|
|
 البراغماتية النوبية...
|
..(نقلا عن موقع المنتدى النوبى العالمى)
البراغماتية مصطلح سياسي يعنى النهج العملى وهو عكس النهج المثالى ..
عندما كنت اعمل بوزارة الخارجية دبلوماسيا صغيرا فى منتصف سبعينات القرن الماضى كنت معجبا باسلوب الزعيم الصينى دينق هسياو (شاو) بينق الذى خلف الزعيم الصينى التاريخى ماوتسى تونق والى الزعيم دينق هسياو بينق يعود الفضل فى النهضة الصينية الحديثة فقد استطاع ان يحرر الصين من اسار التطرف الايديولوجى وعقبات الثورة الثقافية التى طالت الكثيرين من المبدعين والقت بهم فى المزارع والكميونات العقائدية لإعادة تهذيبهم وتلقينهم النظريات الماوية.. قال دينق هسياو بينق انه لا يهمه لون القط ولكن يهمه كم عدد الفئران التى اصطادها وهى اشارة واضحة الى مفارقته لفكر الزعيم ماوتسى تونق ونزوعه للاقتصاد المشترك والتحلل من هيمنة الدولة الكاملة على عملية التطور الاقتصادى.. ويقول دينق هسياو بينق فى موضع أخر انه لا يهمه صعود الجبل من جهة اليسار او اليمين وانما يهمه الوصول الى قمة الجبل بسرعة وبايسر الطرق.. وهذه ايضا مفارقة اخرى للتحجر الفكرى على عهد ماوتسى تونق ..
إننا يا إخوتى احوج ما نكون الى مثل هذه البراغماتية (المنهج العملى) فى العمل النوبى .. اذا ابدت حكومة الجبهة استعدادا جادا لتقديم خدمات كبرى لتنمية المنطقة النوبية فيجب علينا ان نهتبل هذه الفرصة ونمارس اقصى الضغوط الممكنة للحصول على الحقوق النوبية كاملة غير منقوصة إن ارادوا ان يكفروا عن سيئاتهم وتجاهلهم وافقارهم للمنطقة النوبية وفى ذات الوقت يجب على النوبيين ان يكونوا يقظين فى الامساك باوراقهم بحيث لا تسقط قضيتهم امام الالاعيب السياسية التى خبرها النوبيون الآن وصاروا اقدر على التعامل معها بوعى عال.. لنجعل المنطقة النوبية منطقة تنافس شريف بين الجميع لنرى من يكون الافضل فى خدمة المنطقة النوبية .. نعطى اصواتنا لمن يخدم المنطقة النوبية اكثر سواء كان ذلك جبهجيا او اشتراكيا او بلا لون سياسيى.. لقد رايت امثلة كثيرة لذلك فعلى سبيل المثال عندما عملت بالهند رايت كيف يكون التنافس بين حزبى المؤتمر وحزب الجاناتا فى انشاء المشاريع التنموية .. ستكون الهند خلال العقد القادم ثالث اكبر قوة اقتصادية فى العالم حسب تقارير المراقبين الاقتصاديين من واقع نمو الدخل القومى الهندى.. والهند لا تحدث فيها الانقلابات العسكرية بفضل قوة الحكم الاتحادى حيث تتمتع كل ولاية بسلطات واسعة فى ادارة شؤونها وهناك ضوابط تحكم وتنظم علاقة الولاية بالمركز وعلاقة الولاية بالولاية ولا يستطيع الجيش ان يستولى على السلطة فى نيودلهى اذ ان الجيش موزع على الولايات وعلى حدود الهند الواسعة ويقوم بمهمته الحقيقية فى حماية الدستور والوطن وليس الاعتداء على الوطن والدستور كما يحدث عندنا منذ الاستقلال.. جيش لم يخض حربا واحدة ضد عدو اجنبى ولكنه خاضا حروبا ضد ابناء الوطن.. اننا نحتاج الى سياسة براغماتية (عملية ) للخروج من ازمتنا.. واذا فشلنا فى ذلك لن بيق إلا الاحتراب والاحتكام الى منطق القوة.. والنوبيون يملكون كل الوسائل لانتزاع حقوقهم...
عندما خرج المستعمر من السودان كان النوبيون يشغلون اكثر من ثمانين بالمائة من الخدمة المدنية وذلك لارتفاع نسبة التعليم وسطهم وكانت الخدمة المدنية فى ازهى صورها وانقاهاحيث انعدم الاختلاس وخراب الذمم والرشوة ومحاباة السلطان.. وبظهور عوامل خارجية كثيرة تمت إزاحة النوبيين بتدرج بل ان النوبيون حوربوا فى ثقافتهم ولغتهم واصبحوا ينعتون بالبرابرة والرطانة والغلف فاضطر كثيرون منهم الى إجادة اللغة العربية والتى سيطرت على كل شيئ من خلال مناهج بخت الرضا والبعثة التعليمية المصرية والاذاعات والافلام المصرية مما سارع فى تعريب المجتمع السودانى الذى لم يكن عربى اللسان.. ان طبقات ود ضيف الله يكشف لنا بجلاء كيف ضعف اللغة العربية أنذاك اى بعيد سقوط مملكة علوة المسيحية فى سوبا جنوب الخرطوم قبل حوالى 500 عام فقط..
ساعود لهذا الموضوع قريبا وارجو ان يسمح الوقت لتناول التجارب الاخرى مثل التجربة الهندية و التجربة الامريكية والتنافس بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى وعلاقة الولايات بالمركز والتنمية المتوازنة فى موضع أخر..
يجب علينا ان نضع مطالبنا بقوة امام الحكومة ونطالبها بالتنفيذ الفورى اسوة بما تم من اتفاق مع الإخوة فى الجنوب وفى دارفور وتأكيد ان اى تأخير سيؤدى الى نتائج وخيمة على كل السودان فالنوبيون يقطنون فى منطقة مفصلية بالنسبة للسودان اضافة الى انهم معروفون للعالم بتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم ويمكنهم استنهاض كل هذه الطاقات لحشد التأييد لقضيتهم بسهولة.. المهم فى الامر ان يمارس النوبيون ضغوطهم بالوسائل السلمية وعبر الحوار والتفاوض يمكنهم اقتلاع حقوقهم ويجب على الحكومة ان تعترف بالغبن الذى لحق بالنوبيين منذ الاستقلال وضرورة تعويضهم وقد ذكرنا المطالب الاساسية فى صلب البيان الذى اصدره التجمع الكوشى النوبى فى الشهر الماضى..
وشكرا..
نورى جليلة (نورالدين منان)
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Mannan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست