تـبـرعـوا لـي !

Quote: آخــر تحديــــث 2006-05-20 فيروز تضيء الماضي في ليلة ظبيانية أبوظبي - ضياء حيدر: “شو كانت حلوة الليالي والقمر يبقى ناطرنا”، كان ذلك الباب الذي فتحته فيروز في بداية حفلها في قصر الإمارات ليل الخميس الفائت، واستدرجتنا منه إلى بيتها القديم جدا، فنبشت ما كدنا ننساه، وما لم تغنه منذ سنوات طوال، إلا منذ نحو الشهرين في حفل دبي، بالبرنامج نفسه مع استثناءات بسيطة جدا وفي غياب ابنها أيضا الفنان زياد الرحباني. ولكن هنا في قصر الإمارات، حيث غلب حضور الجيل الوسطي والكبير وقلّ الشبابي مع بعض فراغات في المقاعد، على الأرجح لارتفاع أسعار البطاقات حيث بلغ ثمن البطاقات في حده الأدنى سبعمائة ووصل الى حد الألفي درهم في مسرح سعته ألف ومائتا مقعد. في هذا الحفل كان لذلك القديم معناه، حتى لخليجيين وإماراتيين من ذلك الجيل. وعندما غنت “شتي يا دنيي تيزيد موسمنا ويحلى” كاد ذلك الإماراتي بعباءته البيضاء الجالس في الصف الثاني، من دون أن نعلم بهويته، يقفز من مكانه، تصفيقه كان أشبه بالرقص. كان المسرح بالرغم من ضخامته، حميما، مقفلا، أشبه بسهرة خاصة. ولم يخبط الحاضرون أقدامهم بخشب المسرح المستحدث ليستدعوا بجنونهم فيروز مرة أخرى كما يحصل في حفلات بيت الدين في لبنان، لكن أيضا هنا في هذا الحفل، كان صراخ اللحظات الأخيرة قويا كما العادة، مستميتا، لكن فيروز لم تعد إلا مرة واحدة، تماما كما حصل في حفل دبي، عادت لتغني للجمهور “بكرا برجع بوقف معكن”، “حنا السكران” و”زوروني”. وأضاء الحاضرون بالرغم من تلك الأوراق التي وزعت عند مدخل القصر طالبة ترك الهواتف المحمولة في السيارات، أضاؤوا هواتفهم وصوروا فيروز وسجلوا صوتها، ومنهم أيضا من التقطوا صورا بالرغم من حظر التصوير وحتى للصحف التي كان عليها الالتزام بصور تلتقط من قبل فريق فيروز حصرا لتوزع على الصحف. كان هذا الماضي الذي غنته فيروز على امتداد الحفل يشبه المسرح بحضوره، لكن المفارقة أنه مع أغنية “اشتقتلك واشتقتلي بعرف مش رح بتقلي..” لزياد الرحباني كانت اللحظة الذروة، وكانت الأغنية ما قبل الأخيرة حسب البرنامج الأولي، أي عدا عودتها الأخيرة. مع هذه الأغنية اشتعل القسم الخلفي للمسرح، أي تلك المقاعد الارجوانية، التي من المفترض أن بطاقاتها هي الأقل سعرا، والتي شغلت بفئات شابة في أغلبها، ولكن الحماسة امتدت لتعدي المسرح كله ولتفلته من بروتوكلاته. لتأتي بعدها مباشرة “عيد العزابي” من الزمن الأقدم، ليأتي بعد ذلك الختام الذي لحقه حفل كوكتيل لم تحضره فيروز طبعا. لماذا هذه العودة إلى الماضي؟ لماذا أيضا هذه العودة إلى الاخوين الرحباني تحديدا ومن أرشيف مسرحياتهما (كان لنصري شمس الدين حصة كبيرة) وليس إلى الابن الرحباني، أي زياد. فعدا “اشتقتلك” الجديدة نسبيا، كانت حصة زياد فقط من قديمه “شو هالايام اللي وصلنالها” ومقدمة إحدى مسرحياته. لم تغن فيروز أياً من الأغاني التي أعاد زياد توزيعها، كما في حفلات لبنان في السنوات الأخيرة. نبشت الماضي، بكل تلك المشاعر بالفقدان، بالخسارات للزمن الجميل، الخسارات الشخصية والجماعية.