مع التطور الاقتصادى وظهور الطبقة المتوسطة نتيجة سياسة الانفتاح، ووجود شركات استثمارية أجنبية تعطى للعاملين فيها أجورا مرتفعة نسبيا عن مستويات الأجور التى كانت سائدة قبل الانفتاح، وازدادت السياحة الداخلية أيضا بعد تطبيق نظام يومين إجازة اسبوعيا. ونتيجة للتطورات الجديدة فى حياة الشعب الصينى أصبحت نسبة الإنفاق على السياحة والسفر فى أيام الإجازات تمثل 10% من إجمالى إنفاق الأسرة فى العاصمة بكين، و11% من شنغهاى، ومعدل إنفاق الفرد فى اليوم الواحد 25 دولارا فى مدينة قواندونج، و20 دولارا فى اليوم فى شنغهاى، و18 دولارا فى بكين..
    وبدأت الصين تعرف سياحة المكافآت للعمال والموظفين المتميزين فى المناطق المتقدمة اقتصاديا فى الجنوب، ويقول لك المسئولون عن السياحة فى بكين إنهم مندهشون لأن الأرقام أمامهم تشير إلى أن 60% من السياح الصينيين داخل الصين من الريف.. وهذا يدل على أن الفلاح الصينى الذى عانى الحرمان مئات السنين بدأ ينطلق ليرى الدنيا خارج قريته، بعد أن كان هو وآباؤه وأجداده مكبلين فيها لا يجدون ما يدفعونه ثمنا لتذكرة سفر.. والدهشة تصل إلى منتهاها لأن الأرقام تقول إن عدد أبناء الريف الذين يقومون برحلة سياحية واحدة على الأقل سنويا وصل إلى 800 مليون فرد، أما سكان المدن والمناطق الصناعية فإنهم يقومون برحلات إلى الريف والغابات والجبال هربا من الحياة فى المدن المليئة بالعمارات الشاهقة والإيقاع السريع والضغط العصبى.. ولأن متوسط الأعمار فى الصين كبير يلاحظ الزائر كثرة عدد الشيوخ يجلوسون أمام بيوتهم أو فى الحدائق يتبادلون الأحاديث أو يقرءون الصحف أو يلاعبون الأحفاد.. هؤلاء الشيوخ المتقاعدون أصبحوا ضمن سوق السياحة.. أما الشباب فلهم معسكرات ورحلات بالآلاف.. ويتوقعون أن يصل عدد السياح فى برامج السياحة الداخلية الفردية والجماعية مليار فرد، ينفقون ما يعادل 32 مليار دولار.
    أما سياحة الصينيين إلى الخارج فقد أصبحت هى الأخرى صناعة كبرى، وصل عدد السياح من الصين إلى مختلف دول العالم خمسة ملايين ونصف مليون سائح، ولذلك أدرجت جنوب شرق آسيا الصين فى قائمة أكبر الأسواق المصدرة السياح.
    ***
    ويقولون لك: إن امتلاك الصينى سيارة كان حلما من الأحلام البعيدة مثل قصص ألف ليلة وليلية، ولكنه اليوم أصبح حديث كل من تقابله، بعد أن أسبحت الأسر القادرة على شراء سيارة خاصة 6 ملايين أسرة تمثل 2% من إجمالى عدد الأسر الصينية، وأصبح فى الصين أكثر من مليونين و 250 ألف سيارة خاصة، ويتوقعون أن يتضاعف هذا الرقم فى عام 2010، وستزداد حركة السفر والسياحة الداخلية نتيجة لذلك، وإذا كانت السياحة الداخلية تحقق ما يساوى 13 مليار دولار للدولة سنويا فإنهم يتوقعون زيادته عاما بعد عام.
    وفى بعض القرى يستقبلك الفلاحون بالفواكه الجبلية والأكلات المحلية ويوفرون لك الحمير والعربات التى تجرها الأبقار والخيول للتنقل بها والتقاط الصور معها، وهذه المظاهرات الشعبية تجذب السياح وتبهرهم.
    ***
    ومن أهم المواقع السياحية فى الصين مقبرة اكتشفوها تحت الأرض قريبا من مدينة شيان التابعة لمقاطعة شانسى، وتضم تماثيل بالحجم الطبيعى من الفخار دقيقة الصنع لجيوش الإمبراطور ( شى هونج ) وهى من أهم المزارات، تجد فيها المطاعم والاستراحات والمقاهى وينتشر فيها باعة التحف والمشغولات الصينية التقليدية من الحرير والتطريز والأحذية، والملابس والخزف والتماثيل، ويتكلمون أكثر من لغة، ومن لا يجيد لغة أجنبية يجيد البيع والتفاهم بالإشارة.
