من مواطن لمعارضين .. ارحمونا و ارحموا القارئ و ارحموا انفسكم

Quote: "فلتلتهم النيران شعري الرديء" (إبراهيم حسو يحرق "الهواء الأزرق" فاجأ الشاعر السوري ابراهيم حسو أهل الأدب بإصدار مجموعته الشعرية الأولى، "الهواء الذي ازرقّ"، بعد عقدين من الكتابة، لكن المفاجأة الأخرى والأشد وقعا كانت جمعه ما تبقّى من النسخ وحرقها أمام عتبة منزله الصغير في حي الكورنيش بالقامشلي. ينتمي إبراهيم حسو إلى جيل التسعينات وتشكل تجربته، مع تجارب لقمان ديركي وطه خليل وحسين بن حمزة وإبراهيم اليوسف وعارف حمزة ومحمد عفيف الحسيني ومنير دباغ، بصمة شعرية خاصة في المشهد الشعري السوري. يكتب منذ منتصف الثمانينات وينشر في الدوريات السورية واللبنانية والعربية، ولفت منذ نصوصه الأولى إلى تجربة متفردة ومتميزة تنتهك اللغة ببداوة كردية خالصة. لكن لماذا تأخر إبراهيم حسو وهو المحسوب على جيل الثمانينات السوري كل هذه السنوات لإصدار عمله الشعري الاول؟ قال: "كان الأجدى بي الانتظار قرنا آخر لاكتشف المعنى الحقيقي للشعر. الشعر بالنسبة إليّ لم يكن المنقذ بقدر ما كان هذيانا ولعبا في أزقة اللغة من دون رقيب وكسر مفتعل لأرجل اللغة السبع والأربعين". عن حرق مجموعته الأولى: "منذ اكثر من خمسة عشر عاما وأنا اهيىء نفسي للشعر وأعد العدة للخوض في ساحاته البيضاء، لكني شعرت ساعة المواجهة كأني أواجه نقيض الشعر بل قشوره، وأرعبتني سطوة اللامعنى ودفعتني إلى ان أبقى خارج اللغة. لقد صدمتني الحداثة برجلها ورمتني خارج أسوارها في مكان مظلم وقاتم". بعد صدور ديوانه، رأى حسّو أن كتابه لم يحقق هدفه في الارتقاء باللغة ولم يشكل طفرة شعرية لافتة كما كان يريد، فضلا عن طباعته الرديئة وإخراجه السيئ من الغلاف الاول إلى الأخير، وذلك كله لا يليق بالشعر وباسمه، فحرّضه حبه للشعر، على ما يقول، وإخلاصه له على حرق نسخ المجموعة والتلذذ بمشهد النيران "اذ تلتهم شعرا رديئا في طباعة اكثر من رديئة". "لقد فشلتُ في الشعر"، قال معلّقاً بعد فعلته، و"ها أنا ادفع ضريبة خيانتي، واكرر اعتذاري لكل من اشترى هذا الكتاب وللوقت الثمين الذي اضاعه في قراءته". لكننا نسأل، أو نتساءل: أليس حرق النسخ ضربا من ضروب الفانتازيا الشعرية التي تتضمنها أصلا كتابات إبراهيم حسو ونصوصه، او ربما دعاية بطريقة ترويج شعرية للمجموعة تهدف إلى لفت الأنظار إليه واليها؟ يحتج على هذه التهمة قائلا إن الشعر لا يحتاج إلى دعاية، موضحاً أنه لم يكن لديه أي هدف غير الإخلاص للشعر وحده حين تخلص من كتابه. عن جديده: "لديّ نصوص كثيرة لكني لا أعول عليها شعريا لأنها تحتاج إلى رعاية اكثر والى تنظيفها من الشوائب والعوالق. تعتمد على النمط التوليدي الذي يختزن اكثر من معنى في الجملة الواحدة. في اختصار، لديّ اكثر من مجموعة شعرية تنتظر الحرق. تتساءلون لماذا؟ ربما أكتب لأحرق. والعكس أيضا صحيح"