في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 10:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة منصور عبدالله المفتاح(munswor almophtah)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-31-2007, 06:42 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم

    ومنصور خالد (27)

    في سنار انكسر مسمار صلحو العمال



    د. عبد الله على إبراهيم
    [email protected]

    (هذا هو الفصل السابع والعشرين من كتابنا عن الدكتور منصور خالد الذي ننشره منجماً في "أوراق جديدة" الشهرية بالخرطوم)

    كانت السودنة هي أول تجريدة وطنية لتغنيم الوطن وعوارها ما يزال قذى في النفوس يضرج الوطن بالإحن والدم. فلم تستأثر أفندية الشمال البرجوازية بوظائف الإنجليز دون أفنديات الهامش، والجنوب بالذات آنذاك، بل تفاقست أقسامها المهنية واصطرعت بقبح شديد كما رأينا في حديثنا الماضي. ومايزال الوطن يعاني من سوءة هذه التجريدة. فأفنديات الهامش ظلت تطالب بحظها في غنيمة الوطن بثمن فادح: سلماً وحرباً. واضطرت صفوة برجوازية الشمال في الدولة إلى إصدار طبعات متجاحدة لاحقة للسودنة لتوطين أفندية الهامش مثل ما جرى بعد تفاقية السلام في أديس أبابا (1972) ونيفاشا (2005) وأبوجا (2006) وأسمرا ( 2007). والعرض مستمر.

    من الجهة الأخرى أدى التنازع بين طوائف المهنيين على جاه الوظيفة إلى مسائل ما تزال تنغص فكرنا السياسي وتقعد بالحكم الراشد. فمثلاً ما جاءت السودنة حتى تفاقس طاقم الشرطة وطاقم الإدارة في معركة موصوفة ب "صراع البوليس والإدارة" شغلت الناس. فقد رغبت الشرطة، التي خضعت للإداريين في عهد الاستعمار، أن تستقل بشأنها في عهد الحرية والاستقلال. ونجحت في ذلك. وبقيت الإدارات المحلية بلا سلطان على الشرطة. وترتب على ذلك نقصان معيبان. أولهما صيرورة الشرطة جهازاً نظامياً تاماً لا مسائل مدني له. وفاقم من هذه الخصيصة أننا رزحنا تحت حكم العسكريين أغلب سنواتنا المستقلة. ومن مصلحة العسكريين أن تكون الشرطة نظامية موحدة المركز يسهل تأثيرهم عليها. وأفرزت زمالة السلاح في الشرطة مظاهر ضارة مثل أوجه تصرفها في دخولها ومكوسها المختلفة، وفي قسم الحركة بالذات، كانت موضع نقد جمهرة الناس. أما المسألة الثانية فقد دقت بابنا بعنف بعد احداث الشغب التي أعقبت وفاة الدكتور جون قرنق النائب الأول لرئيس الجمهورية في 2005. فقد وجدت ولاية الخرطوم، مسرح الشغب، أن زمام أمن سكانها في يد مركز الشرطة لا في يدها وهي تواجه محنة غير مسبوقة. وهذا ما حدا بالولاية لتقديم مشروع بتبعية شرطة الولاية لها مستفيدة من اتفاقية نيفاشا التي جعلت بعض قوامة الشرطة للولايات. وما تزال الشرطة تقاوم دون عقيدتها الموروثة من السودنة من أنها قوة نظامية لا سلطان للملكيين عليها.

    تنازعت صفوات البرجوازية: تلك التي تمكنت من جهاز الدولة والأخرى الطامعة فيه . . . ففشلوا. وأدمنوا الفشل. وسلط الله عليهم قلماً حاذقاً هو الدكتور منصورخالد ، سلطان عاشقي منافع الدولة وسقطها بلا منازع ، أحصى عليهم عوارهم. ولكن ما محق بركة نقد منصور الصائب لصفوته أنه علم من أمرها كل شيء وغابت عنه أشياء أجمل عن صفوة وقوى اجتماعية أخرى. وهذه الجماعة لم تسبق منصوراً إلى نقد تهافت صفوته البرجوازية فحسب بل عَفَّت وأنكرت ذاتها في سبيل أن يكون الاستقلال مناسبة سعيدة للجميع. وكانت السياسة عندها "شوف شامل" كما قالت الشاعرة بت الملازمي تتمني للشيخ ابو القاسم هاشم أن "يسلم شوفك الشامل" إثر داء في العين أصابه وأخذه إلى مصر.

    كان لعمال السودان موقفاً غاية في المغايرة والنبل من موقف الصفوة البرجوازية والبرجوازية الصغيرة التي خاضت حتى الركب في غنائم السودنة وسقطها. فبينما شحت نفوس تلك الصفوة واختصمت وهي تصطرع حول عائد الاستقلال نجد أن اتحاد نقابات عمال السودان قد استبشر بذلك العائد ورأى فيه خيراً . . . يعم. فقد كتب الاتحاد لمجلس الوزراء في 20 مايو 1954 يحتج على إهمال المجلس لخطابه بتاريخ 28 مارس. وشمل الخطاب المهمل قائمة مطالب عمالية ووطنية للتفاوض مع الحكومة. ولم تتجاهل الحكومة الخطاب فحسب بل دبرت حملة تشريد للعمال في قطاع الدولة ومنعت المخدمين من الاجتماع بالنقابيين لمناقشة المسائل العالقة مما نتجت عنه إضرابات عمالية عديدة. وكان من الأمور المقدمة في المذكرة المهملة مادة وصفها خطاب الاتحاد الثاني للحكومة بأنها تمثل "جانب الحيوية بالنسبة للطبقة العاملة والشعب السوداني بأسره، وهو مطلبنا العادل الذي طالما نادينا به وتضمنته مذكرتنا الأخيرة المشار إليها في مستهل هذا الخطاب، وهو الغاء نظام التفرقة في الأجور وشروط الخدمة بين العمال السودانيين في المناطق المتقدمة والمتأخرة اجتماعياً، وعلى الأخص بين الشمال والجنوب."

    وواصل خطاب الاحتجاج على إهمال الحكومة للاتحاد قائلاً إن الطبقة العاملة تقدمت على كل التنظيمات الأخرى في مسألة الوحدة الوطنية. فقد تبنت بثبات إلغاء السياسات الاستعمارية التي خرقت مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي. وهي سياسات أوصى بها خبراء عريقون في معرفة استغلال الشعوب استأجرتهم الإدارة الاستعمارية. وعنى اتحاد العمال هنا تقرير ويكفيلد الذي قسم السودان إلى مناطق متقدمة وأخرى متخلفة وبنى الأجور المستحقة على هذه القاعدة. ونعى الاتحاد على السيد حماد توفيق، وزير المالية في حكومة الحكم الذاتي بزعامة إسماعيل الأزهري، خرقه هو أيضاً لمبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي بتصريحه في جلسة البرلمان في 20-4-1954. فقد قال بإنه ليس في النية زيادة أجور الجنوبيين مستنداً على قانون العرض والطلب. ووصف الاتحاد تصريح الوزير بالخطورة لأنه هدم به وعد الحكومة الرسمي بالنهوض بمستوى الجنوب. وتساءل اتحاد العمال: أنَّّا لنا رفع المستوى الاجتماعي في الجنوب إذا لم يرتفع مستوى المعيشة؟ وكيف يتأتى ذلك بدون زيادة القوة الشرائية عند الجنوبيين؟ وختم الاتحاد خطابه الثاني لمجلس الوزراء بالتشديد على مطالب خمسة لا تزال معلقة من بينها "ضرورة تطبيق الأجر المتساوي فوراً وبدون اي تمييز بين الشمال والجنوب."

    ولم يكن صوت "النظر الشامل" هذا نشازاً. فقد رأينا كيف نفذ إلى ساحة البرلمان في جلسته بتاريخ 31 ديسمبر 1955. ففيها وقف النائب الشيوعي المحترم، الوحيد الذي يشكل أغلبية، ليقول خلال مناقشة دستور السودان إن مواده عن المواطنة ستكون مجرد حبر على ورق إذا لم تتكافأ أجور العمال في الجنوب برصيفتها في الشمال. ولم يفهم السيد بابكر عوض الله، رئيس البرلمان، الكلام. واستغرب للنائب يزج بمواهي العمال بينما يناقش البرلمان أمراً الدستور الجلل. وواضح من موقف وزير المالية، حماد توفيق، من مطلب العمال بمساواة الأجور أن الحكومة أخضعت مسألة الأجور إلى العرض والطلب. وترسمت هنا خطى الإنجليز حذو النعل بالنعل كما سنرى. ولا استقلال ولا يحزنون.

    ولم يتوقف اتحاد العمال عند مجرد مطالبة الحكومة بمساواة الأجور. فهو لم يَرِد أن يكون مطلبه شعاراً مبرئاً للذمة. بل سعى لخلق قاعدة للمطلب بين العمال الجنوبيين أنفسهم. ولم يكن هذا "تصديراً" لوحي سياسي "شمالي" أو وسوسة لأن سوء الأجور في الجنوب كان موضوعاً جنوبياً خالصاً. وكانت هذه المفارقة في الأجور والامتيازات موضوع استياء جنوبي مشروع منذ آخر الثلاثينات. فف ذلك العقد البعيد تقدم نفر من الموظفين الجنوبيين إلى مدير بحر الجبل بمذكرة ليرفع عنهم هذا الظلم. فاستدعى روؤسهم وقال له بصورة حجاجية ثقفية: "أنا مدير بحر الجبل متولي أمركم وأمر قبور آبائكم وأجدادكم. ودائرة ولايتي تبدأ من منطقة كبويتا التي تجاور الحبشة وكينيا في الشرق، وتمتد حتى نمولي التي هي ميناء عند حدود محمية يوغندا في الجنوب، وتبلغ منطقة نهر ياي المحازية للكونغو وكاقيكنجي التي تجاور أفريقا الوسطي وتشاد في الغرب. عليكم أن تمضوا وتخبروا زملاءكم الآخرين أنكم قد تعرضتم لتكدير رسمي مني."

    وكان هذا التفاوت في الأجور بين الشمال والجنوب ضمن ما اشتكت منه هئية رفاه الموظفين الجنوبيين (1947) التي انقدحت فكرة تكوينها ذاتها في أذهان بعض الموظفين الجنوبيين بسبب غبنهم من هذا الظلم البين. فقد حكى السيد سافرينو جألي في كتابه "تشكيل جنوب السودن على قاعدة الحرية" أنه زار في مطلع 1947 زميلاً له في حي "نمرة تلاتة" في جوبا. وهو موضع منقطع مخصص لسكن الموظفين الجنوبيين وسقف بيوته من القش. ويقع على بعد قريب منه حي "العتالة" الشماليين الذين يعملون في ميناء جوبا. وكان أحسن عمارة من حي نمرة تلاتة. وأجر العتالة أنفسهم من الحكومة أفضل من أجور الموظفين الجنوبيين. وبالطبع فأجر الموظفين الشماليين، ممن سكنوا البيوت الفارهة، أكثر بما لا يقارن مع مرتبات الموظفين الجنوبيين الذين يشاركونهم المكاتب ونفس الأدراج. ثم تداعت الأمور حتى اتفق للموظفين الجنوبيين تكوين هئيتهم سالفة الذكر بجوبا في 1947 بفروع في كبويتا وتوريت وياي وأمادي ومريدي ويامبيو وملكال وواو. ورفعت الهئية مذكرة عن تظلمها من مفارقة شروط الخدمة في الشمال والجنوب إلى الحاكم العام في مارس 1947 بصورة إلى حاكم بحر الجبل. واستدعاهم المدير واستغرب لطريقتهم في عرض مسألتهم بغير الطرق المقننة. وقطعاً للحجة طلب رئيس الهئية من المدير أنه ربما كان من الأسلم انتظار رد الحاكم العام على المذكرة. وانتهت المقابلة. وعقدت الهئية اجتماعاً عاماً لتنوير الأعضاء بما جرى فيها. ثم تتالت الأحداث. فأنعقد في 1947 مؤتمر جوبا الشهير. وبصورة ما (غير متفق عليها) اصبحت مذكرة الهئية شاغلاً من شواغل المؤتمر. ووعد السيد الشنقيطي (المتهم بتقسيس الجنوبيين لقبول وحدة السودان التي ناقشها المؤتمر) الجنوبيين أنه سيحقق المساواة في الأجور في يونيو 1947. وانتظرت الهئية أن يفي الشنقيطي بالوعد ولكنه لم يأتهم بشيء. فتملل الموظفون ضجراً ويأساً فاضربوا في أول أكتوبر 1947 لمدة ثلاثة أيام في جوبا. وتدراكت واو وملكال فدخلت الإضراب في الرابع من أكتوبر. وأستدعت السلطات في جوبا قوة من الفرقة الجنوبية في توريت فقدمت واحتلت المدينة وبدأت الاعتقالات. ثم لان موقف جند القوة بعد أن علموا سبب الإضراب. واطلقت الحكومة سراح المعتقلين. وحصل الموظفون والعمال على زيادة في الأجر بحسب قول السيد جوزيف قرنق في كتابه "مأزق المثقف الجنوبي: هل من مبرر لها؟"

