|
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة (Re: محمدين محمد اسحق)
|
شهادة نبيل قاسم، مخرج "جهاد على الجياد"*
فاشلة هي الحكومة السودانيّة في حربها الدفاعيّة إعلاميّاً. خطاب المسؤولين فيها خشبي. نظرياً ذهبت بهم المؤامرة إلى تصديق مقولة رددوها أمامي كثيراً ومن دون وعي، هي أنّ ما يجري في دارفور هو صراع على كنوز ونفط موجود هناك... قاسيةٌ هي الحكومة على أبناءها من القبائل الأفريقيّة، بينما في الأوطان عادةً شيءٌ من الأمومة... من يهجرون ويُقتلون في دارفور أيتام ... الخرطوم ليست أمّهم.
في قسمه السوداني كان فيلمي غير مُقنع... التعاطي الحكومي السوداني معنا. أُسقطها إعلامياً في أفلامنا نحن المحايدون الذين نذهب إلى هناك، علًنا نخترق ما نعتقد أنّه تجنٍّ إعلامي ومبالغة ضد النظام السوداني...
موسى هلال قال لي إنّ عشرين مليون جندي هم بإمرته. قلت له إذاً عليك أن تُصبح الرئيس السوداني المقبل... فنظر إليّ قائلاً: من قال لك إني لا أفكّر في ذلك؟ تخيّلوا من سيُصبح الرئيس المقبل للسودان. قال إنّه ليس قاتلاً ولكنّه تسلّح بناءً على نداء الدولة للدفاع عن أرضه.
صاحب خطّة العودة الطوعيّة، وزير الداخليّة السوداني كان عصبيّاً يُعيد نفس الخطاب، قدم الحكومة كضحيّةٍ. كذلك فعل وزير الشؤون الإنسانيّة. باختصار كلّ من قابلتهم كانوا ملائكة. لم تعطني الحكومة ورقة صغيرة... قصاصة... صورة من صحيفة تؤكّد أو تبرهن اتهاماتها للمعارضين. كنت كلّ مرّة أطلب ممن أحاور أن يمدّني بصورةٍ لقريةٍ عربيّةٍ محروقةٍ أو أي شيء يدلّ على أفعال المتمردين. لم يمدّوني بشيء.
في الخرطوم واجعت ظروف ترهيب كان أبطالها الإعلام الخارجي والمخابرات. مرافقنا استشرس وهو يحاول سياقة الفيلم من وجهة نظر مسؤوليه كما ان هذا المرافق اوعز للمخابرات باعتقال شخصيّة من المؤتمر الشعبي كنت على وشك إجراء مقابلةٍ معها في الفاشر. في مخيّم أبو شوك طُردنا أوّل يوم... المسؤول عن المخيّم اتهمني بتصوير مشاهد بشعة لأطفال شبه عراة... لم يخجل من نفسه, ماذا يعتقد أنني سأصور في مخيّم لاجئين سودانيي الجنسيّة يتكفّل العالم الآن بإطعامهم وتتكفّل منظمات إنسانيّة غربيّة غير عربيّة بتطبيبهم. لم يُسمح لي إلاّ بزيارة مخيم أبو شوك وتحت مراقبة رجال الأمن. هناك حكت النساء بصوت عالٍ. محمد مرافقي صار يسخر منهن بصوتٍ عالٍ محاولاً تشتيت انتباهنا عما يقولون.
محاولة إجراء لقاءٍ مع مُعارض من المؤتمر الشعبي وحادثة اعتقاله تقريباً أمام الكاميرا أزعجت السودانيين. أصبحت شخصاً غير مرغوب به. قطعوا زيارتي لدارفور وأعادونا إلى الخرطوم. ضقت من تصرّفات محمّد. أرهبني. في الليل كنت أنا والمصوّر نضع أثاثاُ أمام أبواب غرفتنا خوفاً من أي عمليّة اقتحام لمصادرة الأشرطة. صار محمد يفرض علينا مقابلة زعماء يمثلون وجهة نظر الحكومة. وافقت. أحدهم قال لي هم (اي القبائل الافريقية)الذين بدأوا والبادئ أظلم.
مشهد اللاجئين الهائمين على وجههم في المخيم الوحيد الذي زرته من الجهة الحكوميّة السودانيّة كفيل بحجب البراءة عن الحكومة السودانيّة حتّى لو كانت بريئةً. في الطائرة عائداً إلى دُبي، فكرت أن موقف حكومة السودان كان أقوى لو أنّها أقامت مخيماً للهاربين من القبائل العربية المتضررين من هجمات متمردي دارفور. الحكومة قالت لي إنّ المتمردّين يحرقون قرى القبائل العربيّة.
