الدمازين...الروصيرص... الكرمك... قيسان

Quote: كانت السماء ذلك الفجر تبكي فرحا بلقياهالأرض طالما أشبعتهامن قبل لثما وتقبيلا.البروق تحكي لها منها ابتساما, والرعود كأنها حديث مناجاة أوتلاوم.كل شيء كان ينضح حياة في ذلك الفجر الجميل:"قشطتنا" الصغيرة بجانب حائط" الاسبستوس" تتثنى هياما, تستنشق مااستطاعت سيولا من "دعاش" بينما سيول الماء تزحف نحو باب غرفتنا كموج بحر زاخر. شجرة الموز, والبرتقالة. والليمونة الصغيرة. بل وشجرة النخيل الباسقه كلهن كن يتمايلن شوقا لرشف قطرات أوللثم برد. غلس صامت يلف أركان "حوشنا" لم يقطع صمته الا صوت آذان "محمد عبد الله" لم التقط منه الا :"خير من النوم" حيث كانت الرياح المضمخة بالدعاش توزع صوت الأذان كأنها تشارك المؤذن نداءه للنائمين في أنحاء المدينة أن ينهضوا لله سجدا ليشاركواالرعد والريح, والمطر والشجر, والبرق والبرد سجوده وتسبيحه! رويدا رويدا تنفس الصباح و تثاءبت الشمس ,ولكن جبال السحب المحلقة في السماء نسجت على وهجها حجابا بعثت لنا من خلفه ألقا ورونقا, فغضضنا الطرف عن رؤيتها بما رسمته من لوحات رائعة على ورق الشجر المزين بالندى. كمثل كل صباح , ووسط زخات المطر الذي هدأ ريحه, بدأنا رحلة الاستعداد للذهاب راجلين الى المدرسة.فكان لا بد قبلها من التزود بشيء من" وقود" الشاى من موقد أكله الصدأ تعلوه فحيمات لم تنج من ماء مطر يخترق "الاسبستوس" و"الصريف"! كنت أتأمل دخان "الكفتيرة"يخرج هادئا كقطار "دمازيني" ينفث دخانه الفحمي زاحفا متوجسا حذرا صوب "خور دنيا".لبست ثيابا كويتها بعناية ليلا, كنت أراقب فحمها اللاهب حذرا من أن تتدحرج من مكواتي جميرة أو بعض شرر! و ختمت لبسي ب"كبك" أحكمت ربطه بعناية حتى أخوض به غمار السيل في داخل الحي,ثم أخذت أخطو بحذر, أتخير طوبا أوحجارة وسط محيط الماء الذي لا زالت ترشه السماء بحبات مطر. وبعد نصف ساعة مشيا, وأحيانا هرولة وصلت مدرستي وصدري الذبيح يحاكي ضبح فرس عاد. استهل الدروس في ذلك الصباح الجميل استاذ "الانجليزي":"التوم" الذي كنت تراه دائما مبتسماحاملا سوطا لتسميع الحروف حرفا حرفا كليث أبرز نيوبه!.كانت المدرسة ومن فيها من مدرسين وطلاب, وما نلقاه فيها من صنوف العلم والأدب تنسينا ما نعاني وما نلاقي من عنت ومشقة. وما أن يقرع جرس الافطار حتى تبدأ رحلة عودتي الى البيت هرولة وجريالأتناول شيئا من "عصيدة ويكاب " أو "سخينة" ساخنة, ثم أرجع تارة أخرى يحتويني الغيم, ويرشني الغيث. * ملحوظة: هذه مشاركة متواضعةأهديها لأبناء"الأزرق الدفاق" خاصة , ولأعضاء المنبر والمتابعين عامة. أسميتها"يوم دمازيني ممطر"! مع خالص مودتي.