يوم من أيام فاطنة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-29-2007, 08:23 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوم من أيام فاطنة (Re: هشام آدم)

    ______________________

    ( الحلقة الخامسة )



    ترتدي الحاجة فاطنة ثوبها الأسود المنقط بدوائر بيضاء صغيرة، وتبحث تحت لحاف السرير عن محفظتها اليدوية. تقف أمام مرآة الكومدينو، وتضفي بعض اللمسات الأخيرة على شعرها كي لا يظهر من تحت الثوب المنسدل على رأسها. تضع المشط جانباً ثم تخرج أسوارها الذهبية الثمانية من علبة كريم "بِرِيل" قديمة، تضعها على ساعديها بالتساوي أربعة أسوار في كل ساعد، ثم تفتح إحدى أدراج الكومدينو لتخرج طرحة قديمة بلون غامق مربوطة بعقدة سميكة، تفتح العقدة بعناية وتضع قاعدة القماشة على كفها الأيسر وتُبعد العقدة بيدها اليمنى، مجموعة من الأقراط والخواتم الذهبية من بينها خاتم جنيه وسوار ثعبان و"احفظ مالك"*، تحتفظ بها الحاجة فاطنة في قلب الطرحة القديمة. تُخرج خاتم الجنية وتعيد عقد الطرحة مرةً أخرى. تفتح شنطتها اليدوية لتجدها خاوية إلاّ من بعض الجنيهات المقطوعة، ودبوس شعر، وروشتة قديمة، وعلبة إسبرين بها حبتين فقط. تنتقل إلى الدولاب وتفتح الضرفة الخاصة بها، مجموعة من الثياب على إحدى الأرفف وتحت الثياب ورقة جريدة مفروشة، ترفع الحاج فاطنة الثياب والجريدة لتجد مجموعة من الأوراق المالية فئة الخمسمائة جنيه، تأخذها وتضعها في الشنطة.


    تخرج من غرفة النوم بعد أن ارتدت حذاءها "دكتور شول" الأسود، والحاجة فاطنة لا تزال تتذكر ذلك اليوم الذي اشترى فيه عوض الزين "دكتور شول" لها وهما في مِصر لتلِد وجدي هناك بطلبٍ من "مَلْكَة" خالة الزين التي انتقلت مع ابنتها ابتسام لتدرس الجامعة هناك. وكلما رأت "دكتور شول" تذكرت قاهرة المُعِز، وحواري إمبابة الضيّقة، وبيوت شُبرا الُموحية بالدفء، وأصوات الباعة ورنين أجراس الدراجات، وطقطقت الرجال وهم يلعبون "عشرة طاولة" في "قهوة السماحي" وعبد الحليم حافظ من مسجّل نفس القهوة، وأصوات كثيرة تتذكرها الحاجة فاطنة كلّما ارتدت "دكتور شول": أصوات النساء والرجال والأطفال وسنابك خيل الحناطير، أبواق التكاسي "العباسية - مصر الجديدة" بائعة الكوشري وهي تنادي "أرّب ع الكوشري اللي هُوّا"، سوق الأناتيك والمشربية "صباحَك فُل يا باشا، صباحِك إشطة يا هانم"، والنساء الواقفات على البلكونات وأحاديث الهواء الطلق أمام الناس وأصوات العابرين. وصوت تنفيض الغبار عن السجاديد بالمنفضة الخُوص، رائحة عِرق السوس، وشَعر البنات، وكُوز الضُرة، ضريح السيدة زينب، وميدان التحرير، والشمس التي لا تحرق بقدر ما تُداعب الوجوه والأسحنة، صوت الطُروماي والبيانولا. كل هذه الذكريات التي ما زال "دكتور شول" يحتفظ بها في ورقة صغيرة مكتوب عليها "صُنع في مصر".


    تخرج الحاجة فاطنة بعد أن وضعت قليلاً من المحلبية في باطن قدمها لتضفي لمعة على الحناء التي في قدميها، لزوم إخفاء الشقوق. تتأبط الحاجة فاطنة شنطتها اليدوية، وتتفحص أركان البيت قبل أن تُغادر، تصيح وهي في المطبخ:


    * يا وجدي، الغدا في المطبخ .. كان أخوانك جو.


    تمد رأسها على الغرفة التي بها وجدي، لتجده غارقاً في النوم، فتخرج في صمت، تقف في وسط الحوش وتنادي على جارتها عزيزة لترافقها:


    - ياللا ياللا أنا مارقة.