    وحين جلست مع رئيس مكتب العلاقات الخارجية لحكومة المقاطعة السيد ( كوا سريانجو) ورئيس مكتب السياحة السيد ( باى زيمن ) كان الحديث عن هذه المقاطعة التى تقع فى غرب الصين وعدد سكانها 36 مليون نسمة، من الجنوب معظمهم جبال، وفى الوسط سهل ينتج الفواكه، ويقولون: إن هذه المقاطعة هى سلة فواكه الصين، وفى الشمال هضبة يسمونها هضبة التراب الأصفر، وكان فى حديثهما فخر بهذه المقاطعة، لأنها ذات حضارة وتاريخ عريق، وعاصمتها مدينة ( سيان ) وينطق بعض الصينيين اسمها ( شيان ) نتيجة اختلاف اللهجات – كما يحدث عندنا من اختلاف فى النطق بين أهل بحرى وأهل الصعيد -، وقالا: إن مدينة ( سيان ) هذه كانت عاصمة لعشر أسر حكمت الصين فى التاريخ القديم، وفيها مدافن 73 إمبراطورا، أشهرها مقبرة الإمبراطور ( شين ) إمبراطور الصين الأول، فهذه المقاطعة كانت عاصمة الصين.. ومن هذه المقاطعة بدأت ثورة الصين، وتشكلت فيها اللجنة المركزية للحزب الشيوعى، وفى مدينة ( يا أن ) فى هذه المقاطعة تشكلت أفكار ماوتسى تونج، وظل يخطط للثورة ثلاثة عشر عاما وانطلق منها فى المسيرة الكبرى التى اجتاحت الصين، وسار وراءه ملايين من الفلاحين والفقراء والعمال حتى وصلوا إلى العاصمة واستولوا عليها..
    قال لى المسئولان أيضا: إن السياح الأجانب يحبون هذه المقاطعة ولذلك فالفنادق كاملة العدد، ويذهب السياح إلى جبل ( هوا ) القريب.. وجبل ( تاى باى ) ويصل عدد السياح الأجانب لمدينة ( سيان ) إلى 600 ألف سائح سنويا، أما السياح من الصينيين فيصل عددهم وفق الإحصائيات إلى 20 مليونا، ودخل هذه المقاطعة من السياحة يعادل مليارا و200 ألف دولار سنويا.
    تحتل هذه المقاطعة المركز الثالث فى عدد المدارس والكليات، وفيها 40 كلية حكومية و60 كلية أهلية منها كلية هندسة المواصلات التى تخرج فيها الزعيم الصينى الحالى جيانج زيمين. و200 مركز للدراسات والبحوث لتطوير الصناعة والزراعة والخدمات، وفيها صناعات متقدمة جدا مثل صناعة الصواريخ، والبتروكيماويات، والإلكترونيات، والجرارات، والنسيج، وتصدر للخارج أجهزة التليفزيون والثلاجات والآلات الزراعية.
    وفى مدينة ( سيان ) تخرج الزعيم》 زيمين《 وعمل مهندسا فى وزارة الصناعات الإلكترونية بالمقاطعة حتى وصل إلى منصب مدير الشئون الخارجية فيها، ثم انتقل إلى شنغهاى ووصل إلى منصب عمدة شنغهاى، ثم أمين عام اللجنة المركزية للحزب فى شنغهاى، وفى عام 1979 انتقل إلى القيادة المركزية فى بكين، ولذلك يأتى ذكر مدينة ( سيان ) كثيرا عند الحديث عن الزعيم 》 زيمين《، ويقولون: إن كثيرا من أعضاء القيادة المركزية للحزبتخرجوا فى الكليات الجامعية فى مدينة ( سيان ).
    ولإقناعى بالتطور الذى حدث فى الصين قال لى المسئولون عن المقاطعة: إن المناصب القيادية فى المقاطعة لا يصل إليها إلا الأكفاء وبعد اختبارات صعبة وبناء على الخبرات وتقارير الكفاءة، ولا يهمنا من أين يأتى المدير، من الداخل أو الخارج، انلمهم أن يكون على درجة كفاءة عالية، وهذا هو نظام اقتصاد السوق الاشتراكى.. لابد أن يكون المدير مستعدا لقيادة سيارته بنفسه بدون سائق، ويستخدم الكمبيوتر بنفسه، ويجيد لغة أجنبية واحدة على الأقل، وحتى الذين يقدمونلك الطعام والشاى فى الفنادق حاصلون على شهادة الدراسات الثانوية من المدارس الفندقية، وكل القيادات لابد أن ينضموا إلى دورات دراسية فى مدرسة الحزب للتعمق فى فهم وتطبيقات الفكر الجديد، ومن لا يجتاز الامتحان بنجاح يفقد وظيفته حتى ولو كان وزيرا.