    ولم يقتصر مطلب اتحاد نقابات عمال السودان بمساواة الأجور بين الشمال والجنوب على مطالبة الحكومة بل توسل الاتحاد له بوجوه أخرى أيضاً. فلم يعلق الاتحاد تنفيذ المطلب على الحكومة و"ذنبها على جنبها" يلعنها متى تنصلت عنه وكفى. بل كان المطلب تربية سياسية وإنسانية حملته كادرات الشيوعيين المؤرقة إلى حقول الاستياء من ظلم فارق الأجور في الجنوب. فقد استصرخ المطلب الدكتور مصطفي السيد حين نقلوه إلى مريدي طبيباً لمستشفاها في 1953. وكان مصطفي شيوعياً فذاً ترعرت خلايا العمال الباكرة في عطبرة على يديه وهو في شرخ الطالبانية بمدرسة كتشنر الطبية عام 1946. ونحمد الله كثيراً أنه لم يعكف على كتابة مذكراته قبل وفاته، رحمه الله على إحسانه إحسانا، فحسب بل أحسنت أسرته إلى روحه الغراء بنشرها في كتاب بعنوان "مشاوير في دروب الحياة" صدر في 2007. وكتابه قراءة لا أعرف انني حظيت مثلها قريباً. وهي كتاب مدرسي مقرر لكل المشغولين حقاً بمسألة الجنوب. والمرتزقة يمتنعون.

    ما بلغ مصطفى مريدي حتى شرع يصلح من شأن مستشفاها الآئل للتهافت. واهتم بالطبع بممرضيه لأن الإصلاح الذي بدأه متوقف عليهم . وبدأ يتأمل أوضاعهم بغية تعبئتهم في حملة الإصلاح فكتب:

    "ولقد تساءلت كثيراً .. فى نفسى أحياناً وبصوت عالٍ مع الاخرين أحياناً أخرى عن السر الذى جعل الممرض أو العامل بمستشفى مريدى يكدح ستة وثلاثين ساعة متوالية كل يومين بينما زميله فى أى بلدة فى الشمال لايعمل أكثر من ثمانية ساعات كل يوم. كيف يستقيم ذلك طالما السودان بلد واحد... مستعمرة بريطانية يحكمها المفتشون الإنجليز وعلى رأسهم الحاكم العام، من وادى حلفا إلى نمولى. والمفتشون كانوا ذوى إختصاصات: المفتش الطبى والمفتش البطرى ومفتش التعليم وهكذا. وكل هؤلاء المفتشين يرأسهم المفتش الإدارى الذى هو الآمر الناهى فى تلك الرقعة من البلاد التى يخصصونها له بمن فيها ليحكم بأمر الحاكم العام!.

    أخيراً وجهت السؤال (عن تفاوت الأجور) إلى ذلك المفتش الذى يحكم باسم الحاكم العام، فلم يتردد فى إعطائى الإجابة وكعادة الإنجليز بدأها بقوله you see أى كما ترى:

    - نحن لا نعطى الأجر للعمال الجنوبيين حسب عملهم بل حسب مستوى المعيشة ، ففى منطقتنا هذه يحصل كل العمال على معظم غذائهم من المزروعات التى تكاد تنبت لوحدها بدون أى جهد إنسانى.. . مثل البفرة.

    فوجهت السؤال الثانى إلى الفراش (بالمستشفى) الذى كان يقبض مائة وخمسين قرشاً آخر كل شهر.

    - ماذا تفعل بهذا المبلغ؟

    - آخر شهر. . . أشترى شورت لى آنا وآخر الشهر الذى يليه أشترى "قماش" لزوجتى وبعد مرور شهرين يكون الشورت أصبح هلاهيلاً فأشترى أنا لنفسى وهكذا دواليك.

    - الشورت يكلف مبلغ كذا؟ أسأله.

    - نعم.

    - والقماش للسيدة زوجتك أيضاً؟ أتابع السؤال.

    - شوف يادكتور اشترى القماش وأحيكه عند التاجر خلاص. . .كل الماهية تخلص. لايتبقى منها شيء.

    ذهبت للمحاسب مرة أخرى. فذكر أنه لا يستطيع عمل شئ. هدتنى تجربتى إلى الطريق السليم .. النقابة‍‍!!

    توجد (بالشمال) نقابة من أقدم النقابات فى السودان، نقابة الممرضين والممرضات وعمال المستشفيات. وتوجد لها فروع فى جميع المستشفيات..

    - لماذا لايوجد لديكم فرع للنقابة؟ سألت "جون" أكثر الممرضين حركة وإنضباطاً. لايعرف جون لماذا لا يوجد مثل ذلك الفرع. أرشدتهم لذلك. وأعطيتهم عناونين رئاسة النقابة بالخرطوم فقاموا بمخاطبتهم وكونوا فرع نقابتهم واستلموا دستور النقابة وجميع الأوراق الأخرى التى تهمهم بما فى ذلك كروت العضوية. وسرعان ما انتظمت الاجتماعات والاتصالات بباقى الممرضين فى المنطقة بل وسافر أحدهم ذلك المدعو "جون" إلى الخرطوم لحضور مؤتمر العمال العام."

    كما لم يترك اتحاد العمال المسالة معلقة على الصدف السعيدة مثل نقل دكتور مصطفي، وهو من الصفوة التي يممت وجهها صوب الكادحين، إلى مريدي. ولكنه اتجه بصورة مؤسسية لجعل شاغل الأجور المتفاوتة بنداً في خطتة لتنظيم نقابات العمال الجنوبية في إطاره العام التزاماً منه بالأخاء الطبقي. فأنتدب السيد تاج السر حسن آدم في 1954 ليكون وكيله في الجنوب.

    وسيرة تاج السر هي بعض أشواق جيل الخمسينات الذي وصفته مرة بأنه "اخترع" الشعب حين أخرجه من صدف القبيلة والطائفة إلى رحاب الوطن. كان ميلاد تاج السر بالقطينة في 1925 والتحق بمدرسة الصنائع في عطبرة في 1937 وتخرج في 1940. ثم التحق بورش السكة حديد بقسم العمرة. وكان عضواً بشباب مؤتمر الخريجين في 1948 حين خرج في مظاهرة المولد النبوي المعروفة بالمدينة تحية لوفد مؤتمر الخريجين المفاوض في مصر. وهتفوا بحياة الوفد ورجاله في حضور مستر مادن مدير المديرية بساحة المولد. وانتظمت المظاهرة تهتف بسقوط الاستعمار حتى بلغت سرادق الحكومة. واضطر البوليس لإطفاء الأنوار ليخرج مادن وصحبه من الإداريين الإنجليز عن طريق جامع عطبرة متخفين في عباءات.