    وتتجه إلى باب المنزل. الشارع كالعادة في مثل هذا الوقت، يعج بالعابرين، النساء اللواتي يحملن القُفف متجهات إلى سوق الخُضار، سيدة عائدة من سوق الفحم الذي يبعد شارعين عن بيت الحاجة فاطنة، مدرسة البنات الابتدائية على ناصية الشارع، ثلاث أولاد وبنتين يلعبون السِيجا أمام بيت هَمّد النَظُورجي، أصوات أطفال آخرين في الجانب القصي من الميدان تتعالى: "سَكّج .. بَكّج .. سَكّج .. بَكّج". وشجرة نَبَق كبيرة تتدلى من بيت فريال الحنّانة تاركةً ظلاً ينام تحته كلبٌ عجوز بجوار مزيرة قديمة. السماء مُلبّدة بالغيوم، تنظر الحاجة فاطنة إلى السماء وتغمغم "الله يستر" تخرج عزيزة بنت مريوم وينطلقان سوياً.


    في الجامع يقف الشيخ عبد القيوم بعد صلاة العصر، يتلو بعض الأذكار والدعوات بأن يُخفف الله فيضان هذا العام، ويؤمّن المصلون من ورائه ثم يختم حديثه بأنه عليهم ألا ينتظروا دعم الحكومة التي لم تُرسل حتى الآن ولا شوّال رمل واحد، بل لم تمر سيارة حكومية بشارع الحي منذ فجر اليوم. أحدهم قام وقال:


    * يا جماعة لازم نشوف لينا حل غير موضوع الشواويل دي. الشواويل دي زي الغربال جوّاها رمل يعني ممكن الموية تخش فيها وتمرق من الناحية التانية. أنا بقول لو نشوف لينا زنكي ولا خشب ولا أي حاجة تانية.


    وبدأ رجال الحي يتداولون هذا الموضوع، وكل واحدٍ فيهم يدلي بدلوه فيه وأرغوا وأزبدوا. وكان عوض الزين في هذا كله مستمعاً جيّداً، فهو ينصت حتى إذا قرّر الجميع أمراً، كان أول المبادرين. في هذه الأثناء كان "مُزمل" ولد عوض الزين، قد عاد إلى المنزل حاملاً مسّجلاً في يده، ليجد المنزل خالياً إلى من وجدي وقطته التي فضلّت النوم تحت شجرة الحناء.


    دخل غرفته وحمل بعض الملابس ثم أتجه إلى الحمام، وضع الثياب ثم بدأ بتنظيف حوض الحمام من الماء المتسخ، وبعد أن أكمل حمامه دخل المطبخ وتناول غداءه فيه. ثم جلس في الفرندة ووضع جهاز التسجيل أمامه وبدأ في فكّه وإصلاحه. مُزمل الذي التحق بالمعهد الفني منذ سنتين يعشق فك وتصليح الأدوات الكهربائية. يُحضر معه بعض الأدوات ليقوم بإصلاحها في المنزل مقابل أجر رمزي. كما أن أهل الحي بلا استثناء رجالاً ونساءً يحضرون له أدواتهم المُعطّلة ليصلحها لهم: مكوة، مسجل، فيديو، تلفزيون، ووكمان. حتى أن الحاج "عبد المطلب" أحضر له في مرّة ساعة منبه جلبها مع من أرض الحجاز عندما ذهب إلى هناك للحج. وميزة هذه الساعة المنبهة أنها تؤذن وقت صلاة الفجر، ولكنها تعطلّت فجأة بعدما وقعت منه على الأرض، ولم تعد تؤذن عند صلاة الفجر كعادتها. فقام مُزمّل بإصلاحها وأعادها له. وفي اليوم التالي، جاء الحاج عبد المطلب، يشكو من أن صوت المؤذن في الساعة لم يعد جميلاً مثلما كان سابقاً، فقال له عوض الزين مُداعباً:


    * بيكون وجدي ختّ ليك مؤذن سوداني بدل المؤذن السعودي يا عبد المطلب.


    بعض سكان الحي ينادي مُزمّل بالـ( باشمهندس ). وهو نسخة بالكربون من أبيه حتى في طِباعه، على عكس إخوته الذين أخذوا الكثير من أُمهم الحاجة فاطنة.
                  

العنوان الكاتب Date
يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 08:12 AM
  Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 09:13 AM
    Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 10:19 AM
      Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 11:25 AM
        Re: يوم من أيام فاطنة asmhan hashim07-28-07, 12:01 PM
          Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 12:31 PM
            Re: يوم من أيام فاطنة abuguta07-28-07, 12:38 PM
              Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 12:41 PM
                Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 08:23 AM
                  Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 09:45 AM
                    Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 10:19 AM
                      Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 11:29 AM
                        Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-30-07, 07:46 AM
                          Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-30-07, 09:16 AM
                            Re: يوم من أيام فاطنة معتز تروتسكى07-30-07, 04:15 PM
  Re: يوم من أيام فاطنة عبدالله داش07-31-07, 01:11 PM
    Re: يوم من أيام فاطنة معتز تروتسكى08-01-07, 12:16 PM
      Re: يوم من أيام فاطنة Wafa Ajjasim08-01-07, 12:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de