    ***
    هكذا تحولت الصين من مجتمع مغلق إلى مجتمع مفتوح داخليا وخارجيا.. عقول الناس أيضا أصبحت مفتوحة للفكر الجديد ولديهم رغبة فى التطوير.. يتحركون أكثر بعد أن كانوا مقيدين داخل المدن والقرى التى يولدون ويعيشون ويموتون فيها. أصبحوا يشعرون بأنهم جزء من العالم، ويفتحون بلادهم لكل من يزورهم من أى مكان فى العالم، ويستعدون ليحتلوا مكانا متقدما ويشاركوا فى قيادة العالم.
    ويقولون فى الصين، إن عدد السياح الأجانب فى عام 2020 سيزيد على 167 مليون سائح سنويا، وسيصل عدد المشاركين فى السياحة الداخلية إلى أضعاف عددهم الحالى وإن كل فرد فى الصين سيقوم برحلة واحدة على الأقل سنويا، وبعضهم سيقوم بأكثر من رحلة. وسكان الصين 1200 مليون نسمة، ويقولون أيضا: إن المنافسة فى سوق السياحة لن تكون على الأسعار فقط بل ستشمل نوعية الخدمات، الأمن، ومستوى العاملين فى المواقع السياحية، ومدى توافر أماكن وتجارب جديدة ترضى حب الاستطلاع والرغبة فى المعرفة والراحة التى يجدها السائح، ولذلك فهم يعملون يهمة لتحديث المرافق والفنادق والطرق والمواصلات، ويقولون إنهم ينشرون بين أفراد الشعب ( ثقافة السياحة ) أى كيفية التعامل مع السياح والترحيب بهم ومساعداتهم ليشعر السائح أن كل صينى يقابله صديق له.
    أما المنظمة العالمية للسياحة ( WTO ) فإنها تتوقع أن تتفوق الصين على أمريكا وفرنسا وأسبانيا وإيطاليا، وتصبح أكبر بلد فى العالم سيتقبل السياح من الخارج، ويستند هذا الرأى أن الأسعار فى الصين مازالت أقل كثيرا من الأسعار فى أوروبا وأمريكا.
    ولا تتسى أن أهم سمات شخصية الصينى التواضع، وعدم المبالغة فى إظهار التفوق، وهذا يدعو إلى توقع أن يكون ما تحققه الصين أكبر من ذلك.
    كل شىء يتغير فى الصين.. وبسرعة.. وهذا دليل الحيوية.
    وكل شىء يتحرك إلى الأمام.. وبسرعة.. وهذا دليل التقدم..
    وإذا كانت الصين قد حققت الكثير فى سنوات محدودة، فإنه يبدو أنها ستحقق أكثر فى السنوات القليلة القادمة كما يتوقع المراقبون فى الغرب.
    .........


    ونواصل لمن كان له وعي او القى السمع وهو شهيد
    قبل ما الزول يقعد في كرسي الحكم يسال نفسه
    هل يملك وعي او مشروع دولة حقيقي؟؟!!!
                  

العنوان الكاتب Date
تجربة الصين adil amin02-05-09, 11:24 AM
  Re: تجربة الصين adil amin02-05-09, 11:28 AM
    Re: تجربة الصين adil amin02-09-09, 12:47 PM
      Re: تجربة الصين adil amin02-10-09, 01:28 PM
  fg ناذر محمد الخليفة02-05-09, 06:03 PM
  Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 08:42 AM
    Re: تجربة الصين معتز تروتسكى02-11-09, 09:11 AM
      Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 09:57 AM
        Re: تجربة الصين adil amin02-11-09, 10:02 AM
          Re: تجربة الصين adil amin02-12-09, 08:36 AM
            Re: تجربة الصين adil amin02-15-09, 09:19 AM
              Re: تجربة الصين adil amin02-16-09, 12:09 PM
                Re: تجربة الصين adil amin02-21-09, 07:13 AM
                  Re: تجربة الصين adil amin02-21-09, 07:17 AM
                    Re: تجربة الصين adil amin02-25-09, 08:40 AM
                      Re: تجربة الصين adil amin03-22-09, 11:39 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de