في طائرة طحين وصلت إلى إيتشي آتياً من نجامنيا... المعارضة السودانيّة أمّنت وصولي إلى طينة على الحدود مع السودان. عُدت سيراً إلى دارفور المحررة. هناك التقيت قادة المعارضة. في اليوم التالي عدت إلى مكان ناءٍ حيث توجد مخيمات الإعلام العربي أو العرب لا يعرفون كان عنها شيئاًآنذاك.
وصلت إلى هناك بأعجوبة. كانت شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة غارقةً في الوحل على طول الطريق إلى تلك المخيمات. هناك انكشف المشهد المبكي. مئات الآلاف في العراء. الكثير منهم بدون خيم. في الأسبوع الذي قضيته متنقلاً بين تلك المخيمات، بدأت أفقد توازني الإنساني ....كنت مذهولاً من أمري وأنا أصوّر ما شاهدتموه في الفيلم. بعد كلّ يوم عمل كنت أفكّر في ماذا لو كان المسؤولون في الخرطوم كذبوا على الجميع. كنت أرى فجيعةً إنسانيّةً تأخذ بعد الهستيريا. حكت النساء ما تعرّضن له من الجنجويد. واحدة من النساء أنجبت طفلاً وكان امامي بين ذراعيها, قالت إنّ أبيه من المهاجمين. امتلأ رأسي بأخبار الذبح والاستعمال . هطل المطر بغزارة على الآلاف ممن كانوا في العراء. أنا اختبأت في السيارة.
ما شاهدتموه في الفيلم من حالات صدمة نفسيّة أدّت إلى حالات شلل هو صحيحي وحقيقي ولا يُمكن أن يكون تمثيلاً. هناك طيّار سوداني يتلقى أوامر بحرق قرى. كانت الصور الحيّة وقصف الأنطونوف على القرى مرعبة. كانت هناك مقابر جماعيّة.
وحتّى الآن سأظل اسأل:لماذا لا تملك حكومة الخرطوم وثائق مضادة؟ وصلت إلى الى إيتشي في حال انهيار جسدي ونفسي. لجأت إلى الأمم المتحدة بعدما شعرت أنّ قدرتي على الصمود باتت مهددة. تركت نساءً وأطفالاً مرميين في العراء. هربت عائداً إلى حيث بعض الطعام. لا تفارقنني وجوههم الآن.
القضيّة كلّها غير متوازنة. السبب في ذلك هو الحكومة السودانيّة وليس أنا. ستخسر الخرطوم بطبيعة الحال حربها الإعلاميّة الدفاعيّة. تخيّلوا موسى هلال مقابل حوّاء الطفلة العارية أو امرأة مغتصبة ومعها ابنها الذي يتضح أنّ والده من الجنجويد أو تخيلوا وزير الداخليّة السوداني مقابل الرجل الذي فقد بصره بعدما صُدم بأنّ أولاده الستّة قضوا في تلك الحرب.
يبدو لي أحياناً أن السودان يريد وضع نفسه في دائرة الاهتمام العالمي كيفما اتفق وهو يقفل حرباً أهليّةً ليفتح أخرى. يبدو لي أحياناً أنّه على جمهور النظام أن يخجل من منظر مليون سوداني من بني شعبهم في العراء يتسوّلون الطعام.
*تم إلقاء هذه الكلمة في ورشة العمل التي نظمتها كرايسز غروب في القاهرة في 19 نيسان/أبريل 2007 حول تغطية الإعلام العربي لأزمة دارفور
http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4872&l=6
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 06:12 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 06:15 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 06:23 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 06:28 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Mohamed Suleiman | 06-07-07, 06:33 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 06:50 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 07:09 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 06-07-07, 07:59 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-07-07, 09:23 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Haroun ishak | 06-07-07, 09:41 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | فاروق حامد محمد | 06-07-07, 10:38 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 08:29 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 08:14 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | ahmed haneen | 06-08-07, 08:50 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 08:34 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمد على النقرو | 06-08-07, 12:19 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 08:18 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Mohamed Suleiman | 06-08-07, 08:54 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 10:36 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 08:55 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-08-07, 11:10 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-09-07, 01:51 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | abubakr | 06-09-07, 02:07 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-09-07, 03:13 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمد على النقرو | 06-09-07, 03:28 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-09-07, 08:49 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-09-07, 09:00 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-09-07, 09:08 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Muna Khugali | 06-12-07, 10:36 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | A.Razek Althalib | 06-12-07, 10:56 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-23-07, 08:16 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-23-07, 08:09 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Elmuez | 06-15-07, 04:04 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-23-07, 08:25 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمد على النقرو | 06-24-07, 00:49 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Bashasha | 06-24-07, 05:27 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | محمدين محمد اسحق | 06-24-07, 11:16 PM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Abdelrahman Elegeil | 06-25-07, 00:10 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Mohamed Suleiman | 06-25-07, 00:20 AM |
Re: فيلم جهاد علي الجياد و تدخّل الرئيس السوداني عمر البشير الهاتفي في المسألة | Mohamed Suleiman | 06-25-07, 00:50 AM |
|
|
|