|
حين يكون النيل انسانا اسمه عبدالمجيد منصور ( من دفتر العزيمة)!!
|
يظل لك الجميل والعرفان يا أبتى الانسان..... والى كمال معاذ اهدى جزء من الفصل العشرين من - أنثى الأنهار- والى ذلك الشاعر الذى استنكر أن أمدّ يدى (لاشحد)... شاحذة همتى لانهل العلم من المهد الى اللحد!! ------------------------------------ كان حين زارنا كمال معاذ, النقى كعصفور سماوى وكنت مازلت اعانى من آثار الهزة النفسية التى تعرضت لها ومازالت بى بقية اكتئاب فى 1990, حرضنى ان اقوم بترجمة شهاداتى وارسالها لعبدالله وادى الذى كان حضورا ببساطته وطيبته التى لا تقل عن كمال فى شىء وحتما وسيقوم بمساعدتى للحصول على قبول. كم كان صعبا حينها الحصول على مبلغ يكفى حتى لمشوار من الخرطوم لامدرمان, فكيف يمكن ترجمة الشهادات؟ ساعدتنى منى شقيقتى التى كانت تعمل فى شكرة كنانة كمحاسبة بعد ان تجمدت السنة الدراسية فى جامعة دجوبا حيث كانت تدرس التربية, وبعض الاصدقاء اضافة الى ماوفرته من بيع السندوتشات لبعض من لزميلاتى وزملائى الذن اتفقت معهم إبان دراساتى العليا, لاستخراج شهاداتى وترجمتها وتوثيقها.
تحصلت على القبول, وكأنى ولدت من جديد, كانت الدنيا تتسع امامى حينها ولم اشغل بالى بكيف اسافر, فالقبول لا يعنى سوى انه قبول وفقط. رميت ليلتها بزور فكرتى, بانى ساقوم بجمع تبرعات!!! تشاغل ايوب بقراءة رواية كانت تشدّ عصب إنسانه وكنت حينها ارغى وزوربا ( أمين محمود) يذبد بالحلم وايوب يتسكع فى باهيا فى امريكا اللاتنينه. كنت اغتاظ حين تاخذه تفاصيل مايقرأ كلية عنى, فبين تشجيع امين وصمت ايوب تمسكت بالحلم اكثر وخالتى رقية والدة زوربا تدعو لىّ وتغرس حقولى بالامنيات التى انتظر وجدة شقيقتها على صهوة جواد انتظرته طويلا. ذهبت الى الداخلية فى نمرة تلاتة, كنت متحمسة والطعمية بدت لىّ ليلتها طيعة والجدران المطلى بالاصفر الباهت بدا لىّ اخضرا ومفتوح نحو سموات الامل. الماء الذى نقعت فيه الفول بدأ لىّ اكثر عذوبة, حبات الفول كانت عقد اللولى الذى زينت به عنقى وبدأ لىّ الزيت عصارة تعب العاملين فى تلك العصارة, وقودا لروحى. ايام قليلة واستلمت القبول مترجما للعربية وكتبت طلبا بخط اليد, حددت فيه امنياتى وشديت الرحال تجاه أثرياء المدينة. ساعدنى حذائى الذى تآكل أيامها من {حوامة} أحلامى . أنضمّ لىّ فريق من الصحبات والاصحاب, حنان بابكر عرفتنى بدكتورة ماجدة محمد احمد التى لم تبخل بالمال ولاّ بالافكار, رابحة حماد تسندنى كلما وهن فىّ العظم وكلما اشتعل ليلى هما وحزنا, اخذتنى رابحة لصاحب مصنع فى بحرى, الذى بدا لى يومها ابعد من فيينا ذات نفسها, تبرع يومها بمبلغ عشرة الف, قلت لرابحةيومها هذا مبلغ مخيف , ضحكنا رغم الاجهاد والجوع والعطش , دخلنا الى احدى كافتيريات مدينة بحرى, خدشتنى غربتى فيها {قرطعنا عصير الغنقليز ودفعنا مبلغا يكفى لسخينة اسبوع. ذات نهار والدنيا بدايات شتاء, جبنا ايوب وانا بعض عيادات الاطباء فى بحرى, ايوب لم يكن مقتنعا بالفكرة, فعلها يومئذاك سندا لىّ او خوفا من غضبى. كان يؤكد على ان وجودى فى السودان افضل رغم كل الابواب المغلقة ويبرر بانى قد بدأت طريقى فعلا كصحفية فى الاذاعة والصفحة الثقافية فى صحيفة القوات المسلحة, وانى بدأت بخطى ثابته وساجنى ثمار ذلك. بين تشجيعة واصرارى سبحت السفينة فى رمال الاشواق لواقع افضل. لم نجنى يومها سوى بضعة وعود وعدنا الى الخرطوم ملىء جيوبنا بالهواء واجسادنا بالتعب. أمين كان يضع الخطط ويشدّ من ازرى حين يحس بانى على وشك ان ارمى راية الحلم واذعن للواقع, مثله كانت تفعل نجوى, كانت دوما تهمس فى قلبى بانى ساحقق ما اريد, كيف؟ لا احد يملك مفاتيح الابواب للغد ولا احد يريدنى ان ارفع رأسى المعطونة فى هذه الرمال. كنت حين اتعب وتبدأ جدران الحياة تنهار اذهب الى عبدالملك, استجم على ضفافه قليلا ثم اغسل احزان دربى واقدارى من يقينه وايمانه, هكذا كان عبدالملك ملكا للسكينة واليقين. التقيت عنده صديقنا هيبه- عبدالوهاب- الذى كان اكثرنا ممارسة للفرح والضحك الاّ إنه فى ذلك اليوم لم يفعل وحاول سحب بساط – الاوهام- من تحت اقدامى.. {انتى كمان ماتشطحى شديد, الفكرة دى تنفيذها صعب, شوفى الواقع واستمرى هنا عشان ماتحبطى}. كثيرا مافكرت فى قوله هذا وتقرع اجراس تحفظات أيوب من اساس الفكرة, ثم اقنع نفسى بالسؤال حول البديل ثم تستمر سفينتى على الرمال الزاحفة نحو سراب بعيد. مرّ الشهر الاول وليس هناك افق لان يتوفر مبلغ يكفينى لاصل حلفا وازور آثار السد ويعبر بى البحر, اى بحر, فالبحر يقين آخر. الاحباط اصاب بعض الاصدقاء وماعادوا يسندوننى, فقد فقدوا الأمل وماعادوا يشدون معى شراع الحلم, فصحراء الواقع كانت متشظية. كانت أقدامى قد بدأت تتقرح, تلك القروح التى عرفتها اقدامى ذات طفولة- ابو الضباح- كما كنا نسميه. هل تقرح الاحلام؟ جلست يومها تحت شجرة النيمة فى القوز, فى ذلك الحوش الماهل وبكيت, بكيت كثيرا, فلاشىء يغتالنى ببطء سوى إختناق الامنية.
(عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 10-10-2010, 09:24 AM) (عدل بواسطة Ishraga Mustafa on 10-10-2010, 09:25 AM)
|
|
|
|
|
|