    وزارهم مستر مادن صباح ليلة الواقعة بالسجن وأشار إلى تاج السر. وما كاد تاج السر يرى الأصبع يتجه نحوه حتى هجم عليه وقبضه بأربعاته. فتدخل البوليس وجذبه وطرحه أرضاً. وحٌكم عليه بثلاثة أشهر سجناً قضاها بسجن الدامر مع متظاهرين آخرين. وكان عام 1948 نفسه هو عام التحاقه بالحزب الشيوعي بعد دعوة له من السيد قاسم أمين. واشترك في مظاهرة أخرى في ملابسات منح السودان حق تقرير المصير بعد اتفاقية 1953، فاعتقلوه وسجنوه ست أشهر، ففصلته مصلحة السكة الحديد بعدها. فعمل متفرغاً باتحاد العمال بالخرطوم وتلقى تدريباً على العمل النقابي بدولة المجر بصحبة الأستاذين عبد الرحمن عباس وعباس محمد الحسن. وبعد عودته أوفده اتحاد العمال إلى الجنوب ممثلاً له هناك لتنظيم النقابات بالإقليم

    ولما جاء تاج السر إلى الجنوب وجد عمال المنشار بمدينة بانكوف قد انتظموا في نقابة ممركزة لهم. ورتب تاج السر معهم رحلة مندوبين عنهم إلى الخرطوم لحضور المؤتمر السنوي لاتحاد نقابات العمال. وعاد تاج السر بعد المؤتمر ليكون الاتحاد الفرعي لعمال الجنوب. واستعان في أحد الاجتماعات بأحدهم ليترجم كلمته إلى الإنجليزية. فسمع من يحتج عليه قائلاً: "يا مندوكرو إنت جيت هنا عائز تعمل تخريب". فشرح له تاج السر طبيعة مهمته وسط حماية وفرها له جماعة من الممرضين. وتلقى رسالة من اتحاد العمال وهو بجوبا ليسافر إلى أنزارا ليتصل بعمال مصنع النسيج هناك. ولكن تمرد 1955 اندلع قبل أن يتمكن من السفر فعاد إلى الخرطوم.

    هذا تاريخ عمالي من الإيثار أدار له منصور ظهره بما لا يليق بباحث ليوقف قلمه على صفوة الإثرة. وهو تاريخ نفر أوقدوا الشموع بينما لم يحصد منصور من كتبه الردوم غير لعن الظلام. وهذه عمائر الشيوعيين وبينما عاج منصور إلى رسوم الأفندية وأطلالهم. وهذا تاريخ وما يكتبه منصور ندبا. حتاما يسارى الندب في الظلم! ولم يمنع منصور عن مشهد هذا التاريخ الصميم الأصيل الفضيل سوى أنه كان على الضفة الأخرى من جبل سرغام. فأكثر همه كان نقل أخبار زملائه الشيوعيين بالجامعة للباب العالي كما تقدم. وأراد بما كتب أن يطفئ بفاهه هذه الأريحية العمالية الشيوعية. واستغرقه ذلك ردوماً فوق كوم من الكتابات المؤدلجة التي لا يلطف من غلوائها منهج ولا رصانة. ولكن نور الحق إلى قيام الساعة.

    وفي حديثنا القادم ننتقل إلى أنزارا لنرى طبيعة مهمة تاج السر التي حال دونها حائل.
                  

العنوان الكاتب Date
في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah12-31-07, 06:42 AM
  Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah12-31-07, 10:05 AM
    Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم Mohamed Abdelgaleel12-31-07, 12:38 PM
      Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah12-31-07, 04:49 PM
        Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah01-02-08, 01:18 AM
          Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم Saifeldin Gibreel01-02-08, 01:54 AM
            Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah01-02-08, 09:00 AM
              Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah01-02-08, 11:11 PM
                Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah01-04-08, 09:10 AM
                  Re: في سنار انكسر مسمار صلحو العمال.....ومنصور خالد (27)...د. عبد الله على إبراهيم munswor almophtah01-06-08, 07:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de